أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رائد سليمان أحمد الفقير - المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية















المزيد.....



المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية


رائد سليمان أحمد الفقير

الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:52
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


سارة سن بيل وادام جي سافوات
رغم أن المسئولية التضامنية الجنائية معترف بها في الولايات المتحدة منذ قرن تقريبا إلا أن المعلقين من الأكاديميين المعاصرين وضعوا علامات استفهام إزاء شرعيتها ويقولون إنها اقل من بدائلها؛ أي المسئولية المدنية للشركة و/أو المسئولية الجنائية للأفراد المتضامنين. وبعض النقاد الأكاديميين هاجموا التعريف الحالي للمسئولية القانونية التضامنية . بمعنى أخر، رغم أن المسئولية الجنائية التضامنية لها أبطالها من الأكاديميين إلا إنها طالما تعرضت للهجوم في الولايات المتحدة. الوضع في أوروبا مغاير تماما. فأوروبا ليس لها تاريخ طويل في الاعتراف بالمسئولية الجنائية التضامنية. على أي حال، فقد قامت الكثير من دول أوروبا الغربية بإنشاء نظام جنائي للأشخاص التضامنيين في الربع الأخير من القرن العشرين. وهذا التجاور بين التوجهات الأمريكية والأوروبية هي التي تثير المسألة التي نود استكشافها: إذا كانت المسئولية الجنائية التضامنية مثار جدل إلى هاذ الحد في الولايات المتحدة فلماذا إذا نجد كثير من الدول الأوروبية تؤسس وتوسع المسئولية الجنائية للأشخاص المتضامنين؟ أو لنضع السؤال بكلمات أخرى، ماذا يمكنننا أن نتعلم من التجربة الأوروبية من أمور تلقي الضوء على الخلاف الأكاديمي الدائر في الولايات المتحدة حول مبررات المسئولية الجنائية التضامنية؟
يكتسب هذا الخلاف أهمية إضافية في ضوء القائمة الطويلة من سوء التصرفات التي ارتكبها الأشخاص التضامنيين في كل من الولايات المتحدة وأوروبا في السنوات الأخيرة. بعد عقد التسعينيات، وهو العقد الذي شهد موجة من مقاومة التجمعات الرأسمالية الضخمة و وملاحقة قانونية تتعلق بمشاكل بيئية وغش لكبار الأشخاص التضامنيين , وبدا القرن الجديد بسلسلة من الفضائح المحاسبية التي هزت أسواق المال ودمرت المليارات التي كانت مستثمرة بالأسهم وتسببت في ضياع عشرات أن لم يكن مئات أو ألاف الوظائف. في الولايات المتحدة، أكبر الفضائح كانت اينرون (التي كانت سابقا سابع اكبر شركة في الولايات المتحدة) حيث خسرت هذه الشركة ما يقارب 100 مليار دولار على شكل أسهم متداولة ثم أعلنت إفلاسها بعد أن تم الكشف عن أن الشركة كانت بشكل منظم تستخدم جهات لأغراض خاصة لنقل الديون من سجلاتها وإخفاء خسائرها . ابتداء من تموز 2004، تم مقاضاة 31 شخص لهم علاقة بالشركة حيث تم إدانة ما يقارب ثلث هؤلاء .أما مدقق حسابات اينرون وهي شركة ارثر اندريسون ال ال بي والتي تعتبر من اكبر شركات المحاسبة في العالم، فقد أدينت بتهمة إعاقة العدالة فيما يعلق بنشاطاتها مع شركة اينرون . ونتيجة لذلك أغلقت شركة انديرسون نشاطات التدقيق في شهر آب عام 2002، حيث خفضت عدد قوتها العاملة من 28.000 سواء من شركاء و موظفين إلى 3000 .
كذلك قامت الكثير من الشركات الأمريكية الأخرى بسوء التصريح عن أموالها ومكاسبها المتضخمة وأرصدتها وإخفاء وسوء تصنيف نفقاتها. وهذه الشركات ضمت شركات طاقة أخرى مثل داينيرجي. إن الكشف عن أن داينيرجي كانت تستخدم "رحلات" زائفة لتجارة الطاقة لخلق لتعطي عن نفسها فكرة بان لديها تجارة نشطة والذي تسبب في خسارتها 100 مليون دولار تقريبا. أما شركات التكنولوجيا والاتصالات بما فيها شركة اليفيا للاتصالات و شركة وورلدكوم و جلوبال كروسنج ، فقد خسرت هي الأخرى خسائر فادحة عندما تم الكشف عن الغش في ممارساتها المحاسبية. في مجال صناعات العناية الصحية، فان اكبر شركات الولايات المتحدة في مجال تجهيز المستشفيات ومراكز الجراحة انخرطت هي الأخرى في الغش في المحاسبة وتضخيم المكاسب والأرصدة بواقع 4.6 مليار دولار لكي تلبي توقعات السوق المالي في نيويورك .
كذلك استخدم عدد من الشركات الأوروبية الكبرى ممارسات خادعة مماثلة. بارامالات (شركة منتجات ألبان ضخمة والتي كانت ثامن اكبر مجموعة صناعية في ايطاليا وشكلت 8% من إجمالي الدخل القومي ) انهارت في أواخر عام 2003 بعد الكشف عن أنها كانت تزور تقارير مرابحها على مدار 13 عام في حين أنها كانت تخسر مليارات الدولارات وزعمت أن لها رصيد في حساب بنكي غير موجود أصلا . بالإضافة إلى ذلك، فقد ضاع أكثر من 4 مليون يورو في قيمة السوق بعد الكشف عن أن شركة رويال اهولد وهي شركة هولندية كانت ثالث اكبر شركة في العالم في مجال الأغذية بعد أن تم الكشف عن أن الشركة بالغت في مرابحها بواقع مليار دولار .
ومن الممارسات السيئة الأخرى للأشخاص التضامنيين فقد اشتملت على خرق قوانين البيئة والصحة والأمان. ثلاث خطوط بحرية رئيسية – كارنيفال والخطوط النرويجية والملكية الكاريبية- اعترفت بالتهم الموجهة إليها والتي تشمل التخلص من الزيوت العادمة ومواد التنظيف الكيميائية ومواد مضرة أخرى وتزوير السجلات لإخفاء ذلك . الشركات الأصغر خرقت قانون المياه النظيفة عن طريق التخلص من المياه العادمة في المجاري وعلى سطح الماء وأيضا في المناطق الرطبة . تم إدانة شركة اوليمبيك بايبلاين كو بخرق قانون امن الأنابيب عام 1979 بعد الانفجار الذي حدث للأنابيب وتسبب في قتل ثلاث أشخاص في واشنطن . وعمليا جميع شركات صناعة الأدوية الرئيسية تعرضت للتحقيق أو أنها اعترفت بالتهم الموجهة إليها نتيجة لسوء تصرف ما. شركة فايزر، اكبر شركة أدوية في العالم اعترفت بذنبها ووافقت على دفع 430 مليون دولار لحل التهم المدنية والجنائية الموجهة إليها فيما يتعلق بقيامها بدفع مبالغ للأطباء ليقوم هؤلاء بوصف دواء لمرضى الصرع الذين يعانون من مشاكل معينة رغم أن الدواء لم يكن موافقا عليه لتك الأعراض من قبل الحكومة، وأيضا رغم وجود دراسة تظهر بان الدواء لم يكن فعالا أكثر من أي شيء أخر يعطى لمجرد إرضاء المريض . دفعت شركة استرازينيك البريطانية لصناعة الأدوية غرامة بواقع 355 مليون دولار بما فيها غرامة جنائية بواقع 64 مليون دولار لحل اتهامات الغش التي وجهت إليها فيما يتعلق بدواء يخص سرطان البروتستات . أما شركة باير فقد دفعت 271 مليون دولار و دفعت شركة جلاسكو سميث أكثر من 86 مليون دولار لحل الادعاءات التي وجهت إليهما بأنهما قامتا بتزوير الليبل على الأدوية لخداع الجهات الطبية المختصة . ودفعت مختبرات ابوت أكثر من 622 مليون دولار لحل تحقيق يتعلق بنشاطاتها السوقية . وأخيرا فان شركة شيرنج بلوف تخضع للتحقيق فيما يتعلق بنشاطاتها التسويقية وادعاءات تقول بان موظفيها تخلصوا من وثائق تتعلق بالتحقيق في القضية .
على الأقل شركة أمريكية واحدة لها سجل مكثف من الخروق التي تسببت في عمليات إيذاء ووفاة. شركة ماكواين وهي شركة خاصة يعمل فيها ما يقارب 5000 موظف وتعتبر من اكبر المصنعين في العالم للبالوعات الحديدية والأنابيب . منذ عام 1995، على الأقل 4600 حالة إصابة سجلت في مسابكها منها عشر حالات وفاة . حيث سجلت على الشركة مئات حالات من خروقات القوانين البيئية والأمان بسبب توجهات الإدارة لخفض التكاليف . حيث تم إدانتها في محاكم نيويورك وتكساس إلا أنها قامت بشكل مرتب بتجاهل قواعد الأمان وخرقها وتواجه ألان تهم إضافية بسبب خروقات القوانين الصحية وقوانين الأمان. ومنذ أيار 2003 دفعت الشركة ما يقارب 10 مليون دولار على شكل غرامات .
إن وجود هذا الكم من سوء التصرف عند الشركات يؤكد على ضرورة وجود انطمة قانونية تتجاوب مع – وقد تمنع أو تحول دون- هذا النوع من التصرف. تستخدم دول أوروبا الغربية عدد من القوانين الإدارية والمدنية والجنائية للتعامل مع سوء التصرف للأشخاص التضامنيين. في هذا المقال، نركز على المسئولية الجنائية للأشخاص المتضامنين دون أن نقصد التقليل من أهمية الآليات الأخرى. يصف القسم الأول الانتقادات الأكاديمية والدفاع عن المسئولية الجنائية التضامنية في المواد القانونية الأمريكية. القسم الثاني يراجع التطورات التي حدثت على المسئولية الجنائية التضامنية في أوروبا الغربية. القسم الثالث يناقش طبيعة التطورات التي شهدتها أوروبا الغربية تداعيات ذلك في الولايات المتحدة. ورغم وجود الكثير من النقاش حول اثر قانون ساربان اوكسلي في الولايات المتحدة وحتى في أوروبا إلا أن هذا ليس موضوعنا لان المسئولية الجنائية الموسعة التي نص عليها القانون تستهدف بشكل أساسي على موظفي الشركات ومدرائها وليس على الكيان التضامني بحد ذاته . في هذا المقال نركز على تبريرات فرض المسئولية الجنائية على الكيان التضامني وليس على موظفيه و مدرائه. ونحن هنا لا نعالج المسألة التي يطرحها الكثير من خبراء القانون والاقتصاد فيما إذا كان لابد من تجريم المخالفات الاقتصادية في الدرجة الأولى.

1. الآراء المعاصرة حول المسئولية الجنائية التضامنية في الولايات المتحدة.
أصبحت المسئولية الجنائية التضامنية مدار نقاش في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث أن هناك الكثير من المقالات النقدية المختلفة. بدا بعض النقاد من المنطلق الجزائي لمهمة القانون الجنائي في حين ينطلق الآخرين من مبدأ المنفعة. معظم تحليل المنفعة يركز على الكيان التضامني رغم أن هناك تيار يربط هذه الجدليات بنظرية الخيار العام. ورغم النقاد لا يوافقون على المبادئ الأولية إلا إنهم يقرون في النهاية بوجوب معاقبة الأشخاص التضامنيين (بشكل حصري أو كلي ولكن في حالات استثنائية) باستخدام إجراءات قانونية مدنية وليست جنائية. بعض الباحثين يدافعون عن المسئولية الجنائية التضامنية حيث يستخدم بعضهم أساس المهام المعبرة أو المعنى الاجتماعي المرتبط بالقانون الجنائي والبعض الأخر على أسس أكثر براغماتية مثل الموارد المتاحة لتطبيق القانون الجنائي.

أ) الآراء النقدية المرتكزة على المنطلق الجزائي للمسئولية الجنائية التضامنية.
يؤكد احد الآراء النقدية أن الأشكال والمهام التقليدية للقانون الجنائي لا يجب أن تطبق على الأشخاص القانونيين لأنه لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال القول بامتلاكها العقل أو التفكر الإجرامي أو وصفهم بكلمة "مذنب" بمخالفة جنائية . فرض المسئولية الجنائية على كيان تضامني يتطلب اللجوء إلى مبادئ " على الأعلى تقع المسؤولية" بدلا من المسئولية الفردية والتي تعتبر العلامة المميزة للقانون الجنائي. و عليه فان استخدام نظام العدالة الجنائية لإدانة أو معاقبة شخص تضامني هي أمر غير مرغوب لأنها تبهم المحتوى الأخلاقي للمسئولية التضامنية . وهذا الرأي يتوافق مع الرأي الجزائي أو القائم على استحقاقية الجزاء فيما يتعلق بالقانون الجنائي الذي يفرض العقوبة بناء على استحقاقيتها لغايات التعامل مع سوء التصرف الجنائي.

ب) نقد فعالية الاقتصاد والقانون.
وإحدى نظريات النقد للمسئولية الجنائية التضامنية يرتكز على منطلق قانوني واقتصادي ومبدأ الفائدة لمهام القانون الجنائي. لو افترضنا لغايات النقاش فعالية استخدام القانون الجنائي في بعض الأمثلة لتنظيم السلوك الاقتصادي- وهو افتراض غير مقبول عند جميع باحثي الاقتصاد والقانون- فان النقاد القانونيين والاقتصاديين يركزون على ما إذا كانت العقوبات الجنائية هي أفضل الحلول لسوء تصرف الأشخاص التضامنيين. حيث يؤمن هؤلاء بان المسئولية المدنية للكيان هي الحل الأنسب أو أن المسئولية الفردية (سواء المدنية أو الجنائية) لها تفضيل على من مسئولية الكيان.
بشكل عام، وافق باحثي الاقتصاد والقانون بان العقوبات الجنائية ليست ردا فعالا لسوء تصرف الأشخاص التضامنيين، رغم أنهم توصلوا إلى تلك النتائج بناء على أسباب مختلفة بل وغير متوافقة في بعض الأحيان. حيث يرى احد الآراء النقدية أن العقوبات الجنائية قوية جدا. لان العقوبات الجنائية قوية جدا فإنها تؤدي إلى المبالغة في الردع مما يودي بالشركات إلى إنفاق موارد أكثر على الرقابة والالتزام من القدر المفيد اجتماعيا . وحسب هذا الرأي فان العقوبات المدنية قد تكون كثر دقة وعليه أكثر فعالية في موائمة تكاليف الالتزام مع الفوائد الاجتماعية المتوقعة . (بالإضافة إلى ذلك فان العقوبات إذا كانت كبيرة إلى درجة أن تكون ذات معنى فإنها ستؤدي إلى إلحاق الإضرار بمن لا يقع عليهم اللوم من مساهمين وموظفين ).
كذلك ركز منظري القانون والاقتصاد على سمتين من سمات القانون الجنائي وهي متطلبات الإجراءات والآثار المترتبة على السمعة الناتجة عن الإدانة. يتعامل التحليل القانوني والاقتصادي الإجراءات الجنائية المشددة (مثل الإثبات الذي لا يداخله شك معقول و المحاكمة أمام هيئة محلفين وأيضا المحاكمة والاستهداف لها على ذات الجرم مرتين) على أنها تكاليف زائدة في تكلفة الصفقة. وحيث انه لا يمكن حبس الشخص التضامني فان الإجراءات الجنائية والمدنية تتسبب بشكل عام في حدوث غرامات مالية ويتساءل باحثي القانون والاقتصاد عن إمكانية تبرير التكاليف الزائدة في الصفقة في الإجراءات الجنائية. كما أن الإدانة الجنائية تفرض وصمة عار أو عقوبة من حيث السمعة . أعرب باحثي القانون والاقتصاد عن قلقهم إزاء الإضرار بالسمعة التي قد تتسبب بها التهم والإدانة الجنائية للشركة . من الناحية الأولى، هناك قلق من أن الشركة قد تعاني من ضرر غير مبرر لسمعتها إذا ما أدينت بتهمة جنائية صغيرة . من ناحية أخرى، في حالات المخالفات الخطيرة فان الضرر بالسمعة قد يكون متنبئا به أي أن طبيعة الحقائق تتحدث عن نفسها الأمر الذي قد يسبب تذمر عام قد لا تزيد عليه التهم الجنائية شيئا . ولهذا السبب فان الأذى للسمعة إما انه غير ضروري أو انه زائد عن الحد. وفي الواقع قد يتسبب الأذى في السمعة في نتائج عكسية. فهي أقوى ما تكون عندما تطبق على الشركات التي تتمتع بسمعة جيدة وليست ذات فعالية إذا كانت الشركة لم تؤسس أو إنها فقدت أصلا سمعتها الجيدة . وهكذا فان الشركات التي كان تصرفها بشكل عام مثالي ستعاني من نتائج وخيمة من حيث سمعتها بسبب القانون الجنائي والشركات السيئة ستكون محصنة من عقوبات السمعة. بالإضافة إلى ذلك فان الأضرار بالسمعة للشركة التي يتم إدانتها بمخالفة جنائية- وعلى العكس الحكم المدني الذي يعوض ماديا- لا تعوض الأضرار لأي شخص أصيب بالأذى ، وبالتالي فهي اقل فعالية من العقوبة التي تعود بمثل هذه الفائدة . على أي حال يجب الملاحظة انه و من منطلق الفعالية فان التهم الجنائية تعود بفائدتين فوريتين للادعاء العام، فالأثر على السمعة يحدث مباشرة بمجرد توجيه التهم وعليه يحدث ضغط على الشركات (وعلى الأفراد أيضا) للانخراط في نقاشات سريعة للحد من الأضرار بالسمعة . وطبعا بالنسبة للادعاء فان هذه الفوائد قد تكون غير مرغوبة من ناحية اجتماعية أوسع لأنها تفرض عقوبة ليس لها إجراءات حماية كثيرة وقد تخلق ضغطا غير مرغوب على الشركات للاعتراف بالذب حتى لو كانت التهم غير ذات أساس لكي تقلل من اثر الشهرة السلبية التي تحدث خلال الإجراءات الجنائية.
ج) نقد الخيار العام.
على عكس التحليل التقليدي القائم على أساس القانون والاقتصاد- والذي يفترض أن العقوبات الجنائية قاسية لحد غير مبرر وتؤدي إلى ثمن غير مبرر وزائد عن الحد بل وفي بعض الأحيان ذو اثر عكسي على الشركات وموظفيها ومساهميها ومدرائها- هناك نقد احدث يقترح أن فرض العقوبات الجنائية هو اقل العقوبات ثمنا من وجهة نظر الشركة مما يثير قلقا بان المسئولية الجنائية قد لا تردع الشركات عن سوء التصرف . وهذا النقد الجديد قائم على نظرية الخيار العام وتميزها للدور المهم الذي تلعبه مجموعات الضغط في العملية التشريعية وعلى ملاحظة انه وفي عدة أمثلة ترى أن مجموعات ضغط الشركات عارضت توسيع المسئولية الجنائية بحدة اقل مما فعلت فيما يتعلق بالمسئولية المدنية للكيانات التضامنية أو المسئولية الجنائية لمدراء ووكلاء الشخص التضامني . ومع وجود القوى السياسية مدعمة بمجموعات ضغط الشركات ومعارضتها القليلة نسبيا للمسئولية الجنائية التضامنية يظهر بان هؤلاء ينظرون إلى المسئولية الجنائية التضامنية على أنها اقل إشكالا من العقوبات الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك فان تحليل لخيار العام يشمل على عدد من الآراء الموصوفة أعلاه فيما يتعلق بقلة الفعالية النسبية للعقوبات الجنائية ولكن بدل الخلوص إلى أن العقوبات الجنائية تبالغ في ردع النشاط الاقتصادي للشركات فان أنها تخلص إلى أن هذه العقوبات قد لا تردع الشركات بشكل كاف. بالمقارنة مع تطبيق القانون من خلال إجراءات مدنية فان تطبيق القانون الجنائي كان بشكل عام اقل والغرامات الجنائية اقل من العقوبات المدنية . بالإضافة إلى ذلك ولان الحكومة فقط هي المخولة بتطبيق القوانين الجنائية فان مجموعات ضغط الشركات تستطيع أن تحشد التأييد لتحجيم التطبيق عن طريق تحجيم ميزانية هذا التطبيق . أخيرا، في الإجراءات الجنائية يتوجب على الحكومة أن تتغلب على عدة عوائق جوهرية وإجرائية إضافية. ولهذه الأسباب وأسباب أخرى فان مجموعات ضغط الشركات قد تنظر إلى إيجاد أو توسيع المسئولية الجنائية التضامنية على أنها أفضل الأسوأ في بعض الأحيان عندما تكون هناك مطالبة عامة بإجراء تشريعي للرد على سوء تصرف الشركات . وحسب هذا التحليل، فان مجموعات ضغط الشركات ستعارض بشدة اكبر أي تشريع أكثر فعالية لإيجاد مسئولية مدنية للأشخاص التضامنيين أو مسئولية جنائية لمدراء الشركات وإدارتها وقد يتم سن المسئولية الجنائية التضامنية كبديل عن قوانين أكثر فعالية. وعليه فان سن المسئولية الجنائية التضامنية قد تتسبب فعليا بنتائج عكسية من حيث عدم ردع سوء تصرف الشركات.
د) الدفاع عن المسئولية الجنائية التضامنية.
رغم هذا الكم من النقد إلا أن المسئولية الجنائية التضامنية لها مدافعيها في الولايات المتحدة. لان إجراءات الحماية المشددة تفرض بشكل واضح بعض التكاليف الإجرائية الإضافية فان العديد من مؤيدي المسئولية الجنائية التضامنية يرتكزون في جدلهم على المهام المميزة للقانون الجنائي. بعض الآراء الدفاعية عن المسئولية الجنائية التضامنية تركز على المهام المعبرة للقانون الجنائي وتبرر ذلك بان العقوبات الجنائية ضرورية للتعامل مع أخطاء الشركات التي تشوه قيمة الأشخاص والمصالح المتضررة بهذه الأخطاء . كذلك، فان تحليل مشابه للمعنى الاجتماعي يؤكد على القانون الجنائي يعبر عن سخط المجتمع على النشاطات الغير مشروعة . استبدال المسئولية الجنائية التضامنية بالمسئولية المدنية يرسل رسالة أن الحق في الانخراط في النشاطات الغير مشروعة يمكن شرائه؛ فقط المسئولية الجنائية التضامنية قادرة على توفير الحوافز الضرورية لمنع الجريمة والوسيلة لإيصال رسالة أن نشاطات معينة ممنوعة وان النتائج لا يمكن شرائها .
باستخدام نظام العدالة الجنائي للتجاوب مع أخطاء الشركات له فوائد براغماتية أيضا. ليس هناك نظير مدني شامل للشبكة المكثفة من الادعاء الفيدرالي وادعاء الولاية وكذلك المحققين الذي يمكن أن يشكلوا "البنية التحتية العظيمة لمطبقي القانون الجنائي" . إذا كان لا يمكن تحميل الشركات المسئولية الجنائية فلن تكون هذه البنية التحتية متوفرة للتحقيق في أخطاء الشركات وقد لا يكون هناك موارد مناسبة لتطبيق القانون المدني والإداري . كذلك فان هناك بعض الفوائد الإجرائية. رغم أن الإجراء الجنائي يوفر للمتهمين حقوق إجرائية مشددة وكذلك فائدة مهمة للحكومة لا سيما سلطة هيئة المحلفين التحقيقية . بالإضافة إلى السرعة الكبيرة التي تتم فيها عادة حل المسائل الجنائية تعني أنها قادرة على تحقيق تعويض أسرع للضحايا . المسئولية الجنائية التضامنية تستطيع كذلك توفير أساس للعقوبات المرغوبة عدا الغرامات المالية مثل غرامات الأسهم وفترات الاختبار .
لتوفير عدسات جديدة لتسليط الأضواء على النقاش حول شرعية المسئولية الجنائية التضامنية في القانون الأمريكي، نتحول الآن إلى التطورات الأخيرة في أوروبا.

II التطورات في أوروبا الغربية.
في حين أن النقاش الفلسفي والسياسي السابق كان يدور في الولايات المتحدة، كان هناك نقاش من نوع آخر يدور في دول أوروبا الغربية. باستثناء بريطانيا (التي تبنت في بداية الخمسينيات شكل محدود من نظرية "على الأعلى تقع المسئولية" من المسئولية الجنائية التضامنية )، فان الأنظمة القانونية في قومت بشكل أساسي فرض المسئولية الجنائية على الكيانات القانونية طوال القرن الماضي . وهذه المعارضة كانت مبنية على مبادئ أن الكيان القانوني لا يمكن أن يكون ملاما .
في هذا القسم سنصف التغير الجذري الذي طرا على الموقف الأوروبي والتبني الواسع (رغم انه ليس شاملا) للمسئولية الجنائية التضامنية. في الجزء أ من هذا القسم سنصف بإيجاز بعض الإحداث التي جذبت الانتباه إلى مسالة المسئولية الجنائية التضامنية في أوروبا الغربية . وفي الجزء ب سنسلط الضوء على بعض التطورات التشريعية التي طرأت والتي أدت إلى فرض المسئولية الجنائية التضامنية في هولندا والدنمرك وفنلندا وسويسرا. وفي الأجزاء (ج) و (د) سنناقش التطورات والجدل المستمر في فرنسا وألمانيا على التوالي لأنهما من أكثر أنظمة القانون المدني أهمية في أوروبا الغربية. بالإضافة إلى ذلك، سنركز بتعمق أكثر على القانون الفرنسي الجديد الذي فرض المسئولية الجنائية التضامنية لسبب آخر: حسب ما نعتقد فان القانون الفرنسي الجديد أكثر شمولا من الخطط الرسمية الأخرى لاسيما من حيث النص على عقوبات غير مالية مكثفة.ورغم أننا لم نتفحص بدقة كل التطورات في دول أوروبا الأخرى، إلا أننا لاحظنا أن بلجيكا والنرويج والبرتغال قررت هي الأخرى المسئولية الجنائية التضامنية بدرجات متفاوتة . أما اسبانيا وايطاليا فلا زالت تقوم فرض المسئولية الجنائية التضامنية ولكن حالها حال ألمانيا التي فرضت شبه مسئولية جنائية تضامنية .
أخيرا، في الجزء هـ سنسلط الضوء على بعض مقترحات المنظمتين الانتقاليتين الأوربيتين؛ المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي. رغم أن الدول الأعضاء لم تتبنى بالكامل المقترحات بتجريم بعض السلوكيات التضامنية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية إلا أن هذه المقترحات لا تزال مهمة. وكانعكاس لأراء ممثلي حكومات الدول الأعضاء فان هذه المقترحات قد تشير إلى اتجاه السياسة المستقبلية في الدول الأعضاء وتؤثر على المبادرات التشريعية في هذه الدول.
أ) الباحثين من أوروبا الغربية يواجهون الحاجة إلى المسئولية الجنائية التضامنية.
في نهاية السبعينيات كان الباحثين القانونيين والمعلقين في أوروبا الغربية كانوا يتحدون بشكل متزايد مبدأ أن الكيان القانوني لا يمكن أن يكون ملاما مؤمنين بان موضوع المسئولية الجنائية للشركات لا يمكن تجنبه . وهذا الأمر كان مدفوعا بشكل أساسي من التأثير الاقتصادي المتزايد في أوروبا الغربية والتهديدات الفريدة التي يواجهها المجتمع من التصرف التضامني الغير منظم في مجالات مثل أسواق المستهلكين والبيئة . كانت النظرة إلى المسئولية التضامنية على أنها شكل جديد من أشكال " الجنح" التي تستحق العقوبات الجنائية . ونتيجة لذلك كان بعض المعلقين يرغبون في فهم أن الشركة نفسها وشخصيتها قادرة على أن تتحمل الملامة حتى لو أن مفهوم إيقاع العقوبة على الشركة كان لغزا بحد ذاته .
في فرنسا وهي اكبر دول أوروبا الغربية من حيث القانون المدني والتي تبنت المسئولية الجنائية التضامنية حتى هذا التاريخ حيث كان هناك شعور متزايد بان الكيانات الاقتصادية القوية التي كانت موجودة بسبب "ميراث" الدولة يجب أن تكون هي الأخرى مسئولة أمام المجتمع عن سلوكياتها . استمرت النقاشات حول استخدام العقوبات الجنائية والإدارية لتنظيم السلوك للشركات في الأوساط الإصلاحية التشريعية وأوساط المعلقين القانونيين طوال عقد الثمانينيات . وخلال هذه الفترة، واجه الفرنسيون نتائج النشاطات التضامنية الغير منظمة بما في ذلك نمو قوة الشركات متعددة الجنسيات وقدرتها على تجنب المتطلبات التنظيمية المحلية ، وأخطاء الشركات رديئة السمعة مثل حالات بيع الدم الملوث بفيروس الايدز من قبل وكالات محلية مسئولة عن جمع وتوزيع الدم في فرنسا وكذلك الممارسات التجارية الغير عادلة التي تضر بالمستهلك . على أي حال، فان معارضي المسئولية الجنائية التضامنية وبالإضافة إلى معارضتهم المذهبية يجادلون بان الغرامات الإدارية الثقيلة كافية لمعالجة سوء تصرف الشركات وان فرض المسئولية الجنائية التضامنية سيضر فقط بالمساهمين والموظفين والدائنين .
ب) التخلص من القيود المذهبية التقليدية.
التوجه الحديث في أوروبا الغربية لفرض المسئولية الجنائية على الشركات بدا عام 1970 ويستمر إلى وقتنا الحاضر. في هذا القسم، سنقوم بإيجاز بمراجعة التطورات في بعض الدول الأوروبية قبل التركيز بتعمق أكثر على التطورات في فرنسا وألمانيا.
1- هولندا.
في عام 1976 أصبحت هولندا واحدة من أول الدول الأوروبية التي تتبنى تشريع يسن المسئولية الجنائية التضامنية الشاملة. جعل هذا التشريع من الشركات مسئولة عن كل المخالفات حيث تم توسيع المسئولية الجنائية التي كانت محدودة بالجرائم الاقتصادية . كذلك استغنى هذا التشريع عن شرط وجوب بناء المسئولية على أعمال الأشخاص الطبيعيين الذين يعملون لحساب الشركات والذي كان متطلبا بموجب القانون السابق لعام 1951. قد تكون المسئولية مبنية على آليات صنع قرار معيبة داخل الشركة أو على المعرفة التراكمية لمجموعة من الأفراد . يبدوا أن المحاكم الهولندية صاغت معايير لأسلوب التجاهل في تقييم المسئولية التضامنية . في نفس الوقت يبدو أن مسئولية "على الأعلى تقع المسئولية" تم الحفاظ عليها في القانون الهولندي . يمتلك المدعين الهولنديين الآن القدرة على ملاحقة أي من أو كلا الشركة والأشخاص المسئولين فعليا عن المخالفة .
2. الدنمرك
في عام 1926 ومع صدور قانون بتر، أنشئت الدنمرك مسئولية جنائية تضامنية لبعض المخالفات . وقبل نهاية القرن كانت الدنمرك قد وسعت إلى حد كبير قائمة مخالفات الشركات . مؤخرا، في عام 2002 تم تعديل القانون الجنائي الدنمركي لينص على أن الأشخاص التضامنيين قد يكونون مسئولين عن المخالفات ضمن القانون الجنائي العام . ولكن المخالفات التي تندرج تحت قوانين متخصصة أخرى مثل قانون الشركات أو قانون المحاسبين القانونيين يجب أن تنص بالتحديد على ما إذا كانت تنطبق على الكيانات القانونية .
كان القانون الجنائي الدنمركي قد عدل في عام 1996 ليفرض معيار موحد من المسئولية الجنائية على مختلف أشكال الكيانات القانونية . ولا يزال هذا النص ساري المفعول حتى اليوم. كما أن النص الجديد أسس المعيار الواسع التالي للمسئولية "المسئولية الجنائية للشخص القانوني مشروطة بارتكاب خرق ما داخل مؤسسة هذا الشخص من قبل شخص أو أكثر لهم علاقة بالشخص القانوني أو من قبل الشخص القانوني نفسه ". ويبدو أن هذا النص يوجد احتمالين للمسئولية وهي "إما أن شخص طبيعي معين تصرف مدفوعا بنية الجريمة وارتكب الفعل الإجرامي أو أن الشخص القانوني كان بمقدوره وكان يجب عليه أن يتجنب الجريمة مدار البحث ". الاختبار الأول هو "المسئولية تقع على الأعلى" بشكل مبسط والمسئولية تشمل الأعمال "لصالح الشركة" التي يقوم بها جميع موظفي الشركة ومدرائها . أما المسئولية حسب الاختبار الثاني فهي لا تتطلب تحديد الفرد المعين الذي نفذ العمل الجنائي . ولكن هذا لا يعني أن الشركات قد تكون مسئولة بشكل مشدد عن المخالفات (إلا إذا نص التشريع على غير ذلك) . يجب إظهار الشخص التضامني على أنه تصرف بإهمال أو بنية كاملة وذلك حسب عنصر نية الجريمة في المخالفة مدار البحث .
3. فنلندا
بعد سنوات من النقاش حول هذا الموضوع، قامت فنلندا عام 1955 بسن تشريع يفرض المسئولية الجنائية على الأشخاص التضامنيين . وهذا النص الجديد يوجد شكل من أشكال المسئولية المبنية على الإهمال والتي بموجبها يمكن تحميل الشخص التضامني المسئولية عن 1. التصرفات الإدارية والموظفين والممثلين الذين يعملون باسم الشركة أو 2. في غياب الفاعل الذي يمكن تحديده إذا "لم يتم مراعاة الرعاية والرقابة اللازمة لمنع المخالفة" من قبل الشخص التضامني .
4. سويسرا
في أواخر عام 2003 فرضت سويسرا المسئولية الجنائية على المتضامنين رغم أنها عارض ذلك في السابق لأسباب مذهبية . المسئولية الجنائية السويسرية قائمة على مفهوم "المسئولية الفرعية": يمكن تحميل المتضامن المسئولية عن المخالفات المرتكبة باسمه فقط إذا تعذر نسب المخافة إلى فرد معين "بسبب نقص التنظيم داخل الشركة" . يجب أن تكون المخالفات "تهدف إلى رعاية دعم نشاطات الشركة لتحقيق هدفها". وهو متطلب بدون شك سيحتاج إلى التعريف من قبل المحاكم . الغرامات الجزائية قد تصل إلى 5 ملايين فرنك سويسري .
بالإضافة إلى انه قد يتم اعتبار الشركة مسئولة عن بعض المخالفات الخطيرة بشكل منفصل عن المسئولية الجنائية للفرد إذا كانت الشركة قد فشلت في "اتخاذ كل الخطوات المعقولة والضرورية لمنع مثل هذه المخالفة" . هذه المخالفات تشمل الجريمة الجنائية المنظمة وغسيل الأموال والرشوة والفساد وتمويل الإرهاب . تبدو هذه الفقرة من القانون وكأنها تجعل من الشركة مسئولة افتراضيا عن مثل هذه المخالفات إلا إذا أظهرت أنها تصرفت بجدية كافية لمنع هذه الجرائم. هذا النوع من المسئولية قائم على فشل الإدارة في تنظيم وإدارة شئون الشركة بشكل مناسب .
ج) فرنسا تتبنى المسئولية الجنائية التضامنية:
منذ إقرار قانون نابليون في عام 1810 كانت فرنسا بشكل عام "ترفض فكرة أن الشركات كأجزاء قانونية، يمكن أن تتحمل المسئولية الجنائية " . وهكذا فقد كان ذلك تطورا كبيرا في حركة أوروبا الغربية نحو فرض المسئولية الجنائية التضامنية عندما سن المشرع الفرنسي قانون جنائي معدل اشتمل على خطط قانونية جديدة لفرض المسئولية الجنائية على الأشخاص التضامنيين . كان المشرع الفرنسي قد رفض في السابق اقتراح أكثر اعتدالا وضعته لجنة إصلاحات عام 1974 لغايات فرض المسئولية الجنائية على الشركات في المجالات التجارية والصناعية والنشاطات المالية . كان قانون عام 1992 الذي انشأ المسئولية الجنائية التضامنية نتاج سنوات طويلة من النقاش بين المشرعين والباحثين القانونيين والإطراف المهتمة الأخرى بما في ذلك ممثلين عن قطاع الإعمال . كما أن تأسيس المسئولية الجنائية التضامنية الشاملة ولد "تحفظات وانتقادات" من أوساط الشركات .
1. الأساس القانوني للمسئولية الجنائية للكيانات القانونية بما في ذلك الشركات.
الأساس للمسئولية الجنائية التضامنية في القانون الفرنسي منصوص عليها في المواد 121-2 من قانون العقوبات الفرنسي والتي تنص على "الأشخاص القانونيين باستثناء الدولة مسئولين جنائيا عن المخالفات المرتكبة لحسابهم من قبل فروعهم أو ممثليهم.........في الحالات المنصوص عليها في القانون أو النظام" كما تنص هذه المواد على "المسئولية الجنائية للأشخاص القانونيين لا تستثني المسئولية القانونية للأشخاص الطبيعيين المشتركين في نفس الفعل " وهذا البند يظهر وكأنه يتجاوب مباشرة مع النقد –الذي حدث خلال بداية العملية التشريعية والذي أدى إلى تبني قانون العقوبات لعام 1992- القائل بان المسئولية التضامنية يمكن استخدامها لحماية مدراء الشركات من المسئولية الجنائية .
2. شروط فرض المسئولية الجنائية على الكيانات القانونية.
هناك 3 متطلبات أساسية للمسئولية المفروضة بموجب المواد 121-2. أولا، لا بد أن يكون المشرع الفرنسي قد سن المخالفات الجنائية الجوهرية التي ارتكبها الشخص التضامني . ثانيا، المسئولية الجنائية الحقيقية للمخافة يجب أن تكون على التصرف الذي قام به احد فروع الشركة أو ممثليها . ثالثا، الأعمال التي تقوم عليها المسئولية الجنائية يجب أن تكون قد ارتكبت لمصلحة الشخص التضامني . المجلس الجنائي في محكمة التمييز لا تزال توضح المتطلب الثاني والثالث- أن الفعل الجنائي ارتكب من قبل ممثلين معينين أو وحدات "فروع" الشركة وان الفعل ارتكب لمصلحة الشركة. نطاق المسئولية التضامنية هو بدون شك ما يحدد كيفية تعريف المحكمة "للمثل" و"الفرع" .

أ) "ممثل" الشركة.
المصطلح "ممثل" يعني شخص ذو مرتبة عالية أو وكيل أو موظف مفوض بالصلاحيات من مدير في الشركة. وعليه فان المخالفات الجنائية المرتكبة من قبل مثل هؤلاء الأشخاص لحساب الشخص التضامني ستثير المسئولية الجنائية . عندما أقدم المشرع على سن المادة 121-2 لم يتصور أصلا أن الشركة يمكن أن تتحمل المسئولية الجنائية القائمة على أساس تصرف من قبل موظفين من ذوي المرتبة الأقل .
على أي حال، فانه من غير الواضح فيما إذا كان المشرع يقصد أن يكون الشخص التضامني مسئولا عن المخالفات التي تتطلب إظهار الخطأ المقصود حيثما كان بالإمكان إظهار بان ممثل الشركة كان في الوضع الذهني اللازم لارتكاب المخالفة (من خلال النية و المعرفة والتجاهل الإرادي) ولكن الفعل الجنائي ارتكب من قبل شخص أخر دون أن يكون لديه صلاحيات مفوضة. و كخيبة أمل لكثير من الباحثين، رفضت محكمة التميز في البداية مثل هذا الأسلوب بل وطلبت أن تكون المسئولية الجنائية كاملة لدى ممثلي الشخص التضامني لكي يتم فرض المسئولية الجنائية على الشخص المتضامن . ومنذ ذلك الحين خففت محكمة التميز هذا المتطلب الشديد في حالات معينة .
في عام 2000 كان هناك تعديل على المواد 121-2 من فقانون العقوبات الجديد والذي بموجبه توسع نطاق المسئولية للإهمال الجنائي بموجب هذه المواد. وهذا التعديل جعل من الأشخاص الطبيعيين مسئولين بشكل غير مباشر للمخالفات القائمة على الإهمال بسبب فشلهم باتخاذ إجراءات لمنع هذه المخالفات (بسبب تجاهلهم لواجبهم في الرعاية أو أي التزام قانوني أخر مفروض عليهم) . يمكن الآن نسب الإهمال الجنائي إلى الشركة بسبب إهمال احد مدرائها حتى لو كان الشخص غير مشترك بشخصه في المخالفة. على أي حال فان محكمة التميز لا تزال تطلب إثبات وجود الإهمال الفعلي من قبل ممثل الشركة .
ب) "فرع" الشخص التضامني.
تصرف "الفروع" للشركة يمكن أن ينسب إلى الشركة لإثبات المسئولية الجنائية. "الفرع" هو منظمة داخل الشركة المعترف بها رسميا من قبل قانون الشركات الفرنسي مثل مجلس إدارتها ومساهميها (مثل العمل من خلال اجتماعات المساهمين) . مدى المسئولية التي يمكن فرضها على الشركة بسبب أفعال احد فروعها تبدو وكأنها تثير السؤال فيما إذا كان لابد من تحديد صانعي القرار أنفسهم من داخل الفرع فيما يتعلق بارتكاب الجريمة، أو انه من الكافي تحديد الأفعال الجماعية للأشخاص داخل الوحدة المسئولة. مرة أخرى تعاملت محكمة التمييز بمنظور ضيق مع النص وكانت غير راغبة في السماح بالمسئولية دون تحديد الأفراد المسئولين داخل فرع الشركة . وبموجب هذه الأسلوب الضيق وحتى عندما مجلس الإدارة مسئول جماعيا عن ارتكاب مخالفة لن يتم نسب المسئولية إلى الشركة إلا إذا وجد أن احد أعضاء المجلس مسئول بشكل شخص عن ارتكاب المخالفة . وهذا التفسير مربك إلى درجة انه يحول مفهوم "الفرع" مقارب إلى حد كبير إلى مفهوم "الممثل".
3. المخالفات التضامنية الجوهرية بموجب القانون الفرنسي.
رغم أن العناصر الرسمية للمسئولية الجنائية بموجب المواد 121-122 لا تزال غير مؤكدة، استمر المشرع الفرنسي بتوسيع قائمة المخالفات الجوهرية التي قد تكون الشركة مسئولة عنها. عندما تم اقتراحها في البداية من خلال لجنة إصلاح تشريعي في عام 1974، كان من المقرر فرضها في المجالات التجارية والصناعية والنشاطات الاقتصادية و تم فرض شبه المسئولية الجنائية في هذه المجالات قبل عام 1992. المادة الجديدة التي تم سنها رقم 121-2، على أي حال، و عن طريق العمل مع أجزاء أخرى من القانون الفرنسي، تمتد إلى مجالات جوهرية أخرى بما في ذلك جرائم مقاومة تجمع رؤوس الأموال والجرائم البيئية . بحلول عام 2001 كانت المسئولية قد توسعت لتشمل الأضرار التجارية وظروف العمل الغير آمنة وحتى المجالات الجديدة مثل القتل وانتهاكات حقوق الإنسان التي يسببها الأشخاص التضامنيين .
4. العقوبات القانونية للمخالفين التضامنيين.
ومن السمات الأخرى المهمة للقانون الفرنسي الجديد انه ينص على قائمة موسعة من العقوبات الجنائية القانونية. في معظم الحالات تكون هذه العقوبات عبارة عن غرامات مالية خمس أضعاف المعدل الذي يدفعه الشخص الطبيعي الذين يرتكبون نفس المخالفة حيث يزداد المعدل في حالات الإصرار على تكرار المخالفة . وقانون العقوبات يشمل كذلك بعض العقوبات الأخرى المتاحة للمحكمة في الظروف الاستثنائية. وتشمل هذه الإشراف القضائي على شؤون الشركة لمدة خمس سنوات (أي القدرة على الدخول في عقود) وحظر لمدة خمس سنوات على إصدار مستندات تمويل عامة وقيود على استخدام الشيكات والائتمان للدفع ومصادرة الأرصدة التي سهلت أو إنها اكتسبت من خلال المخالفة وإرسال الملاحظات من خلال وسائل الإعلام وفي حالات خاصة حل الشركة .
د. التحرك باتجاه المسئولية الجنائية التضامنية في ألمانيا.
على عكس فرنسا، لم تتمكن ألمانيا من التغلب على معارضتها الطويلة لفرض المسئولية الجنائية على الكيانات الغير طبيعية. من الملفت للنظر، مقاومة فرض المسئولية الجنائية يبدو أنها قادمة من الباحثين القانونيين وفقهاء القانون الذين كان اهتمامهم منصبا أكثر على "نقاء" مفهوم اللوم والخطأ في القانون الجنائي من اهتمامهم بالآثار المترتبة على الشركات بسبب فرض عقوبات جنائية عليها . اليوم، لا تزال الأخطاء التضامنية تعالج بعقوبات أدارية تفرضها الهيئات الإدارية وتشرف عليها المحاكم الجنائية. يمكن أن تواجه الشركات غرامات بملايين اليورو وعقوبات أخرى عبارة عن شبه جنائية ، مثل مصادرة المكاسب الغير مشروعة التي استخدمت لتسهيل المخالفات . وبسبب تأكيد القانون الألماني على التصنيف، فانه يمكن فرض عقوبات شديدة على الشركات من خلال إجراءات إدارية طالما كان تصنيفها الرسمي "كغرامات مالية" مفروضة بسبب "خرق النظام" أكثر منها "كعقوبات" على "جرائم" .
ورغم أن موظفي ومدراء الشركات عرضة للمسئولية الجنائية عن أفعالهم وعن أفعال الجهات التابعة إلا أن بعض المدعين والأكاديميين الألمان لا حظوا أن الشركات تعلمت كيف تصيغ الصفقات بطريقة تحول دون قرض المسئولية الجنائية على المدراء والموظفين . وآخرين لاحظوا أن الحجم المتزايد للشركات الكبيرة يجعل من الصعب تحديد الفرد المسئول عن المخالفات . بالإضافة إلى ذلك، فان القانون الألماني "يقيد فئة الأشخاص الطبيعيين الذين أفعالهم قد تجعل من الشركة مسئولة" بموجب القوانين المدنية والإدارية بالمدراء والممثلين القانونيين وعليه فانه من غير المحتمل أن يؤدي تحديد الشخص الذي ارتكب المخالفة إلى فرض مسئولية على الشخص التضامني. من غير المحتمل أن المسئولية الجنائية التي تعود في النهاية على موظف من درجة منخفضة في الشركة لسلوكه الجنائي ستعمل الكثير لردع الشركة. عندما يتم إدانة موظف بمخالفة ويتم تغريمه فان الشركة قد تتحمل هذه الغرامات وبالتالي زيادة زعزعة اثر القانون الجنائي .
ليس من المدهش أن بعض المدعين والباحثين الألمان يؤمنون لن المسئولية الجنائية الفردية لا تغني عن الحاجة إلى مسئولية جنائية تضامنية . الباحثين الألمان اقترحوا نماذج نظرية مختلفة لفرض المسئولية القانونية. بعضهم اقترح بديل لنظرية "المسئولية تقع على الأعلى" الأمريكية الانكليزية المتعلقة بالمسئولية وتفحصوا نموذج "الخطأ التنظيمي" . وبموجب هذا النموذج فان المسئولية تقوم منطقيا على تحديد الخلل في الهيكل التنظيمي الذي أدى إلى المخالفة . وفي حين أن ذلك قد يعالج المشكلة التي تثيرها محاولة هرم الشركة للتغاضي عن سوء التصرف على المستويات الأقل في المنظمة، إلا أن المذهب أوسع من ذلك وقد يصل إلى إهمال وفشل الإدارة في الإشراف على الشركة. ستكون الشركة مسئولة عن ارتكاب المخالفة إذا تم اعتبار تركيبتها غير مناسبة للتجاوب مع المخاطر التي تخلقها عملياتها . مؤيدي نموذج المسئولية يجادلون بان سوء التصرف التضامني هو ليس دائما نتيجة خيار إداري منظم بإهمال القانون ولكن نتيجة لعدة أعمال من قبل الموظفين الأقل رتبة والمنظمات داخل الشركة. "إجمالي ال........هو الذي يشكل المخالفة" . كما أنهم يقترحون أن الأذى الاجتماعي الأكبر الذي يحدثه سوء التصرف التضامني يتطلب أسلوب مدرك للجريمة التضامنية غير مقيد بتحديد الشخص المسئول كما هو مطلوب في النظريات التقليدية الأخرى عن المسئولية .
في مرحلة ما، قد تدخل سمة أخرى من سمات القانون الجنائي الألماني لتأخذ دورا في النقاش الدائر حول إيجاد المسئولية الجنائية التضامنية. نظرية المنع العام الايجابي والتي أصبحت النظرية السائدة للعقاب في ألمانيا، تحدد مهام العقوبات الجنائية "كداعم للتقيد بالقانون" من قبل الناس . ورغم أن هذه النظرية ركزت تقليديا على الأفراد إلا أنها قد تتوسع لتشمل الأشخاص التضامنيين كوسيلة لدعم "ضميرهم القانوني العام" . يبدو أن هناك بعض التشابه بين هذه النظرية وبين جدل المنظرين الأمريكيين بان القانون الجنائي يخدم مهام تعبيرية أو أن له معنى اجتماعي .
هـ) المقترحات الأوروبية للمسئولية الجنائية التضامنية.
في السنوات الأخيرة، بدأت المنظمات الأوروبية بالتوصية بان تقوم الدول الأعضاء بفرض مسئولية جنائية أو شبه جنائية فيما يتعلق ببعض أنواع المخالفات التضامنية من خلال الأنظمة القانونية لهذه الدول. سيتم مناقشة بعض التطورات من منظمتين رئيسيتين وهما المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي في هذا المقال لأنها توفر فهما لسلسة من الأفكار الأوروبية المؤثرة وقد تتنبأ بالاتجاه الذي ستأخذه المسئولية الجنائية التضامنية في الدول الأعضاء (والتي يشكل ممثليها الهيئات الحاكمة في هذه المنظمات) . يجب ملاحظة أن مقترحات المسئولية الجنائية التضامنية التي تم مناقشتها في هذا القسم لا تزال تنتظر التطبيق الكامل من قبل الدول الأعضاء.
1. مقترحات المجلس الأوروبي.
أ) مقترح معيًرة المسئولية الجنائية للشركات.
صادق المجلس الأوروبي عام 1988 على توصية بان تقوم الدول الأعضاء بدراسة الحاجة إلى معيرة المسئولية الجنائية "للشركات" بين الدول الأعضاء . لاحظ المجلس أن مقترحاته كانت تتجاوب مع عدة عوامل: "الضرر الكبير" الذي تسببه " المخالفات الجنائية المرتكبة خلال ممارسات الشركة نشاطاتها"، بالإضافة إلى الصعوبة في تحديد الأفراد المسئولين داخل الشركة بسبب تعقيد تنظيم الشركة والرغبة في وضع المسئولية الجنائية على الشركة التي تستفيد من النشاطات الغير قانونية .
كانت توصية المجلس مهمة من ثلاث نواحي. الأول، "فضل المجلس الطريقة القائمة على الإهمال في التعامل مع المسئولية الجنائية التضامنية" . أوصى المجلس بفرض المسئولية عن المخالفات المرتكبة خلال قيام الشركة بنشاطاتها إلا إذا أثبتت "أن الإدارة ليس لها صلة في المخافة وأنها اتخذت كل الإجراءات اللازمة للحيلولة دون ارتكابها" . ثانيا، وكما سيظهر لاحقا في المادة 121- 2 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد، فان المجلس لاحظ لن المسئولية الجنائية التضامنية لا يجب أن تحل محل مسئولية الأشخاص الطبيعيين لاسيما المدراء . ثالثا، اقترحت توصية المجلس عقوبات على الشركات اشتملت على بدائل للغرامات المالية مثل إقالة المدراء و تعيين "إدارة رعاية مؤقتة" من قبل المحكمة والتخلي عن المكاسب الغير مشروعة التي استخدمت في تسهيل المخالفات ومنع العقود العامة ومنع الفوائد المالية العامة ومنع ترويج البضائع والخدمات ونشر الحكم وتصفية أو إغلاق الشركة . لم يتم تبني هذه التوصية من قبل الدول الأعضاء وقد يكون السبب أن ذلك سيتطلب منهم معالجة المقاومة المذهبية في أنظمتهم القانونية لفكرة فرض المسئولية الجنائية التضامنية. وكما سبق وان ذكرنا، فان مثل هذه المقاومة المذهبية تستمر في بعض الدول مثل ألمانيا وايطاليا .
ب) مقترحات المسئولية التضامنية فيما يتعلق بالمخالفات البيئية.
المقترحات اللاحقة في ما يتعلق بالمسئولية الجنائية استهدفت مجالات النشاطات الاجتماعية والاقتصادية. في عام 1988، صادق المجلس الأوروبي على اتفاقية حماية البيئة من خلال القانون الجنائي وذلك لغايات التوقيع عليها من قبل الدول الأعضاء. المواد 2+3 من الاتفاقية يحدد سلسلة من المخالفات المقصودة ومخالفات الإهمال تشمل إطلاق المواد الغير مشروعة إلى الهواء والتربة والماء والتصنيع الغير قانوني والنقل والتخزين للمواد الخطرة . المادة 9 من الاتفاقية توصي بان تفرض الدول الأعضاء المسئولية الجنائية التضامنية ولكنها كذلك تعطيهم خيار فرض عقوبات إدارية . لم يتم إزالة المسئولية الجنائية الفردية . مقدمة الاتفاقية تنص على "إن فرض عقوبات جنائية أو إدارية على الأشخاص القانونيين يمكن أن تلعب دورا فعالا في منع المخالفات البيئية" . يقول احد المعلقين أن مقترح الاتفاقية فيما يتعلق بالمسئولية الجنائية التضامنية يبدو متأثرا بالقانون الفرنسي الجديد ويجعل من الكيان مسئولا جنائيا عن الأفعال التي يقوم بها ممثليه أو "فروعه" . قامت فرنسا و ألمانيا واحد عشر دولة أخرى بتوقيع الاتفاقية ولكن فقط استونيا صادقت عليه .
ج) مقترح المسئولية التضامنية في ما يتعلق بالمخالفات التي تشمل فساد.
في عام 1999، قام المجلس الأوروبي بتقديم اتفاقية القانون الجنائي للفساد لغايات التوقيع. الاتفاقية تحدد سلسلة من المخالفات المتعلقة بالرشوة للمسئولين المحليين و الأجانب بما في ذلك المسئولين في المنظمات الدولية . المادة 18 تنص على أن الأطراف الموقعة يجب أن تتبنى الإجراءات "اللازمة لضمان أن الأشخاص القانونيين يمكن أن يكونوا مسئولين عن المخالفات الجنائية مثل الرشوة التجارة بالتأثير وغسيل الأموال" . مثل اتفاقية البيئة، فان هذه الاتفاقية تقيم المسئولية التضامنية على أفعال الممثل أو الفرع للشخص التضامني . إلا أن اتفاقية الفساد تتوسع في نطاق المسئولية التضامنية لتشمل الحالات التي يكون فيها "نقص الإشراف أو الرقابة" من قبل إدارة الشخص التضامني قد جعل من المخالفة ممكنة . ولم يتم إزالة المسئولية الجنائية الفردية . ورغم أن عنوان الاتفاقية يشير إلى القانون الجنائي إلا انه يسمح للدول باستخدام عقوبات شبه الجنائية والإدارية بدل العقوبات الجنائية. يطلب من الأعضاء أن تتبنى " عقوبات فعالة ومتناسبة و مانعة سواء جنائية أو غير جنائية" ضد المتضامنين المخالفين الذين يرتكبون أي من المخالفات المحددة . تمت المصادقة على الاتفاقية ودخلت حيز التنفيذ من قبل 30 دولة. من المثير للانتباه أن فرنسا و ألمانيا وايطاليا وسويسرا لم تصادق عليه أما اسبانيا فلم توقع الاتفاقية أصلا .
3. مقترحات الاتحاد الأوروبي.
أ) المسئولية الإدارية للمخالفات المضادة للتنافس.
احد أول الاتفاقيات الأوروبية لفرض المسئولية عل المتضامنين كانت في عام معاهدة روما 1957 والتي بموجبها تأسست السوق المشتركة للبضائع والخدمات قبل حلول الستينات وهذه السوق هي التي عرفت باسم الاتحاد الاقتصادي الأوروبي (تالف من بلجيكا و ألمانيا وفرنسا وايطاليا ولوكسمبورغ وهولندا). حيث كان هذا الاتحاد هو بشير الاتحاد الأوروبي الحالي. المواد 81 +82 من معاهدة روما، كما تم تعديلها، حظرت السلوك المضاد للتنافس داخل السوق المشتركة . على وجه الخصوص، فان المادة 81 تمنع الاتفاقيات المحصورة والنشاطات التكتلية، والمادة 82 تحظر خرق الوضع القائم في السوق . الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي وهي المفوضية مخولة بالتحقيق عن الشركات التي تنخرط في سلوكيات مضادة للتنافس وان تمنع هذا السلوك وان تفرض عقوبات ثقيلة . أصبحت العقوبات اكبر حيث يقال أن هناك عقوبة تجاوزت 300 مليون دولار على شركة تبين أنها تنخرط في نشاطات آسهم تكتلية .
رغم أن العقوبات المفروضة من المفوضية هي غرامات مدنية إلا أن بعض المعلقين اقترحوا أن العقوبات قاسية جدا وكأنها جنائية في طبيعتها . بغض النظر عن طيفية تصنيفها، فانه من العدل أن نقترح أن دور وطبيعية هذه العقوبات تبدوا وكأنها أثرت على الدول الأعضاء فيما يتعلق بفرض المسئولية الجنائية على الشركات بموجب أنظمتها القانونية. وحتى في الدول التي لا زالت تقاوم فرض المسئولية الجنائية التضامنية مثل ايطاليا و ألمانيا، فانه تم وضع عقوبات شبه جنائية إدارية على نمط نموذج الاتحاد الأوروبي .
ب) إطار قرار المجلس فيما يتعلق بالمخالفات البيئية.
تبنى مجلس الاتحاد الأوروبي "إطار قرار" يتطلب من الدول الأعضاء فرض المسئولية على الكيانات القانونية في حال المخالفات البيئية . وهذا الإطار يقتبس بوضوح من اتفاقية المجلس الأوروبي حول البيئة لعام 1998 وتستعير منها في مختلف المجالات. أولا، تحدد سلسلة من المخالفات المقصودة ومخالفات الإهمال فيما يتعلق بالإطلاق الغير مشروع والتخزين والنقل للمواد الخطرة . ثانيا، توصي بان تتبنى الدول الأعضاء إجراءات لفرض المسئولية الجنائية على الأشخاص القانونيين بناء على أفعال ممثليهم وفروعهم . كما أن هذا الإطار يوصي بالمسئولية في الحالات التي يكون فيها نقص إشراف أو رقابة في الشركة والذي "جعل ممكنا" ارتكاب المخالفة . ورغم أن إطار القرار يشجع على فرض المسئولية الجنائية إلا انه لا يبدو انه ملزما لان الدول الأعضاء لها الخيار في فرض غرامات جنائية أو مدنية و أي "عقوبات فعالية ومتناسبة ومانعة" مثل الحرمان من بعض النشاطات التجارية والصناعية أو حتى الإشراف القضائي وتصفية الشركة . ثالثا، ينص إطار القرار على أن المسئولية الجنائية لا يجب أن "تستثني الإجراءات الجنائية ضد الأشخاص الطبيعيين المرتكبين أو المحرضين أو المساعدين" في الجرائم المحددة .
تبنى المجلس إطار القرار بدل من التعليمات المقترحة بان تتبناه المفوضية. وتعليمات المفوضية المقترحة هذه تبدو وكأنها تترك القليل من الخيار لدول الأعضاء في ما يتعلق بفرض المسئولية الجنائية على الأشخاص القانونيين والتي قد تكون احد الأسباب الذي منع المجس من قبول هذا المقترح . وكرد على ذلك، اتخذت المفوضية خطوة غير عادية عندما طلبت من محكمة العدل الأوروبية تفنيد إطار القرار على أساس أن المجلس لا يؤسس أعماله على أرضية قانونية مناسبة بموجب قانون المعاهدة الأوروبية . من غير الواضح لماذا تبنى المجلس إطار القرار ورفض التعليمات المقترحة. من الممكن أن غضب الجماهير حيال تسرب النفط في تشرين أول لعام 2002 من صهريج برستيج قبالة سواحل فرنسا واسبانيا ضغط على المجلس لتبني إجراءات معينة فيما يتعلق بالمخالفات البيئية التضامنية.
ج) مقترح تعليمات تشتمل على مخالفات الفساد.
في عام 2001 أوصت مفوضية الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بتبني المسئولية الجنائية التضامنية لكبح الغش و "الفساد" (أي الرشوة) الموجهة ضد موال الاتحاد الأوروبي وكذلك غسيل الأموال . لاحظت المفوضية أن "المدى وحده" للضرر الذي يلحق بمصالح الاتحاد المالية يعطي الموضوع صفة العاجل . مقترح المفوضية يشمل المسئولية بسبب الإهمال. وبموجب المقترح، توجد المسئولية التضامنية عندما 1. يتم ارتكاب مثل هذه المخالفات من قبل ممثلي الشركة أو أشخاص لديهم السلطة بالتصرف باسم الشركة أو عندما 2. عندما تكون المخالفة ناتجة عن نقص الإشراف أو الرقابة داخل الشخص التضامني . وطبعا المفوضية تدرك المقاومة المستمرة في بعض الدول الأعضاء تاه فرض المسئولية الجنائية التضامنية، لذلك نص المقترح على " ضرورة القيام بالتغيير .....في التشريعات الوطنية بحيث يتم وضع الهيئات التضامنية تحت المسئولية عن أعمال الغش والفساد وغسيل الأموال .....الذي يهدد لو يقوض المصالح المالية للاتحاد" . ورغم أن التعليمات تعبر عن تفضي أكثر لتجريم مثل هذه السلوكيات إلا انه يسمح للدول الأعضاء بتبني عقوبات غير جنائية ضد الشركات ما دامت هذه العقوبات "فعالة ومتناسبة ومانعة" . فيما يتعلق بالأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون مخالفات فساد، فان التعليمات تنص على أن المسئولية التضامنية لا يجب أن "تستثني الإجراءات الجنائية ضد الأشخاص الطبيعيين المرتكبين والمحرضين والمساعدين في الغش و الفساد وغسيل الأموال" .
د) المقترحات المتعلقة بالغش المحاسبي التضامني.
على اثر فضيحة بارمالات المحاسبية، أصدرت المفوضية مقترح لتعليمات تتطلب من الدول الأعضاء تبني معايير الاتحاد الأوروبي في التدقيق على الشركات العامة . واشتملت هذه التعليمات على توصية بان تتبنى الدول الأعضاء "عقوبات مدنية أو إدارية أو جنائية مانعة" ضد المدققين وشركات التدقيق بالإضافة إلى عقوبات مدنية في الحالات التي يكون التدقيق المطلوب قانونيا قد فشل في الالتزام مع المعايير الأوروبية المقترحة . احد العقوبات المقترحة هو سحب "رخصة المدققين القانونيين وشركات التدقيق" والذي سيكون بمثابة جرس الموت لشركة التدقيق. من المثير للاهتمام أن التعامل الإجمالي للمفوضية حيال الفضائح التضامنية الأخيرة في أوروبا لم يركز على استخدام العقوبات الجنائية . كذلك الأمر في فرنسا و ألمانيا و ايطاليا، فقد اتخذت هذه الدول القانون المدني وليس الجنائي كوسيلة للتعامل مع فضائح الغش التضامني الأخيرة .

III تداعيات التجربة الأوروبية.
كما يظهر مما سبق، فان هناك عدة توجهات في أوروبا الغربية في ما يتعلق بفرض المسئولية الجنائية على الأشخاص التضامنيين. لقد كان هناك حركة عامة باتجاه فرض المسئولية الجنائية التضامنية باستخدام " على الأعلى تقع المسئولية" بالإضافة إلى معايير أخرى للمسئولية تركز على الأخطاء الإدارية والتنظيمية. و المسئولية الجنائية التضامنية الجديدة تهدف إلى مساندة وليس شطب المسئولية الفردية. تنظر أوروبا بشكل متزايد إلى المسئولية الجنائية التضامنية على أنها رادع هناك حاجة له كآلية لإنكار بعض التصرفات التضامنية ودعم المبادئ الاجتماعية. أخيرا، استخدام العقوبات الجنائية غير الغرامات المالية التقليدية أصبح الآن موجود في أوروبا على الأقل في دولة واحدة.
الحركة العامة باتجاه فرض المسئولية الجنائية التضامنية بدأت عام 1970 مع التشريعات لتي تعالج عدد من المخالفات (لاسيما المخالفات المتعلقة بالا سواق الاقتصادية وحماية المستهلك ) وأدت إلى تبني خطط شاملة لفرض المسئولية الجنائية التضامنية في الدنمرك وفنلندا وفرنسا وهولندا وسويسرا . تم دعم استخدام المسئولية الجنائية التضامنية من قبل المجلس الأوروبي الذي أوصى في عام 1998 بان تقوم الدول الأعضاء بتبني مثل هذه المسئولية بشكل شامل وبناء عليه قدم مقترحات خاصة تعالج المسئولية الجنائية التضامنية فيما يتعلق بالمخالفات البيئية والمخالفات التي تشمل الغش في العقود الحكومية . كما قام الاتحاد الأوروبي بتقديم مقترحات مشابهة .
عدد قليل من الدول الأوروبية التي خالفت هذا التوجه ولم تتبنى المسئولية الجنائية التضامنية وبدل من ذلك تستخدم المسئولية الإدارية . تعتبر هذه العقوبات في ألمانيا شبه جنائية . يجاد المعلقين القانونيين في هذه الدول لاسيما ألمانيا بان العقوبات الإدارية اقل فعالية من المسئولية الجنائية التضامنية لأنها لا توفر رادعا كافيا ولا تسبب إنكارا أخلاقيا لمثل هذه التصرفات عند المخالفين . بالإضافة إلى ذلك، وعلى الأقل في ألمانيا فان هناك المسئولية الجنائية الفردية التي تطبق في حالات ارتكاب المخالفات باسم الشخص التضامني إلا أنها لم تثبت فعالية في مراقبة السلوك الجنائي من قبل الأشخاص التضامنيين .
والتوجه الثاني عند هذه الدول الأوروبية التي تتبنى خطط للمسئولية الشاملة هو محاولة تحديد معيار للخطأ يوحد بين "المسئولية تقع على الأعلى" وبين نظريات الخطأ التنظيمي التضامني. اختارت الدنمرك وهولندا ولاحقا فنلندا فرض "المسئولية تقع على الأعلى" وأيضا المسئولية القائمة على الفشل التنظيمي والإداري . تبنت سويسرا مؤخرا "المسئولية تقع على الأعلى" بالنسبة للمخالفات الخطيرة التي يتم إثباتها بإظهار أن الشركة لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع المخالفة من الحدوث . هذا المتطلب موجود أيضا في مقترح المجلس الأوروبي لعام 1998. لا تزال فرنسا استثناء من هذا التوجه لأنها تستخدم شكلا محدودا من "المسئولية تقع على الأعلى" رغم انه وفي حالات المخالفات التي يسببها الإهمال تقوم المحاكم بالتخفيف من هذا المعيار .
التوجه الثالث الملحوظ يتعلق بالمحافظة على المسئولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين: الدول التي اختارت أن تبني المسئولية الجنائية التضامنية الشاملة لم تبغي المسئولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون مخالفات باسم الأشخاص التضامنيين . وكذلك، فان مختلف المقترحات الصادرة عن المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي تنص على وجوب بقاء المسئولية الجنائية للأفراد . وهكذا، فان إيجاد المسئولية التضامنية الجنائية يُنظر إليه على انه يخدم الأهداف العملية والأخلاقية المنفصلة عن الأهداف التي يخدمها فرض المسئولية الجنائية على الأفراد الذين يعملون باسم الشركة.
أخيرا، وفي نفس الموضوع، لقد عكست التعليقات التي تصدر عن الباحثين طوال الوقت والتي تحث على فرض المسئولية الجنائية التضامنية هدفين التي يؤمن الباحثين أنها لا يمكن أن تتم إلا بالقانون الجنائي. الأول هو إيقاع الإنكار الأخلاقي على الشركة نفسها عندما ترتكب عمل غير قانوني. مثل هذا الإنكار يقوي المبادئ الاجتماعية المهمة التي ازدرتها الشركة. وعليه فقد جادل بعض الباحثين بان الخص التضامني يمثل عدد من المصالح المنفصلة أو أن له شخصيته الخاصة وعليه تصبح الهدف المناسب للعار الجنائي .
والهدف الثاني هو التجاوب الفعال من الانتشار الواسع للضرر الاجتماعي الذي يسببه النشاط الغير قانوني للشركات الاقتصادية التي تشهد ازديادا في السيطرة. لاحظ العديد من المعلقين الأوروبيين بان لا المسئولية الإدارية التضامنية ولا المسئولية الجنائية الفردية نجحت في ردع السلوكيات التضامنية المتكررة، كما أن هناك حاجة لعقوبات وقائية أكثر ضد المخالفين التضامنيين . نجح مؤيدي هذه العقوبات في جعل فرنسا تتبناها. وتشمل هذه العقوبات إجراءات مصممة لكبح تصرفات الإدارة وتم تصنيفها على أنها نوع من "السجن" التضامني . ورغم أن العقوبات الغير مالية مثل سحب الرخص كانت موجودة أصلا في دول مثل ألمانيا في حالات خرق القانون الإداري ، إلا أن العقوبات الجديدة تبدوا وكأنها توفر ردع إجباري ضد السلوك التضامني.
ماذا تخبرنا التطورات في أوروبا عن الجدل الذي راءيناه في القسم الأول؟ في المستوى العام جدا، فان تبني وتوسيع المسئولية الجنائية التضامنية في أوروبا يعكس وجود فهم واسع بان المسئولية الجنائية التضامنية تخدم عملية مهمة جدا في الديمقراطيات الغربية الحديثة. كما توفر التجربة الأوروبية منظار يتم من خلاله إعادة تقييم النقد الخاص بوضع الأشخاص التضامنيين تحت المسئولية الجنائية. بالنظر إلى هذه التطورات، فإننا نعود إلى الجدليات الرئيسية المذكورة في القسم الأول.
أ) التجربة الأوروبية والنقد الجزائي.
الجدل الجزائي الذي راجعناه في القسم الأول يؤكد أن مهمة القانون الجنائي هي فرض اللوم والعار على الأفراد كوسيلة للتجاوب مع الأخطاء الناتجة عن تصرفاتهم الخاطئة . حسب هذا التبرير، فان القانون الجنائي لا يمكن أن يتوسع للأشخاص التضامنيين دون أن يخسر أساسه الأخلاقي وبالتالي قوته الأخلاقية. قبل 25 سنة، اشتركت معظم دول أوروبا الغربية في المفهوم التقليدي أن العقوبات الجنائية كانت بطبيعتها مناسبة للأشخاص الطبيعيين فقط ، حيث لا يزال هذا الرأي يتأرجح في الدول التي لم توسع المسئولية الجنائية لتشمل الأشخاص التضامنيين. في ايطاليا، على سبيل المثال، ينص الدستور على أن المسئولية الجنائية "شخصية" وفي ألمانيا فان المعارضة للمسئولية الجنائية تقوم على أساس، ولو بشكل جزئي، مبدأ اللوم والذنب الشخصي .
ولكن، بشكل أساسي فان قلق الفقه القانوني لم يتغير في أوروبا. وكما فصلنا في القسم الثاني، فان التوجه الواضح هو توسيع المسئولية الجنائية لتشمل الأشخاص التضامنيين، حيث أن هناك احتمال كبير بان تدعم توصيات المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي هذا التوجه. بالإضافة إلى ذلك، فان التوجه الأوروبي يظهر محاولة الباحثين القانونيين لفك المسئولية الجنائية التضامنية من المفهوم التقليدي القائل بالخطأ الفردي والذي يعتبر محور الجدل الجزائي. في ألمانيا، على سبيل المثال، يجادل الباحثين لمعيار للمسئولية الجنائية التضامنية يقوم على نظرية الخطأ التنظيمي وبعض الباحثين الفرنسيين قالوا بان "المسئولية تقع على الأعلى" المحدودة في فرنسا لا تعكس حقائق التفاعل بين الإدارة والموظفين في الشركة .
تعكس التطورات في أوروبا اعتراف متنامي في القوة الاقتصادية التي تجمعها الشركات وكذلك التهديدات التي تشكلها تلك القوة وشعور بان المسئولية الجنائية يجب أن تكون موجودة عند أخطاء الشركات . ورغم أن الأوروبيين لا يصيغون الأمر بهذا الأسلوب إلا انه يبدو أن الافتراض الرئيسي هو افتراض قائم على الفائدة والبراغماتية: مفهوم أن المجتمع يحتاج إلى حماية إضافية من الأخطاء التضامنية أكثر مما يوفر القانون الإداري والمدني. احد التعليقات على القانون الدنمركي توضح هذه النقطة:
"تبرير جعل الأشخاص القانونيين مسئولين موجود في الاحتياجات العملية بما في ذلك الرغبة في القدرة على معاقبة الأخطاء الغير معروف فاعلها والقدرة على تكييف مستوى الغرامة مع الفوائد الفعلية أو الافتراضية للعمل (وليس فقط الوضع المالي للمرتكب). وهذا الأمر ضروري عندما يكون المرتكب هو شخص في مرتبة اقل ويتلقى راتب قليل والذي تصرف مدفوعا بمصلحة العمل."
على أي حال، هناك بعض النقاش حول الحاجة لجعل الشركات مسئولة وللتعبير عن إنكار المجتمع لبعض أشكال التصرفات التضامنية. تم مناقشة المهمة التعبيرية والمعنى الاجتماعي للقوانين الجنائية الأوروبية الجديدة في الفقرات اللاحقة.
ب) التجربة الأوروبية ونقد الفعالية الاقتصادية.
كما تم وصفه بتفصيل أكثر في القسم الأول، فان فعالية نقد القانون والاقتصاد مبني على الفائدة في توجهه ويسعى إلى توزين التكاليف والفوائد للمسئولية الجنائية التضامنية كنقيض للمسئولية التضامنية المدنية أو المسئولية الجنائية الفردية. واحد مظاهر هذا الجدل هو المزعم القائل بعدم فعالية المسئولية الجنائية لأنها تبالغ في الردع وتسبب تصرفات حريصة غير مفيدة اجتماعيا . ومن المظاهر الأخرى هو المزعم بان الحماية الإجرائية المشددة والإضرار بالسمعة تسبب تكاليف اجتماعية غير ضرورية بل وعكسية . لان العقوبات متوفرة والإجراءات المتبعة في كل دولة في الإجراءات المدنية والجنائية تختلف إلى حد كبير ، فان التوازن الحقيقي للتكاليف والفوائد يختلف من بلد إلى بلد كذلك. وعليه لا توجد مقارنات قريبة يمكن عملها بين التوازن القائم على الفائدة في أمريكا وأوروبا.
على أي حال، هناك فرق واحد بين الأنظمة الأوروبية والأمريكية التي قد تكون قضت على اللاحق لتتحول إلى عقوبات جنائية كآلية لمراقبة التصرفات التضامنية. بالمقارنة مع الولايات المتحدة، فان الدول الأوروبية اعتمدت تقليديا على التنظيمات الإدارية وبدرجة اقل على المرافعات المدنية لمراقبة ومعاقبة التصرفات التضامنية في مجالات مثل حماية المستهلك والبيئة والتنافس . الحلول الإدارية المتوفرة في العديد من الدول الأوروبية غير متطورة بالمقارنة مع الولايات المتحدة. في بعض المجالات، قد يقوم مقدم الدعوى الخاصة بطلب تخفيف الحظر المفروض ولكن ليس التعويضات المالية . في بعض الحالات تتوفر التعويضات المالية بدل الضرر ولكن ليس الأضرار الوقائية . وهكذا، فان إضافة المسئولية الجنائية التضامنية قد تعكس، جزئيا، الاعتماد الأوروبي الاكثر على الدولة وليس على المرافعات الخاصة للتجاوب مع سوء التصرف. عمليا، أعطت المسئولية الجنائية الدولة خيار طلب عقوبات أكثر شدة للتجاوب مع الأضرار الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك نقاط أخرى تأتي من التجربة الأوروبية. أولا، بعض نواحي التشريعات الجديدة تبدو وكأنها تأخذ في الاعتبار الفعالية، التي تم تعريفها بشكل موسع، لأنها تفرض المسئولية الجنائية على الأشخاص التضامنيين في حال أن الخيارات الأخرى محدودة أو غير متوفرة. بعض قوانين المسئولية الجنائية التضامنية تم تصميمها لإغلاق الفجوة في الإطار القانوني القائم مثل الحالات التي يتعذر فيها تحديد الفرد المسئول . بالمقابل، فان الباحثين الألمان يؤيدون المسئولية الجنائية التضامنية على أساس أن الأشخاص التضامنيين قادرين على عمل صفقاتهم بطريقة تجنبهم المسئولية الفردية وبالتالي تخفيف الأثر الردعي للقوانين الحالية وتعويض الأفراد القليلين الذين يتم ملاحقتهم . بشكل عام، تقصد أوروبا بشكل واضح أن تجعل المسئولية الجنائية التضامنية تخدم كوسيلة إضافية وليس كبديل لعقوبات أخرى-قد تكون أكثر فعالية- ضد الشخص التضامني نفسه أو الأفراد .
من ناحية أخرى، وقدر ما نعلم، أن الحوار الأوروبي الخاص بتأسيس المسئولية الجنائية التضامنية يظهر علامة بسيطة على اعتبارات القانون والاقتصاد مثل الفعالية النسبية لمختلف الخيارات القانونية أو القلق حيال للنتائج العكسية أو المبالغة أو قلة الردع. الضغط باتجاه فرض عقوبات جنائية تعكس إجماع بان هناك حاجة إلى وسائل جديدة وقوية للتجاوب مع الضرر الواسع من سوء التصرف التضامني ، ولكن هناك نقاش منظم اقل نسبيا فيما يتعلق بتكاليف وفوائد سن أو توسيع المسئولية الجنائية التضامنية. رغم أن بعض المعارضين للمسئولية الجنائية التضامنية في فرنسا عبروا عن إزاء احتمال أن تصبح العقوبات الجنائية قد تطغى على الغرامات الإدارية الحالية وقد يكون لها اثر كبير على المساهمين والموظفين والدائنين ، وهذه الجدليات لا يبدو أنها تلقت نفس النقاش المستفيض والنقدي الذي تلقته النقاشات المذهبية في الولايات المتحدة ضد المسئولية الجنائية التضامنية. ونقص التأكيد هذا قد يعكس النتيجة القائلة بان العقوبات الجنائية غير فعالة أو أن القلق حول الفعالية ليس أساسا مناسبا لتقييم صلاحية العقوبات الجنائية، ولكن أيضا يبدوا مقنعا أن الأوروبيين لم يستخدموا الأبحاث القانونية والاقتصادية لتحليل هذه الأسئلة .
الحركة الأوروبية باتجاه المسئولية الجنائية التضامنية تعكس كذلك، في أوساط بعض المؤيدين، شعور بان العقوبات الجنائية تعبر وتقوي بعض المبادئ الاجتماعية. اثر التعبير والدعم قد يكون من عناصر حسابات الفائدة .، ولكننا لم نلاحظ المعلقين الأوروبيين يناقشون القيمة المبدئية للعقوبات الجنائية ضد الأشخاص التضامنيين من هذه النواحي. تم مناقشة المهمات التعبيرية وبناء المبادئ الاجتماعية كما يناقشها المعلقين الأوروبيين في القسم الفرعي د .
ج) التجربة الأوروبية ونقد الخيار العام.
كما لاحظنا في القسم الثاني، منظور الخيار العم يقترح أن المسئولية الجنائية التضامنية قد يتم سنها ليس بسبب أنها تجاوب فعال ومهم للأخطاء التضامنية، ولكن لأنها ليست فعالة نسبيا وبالتالي هي اقل الأمور التي قد يعارضها الأشخاص التضامنيين الأقوياء سياسيا . وهكذا، فان المسئولية التضامنية خطيرة من ناحيتي التشريع والادعاء لأنها ستنزع إلى استبدالها بعقوبات أكثر فعالية مما يؤدي إلى قلة الردع للتصرفات التضامنية. بتوسيع هذا التحليل بشكل مقصود، بوسعنا أن نتنبأ مصالح الأشخاص التضامنيين الأقوياء في أوروبا، مثل نظرائهم في أمريكا، سيستخدمون نفوذهم السياسي لتوجيه النظام نحو المسئولية الجنائية التضامنية فقط عندما يخدم ذلك مصالحهم. وهذه الصورة المقتمة لعملية التشريع تقترح انه نادرا ما تكون الحالة التي يجد فيها المرء نماذج مرغوبة في القوانين لدى أي دولة ديمقراطية (رغم أن القانون المشترك قد ينتج قواعد فعالة) .
رغم أن هناك بالتأكيد بعض القوة في نقد الخيار العام في العملية التشريعية في الولايات المتحدة، وهذا التحليل لا يمكن أن يتم نقله مباشرة إلى التجربة الأوروبية. ولان الديمقراطيات الأوروبية لها ثقافات وسياسات مختلفة وكذلك هياكل حكومية ومؤسسات مختلفة (بما في ذلك الاختلافات الرئيسية في قوة الأحزاب السياسية وتوزيع السيادة)، كما أن دور مجموعات الضغط يختلف من بلد إلى أخر . ورغم ذلك فانه من الواضح أن دور مجموعات الضغط في السياسة الأوروبية بعيد عن المقارنة مع دور هذه المجموعات في السياسة الأمريكية. الضعف النسبي الذي يعاني منه نظام الأحزاب في أمريكا يساهم في تقوية مجموعات الضغط والتي تمتلك نفوذا أكثر بكثير مما يمتلكه نظرائها في أوروبا . هناك فروق مهمة في العلاقة بين هذه المجموعات والحكومة في أمريكا وبين نفس العلاقة في أوروبا وكذلك في التكتيك والإستراتيجية التي تستخدمها هذه المجموعات للتأثير على الحكومة .
بالإضافة إلى ذلك، كما لاحظ محللي العلوم السياسية المقارنة، فان بعض الدول الأوروبية التي سنت المسئولية الجنائية التضامنية فيها بيروقراطيات معزولة أكثر عن مجموعات الضغط وكذلك فيها أنظمة أحزاب أقوى من الموجود في أمريكا. فرنسا، على وجه الخصوص، فيها سلطة تنفيذية قوية وبيروقراطية معزولة وأحزاب ليس من المحتمل أن تسيطر عليها المصالح الخاصة . ورغم أن قادة الأعمال (وممثلي التجارة) من بين أكثر الاحتمالات للاستشارة، فان القادة السياسيين الفرنسيين الذين يملكون أفضليات سياسية واضحة عادة ما يكونون ناجحين في فرض أرائهم . في هذا الوضع فان الحكومة قد تستشير المجموعات المتأثرة كنوع من الشكليات ولكن إذا لم يتم استشارة مجموعات الضغط أو إذا لم تكن مواقفهم مؤثرة فليس أمامهم أي شئ لفعله سوى الاحتجاج . ويبدو أن هذا ما حدث في عام 1992 عند تبني الأحكام الفرنسية التي تفرض المسئولية الجنائية التضامنية. ورغم معارضة مجتمع الأعمال، فان المشرع اتبع توصيات لجنة إصلاح القانون الفرنسي . وبالتالي وفي عام 2000، وسع المشرع المسئولية الجنائية التضامنية القائمة على الإهمال، حيث أثار التساؤل حول القراءة الضيقة لمحكمة التميز لقانون عام 1992.
بالتالي، فان تطور المسئولية الجنائية التضامنية في مختلف الدول الأوروبية لا يبدوا وانه اتبع النهج الذي حدده نقد الخيار العام. العملية اختلفت من بلد إلى بلد ونادرا ما اتبعت النهج المرسوم في نقد الخيار العام- أي أن المصالح التضامنية تحث المشرعين على تبني المسئولية الجنائية التضامنية لتجنب عقوبات أكثر فعالية ضد الأشخاص التضامنيين. لا يبدو وان التشريعات الأوروبية الأخيرة كانت بديلا عن الحلول المدنية أو الإدارية الأخرى أو المسئولية الجنائية للفرد. بل كانت النظرة إلى المسئولية الجنائية التضامنية على أنها ضرورية لدعم الأحكام الموجودة التي قد تكون أو لا تكون فعالة. وهذا الأمر واضح على وجه الخصوص في حالة القانون السويسري والذي ينص على المسئولية الجنائية التضامنية عندما يتعذر نسب الخطأ إلى فرد داخل المنظمة . كما أن القانون السويسري ينص كذلك على المسئولية الجنائية التضامنية في حالة مجموعة من المخالفات التي يتم تسهيلها من قبل المتضامن مثل (غسيل الأموال و الرشوة والفساد والجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب) ، بغض النظر عن ما إذا تم تحديد المخطئ، عندما يكون الشخص المتضامن قد فشل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المخالفات . وقد يعني ذلك انه وبالنسبة لمثل هذه المخالفات فان العقوبات الجنائية مرغوبة أكثر. بالإضافة إلى ذلك، قامت بعض الدول بمعالجة القلق من أن الأحكام الجديدة قد تخدم كبديل أو واقي للأفراد المذنبين. ينص القانون الفرنسي أن المسئولية الجنائية التضامنية لا تحمي الشخص الطبيعي المرتكب أو المتعاون في نفس المخالفة . أما القانون الهولندي فيسمح بملاحقة الشخص التضامني و /أو المدير التضامني المسئول .
كذلك، فان التجربة الأوروبية تحيد عن نقد الخيار العام بطريقة أخرى. وذلك النقد يقترح أن المسئولية الجنائية عادة ما تكون نتيجة لفضيحة تولد سخط عام ومطالبة لرد تشريعي سريع على الخطأ التضامني . على العكس، في بعض الدول الأوروبية، تم سن المسئولية الجنائية نتيجة لعملية مداولات مطولة قام من خلالها الباحثين القانونيين الذين يؤيدون مثل هذه المسئولية بلعب دور مهم. عقد الأوروبيين مؤتمر علمي لبحث المسئولية الجنائية التضامنية عام 1978 وعام 1979 وعام 1993 . في فرنسا جاء التبني بعد ما يقارب العقد من النقاش حيث كان الباحثين القانونيين والمشرعين يسعون إلى إيجاد وسائل جديدة لتحميل الأشخاص التضامنيين الأقوياء سياسيا المسئولية عن تصرفاتهم داخل المجتمع . نفس الشيء في ألمانيا، حيث كان معظم الدافع لدراسة المسئولية الجنائية التضامنية قادم من الأكاديميين الذين لاحظوا أن النظام الحالي للمسئولية الإدارية لا يردع الأشخاص التضامنيين أبدا .
الفضائح المحاسبية الأخيرة وفرت اختبارا مثيرا للاهتمام لهذه الناحية من تحليل الخيار العام لأنه كان هناك سخط شعبي حقيقي كما أن هناك قوانين جديدة سنت أو بصدد أن يتم سنها في الولايات المتحدة وأوروبا. ولكن في أوروبا، لم تكن النتيجة عبارة عن انحناء كامل للقوانين الجنائية الجديدة. رغم أن قليل من الأحكام الجنائية الجديدة تم تبنيها، فان كل من الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية منفردة أكدت على الأحكام المدنية لا سيما معايير أكثر شدة للمحاسبة والتدقيق وزيادة الشفافية المالية وزيادة حقوق المساهمين ومعايير محددة لمسئوليات المدراء والتعويضات .
بالإضافة إلى ذلك، فان دعم الاتحاد الأوروبي لإشكال معينة من المسئولية الجنائية التضامنية يمثل تحديا إضافية لجدلية الخيار العام. لقد دعا الاتحاد الأوروبي أعضائه إلى سن تشريعات جنائية للتعامل مع 4 مشاكل عاجلة والتي تشتمل على نشاطات تضامنية: الجرائم البيئية والغش في العقود الحكومية والرشوة الموجهة لاستخدام أموال الاتحاد الأوروبي وغسيل الأموال . هذه المقترحات والتي تأتي من مفوضية الاتحاد الأوروبي ويجب أن يصادق عليها مجلس الاتحاد الأوروبي، هي نتيجة لعملية سياسية مختلفة تماما عن القوانين الوطنية المشار إليها أعلاه. الهيكلة متعددة المستويات لصانعي السياسة في الاتحاد الأوروبي تخلق نظاما معقدا لصنف من أصناف مجموعات الضغط مثل مجموعات الأعمال وتمنعها من السيطرة . الحاجة إلى التأثير على مختلف فروع الحكومة وهيكلة السلطة المتناثرة تشتت مصالح الأعمال و "تعزل" صانعي السياسة عن المصالح الخاصة بالمقارنة مع عمليات الحشد المباشرة التي تتم في داخل الدولة الواحدة . مجموعات الضغط التقليدية التي ركزت على حشد الحكومات الوطنية وجدت أن هذا التكتيك غير فعال عندما بدا الاتحاد الأوروبي يتحرك باتجاه الوحدة وخسرت كل دولة حق النقض بعد تطبيق تصويت الأغلبية المؤهلة في مجلس الوزراء . على مستوى الاتحاد الأوروبي، كان هناك ضرورة لمؤهلات جديدة غير تقليدية لكسب التأثير مثل إيجاد "هوية أوروبية" وتأسيس "اتحادات أوروبية" . ورغم أن مصالح قطاع الأعمال في الاتحاد الأوروبي هي أكثر المصالح الخاصة تنظيما في المجتمع المدني ، إلا أن مهمتهم مخيفة أكثر من المصالح الخاصة التي قد تنجح في عملها على المستوى الوطني. الحشد على مستوى الاتحاد الأوروبي تم تشبيهه مثل لعب الشطرنج بثلاثة أبعاد .
د)التجربة الأوروبية والدفاعات الأمريكية عن المسئولية الجنائية التضامنية
كما ذكرنا، هناك مجموعة أخرى من الباحثين القانونيين الأمريكيين الذين يجادلون بان المسئولية الجنائية التضامنية يمكن تبريرها على عدة أسس (رغم أن هناك متطلبات إجرائية إضافية). مثل هذه المسئولية تلعب دورا مهما في التعبير عن وتقوية المبادئ الاجتماعية المهمة عن طريق استنكار خرق هذه المبادئ. كما أن مثل هذه المسئولية تخدم عدد من الاعتبارات البراغماتية . نعود الآن إلى تفحص كيف تؤثر التجربة الأوروبية على هذه الجدليات لدعم المسئولية الجنائية التضامنية.
1. دور العقوبة المعنوية.
التطورات في أوروبا توفر بعض الدعم لمفهوم أن القوانين الجنائية تلعب دورا في تقوية مبادئ السلوك التضامني وتعيير أو وصم التضامنيين اللا مسئولين. في النقاشات التي أدت إلى تبني القوانين مدار البحث برر بعض المنظرين الأوروبيين على أساس أن التصرفات التضامنية فقط هي التي تستطيع أن تعبر عن الضائقة المعنوية للمجتمع . عبر المعلقين عن رأيهم في انه في الاقتصاديات الحديثة، أصبح التصرف التضامني يمثل شكل معقد يجب أن يتجاوب القانون معه. في فرنسا، عبر المعلقين عن وجوب تحميل التضامنيين المسئولية باستخدام لغة الذنب واللوم . وبالتوافق مع هذا المفهوم، فان إحدى العقوبات التي سمح بها القانون الفرنسي هي نشر المعلومات بوسائل الإعلام . كذلك، أشار احد المعلقين إلى العقوبات الجنائية التضامنية الهولندية حيث تم تصميمها لتوقع "الحزن" وتركز "الانتباه المعنوي"، على عكس الأنظمة الإدارية التي تركز على "الإصلاح" . ولكن كما لاحظنا خلال نقاشنا للجزاء ، فان هذا المغزى قد يكون اقل أهمية للمؤيدين الأوروبيين للمسئولية الجنائية التضامنية من الاعتبارات البراغماتية.
2. تبني معايير المسئولية التي توحد "المسئولية تقع على الأعلى" مع نظريات الفشل التنظيمي.
بعض الدول الأوروبية التي ناقشنا خططها التضامنية في القسم الثاني تحاول تحديد معيار للمسئولية الجنائية التضامنية التي ستشجع السلوك التضامني المسئول وتعاقب السلوك الذي يفشل في تلبية هذا المعيار. هولندا والدنمرك وفنلندا ومؤخرا سويسرا تبنت معايير للمسئولية تجمع بين "المسئولية تقع على الأعلى" وبين نظريات الفشل الإداري والتنظيمي. تقف فرنس وحدها في تبني معيار محدود للمسئولية الجنائية. يسمح القانون الفرنسي بالمسئولية الجنائية لان تكون منسوبة إلى الشخص التضامني عن المخالفات التي تتطلب خطا "مقصود" فقط إذا كان من الممكن إظهار أن احد كبار المسئولين أو الوكلاء متورط جنائيا "بشكل شخصي" عن المخالفة . بالنسبة للمخالفات القائمة على الإهمال، يبدو أن القانون الفرنسي يتبنى معيار مخفف أكثر "للمسئولية تقع على الأعلى".
رغم أن استخدام "المسئولية تقع على الأعلى" قد يكون استعير من النموذج الأمريكي للمسئولية الجنائية التضامنية، وهذه الدول التي تستخدم هذا النظام لم تختار أن تستبدله مع معيار أخر من المسئولية عندما سن مشرعيها خطط شاملة بل قاموا بتكميلها. وهكذا، على الأقل بشكل ضمني، فان الاستخدام المستمر "للمسئولية تقع على الأعلى" تعكس إجماع عام في أوساط المشرعين وربما في أوساط الباحثين بأنها ليست معيارا مناسبا للمسئولية التضامنية.
في نفس الوقت، فان هذه الدول، باستثناء فرنسا، ضمت عنصرا أخر إلى المسئولية التضامنية الجنائية- تفحص دور الإدارة في الإشراف على تنظيم المنظمة. التركيز على تنظيم الشخص التضامني عرف باسم النموذج التنظيمي "المختل". وهذا الأسلوب يسمح للمسئولية بان تكون منسوبة للشخص التضامني عندما يكون غير قادر على إظهار أن الإدارة لم تكن دقيقة في تسيير شؤونها أو عندما يتم إظهار أن تنظيم الشخص التضامني كان "مختل" مثل عندما يتعذر تحديد الشخص المسئول . الأسلوب الإداري/التنظيمي يمنع الشخص التضامني من حماية نفسها من المسئولية حيثما يكون واضحا أن المخالفة حدثت وان من الصعب تحديد شخص مفرد، وبالتالي الوصول إلى سوء تصرف تضامني يتعذر على المسئولية النيابية تغطيتها .
ورغم أن هذه الدول تجمع "المسئولية تقع على الأعلى" مع المعيار الإداري/التنظيمي إلا أنها تفعل ذلك بطرق مختلفة. إن اسلون هولندا والدنمرك وفنلندا يسمح على ما يبدو للمحاكم بحرية تطبيق كل نظريات المسئولية هذه حسب ما ينسجم ووقائع المخالفة . أما الأسلوب السويسري حيال المخالفات الخطيرة يسمح باستخدام "المسئولية تقع على الأعلى" مع تفحص الخلل التنظيمي والإشراف الإداري . إذا تمكنت الإدارة من إثبات أنها اتخذت كل الإجراءات الضرورية لمنع المخالفة فان الشخص التضامني قد يتمكن من تجنب المسئولية النيابية عن الشخص الذي ارتكب المخالفة. كما لاحظنا، فان القانون الفرنسي كما تم تفسيره من قبل القضاء لا ينص بدقة على الخلل التنظيمي أو الأداء الإداري، ولكن الباحثين الفرنسيين حثوا على تفسير موسع أكثر للقانون .
من غير الواضح كيف أن هذه المعايير المختلفة للمسئولية الجنائية التضامنية ستستمر حتى النهاية في الملاحقة الفعلية للقضايا. من الناحية الأولى، التأكيد على التنظيم التضامني والإشراف الإداري يسمح للمدعين بتحميل الشخص التضامني المسئولية عن المخالفات التي تتطلب إظهار نوع من نية الجريمة لدى الشخص التضامني حتى عندما يتعذر تحديد شخص منفرد. في نفس الوقت، فإنها تمنع الإدارة من تشتيت المسئولية على المستويات الأقل من الموظفين عن طريق هيكلة الشخص التضامني بطريقة تعزل الإدارة. من الناحية الثانية، إذا كان الشخص التضامني قادرا على أن يثبت أن إدارته اتخذت كل الإجراءات الضرورية لمنع حدوث مثل هذه المخالفة ، فان الأمور ستصبح أكثر صعوبة للمدعين الأوروبيين من حيث إثبات المسئولية من نظرائهم الأمريكيين حتى عندما يكون القانون ينص على المسئولية النيابية .
3. استخدام عقوبات بديلة غير مالية.
بالنسبة لمؤيدي المسئولية الجنائية التضامنية، فان هناك فكرة مهمة هي فكرة أن العقوبات الجنائية الجديدة هي وسائل أكثر فعالية في محاولة إدارة إمكانية انتشار الضرر كنتيجة للسلطات الضخمة التي يجمعها الأشخاص التضامنيين . تستمر معظم الدول الأوروبية في الاعتماد على العقوبات المالية . على أي حال، فان العقوبات البديلة متوفرة في فرنسا ومدعومة من الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي وبعض المؤيدين الألمان للمسئولية الجنائية التضامنية. كل من التشريع الفرنسي ومقترح المجلس الأوروبي لعام 1998 تنص على العقوبات الغير مالية التي تستطيع أن تراقب السلوك المستقبلي للشخص التضامني بطرق لا تستطيع الغرامات المالية المدنية أن تحققها. بعض هذه العقوبات تسعى إلى استبدال أو الإشراف على الإدارة التي كانت موجودة عند وقوع المخالفة. القانون الفرنسي يسمح للمحكمة بالإشراف على سلوك الإدارة مثل الدخول في عقود رئيسية ، كما أن مقترح المجلس الأوروبي لعام 1998 يذهب خطوة ابعد من ذلك حيث ينص على تعيين مجموعة إدارية بديلة . وهناك نوع أخر من العقوبات يقيد عمليات الشخص التضامني. وهكذا فقد يتم منع الشخص التضامني من ترويج بضائعها وخدماتها و جمع التمويل عن طريق إصدار الديون وتحديد قدرتها على اصدر الشيكات والائتمان وتمنع من تلقي فوائد ورخص حكومية معينة . هناك نوع ثالث من العقوبة والذي تم تصميمه لتعيير الشخص التضامني-مثل إعلان إدانة الشخص التضامني في وسائل الإعلام وإدراجه في سجل المخالفين . والنوع الأخير من العقوبات هو ما يشبه عقوبة الإعدام للشخص التضامني: كل من التشريع الفرنسي ومقترح المجلس الأوروبي لعام 1998 ينصان على حل الشركة في الحالات المتأزمة من الأداء الجنائي . ويبقى أن نرى ما إذا كانت المحاكم الفرنسية ستستغل هذه العقوبات بانتظام أو أنها ببساطة ستطبق الغرامات المالية، وأيضا ما إذا كانت الدول الأوروبية ستتبنى بعض العقوبات الغير مالية الأشد .

IV الخاتمة
توفر التطورات في أوروبا تناقضا مثيرا للاهتمام مع التجربة الأمريكية ولكنه من المبكر استنباط أي دروس ابعد من النقطة الأساسية وهي أن المسئولية التضامنية الجنائية قد تلعب دورا مفيدا في أوروبا وأمريكا أكثر من ما يعتقد معارضيها الأمريكيين. تنظر الدول الأوروبية إلى المسئولية الجنائية التضامنية كخيار متزايد الأهمية لمراقبة والتجاوب مع سوء التصرف التضامني، رغم أن ألمانيا وايطاليا استثناءين مهمين: حيث تطبق هذه الدول عقوبات إدارية شبه جنائية والتي يبدو وإنها تلبي توصيات الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي فيما يتعلق بالمسئولية التضامنية.
ليس هناك إجماع أوروبي على معيار المسئولية التضامنية. رغم أن العديد من الدول الأوروبية تقيم المسئولية الجنائية على أساس "المسئولية تقع على الأعلى" إلا أنها عادة ما تُستكمل بالمسئولية القائمة على أساس الفشل التنظيمي والإداري. ليس بوسعنا التنبؤ عن ما هي نظرية أو نظريات المسئولية التي ستسود ولكن يبدو محتملا أن دور الإدارة في الإشراف على شئون الشخص التضامني وتنظيمه سيشكل عنصرا مهما في المسئولية الجنائية التضامنية في أوروبا. أكد الباحثين الفرنسيين والألمان على ضرورة التحقيق في دور التنظيم والإدارة في المسئولية الجنائية بدل التركيز على "المسئولية تقع على الأعلى" فقط. بالإضافة إلى ذلك، وبقدر ما تؤثر توصيات الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي على في هذا المجال على الأوساط الأكاديمية والتشريعية والقضائية في الدول الأعضاء، فان الرسالة من هذه المنظمات الأوروبية هي أن دور الإدارة يجب أن يكون في صياغة المعايير للمسئولية الجنائية التضامنية. إن تركيز الأوروبيين على الفشل التنظيمي كمكمل "للمسئولية تقع على الأعلى" يجب أن يتوافق بشكل واسع مع الأثر المركب المتوقع للإرشادات الفيدرالية لما بعد قانون ساربانس اوكسلي ومعيار "المسئولية تقع على الأعلى" للمسئولية الجنائية الفيدرالية . كما أن هذا التركيز متوافق ابيضا مع جدل الباحثين الأمريكيين الذين يحبذون معيار مثل الأخلاقيات التضامنية .
من المبكر الحكم فيما إذا كانت المبادرات الأوروبية ستنجح في التقليل من أو التجاوب مع الأخطاء التضامنية. العديد من الأحكام جديدة نسبيا ولا نعرف سوى القليل عن تطبيقها. بالإضافة إلى ذلك، فان الأوروبيين يطورون أحكام إدارية ومدنية جديدة ولا نستطيع أن تنبأ عن أي الأحكام التي ستكون أكثر فائدة. وهذا يقودنا إلى ملاحظة أخيرة، وهي أن مفهوم الاعتماد على المسار يسلط الضوء على أهمية التطورات السابقة في كل نظام قانوني والذي جهز الطريق للإصلاحات التي تلت . على سبيل المثال، ذكرنا سابقا أن العديد من الدول الأوروبية ينقصها بعض الأحكام الإجرائية والجوهرية القانونية التي تجعل من المرافعات المدنية تجاوبا فعالا مع السلوك التضامني في الولايات المتحدة. وهذه الميزة قد توضح لماذا تبدو المسئولية التضامنية الجنائية وأنها تكتسب التفضيل في أوروبا في حين أن المقللين من أهميتها في الولايات المتحدة يجادلون لصالح العلاجات المدنية. تختلف الأطر التنظيمية والقواعد الإجرائية والعلاجات الأخرى من بلد إلى أخر. وهذه الاختلافات ستلعب دورا في تحديد الخطوات اللاحقة التي ستتخذها الأنظمة القانونية في الولايات المتحدة وأوروبا لمعالجة سوء التصرف التضامني. نقر بان هناك عوامل مهمة أخرى لم يناقشها مقالنا هذا- بما في ذلك الاختلافات في التاريخ والتقاليد والظروف الاجتماعية لمختلف دول أوروبا الغربية – والتي أثرت والتي ستستمر في التأثير على تطور مختلف معايير المسئولية الجنائية التضامنية أو عدم وجود هذه المسئولية في هذه الدول. نأمل بان تقوم الدراسات اللاحقة بتسليط الضوء على هذه العوامل وفي نفس الوقت تحليل التطور المستمر للمذاهب التي ركزنا عليها.

معايير المسئولية في ما يتعلق بالمسئولية الجنائية التضامنية في عدد من الدول الأوروبية المختارة.

المسئولية الفردية الموازية الفشل الإداري أو التنظيمي المسئولية تقع على الأعلى سنة الإصدار والتصنيف الدولة
نعم نعم نعم تم إصداره بشكل محدود عام 1926 مع المصادقة على قانون بتلر: المعيار الموحد للمسئولية عام 1996 كما تم تصنيفه في القسم 27-1 من قانون العقوبات الدنمركي: المسئولية الشاملة على الأشخاص التضامنيين الذي تم سنه عام 2002 كما تم تصنيفه في القسم 306 من القانون الجنائي الدنمركي. الدنمرك
نعم نعم، عندما لا يكون هناك فرد مذنب محدد. نعم 1995 كما تم تصنيفه في الفصل 9 من قانون العقوبات الفنلندي المعدل. فنلندا
نعم لا (ولكن لاحظ توسيع المسئولية القائمة على الإهمال في تعديل حزيران من عام 2000 على المادة 121-3). نعم ولكنها محدودة بشكل عام في الحالات التي يكون فيها المدير التضامني مسئول بشكل شخصي. 1992 كما تم تصنيفه في المادة 121-2 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد. فرنسا
نعم نعم نعم 1976 كما تم تصنيفه في الفقرة 51 من قانون العقوبات الهولندي. هولندا
نعم ولكن فقط في حالات معينة من المخالفات الخطيرة عندما يتعذر على الشخص التضامني إثبات انه اتخذ الإجراءات اللازمة لمنع المخافة وغير ذلك فان توفر المسئولية الفردية التي تحول دون المسئولية التضامنية. نعم نعم ولكن فقط في حالات معينة من المخالفات الخطيرة عندما يتعذر على الشخص التضامني إثبات انه اتخذ الإجراءات اللازمة لمنع المخافة وغير ذلك تكون غير متوفرة 2003 كما تم تصنيفه في المادة 100 مكرر من القانون الجنائي السويسري. سويسرا



#رائد_سليمان_أحمد_الفقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رائد سليمان أحمد الفقير - المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية