أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - هذا -التسييس- ل -الحجاب-!














المزيد.....

هذا -التسييس- ل -الحجاب-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:32
المحور: المجتمع المدني
    


هذا "التسييس" لـ "الحجاب"!

قضية الحجاب (أو النقاب، أو الخمار) شُحِنَت،وتُشْحَن، بمزيد من العوامل السياسية والأمنية، التي لا يمكننا فهمها وتفسيرها إذا ما ضربنا صفحا عن المصالح والأهداف الكامنة في "الحرب على الإرهاب"، أو عما يُسْتَنبت في مناخ تلك الحرب من قيم فكرية وثقافية واجتماعية، تحتاج تلك المصالح والأهداف إلى اتِّخاذها حجابا تستتر به؛ لإدراك ذويها أنها مليئة بالعورات والعيوب.

الحكومة الهولندية، مثلا، والتي تعتزم إقرار مشروع قانون يُحظر بموجبه "ارتداء المرأة (المسلمة) للثوب الذي تغطي به رأسها ووجهها"، أي الحجاب، في الأماكن العامة وشبه العامة، أدرجت الحجاب لجهة منعه وحظره في الإجراءات والتدابير التي ينبغي لها اتخاذها من أجل مزيد من الأمن الداخلي، فتجربتها في "الحرب على الإرهاب" علَّمتها أنَّ بقاء المرأة المسلمة في هولندا محتفظة بحقها في ارتداء الحجاب تسبب في إضعاف قدراتها الأمنية في سياق "الحرب على الإرهاب". وأضافت إلى مبرِّرها الأمني هذا مبرِّرا ثقافيا ـ ديمقراطيا قوامه أنَّ القيم والمبادئ العلمانية تتنافى، أيضا، مع المغالاة في إظهار وإبراز الإنسان لهويته الدينية، وعبر الثياب التي يرتديها على وجه الخصوص، وكأنَّ نبذ "تديين" الثياب يمكن ويجب أن يُضاف إلى نبذ "تديين" الدولة والمدرسة.

و"الإصلاحيون العرب"، الذين أنجزوا كل إصلاح تحتاج إليه مجتمعاتهم وشعوبهم ولم يبقَ لديهم من قضية تستبد بتفكيرهم الإصلاحي غير الحجاب لجهة ضرورة وأهمية منعه، انضموا إلى تلك الحرب الدولية على الحجاب، وكانت آخر مساهمة لهم فيها مساهمة وزير الثقافة المصري فاروق حسني، الذي لم يرَ "سيرا إلى الوراء"، في مصر، إلا الانتشار المتزايد للحجاب، وإنْ نطق ببعض من الحقيقة إذ قال إنَّ الحجاب ليس دائما بدليل على التقوى.

إنني شخصيا لست مع الحجاب، وإنْ كنتُ مؤيِّدا للاحتشام.. لاحتشام الرجل والمرأة في ارتدائهما الثياب، وفي غير ذلك من الأشياء التي من خلالها يُظْهِر المرء ويؤكِّد هويته الاجتماعية والثقافية.

ما يجب أن يُمنع ويُحظر ليس الحجاب، أكان حجابا معتدلا أم متطرفا لجهة ستره "العورات" في جسد المرأة والتي كثير منها ليس بالعورات التي يجب سترها، وإنما "المنع"، أو "الحظر"، فكل حرية شخصية ليس فيها تطاولا على الحرية الشخصية لـ "الآخر" يجب أن تبقى في الحفظ والصون، فالمرأة من حقها أن تلبس، أو لا تلبس، الحجاب، والحجاب الذي تريد. ما يجب أن يُمنع، أو يُحظر، إنما هو "الإكراه".. إكراهها على لبس الحجاب أو خلعه.

إنَّ مجتمعا يركِّز جهده الثقافي والتربوي والإعلامي في نشر مزيد من أنماط الشخصية، وأنماط السلوك، التي قوامها "التفريط في الاحتشام" لا يحق له أبدا أن يدعو إلى مكافحة "الإفراط في الاحتشام"، أي الحجاب، فالمجتمع الحر والديمقراطي إنما هو المجتمع الذي يتوفَّر، بما يملك من قوى ثقافية وتربوية وإعلامية، على نشر "ثقافة الاحتشام"، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.

وفي بعض من تجربة الحجاب في مجتمعنا، نرى أن حضور الحجاب لا يمنع غياب الاحتشام، فـ "العورات" لا تُسْتَر في الوجه والرأس إلا لتُكْشَف وتُظْهَر وتُبرَز في سائر جسد المرأة. وفي بعض من تجربة "سفور المرأة" في مجتمعنا، نرى أنَّ غياب الحجاب لا يمنع حضور الاحتشام، وحضور الأخلاق، والأخلاق الدينية، في سلوك المرأة السافر.

إنَّ مجتمعنا في أمسِّ الحاجة إلى أن يجعل لنسائه مثلا أعلى يُنْبَذ فيه نبذا تاما مَثَلُ هيفاء وهبي ومَثَلُ تلك المرأة التي من فرط تحجُّبها لا شيء من وجهها أو يديها تراه، ولا صوت لها تسمعه. وأحسب أنَّ توفُّر المجتمع على تهذيب رجاله، و"أنسنة" موقفهم من المرأة، يُشدِّد الميل لدى المرأة إلى الاعتدال في احتشامها، وفي ارتدائها الحجاب، فالمجتمع الذي يتوحَّش رجاله في موقفهم من المرأة هو ذاته المجتمع الذي تجنح نساؤه إلى التطرف في ارتدائهن الحجاب، فهذه المرأة من ذاك الرجل، وهذا الرجل من تلك المرأة، فهما يحضران معا، ويغيبان معا.

أما "الإصلاحيون العرب"، الذين يفهمون الإصلاح على أنه إصلاح لأحوالنا يعود بالضرر علينا وبالنفع والفائدة على الولايات المتحدة بمصالحها وأهدافها الإمبريالية في عالمنا العربي، فعوراتهم وعيوبهم أكثر وأكبر من أن ينجحوا في اتخاذ قضية الحجاب حجابا يسترونها به.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحافة جيفرسون أم صحافة همبولت؟!
- حق المرأة في قيادة السيارة!
- -النسبية-.. آراء وأمثلة
- أهي -بطولة- أم تمثيل لدور البطولة؟!
- حتى لا يحترق المسرح ويبقى الممثِّلون!
- عرب وغرب!
- حقيقة ما قاله بوش!
- لمواجهة الانقضاض العسكري الإسرائيلي الوشيك!
- دوحة الديمقراطية والسلام في الدوحة!
- التداول السلمي للسلطة!
- انفراج فلسطيني وشيك!
- فشل إدارة بوش إذ اكتمل وتأكد!
- المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟
- هذا الفساد الذي لم ينجُ منه حتى الأطباء!
- الفقر
- الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
- عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!
- -ديمقراطية- الطبيعة و-ديكتاتورية- التاريخ!
- -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!
- آخر خيارات عباس


المزيد.....




- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...
- بيان للولايات المتحدة و17 دولة يطالب حماس بالإفراج عن الأسرى ...
- طرحتها حماس.. مسئول بالإدارة الأمريكية: مبادرة إطلاق الأسرى ...
- نقاش سري في إسرائيل.. مخاوف من اعتقال نتنياهو وغالانت وهاليف ...
- اعتقال رجل ثالث في قضية رشوة كبرى تتعلق بنائب وزير الدفاع ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - هذا -التسييس- ل -الحجاب-!