أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد بشارة - دين السياسة وسياسة الدين في العراق الحلقة الثالثة















المزيد.....

دين السياسة وسياسة الدين في العراق الحلقة الثالثة


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 - 10:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحلقة الثالثة
الدين والسياسة بين الغاية والوسيلة

عندما رسخت القناعة في نفوس البعض بضرورة الفصل بين السياسة والدين انهارت الكنيسة وتدعمت ركائز الدولة العلمانية الحديثة خاصة في الغرب، إلا أن الوضع يبدو أكثر تعقيداً وصعوبة عندما يتعلق الأمر بدين سماوي كالإسلام. فمنذ بداية الرسالة المحمدية وبحياة مؤسس الرسالة كان الدين هو الغاية القصوى والسياسة، أي إنشاء الدولة وآلياتها ومكوناتها وأسسها، كانت هي الوسيلة لتحقيق تلك الغاية السامية والعليا أي إعلاء شأن الدين ونشره. ولكن مع تطور الظروف المحيطة بنشوء الرسالة وما كان يحيط بها من مخاطر وتحديات، ومع اقتراب أجل القائد المؤسس والزعيم الديني والدنيوي للرسالة السماوية وشريعتها، تبدلت الأمور وتغيرت المعايير واحتلت الغاية مكان الوسيلة والعكس صحيح. فقبل ساعات من وفاة النبي محمد توترت الأوضاع ولأسباب سياسية بحتة تتعلق بوراثته أو بالأحرى خلافته وظهر على السطح التنافس المحموم بين رجاله المقربين على هذا المنصب وتم في الخفاء الإعداد لمرحلة ما بعد النبي حتى قبل وفاته . عندها انقلبت المعادلة وأصبحت السياسة والمنصب السياسي الحاكم هو الغاية وتحول الدين إلى مجرد وسيلة لتحقيق المآرب السياسية لهذا أو ذاك من زعامات الخط الأول ممن دعي في كتب التاريخ بالصحابة، ووقع أول انقلاب سياسي ـ عسكري بالمعنى الحديث للكلمة، في تاريخ الإسلام، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد ممكناً الفصل بين الدين والسياسة. فهناك على سبيل المثال لا الحصر تحالف عضوي ومصيري بين المؤسسة الدينية الوهابية والعائلة الحاكمة في العربية السعودية، وهناك برنامج سياسي واضح في فكر وعقيدة وخط حركة الأخوان المسلمين منذ تأسيسها وإلى يوم الناس هذا يسعى للوصول إلى السلطة بكل الطرق الممكنة. وتسعى جميع الحركات السلفية والأصولية الإسلاموية إلى أخذ الحكم بالقوة أو عن طريق الانتخابات، والأمثلة كثيرة على ذلك في أفغانستان والجزائر والسودان ومصر ونفس الشيء ينطبق على الحركات الدينية ـ السياسية الشيعية التي تؤمن بولاية الفقيه والتي سعت، وتسعى لإقامة الدولة الدينية على غرار ما حدث في إيران، حيث أن نشوء الجمهورية الإسلامية في إيران يعد بحد ذاته تطوراً مهماً وجوهرياً في الفكر السياسي الشيعي. بيد أن الظروف الدولية والتحولات الإستراتيجية في المجتمع الدولي بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 غيرت المعطيات ودفعت العديد من الناشطين في الوسط الشيعي ـ السياسي لتبني تكتيكات جديدة كما حدث في السعودية والكويت بعد انتهاء حرب تحرير الكويت من الغزو ألصدامي ، ونفس الشيء في البحرين منذ تتويج أمير البحرين ملكاً ، حيث تعمل جميع الحركات الشيعية ـ السياسية في الخليج على التفاهم مع السلطات القائمة بالطرق السلمية والحضارية والوسائل الديمقراطية عن طريق التفاوض والتعاون والتنسيق والتشاور .
وهكذا فالمرجعيات والعائلات الدينية على قسمين: الأول يهتم بالسياسة ويمارسها ولا يرى بأساً بخلط الشأن الديني بالشأن السياسي ، بينما يكرس الثاني نفسه للشأن الديني وللأمور العبا دية والعلوم الدينية فقط ولا يهتم بالنشاط السياسي إلا عندما يرغم على ذلك.
فعائلة الإمام ألخالصي في الكاظمية تمارس النشاط السياسي إلى جانب الموقع الديني . فمواقف المرجع الديني محمد مهدي ألخالصي "الجد الكبير " معروفة إبان ثورة العشرين في العراق ومقارعته للاستعمار والاحتلال البريطاني مما عرضه للنفي إلى إيران حيث توفي في منفاه ولم يتنازل عن مبادئه مقابل العفو عنه والسماح له بالعودة، وهاهم أحفاده يقتفون آثار جدهم ، أحدهم لاجئاً ومنفياً في لندن والآخر محاصراً ومهدداً في العراق في الكاظمية بسبب مواقفهما السياسية المناوئة للاحتلال الأمريكي. نفس الشيء ينطبق على عائلة الشيرازي التي استقرت في كربلاء في العراق في نهاية القرن التاسع عشر ولعبت دوراً سياسياً مهماً باستغلال الدين من خلال الفتوى الشهيرة التي أطلقها المرجع ميرزا حسن الشيرازي من العراق مقر إقامته سنة 1891 حرم فيها استهلاك التبغ من قبل المسلمين طالما بقيت هذه المادة احتكاراً بريطانياً صرفاً في إيران وكان لتلك الفتوى صدى كبير وتبعات مؤثرة وعميقة على الحياة السياسية الإيرانية آنذاك فيما عرف بأزمة التنباك. وفي مطلع القرن العشرين كان المرجع الديني محمد تقي الشيرازي أحد ابرز زعماء ثورة العشرين في العراق ضد البريطانيين وهي الثورة التي فجرها وقادها رجال الدين والمراجع الشيعة العظام ومعهم عدد من كبار رجال الدين السنة حيث تصدى رجال الدين من الطائفتين للاحتلال البريطاني . ثم سار على نفس الخط النضالي والحركي محمد الشيرازي المرشد الروحي لمنظمة العمل الإسلامي لمقارعة الديكتاتورية حيث انضم إلى تيار رجال الدين الحركيين المناضلين والممارسين للعمل السياسي. ومع استفحال خطر المعارضة الدينية لنظام البعث طارد صدام حسين آية الله محمد الشيرازي وأجبره على الهروب واللجوء إلى المنفى في الكويت سنة 1971. وكان محمد الشيرازي من المعجبين بالإمام الخميني ومن أنصار المتحمسين للثورة الإسلامية وكان من المستقبلين للخميني في النجف سنة 1965 ، ثم حاول دعوته إلى الكويت عندما طرده صدام حسين من العراق سنة 1978 . ثم التحق محمد الشيرازي بإيران سنة 1979 بعد انتصار الثورة الإسلامية . ولكن سرعان ما دبت خلافات لا يعرف أحد أسبابها الحقيقية ومضمونها بين الشيرازي والخميني حيث تحول الشيرازي إلى ابرز المنتقدين لتجاوزات وانحرافات الثورة الإيرانية حيث كان الشيرازي ينادي بالقيادة الدينية الجماعية وليس الفردية وقد حكم عليه بالإقامة الجبرية في بيته في قم حتى وفاته هناك وتسلم تلامذته المقربين وأبناء أخته محمد تقي المدرسي وهادي المدرسي القيادة التنفيذية لمنظمة العمل الإسلامي وقادا النشاطات السياسية للمنظمة في بعض دول الخليج من مقر إقامتهما في إيران إلى تاريخ عودتهما إلى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري سنة 2003 . وأصبحت المدرسة الشيرازية تمثل الاتجاه الفكري والعقائدي المناوئ والمعارض للاتجاه الفكري والسياسي الإيراني حيث أعلن أقطاب هذه المدرسة أنه ليس من حق إيران الإدعاء بقيادة العالم الشيعي واحتكار تلك القيادة لها وحدها وتنصيب الولي الفقيه على الأمة . وكان بعض أتباع التيار الشيرازي قد تركوا إيران مبكراً منذ بداية سنوات التسعينات واستقروا في السيدة زينب في سورية تحت قيادة حسن الشيرازي شقيق محمد الشيرازي وكان هذا الأخير قد أقام أولاً في لبنان ومن ثم في سورية منذ سنوات السبعينات وافتتح أول حوزة دينية في السيدة زينب إلا أن المخابرات العراقية نجحت في اغتياله في سورية سنة 1980. وهناك عائلة الصدر ولا ننسى مثال الشهيد السيد محمد باقر الصدر لما له من معان كبيرة ودلالات أكبر ، ، فالشهيد هو آية الله العظمى السيد محمد باقر بن السيد حيدر بن السيد اسماعيل الصدر الكاظمى الموسوى ، ولد فى مدينة الكاظمية فى بغداد سنة 1935 وينتمى الى عائلة الصدر المشهورة بالعلم والجهاد والتقوى ، وقد هاجرت أسرة آل الصدر العربية العريقة من لبنان الى العراق . فسلوكه الثورى ضد حزب البعث واستبداد صدام حسين يتكامل مع نظريته السياسية المعادية لأى خروج عن الاسلام والداعية للعدالة والحرية والثورة إذ ان فكر الشهيد الصدر السياسى كان من أهم أسباب إعدامه وذلك لتأثير هذا الفكر على مجمل الأمة الاسلامية في كل مكان وكل مجتمع لأنه مستمد من الاسلام الصالح لكل زمان ومكان حسب اعتقاد الشهيد الصدر الذي كان وراء صياغة أو دستور لدولة إسلامية هي الجمهورية الإيرانية. وقد برزت الممارسات الاسلامية الجماهيرية بشكل واضح ومنظم تحت قيادة الشهيد الصدر الذى كان منظراً وقائداً حركياً للجماهير أثناء فترة الحكم العارفى (عبد السلام وعبد الرحمن عارف) تحت قيادة الامام الحكيم (المرجع آنذاك) وعلى مستوى الأعمال والنشاطات السياسية ، يمكن ان نذكر منها إسهامه فى تأسيس " حزب الدعوة الاسلامية " فى أواخر صيف 1958 ثم خروجه من الحزب فى صيف عام 1960 واستمراره في رعايته ، وأيضاً اسهامه فى تأسيس " جماعة العلماء فى النجف الأشرف " وإسنادها ، وكذلك إسناده لمرجعية آية الله العظمى الامام السيد الحكيم ومشاركته فى مجمل الأعمال السياسية التى كانت تتصدى لها تلك المرجعية ، وكذلك رعايته للحركة الاسلامية فى العراق بشكل عام وكان يعتقد بضرورة إسقاط السلطة السياسية البعثية والسيطرة على الحكم. ويعتقد الباحث العراقي كاظم حبيب بأن التيار السياسي ـ الشيعي متلهف لممارسة الحكم والانخراط قلباً وقالباً بالعمل السياسي بعد إنهيار حكم البعث في 9 نيسان 2003 وقد شدد في مقال له عن ولاية الفقيه على :" إن حزب الدعوة ، وبكل تفرعاته ،( حزب الدعوة، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية والتيار الصدري) ، تأخذ كلها بقاعدة ولاية الفقيه رغم وجود اختلافات جزئية في الموقف من القضايا التي يعتمد فيها شرعاً على ولاية الفقيه وهذه القضية مرتبطة بقوى الإسلام السياسي الشيعية " ولا دخل لأهل السنة أو الأحزاب الإسلامية السنية فيها كما في حالة الأخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي أو في حالة أتباع المذهب الوهابي المعتدل إذ أن لها مرجعيتها التي تختلف في كيفية ممارسة الشريعة وتطبيقها. ولكني أعتقد أن جميع القوى السياسية ـ الدينية في العراق ترغب في تطبيق الشريعة واعتبارها المصدر الرئيسي والوحيد للتشريع ولا يختلف في ذلك السنة ولا الشيعة ويكفي الرجوع إلى محاضر المداولات والمفاوضات التي دارت في الكواليس لكتابة مشروع الدستور العراقي الدائم والاختلافات التي دامت زمناً طويلة حول هذه الفقرة في الدستور حيث تم التوصل إلى تسوية لغوية ترضي الجميع.
يتبع




#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الفراغ الأمريكية في القيادة والزعامة الزائفة
- الحلقة الثانية- دين السياسة وسياسة الدين في العراق
- دين السياسة وسياسة الدين في العراق
- العراق: تحديات المرحلة المقبلةتوافق وتسويات أم تدمير ذاتس؟
- إيران بين الحل الدبلوماسي واحتمالات المواجهة العسكرية
- قوة الردع الأمريكية بين الترهيب والاستهانة
- العراق بين نار الدكتاتورية وجحيم الفوضى
- الزعامة الأمريكية للعالم نعمة أم نقمة؟
- سيناريوهات الحروب القادمة على ضوء الحرب على لبنان.. الصراعات ...
- هل هي حقاً مبادرة الفرصة الأخيرة؟
- دردمات سعد سلمان تشريح لمأساة وطن إسمه العراق
- العراق: هل وصلنا نقطة اللاعودة؟
- أمريكا وإيران : الشرارة التي قد لاتنطفيء
- العراق: هل سيكون كعب آشيل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ...
- أمريكا والشرق الأوسط : نهب العراق وإيران والسعودية والخافي أ ...
- ما أشبه اليوم بالأمس هل دقت ساعة إيران بعد العراق؟
- العراق : بعد ثلاث سنوات من السقوط هل حان وقت تقديم الحسابات؟
- ماذا يخبيء لنا الغد في العراق؟
- العراق: تشاؤم أم تفاؤل؟
- العراق وأمريكا: إنعطافة تاريخية؟


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد بشارة - دين السياسة وسياسة الدين في العراق الحلقة الثالثة