أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فالح الحمراني - العراق: مسرح العبث















المزيد.....

العراق: مسرح العبث


فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 1753 - 2006 / 12 / 3 - 10:42
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في اشهر عمل لرائد مسرح العبث صموئيل بيكيت: " في انتظار جودو" شخصيات تلتقي بالصدفة في مكان ما لم يكن من خيارها ولكنها تشترك بقضية عامة " انتظار جودو" الذي يحمله بيكيت الكثير من الرؤى: انه الامل وحلال المشاكل والمنقذ والمخلص... ولكن حتى نهاية نهاية المسرحية ورغم مشقة وعذاب وملال المنتظرين لم يات " جودو" المنتظر. الساحة العراقية اليوم شبيهة بمسرح العبث بابعاده المباشرة والفلسفية ( اللامعقول) ولحد كبير بدلالات هذه المسرحية ـ الفاجعة ( علما انها ترجمت بلهجة عراقية). الشعب العراقي كان دائما ومنذ بداية القرن العشرين ( بل اود ان اقول ابعد فابعد فابعد) بانتظار المخلص والمنقذ، ولكن عبثا. تعاقب خلفاء وسلاطين وامراء وزعماء ورؤساء حكومات وجمهوريات وتكونت احزاب بمختلف العقائد والايدلوجيات على ارض الرافدين، المحلية والمستوردة واستخدمت مختلف الوصفات، ولكن المخلص " جودو" لم يظهر. ولحد اليوم وعلى الاقل منذ بداية القرن العشرين لم ينته ملك او زعيم جمهورية في العراق بصورة طبيعية، الجميع انتهوا موتا (غامضا) او قتلا او عزلا!.
ودون شك الوضع الكارثي القائم اليوم في العراق هو مخاض مراحل تاريخية طويلة ومريرة. ومن العبث وضع السينورهات والبدائل الجاهزة ومهما كانت مسمياتها والنوايا الطيبة والشريفة التي تقف وراءها لتحويل العراق لبلد مزدهر يسوده السلام والعدل. فما يجري الان هو استمرار للصراع الدائر منذ اكثر قرن. بيد انه يجري الان بابشع صوره واكثرها سراشة ومجازفة واستهتارا بحياة الناس ومستقبل البلد. القوى المتورطة فيها مختلفة وملونة. الصراع يكتسب طابعا سنيا/ شيعيا بحتا، بيد ان القوى التي تقف وراء يافطة المذهبين مختلفة متنوعة وذات اهداف واهداف متباينة وتخدم مصالح اقليمية او دولية. لقد نشب صراع متشابه جدا بعد ثورة 14 تموز ( يوليو) 1958. واتخذ العنف حينها
( في الموصل وكركوك وبغداد ) مستوى لايقل شراسة ووحشية عما يجري اليوم. والصراع حينها اتخذ طابعا سياسيا بحتا بعيد عن المذهبية ( الطائفية) ولكنه ارتدى طابعا جغرافيا اكثر. ومارس النظام الديكتاتوري المخلوع نفس السياسة ولكن اضفى عليها الطابع القانوني الممهورة بالمقابر الجماعية واستخدام الاسلحة الكيماوية وملاحقة كل من يشك بولاءه المطلق " لصدام".
العراق اليوم بحاجة الى زعيم قوي على ان لا يكون دكتاتورا او مستبدا او احمق متباهي بحب الذات ولايسخر بالقيم الديمقراطية والانسانية العامة، فقوة السياسي لاتعني ان يكون دمويا ومتسلطا وبلطجيا ابدا فتلك مواصفات القاتل. قوة السلطة في الحكمة والادارة الصائبة وتكوين فريق من اصحاب فكر وعقيدة ومنطلق سليم. ان يساعد على استعادة هيبة الدولة. زعيم يستطيع ان يستعيد التوزان ويبث الامل بكافة ابناء الشعب يمنع الذهاب جميعا لفوهات الجحيم المفتوحة المتمثلة باندلاع حرب الجميع ضد الجميع حرب بين الطوائف. زعيم يلم كافة الشرائح الاجتماعية كافة المكونات ان يبرهن الجميع بانه رجلهم. ان القوة بهذه المعنى مهمة لادارة اية دولة، وكذلك هيبة الحكومة، وكل ذلك يمكن اكتسابه بالعمل الدؤوب والمتواصل.انه "جودو" الحقيقي.
ان اهمية ظهور الزعيم القوى تاتي بالدرجة الاولى من انفلات الامور امنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. من تعدد المراكز والشخصيات والاصوات. وغياب الكم الكافي من اصحاب الشعور بالمسؤولية والاخلاص، من غياب اصحاب الشخصيات التي تجعل قضية انقاذ الوطن فكرتها الرئيسية وعقيدتها التي تخدمها يوميا. ولكن الساحة العراقية تفتقر لهذا النموذج من الساسة ورجال الدولة، فانها تعج بالفوضي السياسية والقتل المجاني والارهاب والخطوات الاستفزازية التي لايمكن الا ان تلحق الضرر بالبلاد. سد الحكم صارت محرقة للضمير والاخلاق والشرف وانهارت عند مدخلها اسماء كنا نعتقد حين كانت في المعارضة بانها " جودو" المنتظر ففرت بملاينها مخلفة الجثث والملفات التي تبرهن على تورطها بالجريمة.
فجماعة الصدر الذين يستندون الى قاعدة جماهيرية مغيبة اساسا وغير واعية سياسا ومهمشة، اعلنوا ( تحت يافطة الوطنية!) سحب ممثليهم في البرلمان والحكومة في البداية بذريعة لقاء رئيس الزراء نوري المالكي بالرئيس جورج بوش، ومن ثم انهم يردون من المالكي " صكا" بانسحاب القوات الامريكية!. ان الموقفين تعكسان السذاجة السياسية لهولاء الناس الذين وضعتهم الاقدار بالصدفة على سدة الحكم. ان الخطوتين مدعوتان لاثارة المزيد من الفوضى في الحياة السياسية وعرقلة عمل الحكومة. ان من حق رئيس الوزراء الالتقاء باي زعيم وزيارة اية دولة من اجل البحث عن سبل الخروج من الازمة، اضافة الى انه التقي زعيم دولة تحتفظ بقوات مسلحة بالعراق يبلغ تعدادها عشرات الاف ناهيك عن امساكها بالكثير من ارواق اللعبة السياسية. فاين هي الحكمة السياسية من منعه من لقاء هذا الزعيم, ان هؤلاء الناس لايدركون حتى المقولة الشهيرة بان السياسة هي فن الممكنات.وهيئة علماء المسلمين التي تصب في كل حدث الزيت على النار لاالعمل من روح المسؤولية على اخماد النيران التي قد تعصف بالجميع. العراقيون فقدوا مشاعر الانتماء لشعب واحد له اهداف وفكرة وعقيدة وارض واحدة.
ان اهم ما يحتاجه الوضع العراقي هو التهدئة، وبعث الثقة بين الطوائف والشرائح ولكن الكثير من ينصب نفسه متحدثا باسم هذا المدهب او الشريحة او الطائفة يفجر كل مرة قنبلة لاتقل الخسائر الناجمة عنها فداحة عما تخلفه السيارات المفخخة. وبدل الالتفاف حول رئيس الحكومة الذي يتحدث بخطاب معقول ويلائم كافة الشعارات فانهم يطلقون التصريحات الاستفزازية دون شعور بالمسؤولية عما يمكن ان تخلق تلك التصريحات من نتائج، وتكون حافز لعملية ارهابية جديدة.
وليس من المعروف بجلاء لحد اليوم هذف اعمال القتل اليومي والمواجهات المسلحة وقصف الاحياء ةالسيارات المفخخة. هل لاغراض سياسية ام انتقامية ام اثارة فتنة ام تحرير العراق ام عودة النظام السابق؟ام تمدير العراق عن بكرة ابيه؟. هل يقف وراءها الاحتلال ام فصائل مسلحة كان النظام السابق قد اعدها ودربها وحشد لها التمويل، اوهذه التشكيلات غير النظامية المسماة بالمليشيات، انها دولة في الدولة، وترفض نزع السلاح مما يثر مخاوف مشروعة، الى جانب العرب القادمين من الدول الاخرى الذي يلعبون ايضا ادوارهم السيئة في مسرح العبث العراقي.ام كل تلك المكونات. ولكنه طريق عبثي لن يؤدي باحد من تلك المكونات لتحقيق اهدافها مهما كانت نزيهة او شريرة.
واخيرا الصراعات في التاريخ حتى لو اتخذت طابع المصالحة وعقد الهندنة، لكنها دائما تكون لصالح الاقوى، والعراق يفتقر الان لظهورقوة قوية عقلانية حكيمة ومخلصة التي تجمع بدهاء الاخوة الاعداء. فهل ستظهر مثل هذه القوة لتسدل الستار على مسرح العبث ـ العراق.



#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية دكتاتور.او العالم سيكون افضل من دون الطغاة
- روسيا بين الغرب والثلاثي : حماس وايران وكوريا الشمالية
- وثيقة مكة المكرمة وافق خروج العراق من محنته
- جورجيا والصراع على القوقاز
- تفكك العراق حالة موضوعية. ولكن
- الحادي عشر من سبتمبر وانعكاساته على روسيا الاتحادية
- الحرب في لبنان وافاق التسوية في المنطقة
- روسيا من انذار خروشوف الى برغماتية بوتين
- رغم عدالة قضيته. لماذا أشاح الغرب بوجهه عن لبنان؟
- هولوكوست صنعتموه بأيديكم
- الكسندر بلوك وقصيدته -الغريبة
- لمصلحة من اختطاف الدبلوماسيين الروس ببغداد؟
- روسيا تقترب من المياه الدافئة
- على انقاض الوطن العراقي
- روسيا للتخفيف من الرد على اعلان طهران النووي
- حليقو الرؤوس في روسيا: جيل على انقاض الامبراطورية السوفياتية
- وجوه من الادب الروسي الحديث جدا.تتيانا تولستايا وشفافية العب ...
- حوار مع صديق روسي حول العراق 2
- حوار مع صديق روسي حول العراق
- معوقات الديمقراطية في العراق


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فالح الحمراني - العراق: مسرح العبث