أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - سوق الزبون















المزيد.....

سوق الزبون


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1746 - 2006 / 11 / 26 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حمل إبن خلدون على (العرب) بشدة, فنعتهم بالوحشية وتخريب السقف وإنتهاب الأموال وعدم المعرفة بقيمة العمل. وخلص الى القول " إن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب". و(العرب) وفق المصطلح الخلدوني, لا علاقة له البتة بالشائع والمتداول في يومنا هذا. فهو(أي إبن خلدون) كان يشير فقط, الى القبائل العربية التي كانت تتميز بنمط خاص في المعاش. ومن أبرز سماته " شظف العيش ونكد الحياة والتنقل والترحال والإحتفاظ بالأنساب وكثرة العصبيات". وكان منطلق إبن خلدون في التحامل على (العرب), تذمره من قبائل بني هلال العربية " الذين كانوا يكسبون عيشهم من رماحهم, من نيران الفتنة التي كانوا يوقدونها بإستمرار.." تنفيقاً لسوق الزبون " يكسبون به أموالهم. وأياً كانت دوافع إبن خلدون, وبغض النظرعن صدقية الأحداث التأريخية التي ذكرها, أو عدم صدقيتها, فإنه قدم توصيفاً لسلوك أمراء الحرب (عرب بني هلال), وبيّن الكيفية التي بها يستخرجون الأموال. ولم يتردد إبن خلدون من تعميم حكمه الخاص بهؤلاء على (العرب ومن في معناهم من ظعون البربر وزناتة بالمغرب والأكراد والترك والتركمان في المشرق). وأهمية هذا التعميم, تتجلى في إنتقال إبن خلدون من الذاتي الخاص الى العام, إعتماداً على مجموعة من السمات الخاصة بنمط العيش. وما أن وجدها عند غير (العرب), حتى عدهم في (ومن في معناهم), أي ومن في معنى (العرب), تماماً بالطريقة ذاتها, التي عمم بها تجربته الشخصية مع عرب بني هلال, على (العرب) بالقصد الخلدوني الآنف الذكر. وسيراً على نهج إبن خلدون نحاول اليوم, التعرف على (عرب بني هلال), الذين يثيرون الفتنة ويديمون عدم الإستقرار في العراق ترويجاً لسوق الحرب, يستخرجون به أموالهم, ليكسبوا ويغتنوا على حساب العراق وشعبه. وحسبي القول بداية, أن (عرب بني هلال) في عراق اليوم, ليسوا من( بني هلال) . فهم من أقوام شتى, فمنهم من قدم عبر المحيطات, مرتدياً البزة العسكرية والقبعة الأمريكية, ومنهم من قدم من دول الجوار ومن غير دول الجوار, إما مع المحتل ليكون دليله في الحل والترحال, أو ضد المحتل ليخوض معركته المقدسة بإسم الله. ومنهم , غير هؤلاء وأولئك, مجموعات صغيرة وأخرى كبيرة, من العراقيين, بإختلاف أسمائهم وإنتمائاتهم وألسنتهم. فهم جميعاً, يكسبون عيشهم من البنادق (عوض الرماح في زمن إبن خلدون) التي تفرغ نيرانها في صدور العراقيين, لتجعل من أجسادهم وقود حرائق لا تنطفيء, يراد بها إخفاء جرائم النهب والسلب والتدمير لكنوز العراق المادية والبشرية والثقافية. إن الأطراف والمجموعات المذكورة آنفاً, تعمل جهدها لإدامة الفوضى إن وجدت, وإختلاقها إن عدمت,. وأهدافها واضحة وبينة حتى لأولئك الذين يفتقرون الى البصر والبصيرة معاً. فالقوات المحتلة, وبعد فشلها في إقامة سلطة إحتلال مباشرة ودائمة في العراق, تمكنها من التصرف بثرواته الظاهرة والباطنة من دون رقيب أو حسيب, لجأت إلى تمكين أقلية متواطئة معها, من أمر العراق, في محاولة مكشوفة لمصادرة إرادة شعبه في رفض الإحتلال وحقه في إقامة حكومة وطنية غير خاضعة لمشيئة المحتل, تكون مهمتها الإنتقال بالعراق من الإستبداد الى الديمقراطية, إنتقالاً حقيقياً وليس شكلياً. وقد عمل المحتل كل ما بوسعه لجعل المرجعية السياسية في البلاد محصورة في يد هذه الأقلية, لكي تتمكن من إضفاء الشرعية على إجراءات بيع العراق بالجملة والمفرق. ولكنه فشل في هذا الأمر فشلاً ذريعاً, فعمد تحت وطأة هذا الفشل, الى إختلاق أزمات متتالية, وفي مناطق مختلفة من العراق, الهدف منها, من جهة أولى , منع تبلور مرجعية سياسية واحدة, تنال دعم وتأييد معظم العراقيين. ومن جهة ثانية, إدامة حالة عدم الإستقرار وصولاً الى الفتنة الداخلية, لتؤول المرجعية السياسية في النهاية إلى المحتل الذي ما إنفك يمارس سياسة المواجهات العنيفة, بدل التوافقات السياسية. وهي سياسة, أثبتت فشلها في أكثر من مكان, وأضرت كثيراً بالمرجعية السياسية للحكومة لصالح مرجعيات أخرى, دينية وعشائرية. ولانعتقد بأن المحتل غافل عن النتائج المتوقعة لمثل هكذا سياسات, فهو يدفع اليها لإستحضار هذه النتائج حصراً. ففيها الفتنة والفوضى ومن نيرانهما يكسب المحتل ما عجز عنه بشكل مباشر عبر سلطة الإحتلال او بشكل غير مباشر عبر الحكومات المتعاقبة. وفي تكامل معلن مع الخطط الأمريكية في اشاعة عدم الإستقرار في العراق, تنشط المجموعات القادمة مع قوات الإحتلال, او بعيد دخولها العراق. وهي مجموعات متنوعة تشمل عناصر اجهزة المخابرات في دول الجوار وإسرائيل, فضلا عن المجموعات العراقية ( تنتحل اسم احزاب) التي ترتبط بشكل مباشر او غير مباشر بالأجهزة الأمنية في دول عديدة تبدأ بالولايات المتحدة الأمريكية ولا تنتهي بأيران. وشرط استمرار نشاط هذه المجموعات مع تباين اهدافها, هو شرط استمرار حالة اللاإستقرار وشيوع الفوضى وغياب سلطة الدولة. ففي ظل انشغال المجتمع العراقي بالصراعات العبثية, تتمكن هذه المجموعات من تنفيذ مآربها في منع انتقال العراق الى الديمقراطية بشكل حقيقي, الأمر الذي يعني إدامة الأوضاع الأستثنائية في العراق, وبالتالي إدامة قدرة هذه المجموعات على تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وامنية لدولها او لأفرادها او لكليهما معاً. وغالباً ما تلجأ هذه المجموعات الى تصفية الكوادر السياسية والعلمية والثقافية, وإلى ضرب المراكز الدينية ومقرات الأحزاب الوطنية, وغيرها من الأهداف التي من شأن استهدافها, استحداث صراعات طائفية او سياسية او أثنية, تمهيداً لبلوغ الحرب الأهلية وتحويل العراق الى كانتونات متصارعة. ومن ثم خلق شروط مؤاتية لإستمرار نهب ثرواته وتهريب ما يمكن تهريبه من كنوز خفت (اوثقلت) اوزانها وغلت قيمها, ناهيك عن تواصل الإستحواذ على الممتلكات العامة والخاصة بذريعة او بدونها. ان بعض هذه المجموعات, يمارس نشاطه بالتنسيق التام مع الإحتلال, بينما البعض الأخر, يعمل بالتضاد معه لتحقيق اهداف سياسية خاصة, مستفيداً من الإنفلات الأمني والفراغ السياسي في البلاد,
إن إختلاف الأهداف والمنطلقات لم تمنع هذه المجموعات (الموالية للإحتلال وتلك المتصارعة معه) من الإتفاق الضمني على جعل العراق في حالة من الفوضى الدائمة, استدراجاً للفتنة الداخلية وإمعاناً في تدمير مقومات تحرير العراق من الإحتلال وقيام تجربة ديمقراطية ناجحة تكون نموذجاً لدول المنطقة عموماً. ومن المؤسف بمكان, أن بعض القوى العراقية, شأنها شأن هذه المجموعات, وبدوافع قومية شوفينية او طائفية مقيتة, تندفع الى تأجيج نار الفتنة لتحقيق مكاسب آنية على حساب المشروع الوطني العراقي برمته. في حين تستدعي الحكمة العمل وبإخلاص من أجل بلورة إجماع وطني على برنامج الحد الأدنى, يلبي استحقاقات الصراع مع الإحتلال, مثلما يلبي استحقاقات بناء التجربة الديمقراطية.
وفي الختام أوجز القول بأن المحتل الأمريكي والمجموعات القادمة معه, وتلك القادمة بعيد قدومه, والمجموعات الطائفية المحلية, وبعض القوى القومية الشوفينية هم جميعا (عرب بني هلال) في عراق اليوم. فالذي يجمعهم وعرب بني هلال في زمن إبن خلدون, كسبهم لعيشهم من رماحهم (بنادقهم) وإن فرقتهم الأنساب. وهؤلاء إن تغلبوا على العراق اسرعت اليه مضاعفات الخراب الراهن.



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموقراطية و الإشكال القومي و الأقلياتي في العراق
- الوطنية العراقية .. العقل والعاطفة
- الحزب الشبوعي العراقي.... سياسات بحاجة إلى تدقيق
- ثالوث الأقانيم في عراق الأقاليم
- الحزب الشيوعي العراقي بين التجديد والتأبيد
- شياطين الله.......3
- شياطين الله .....2
- شياطين الله ......1
- وما الفائدة من وجوده إذاً ؟
- آليات إعادة إنتاج الأزمات
- مصادر الموارد السياسية في العراق...3
- مصادر الموارد السياسية في العراق...2
- مصادر الموارد السياسية في العراق ...1
- الإسلام السياسي في العراق – 4
- الإسلام السياسي في العراق – 3
- الإسلام السياسي في العراق - 2
- الإسلام السياسي في العراق
- التوافق الوطني والإقصاء الطائفي
- الفيدرالية والمسألة القومية في العراق
- حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسر المندلاوي - سوق الزبون