أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - مصطفى محمد غريب - الديمقراطية في البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي















المزيد.....


الديمقراطية في البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:34
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


1 ـ الطبقات الاجتماعية والديمقراطية
تعتبر الديمقراطية بمفهومها العام شكلاً من أشكال الحكم السياسي للسلطة الحكومية ولهذا تُطرح مبادئها المعروفة بمشاركة الناس في قضايا، الإدارة ثم توفير القدر النسبي من الحقوق والحريات الشخصية على أساس تساوى الجميع أمام القانون.. إلا أن الفهم الحقيقي لجوهر الديمقراطية يختلف من مفهوم طبقي إلى مفهوم طبقي آخر ولهذا تعتبر الديمقراطية بأنها ذات أشكالٍ ملموسة يتوقف طابعها وجوهرها على نوعية الأنظمة السياسية الاجتماعية.. ففي المجتمعات الطبقية ( التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية ) التي مرت على البشرية تكاد أن تكون ذات " صيغ جلية أو مستترة " لسلطة الطبقة السائدة حيث يجري استخدامها حسب المصالح والأغراض الطبقية ونوع السلطة السياسية أي بالمعنى الواضح أنها تخضع لسيطرة الطبقة السائدة في المجتمع الطبقي .
ـــ منذ البدايات الأولى للرأسمالية التي كانت تناضل من اجل السلطة السياسية وإزاحة الإقطاعية طرحت شعارات ( الحرية والإخاء والمساواة ) كشعارات لديمقراطيتها ليس على أساس شامل ولكن لأهداف طبقية خاصة بها ومن بينها إنهاء الإقطاعية وبقايا العبودية في الريف، ولهذا تبقى الديمقراطية في الرأسمالية غير شاملة بالرغم من التطورات والتغيرات المتلاحقة التي حدثت في العالم ووجود البرلمانات والجمعيات الوطنية وصياغة الدساتير ووجود الحريات السياسية النسبية والانتخابات التي لم تكن كشعارات وأهداف بعيدة عن نضال الجماهير وتحقيق القسم منها بضغوطها النضالية إلا أنها بقيت محدودة وقد يتجلى هذا المفهوم لنا في قضايا الإعلام الآن الذي نجد الأكثرية منه في يد الطبقة الرأسمالية وشركاتها المتعددة الجنسية، بينما نجد أن السلطة التنفيذية تتركز في أجهزة الدولة التي لها علاقات وثيقة بالاحتكارات ومن هنا يجري باستمرار الضغط باتجاه تقليص الديمقراطية والحريات أو الحد منها بطرق عديدة.
ـــ وقد اختلف الأمر عندما انتصرت ثورة أكتوبر عام 1917 وظهر للوجود الاتحاد السوفيتي وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت الأنظمة الاشتراكية في أوربا واسيا وأمريكا اللاتينية وانتصارات حركة التحرر الوطني وتحرير الكثير من البلدان النامية من ربقة الاستعمار القديم والاستعمار الجديد حيث بدأت الرأسمالية بضخ الكثير من التشويهات من خلال الإخطبوط الإعلامي المتنوع وراحت تطرح مفهوم الديمقراطية والحريات الشخصية وحقوق الإنسان بشكلها الشامل لتشوية الوعي عند المتلقين بهدف تمرير سياستها المعادية للجماهير الواسعة ومن اجل عملية الضغط على الاتحاد السوفيتي ومحاصرته للوصول إلى الهدف النهائي في التخلص من المنظومة الاشتراكية ، وبعد انهيار هذه المنظومة لأسباب ذاتية وموضوعية وظهور القطب الواحد في السياسة الدولية بدأت الرأسمالية بتقليص الديمقراطية والعودة لمفهوم التدخل العسكري المباشر بحجج جديدة لكن جوهرها واحد وهو الهيمنة والاستئثار ولكن على أساس الدفاع عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان وقضايا أخرى .
ــ الطبقة العاملة ( شغيلة اليد والفكر ) وسائر فئات الجماهير الكادحة تناضل من اجل تحقيق الديمقراطية بمفهومها الجذري العام والخاص الشاملين باعتبارها أوسع الطبقات والفئات الاجتماعية في المجتمع، وفي النهاية نرى في الديمقراطية الاشتراكية كونها أرقى أشكال الديمقراطية حيث تُعبِر عن مصالح الجماهير الواسعة ويتساوى المواطنين بغض النظر عن القومية والعرق والجنس في جميع القضايا المشتركة المادية والروحية والثقافية وفي مقدمتها حق العمل وحرية التعبير والنشر وحرية الانتماء والاجتماعات والمسيرات والمظاهرات والاقتراع العام ومساواة المرأة بالرجل والقضاء على الاستغلال والفقر والبطالة والأزمات المتلاحقة في الإنتاج ولهذه تجري المشاركة الواسعة والنشيطة في إدارة شؤون الدولة ليس في مجال السياسة فحسب بل أيضا في المجالات الاقتصادية والثقافية.. الخ.
ومن هنا يظهر البون الشاسع بين المفهوم البرجوازي للديمقراطية ومفهوم الطبقة العاملة وأحزابها السياسية كون الأولى على الرغم من الإصلاحات التي رافقت تطبيقاتها تبقى محددة بالخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه وهو الحفاظ على سلطة رأس المال وعدم إلغاء الاستغلال، بينما في الثانية فالديمقراطية هي لأوسع الطبقات والفئات وفي مقدمتها شغيلة اليد والفكر وسائر فئات الكادحين التي تناضل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية، وتكون شاملة في المجتمع الخالي من القمع والإرهاب والظلم والقهر الاجتماعي والاستغلال الطبقي.

2 ــ الديمقراطية والتنظيم
لا نقول أن الديمقراطية كانت مشلولة في حياة الحزب الشيوعي العراقي بل نقول كان في اغلب الأحيان يجري تغليب المركزية مما أدى إلى ضعف الممارسة الديمقراطية في الحياة الحزبية وفي إدارة الصراع الفكري بطرق بعيدة عن روح الماركسية وخلال فترات طويلة ظلت هذه العملية تداربشكل ضيق من قبل المركز القيادي، كما ساهم في هذا المضمار عدم عقد مؤتمرات الحزب الدورية والكونفرنسات الموسعة لمدة طويلة ( مثال الفترة حوالي 25 عاماً ما بين المؤتمر الأول 1945 والمؤتمر الثاني 1970 للحزب وبين الكونفرنس الأول 1944 وبين الثاني 1956 ) وإجراء الانتخابات الديمقراطية في تأخير اتخاذ القرارات الصائبة لإيجاد آليات جديدة تطور المفهوم الديمقراطي وتوسع الممارسة في القيادة الجماعية وتمتين وحدة الحزب واتخاذ القرارات واصطفاء الكادر الحزبي المؤهل لخوض الصراع بجميع أشكاله، وعلى الرغم من نجاح عقد المؤتمر الرابع عام 1985 في ربوع الوطن (كردستان العراق ) وفي ظروف بالغة التعقيد فقد كان تحدياً جباراً للنظام الدكتاتوري ونقلة نوعية في عمل الحزب، لكن المؤتمر الموما إليه لم يحل قضية تجديد الحزب وتحقيق الديمقراطية بشكلها الخلاق واستمرت الطريقة القديمة نفسها تقريباً في إدارة الصراع الفكري واصطفاء الكادر الحزبي ( مثال تكليف المؤتمر سكرتير اللجنة المركزية الرفيق عزيز محمد بصفته الشخصية اصطفاء عشرة من الكوادر بشكل سري وتقديمهم للجنة المركزية وهو ما يتنافى مع الديمقراطية مهما كانت الحجج التي سيقت وقت ذاك/ ممارسة بعض العناصر القيادية والكوادر المتقدمة الخاطئة فيما يخص العديد من القضايا التي تتنافى مع الديمقراطية مما تركت آثاراً سلبية على الرفاق والتنظيم) ومع ذلك فقد استمر الصراع الداخلي الايجابي من اجل تجديد الحزب والتخلص من بعض التراكمات السلبية التي كانت تضعف وحدته الفكرية والسياسية والتنظيمية وتقدمه وتطوره وتبوئه لمكانته الصحيحة في العملية الثورية والوطنية وصراعه مع النظام الدكتاتوري من اجل عراق ديمقراطي تعددي ، وعلى الرغم من انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية الذي اثر بشكل كبير على مجمل الحركة الشيوعية والديمقراطية الثورية فان الحزب نجح بعد ثماني سنوات من انعقاد المؤتمر الرابع في عقد مؤتمره الخامس في 12 ـ 25 تشرين الأول 1993 حيث أطلق عليه " بمؤتمر الديمقراطية والتجديد " وقد نجح هذا المؤتمر في رسم الخطوط المستقبلية لعملية التجديد والممارسة الديمقراطية والقيادة الجماعية وباشر في هذه المنهجية من خلال التطبيق الحي داخل المنظمات الحزبية وصولاً إلى اللجنة المركزية والمكتب السياسي مما زاد من فعالياته ونشاطاته وتطور عمله النضالي وقد احتوت وثائق المؤتمر المقرة وفي مقدمتها النظام الداخلي والوثيقة البرنامجية على جملة من القرارات والتوجهات على طريق التجديد والديمقراطية، وظهر ذلك بوضوح عندما أشار في النظام الداخلي الجديد الذي اقر في المؤتمر " أن الحزب الشيوعي حزب ديمقراطي من حيث جوهره وأهدافه وتنظيمه ونشاطه، ومن حيث علاقاته بالقوى الاجتماعية والسياسية الأخرى وهو يرفض كل شكل من أشكال الحكم الاستبدادي والتسلط السياسي ومصادرة حقوق الإنسان، " ( النظام الداخلي المؤتمر الخامس 1993 ) ثم تلاه المؤتمر السادس في 26 ـ 29 تموز 1997 الذي أضيفت فيه للفقرة أعلاه " والحريات الأساسية" وكذلك المؤتمر السابع .
ومنذ المؤتمر الخامس وعلى امتداد المؤتمرين فيما بعد أكد الحزب على موقفه من الماركسية والحركة الشيوعية والعمالية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية. وثبتَ ذلك أيضاً في أنظمته الداخلية التي أُقرت في مؤتمراته الثلاث السابقة
" يسترشد الحزب الشيوعي العراقي بإبداع في سياسته وتنظيمه ونشاطه بالماركسية، ويسعى من أجل تطبيقها تطبيقاً خلاقاً على ظروف العراق الملموسة يستقي ويغني ثروته الفكرية من التراث والقيم الحضارية لشعوب وادي الرافدين وتراث الشعب العربي والكردي والقوميات والأقليات الأخرى في وطننا، ومن منابع الحضارة الإنسانية، وكل ما هو نافع في أفكار وتجارب الأحزاب الشيوعية والعمالية والحركات والتنظيمات الوطنية والديمقراطية والاشتراكية المختلفة " ( النظام الداخلي/ المؤتمر الخامس والسادس والسابع)
قد يكون المقطع المشار مقدمة لما نريد التوصل إليه من تحليلات علمية ومقترحات بناءة حول قضية غاية في الأهمية وهي الممارسة الديمقراطية واصطفاء الكادر ومن هذا المنطلق فاننا نعتبر النظرية الماركسية باعتبارها منهج علمي تعتمد على العلوم الاجتماعية والطبيعية وكونها أيضاً نظرية كونية تاريخية تعمل من اجل التقدم الخاص والعام وبصدد تغيير حياة الناس وتحقيق العدالة الاجتماعية وهذا ما يجعلنا نؤكد على أن الحزب الشيوعي هو أرقى تنظيم من جميع التنظيمات العمالية الأخرى باعتباره يسترشد بنظرية علمية وهو القوة الواعية بالمهمات التي تحيط بالظروف الخاصة والعامة لأي مجتمع ولهذا ينص نظامه الداخلي في تثبيت مبادئه في بناء التنظيم ونشاطه الفردي والجماعي والموازنة ما بين الحقوق والواجبات والإقرار بمبدأ القيادة الجماعية ووحدة الإرادة والعمل باتجاه إيجاد السبل والوسائل الكفيلة بتحقيق تكتيكاته واستراتيجيته، ولعبت ومازالت تلعب مبادئ الحزب التنظيمية بما يتوافق مع المركزية الديمقراطية دوراً مهماً في تطوير وتقدم مفهوم نوعية الصراع الفكري الداخلي الذي هو انعكاس للصراع الفكري المحيط بالحزب كما أنها مازالت تتعامل مع قضية الديمقراطية وتوازناتها دوراً أساسيا في تعريف الفهم الخلاق لما تشير إليه مكونات الماركسية بخصوص بناء الحزب وتنقيته من التشويهات والعناصر الضعيفة وفي مقدمتها 1 ــ الليبرالية والانتهازية اليمينية 2 ــ الجمود العقائدي والتطرف اليساري اللذان عانت منهما الأحزاب الشيوعية منذ بداية التأسيس وحتى الوقت الراهن وكلاهما يتنافيان مع مفهوم الديمقراطية التي تعني بالدرجة الأولي : ــ تخليص الحزب ومبادئه من الثرثرة والتسيب وعدم الانضباط وفي الثانية أي الجمود العقائدي والتطرف اليساري:ــ المركزية المفرطة والتطرف بالقفز على الواقع الموضوعي والذاتي المضر بحياة الحزب الداخلية بدون الالتفات إلى الوعي الحزبي المتنامي والظروف المحيطة التي تتطلب قدراً متوازياً بعدم تغليب احدهما على الآخر وخلق مناخ صحي لتطور المفهوم الديمقراطي بمرونة ومبدئية وباستيعاب الواجبات والحقوق دون الإخلال بوحدة الحزب الفكرية والسياسية والتنظيمية.
لقد أكدت المبادئ الأساسية في التنظيم على تلك الوحدة وعدم الإضرار بقوانينها ووضحت المفهوم العلمي الديالكتيكي للتطورات التي رافقت مسيرة الأحزاب الشيوعية و العمالية على مدى حقب طويلة وبهذا الخصوص تنوعت الأساليب والطرق والأشكال التنظيمية من مكان إلى آخر ووفق خصوصية الحزب في المكان والزمان المعينين لكن الأساس الذي بقى قائماً هو الوحدة التنظيمية والمبادئ التي نص عليها النظام الداخلي للحزب الشيوعي.
أن مفهوم الديمقراطية وجوهرها لدينا نحن الشيوعيين لا يلغي الأقلية ويحرمها من حقها الديمقراطي في التفاعل والتنافس وفي أبداء الرأي والمعارضة لكن ليس عن طريق الانشقاق والانقسام الذي يضر وحدة الإرادة العمل، ويختلف اختلافاً واضحاً عن مفهوم وتفسيرات وتطبيقات الرأسمالية ومنظريها وعليه يجب أن يوضح الشكل والمضمون دون التباس أو تمويه أو تشويه تفسيره حسب المصالح الرأسمالية الطبقية المبني على الاستغلال والقيمة الزائدة ونهب ثروات الشعوب الأخرى واستعبادها عن طريق الاستعمار القديم أو الاستعمار الجديد.

3 ــ الديمقراطية في اصطفاء الكادر الحزبي
تكتسب أهمية اصطفاء الكادر الحزبي اهتمام كل الذين يسعون من اجل تقوية الحزب سياسياً وفكرياً وتنظيمياً ولهذه المسألة معايير لا تقبل التأويل وبمجرد الإطلاع على الأنظمة الداخلية ستواجهنا هذه المعايير بشكل صريح ولكن في الوقت نفسه لا بد أن نقر أن هذه العملية مرت بالمراحل نفسها التي مر بها الحزب وتنظيماته المختلفة ومقارنة مع البداية الأولى نرى أن هناك تطورات نوعية طرأت على مسألة اصطفاء الكادر الحزبي فالمعايير التي كانت متبعة في تشخيص وتقديم الكادر ارتبطت
1ــ ظروف العمل السرية: كما هو معروف أن فترة قيادة الرفيق فهد القصيرة كانت عبارة عن تجربة فريدة في اصطفاء الكادر بمواصفات جيدة إلا أن غياب الرفيق فهد ورفاقه في المكتب السياسي وفقدان الحزب للكادر المستوعب للماركسية جعلت إمكانية اصطفاء الكادر تضعف وتبتعد عن تلك المعايير المعروفة حيث عمت بعض الممارسات التي لم تخدم التنظيم وبعيدة عن الروح الديمقراطية والقيادة الجماعية في اصطفاء الكادر الحزبي بمواصفات تقترب إلى التَطَيْر والاتكالية في بعض الأحيان بحجة حماية التنظيم وعدم الكشف عن الأسرار التنظيمية
2 ــ الصيانة المفرطة: بسبب الحصار المفروض على الحزب والملاحقات البوليسية
3 ــ الجمود والسياسة اليسارية المتطرفة في إدارة الصراع الفكري أثناء قيادة بهاء الدين نوري، وحميد عثمان.
ساعدت هذه القضايا وغيرها على ضعف اصطفاء الكادر الحزبي وارتقاء سلم التقديمات الحزبية التي كانت تعتمد على حلقة ضيقة من الهيئات الحزبية بدون مراعاة للأسس الماركسية ومبادئ الحزب التنظيمية في اصطفاء الكادر الحزبي إلا أن ذلك سرعان ما انتهى بعد انتخاب الشهيد سلام عادل ثم حل راية الشغيلة وعودة قادتها إلى العمل الموحد تحت راية الحزب من جديد مما زاد من هيبة وقوة الحزب.
ارتأينا تقديم هذه النبذة الصغيرة من اجل فهم عملية اصطفاء الكادر الحزبي الذي يجب أن تكون وفق معايير الديمقراطية التي تعتبر الطريق الصحيح لمعرفة قدرات الأعضاء الفكرية والسياسية والتنظيمية والثقافية ومعرفة المستوى النظري والإلمام بالمفاصل الأساسية للماركسية.
الجميع يعترف بان الكادر الحزبي هو العامود الفقري للحزب الذي يجب أن يتمتع بالقدرة على التحرك والمبدئية والمرونة في جميع الظروف، السرية منها والعلنية ولهذا أصبحت قضية الكادر الحزبي قضية ذات أهمية بالغة أمام تعدد المهمات وخصوصية المواضيع ولهذا تلعب الديمقراطية وعملية التجديد دوراً فعالاً في استشراف تشخيص الكادر الحزبي الذي يجب أن يتمتع ليس فقط بقدراته التظيميه فحسب بل
1ــ الفكرية: في استيعاب الأفكار الماركسية والمشاركة الفعالة في رسم سياسة الحزب ورفدها بما يفيد في التكتيك اليومي والاستراتيج البعيد المدى وإيجاد آليات جديدة لتطوير عملية الصراع الفكري وتفعيله وقيادته وتوجيهه وفق مصالح الحزب والفئات الطبقية التي يمثلها،
2 ــ التطبيقية: تطبيق سياسة الحزب بإبداع ومعرفة المزاج الجماهيري من اجل رفع وعيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي لوضع شعارات واقعية تصب في خدمة المصالح الجذرية المختلفة لهذه الجماهير وجعلها درعاً حصيناً للحزب وجزءً مهماً في نشر سياسته بين الشعب بمختلف قومياته ومكوناته الفكرية.
3 ـ أن يتمتع بالنزاهة والأخلاق وبالسمعة الاجتماعية الجيدة بين الجماهير، وبالإخلاص والتفاني لقضية الاشتراكية وقضية الطبقة العاملة ( شغيلة اليد والفكر ) وذو مبدئية عالية تتصف بالمرونة الثورية.
.ولهذا جرى استبدال عملية الاصطفاء المتبعة في السابق حيث يتم تشخيص وتقديم الكادر الحزبي من قبل الهيئات العليا وإعلان القائمة الحزبية في انتخابات اللجان والموسعات والكونفرنسات والمؤتمرات الحزبية، وأنيطت هذه العملية بالانتخابات الحرة والاقتراع السري من قبل التنظيمات صعوداً إلى مؤتمر الحزب إلا أن هذه النقلة لم تخـلُ من المثالب والنواقص بسبب عدم الفهم العميق لقضية الديمقراطية وقضية اصطفاء الكادر بالموصفات السابقة وما أشارت إليه التوجيهات الحزبية والأنظمة الداخلية المشار إليها..
4 ــ أهمية الاختصاصات
لا يستطيع أي فرد مهما كانت قدراته وإمكانياته الجسدية والفكرية عالية أن يلم بجميع المواضيع والمرافق الحياتية ولهذا فان طرح قضية الاختصاص أصبحت من المهمات الكبيرة التي تقع على عاتق الحزب والتنظيم الحزبي ولا بد في هذا المجال أن نذكر بان الحزب منذ التأسيس اهتم بهذه القضية ولكن حسب ظروفه السياسية والتنظيمية وبشكل عام فان ذلك لم يكن بالمستوى المطلوب ولهذا أخذت موسعاته وكونفرنساته ومؤتمراته الأخيرة بالشروع في تنفيذ سياسة تشخيص اختصاصات الكادر الحزبي لكي يساهم من خلال اختصاصه بتطوير الحزب وإنجاح سياسته في المجال المعين وبالتالي أن تصب نشاطات ونجاحات الاختصاص في المجرى العام حيث تتوحد بشكل ديالكتيكي لترسم مع الآخرين سياسة الحزب بشكلها الاستراتيجي والتكتيكي.
أثناء قيادة مؤسس الحزب الشهيد سلمان يوسف سلمان (فهد ) القصيرة التي لم تتجاوز السبع سنوات لم يستطع تربية كادر ملم بقيادة حزب ماركسي من طراز جديد ولم يتح الوضع في فهم واستيعاب الأفكار الماركسية وحاول البعض من قيادي الحزب التظاهر بالإلمام بالكثير من الأمور .
لقد كان الفيلسوف القديم يحاول الإلمام بكثير من القضايا البعيدة عن اختصاصه إلا أن الحياة أثبتت بعد ذلك وبخاصة ظروف حتمية الاختصاصات خطأ التصور المسبق، وأثبتت الحياة بان الاختصاص الذي يتميز به الكادر الحزبي هو القادر على تطوير الحزب كمجموعة (مختصات ) وأفراد ورسم سياسته بشكل موضوعي وواقعي وبفهم ماركسي خلاق، وبما أن دور الإلمام بكل شيء تراجع إلى الخلف كما هي في قضية الفيلسوف التي حلت بطريقة الاختصاص في المجال المعين وبهذا القدر من التخصص استطاع الفلاسفة تقديم الأفضل والأحسن والأقرب للواقع من خلال تخصصهم بالمادة المعينة وانتهى دور الفيلسوف الحكيم والطبيب وعالم الرياضيات والفيزياء والكيمياء والإمام والمفسر وصاحب المنطق والشاعر ليكون مثلاً في اختصاص معين كاختصاص في مجال علم الجمال وحدد أيضا " بعلم الجمال الماركسي " أو أية مفردة أو مادة ، وقد نجح في مجاله المتخصص به وهكذا انجر هذا الاختصاص في مرافق الحياة الأخرى في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والفن وظهرت للوجود مدارس تخصصية وغيرها من القضايا المهمة، وبدأ هذا النهج يتوسع أكثر من السابق ليأخذ طريقه في منهجية الحزب الشيوعي التنظيمية واعتمد الاختصاص في تربية واصطفاء الكادر الحزبي لا بل توسع ذلك في إيجاد ( لجان الاختصاص ) التي أغنت قضايا الفكر النظرية والتطبيقية.
لقد اقر الجميع بأن قضية الديمقراطية واصطفاء الكادر ستبقى مهمة للغاية باعتبارها ركن من أركان التجديد والتطور، التجديد الذي يشمل جميع الجوانب في حياة الحزب الداخلية وبرامجه وأهدافه السياسية من بينها تجديد القيادة على أسس صحيحة من أصغر وحدة تنظيمية حتى اللجنة المركزية وتشخيص الكادر الجيد الذي يستطيع أن يطور نفسه ويطور الحزب ولا يمكن أن يتم نجاح هذه المهمة إلا بممارسة الديمقراطية الحقيقية ووفق توازن مبدأ المركزية الديمقراطية.




#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة إنجاز التعديلات على الدستور العراقي الدائم
- أين المشكلة ؟.. وان فاز الحزب الديمقراطي بأغلبية مقاعد البرل ...
- الأزمة والحرب الأهلية الطائفية
- رؤيا في العبور
- حزن عراقي متواصل
- الشرقية والزمان والاصطياد في المياه العكرة
- الجيش القديم وعقدة تسليح الجيش الجديد والقوات المسلحة العراق ...
- هل يحتاج العراق لدولة دينية سياسية؟
- وأخيراً مرر مشروع الأقاليم
- ماذا بعد انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل في العالم ...
- ملاحظة حول مسودة البرنامج والنظام الداخلي واسم الحزب الشيوعي ...
- من المسؤول الأول عن حاميها حراميها؟
- هل سيكون السيد جلال الطلباني آخر رئيس لجمهورية العراق الموحد ...
- لم تكن محاولة تفجير مقر الشيوعيين العراقيين مفاجأة
- حانة الموتى ستظهر في جلاء
- متى ستتوقف التجاوزات التركية وتدخلاتها في الشأن العراقي؟
- هدف القتلة من القتل المبرمج بث الرعب وإرهاب الشعب العراقي
- نعم لقد نطق القاضي عبد الله العامري بجملة حق على الرغم من إن ...
- الفيدرالية من البصرة الى الموصل هي الأفضل والأصلح للوحدة
- هدفنا نسف الأمن الداخلي في العراق


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - مصطفى محمد غريب - الديمقراطية في البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي