أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - الموقف التحريفي ّ للستالينية واليسار القومي من السوريالية















المزيد.....

الموقف التحريفي ّ للستالينية واليسار القومي من السوريالية


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1741 - 2006 / 11 / 21 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


رغم أن السورياليين في مختلف أعمالهم الفنية سبروا غور الرأسمالية وكشفوا نقاق البرجوازية وأكاذيبها ، و بينوا للانسان المعاصر ما يعاني من الاستلاب والاغتراب في المجتمع البرجوازي ، ألا أن الستالينيين والتقليديين شنوا عليهم ولا يزالون حربا لا هوادة فيها ، واتهموهم بقتل الروح الثورية عند العمال ، ونشر الميوعة والفساد في المجتمع. هذا الفهم الخاطئ لا يزال يسري مفعوله عند كثير من الكتاب في العراق وما يسمى بالعالم الثالث، نتيجة الجهل بتاريخ تطور المجتمعات الغربية، والمدارس النظرية الأدبية التي برزت فيها.
فشخصيا لم أعرف حتى السنوات الأخيرة أن تروتسكي كان من رواد الحركة السوريالية ، و صديقا لمؤسسيها. هذا الإنسان الثوري الذي ضحى بحياته الغالية في سبيل استمرار الثورة الإشتراكية ، و تحقيق أهداف العمال والمحرومين في العالم ، كيف يمكن تصوره يتعاطى مع حركة فنية إن كانت معادية لأهاف البشرية في الإشتراكية والتقدم والحياة الكريمة؟؟
فهذا الموقف التحريفي للستالينية والتحريفيين واليسار القومي والتقليدي لا يسري على السوريالية فحسب ، بل كان ولا يزال يتم اتخاذه بالنسبة لمظاهر المجتمع المدني الأخرى أيضا والتي لا يسعني في هذه العجالة التصدي لها ، وبذلك تقاطع و يتقاطع هذا الموقف مع أفكار رجعية دينية وقومية انعزالية .
لقد عرّف النقاد الغربيون في القرن العشرين المدرسة السوريالية أو المذهب السوريالي بأنها حركة حداثة طليعية معادية للبرجوازية. لكن هذا التعريف لم يشفع لها من التعريف التصفوي لها من قبل الستالينيين السابقين. وقد اعتبروها تيارا مثاليا رجعيا برجوازيا ، مضادا لوعي الواقعية والمنطق والحركة الديالكتية، ورأوا فيها تحويرا للشكلانية التي هي فرع من فروع الفن الرجعي اللا واقعي للبرجوازية ، ورد فعل تشاؤمي ويائس على استلاب الإنسان في المجتمع الرأسمالي تحت شعار " الحرية للفن" ، واعتبروها الوسيلة الأيديولوجية للبرجوازية وآلتها الدعائية في غسل الأدمغة وتضليل الجماهير ، كما قالوا في أنها وسيلة لاستهاف القيم الخلقية والجمالية وقتل الروح الثورية والحقيقة الإنسانية.
وقد أرجع المثقفون الستالينيون جذور السوريالية إلى الفلسفة الذاتية لكانت، و عقلانية شوبنهاور، ومثالية ياسبرس ، ونفعية ويليم جيمز وبراغماتيكيته ، و الأخلاق العدمية لنيتشة والنظرية الشعورية الذاتية لفرويد التي تؤدي في النهاية إلى شكل غير جمالي بمساعدة وسائل الهروب من العقل والواقع . والسوريالية حسب الستالينية تساوي بين دوافع السلوك الإنساني و الغرائز الحيوانية البدائية بتفسيرها الخاطئ لنظريات فرويد، وتنفي كل شكل من أشكال العناصر الخلقية والجمالية وقيم العدالة في علاقات الأفراد، وبالتالي توجب زوال مقولتي الإنسان و الإنسانية.
فالسوريالية في اللغة اللاتينية والفرنسية تعني " ما وراء الواقعية" ،و نشأت وازدهرت في فترة ما بين الحربين العالميتين وخصوصا في فرنسا. وقد كان الكاتب ج. آبولينير أول من استخدم هذه المفردة حين أطلق على أحد مؤلفاته من عام 1917 " دراما سوريالية". لكن السورياليين في تلك الفترة أُعتبروا في بدايات الفضاء السوريالي جماعة من الشبان " غريبي الأطوار". ووفق علماء الإجتماع أن السوريالية تغذت من أدب العهود الماضية وخاصة من تصوف فترة الباروك، والرومانسية الألمانية ، و جذل و خمريات الآداب الشرقي والعشق الالهي. و كان بريتون وآراغون وباول ايلوار من اهم ممثلي السوريالية ومنظريها فيما بعد. وقد تركت الإنطباعية والمستقبلية والدادائية آثارها على السوريالية. سعى بريتون إلى خلق أرضية نظرية للسوريالية في " البيان السوريالي" .و أصبح هناك فيما بعد أنصار للسوريالية في بلدان بلجيكا واسبانيا والبرتقال ورومانيا وجيكوسلوفاكيا وأمريكا ، ويمكن للقارئ اكتشاف عناصر سوريالية في كتابات برشت ، و دبلن وكافكا وهيرمان هسة وتسيلان . تركت السوريالية بصماتها على الرواية الحديثة، ومسرح العبث، وأدب ما بعد الحداثة المونتاج السينمائي.
وقد ألف برتون كتابه الوسوم " نادجا" عام 1928 وفق هذا التيار. وقد لقي التيار السوريالي خارج أوروبا قبولا كبيرا ، وانضم إليه كتّاب في بيرو زاليابان وكندا . وصلت السوريالية عام 1925 أوجها، لكن وقعت خلافات بين مؤسسي السوريالية بسسب تباين مواقفهم من الجحزب الشيوعي الفرنسي ، واتحدوا عام 1940 ثانية لمقاومة الفاشية، انتشرت عام 1985 انتشرت مجاميع شعرية سوريالية ل166 شاعرا في 35 بلدا من بلدان العالم.
ثمة مؤرخون للأدب يرون أن القلق السائد في المجتمع البورجوازي ، والفساد المستشري في المؤسسات الثقافية والإجتماعية الرأسمالية وحالات الاستلاب القاتلة في المدنية الحديثة و تشيؤ عقلية الإنسان من ضرورات تاريخية لقيام السوريالية.
الجمالية السوريالية ترى من واجبها العودة من الجمالية التقليدية البرجوازية ، وتعارض أي شكل أي وصف أو عرض واقعي حتى في الرواية، لكن بدات تبرز علامات انحسار السوريالية بالتقرب من الحزب الشيوغي عام 1928، لكن الموقف من الماركسية و الاجابة على تساؤل" إلى أي حد ينبغي على الثورة السياسية دعم الحقوق الجمالية " دعا اراغون وايلوار أن يتخذوا مواقف لصالح الحزب الشيوعي ، واتخذ برتون موضعا وسطا وحياديا لكي يحول دون انحلال التنظيم السوؤيالي. خلق شعار الثورة الجمالية ، أو الدخول في النشاطات السياسية ، خلق أزمة جديدة بين ممثلي السوريالية في الغرب. واليوم تفتصر أهمية السوريالية على الفن الطليعي و القضية الجمالية.
بعد وفاة برتون عام 1966 أعلن شخص باسم شوستر عام 1969 حل التنظيم السوريالي، فلم يعد اليوم وجود تنظيمي للسوريالية، لكن آثارها شاخصة على الفن الطليعي " الآوانغارد" . استمر هذا التيار الفني في الوجود الحي بعد الحرب العالمية الثانية في بلدان ألمانيا الغربية وفرنسا وأمريكا ، ومدرسة فيينا ، والواقعية الخيالية، ويشكل إحدى أرضيات الفن الطليعي. كانت باريس أواسط القرن الماضي مسقط رأس كل التيارات السوريالية ،حيص كانت مركز الحداثة و التجارب الأدبية والقيمية في أوروبا تلك الفترة.
ينفي السورياليون كل أشكال الحدود البارزة بين الخيال والواقع. إنهم يُقدمون على الخلق والإبداع بمساعدة الشعور النفسي ، والضمير اللاواعي ، والخيال والرؤيا والتداعيات و الجذل وبدون أي تدخل مباشر من العقل والتجريب والنطق و الديالكتيك. العناصر الأساية للتعامل الإبداعي مع الواقع في نظر السورياليين هي الخيال والحلم والتداعيات والتصوير ، و يقولون إن عملية الكتابة يجب أن تجري عفوا لا اراديا و لا واعيا. الصور البديعة في قصائد باول ايلوار تعتبر مثالا للكتابة السوريالية حسب أغلب النقاد الأدبيين.
وقد تصدى السورياليون لمنطق الروتين و قواعد اللغة والعقلانية البرجوازية في الفن، لأن أساس الإبداع يكمن في القوى الشعورية والخيالية. وقد لعب عالم الخيال والضمير اللاواعي ، النوم والحلم في الفن والأدب السورياليين الدور الأساس. التنوع و تعدد الأبعاد في الفن الحديث ، ماوراء الجبرية الاجتماعية ، يستلزم الإقتباس والمونتاج والصدمة وردود الفعل والمفاجأة للخلق الجمالي السوريالي.
11/20/2006



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدالة الجبابرة الفاتحين
- في ساقية الجنيّات
- أورتيغا من ثوري ّ إشتراكي إلى اصلاحي برجوازي
- فيتنام والعراق - جرائم الطرف الواحد و جرائم الطرفين
- بريشت والحرب الإمبريالية
- الإنسان في النظرة البرجوازية الغربية
- شاعر المقاومة بول ايلوار
- وضوح الرؤية بعد وصول اليمين الوسط إلى الحكم في السويد
- فدرالية أم مركزية؟ فتلك ليست المسألة
- الأرمن ضحايا الصراع الإمبريالي والإستبداد الشرقي
- الأفق الساطع
- كابوس القانون... شبح الإرهاب
- شافيز واليسار القومي والأنظمة والقوى الرجعية الفاشستية
- لا حياد للميديا
- قصيدة - الموت وحده- لبابلو نيرودا
- ما وراء حوار الأديان والحضارات
- Look who is talking عن تصريحات بينيديكت السادس عشر :
- بروق في خطوات الرمّان
- معاداة الإمبريالية في عصر العولمة
- ثلاث قصائد للشاعرة التحررية فروغ فرّخزاد - 1935_ 1967


المزيد.....




- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - الموقف التحريفي ّ للستالينية واليسار القومي من السوريالية