أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمية الشيباني - في المرآة .... أرى وجهك يطلع من وجهي














المزيد.....

في المرآة .... أرى وجهك يطلع من وجهي


سمية الشيباني

الحوار المتمدن-العدد: 1755 - 2006 / 12 / 5 - 10:39
المحور: الادب والفن
    


البحر بين عينيك والبلاد وزغاريد الأفراح وأحزان الشعراء.
لون السنابل في شعرك، واللؤلؤ في صفاء خديك، والمحار في كقيك، وحيرة البحار بوجهك حين يعود بلا موال، وصرخة الطفل الأولى في صوتك وهمس العاشقات وأنين الغرباء والحكايا كلها أنت.
أيتها الشاهدة على أول خطوة وأول كلمة وأول حب ودمعة وأول نجاح وضحكة. يا أول وجه ورائحة وصوت، أيتها الحائرة الشاخصة عينيها على الدرب تذرعه بالصلاة والنذور كي نلوح لها من بعيد.
تعالي أريد أن ابوح لك بأشياء كثيرة، تعالي أحدثك .. منذ زمن وأنا أكبت هذا الكلام وأعرف بأن القلب الذي ينبض حين يسمع صوتي قد رحل فلمن أحكي؟.
تعالي قاسميني هذا الوقت إنني وحيدة... تعالي أجلي الأعمال والمشاغل والزيارات، أجلي الرحيل الآن واسمعيني أجلي الزعل والعتاب، أجليه واسمعيني
حلمت أنك تأتين كالدفء الى بيتي تتفقدين الأبناء وترحلين. أمسح على خدك وأرجوك أن تتكلمي ... لماذا أنت صامتة
ترى هل أنا التي تستدعيك كل ليلة كي تتسللي وتتمددي وتتنفسي وتشهقي حيث أشهق، وللحظة تشخص عينيك أمامي فتختفين!؟
كل ليلة، منذ رحيلك والزيارات لا تنقطع، والرؤى لا تهدأ!. أتراني أريدها أن تهدأ؟ أم أريد لك الهدوء؟
ما الذي يعزيك بزيارتي أيتها البهية؟ ما الذي يواسيك يا فرح الدنيا وأحزانها؟
وجهك يطلع من وجهي كل صباح حين أهم بالنظر الى مرآتي، جسدك يتثنى داخلي، وصوتك يغني قبل أن أغني.
ما الذي فعلته بي امرأة؟ ما الذي تركته بداخلي؟ أهو دين لوفاء لا أسدده ما حييت؟ أهو ارث أحمله أينما اتجهت؟
لماذا كابرت وسكت ثم غادرت هكذا فجأة!
كان عليك أن تتمهلي قليلاً وتطيلي التحيات والسلام كما تفعل النساء ... وتقفين في منتصف البيت ثم تبطئين الخطى الى عتبة الباب من الداخل، ثم من الخارج وتردين التحايا على الذين يمرون، وتكثري في السؤال والوصايا وتطلقين الصوت عالياً وتحلفين أن يبلغ السلام الأهل والأصدقاء والأبناء.
سيدتي لم أسكر بعد من خمر كلامك، وعسل صوتك لم يشفني بعد، ورنين خلخالك لم يطربني، والسكر الذي أضفتيه لفنجان الشاي ناقص هاتي السكر سيدتي ما زال الشاي مراً. هزي الزمان والوقت وبلغي العابرين بأنك سترحلين، دقي النواقيس واعلني عن رحيلك ، افعلي أي شيء مري على البيوت وسلمي واتركي بعضاً منك، اتركي مفاتيح الدار أو لون الجدار أو نار الموقد أو عين الرقيب، أو حتى تهديداً، كان عليك أن تتهمي أحداً أن تقولي، من أجبرك على الرحيل؟ ومن أطفأ النار في موقدك؟ ومن كدر صفو الزمان وسرق منك العمر؟.
سيدتي كان عليك أن تتمهلي، لا يجوز الغياب هكذا، قلت بأنك مشتاقة وانك تريدين مني الكثير، وأنني لم أسدد الدين بعد. قلت بأنك تريدين أن تكوني بعرس الحفيدة، تعجنين الحناء وتستقبلي المهنئين وتبتسمي وتصري الخيوط الملونة والفضة والملح والسكر والزئبق كي يجلب الحظ للحفيدة.
هكذا بكل بساطة تتركين الدار باردة والشتاء قادم وليله الموحش يحوم حول روحي؟ هكذا انتهزت غفلتي وغربتي وحيرتي وانشغالي بالأيام والدنيا والأبناء والغد: ورحلت؟.
ألست صديقتي؟ أليس ما بيننا كبير؟ ألست شاهدتي؟ أليس حبك لي كما قلت فريد؟ لم وعدتني؟ لم جعلتني أشقى؟ كنت قلت منذ البداية بأنك زائرة خفيفة؟ تشرب قهوتها وتترك عطرها وتطبع على خدي قبلتها وفي بيتي ابتسامتها وعلى روحي محبتها وترحل.
فديتك مري وانظري ألي غضباً، وأمريني أن لا أكررها، واضغطي علي بالاعتذار وحيريني، واجعليني أبحث في جيوبي عن اللا، والنعم، والكيف، وال ماذا، والأين، والمتى، اجعليني أتلعثم في كلامي وأتعثر في اعتذاري وأصيح لأغلبك وتصرخي لتسكتيني، ثم ابتسمي حين تكتشفي كذبي.
سيدتي لماذا كلما سمعت صوت أم تماثل أمومتك تصعدين فوراً الى رأسي وتخنقني العبرة وتغرق العين بالدمع.
لماذا كلما رأيت امرأة مثلك تتزين أو تتعطر أو تمر أو تجلس أو تحيي أو تودع، تمرين أنت وتحتلين مكانها؟ أتغارين لو نظرت الى أم غيرك ؟.
ماذا فعلت؟
كم سيطول هذا العشق؟ هذا التعلق؟ هذا الغياب؟

تلك العبائة تذكرني بك، وذلك الفستان عالق بذاكرتي، واليد يدي وهي يدك، والخطوة خطوتي وهي خطوتك، والنظرة نظرتي وهي نظرتك، فماذا أفعل؟

قولي لي كيف أنجو من ملاحقة عينيك؟

كنت جعلتنا نمل منك، كنت كبرت قليلاً وعجزت ومرضت طويلاً، كنت جعلتنا نتأفف قليلاً ونجلس حول سريرك لأيام لأسابيع ننظر اليك بحسرة، وزرعت الحيرة في أعيننا، كنت سهرتنا كما سهرت، كنت جعلتنا نحملك على الأكتاف، ياما حملت واحتملت.

هكذا ترحلين بكل شموخ وكأنك ضوء خطف واختفى.

هكذا بكل شجاعة وكأنك خشيت علينا من التعب، وماذا لو تعبنا؟ وماذا لو بكينا؟ وماذا لو ذبلت جفوننا ونشفت دموعنا؟

كنت على الأقل جعلتنا نكفر عن أخطائنا، كنت منحتنا الفرصة في أن نشعر بأننا أبطال أو أننا مخلصون وبارون وبارعون وماهرون.

ولكنك كنت تعلمين بأننا لا نستحق شرف الوقوف على رأسك وأنت عاجزة عن الكلام، الآن عرفت بأن أهل الكلام كثير عليهم يسكتون، فيرحلون بسرعة كالملائكة .....

اذهبي أيتها الرائعة فديتك ارحلي واستكيني واهدئي لك الجنة يا أمي وأم أمومتي.



#سمية_الشيباني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضيع أسماؤنا.. ونبقى نحن


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمية الشيباني - في المرآة .... أرى وجهك يطلع من وجهي