أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الداودي - هجرة الحواس















المزيد.....


هجرة الحواس


صلاح الداودي

الحوار المتمدن-العدد: 1750 - 2006 / 11 / 30 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إستشباح قصير و أبدأ؛
"لا أريد لبيتي أن يكون غرابا ، لا أريد له أن يكون صديقا لدبابة . لا أريد له أن يمدّ يديه لجن . لا أريد له أن يكون لواء لفرعون أو يهوه . أهدموه ، اذا، و اكتبوا فوق أنقاضه من هنا مر جند الإله" (ادونيس)
و بكل عجلة و ايجاز،
يتواصل" إضراب الأحداث ". الأحداث الكبرى على وجه الدقة و بالخصوص الحروب العالمية الودية التي يتنافس فيها المتنافسون على لقب عالمي. غير أنه من الشرعي و الأخلاقي نقد المقاومة الراهنة حتى لا تصير عدمية، تنفي الوجود و لا تبدع الحياة. نقد أساسها الأنطولوجي من جذوره لأجل كيان مقاومة أساسه الحق فيها و الواقع الذي به تكون، و قوامها كائنات مقاومة من جهة فعلها و من جهة وحدة اختلافها على برنامج و هيأة وجود و نوع كيان له أن يكون كيان مقاومة بديلي و عالمي أو إقليمي على الأقل لعموم المعولمين المُستَعمَرين غصبا و قسرا. و هم عموم العالم العربي. و لعل ذلك لا يكون و لا يتكون إلا باقتدار و قوة الجماهير العربية المسلمة و غير المسلمة، بمختلف فصائلها و مذاهبها و طوائفها .
ثمة حرب عالمية ودية تجري رحاها في كل الديار. هي بالأحرى تجمع أسماء الشركات الكبرى المتعدية للاقتصاديات و شركات الصناعات السياسية الرخيصة و الباهظة ببعديها اللوبيينغ و الماركتينغ، المال و الإعلام و السلاح و الله ،السوبر ستار تلفزة الله ، جيش المسيح الثوري ،اقرأ, أنصار كذا وكذا جيش كذا أو كذا، مجاهدي كذا, حزب كذا ...
العبيد يلعبون و أهالي العبيد يرقصون. مسهم طرب و خير عصابات الأمن و ميليشيات البوليس، تروقراطيي رأس المال و بوليسقراطية كل أنواع الفساد، تسقط خرافة الدولة كالجمرة في الماء. ترفرف أعلام الفيفا على الجثث الجيفة. أعلام حركات المقاومة و صور الشخصيات الكاريزمائية. أعلام الأمم المتحدة و الصليب الأحمر و القوات الدولية اليونيفال، اختلاط عائم و لا مرد وشيك له .لا أدري أنا، أهو شعب بلا أمة أم هي أمة بلا شعب ؟ هل هي جماهير بلا مقاومة أم مقاومة بلا جماهير ؟ و لا أعلم ما نسبة الحقيقة في قوله "لا يرحم الناس كما يرحمهم معتزلهم " (ابراهيم الكوني) بل انني مجبر على أن لا أوافقه ، لا بطل .
ماذا تقول يا لبنان ماذا تقول ؟
و كالبرق و بلا تردد,
ما من مقاومة حقيقية عادلة نظيفة و دائمة إلا و تُغير مسارا كاملا في التاريخ، اتجاها كاملا. و هي لا تظل مقاومة و لا تستحق هذا الاسم إذا لم تساهم أو لم تدفع أو لم تمارس تغيير الأنظمة بقوة الجماهير، لا أن تستضعفها بقوة الوهم وهول العدو و رعب العالم الخارجي. و بقوة لا تمتلكها فتفرض عليها نفسها في عمق الداخل كأمر واقع. و إن مقاوما ينقل الموتى من مقبرة لمقبرة، يعمل لحساب الغير بأسلحة الغير، و لا يحمل سلاحه الذي هو وسيلة مقاومته و إنتاجه و إبداعه و حياته، وإن كان لحمه الحي ليس مقاوما أبدا و أنه لا يمتلك مستقبله و مقاومة كهذه لا مصير لها .
و على الفور,
لا أدري إذا كان علي أن أغير شكل الكتابة حتى أعبر عن رأيي بأقل أسف و ألم ممكنين قبل أن يقتلني الغضب أو يصيبني البرود العقلي، بدعوى التأمل و التنبؤ و التفكير الإستباقي و كل تلك الترهات التي ما عدت أحتملها لابد ادن من أن أسرد نفسي سردا خفيفا خفيفا و بسيطا و كفى حتى أقول ما يجب بأكثر قرابة ممكنة من الكائن العمومي ـ احد أبناء الجماهير الذي يتساءل عن كينونة المقاومة الذي هو أنا...
انه لم يعد قادرا لا على البقاء في العمق المضحك و لا على الإسترخاء على سطح خاو. هو أحدهم أصبح قادرا على العجز بعد أن كان عاجزا عنه. هو في الأصل لا أحد يطل بعين على" تقريظ الكسل" و بأخرى على "تقريظ الجنون" و أما العين الثالثة التي لا يشعلها إلا اُُذا أحس بأنه أيا كان كائنا من كان و من يكون ومن سيكون فهو يراوح بينها و بين" تاريخ الجنون" و "تاريخ العين" غير أنه أكثر تقززا من أي وقت مضى, يحدث نفسه : لقد كرهت الآلة الحاسبة و التجارة الرقمية .و لكن هدا الحيوان الإلكتروني يصلح لشيء ما. استعمال كل الحواس دفعة واحدة في لحظة واحدة في مكان واحد بحيث يمكنني أن أهيم بلا عودة و أسمي دلك هجرة الحواس و قد لا يصلح لهدا أبدا و لا لرغبتي الصارخة في تفتت الحواس رويدا رويدا في كل الأماكن جمعاء طوال الوقت فكل الأوطان هاجرت بطريقة ما في زمان ما أو هجرت أو زادت أو نقصت أو ماتت أو ولدت ...وهي تارة لا أوطائن وطورا أوطان . المهم أنه لابد من طريقة ما للحنين اليها هجرة وخروجا و ترحلا و رحيلا أو العكس تماما . ولكن عبر نفس الكيانية و بكل عناصرها " أيها المتشرد، لا وقت في الأرض ، الا لكي تجعل الأرض حبا "(ادونيس) مثلا. تسعون ألف لسان مثلا ، عدد لا متناه من الأصابع أكداس الأيادي , حزم من القلوب و الأكباد. كل شيء يستمر في الغليان . و لكن بي حاجة الى التقلص و التخثر ، التبلر و التثلج حد التكسر . حتى أحفظ هده الإستيهامات و هده الأطياف و تلك الأشباح بمنأى عن التفجر الوشيك .ان عالما اخر يحتاجها . و كيان اخر منها قيامته . أنا صراحة لآ أخشى نفاد كل فيروسات العالم الى هدا العش الهش في قبضة أخطر وحش .
يقرر أن يفتح نافدة يمكن لنوع ما من الكتابة أن يستقر فيها للحظة ثم يسجل و يتكاثر بشكل لا يمكن حصره . قد يكون أول الأمر مكاتبة الذات لذاتها . وبعد دلك مكافحة نظام كامل من الورق الذي قد يظل هكذا ، يحيط بي من كل مكان فيحرقني أو أحرقه . لا،لا،لا، اني لا أحد . لا يجب أن أستقر أبدا وعلي أن أخرج فورا فانني أشتم رائحة قهوة لا مفر و لا خلاص من فتنتها.
رائحة أثر جنسي أو أثر تعبدي أو قتلي أو احتضاري . لا أدري من في هذه الساعة الفجرية ، من يخرج الأول . من يدخل الأول ؟ سائق التاكسي أو مفتاحه . المتعبد أم حذاؤه ؟ العشيق أم قضيبه .العامل أم المطرقة ؟ الكاتب أم القارئ, الجندي أم القتيل ؟ لا أحد ، لا أحد . لابد أن أحدهم هو عينه أيا كان .فلأكن أنا أنا الآن فقط .رائحة القهوة تتمسك بي .لابد أن امرأة ما تشرب شيئا ما . ليس بيني و بينها شيء .و لكن كلانا لا يريد أن يكون خطيرا إلا على نفسه . هل يجب أن أصدقها ؟ لا .قد تكون بانتظار عشيق ما و لربما هي تشرب القهوة مع حبيبها الأم أو تشربها مع نفسها أو تشرب نفسها . الأفضل ألا أصدق نفسي لأن أيا كان يمكن أن يكون أنا آخر أو هي . و لكن لماذا هذا التجريد الهش الذي قد لا يسلي أحدا . أنا بالفعل لم أشتم لا زيتا و لا عسلا و لكن قهوة . هذه هي الواقعة و ليكن ما يكون .أعرف أن أحدهم يحب أن يردد " القهوة سيدة الأحكام"(درويش ) ما عدت أطيعه فأنا أرى أن القهوة الجيدة لا يسربها أحد . لا تزال تتسرب .وحدي في قلب هذا الحر المر أحسني في غابة من ضباب . و بإمكاني أن ألقي البحر كاملا في بيت الجيران و لكن من قال أن البيت بيت و ان الرائحة تتشرب من هذه الجهة أومن تلك لعل تعدد الحواس لا اتجاه و لعله يتأتى من اللامكان و ربما كانت الرائحة باتجاه الأسري, الأسري كدت أنسى, لا بأس سأنسى . يبدوا أنه لا فائدة الآن لا من تعلم بعض الكلمات الصينية و لا من اقتطاع بعض الوحدات التصويرية من أفلام فريتس لونغ لهدف تعليمي و لا قراءة بعض صفحات الشعر كما اتفق و لا استكمال مقال عن لبنان عزفت عنه أولا لأنه سرق مني صيفا كاملا و ثانيا لأنني أصبحت أخشى من تحقق ما أخشاه و هو ان يصبح دارفور و يصبح حزب الله جيش الرب الأوغندي . لا فائدة لا فائدة إذ ما ذا يمكن أن ندعي تحليله دون شعر الدفن المؤقت و مسرح الموت السريري للديمقراطية و الدولة و كوريغرافيا المذبوحين و اختطاف المساجين من جدران السجون و سيرك قتل الهاربين إلى السلام و سينما العميان وتسهيل موت الفن.
إنه أعظم تحد في العصر : إراحة الحواس بعد أن استحالت الإحاطة بها إلى درجة تقاسمها بين البشر .
إراحة الحواس و تشغيل العظام التي هي أم الحواس .أن يعطي الروائي اللسان و يهدي الموسيقي الآذان و يخلق الفيلسوف القلوب و العقول و يهب السينمائي العيون . أن تغني العظام و تعلق اللحوم رسوما ومنحوتات و أنصبة و تجليات ... و لاشيء ... لا شيء . لا فائدة . لابد من ان أسقط كل هذه الجدران و الأسيجة و الأسقفة و الأرصفة . و أن تسقط كالسكر في قهوة ما. و أحرك كل هذه الأحياء قصديرية و بلورية حمراء أو خضراء بكهوفها و مستنقعاتها و مجاريها . لا فائدة من هذه الجدران الوجوه و هذا الزجاج الأحواض المائية و هذه الألوان التي يسّاقط لوحها و تبنها و فتاتها كأنها هتاف عام . لماذا لا نترك كلنا كل الفتات حتى التشكل، حتى اللاشكل ، اللا تشكيل . إن كل لا شكل شكل ما. و هذا الاستيهام القصير كامل لأن شيئا ما يتسرب و إن لم يكن قهوة فهو خراب .
من حق المقاوم إذا أن يشرب قهوة مضرة بالأطفال فهو مقاوم . ومن حق العدو أن يشرب قهوة تفاوض مع الأصدقاء فهو عدو و من حق الأصدقاء علينا أن يشربوا قهوة عندنا فهم أصدقاء و لا حكمة في شيء. ليس من يحرك الناس في عقله و قلبه كمن يحرك الصواريخ . و من يحرك الأرض و السماء ضعيف جدا و أما من يسلي الناس بالألعاب النارية فهو قوي جدا . شتان بين لا وعي الهزيمة و لا وعي العجز. و بين توهم القوة الضعيفة و" قوة الضعفاء"~. لا فائدة’ إنها تتسرب بقرطها العجيني و خاتمها النباتي . لا بل إنها نصفان ’الأعلى عجيني و الأسفل مطاطي و جميلة جدا . الأعلى صلصالي و الأسفل نيلون و جميلة جدا . جميلة جدا بنصف قصديري و آخر عاجي . تقدم لي قهوة فأرفضها : الواقع ناقص جدا و قهوتك أطول منه بكثير . أرفض لأنك ناقصة لسان و قلب .أرفض لأنك هكذا فقط لأنك هكذا تخدمين الخراب . الإستيهام قصير و القصة كاملة .خذي قهوتك’ سلليها و سربيها ، حركي الكل فيها حركي الكل فقط اشربي وحدك وكوني جميلة جدا و أخطر من ذي قبل فمقاومة لا تخدم نفسها ليست مقاومة و أنا لا أنتشي بأنثى أحد .و لا أفترش مع أي كان وهما سعيدا تتقاذفه السحب و آمل أن" تعلق سيدة البيت غسيلها و لا تكتفي بنظافة هذا العلم " (درويش) أنا لا أحب الوطن المتساوي الأضلاع " و لا أحب أن تتناقض في يوم واحد" ثلاثة بلدان ... طهران تقضم من كبد البصرة ومن إبطيها تسحل غزة و على أربعة عشر صليبا يتخوزق لبنان "(مظفر النواب) لا أريد أن أندد كما تندد الدول .لا أريد أن أهدد كما تهدد الأمم و أن أنبح كما تنبح الدمى. لا أريد أن أخرج متظاهرا كالشيوعي الأخير " وها هو ذا تباطأ عند باب البيت لف شعاره و طواه مثل مظلة في يوم صحو ثم قال لنفسه حسنا لنفرض أن شحصا جاءني مستفسرا ... من أي حزب أنت ؟ كيف أرد ... أحزاب المدينة كلها قد وقعت بأصابع عشر يعيش الاحتلال و مرحبا بجنوده و بنوده "(سعدي يوسف) هل انتهت أمطار الصيف أم أنها تعد لشتاء الأمطار ؟ وهل هجرة الحواس مجرد عودة رميم ؟
فتحت الأبواب كلها و النوافذ حتى أغلقت علي مسامات الرياح . رميت مفاتيح الغيب محاولا أن أنام فوق نهر من القهوة أصبحت معه أرى الفجر ظلاما . أغلقت كل المواقع فوجدتها مفتوحة أكثر . أفرغت كل شيء فامتلأ اكثر’ غصت في بحر من المهملات. المخابرات تولد المخابرات . الأخبار تلد الأخبار . التقارير تضع التقارير . الإحصائيات تكذب الإحصائيات . الأحداث تنسل الأحداث . احتمالات لا تحصى . الفاينانشال تايمز أكثرها مبالغة و دقة . الوسائل احتمالات لا الحقائق . تجمعات في شارع الملك جورج في قلب تل أبيب أمام ديزنغوف سنتر و مظاهرات عارمة في شارع نحلات بنيامين . اعتصامات كثيرة و مهرجانات خطابية حماسية . مبدأ انعدام الشريك, نعم صحيح . مبدأ استعراض القوة الأحادية بمقتضى أمر القوي الذي لابد و أن يطاع مرجعية و عقيدة و ايديولوجيا . نعرف أن الأسرى أسرى و ثمن العدوان يدفعه الفقراء و أبناء المتآكلين .
لا موقع واحد يستحق الثبات, حاولت في اللا موقع, في العدم الذي يضيف وجودا’ لا أدري ما الفائدة من كل هذا .أشياء انجليزية صحفية و أخرى فرنسية بلغة وزارية و أشياء بين العربية و العربية و أخرى بين العربية الأخرى و العربية الأخيرة و اشياء بين الأمازيغية و العبرية و اشياء مكعبة و اخرى مجردة. لا أدري هل أقول للناس أن الجمهورية الإسلامية الفارسية لن تكون صديقتهم العذبة اللطيفة و لا الإمبراطورية الفارسية الإسلامية غدا . هل أقول أن الشيخ شارك في قتل العراقيين و العرب و قمع الطلاب ... لا بأس فالشيخ نفسه أعاد الأمل و الفرحة لأمي و أبي و للآلاف و ربما للملايين . لا بأس و لكن لا حق و لا حقيقة .
قررت أن أقرأ " الشيوعي الأخير يتعلم الهبوط بالمظلة" لسعدي يوسف فوجدت نفسي لا أعلم بالتحديد أين أنا؟ أبين الصومال و أريتريا أو بين أثيوبيا و السودان . أردت أن أفكر بغرب و شرق لبنان و إسرائيل الشمالية و إسرائيل الجنوبية عفوا إسرائيل العربية و إسرائيل العبرية و كندا الشرق الجديد على بعد أمتار ." تعالينا تعالينا تعالينا إلى أن لم يعد خيط و لو واه يشد عروقنا بالأرض " (مظفر النواب ) قلت : فلأكن نزيها ففي مطلق الأحوال رسالة مارسال خليفة إلى فناني الأونيسكو ـ حديث إلياس خوري عن خنازير الدم’ موقع سينما الصمود و بعض الشعر أهون علي من التحليل المخابراتي ـ المخابراتي أو الإيديولوجي ـ الإيديولوجي ، سيان . لا أريد أن أخدع الأبصار بالألوان " السماء ثقيلة حمراء " و أنا أرفض أن يسير الكلام منحدرا في الأنهار, أرفض أن أعمل مترجما كالشيوعي الأخير والمسلم الإسلامي الأنجلوـ أمريكي. أرفض أن أصدق من" يقسم أنه تعلم سبعا في مدارس صعبة المراس و أن الطير تفهم ما يقول . و أن فتى من فينزويلا أراد أن يسجله في الأوبيرا و أنه " يلم باللغات جميعا" (سعدي يوسف).
كتبت رسالة للأصدقاء و وزعتها حتى انتهى رصيدي . أرجو أن تدعوني و شأني . أريد أن أكتب شيئا . لا مجال. أتركوني محال . إفعلوها معي إذن . إذهب للجبال. قلت لكم : نصي طويل جدا و العنوان" بلا أعضاء " فهيموا من الآن في البحار.
جاء ابن الرفيق مرتبكا " هل تعلم أن السائق باع الباص الأحمر ؟ إن لديه الآن دروبا أخرى و مواقف أخرى لا نعرفها و مقاعد قد حجزت سلفا للصوص معروفين . ماذا نفعل ؟ سوف نسير و نسأل " (سعدي يوسف) طرحت كل ما أحرجني من أسئلة على أدوات المعرفة التي لدي ، بلا جدوى .إضراب الأحداث يتواصل . ولكن أي الأحداث الكبرى يحرك التاريخ ؟ هل أن ذكري الحرائق التي تتزاحم في ذهني " كأشرطة القيامة " حدث ؟ هل هي حدث صعب كالعمر ؟ ثمة على الأقل حدث واحد جميل و الحدث الجميل لا يحدث إلا مرة واحدة فكن إذن ما استطعت أن تكون متى استطعت كامنا واقعا راهنا دائم التكوين . كن من عدم أي شيء يدوم.
تخيل رسما و نظما ثم أنشده . صدق بعض الصدى و وقع على نغمة ضائعة . هدد نفسه بتخطيط يعريها من جذورها و نحت لا يبقي حتى على أصابع ناحته . ثم كرر ذلك حد الهلع و التوتر غير القابل للتعبير . الحدث الجميل هو أن " الشيوعي الأخير يدخل الجنة " : " كنت أسأل عن عقيق سجيتين : الطهر و العدل . السماء تفتحت ـ فلننطلق لنكون في الفردوس بعد دقيقة " (سعدي) فقلت إنه يستحقها أكثر من الملاك . و أما أنا فهذه هي احتفاليتي الوحشية . هذه هي كوريغرافيتي الحميمة ، موسيقى العظام ، جنس كل شيء غير قابل للتحطيم ، عنصر الشيء الوحيد غير القابل لا للموت و لا للقتل . و نحن, أية نحن ؟ تلك التي ضيعت كل النصوص من أجل أنها تكره الشعر و السحر و الجنون . جسدية باطلة و منخفضة . نحن فقدنا المسرح عندما فقدنا الحركة و السكون و صرنا عباد الصور لا نمل الفرجة و التحديق بلا عيون. الكوريغرافيا هي جاهليتنا الأولى و نحن جاهليون منذ الإغريق فلما لا تعجبنا الأجساد المعلقة حرقا بين بغداد و الصين أو المتفحمة بين ألبانيا و تركيا أو المثلجة في قطب ما أو الغارقة في بمحيط ما . لماذا لا نريد أن نحيا و يموت جسدنا علنيا ...؟ ليست هذه على أية حال أسئلتي الحارقة . و إنما لماذا لم ننتصر ؟ و من نحن حتى ننتصر ؟ لعلنا في الأصل لا نريد الإنتصار أو تعودنا على الهزيمة أو أردنا النصر الكاذب . ربما يكون قهرا للعدو الذي لازال عدوا وا عجباه و لا زال يحترمنا ، يا للعجب .
لم يعد الشعر شعر الزمان و المكان لا السماوي و لا الدنيوي لأن لا أحد فينا يريد أن يرحل و لأننا نتنفس كولونيالية النحن ذاتها . كل يدعي أن هذا هو الوطن . أني له ذلك . يا أخي يا صاح : " ليس هناك وطن أبدي كلنا مسافرون لا أكثر(نسيت الاسم) " و لكن آخرين " أسرجوا الخيل لا يعرفون لماذا " (درويش) غير أنه " لا أين في السفر ، فما أطول هذا الآن و ما أكثر هذا الأقل " (صلاح الداودي) لقد أعدمتنا صناعة الحرب لأنها أعادت شروط القول الجمالي إلى مستوى صفر بصر : عيوننا شاشات و أغلفة و جلود مزورة ، إلى مستوى صفر نثر : ألسنتنا قلة شعر و قلة عقل ، إلى صفر شعر : أدمغتنا دون صور ، لا مواد و لا أشكال و إنما حفر للشحن و التحميل و حفظ العناوين و الأسماء ... و غير ذلك من الوبر الدماغي في خبر لم يكن . و حتى عندما أصبح الشعر نثرا لم يعد النثر نثرا فلم يعد قولا و إنما تقول في الناس أن قولوا لنقول فنبوغ النثر لا يستقر. ولكنه ليس أسوأ من الشعر القول الحدثي الذي لا خروج فيه عن المكان و عن الزمان و عن قواعد النظم إنه قول في قول ، خارج الفعل . قول لا قول فيه . قول لا يقول إلا نفسه . و بهذا المعنى " تموت الحروف حين تقال " (نزار قباني) و أما قلبي فإنما يقول لي أن الشعر ليس شرط وجود و إنما وجود غير مشروط . و عندما يكبر أبناء قلبي عليهم أن يصححوني . و حتى المباني لم تعد إحصاء للأفعال و مقتضى الأفعال و هيآتها . لم تعد لا حدوسا و لا كوامن أفعال قابلة للسكنى .و لم يعد النطق شأنا عاما أو حتى قولا طبيعيا ، نصف طبيعي أو أغلبه طبيعي أو يقال على الطبيعة . ربما كان الحظ لا يشاء " و أصبح باتريك شيخا و بلا عيون " (برويال) لم تعد الشوارع تمشي و لم تعد المدن أصواتا تخترق برك الأجساد . فليجرب الموسيقي النفخ في الصور بنفسه ، ربما أيها الصحفي ليس الخبرالجيد هو أن نجيب على متى ؟ أين؟ ماذا؟ من؟ و إنما من أنا ؟ لأن الناس لا يتعرفون أنفسهم حتى و لو كنت تتحدث عنهم . إنهم يغادرون قاعات السينما دون تأمل .لا يعرفون أن الشيوعي الأخير يذهب إلى السينما فقط لأنه شيوعي أخير . و اللعبة انتهت فعلا ثانية و رابعة . قل أي عين عالمية أنت؟ سأهديك أحدث الأغنيات بعد حين و لكن اسمعني الآن : السينما هي أن أرى الناس جميعا فإن كنت واحدا فأنا ممثل و إن عديدا فأنا جمهور . إن كنت أرى الناس فأنا مدخل ـ مخرج و ممثل و إن هم رأونني حقا فأنا جمهور . قد يكتب الجمهور فالكتابة أيضا مقاومة . اصبر قليلا سأهديك أيضا قهقهتي و لسوف أزيد .سأسري وحيدا كالصورة الثالثة غير المصورة أو الحائط الرابع الذي يستعد لهدم السور القديم قبل أن يهدم ذاته بذاته . أشياء عديدة تسري " يد الفجر ترفع سروال جندية عاليا عاليا " (درويش)" لكننا سائران على أثر النمل [ إن القيافة خارطة الحدس ] " يتسرب الخلد الأحمر يحفر في النفق كما يقول كارل ماركس ، السفينة في الجو و على العامل أن يقلبها حتى يراها في البحر ، يضيف وأيضا : على الثوري أن يكون قادرا على الأسماع إلى نمو العشب بين ظفرين على قوسين . لا أحد يستطيع أن يثني شيئا عن التسرب و هو أخطر سلاح على الإطلاق .صحيح أنه "عفا الموت عنا " (نفسه) لكنني لم أفهم كيف أصبح الشيوعي العلماني يفكر داخل جلده [ الحدود الوطنية الداخل المحلي ] و سيادة الدولة الوطنية و كيف أصبح الإسلامي من ناحية و "المسلم الأخير" (عبارة المتفلسف التونسي فتحي المسكيني) من ناحية أخرى لا يهدد بالفتح و الغزو . لا أفهم كيف أصبحت المقاومة اللا حزبية و اللا نظامية مجرد ارتداد و رجع لإحداث توازن ما . لا طمأنينة فيها و لا رعب لأنها لا تخدم نفسها و لا أعرف متى تصفر قوات الفصل الدولية استئناف المباريات " الإمبريالية الجماعية " (سمير امين) لا أفهم كيف أصبحت المقاومة المفتوحة و الكاميكازية و الانتحارية و الإستشهادية و الطبقية و المدنية ... فواصل جنسية و فصلية ، لهثا مسموما نحو متعة ما ، راحة ما و سيادة ما تدخن سيجارة مضرة بالصحة الثورية ، في شارع ما لحشد ما ، لمصلحة ما ، لجهة ما . بحيث لم تعد تقوم على لا قاعدة السيادة الوطنية و لا على قاعدة شرف الأمة و لا على قاعدة التضامن و التعاضد الأممية فهي تكسر هذه و تلك و تخصي هذا وذاك و لا نملك إلا أن نقول المعركة فوق كل اعتبار . هذا ليس سوى مبدأ " أخلاق العبيد " (نيتشه) طبعا. بينما المقاومة مقاومة دائمة سواء أتى الفشل أو أتى الانتصار أو لم يأت أي شيء على الإطلاق .
فلنواصل السير’ أجل و نسأل . " إن لنا أطفالا نريد أن نلعب معهم في الحدائق و نريد أن ننسى الملوك و الأمراء و الرؤساء [ و الشيوخ ] فهم خلب و محض هواء " (عراقي بالمهجر)
فلنواصل ، بلى ولكن ،
لا للسياسة التجريبية / لا
لتدمير المقاومة لذاتها / لا
للتعامي عن البطولات الواهية / لا
لتحول الديمقراطية إلى غلام سياسي و إشهاري يضحك يوما و يبكي سنوات .
ما كل الطرق تؤدي إلى روما ، فلتسقط روما ...
لا " لمستنقع الشرق الجديد " .



#صلاح_الداودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينمائيو تونس، مزيدا من الجهد لو سمحتم
- كوريغرافيا المذبوحين 2
- كوريغرافيا المذبوحين
- نحو -جمهورية الجماهير- أو الجمهور كواقعة ما بعد ديموقراطية


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الداودي - هجرة الحواس