أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - العودة من ارض النور














المزيد.....

العودة من ارض النور


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


كتابتي لنصي هذا, كانت في زمن غير معروف, قبل ولادتي, لكني لم أنته منه بعد. ولادتي قبل الميلاد وموعد موتي لم يأت . ولدت أنثى, وسأموت أنثى. الولادة كانت في هاوية عميقة من امرأة زنت مع الريح. الجسد ابيض كبياض الثلج والروح وحش لم يستطع البقاء في تلك الهاوية, هربت تاركة جسدي يصارع العتمة وبقايا نور.

قالوا عن الجسد انه مات وفارق النور إلى عتمة القبور, فلا اعرف شيئا عن عتمة القبور, ولا أدرك مفهوم العتمة. فقد علمونا عن العتمة إنها الوحش والفزع. علمونا خوفها بدلا من حبها والتمتع بصمتها وهدوئها. تناثرت روحي شظايا صغيرة مع الهواء البارد وعتمة أيار. تلك العتمة أذكر صمتها وضجيجها. ألمها وجنونها, تلك العتمة ذكرى انتزاع الحياة من تلك الروح. ذكرى سفك الدماء وموت زنابق الشتاء. احدهم قال لي : حروفي تخرج ضاحكة. كل يوم انتظر ذلك الأحد. يأتيني طيفا يترك بضع كلمات ثم يخرج.أعود أبحث عنه في الفراغ المتداخل. لا أجد جسده. ذلك الأحد لم التق به في الهاوية, لا في عتمة القبور ولا في النور, ولن التقي به أبدا, لأنه طيف له ساعات وملهم للكتابة يأتيني في بعض ألأحيان, محملا بقليل من الحبر وبعض ألم, يفرغها بين راحتي ويعود أدراجه إلى الطبيعة التي تكره الفراغ. أتساءل كثيرا عن أصله وفصله, عن تاريخه وولادته. هل ولد في هاوية مثلي؟ هل هربت روحه المتوحشة مثل روحي؟أتساءل وأرسمه في مخيلتي بتصبب العرق اليومي وسط ضجيج الأطفال, يشرب القهوة أليوميه والسجائر الرخيصة. يمارس غرائزه مع طيف امرأة من هواء. تلك المرأة أراها أحيانا بثوب أبيض ووشاح أزرق, وأخرى أراها عارية بجسدها الخرافي تستحم مع الأسماك في قاع المحيط, وتنثر زبد صمتها على العالم. ثم تعود لثيابها البيضاء ووشاحها الأزرق بعد عودتها من القرون الماضية وجزر النور لتلقي بجسدها إليه, أراهم سوية, أرى روحه الهاربة هناك كبحر تأتيه الجداول من كل الجهات. الولادة كانت في بداية الربيع. فولدتُ عطشى للريح والمطر, لكن بقوة الطبيعة تجسدتُ كينونتي ككائن بري يعيش تحت الحجارة.يهوى الظلام والرطوبة والهاويات. انتظر موسم المطر كي اختلي وحروفي في أحد الأكواخ مع نصوص كتبت وقت شهقتُ بالحياة. تلك الروح الملهمة تداخلت معي في ذرات الهواء. الأرواح أصبحت تقيله, تداخلت ببغضها. تهوى الجنون في اللازمان واللامكان أو طقس معروف. تقمصي لتلك الروح هو تقمصي للغيب نفسه. هو تقمصي للبعد عن عتمة الهاوية والفراغ اللامتناهي. هذا التقمص لم يكن وليد لحظه. بل تعاليا عن طبيعة البشر والهروب إلى السماء الأخرى. هذا التقمص كان بحثا عن شظايا تلك المرأة في دمه, المرأة الأسطورة والسمكة الخرافية, تقمصي لروحه كان بحثا عن بياض تلك الأنثى التي تأتيه خلسة وتهرب خلسة بضجيج خافت وعري طاهر. كنت أتساءل إذا كانت تلك الروح ستذهب معي, ام إنها ستبقى ترفل في دنس هذا العالم, تساءلت عن سبب تداخلها في أجزائي, أو تداخلي في أجزائها هي. جلسنا نكتب حروفنا السرية, نمارس الحب معها . ومع ظلال الكلمات كل فجر.نمارس الممنوع مع الأنا الداخلي والمتمرد, وتلك الروح المعششة في كياني هي هوائي ومائي وحدتي وغموضي.حروفي هي البعد عن الزنا الإلهي والعهر البشري. تمددت وهي على الشاطئ الخيالي. نصارع نسيم البحر ونزعم إننا سنكتب التمرد. ونخط تاريخ الأدب. تمددت متعبة, متخبطة من ألم أصابني أثناء العبور إليها, فتقمص الأرواح ليس مذكورا, لكن التقمص السري هذا هو التمرد. هو إيقاظ الوحوش النائمة في داخلنا. المتسترة خلف أزهار القندول الشائكة كي لا تستفيق غرائزها. نعبر هذا الوقت والأجساد في الهاوية تحت روث العصافير, وتلك الأسطورة الذائبة كالشمع في ثناياه لا تتحرك, بل ترقب الأنات ألخارجه والعيون المثقلة بكدر السنين. لأين سيأخذني الهواء؟ لأين سيأخذ الشظايا المتداخلة والمنهكة؟ شظايا امرأة تقمصت رجلا, شظايا لروح تقمصت عتمة الهاوية وهربت إلى الفراغ تبحث عن الميلاد وعن القرن الحالي. عن دخان السيارات والمشروبات الغازية. روح ولدت في الهاوية , لام زانية, قبل الميلاد. مارست الممنوع وتقمصت شظايا رجل, زعمت كتابة التاريخ الماضي والقادم. أقسمت بالحروف وتحنّت بالحبر. لكن من سيقرأ حروفا كتبتها الأرواح؟ فالعيون الجائعة تحب قراءة الجسد وخريطة النهدين. كلنا يبكي بدموع حارقة, يركض تحت المطر, يبحث عن كوخ بعيد, ينحت به جنونه ويبتعد عن اليومي الحاضر واليومي الاتي, نخاف ظلمة القبور, نخاف العتمة, نخاف الهاويه. هل تتحرر تلك المرأة ذات الرداء الأبيض من ثنايا تلك الروح؟ تركت أسئلتي للعالم, والنور للغابات المظلمة, عبرت الوقت تحررت, وعدت لهاويتي ابحث عن بقايا نور آخر .



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف سأعاقب أمي؟
- برؤية مغايرة -Remorse-
- وجوهي التسعة
- رسائل إلى شخص ليس هو , الى برجر سلاين
- تقمص كائن شتوي
- ريتا
- فراشه مجنونة
- بانتظار الصياد
- طيف ريمورا
- نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين
- صعود اخر
- حلقات الضوء
- لغز اليد الممدودة
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية
- حفر في التعري,قبل قدوم البحر
- -جوانب أخرى للمرأة في أدب -زياد خداش
- عري القناديل: امرأة, قصيده ووطن
- النرجس لا ينبت في نيسان
- ضرورة انتقاد المسئولين


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - العودة من ارض النور