|
تقرير جيمس بيكر- هاملتون : الفشل والانسحاب !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 11:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصفة التي حملها تقرير جيمس بيكر ـ هاملتون والذي قدم قبل ساعات من كتابة الأحرف هذه الى الرئيس المهزوم ، جورج بوش ، هي الفشل الذريع الذي لاقته سياسة الرئيس ذاك فيما سمي وقتها بسياسة بناء شرق أوسط جديد ، وذلك قبيل أن تشن الولايات المتحدة الأمريكية حربها على العراق في العام 2003م . لقد تجسد هذا الفشل أول ما تجسد بالخسائر المادية الباهظة ، وفقا لحسابات الماكنة البراغماتية الأمريكية ، تلك الخسائر التي تجاوزت الألف مليار دولار الآن ، وهذه هي الحقيقة التي كانت ماثلة أمام أعين واضعي تقرير بيكر- هاملتون ، وهم يقدمون تقريرهم الذي اشتمل على سبع وتسعين فقرة ، وذلك من أجل إنقاذ السفينة الأمريكية ، كما سماها أحدهم ، من الغرق في بحر الفوضى المتلاطم الأمواج في العراق الديمقراطي الجديد ! إن الحقيقة البراغماتية المتمثلة بالخسائر المادية الهائلة هي التي ستجبر الإدارة الأمريكية على انسحاب مذل لجيوشها من العراق ، وبذات الطريقة المذلة التي انسحبت فيها تلك الجيوش من فتينام قبل سنوات خلت ، وبعد أن بلغت خسائرها هناك حدا لا يمكن لدهاقنة رأس المال الأمريكي تحمله ، وفقا لمبدأ الربح والخسارة الذي يشكل عماد الفلسفة التي تسير الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية . وعلى هذا الأساس صار الفشل المريع هذا هو العنوان الجديد للحرب التي تواصل في العراق على مدى أكثر من ثلاث سنوات ، وهذا ما أثار الفزع في نفوس بعض القيادات العراقية في حكومة الاحتلال الرابعة في العراق اليوم ، وراح كل واحد منهم يطلق هذا التصريح المرتجف أو ذاك ، خوفا من مستقبل صار الفشل علامة من أبرز علاماته ، فعلى فقرة وردت في تقرير بيكر- هاملتون تقول : ( اذا لم تحرز الحكومة العراقية تقدما جوهريا نحو تحقيق اهداف المصالحة الوطنية والامن وحسن الادارة ، فعلى الولايات المتحدة ان تخفض دعمها السياسي والعسكري والاقتصادي . ) ، وهي الفقرة التي يحرص الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية على تطبيقها ، والتي نادى بها ممثلوه خلال المعركة الانتخابية التي جرت مؤخرا في أمريكا ، تلك المعركة التي كسبها الحزب ذاك من خلال استيلائه على البرلمان الأمريكي بشقيه : الشيوخ والنواب . على تلك الفقرة علق الدكتور محمود عثمان ، عضو البرلمان عن القائمة الكردستانية صارخا يقول ( ليس لديهم الحق ، هذا ليس عدلا ) ويضيف (الولايات المتحدة تسمي نفسها انها قوات محتلة طبقا لمعاهدة جنيف ، واذا كنت محتلا ستكون مسؤولا عن البلاد . ) أما مستشار رئيس الوزراء ، باسم رضا ، فيعتقد أن الأمريكان ( لن يقطعوا دعهم العسكري حتى ينهون مهمتهم هنا ، فنحن نحتاج دعمهم للتقدم . ) وهذا الكلام كثير ما سمعه الناس في العالم من لسان جورج بوش قبل أن تنزل على رأسه ضربة التقرير المذكور الذي هو بمثابة شهادة واقعية على الوضع المتردي في العراق ، ذلك الوضع الذي ظل بوش ومن بعده أقطاب حكومة الاحتلال الرابعة في العراق يزعقون للنصر والقضاء على الإرهاب منذ أن أعتلى صهوة وزارة الداخلية في العراق ، الكذاب الشهير ، ووزيرها بدون أية مؤهلات ، جبر صولاغ الدزفولي ، وقبل أن يعترف رئيس البرلمان ، محمود شماعية ، بفشل سياسة حكومة هو قطب من أقطابها المتداعية . وتظل تصريحات الدكتور برهم صالح غريبة بعض الشيء ، ولا تقترب من حقيقة الفشل التي منيت بها السياسة الأمريكية في العراق ، وعموم الشرق الأوسط ، وذلك حين يقول : إن ( توصيات التقرير غير ملزمة للحكومة العراقية كما انها غير ملزمة للحكومة الاميركية كما صرح الرئيس بوش بذلك وان نتائج هذا التقرير هي مجرد توصيات ) ، فبرهم صالح يعتبر تقرير جميس بيكر - هاملتون مجرد توصيات غير ملزمة لا للطرف العراقي الواقع تحت الاحتلال الأمريكي ، ولا للطرف الأمريكي الذي يعاني مرارة الهزيمة في العراق للخسائر المادية التي ذكرتها آنفا ، وهو بذلك لا يريد أن يضع في الحسبان جهود لجنة تشكلت من عشرة أعضاء يقودهما عن الحزب الجمهوري جيمس بيكر ، وعن الحزب الديمقراطي ، هاملتون ، تلك اللجنة التي تواصل عملها على مدى شهور عديدة ، ومنذ الخامس عشر من آذار/ مارس عام 2006م ، وقد استطاعت من خلال عملها ذاك مقابلة أكثر من مئة وسبعين شخصية سياسية في الشرق والغرب ، ثم أخضعت أراء تلك الشخصيات عن الوضع في العراق الى دراسة متمحصة نتج عنها التقرير المذكور ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر قال الرئيس المهزوم ، جورج بوش ، إنه سيتعاطى مع ما ورد في هذا التقرير ، وأنا هنا أضع أمام الدكتور برهم صالح نص ما تفوه به الرئيس المهزوم ، جورج بوش ، خلال اجتماعه بأعضاء تلك اللجنة على مائدة الافطار في البيت الأبيض إذ يقول : ( لقد قلت لاعضاء اللجنة ان هذه الادارة ستتعاطى مع هذا التقرير الذي يحمل اسم + الطريق الى الامام+ بشكل جدي للغاية. ) ويضيف ( ان هذه التقرير يقدم تقييما قاسيا للغاية للوضع في العراق. انه تقرير يحمل بعض المقترحات المهمة بحق وسنتعاطى مع كل من المقترحات بجدية شديدة. ) فكيف يريد منا برهم صالح أن نصدق كلامه في أن التقرير المذكور ما هو إلا مجرد توصيات غير ملزمة لأحد ؟ ويتفرد عبد العزيز الحكيم عن هؤلاء جميعا في فزعه وذعره ، ولذلك هب مستنجدا بقتلة كانوا لهم دور كبير في البلاء الذي نزل بالعراق والعراقيين ، حيث بات هذا البلاء يدفع الناس في عراق الديمقراطية الى أن تحن لأيام صدام الساقط رغم مرارة تلك الأيام وقساوتها ، مثلما أعلن ذلك الأمين العام للأمم المتحدة ، كوفي عنان ، قبل أيام عن ذلك ، مطالبا بعقد مؤتمر دولي يتكفل برفع المعاناة عن الشعب العراقي المظلوم الذي يذبح من أبنائه أربعة آلاف فرد في الشهر الواحد ، وعلى مدى سنوات الحرب المتواصلة ، ولكن القادة ، الذين ربطوا مصيرهم بمصير المحتل ، رفضوا هذه الفكرة الخيرة ، وأعلنوا أن حكومة الاحتلال الرابعة قادرة على التعامل مع الوضع المخيف الذي صار عليه العراق ، هذا في الوقت الذي يؤكد فيه أغلب العراقيين على عدم وجود حكومة في العراق اليوم ، سوى بعض الأسماء من الذين يعيش أصحابها في المنطقة الخضراء ، والذين ينتظرهم الموت حال خروجهم من أسوار تلك الجنة التي صنعتها لهم الجيوش الأمريكية ، وأجلستهم فيها . لقد كان عبد العزيز الحكيم واحد من هؤلاء المذعورين الذين لا زالوا يتذكرون تلك الساعات الخوالي التي قضوها مع من أشهر إفلاسه من القادة الأمريكان ، والذين خرجوا من مجمل العملية في العراق صفر اليدين ، ولهذا يمم الحكيم وجهه وهو في زيارة لأمريكا الآن صوب رواد الحرب ومشعليها ، وبناء على نصيحة قدمها له السياسي الفاشل أحمد الجلبي ، ولهذا قام هو بزيارة بول بريمر ، حاكم العراق السابق ، ورامسفيلد ، وزير الدفاع المستقيل ، وذلك بهدف أن يلقى تجاوبا من هاتين الشخصيتين المفلستين بعد أن تعرض هو الى توبيخ من قبل الرئيس المهزوم ، جورج بوش ، حين طلب منه عدم تعليق نفسه وشيعة العراق بإيران المنبوذة وفقا لتصور الكثير من دول العالم ، ذلك لأن القادة في إيران يسبحون ضد التيار ، ويعيشون في العهود المظلمة . لقد صرح الجلبي مؤخرا قائلا : إن جميع الرجال الذين حلوا في البيت الأبيض الأمريكي الآن هم ممن وقف ضد شن حرب على العراق ، ولهذا السبب بالذات حرص الحكيم على زيارة الرجال الذين سلموا بفشلهم ، وخرجوا من معمعة المعركة تطاردهم لعنات أرواح الكثير ممن فقدوا حياتهم في الجحيم المستعر بشوارع العراق للساعة .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (6
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (5)ه
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(4)ه
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(3 )ه
-
( عرب الأهوار ، الضيف والشاهد ( 2
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد*
-
أطلال الديمقراطية في العراق !
-
اقرؤوا هذه المقالة ثانية !
-
الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا : 4
-
الفيدرالية تصعد من وتائر الموت في العراق !
-
وأخيرا بصق بوش عليهم !
-
الفيدرالية شرذمت الكتل قبل أن تشرذم الوطن !
-
الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا:3
-
العشائر العراقية ترفض الفدرالية الإيرانية !
-
*في الطريق الى الشماعية
-
المشهداني : سلاحنا القنادر
-
دولة أبو درع
-
( 2 ) József Attila : الشاعر الشيوعي ، يوسف أتيلا
-
المظلوم الذي صار ظالما !
-
هكذا تحدثت كيهان !
المزيد.....
-
فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ
...
-
تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق
...
-
السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا
...
-
الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو
...
-
بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو
...
-
شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك
...
-
دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
-
مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر
...
-
قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
-
مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|