أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمرو البقلي - بين الحجاب و التحرش الجنسي و فريضة الوصاية















المزيد.....

بين الحجاب و التحرش الجنسي و فريضة الوصاية


عمرو البقلي

الحوار المتمدن-العدد: 1741 - 2006 / 11 / 21 - 11:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثارت تصريحات وزير الثقافة المصري فاروق حسني كثيرا من التحفظ لدي التيار الديني المتشدد الذي أصبح اليوم متغلغلا في العقلية المصرية، و إعتبر عددا من قادتة و ابرزهم السيد جمال حشمت عضو البرلمان السابق عن جماعة الإخوان المسلمين في حوار مع موقع العربية، أن تصريحات السيد الوزير تنم عن مخطط صهيوني أمريكي هدفة التوريث عن طريق القضاء علي التيار الأسلامي و مظاهرة التي تتمثل ظاهريا في الحجاب .

لم ينكر السيد جمال حشمت و من سبقة من قادة ينتمون إلي نفس المدرسة أو إلي مدارس أشد تطرفا من مدرستة أن ظاهرة الحجاب و النقاب في مصر لم تعدو أن تكون أكثر من مشروع سياسي سعي إلي تحقيقة التيار الإسلامي من أجل إضفاء نوعا من الشرعية الشعبوية علي مشروعهم السياسي الديني و إكسابة حالة من الوهم الإعلامي أمام الجميع تضغط علي العقلية الباطنة لغيرالمؤيدين لهذا المشروع الماضوي الذي يعود أحيانا إلي ما قبل 15 قرنا بكل ما تحمل تلك الفترة التاريخية البعيدة من قيم خرجت عن محيط التاريخ الإجتماعي للأمم و ترتبط إرتباطا وثيقا بقيم بدوية رعوية محافظة لم تقم يوما قيمة لإقتصاديات الإنتاج و التمركز، و إنما إرتبطت في المقام الأول بفكرة السمعة الحسنة و السير الشخصية و الحكايا و الروايات التي لم تشكل يوما عاملا إقتصاديا حاسما في تطوير المجتمعات .

عندما ننظر إلي منطق الحجاب أو النقاب من ناحية التحليل الإجتماعي لهذة الظاهرة، نجد أن فلفسة الحجاب تخرج من منطق الحجب أو العزل الذي يطالب بممارستة علي مستوي بعض الفئات التي قد تؤدي إلي إصابة المجتمع بمشكلات أمنية أو صحية أو نفسية قد تؤثر علي مسيرتة، ففكرة العزل الأمني أوالطبي لا تختلف عن منطق الحجاب حيث تبيح قوانين المجتمعات أن تعزل شخصا يمثل خطرا علي امن المجتمع مثل المعتقلين بتهم التحريض علي الكراهية أو العنف، أو المعتقلين لدواعي صحية كأمراض الجزام، أو معتقلين علي أساس عقدي أو إيماني مثل معسكرات النازية التي إعتقل فيها اليهود و تم الخلاص منهم بالحرق أو بالتجويع في معركة الهلوكوست الشهيرة التي تمثل أفظع مظاهر الحجب الفئوي لجماعة من الناس .

في الشرق لم نكتفي بعمليات العزل الأمني المعروفة التي صنعتها الدولة القمعية المصرية علي مدي نصف قرن، ولا بعمليات العزل الطبي المهينة التي تمارس مع مرضي الجزام و الإيدز و المصابيين بإضطرابات نفسية، و إنما أضفنا إلي ذلك عملية عزل من نوع جديد بالإمكان أن نسمية "العزل الجنسي" و بكامل شقي المعني، فالمرأة مخلوق جنسي لابد من حجبة عن المجمع خوفا من الفتنة، و في الوقت ذاتة حتي لا تمارس المرأة عملية جنسية خارج مؤسسة الحجب الجديدة التي صنعها الماضويون و التي تنطلق من بؤرة التسلط و الوصاية الذكورية علي المرأة التي ما تلبث أن تتوسع حتي تصل إلي الفن و الأدب و الإعلام و التشريع و السياسة فتتحول الدولة إلي دولة وصاية إستبدادية تمارس جبروتها علي كل مواطن و معارض .

و علي سبيل المثال لا الحصر نجد السيد جمال حشمت في سياق حوارة لموقع العربية يؤكد علي أن القيم والأخلاق في أي مجتمع هي مسؤولية الحاكم والدولة في وجه من يعتدى عليها، مؤكدا علي منطق الوصاية الذي تعبر عنة هذة المدرسة بإقتدار ووضوح، و من هنا يمكن تصور شكل الدولة التي تريدها هذة المدرسة، فهناك شرطة أخلاقية و هناك محاكم للقيم و إعلام موجهه كل ما يعنية هو تأديب و تهذيب هذا الشعب الضال منعدم الأخلاق، ثم القضاء علي بعض الأعمال الفنية المثيرة للغرائز و المدمرة للأخلاق يتبعها تنقية للقوانين المنفتحة نحو الحريات الفردية، يليها إغلاق المراكز و الجمعيات الحقوقية التي تنادي بتحرر المرأة و بحرية الإبداع بدعوي أنها تنشر الفسق و الفجور، و يختمها بإعدام كل التيارات الفكرية و السياسية "اللا إسلامية" بدعوي أنها لا تدعو إلي تطبيق الشريعة الغراء و أنها أعضاؤها ليسوا من أعضاء حزب الله الغالب .

هنا فقط يمكن إيجاد التفسيرات لتلك الصراعات التي يقودها سدنة التيار الديني ضد كتاب و رواية و فيلم و فستان ممثلة و تصريح لأحد المسؤلين أو غير المسؤلين أو حتي أغنية خرجت إحدي كلماتها عن قاموسهم المطهر، فهم يريدون دولة الوصاية التي ستهذب أخلاقنا جميعا لأننا سلة من الفسقة و الماجنين .

هناك ثمة علاقة بين ظاهرة الحجاب و أحداث التحرش الجنسي في وسط القاهرة التي شاعت الأقاويل عنها في الفترة الأخيرة، فأحزمة الفقر و البؤس التي تحيط بالقاهرة أفرزت طبقة جديدة يمارس في حقها كل أشكال التنكيل و من ضمنها عملية العزل الجنسي لأسباب ثقافية و إجتماعية و إقتصادية ، أدت إلي إنطلاق تلك الثورة الجائعة في وسط القاهرة مستهدفة كل ما يمكن تصنيفة تحت باب الأنثي، فشهود العيان جميعا أقروا بأن المتحرشين كانوا من فئات عمرية شابة لم تتجاوز الثلاثين عاما و كانت الضحايا من مختلف الأعمار بدءا من الفتيات و حتي النساء و الأمهات، فثقافة الحجب حولت المرأة إلي كائن أسطوري لا يعلم عنة الرجل شيئا و ليس بإمكانة أن يعلم شيئا عنة إلا بإستخدام القوة لمحاولة خرق ذلك السور العالي المصطنع بين عالم الرجال و عالم النساء في مجتماعتنا الشرقية .

من يلاحظ تاريخ عمليات الإغتصاب الجنسي في مصر يجد أنها ظاهرة حديثة علي المجتمع المصري، لم يعرفها المصريون إلا في سبعينيات القرن الماضي و أثارت وقتها صدمة مجتمعية جعلت رئيس الجمهورية وقتها يشكل لجنة للبحث في الظاهرة ترأس إجتماعتها بنفسة، علي الرغم من تحرر الأزياء النسائية في ذلك الوقت مقارنة بوقتنا الحالي، و كانت حوادث التحرش و الإغتصاب من أندر الجرائم الفردية، و كانت بإمكان المرأة المصرية علي سبيل المثال أن تتعامل مع المواصلات العامة المزدحمة بكل سهولة دون أي مشكلات رغم ملابسها المتحررة، أما الأن فاصبحت نسب التحرش في المواصلات العامة تغني أي إمرأة عن الخروج من البيت أصلا نتيجة لتفشي ثقافة التحرش الجنسي بين فئات عمرية كثيرة في المجتمع المصري .

لم ترتفع نسب تلك الجرائم إلا في أواخر السبعينات مع بدأ إنتشار ظواهر الحجاب و النقاب في المجتمع المصري و بدأ التيارات الدينية المتشددة في الظهور علي الساحة السياسية و المجتمعية، و كانت النتيجة التي خرجت بها دراسة حديثة لإحدي المنظمات الحقوقية المختصة بشؤون المرأة نشر عنها بجريدة "نهضة مصر" ثم أعادت جريدة "المصري اليوم" أن 30% من المصريات يتعرضن للتحرش الجنسي بشكل يومي، و بين ثنايا التقرير نجد أن تلك التحرشات لم ترحم المحجبات و لا الكبيرات في السن حيث وصل معدل التحرش بالسيدات العاملات إلي 20% و بالطالبات إلي 30% ، و تصل نسبة التحرشات في الشارع إلي 43% و في المواصلات العامة إلي 27% ، كما أوضح التقرير أن 40% من حالات التحرش تتم باللمس و 38% عن طريق ملاحقة المرأة، و 28% عن طريق الألفاظ الإباحية و الإشارات .

لم أسوق هذة النسب التي خرج بها التقرير الحقوقي لكي أبرر تلك النظريات التي تقضي بعزل المرأة في المنزل كما يطالب البعض فكثير من المجتمعات العربية المحافظة أدت ثقافة العزل فيها إلي أمراض مجتمعية أشد خطرا من أمراض التحرش لدرجة أن بعض دول الخليج الكبري وصلت بها نسبة السلوك المثلي في مدارس البنات إلي 72%، و كانت تفاصيل الخبر المنشور علي صفحات جريدة "الرياض" منذ ما يقرب من خمسة أعوام، تؤكد أنة تلك الأفعال تحدث بين الطالبات و المعلمات أيضا مما يظهر حالة مرضية مرعبة كنتيجة لثقافة العزل و لا داعي للحديث عن إنتشار المثلية بين الذكور في تلك المجتمعات بنسب تفوق النسب الطبيعية في المجتمعات، و إنما الغرض من ذكر تلك النسب إيضاح الواقع الذي أصبح يمثل كارثة مجتمعية تشكل خطرا علي امن المجتمع بإمكانة ألا يقف عند المرأة فقط و إنما بإمكانة النمو ليصل إلي إنتفاضات جياع تدمر و تنهب كل ما تصل إلية يدها كنتيجة لحالة الفقر و الحرمان التي اصابت قطاعا واسعا من المجتمع المصري رغم ما يرددة البعض من الطبيعة المتدينة للشعب المصري التي لم ترحمنا من الجرائم الأخلاقية التي تزيد بإستمرار ووصلت في بعض الحالات إلي جرائم جماعية كما حدث في وسط القاهرة منذ أسابيع .

ثقافة الحجب و التحرش و الوصاية التي أنتجها العالم العربي الإسلامي المستبد ليست إلا تجسيد لأنبوب التفاعل الكيميائي الذي وصلت مرحلة الضغط داخلة إلي حد الأنفجار و لم يعد يصدر إلا صداعا و إرهابا يهدد أمن العالم، فثقافة حجب المرأة ليست إلا تجسيدا للواقع العربي الإسلامي المريض المعزول عن باقي العالم حضاريا و معرفيا، و أحداث التحرش الجنسي في وسط القاهرة لم تختلف كثيرا عن الحروب العربية العربية، و ثقافة الوصاية الدينية علي الشعوب لم تختلف كثيرا عن منطق الوصاية العروبية علي مقدرات الأمة فالحرية للشعب و لا حرية لأعداء الشعب .

لكن من هو الشعب و من هم أعداؤة ؟؟؟

سيدي الزعيم القومي العربي الإسلامي الوطني : أنت الشعب و الشعب أنت !!!!



#عمرو_البقلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع بيروت أم خريف دمشق
- حول التوريث و صراعات الشرق الأوسط
- بعد الحرب علي العراق: هل حقا كانت قطع دومينو ؟
- خمس سنوات علي أحداث سبتمبر: بين الحرب علي الأرهاب و الحرب عل ...
- حرب لبنان بين الجرائم البعثية و جرائم النخب المصرية
- الليبرالية المصرية ....غوغائيات
- هل نستحق إحترام العالم ؟
- حكومة حماس:عندما تتجسد الوقاحة في أجساد حكومات
- مسلمون .. مسيحيون ... عن أي إزدواجية تتحدثون ؟
- العلمانية بين الدفاع و الهجوم
- الدنمارك و المقاطعة و ثقافة القبيلة
- الأنهيار الوفدي الكبير
- أبو إسلام أحمد عبد اللة و بول البعير
- ماذا يريد الأخوان المسلمون؟
- سلفني ثلاثة مليار


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمرو البقلي - بين الحجاب و التحرش الجنسي و فريضة الوصاية