أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - العقاب : قصة قصيرة















المزيد.....

العقاب : قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 07:18
المحور: الادب والفن
    


انتظرت هذه اللحظة ، طيلة أسبوع كامل ، ان أتمتع بوقتي حرا ، أتنفس الهواء العليل ، واستنشق نسمات طرية ، بعد عناء طويل من العمل ، أخذت حماما سريعا باردا ، وأجلت حلاقة ذقني إلى صباح اليوم التالي ، فما زالت الشعيرات قصيرة ، تكاد لا ترى ، والشمس بعد افلت الى المغيب ، وسوف اخرج من المنزل ، وأسير الهوينى ، مريحا أعصابي المجهدة ، التي أخذت في الآونة الأخيرة يفلت زمامها مني ،كنت أتأهب للخروج ، سمعت دقا متواصلا على الباب ، تجاهلت النداء ، لكن الصوت ، اخذ يلح علي ، طالبا ان افتح الباب ، ترى من يكون القادم ، وأنا لا يزورني احد ، بعد ان ذهبت الزوجة غاضبة الى بيت أهلها ،رب زيارة مفاجئة ، تجعلني ارجيء ما عزمت على القيام به ،، من مسيرة حرة ، لاهدف من ورائها ، سوى التقليل من الاختناق ،، الذي كنت اشعر به طوال أيام الأسبوع المنصرم ،،أحاول أن أتجاهل الصوت ،، المنبعث من دقات متوالية ،،على الباب ، وكأن الشخص الذي ما زال مجهولا لدي ، يلح على مضايقتي في هذه الساعات القليلة ،، التي عزمت ان اجد راحتي بها
يتواصل طرق الباب بذلك الإصرار العجيب ، وأنا أخشى ان تكون زيارة مفاجئة ، تمنعني من تحقيق ،، رغبة طويلة ،، عاشت في دمي طيلة ،، أيام الأسبوع الماضي ،،لم اطلب عسيرا من الأمور ، لايمكن تحقيقها في هذا الزمن الصعب ،، الذي تمنى به كل آمالك بالضياع ، يتواصل طرق الباب بالحاج يفقدني الصواب ، ويستبد بي خوف كبير ، ان اعجز عن تحقيق حلم بسيط ،، اخذ يداعب خيالي ، طيلة الأيام الماضيات ،، الطقس اخذ يحلو ويطيب ، بعد أيام من اشتداد الحرارة ، وارتفاع اللهب المنبعث من أشعة الشمس ، طرقات الباب ما زالت تسلبني الشعور بالراحة ،، من انني قادر على الوصول الى غاياتي البسيطة ،، دون عناء ،، أسرع الى الحمام ،، وانظر الى المراة ، لاعدل من هيئتي ،، امشط شعري القصير المبلل المجعد ،، ، انتهيت من استعدادي الذي لا يكلف وقتا طويلا ، والطرق على الباب ، يصرخ ،، طالبا ان ألبي النداء ، أسير رغما عني الى الباب ،، كي افتحها ، فأجد أمامي مخلوقة ،، ما كنت اطمح أبدا ان أجدها هذا اليوم ، فقد انقضى زمن طويل على رؤيتها التي ما كانت تبعث السرور الى نفسي ،،
- الحمد لله انك هنا ،، خفت الا أجدك
عيناها حمراوان ، نتيجة البكاء الطويل ، وقد كانت في الماضي تسبب مشكلة ، من كل أمر تافه ،وتلعب دور الضحية باستمرار ، طالبة من الجميع ان يقف لمساندتها ، وان يتحدث الى الآخر ،، عله يرأف بحالها ،، ويظهر بعض اللطف حيالها ..
انتظرت واقفا كي توضح المراة قصدها من هذه الزيارة ،، ولم ادعها إلى الجلوس ، لئلا تعطلني عن القيام بما أزمعت ، اليوم هو راحتي ، وارغب ان أتمتع به ،، وأنال بعض الراحة ،، من عناء الاعمال المرهقة ، التي اجدها ،، تتراكم على عاتقي ، فأقوم بها مسرورا حينا ، مرغما وعلى كره مني ،، أحيانا أخرى ..
بقيت واقفا انتظر ،، ان تفصح المراة عما جاء بها ، فقد كانت لا تسأل عني ،،، إلا اذا رغبت ان اقوم بشيء لصالحها ، وانا لم اعد راغبا بالانحياز لها ، لكثرة شكواها ،، والقيام بدور الضحية دائما ،، وان الآخر يظلمها ،، محاولا انتهاك حقوقها ،، وحتى لو كانت مظلومة حقا ،، فمن أنا لأقوم بدور الوسيط ، وهل أستطيع ان أغير ،، من طبيعة العلاقة التي تربطهما ، هي تتهمه ،، وهو يتهمها ،، وما شأني بهما ،، انها كما يقول حمقاء ،،، لاتحسن التصرف ،، غيورة تشك بعلاقاته الكثيرة ،، مع الجنس اللطيف ،، وبخيلة أيضا ،، لا تمنحه النقود الكثيرة التي تستطيع الحصول عليها ،، بصراخها الملحاح ، من أبيها المسكين الطاعن بالسن ،، بداية كل شهر ..
تجلس المراة ، على غير دعوة مني ، ولا رغبة ، انظر خلسة الى الساعة ، واجدها قد جاوزت موعد خروجي ،،الذي كنت قد قررته ، ولكن لانتظر ، إنها الراحة ، ولا بأس بالتأخير البسيط
-انجدني ،، لا اعرف غيرك
تستولي عليها رغبة عنيفة في البكاء ،،تخنقها العبرات ،، وأنا ما زلت واقفا ، انتظر ان تفصح عن حقيقة الأمر ،، الذي اتى بها الى منزلي ، لااستطيع الصبر على دموع النساء ، تفارقني جرأتي المعهودة ،،،في مثل هذه المواقف
تخرج علبة السكاير ، من حقيبتها اليدوية ،، وتفتش عن ولاعة ، أسرع لتلبية طلبها ،أفتش عن الولاعة في المطبخ ،، فلا انجح بالعثور عليها ، اتي بعلبة الوقيد ،، أشعل لها السيكارة ،، تأخذ نفسا طويلا ، تنفث الدخان بتلك الشراهة ،، التي اعرفها عنها ،، ينطلق صوتها عاليا:
- ضربني ،،نسي تضحياتي الكثيرة من اجله ،، وصبري وتعبي ،، بعت كل شيء من اجله ...
لم أحب تلك المراة ،، رغم أنني وقفت بجانبها مرات عديدة ،، ضد صديق لي عزيز ،، كنت ادري انه يظلمها ، معتديا عليها بالكلام الجارح ، والألفاظ الخادشة ،، ألومه على ذلك الموقف ،، وهو يردد انه مظلوم ،، وأنها كثيرة الصراخ وشكاكة ،، وبخيلة ..
ما زالت العصبية تتلبس محدثتي ، وتسلبها الهدوء ، الذي لم اعرفه عنها ..
-ضربني ،، اعتدى علي ، ،، رفع يده متناسيا تضحياتي الجسام من اجله ..
تأخذ نفسا عميقا ،، من سيكارتها الموشكة على الانتهاء ، تخرج واحدة أخرى ، بأصابع ترتجف ، وتشعلها من القديمة ، تضعها مشتعلة في الطفاية ، أسارع بإطفائها خشية ،، من اندلاع نيران ،، انا في غنى عن متاعبها ، أحاول جاهدا ان ابعد نيران الحيرة ، وأبددها عن عالمي ، فانا لااحسن التصرف في مثل هذه الأمور التي اجد نفسي في وسطها دون دراية او إدراك ..
يرتفع صوت المراة عاليا ،، تأخذ منديلا ،من حقيبتها ،، تمخط بشدة ، امقت منظر الماخطات ،، يبدو الاحمرار واضحا على انفها ، تعود الى السيكارة ، تتنفس الدخان بعمق ، تنطلق كلماتها الشاكية محاولة التعبير عما ، لحق بها من ظلم ،،لم احب تلك المراة ،، كثيرا ما وجدتها شخصية ليست جديرة بالاحترام ،، لقد ساعدت صديقي نعم ،، ووقفت بجانبه ، لكنها كانت تمن عليه بما توفره له من مال ، انا لاابريء صديقي ،،فهو وغد حقير ،، تأتيه بالمال بداية كل شهر ، فيقول لها كلماته التي يكررها على مسمعها كل مرة :
- رحم الله أباك ،، لولاه كيف يمكننا العيش ، مسكن راق ، حديقة فارهة ،، سيارة فخمة ، أبوك اللعين ،، لماذا لا يموت ؟؟
تنطلق الكلمات المتدافعة من فم المراة الباكية ، بسرعة ،،لا تدعني أستطيع فهم ما تعنيه من صراخ ، لا اعرف كيف أصغي ،، والكلمات مبعثرة ، لا اتصال زمني لها ،تتحدث عن الماضي ، ثم تعود فجأة الى الحاضر بصراخ :
- ضربني ،، نسي التضحيات الجسام ،، بعت كل شيء من اجله ، وبعثته الى اوربا ..
- يأخذ صديقي النقود الكثيرة بداية كل شهر مرددا نفس الكلمات :
- رحم الله أباك ، جعلنا نحيا حياة ميسورة ، وفر الضرورات والكماليات ،، اخبريه ان منزلنا ليس أنيقا كفاية ، سيارتنا أصبحت قديمة ،،موديل السنة الماضية ، اذهبي اليه أرغميه ليحقق طلبك ، هو عجوز ، اخبريه انني اطمح الى السفر ، هيا اسرعي ،هو غني ،لماذا نكتفي منه بالفتات ؟؟
تطفيء محدثتي السيكارة ، تشعل واحدة جديدة ،،وانا أتساءل متى تنتهي من حديثها ،، لانطلق الى موعدي الذي حدثت نفسي به
- لقد ظلمني ،، اعتدى علي ،، متناسيا تضحياتي الكبيرة من اجله ،، رسب في التعليم ، بعت كل ما ورثته من أبي ، وأرسلته الى أوربا ..
تأتيني كلماتها مبعثرة ،، وهي دائمة الانتقال بين الماضي والحاضر :
- صديقك ظلمني ،، اخذ نقودي وسافر مع صديقته الى أسبانيا
صديقي اعرفه انا ،، ان كان وغدا حقيرا ، فهو صديق لي عزيز ، لم أكن لأسمح ان تأتي هذه المراة على ذكر ما يسيء اليه ، ولى ذلك الزمان ، ومضى كل منهما الى حال سبيله ..
يتواصل نحيب المراة ،، اجلس على مضض ، ربما ذهبت فرصتي في الخروج هذا المساء ، فرحي الذي كنت احلم به قد تبخر ، وانقضى ،، المراة الثرثارة ،،ما زالت تتكلم ،، كلماتها كثيرة يقطعها النحيب :
- ظلمني ،، نسي تضحياتي ،، دللته ،، لبيت رغباته الكثيرة ، تغاضيت عن فشله الذر يع ،بعت كل ما ورثته من الوالد ،، من اجل ان يسافر الى أوربا
لم أحب هذه المراة ،، هي صلفة ومتجبرة ،،عنفت صديقي انه يدفعها بداية كل شهر على إرغام والدها العجوز ،، لمنحهم النقود الكثيرة ،، مدعين انه واجبه ، ان يقوم بدفع النقود كل شهر ,,
يتوالى صراخ المراة ،،، تحاول ان تجعلني افعل شيئا لأجلها ،،انا عاجز ان أقوم باي شيء من اجل الآخرين ، فكيف يمكنني ان اقوم بعمل ،، ضد صديقي وعائلته ، أوشك المساء على القدوم ، وانا امني النفس ان اتمكن من مغادرة المنزل للقيام بنزهتي المحبوبة هذا الوقت، سأحظى ببعض الساعات ، استنشق بها الهواء العليل ، وأتمتع بالجمال الفريد ، الذي يحيط بالمدينة في مثل هذه الاوقات ،،
- ضربني ،، رفع يده بوجهي ،، متناسيا تضحياتي ، ربيته صغيرا وعلمته ، بعت ما ورثته عن أبي ، لأرسله الى أوربا ،، بعد ان فشلت دراسته هنا ..
قررت ان اخرج ،، والا أضيع فرصتي ،، باستنشاق الهواء العليل ،، ورؤية المناظر الجميلة ، والأشجار الكثيفة التي تمتع العين ،، رغبت ان انهي الشكوى المنطلقة من تلك المراة على غير انقطاع ،، وعدتها ان اكلم صديقي ، ليمنع ابنه عن مواصلة الاعتداء ، وانا اردد مع نفسي :
- من شابه أباه فما ظلم



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابداع النسوي والابداع الرجولي
- معايير التقدم والتأخر
- العودة الى الوطن
- طفل يصرخ : قصة قصيرة
- تراجع عن قرار : قصة قصيرة
- ساعة من فراغ
- عتاب : قصة قصيرة
- رد فعل : قصة قصيرة
- نتائج الحادي عشر من ايلول
- شخصية المعلم بين التقدير والاتهام
- قراءة في قصيدة : غريب على الخليج
- المرأة والجلاد
- الجمال ؟ ما هو ؟
- النشر الالكتروني والسرقات
- من يوميات امرأة محاصرة
- مواقف
- عد يا حبيبي
- الكلمة فعل
- صراع : قصة قصيرة
- رسالة الى حبيب بعيد


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - العقاب : قصة قصيرة