أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ميشال شماس - نحو تفعيل الحياة السياسية في سورية















المزيد.....

نحو تفعيل الحياة السياسية في سورية


ميشال شماس

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 05:53
المحور: المجتمع المدني
    


يبدو أن المشهد السياسي السوري في غاية التعقيد، حيث تتكاثر فيه الأحزاب السياسية وتتوالد وتنشق عن بعضها في كرنفال حزبي يرتبط بمصالح آنية ضيقة، ومع ذلك لم تقدم تلك الأحزاب على كثرتها شيئاً جديداً على صعيد الفكر والثقافة والممارسة، ورغم هذا العدد الكبير الذي وصل إلى أكثر من ثلاثين حزباً سياسياً سواء تلك المنضوية في الجبهة الوطنية التقدمية، أو خارجها، السرية منها والعلنية، فإن الشارع السوري بقي غير مهتم، لا يبالي كثيراً بتلك الأحزاب، بل على العكس مازال يعيش فراغاً كبيراً في العمل السياسي، منذ أن تم تعطيل الحياة السياسية في 22 شباط 1958 إبان الوحدة بين سوريا ومصر، والتي اشترط لقيامها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عدم وجود أحزاب سياسية في الإقليم السوري، وقد وافقت حينها الأحزاب السياسية التي كانت تنشط على الساحة السياسية السورية وفي مقدمتها حزب البعث على شرط عبد الناصر وحلت نفسها، باستثناء الحزب الشيوعي السوري الذي رفض حل نفسه، مما عرضه لحملة اعتقال وتنكيل شديدة طالت معظم أعضائه حتى وصلت إلى حد تذويبهم في الأسيد كما جرى لفرج الله الحلو.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الأحزاب السياسية في سورية قبل الوحدة كانت تكتفي بتقديم بلاغ بوجودها إلى وزارة الداخلية لكي تحصل على الترخيص خلال شهر واحد، فإذا لم تعترض الوزارة على الطلب خلال هذه المدة يصبح الترخيص قائماً حكماً، أما إذا اعترضت وزارة الداخلية أو رفضت بلاغ الحزب، فللحزب عندئذ الحق باللجوء إلى القضاء الإداري الذي يكون حكمه في أمر الترخيص مبرماً .
وبعد انهيار الوحدة، وبعد استلام حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد السلطة في آذار عام 1963وحتى الآن، ليس هناك اعتراف رسمي بأي عمل سياسي خارج إطار الجبهة الوطنية التقدمية وحزب البعث الذي نصّت المادة الثامنة من الدستور السوري على قيادته الدولة والمجتمع. وحتى أحزاب الجبهة وموضوع شرعية وجودها القانوني بقي رهناً بإرادة حزب البعث وحده، فهو الذي يدعو الأحزاب للانضمام إلى الجبهة أو يرفض ذلك، وبالتالي أصبح هو الوحيد المتحكم بشرعية العمل السياسي يعطيها لمن يشاء ويحجبها عمن يشاء دون أي ضابط أو قانون. كما أن الدخول إلى الجبهة لا يعطي الحزب أي شخصية اعتبارية قانونية أو موقعاً شرعياً بشكل دائم، بل يبقى تحت سيف الطرد من الجبهة واعتباره حزباً غير شرعي في أي وقت، سلاحاً مسلطاً على عمل الأحزاب يجعلها تحت الهيمنة والوصاية المطلقة من قبل حزب البعث، وبالتالي تفقد مبرر وجودها السياسي والشعبي وتصبح مجموعة ملحقة بحزب البعث لا أكثر ولا أقل دون أي دور، وهذا ما حصل مع الأحزاب المنضوية في الجبهة، إذ آلت إلى عدد من الأفراد دون أي قاعدة شعبية ودون أي تميّز يذكر عن ممارسات حزب البعث. فمثلاً عندما عارض الحزب الشيوعي السوري التدخل السوري في لبنان عام 1976 انسجاماً مع موقف الاتحاد السوفييتي، تعرض أعضاؤه للملاحقة وصودرت جوازات سفر أعضاء قيادته، وعندما دان الحزب الشيوعي السوري ممارسات سرايا الدفاع وقائدها رفعت الأسد في بيانه الشهير عام 1981، تم شطب مرشيحه من قائمة الجبهة الوطنية، ولم يستطع إيصال أي مرشح له آنذاك في انتخابات مجلس الشعب.
وبعد الوعود الكثيرة التي سمعناها من مختلف المسؤولين في الحكومة وفي حزب البعث نفسه منذ أكثر من سنتين عن قرب إصدار قانون للأحزاب في سورية. هل ستشهد سوريا قانوناً ينظم الحياة السياسية فيها؟ وهل اقتنع حزب البعث أخيراً بضرورة السماح بقيام أحزاب سياسية قد تنافسه على السلطة أو على الأقل تشاركه فيها مستقبلاً؟ وكيف سيكون شكل ذلك القانون الذي سينظم الحياة السياسية في سورية؟ نترك الإجابة على تلك التساؤلات للأيام القادمة.
ويرى معظم المهتمين بالشأن السياسي السوري ضرورة دعوة كافة الفعاليات والقوى السياسية والاجتماعية الموجودة على الساحة السورية لتقديم مشاريع قوانين، ومن ثم تشكيل لجنة سياسية من تلك القوى تقترح صيغة لقانون الأحزاب السياسية يأخذ بعين الاعتبار ما طرحته تلك الفعاليات والقوى السياسية والاجتماعية ؟ وإلا فإن الأمور ستقودنا إلى قانون يمثل حاجة السلطة وحدها ويتضاءل من خلاله هامش الحرية المطلوب كما حصل مع قانون المطبوعات..؟ فالقلق تجاه محتوى هذا القانون الذي سيصدر يتعاظم، هل سيكون على شاكلة قانون المطبوعات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 50لعام 2001، الذي سيتحول بلا شك إلى سلاح من الممكن أن يستخدم لمحاربة النشطاء السياسيين وإنزال العقوبات بحقهم ؟
من المستحيل إحياء مجتمع غيبه الطوارئ بدون قوننة الحياة العامة، الهادفة لكسر أطواق العجز البنيوي الذي وصل إليه المجتمع كعملية حراك سياسي نتيجة استمرار العمل بقانون الطوارئ لفترة طويلة، حيث أصبحت العلاقة بين المواطن والقانون علاقة ضعيفة يحكمها الشك وانعدام الثقة التامة، فالمؤسسات التنفيذية حاضرة دائما للتدخل في أي قانون، وعلى حساب القانون.
لذلك فإن صدر قانون الأحزاب السياسية مترافقاً مع رفع قانون الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية، بما يضمن حرية النشاط السياسي ويشرع حق تشكيل الجمعيات والتنظيمات السياسية على أسس قانونية سلمية، سوف يشكل بلاشك رافعة للعمل الديمقراطي، ويساهم في تفتيت الكثير من الأطر الهامشية القائمة التي تحتمي بقانون الطوارئ وبالتبعية، وبداية العلاج الضروري الناجع لاستنهاض السوريين، وبعث الروح في الحياة السياسة الراكدة والمترهلة ولقطع الطريق نهائياً أمام احتمال تحول المجتمع نحو الطائفية والعشائرية والعائلية وفتح الطريق واسعاً نحو تحقيق التطور والتقدم الذي ننشده جميعاً. هذه الحقيقة التي تأكدت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية، والنتائج التي تمخضت عن ذلك الانهيار الكبير، فرغم أن تلك المجتمعات بدت لسنوات طويلة متماسكة، فلم تسعفها القبضة الأمنية الحديدية، ولا الإرادة العامة البكماء، ولا سيادة الرأي الواحد الأوحد في إنقاذها من أزماتها الخانقة المتفاقمة, فانهارت بسرعة قياسية،إضافة إلى الخلل الكبير في ميزان القوى بعد أن تفردت أمريكا بالتحالف مع الصهيونية في التحكم بعملية إدارة الصراع العالمي ومساراته، الذي ساهم بدوره في تسريع انهيار تلك المجتمعات.
إن الخيار الوحيد المتاح أمامنا اليوم في ظل تفرد الولايات المتحدة الأمريكية، وسعيها الدائم للهيمنة والسيطرة الكاملة على العالم، وفي ظل انتشار الفكر الإرهابي المدمر، هو أن نعمل بجد وصدق للمحافظة على بيتنا الداخلي وتقويته، وضمان سلامة بنيانه على أسس سليمة وقوية، ولن يكون بمقدورنا فعل ذلك، إلا عبر تفعيل الحياة السياسية في سورية على أسس قانونية منظمة تسود فيها لغة الحوار المشبعة بروح قبول الآخر، وبشرعية وجود تنظيمات وأحزاب سياسية تنبذ العنف وتخوض صراعات سلمية تنمي روح المنافسة الشريفة للسعي نحو الأفضل، وتشارك بقسطها في عملية الانفتاح الديمقراطي وفي التصدي لمهام البناء والتنمية ومواجهة ما يعترض الوطن من أخطار جدية. وعلى القوى المعارضة وبالأخص منها قوى إعلان دمشق المساهمة في صياغة مشاريع وحلول جدية للأزمة التي تعانيها بلادنا وطرح تصوراتها العملية لقانون الأحزاب والانتخابات مثلاً، لا أن تكتفي بصياغة مفاهيم ومطالب عامة كالمطالبة بإلغاء قانون الطوارئ أو إصدار قانون أحزاب جديد، هذه المطالب التي بتنا نسمعها على لسان المواطن العادي.
وأخيراً إذا كانت قوانين العمل السياسي تصدر من فوق، إلا أن صناعتها يجب أن تبدأ من القاعدة العريضة، من الناس ومن الشعب الممثل بأحزابه السياسية وقوى المجتمع المدني، ومتى اختلت هذه المعادلة فلن نحصد خيراً، إنما سنظل نسبح في الفراغ تحت رحمة التدخلات والتهديدات الخارجية.



#ميشال_شماس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسرة السورية بين الواقع والقانون
- تعطيل العدالة
- مسلسل الفساد الوطني يطال مدراء ومعاونين ووزراء ورؤساء وزارة
- واقع التربية والتعليم في سورية
- الجمعيات الأهلية في سورية
- كيف نواجه مخاطر الفساد.؟
- الرئاسات العربية نزولاً عند رغبة الجماهير
- كما نحن يولّى علينا
- عن أي شيء نكتب؟
- ليس بالتخوين تُبنى الأوطان
- من أين يأتي الخطر على سورية ؟
- ويلي على أمةٍ ضَحِكتْ من جَهلِها الأممُ
- من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
- ليس بالجمعيات والمدارس الدينية تتطور الأوطان وتتقدم
- حرية المراسلات والاتصالات
- تحية إلى قضاة مصر
- حماية الحياة الخاصة للإنسان
- دمشق العريقة تستغيث.. فمن ينقذها؟
- لا للهدم.. نعم للبناء
- عرب ولانخجل


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ميشال شماس - نحو تفعيل الحياة السياسية في سورية