أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حميد كشكولي - عدالة الجبابرة الفاتحين















المزيد.....

عدالة الجبابرة الفاتحين


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1738 - 2006 / 11 / 18 - 11:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


التاريخ يكرر نفسه في منطقتنا، إذ يروي لنا التاريخ كيف أسقط الحلف العبّاسي العلوي امبراطورية الإستبداد الأموية العنصرية، لتتركز كل الجهود على محو أي ّ أثر لبني أموية ، وحتى إخراج رفات الخلفاء والمسؤولين السابقين من القبور واحراقها. و بعد أن استتبت الأمور للحلف المنتصر غدر بنو عباس بأبناء عمومتهم وانفردوا بالسلطة والخلافة ، واصبحوا أكثر استبدادا و ظلما من أسلافهم، ما دعا الشاعر دعبل الخزاعي الذي لاقى في حياته كثيرا من الاضطهاد والمطاردة وكان يردد دائما قوله " حملت خشبتي على كتفي ثلاثين سنة لم أجد من يصلبني عليها".
أن يقول:
أرى أميّة معذورين إن قتلوا............... ولا أرى لبني العبّاس من عذر

وقد تكررت هذه الحالات في منطقتنا بعد سقوط كل سلطة، وزوال حكم كل سلالة و قيام سلالة أخرى بأخذ الزمام. عمليات الإنتقام ، ربما تشفي الغليل ، لكن بينت التجارب التاريخية لآلاف السنين أنها لم ولن تقيم العدل والعدالة ، ولم ولن تعيد الحق إلى الضحايا ، أو تفيد أهاليهم ، والأهم من كل ذلك تديم الظلم والإستبداد إلى ما لا نهاية .
كما هجا المعري الحكام في قوله:
ظلموا الرعيّة واستجازوا كيدها...... وعدّوا مصالحها وهم أجراؤها
لا يختلف اثنان أن صدام حسين وأعوانه ارتبكوا من الجرائم ما تعجز حتى مؤسسات كبيرة على احصائها. والكل يعرف أن صدام كان دكتاتورا جائرا وظالما ومستبدا ما نزل الله من سلطان ، والأخطر من كل ذلك أنه يمثل أكثر التيارات السياسية رجعية ودموية وعنصرية في العصر الحديث ، ألا هو التيار القومي النازي العروبي المليتانت المعادي للإنسانية.
والسؤال الكبير الذي يبرز هنا هو ماذا ستجني الجماهير من شنق هذا الدكتاتور السجين ؟ هل سيخفف إعدام طاغية سابق من آلام العراقيين ومعاناتهم؟ هل سيكون في هذا القصاص حياة للعراقيين الذين يذبحون يوميا على الهوية ؟ و هل سيؤسس قتل هذا الشخص لنظام العدل والمساواة في العراق؟ هل سيستبب الأمن والاستفرار في العراق بعد اعدامهم؟
وهل سيتخلص العراق بعد اعدام صدام و أعوانه من ثقافة الموت التي سادت فيها ؟ و هل سيؤدي هذا الاعدام إلى توقف هذه الحرب الطائفية، و المشاهد المأساوية ؟ الجواب أراه في النفي ، رغم إنني على يقين أن اعدامه يشفي غليل كثيرين من الضحايا الذين تسيطر عليهم مشاعرهم العاطفية التي تغلب على المنطق والعقل عندهم.

فالقضية أكبر من حكم الإعدام على صدام الذي أصبح لاحول له ولاقوة وهو في سجنه ، و يمكن للسلطات ، سواء سلطات الإحتلال أو الحكومة العراقية تصفيته متى ما تشاء ، ولكن من أصدر الحكم و حكم عليه بالاعدام، هو من حكم علي جماهير العراق ، وعلي المجتمع العراقي كله بالاعدام . انظروا الي عدد القتلي يوميا ، والي شلالات الدم، و أكثر من سبعمائة الف قتيل ، ومازال العدد في تصاعد. تنبغي محاكمة المجرم الحقيقي الذي ربى ويربي كل الدكتاتوريين ، وينصبهم رؤساء على الشعوب المفلوبة على أمرها. تنبغي محاكمة من سلح هذا الدتاتور وقواه وسانده ليشن الحروب و ويدفن أبناء وبنات رعيته في مقابر جماعية. وينبغي أيضا محاكمة من أتي بمثل هذه الديمقراطية الكارثية ، و سلطات الحصص القومية والطائفية والمذهبية للعراق.
فلم يعد العراقيون سيهتمون بإعدام صدام ، وهم منهمكون منذ الإحتلال في البحث عن جثث مفقوديهم في الطب العدلي ، ولملمة جراحهم من جراء العنف الدموي في العراق ، و كيفية تدبير معيشة أولادهم وسط هذه الأجواء السوريالية الدموية .
إن مشاهد الحرب الأهلية والتصارع على الحصص ، وصعود التيارات الرجعية الدينية والقومية والطائفية ، وسلطات المليشيات التي حولت حياة الناس إلى جحيم لا يطاق ، وانعدام الخدمات الضرورية ، وغيرها من المآسي من جوع و خوف وارهاب، كلها دلائل على "عدالة النظام العالمي الجديد" بقيادة أمريكا.
لقد جاء النطق بالحكم أثناء انتخايات الكونجرس الأمريكي التي انهزم فيها الجمهوريون والمحافظن الجدد الفاشست، وكان بروباغنده فارغة لسياسات الإدارة الأمريكية واستعراضا للقوة لأجل التغطية على الفشل الشامل في العراق وأفغانستان ، ولم تشفع لبوش ورامسفيلد .
فالجماهير في العراق على وعي تام أن محكمة صدام وأعوانه لم تجر لمقاضاتهم على الجرائم التي ارتكبوها ، تلك الجرائم التي ارتكبت أثناء الحرب على إيران ، واحتلال الكويت لا يمكن أن يكون المسؤولون الأمريكان والغربيون أبرياء منها. ولا من جريمة حلبجة والأنفال.
فلو سلمنا أن صدام وأعوانه حوكموا و عوقبوا للجرائم التي ارتكبوها في فترة حكمهم للعراق ، ألم كان من العدل والانصاف مساءلة المتهمين عن أفظع الجرائم التي ارتكبت ؟ ألم تكن جريمة أن يدفن شوارتزكوف عشرات الآلاف من الجنود العراقيين الذين رفعوا الرايات البيضاء في عاصفة الصحراء ؟ ألم تكن جريمة تجويع أبناء وبنات العراق لمدة 15 عاما بفرض الحصار الجائر عليهم، في وقت كان الدكتاتور وتوابعه يغدون أكثر شبعا وثراء وطغيانا؟
من الواضح أنه كيل بمكيالين ، فالقوي المنتصر يفرض كل قوانينه الجائرة على الضعفاء ، وهذه كانت سنّة التاريخ البشري . واليوم هذا التاريخ الذي نعيشه هو النظام العالمي الجديد ، العولمة الإمبريالية التي تعني أن قتلة من أمثال شوارتزكوف وكيسنجر وبلير ورؤساء الطوائف يحكمون بالعدل والإنصاف.

لقد كانت عقوبة الإعدام في كل العصور وسيلة الحكومات الإقطاعية والمستبدة لإيجاد الرعب في قلوب الرعية و خلق أجواء الإرهاب و القلق في المجتمع ، والتضييق على الحريات الفردية والجماعية، وكانت هذه العقوبة في العصر الحديث موجهة بالأساس ضد الشيوعيين والتحررين ، ومن لا يتذكر مذابح الشيوعيين أبان الإنقلاب البعثي عام 1963 ، وجرائم سوكارنو في اندونيسيا بقتل مليون شيوعي ( نعم مليون ) وبدعم لوجستي و عسكري كبير للانقلابين الفاشيين في العراق واندونيسيا من المخابرات المركزية الأمريكيةCIA .فالجرائم التي تؤدي إلى اعدام مرتكبيها يحددها الحكام بما تقتضي مصالحهم في دوام سلطاتهم والهيمنة على مقدرات شعوبها.
والشيوعيون والتحرريون اليوم وضعوا الغاء أحكام الاعدام حتى بحق أعتى المجرمين مثل صدام وأمثاله ، ضمن أهدافهم الإنسانية والتحررية ، وهم على قناعة أن الإعدام لم يؤد إلى انخفاض عديد الجرائم في المجتمعات التي تسري فيها قوانين الإعدام ، ولم ينتج عنه أمر ايجابي يفيد البشرية .
وقد أمست ديمقراطية العولمة بقيادة أمريكا هي المشكلة الكبيرة لملايين البشر المحرومين في العالم. هذه الديمقراطية ، ديمقراطية بوش وريغان وتاتشر وبلير ، والمحافظين الجدد تتطلب شن الحروب بذريعة مكافحة الإرهاب ، بررت الإحتلال العسكري للعراق وأفغانستان و مآشي شعبي هذين البلدين الجريحين. واقتضت ديمقراطية صواريخ كرز هذه ، اثارة الفتن والحرب الأهلية والمجازر ، وتفاقم أوضاع النساء سوء وارجاعهن حقبا عديدة إلى القرون الوسطى ، كما تسببهذه الديمقراطية مقتل مئات الأبرياء يوميا في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان .
هذه العولمة أدت إلى رواج تجارة الرقيق الأبيض ، والفقر المدقع والأمراض العديدة في مجتمعات ما يسمى بالعالم الثالث.
فمشكلة البشرية المتمدنة لا تكمن في اعدام صدام وأعوانه أو قتل أي شخص متهم بارتكاب جرائم ، بل هي تكمن في استمرار العمل بالقوانين البربرية للقرون الوسطى في مجتمعنا ، مثل الاعدام والقصاص والرجم والتعذيب والتجويع .
ليست ثمة سوى الإشتراكية العلمية ، اشتراكية ماركس وانجلز ولينين ، حلا جذريا انسانيا لمصائب البشر ، لأن هذه الإشتراكية لن تبدل استغلال ياستغلال آخر مثلما فعل العبيد و الشيوعييون الطوباويين من قبيل القرامطة والعبيد والاسبارتاكوس في الماضي ، فالاشتراكية هي التي تحقق العدل والمساواة ، وزوال الظلم والاستغلال والاضطهاد بكل أشكاله في المجتمعات البشرية .
11/17/2006



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ساقية الجنيّات
- أورتيغا من ثوري ّ إشتراكي إلى اصلاحي برجوازي
- فيتنام والعراق - جرائم الطرف الواحد و جرائم الطرفين
- بريشت والحرب الإمبريالية
- الإنسان في النظرة البرجوازية الغربية
- شاعر المقاومة بول ايلوار
- وضوح الرؤية بعد وصول اليمين الوسط إلى الحكم في السويد
- فدرالية أم مركزية؟ فتلك ليست المسألة
- الأرمن ضحايا الصراع الإمبريالي والإستبداد الشرقي
- الأفق الساطع
- كابوس القانون... شبح الإرهاب
- شافيز واليسار القومي والأنظمة والقوى الرجعية الفاشستية
- لا حياد للميديا
- قصيدة - الموت وحده- لبابلو نيرودا
- ما وراء حوار الأديان والحضارات
- Look who is talking عن تصريحات بينيديكت السادس عشر :
- بروق في خطوات الرمّان
- معاداة الإمبريالية في عصر العولمة
- ثلاث قصائد للشاعرة التحررية فروغ فرّخزاد - 1935_ 1967
- تشريع الإرهاب و تقنين انتهاك حقوق الإنسان وحرياته


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حميد كشكولي - عدالة الجبابرة الفاتحين