أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - كريم مروة - في الطريق الصعب إلى الجمهورية الثالثة















المزيد.....

في الطريق الصعب إلى الجمهورية الثالثة


كريم مروة

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عندما صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في عام 2001 كنا لا نزال في المرحلة الأولى الجديدة من نوعها التي كان بعضنا يعتبرها ومؤلف الكتاب واحد منهم مرحلة متقدمة في اتجاه ولادة لبنان الجديد. وكان يتلخص عنوان هذه المرحلة بالتمهيد للدخول في رحاب حقبة جديدة تنقلنا من جمهورية الاستقلال، وهي الأولى في التسلسل التاريخي لجمهورياتنا الفتية، ومن جمهورية الطائف التي كانت تعاني من خطر الإنحلال على يد الوصاية السورية، الى الجمهورية الثالثة. وهي الجمهورية التي يفترض بها ان تستكمل جمهورية الطائف، وتطورها، وتهيئ الشروط لتجاوزها نحو تثبيت وترسيخ دعائم الوطن اللبناني، كوطن نهائي لجميع أبنائه، على قاعدة الحرية والسيادة والتعددية الديموقراطية، وكجزء لا يتجزأ من عالم عربي توحد بين شعوبه ثقافة عريقة وتاريخ مشترك غني بعناصره المتعددة الأبعاد.

كان لبنان قد ابتعد أحد عشر عاماً عن الحرب الأهلية، من دون ان تتاح له فرصة التحرر النهائي من ثقافة هذه الحرب، الثقافة التي سادت في العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بفعل الممارسات التي حكمت مرحلة الوصاية السورية على لبنان بدءاً من عام .1990 لكن لبنان كان في عام 2000 قد استكمل تحرير أرضه من الاحتلال الاسرائيلي بالمقاومة. وهي المقاومة التي لعب دوراً أساسيا فيها حزب الله، بحكم كونه ظل القوة المقاومة الوحيدة في البلاد، بعد انتهاء الحرب الأهلية بموجب اتفاق الطائف، ومع بداية عهد الوصاية السورية على لبنان. إذ أقصى بالقسر عن هذه المهمة الوطنية التاريخية من كانوا مطلقي المقاومة، في السادس عشر من شهر ايلول من عام ,1982 من قلب العاصمة بيروت، وحرروها في أقل من أسبوع بالعمليات اليومية التي استهدفت قوات الاحتلال. وكان هؤلاء المقاومون الطليعيون أبطالا شجعانا في مقاومتهم للاحتلال في ذلك التاريخ وعلى امتداد عقد بكامله، مثلما كانوا أبطالا شجعانا في المقاومة في تواريخ سابقة على ذلك التاريخ بأعوام عديدة. وكانوا قوة أنصار بالمعنى المعروف في تاريخ حركات الأنصار التي عرفتها شعوب أوروبا في مقاومة جيوش الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية. وكان سلاحهم هو السلاح ذاته الذي استخدمه مقاومو تلك الحقبة في تاريخ العالم الحديث. وكان لأبطالنا هؤلاء شرف الإسهام بدور تاريخي كبير في مطاردة قوات الاحتلال، بدءا من العاصمة، وصولا الى المرحلة التي استقرت فيها هذه القوات في منطقة الشريط الحدودي. وكانت لهم معارك قتالية ضارية في تلك المنطقة بالذات، سيأتي يوم قريب يقدم فيها الشهود الأحياء من هؤلاء المقاومين كشفا عن إنجازاتهم في هذه المعارك.

توقف هؤلاء المقاومون بالقسر، خارج إرادتهم، ولأسباب ذاتية ايضا، عن متابعة دورهم في المقاومة. وتابع حزب الله المقاومة وحده، من دون سواه، لكن في صيغة جيش حقيقي للتحرير، مدعم سياسيا وقتاليا وتسليحا وتمويلا من ثلاث سلطات وثلاثة جيوش: إيران وسوريا ولبنان. وكان لحزب الله، في تلك الشروط، شرف استكمال تحرير الأرض في عام .2000 وكان ذلك الحدث إنجازاً تاريخياً مجيداً. وكان الأول من نوعه في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي. وكان، بالنسبة الى اللبنانيين، مصدر اعتزاز كبير. وقد عبروا عن اعتزازهم بهذا الإنجاز كلٌ على طريقته. وشاركت في التعبير عن هذا الاعتزاز جميع القوى السياسية، بما فيها تلك التي كانت في ماضيها، خلال الحرب الأهلية، في الموقع النقيض. وكان هذا الاجماع واحداً من المؤشرات على أننا قد بدأنا ندخل، بعد ذلك الإنجاز التاريخي وبسببه، في المرحلة التي اعتبرت مرحلة عبور حقيقي الى ولادة لبنان الجديد. ودارت سجالات كثيرة حول الحاضر وحول المستقبل، انطلاقاً من هذا الانجاز التاريخي، حول شكل ومضمون توظيفه في الحقبة المقبلة. لكن هذا السجال كان صعباً. واستمر صعباً على مدى السنوات الخمس التي مرت على هذا الحدث الكبير. ذلك ان الخلاف كان كبيراً حول تحديد مهمات الحقبة المقبلة بالنسبة الى لبنان والى دوره في المنطقة. إذ اعتبر حزب الله، ومعه عدد من القوى السياسية التي كانت تتحالف معه وتسانده في الداخل والخارج، أن التحرير لم يكتمل، وأن على المقاومة أن تستمر في دورها، بالطريقة ذاتها وبالوسائل ذاتها، وأن مهمة بناء الدولة ومؤسساتها، وبالأخص منها المؤسسة العسكرية، تبقى مؤجلة الى ما بعد استكمال تحرير مزارع شبعا وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال. وكان ما كان من أحداث كبيرة ما تزال مفاعيلها تعطل ولادة لبنان الجديد.

كانت وظيفة الكتاب، في ذلك التاريخ الذي صدر فيه، الترويج لهذه المرحلة الجديدة المشار إليها. ذلك ان الكتاب كان جمعا لكل المقالات التي كنت قد نشرتها بدءاً من اللحظة التي تم فيها إنجاز التحرير. وتضمنت مجموع مواقفي من كل ما يتصل بماضي أيامنا، وبما نحن مقبلون عليه في مستقبلنا الجديد. وكنت شديد الصراحة في الدعوة الى ثلاثة أمور أساسية: الأمر الأول يتصل بضرورة الانتهاء من مرحلة المقاومة وسلاحها ومنطقها ومنطقه بعد ان أنجزت مهمتها، ومتابعة النضال بأشكال جديدة، تتلاءم مع المرحلة الجديدة، من أجل تحرير مزارع شبعا وتحرير الأسرى، كمهمة وطنية تعني جميع اللبنانيين، وتعني الدولة خصوصاً التي ينبغي الشروع في بنائها على قواعد جديدة، متممة ومطورة للتقاليد الديموقراطية التي انفرد بها لبنان من دون سواه من البلدان العربية. وكان واضحاً ان تحقيق تلك المهمات الجديدة بدور أساسي للدولة إنما يتطلب تحرير هذه الدولة من التشويهات التي أدخلت على الديموقراطية اللبنانية وعلى تقاليدنا فيها، في بعض المراحل التاريخية، والأخص في مرحلة الوصاية السورية. الأمر الثاني يتصل بالبحث في الدعائم الديموقراطية التي ينبغي ان يقوم عليها الوطن، وتحديد الوظائف الجديدة للدولة ولمؤسساتها الديموقراطية. الأمر الثالث يتصل بضرورة ان تتحرر الأحزاب السياسية من تاريخها السابق، من خلال الشروع في مراجعة نقدية جريئة لتجربتها السابقة، وأن تتحول في أفكارها وفي سياساتها وفي أشكال تنظيمها الى أحزاب ديموقراطية بكل المعاني. وكان الشعار الذي أطلقته، بهذا الخصوص، في أحد مقالاتي التي ضمها الكتاب: لا ديموقراطية حقيقية من دون ديموقراطيين حقيقيين.

وقد حظي الكتاب باهتمام الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية. ونشر عدد من المقالات ترحيباً به وبالأفكار الصريحة التي حملها الى اللبنانيين. وعززت مواقفي التي وردت في الكتاب عبر عدد من الأحاديث التي أجريت معي في وسائل الإعلام، لا سيما في قنوات التلفزة. ونفدت الطبعة الأولى بعد عام ونيف. فاقترحت على دار الفارابي إصدار طبعة ثانية منه. فترددت الدار. ولم أكن جازما في اقتراحي. لكنني كنت كلما طُلبت مني نسخ من الكتاب ألجأ الى التصوير، حتى بلغت النسخ المصورة العشرات. فاعتبرت، متأخراً، أنني أخطأت في عدم إلحاحي على الدار بإصدار الطبعة الثانية. لكن الأعوام الخمسة التي انقضت على صدور الطبعة الأولى كانت حبلى بالأحداث الجديدة المفتوحة على احتمالات شتى في كل الاتجاهات. وهي كانت أحداثا كبيرة عصفت بالبلاد، وما تزال تعصف بها. وفرض على القوات السورية في تلك الفترة ان تخرج من البلاد بعد حدثين كبيرين:

الحدث الأول هو التمديد القسري للرئيس إميل لحود لولاية ثانية، وذلك في خرق فظ للدستور نصاً وروحاً. وتم ذلك بقرار تعسفي من الوصاية السورية. ونشأت من جراء ذلك حركة معارضة سياسية وشعبية ضد التمديد للرئيس لحود وضد الوصاية السورية. وشاركت في تلك الحركة قوى كانت خلال عقد ونيف شريكة للوصالة السورية في كل او في جزء مما ارتبط باسمها من ممارسات سياسية واقتصادية واجتماعية. ثم تحررت هذه القوى من هذه الشراكة مع الوصالة السورية لأسباب عديدة تتعلق بكل منها منفردة وتتعلق بها مجتمعة. وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوترات السياسية والأمنية اغتيل الرئيس رفيق الحريري في عملية تفجير غير مسبوقة في حجمها ونوعها، سبقتها وتبعتها تفجيرات أمنية في مناطق معينة من البلاد، واغتيالات ومحاولات اغتيالات طاولت شخصيات سياسية وثقافية وإعلامية مرموقة. وترافقت هذه التطورات بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الاغتيالات وفي التفجيرات الأمنية. وصدرت سلسلة قرارات من مجلس الأمن الدولي حول لبنان، بفعل هذه التطورات. ذلك كان الحدث الأول الذي طغت مفاعيله على مجمل الوضع في لبنان على امتداد عامين كاملين.

أما الحدث الثاني فيتمثل بالحرب الهمجية التي شنتها اسرائيل على لبنان، بذريعة الرد على خطف الجنديين الإسرائيليين من قبل حزب الله. وهو الحدث الكبير الجديد الذي ما يزال لبنان يعيش في أجوائه، وفي مفاعيله، في الإيجاب وفي السلب.

وكان لهذين الحدثين في تعاقبهما خلال عامين، في تلك الظروف، دلالتهما الواضحة. إذ كانا يؤشران الى ان ولادة لبنان الجديد لم تنضج شروطها بعد، وأن الذين اعتبروا ان هذه الظروف قد نضجت، وأنا واحد منهم، كانوا على خطأ في تقديرهم لطبيعة المرحلة التي كان يمر بها لبنان. لكن خطأهم لم يكن فادحاً. بل لعله كان بمثابة دق ناقوس الخطر. ويكفي أصحاب هذا أنهم كانوا، وهم يخطئون في تقديرهم للأوضاع، يدلون اللبنانيين على الطريق الصحيح الذي كان عليهم ان يسلكوه الى مستقبلهم، بدلاً من الطريق الغلط المليء بالألغام الذي كان يدفعهم الى سلوكه من كانوا في الموقع الآخر. وكانت لهؤلاء الذين هم من الموقع الآخر مبرراتهم، التي ما زالوا يتمسكون بها، والتي يمكن تفسيرها من دون تبرير السلوك المتصل بها، ومن دون المهادنة في نقدها من قبل المعترضين عليها، كحق ديموقراطي أولي لهم، من جهة، وكحق مبدئي، من جهة ثانية، في عدم السماح لأي كان أن يقرر منفرداً، من دون سواه من أهل البلد، الحرب والسلم وسوى ذلك مما هو من الأمور المصيرية المشتركة بين جميع اللبنانيين.

لقد انتهى عهد الوصاية السورية الى غير رجعة. لكن البديل من الوصاية السورية هو العلاقة الصحيحة التي أرادها اللبنانيون جميعهم علاقة مميزة، لا يتدخل فيها السوريون بالشأن اللبناني الداخلي، ولا يتدخل فيها اللبنانيون بالشأن السوري الداخلي، حتى ولو كان لكل من السوريين واللبنانيين، على اختلاف مشاربهم واختلاف مواقفهم وأفكارهم، آراء في أوضاع كل من البلدين. وأهم ما يميز هذا النوع من العلاقة التي يريدها اللبنانيون مع أشقائهم السوريين هو ان للبلدين والشعبين تاريخا طويلا مشتركا في قديم الزمان وفي راهنه، وأن لهم مصالح مشتركة هي الأقوى من كل ما يربط الشعوب والبلدان العربية جميعها من علاقات بكل أنواعها.

انتهت الوصاية السورية، لكن البديل منها لم ينشأ. بل استمرت، بديلاً من العلاقة الصحيحة المميزة التي طالب بها اللبنانيون، وما زالوا يطالبون، أشكال عبثية مغايرة لهذه العلاقة المنشودة قامت بها ومارستها القيادة السورية، فيما يعبر عن رغبة جامحة لدى هذه القيادة في العودة الى الوصاية القديمة، التي انهارت بفعل ما ارتبط باسمها من ممارسات أساءت الى العلاقة التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين.

أما الحرب التي شنتها اسرائيل على بلدنا، بحجة الرد على خطف جنديين، فهي كانت مؤشراً واضحاً على مدى الحقد الدفين الذي يكنه قادة الدولة العبرية لبلدنا ولشعبنا. وإذا كان اللبنانيون قد وقفوا موحدين في مواجهة هذا العدوان الهمجي على بلدهم، وحيّوا بطولات مقاتلي حزب الله الشجعان، وأعربوا عن اعتزازهم بما حققه هؤلاء الأبطال من نصر على الغزاة البرابرة، الذي تمثل في منع الغزاة من التوغل عنوة في أرضنا، فإن أقساماً كبيرة من اللبنانيين، بالمقابل، قد بدأت تطرح، بقلق، الكثير من الأسئلة عن المستقبل الذي ما يزال الطريق إليه موصداً. وهي أسئلة حقيقية لا تنحصر فقط بموضوع سلاح حزب الله وبدور المقاومة في المرحلة المقبلة، على أهمية هذا الموضوع، التي تقدم شروح كثيرة حولهما، وحول الحاجة إليهما. بل إن هذه الأسئلة تتجاوز هذا الموضوع الى موضوع آخر أكبر وأهم، يتصل ببناء الدولة التي يراد لها ان تكون في لحظة واحدة <قوية وقادرة وعادلة>! فالدولة، كما هو معروف قديما وحديثا، هي الشكل القانوني، في كل الظروف والمراحل التاريخية لأي بلد، للتعبير عن الوطن الواحد وعن الشعب الواحد الذي ينتمي الى هذا الوطن. وحول هذا الأمر جرى الاختلاف في الأعوام السابقة بين القوى السياسية اللبنانية، وبين الجماهير التي تستقوي بها هذه القوى في مواقفها وفي الاتجاهات المختلفة لأهدافها ولسياساتها. وهو خلاف يستمر قوياً في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، التاريخ الذي يقف فيه اللبنانيون مع بلدهم على مفترق طرق كبير وخطير.

ليست مهمة هذه المقدمة للطبعة الثانية لكتابي هذا الاسهام في تقديم الأجوبة عن هذه الأسئلة. فلهذه المهمة مجال آخر في كتاب آخر. لكنني أزعم ان في هذا الكتاب أسئلة كثيرة ذات صلة بما يطرح من اسئلة جديدة، وأن فيه محاولات إجابة عن بعض هذه الأسئلة. والأسئلة والأجوبة، هنا وهناك، هي التي ترتدي أهميتها الراهنة. لكن لكل أمر حدوده في الزمن. وللأسئلة كذلك، وللسجالات حولها، حدودها في الزمن. فليس من الطبيعي قط ان نظل نطرح الأسئلة، من دون ان ندخل في محاولات حقيقية للإجابة عنها، بأعلى قدر من المسؤولية، وإن بالتدريج، وذلك بأفق الوصول الى الأجوبة المؤدية الى ما نحن بحاجة ملحة لتحقيقه في طريقنا الى ولادة لبنان الجديد.

ان لكتابي هذا الذي لا أحدث في طبعته الثانية اي تغيير بالطريقة التي أعالج فيها قضايانا الأساسية، دوره ووظيفته في السجال الدائر راهنا. وأنا متأكد من ان طموح اللبنانيين بمجموعهم، وطموح الأجيال الشابة منهم خصوصا، الأجيال التي خرجت جموعها بأعداد كبيرة في الرابع عشر من آذار معلنة تمسكها بالحرية والسيادة والاستقلال، ان طموح اللبنانيين جميعهم، من كل الجهات والاتجاهات، طموحهم القاطع والحاسم، هو ان يصلوا ببلدهم الجميل الى رحاب الحرية والاستقرار والسلم والازدهار والتقدم. وهو ما سيكون عنوانه عنوان هذا الكتاب: <نحو جمهورية ثالثة>. لكن عليهم جميعهم، وعلى الأجيال الشابة خصوصا، ان يدركوا بأن الطريق الى هذه الجمهورية الثالثة، اي الى مستقبلهم الجديد، ما يزال مليئا بالألغام. وهي، كالعادة في تاريخ لبنان السابق، ألغام يشارك اللبنانيون أنفسهم في زرعها أمام حركتهم، ويقدمون للقوى الخارجية التي يستقوون بها الوسائل التي تسهل لهذه القوى ممارسة الصراعات فيما بينها، حول مصالحها المتناقضة، وذلك على الأرض المستباحة لبلدنا المستباح!

لقد حان الوقت لكي نخرج من هذا الواقع المرير، الذي ندمر فيه بلدنا كل عقد او عقدين من الزمن. وباتت على الأجيال الشابة، اكثر من اي وقت مضى، مسؤولية تاريخية غير مسبوقة، في لعب دور اساسي للخروج من هذا الماضي والدخول في إعادة صياغة لبنان الجديد، وصياغة مستقبلها هي فيه. وهي، في مهمتها التاريخية هذه، إذا ما انخرطت بعمق في النضال لتحقيقها، إنما تسهم في خلق القوى الجديدة، بديلا من القوى القديمة التي لم تستطع حتى الآن ان تتحرر من ماضيها، ولم تبذل جهدا حقيقيا في هذا الاتجاه، برغم الدور الذي لعبته، من مواقع مختلفة، في تفجير حركة شعبية، شبابية في الدرجة الأولى، تحت شعارات الحرية والسيادة والاستقلال. ولن تكون مهمة الأجيال الجديدة سهلة، بعد كل ما شهدناه من أحداث عاصفة، ومن اصطفافات طائفية أعادتنا الى أزمنة كنا نتصور أننا ودعناها الى غير رجعة. إنها مهمة مليئة بالصعاب. والطريق إليها ما يزال مليئا بالعقبات والإعاقات من كل الأنواع، ومن كل الجهات. لذلك فإن على أجيالنا الجديدة ان تأخذ هذه القضية بيدها، وأن تتحلى بالصبر والأناة والمثابرة، وان تتجنب الوقوع في المغامرات التي تشكل الشعارات الشعبوية مصدر الانزلاق في اتجاهها.

إننا أمام مهمة عظيمة تتطلب عملا ديموقراطيا حقيقيا كامل العدة، سيؤدي الاستمرار فيه الى ولادة عناصر الجديد في الحياة اللبنانية، في الفكر وفي السياسة، وفي القوى البديلة المؤهلة لقيادة البلاد نحو الجمهورية الثالثة.

(?) مقدمة الطبعة الثانية من كتاب <نحو الجمهورية الثالثة> التي تصدر قريبا.



#كريم_مروة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية تقدير وإعجاب إلى مقاومينا الشجعان
- لبنان في قمة الخطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي
- لا بدَّ من إعادة صياغة مشروع ماركس بما يتناسب مع الواقع الجد ...
- يجب أن نحاكم لينين
- العشاء الأخير- مع جورج حاوي... تساءل عمن سيكون الهدف المقبل ...
- كيف يقرأ اليسار أحداث العصر ومتغيراته؟
- القومية العربية والأقليات القومية ... العراق مثالاً
- كلمة كريم مروة في الاحتفال التكريمي
- التفكير في زمن العاصفة
- الجذور السياسية والاجتماعية والايديولوجية للارهاب إصلاح ديني ...
- أسبوع سياسي وسياحي في اليمن: كل شيء تغيّر في عدن ...
- استهداف المدنيين الاسرائيليين خطأ في المبدأ، خطأ في السياسة، ...
- من المسؤول عما جرى ويجري منذ أكثر من نصف قرن؟!
- كلام صريح حول الإرهاب وتعريفاته
- دروس في الديموقراطية من مملكة البحرين الدستورية!


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - كريم مروة - في الطريق الصعب إلى الجمهورية الثالثة