أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد المذحجي - بيروت والقدس.. محاولة ابتكار مشهديه عن مدن المأزق المستمر















المزيد.....

بيروت والقدس.. محاولة ابتكار مشهديه عن مدن المأزق المستمر


ماجد المذحجي

الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 11:11
المحور: المجتمع المدني
    


كيف يمكن إجبار بيروت المدينة الحديثة المليئة بالخفة، بكل إحالاتها الواسعة على العصر، واتصالها بلحظته، عبر تكوينات الاسمنت، والإسفلت، والكهرباء، والمصطفة خلف ليل وسهر غير مقيد سوى بمزاج الدراويش، والعشاق، والسكارى، والمثقفين، والعلاقات " المودرن "، على الحضور الضمني كمقابل بصري - أو انطباعي على الأقل - للـ القدس. القدس، المدينة العتيقة المثقلة بحضور كثيف للرمزيات الدينية القديمة وشديدة القداسة والأهمية بالنسبة للتلقي الديني في العالم كافة ( المسجد الأقصى، كنيسة القيامة، جدار المبكى ). بفضائها المفتوح على القديم بشده من أرصفة حجرية، وأزقة ضيقة، وحوانيت، وبيوت. وهي تشكيلات عمرانية يحضر فيها الالتصاق الحميم بين البشر وبعضهم، والبيوت والمحلات وجوارها، كتعبير عن مدينة تحتفي بصيغ العلاقات الحميمة التقليدية وارثها العاطفي المميز.
التقابل بين المدينتين بتنافرهما العياني والانطباعي الأولي، هو محاولة للتفتيش في المشترك والمتنافر من ارثهما العميق في التلقي العربي العام، ورغبة في تفحص روحية التنوع والتعدد الذي تتصفان به، وأن كان تعدد يختلف في صيغته، وما يُرتبه من نتائج على كل واحده منهما. فـ بيروت تأخذ تنوعها وتعددها من موقعها كمدينة بحرية تحتوي على تعدد طائفي وثقافي ذو طابع اختياري بشكل ما ( وان كان يمكن الجدل قليلاً في هذه الفكرة ). والقدس أخذت امتياز صفة التنوع، من كونها الحاضن المكاني الأبرز لأكثر الرموز الدينية قداسة في الديانات السماوية الثلاث. وهو الشأن الذي جعلها تستبطن قسراً تنافس الفضاءات الدينية الثلاث في إفصاحها الثقافي، والمعماري، والسكاني، والتاريخي.
تأخذ بيروت جزء أساسي من أسباب تمايزها السحري، من فضاءات الحرية التي تتركها تجاورات الطوائف والأديان فيها. إن هذه الحرية الناشئة من التجاور، هي ارث بيروت الأهم، والذي شكل ضمانة معقولة ( وان كانت ليست كافية ) لتفكيك الاحتقان الطائفي. بالإضافة إلى أن هذا الإرث من الحرية المحروس طائفياً، امتص بشكل واسع مختلف التعبيرات الفكرية والثقافية الحديثة في العالم، كمحاولة لوصل هذه الحرية بتعبير أكثر حداثة، وللنجاة من سببيتها الطائفية، والتصاقها بها كمعرف وحيد عنها.
القدس على العكس من ذلك، فلم تستطع هذه المدينة أن تنتزع تعاقداً جماعياً على مساحة حرية مستقلة عن كل الفرقاء الذين يقطنوها، حرية تتيح تجاوراً سلمياً للطوائف والديانات فيها. كان ثقل الرمزيات الدينية الكبيرة التي تتنافر في الفضاء المديني الضيق مُحرضاً مستمراً لكل طرف، يدفعه لمحاولة احتكار الفضاء العام لصالح مقولته الدينية فقط. إن ارث هذا النزاع الديني التاريخي، عطل فرصة تحول هذا التعدد والتجاور إلى عقد واصطفاف خلف مساحة حرية واسعة، تتيح للكل الشراكة فيها، وهو شأن ساهم في جعلها مدينة طاردة لأي تعبير فردي غير مرهون لحمولة دينية، أو ذو اختيار علماني بشكل واضح.
تعمل بيروت دوماً على تعزيز مساحتها الداخلية، عبر خلق ارث مشترك بينها وبين أفراد ذو اختيارات خاصة، بالمعنى الوجودي، أو الثقافي، أو السياسي. قدموا إليها من جوارها الوطني، أو الإقليمي، ليتخلصوا من ارثهم أمكنتهم المغلق، وليضيفوا قيمه ولون إلى حريتها، يحمونه عبر غنائية حميمة بها. إنها تصل أعصابها، وشوارعها، وحاناتها، ومقاهيها، وساحاتها بالعالم كي تصير أغنى باتساعه.
كانت ورطة القدس فيمن يأتون إليها من الخارج، أو حتى بمن يحدقون فيها من بعيد، ويرهقونها بتوقعاتهم ومطالبهم. إنهم يقدمون إليها حاملين أرواح مستقطبه لتعبير واحد يرغبون بتكريسه، ومُتلفين بشده - عبر ذلك - تنوعها. إن تعددها كان مبرراً أبدياً لإثارة النزاع. وقدرتها على إرساء سلام وحرية صغيرة بين قاطنيها بتعددهم الديني والطائفي كانت تُهتك من قبل الطموحات الشرسة لـ اللون الواحد الذي يحمله القادمين إليها.
تنتمي هوية بيروت المعمارية للحظه الزمنية المعاصرة بكل إيقاعها السريع، وتداخلاتها، وطموحاتها.إن معمارها أبن المبادرة ذات المزاج الفردي، بحسه ألابتكاري، و هو معمار غير مُثقل سوى بطموح الاستثمار أو قيد الحاجة. إنه خفيف، يُمكن إعادة تشكيله، أو إعادة أعماره في حال هدمه، دون التخوف من ثقل المرارة التي تخلفها الرمزية النفسية للإرث التاريخي في البناء القديم.
القدس تنتمي إلى هوية معمارية قديمة، ذات صله حميمة بحقل علاقات سياسي وثقافي مُحاصر بالتاريخ بشدة. إن كل تفصيل فيها ينتمي إلى ذاكرة قديمة، ومحروس بقداسة متوترة. إنها ابنة الإيقاع الثابت، الذي يأخذ امتيازه من حفاظه على كيانيته دون تغيير. إنها تُعادي أي طموح للابتكار الفردي، كونه يهدد اتساق هذا المعمار مع رمزيته التاريخية والدينية. وأي إعادة لتشكيل المكان، ستكون مرفقة بلغم الغضب، ذلك الغضب الذي يبعثه تهدد اطمئنان الجميع لكون ارثهم المحروس بثبات معمارها قد ينتهي. المعمار الذي تتكثف عبره رمزية وجودهم في المكان وحقهم فيه.
أحال القادمين إلى بيروت ليلها إلى صخب ابدي. إنه ليل الحانات، والمراقص، والشغب المسروق بحرية لا تتكرر في ليل أي مدينة عربية أخرى. إن تلقي ليلها كان مأسوراً للإحالات التي يتضمنها مشهد النساء الجميلات بملابسهن " الاسبور " المتحررة.. لإمكانية الجميع على أن يكونوا مستمتعين بقدح، أو بالقرب من امرأة. إنه ليل ينخفض فيه سقف المعيار الأخلاقي بجذوره الدينية والاجتماعية، لصالح إتاحة الفرص للنزق الفردي، ولممكنات الترفيه الذاتي، وتوسيع الخيارات أمامها حتى الحد الأقصى. إن ليل بيروت دنيوي للغاية، ومتصل بالرغبات، و البشر الذي يعيشون في الأرض تماماً دون أن يلتفتوا إلى السماء أو يركنوا إليها.
ليل القدس استولى عليه ارثها الديني. إن اختراق المآذن والأجراس لفضاء المدينة حاصر ليلها باتجاه واحد، ولم يعد بالإمكان تحريره من سيطرة الدعاء والابتهال كأهم تعبيرات الفعالية البشرية التي يُمكن أن تمارس فيه. المتعة واللهو أفعال تهدد وقار ليلها وتعاليه عن الدنيوي. إن السرية هي صفة التمييز التي تُرافق اللهو والمتعة في القدس، بينما الإفصاح عن الالتزام هو منطقة الاحتفاء الجمعية. إن تلقي ليل القدس، وفضاءها العام، لا يغادر القيمة الأخلاقية والدينية المرافقة له، وتأكيد فرضية قائمة في تصور الجميع الضمني تتمحور حول كونه ليل يحتفي بالرغبات المقدسة، ومتصل بالسماوي فقط.
القدس كانت مدينة المأزق العربي باستمرار، إن تصاعد رمزيتها، والإضافة المستمرة لهذه الرمزية، التي تتعدى دلالتها الدينية بالنسبة للكثرة المسلمة عربياً، أتى من كونها مدينة مسلوبة، وتمثل تكثيفاً لاستلاب فلسطين بأكملها. إن احتوائها على أهم الرمزيات البصرية، والدينية، والنفسية في فلسطين، قام بترفيعها لتحتل الموقع الأول في الغنائية النضالية ذات الأفق القومي، بامتدادات الشكوى والحنين التابعة لها. وهو الشأن الذي يُفصح عنه الاحتفاء الرمزي بها في التعبير الأدبي والفني، ومركزيتها في الأدبيات السياسية والثورية، بالإضافة إلى حضورها الفادح في قلق المثقفين و" المنشقين " العرب، الذين حولوها إلى التعبير الأعلى للهزيمة الفردية والعامة التي يمر بها الجميع.
بيروت كانت مأزقاً أخر، فهي محطة الصمود الأخيرة في مواجهة ذات الخصم الذي استولى على القدس، لقد تم تكثيفها كموقع للمحاولة المستمرة لانتزاع النصر، وإنتاج النضالية التي تُعادي ارث الهزيمة الذي خلفه استلاب القدس. إن الهاربين من الهزيمة الداكنة كانوا يجدون استراحتهم في بيروت، حيث تمت المجاورة بين رفع الأنخاب والإعداد للمعارك.. الاسترخاء الفردي والتجييش العام.إن نجاة بيروت المستمرة من الحروب والاحتلال، وعودتها باستمرار إلى موقعها الرمزي، بكافة تعبيرات الحرية والنضال الملتصقة به، منحها قيمة إضافية شديدة الدلالة، تتلخص في كونها مدينة تُصر بشدة على الانتصار للحياة، والتأكيد على قيمة الحرية كلازمة سببية لذلك.
بيروت والقدس، مدينتين تشاركتا فاعل واحد هو الإسرائيلي. وهو فاعل خلف فرزاً مختلفاً لموقع كل مدينة منهما في الـ تلقي العام، كما انه كان عنصراً أساسياً في التلاعب بالعناصر الأكثر أساسية لبنيتهما، وشارك في إعادة ترتيب نمط العلاقات السكاني والثقافي السائد فيهما بشكل جذري، كما انه ساهم في إنشاء حساسية مختلفة تميز علاقة المدينتين بمحيطهما، ونمط اتصالهما بالوعي القومي العربي. تشاركت هاتين المدينتين مصيراً مزعجاً، فكانت الأولوية المفترضة في حياتهما، وما يُفترض أن تنهضا به يُقرر باستقلالية عنهما. إن وقعوهما تحت النظرة الجماعية المحدقة للمحيط العربي، بمطلبيته النفسية الضاغطة، عطل قدرتهما على إنشاء مصير خاص بهما، مصير قد يكون خارج سلم الاختيارات المرغوب من هذا المحيط، ولكنه بالأخير يخصهما. إن تكاملهما ضمني، رغم تنافرهم الحاضر بشده ضمن التلقي الانطباعي الأولي. فـ القدس المتجهمة تحتاج بيروت مسترخية ولاهية، والقدس المهزومة تحتاج إلى بيروت صامدة، والقدس الحزينة تحتاج إلى بيروت تغني لها، والقدس التي تشرد أبنائها تحتاج إلى بيروت لاحتضانهم. إنهما يقعان في فخ تبرير وجود متبادل مادامتا تقعان ضمن دائرة هذا الانتباه والتحديق المستمر من العالم، ولم يخرجا من دائرته ليشكلان مصير وحياة أكثر خصوصية.. ومغلقه قليلاً عليهما.

اللبناني والفلسطيني.. ثنائية تستبطن التماهي والتنافر....
كثف اللبناني والفلسطيني أشكال شراكة مختلفة، دمجت أو ماهت بينهما في الحضور العام في الكثير من الأوقات. أخذ هذا الحضور - الذي اشتبك فيه الاثنان ضمن دائرة التحديق الموجهة باستمرار نحوهما - تعبيره الأبرز في اقترانات ثنائية لافتة، تميزت بخصوصية لا تتكرر. وهي الاقترانات التي أخذت شرعيتها من تقاطع مصائرهما في مسيرتهم التاريخية الحديثة، وتبادلهما لموقع الضحية ( رغم استئثار الفلسطيني بالموقع لفترات أطول )، كلازمة توصيفيه أضيفت إلى قيمة وجودهم العام. ضمن هذه الخصوصية التميزية للاثنين والحاضرة بقوة، كان تواجد فيروز في التلقي الوجداني العربي - خصوصاً في البلدان التي لا تحضر فيها كسماعية غنائية شائعة - مقترناً بالقدس بشكل جوهري. إن " فيروز اللبنانية " هي من أشاعت بصوتها الجميل و الدافئ ابرز احتفاء غنائي بـ " القدس الفلسطينية "، و( زهرة المدائن ) الأغنية الملدوغة بالحنين، والتي تستبطن في أدائها كل ارث الخسارة المرفق بمدينة القدس، لم يكن لها أن تكون بهذا التميز النوعي لولا أنها امتزجت بصوت فيروز، بكل ارثه اللبناني، وبكل إحالات الألم والجمال الذي يستبطنه هذا الإرث. إن تراث الحزن اللبناني له جذور عميقة في تراث الحزن الفلسطيني، وهو شان تماهى وامتزج في صيغة " فيروز - القدس " في التلقي العام.
من موقع قريب من الفكرة السابقة، وان كان ارتباطه بفكرة هذا الاقتران الثنائي أعلى، يحضر مارسيل خليفة اللبناني ومحمود درويش الفلسطيني، كنموذج أكثر التصاقاً بقدرية التماهي بين الهويتين. تموضع هذا النموذج الثنائي في طليعة التعبير ألاحتفائي - الشعري والغنائي - بالنضالية العربية اليسارية والقومية، وهو شأن متصل بكون الكتلة الأكبر والأبرز في هذه النضالية كانت مشغولة باحتفاء مستمر بشراكة اللبناني والفلسطيني الكاملة فيها، والتأكيد والتحريض على ديمومتها وضرورتها. إن التحديق المستمر في حروب بيروت وفلسطين ينتج انصهاراً في ملامح الفاعلين فيها استطاع مارسيل و درويش أن يلعبا درواً كبيراً فيه، وفي كسر أي جنوح، أو محاولة اصطفاف خلف الهوية، قد تشوش على " المسؤولية " و " النقاء " و " التسامي " في ادوار هؤلاء الفاعلين، ضمن خط الترويج العام للقضية الوطنية والقومية الذي اشتغلا ضمنه نسبياً. إن المساهمة الفلسطينية في أسطورة النضال اللبنانية، لا تقع في نفس الموقع أو بذات الحجم الذي تمثله المساهمة اللبنانية في أسطورة النضال الفلسطينية، ولكن لا يمكن أبداً الحديث أو التأريخ للاثنتين، دون الحديث عن تلازم مساهمة الطرفين في فعل كل واحد منهما. خصوصاً وأن جغرافية لبنان الممتدة كانت الخلفية الأساسية التي اُستمدت منها اغلب العناصر التكوينية في صناعة مسار الحدث اللبناني، ومرحلة مهمة وكبيرة من الحدث الفلسطيني، بكل تمدد هذين الحدثين على المستويين النفسي والرمزي في الذاكرة الجماعية للعرب. يأخذ هذا الامتزاج مداه " الدرامي " الأقصى في حدث المحاكمة والتكفير الشهير الذي يخص قصيدة " يوسف " لدرويش الفلسطيني، بسبب غناء مارسيل اللبناني لها. إن تكفير ومحاكمة مارسيل الفنان الذي غنى هذه القصيدة فقط، وعدم تعدي هذا الفعل نحو تكفير أو محاكمة درويش الشاعر الذي كتبها، يستبطن رمزية ظريفة وحادة الدلالة أيضاً. فكون الأول لبناني هو شأن أُرفق به التلازم، أو القدرية اللبنانية في تحمل نتائج الحنق الفلسطيني و" خطاياه "، وهو بالضبط موقع الثاني الضمني حين كتب القصيدة، حيث كان يُعبر - من خلال الاستدلال بالمروية التاريخية والدينية لقصة النبي يوسف - عن موقع الأخ الحانق من الأشقاء الذي يقومون بالغدر، ويعدون له باستمرار ( أليس اللبنانيين أشقاء الفلسطيني الذين تأمروا عليه، وغدروا به في أكثر من مذبحة، وأخرجوه أيضاً من بيروت، وفق ما يستبطنه الكثيرين من موقف وفهم لما حدث من تشابكات في علاقة الطرفين أثناء المرحلة اللبنانية في النضال الفلسطيني ). إذاً، كان على اللبناني مارسيل أن يتحمل نتائج ما كتبه الفلسطيني درويش، مثلما كان على بيروت في 1982م أن تتحمل وتدفع ثمن نتائج نضال الفصائل الفلسطينية، حتى لو كان موقع الاثنين " مارسيل و بيروت " هو الحاضن فقط لفعل الطرف الأخر!!.
لقد كانت ذات الجغرافية اللبنانية، وفي ذات الظرف الزمني، موقع للنزاع والتوافق بين رمزين شديدي التكثيف للهوية الفلسطينية والهوية اللبنانية. حيث كان يحضر التقابل البصري بشكل مباشر بين شجرة الأرز اللبنانية وخريطة فلسطين. كانت نقاط التفتيش التابعة للميليشيات اللبنانية والفلسطينية، والقائمة في شوارع وضواحي ومخيمات بيروت، تُميز عن بعضها عبر كثافة عرض وحضور أحد الرمزين فيها ( طبعاً بجوار رموز الهوية البصرية المباشرة التي تميز فصيل عن أخر، حتى لو اتفقا مثلاً في خط العمل على المستوى الميداني والفكري ). لم يكن للسلاح الإمكانية أو المقدرة على خلق تمييز يُفصح عن هوية الطرف الذي يسيطر على نقطة تفتيش ما ( رغم كون السلاح يُعرف بالطرف المقابل الذي يُصوب نحوه وفق البلاغة النضالية )، بل كانت القلائد التي تحمل الخريطة الفلسطينية و " حنظله "، والقلائد التي تحمل شجرة الأرز أو " الصليب "، والمعلقة على أعناق " المناضلين " أو المسلحين من رجال الميليشيات، هي من تمارس فرزاً يُفصح عن هوية المسيطرين على نقاط التفتيش هذه. وعبر ذات القلائد - بدلالات الرمز البصري الذي يُعلق إليها - يُحدد الإجراء الذي سيستخدمه هؤلاء المسلحين تجاه من سيمرون بها نحو أي مكان كان!!.
إن هذه الثنائية التي تجمع اللبناني والفلسطيني استبطنت سخريتها الخاصة، فهي تنشئ سحرها وألمها من ضريبة يتبادل الطرفين دفعها ضمن مبررات مختلفة، وفي ظروف مختلفة، وفي أقدار مختلفة. ويكمن في تنافرها وحميميتها السر الأساس خلف تطرفها، فإما احتفاء الكل بها، أو غضب الجميع منها!!.



#ماجد_المذحجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في محاولة اكتشاف الصوفي.. أو الوعي به
- الصورة والحقيقة، ما تقوله وما تستولي عليه
- !!عن الفراغ كحاصل لاحتفاء المكان بمزاج بدائي.. وعدائي
- الاحتفاء بالمكان الخطأ... عن صنعاء، والشعر الجديد، والثقل كح ...
- الصورة التلفزيونية.. انحراف عن الحقيقة
- في معنى أن تختار دون أن تُعرض نفسك لابتسامه عمياء
- التاريخ يتكلم بإسم عبد القادر الجزائري ..-كتاب الأمير- لواسي ...
- اعتراضاً على إعدام قاتل جار الله عمر
- رواية الضجر الأنثوي والجملة الناقصة.. رواية غرفة السماء ل مي ...
- ما يُفترض ان يكتبه شخص من ملاحظات
- عن الرمز المقدس وما عليه........
- التفكير في فكرة الرقيب الاخلاقي
- ستولد من أحبها من ضوء قمري أو من قدح
- الحزب الاشتراكي اليمني وتشكيل تراث الخيبة
- المشاهد التي يُمكن أن أنتبه لها للحظة
- بطاقة تخصني وتتعلق بما أنا علية
- الرواية في فخ التجريب والحنين..واسيني الأعرج يأكل مصير أبطال ...
- مطلع أغنية جاز يغنيها رجل أسود.. وحزين
- محاوله في تلقي لغة لم تُجهز من خارجها..عن نص ( أكاذيب نونزاي ...
- بنية مغلقه.. و تحيزات جاهزة... عن المشهد الثقافي السوري


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد المذحجي - بيروت والقدس.. محاولة ابتكار مشهديه عن مدن المأزق المستمر