أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - النضال الفلسطيني واشكالية القطري والقومي















المزيد.....



النضال الفلسطيني واشكالية القطري والقومي


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1736 - 2006 / 11 / 16 - 10:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


وُضِع النضال الفلسطيني منذ تأسيس الكيان الصهيوني، وفي مرحلتين متتاليتين، في إطار إشكاليتين: إشكالية العمل القومي كأساس لتحرير فلسطين، وإشكالية العمل القطري كأساس لذلك. ولم تكن نتائج التجربة الثانية، أي تجربة العمل القطري، بأفضل من نتائج التجربة الأولى على صعيد تحقيق الهدف الأساسي، أي تحرير فلسطين. إن الظروف الراهنة للمقاومة الفلسطينية، و كذلك وضع الجماهير الفلسطينية عموماً، تظهر المأزق الذي يعيشه النضال الفلسطيني اليوم، و تفرض إعادة النظر بالخيار القطري الفلسطيني من منطلق السعي لتحديد وضع القضية الفلسطينية في إطارها الصحيح، في سياق النضال من أجل التحرر والاستقلال، ومن أجل الوحدة القومية، وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
ونحن هنا لن ندخل في مناقشة طويلة حول أن فلسطين جزء من الوطن العربي، وبالتالي فإن النضال القومي هو الأساس، فهذه بديهية من جهة، لكنها من جهة أخرى تثير إشكالية عويصة، هي الإشكالية ذاتها التي طُرحت منذ بداية الستينات، والمتعلقة بدور الفلسطينيين، بنشاطهم الثوري، و بموقعهم ضمن سياق النضال القومي. لهذا فإن القضية الأهم هنا، هي، كيف يمكن للفلسطينيين أن يخوضوا غمار النضال الثوري من أجل «قضيتهم»، قضية تحرير فلسطين دون أن يتناقض ذلك مع النضال القومي الموحَّد؟ ولعل هذه الإشكالية هي الإشكالية في كل الأقطار العربية، إشكالية العلاقة بين النضال القومي و«النضال القطري»، وإن كانت أكثر بروزاً فيما يخص النضال الفلسطيني، لأنها أكثر ارتباطاً بالنضال القومي، ليست بسبب أن النضال الفلسطيني ينطلق من الأرض العربية، مما يجعله يصطدم بحدود «الدول»، وبالأنظمة السياسية القائمة، وبالسياسات الرسمية العربية، وبالوضع الذي تؤسسه هذه الأنظمة، فقط، بل لأن الكيان الصهيوني يستهدف كل العرب.
إن محاولة تحديد «الدور الفلسطيني» في النضال القومي الموحَّد، يفرض دراسة تجربتين متناقضتين عاشهما النضال الفلسطيني، وهو ما يمكن أن نطلق عليهما: التجربة القومية، والتجربة القطرية.
إشكالية المنطق القومي المجرد:
كان طريق الفلسطينيين المشردين أو المهددين بالتشرد، بعد عام 1948، يقوم على أساس أن النضال القومي هو طريق العودة. وكان يخدم هذا الطرح، أن النضال الفلسطيني القطري قبل عام 1948 قاد إلى الهزيمة، والمأساة، وأن الجماهير المشردة غير القادرة على العيش أو السكن، ليس لديها القدرة على أن تشكِّل الرد القادر على تحرير فلسطين. خصوصاً أن الوطن العربي شهد مرحلة تغيير كبيرة، قادت إلى سقوط أنظمة ، وتأسيس أنظمة ترفع الشعارات القومية عالياً، وتطالب بالتصدي للوجود الصهيوني، وتتبنى شعار تحرير فلسطين. فاندفعت الجماهير الفلسطينية إلى معمعان النضال القومي، و إنخرطت في كل الأحزاب والقوى القومية، وناضلت من أجل التغيير في الوطن العربي. امتدت هذه المرحلة منذ عام 1948 إلى عام 1967 تحديداً. لكن حرب 1967 جعلتها تعتقد بعقم هذا الطريق و فشله، أو على الأقل بعدم جدواه مؤقتاً، فما انتظرته طويلاً سقط صبيحة يوم 5 حزيران 1967. لقد انتظرت الانتصار فجاءت الهزيمة. لماذا؟
إن العمل القومي فيما يتعلق بفلسطين، كان يعاني من إشكالية كبيرة. يمكن تحديدها بالنقاط التالية:
1ـ كان منطلق العمل القومي يقوم على أساس أن الوحدة هي الهدف الراهن، لأن «الوحدة طريق التحرير»، فاندفعت الأحزاب لإسقاط الأنظمة، وتغيير أوضاع الدولة الداخلية، بمعنى أنها عملت من أجل تحقيق إعادة بناء الدولة، وتطوير الاقتصاد، وإعداد الجيوش، أي أنها ارتدت إلى «الجبهة الداخلية» تحاول إصلاحها، كمقدمة لمواجهة الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين.
وقد يكون تغليب هدف على آخر أمراً ضرورياً في مرحلة من المراحل، حيث يكون تحقيق هدف بعينه مقدمة لتحقيق الهدف الآخر، لكن هذا الطرح كان يتجاهل الطرف الآخر في المعادلة. أي الطرف الصهيوني، فهل يسمح الكيان الصهيوني بأن تنهض الدول العربية، وأن تتحقق الوحدة، وأن تُعدُّ الجيوش، دون أن يتدخل ويفرض سياساته؟ وكانت الإجابة العملية واضحة. إنه معني بتخلف العرب، وبتكريس التجزئة وتعميقها، وبتحطيم الجيوش حتى قبل أن تصبح جيوشاً.
وهنا كانت الإشكالية الأولى، لقد بنت القوى القومية برنامجها على «أوهام»، وعلى تحليلات خاطئة، وأفكار غير مدروسة.
2ـ لقد أوجدت هذه الإشكالية إشكالية أخرى مرتبطة بها، فإذا كان المطلوب هو تحقيق التغيير في بنية المجتمع العربي قبل تحرير فلسطين، فما هو دور الفلسطينيين؟ وكان الجواب هو المساهمة في تغيير الأوضاع العربية، وانتظار تأسيس الجيوش الجرارة القادرة على التحرير، فانتظرت الجماهير، و أسهم مناضليها في النضال القومي، لكن كل ذلك لم يجعل الجماهير الفلسطينية تتلمس أي أمل في إمكانية التحرير، خصوصاً بعد تفاقم أزمة الحركة القومية العربية وتصارع أطرافها، وتحوُّل أقسام منها إلى «أحزاب أنظمة». ومن هذه الإشكالية نبع «الرد الفلسطيني» بعد ذلك. فغياب الدور أدى إلى تضخيم الدور فيما بعد، والركون إلى الجيش أدى إلى إسقاط دور الجيوش بحجة أن حرب الشعب هي الطريق.
لقد غاب دور الجماهير الفلسطينية لأن الهدف أُرجىء، فما دام المطلوب هو تغيير الأوضاع وتأسيس الجيوش، فمن واجب الجماهير الفلسطينية أن تسهم في ذلك، وتقنع بتأجيل معركتها.
3ـ وتمثلت الإشكالية الثالثة في طبيعة القوى القومية ذاتها، التي سعت للتغيير، سواء فيما يتعلق بوعيها، أو بحقيقة أهدافها، وبالتالي طبيعة الأنظمة التي شكّلتها،و الجيوش التي أسستها. لقد رفعت شعارات التحرر والوحدة والاشتراكية، وناضلت من أجل تحقيقها، لكن وصولها إلى السلطة في أكثر من دولة عربية، أظهر بوضوح أن هذا الطرح لم يكن يعبّر عن طبيعتها، ولا كان ينسجم مع أهدافها الحقيقية، مما أبرز ازدواجية في طرحها، وأدى في النهاية إلى تغليب مصالح فئات منها على المصلحة القومية الأساسية، ومنها قضية تحرير فلسطين. فصار الحديث عن تأجيل المواجهة مبرراً للهروب من المواجهة، كما صار الحديث عن التقدم الاقتصادي مجال نهب فئة وصلت السلطة، كذلك صار الحديث عن الاستعداد لمواجهة العدو الخارجي مجالاً لتوجه ضربات قوية للمعارضة السياسية، وتكريس أنظمة قمعية شمولية. لذلك ظلت الجيوش عاجزة، و غرق الضباط و القادة في البحث عن طرق الإثراء السريع، مما جعل هزيمة كهزيمة عام 1967 محقّقة، وهنا لابد أن نستثني جزئياً تجربة عبد الناصر في مجال البناء الاقتصادي التي حاولت إرساء أساس يدعم عملية التقدم، وفي بناء الجيش بعد هزيمة عام 1967 تحديداً، حيث كانت الهزيمة هي السبب في ذلك.
وليس هنا مجال الإفاضة في بحث هذه النقطة، لأنها واسعة بما فيه الكفاية، لكن المهم في هذا المجال أن وضع القوى التي طرحت قضية التغيير الداخلي، وطالبت بتأخير المواجهة مع الكيان الصهيوني، أن وضعها لم يكن يسمح لها لا بتحقيق التغيير الداخلي ولا في مواجهة الكيان الصهيوني، لذلك هزمت. وشعرت الجماهير الفلسطينية أن مراهنتها على هذه القوى وهذا الخيار كانت في غير محلها، مما هيأ ظروفاً مواتية لكي تلعب قوى إقليمية سلفية تأسست على أساس العداء للقوى القومية وللتقدم، دوراً في النضال الفلسطيني، و لتؤسس تجربة جديدة.
لقد كان الخيار القومي، كما طرحته القوى القومية، يقوم على أساس انتظار تغيير في الوضع العربي، يسمح للجيوش العربية بتحرير فلسطين. وكان هذا الطرح يعبّر عن أفكار رومانسية، ويقوم على آمال دون رؤية مدى جدية الطريق الذي يحققها. لقد كان الطرح عمومياً، يقوم على أساس شعارات كبيرة، مثل الوحدة، والاشتراكية، والتحرر، دون أن يُربط بواقع محدد و ظروف محددة. إنه دعوة لكتلة صمّاء و ليس دعوة لجماهير لها ظروفها و مشاكلها، لها أزماتها وحاجاتها. فكانت دعوة للوحدة والتحرر والاشتراكية معزولة عن الدعوة لتحقيق مطالب الجماهير الآنية والمباشرة. إنها دعوة للحلم مع القفز عن الواقع. وهكذا بالنسبة للنضال الفلسطيني، حيث كانت دعوة للجماهير الفلسطينية لتحقيق هذه الشعارات الكبيرة دون أن يحدَّد دورهم العملي على ضوء الظروف التي كانت الجماهير الفلسطينية تعيشها.
أدت هذه الإشكالية إلى بلورة إشكالية أخرى مضادة، لكنها تقود إلى النتيجة ذاتها، رغم أن القوى القومية لمست هذه القضية منذ بداية الستينات.
إشكالية المنطق الإقليمي المتعصب:
برز الخيار الثاني لدى الجماهير الفلسطينية كرد فعل على الخيار لأول، وفي نفس الوقت كإعلان لفشله.
وإذا كانت بعض القوى قد طرحت هذا الخيار منذ أوسط الخمسينات، انطلاقاً من رؤية أيديولوجية محددة، يمينية بطبيعتها، سلفية في جوهرها، رجعية في واقعها، انطلقت من رفض المنطق القومي كخيار وحيد لأمة مجزأة، و عملت على مناهضة الحركة القومية تحت حجج شتى دينية أو إقليمية، فإن الجماهير الفلسطينية لم تندمج في هذا الخيار القطري إلا بعد شعورها بفشل الخيار القومي، وتحديداً بعد عام 1967، حيث ظلت تؤيد القوى القومية، وتتمسك بها، وتراهن على خيارها.
لقد أكدت هزيمة عام 1967 للجماهير الفلسطينية أن عليها «أن تأخذ خيارها بيدها»، فاندفعت وراء تجربة قطرية، قادتها قوى ذات مصالح ومطامح خاصة، بعيدة عن مصالح ومطامح هذه الجماهير، متشابكة مع مصالح و مطامح قوى سلفية، وأنظمة رجعية، وفئات كومبرادورية خاضت النضال لتحقيق أهداف رسمتها، وكان يهمها أن تلفَّ الجماهير من حولها لتصبح قوّة معترف بها، وأنها «الممثل الشرعي والوحيد» للجماهير الفلسطينية.
إن حالة الانتظار التي عاشتها الجماهير الفلسطينية طيلة السنوات من عام 1948 إلى عام 1967، جعلها تهوّل من دورها الخاص، وسمح للقوى التي أرادت تكريس المنطق الإقليمي المتعصب أن تنجح في تحقيق ما أرادت. لقد كانت الجماهير الفلسطينية بحاجة إلى العمل من أجل تحرير فلسطين، فقامت هذه القوى بتحديد دور هذه الجماهير ضمن إطار أيديولوجي سياسي محدد، يتسم بالتعصب القطري (الكياني)، وبالتمايز عن المحيط العربي، تحت شعارات مثل «الشخصية الوطنية»، و«الهوية الوطنية» و«الكيانية الفلسطينية»، فأصبح هدف التحرير، كهدف سياسي يلّم الجماهير الفلسطينية، رؤيةً أيديولوجية تتسم بالتمايز والتعصب، والشعور بالتفوق، عملت هذه القوى على تكريسها وتعميقها في أذهان الجماهير الفلسطينية، والتخلي في المقابل عن الهدف الأساسي، أي تحرير فلسطين، فأصبحت «الهوية الوطنية»، و...الخ تعني «الدولة المستقلة» في الضفة الغربية وقطاع غزة، ثم أصبحت تعني الكونفدرالية ، وربما تصبح «الحكم الذاتي». لقد بقيت الرؤية الأيديولوجية إذن وسقط الهدف.
ما هي إشكالية النضال القطري الفلسطيني؟
إن الإجابة على هذا السؤال تفرض الحديث عن إشكاليتين، يمكن تحديدهما في التالي:
1ـ الإشكالية الأولى تتمثّل في تغييب الاستراتيجية الصهيونية، وتقزيهما إلى استراتيجية تسعى للسيطرة على فلسطين فقط. وهذه قضية خطيرة لأنها تخفي الاستراتيجية الصهيونية الحقيقية، وتؤكد على ما تحقق منها فقط. لقد سيطر الكيان الصهيوني على فلسطين، لكن الاستراتيجية الصهيونية لا تهدف فقط إلى تحقيق هذه القضية بل إنها تهدف إلى أكثر من ذلك، إنها تهدف إلى السيطرة على مناطق أخرى محيطة بفلسطين. وهذا يعني أن جماهير لبنان وسوريا والأردن ومصر معنية بمواجهة الكيان الصهيوني.
وتهدف الاستراتيجية الصهيونية أيضاً إلى أهم من ذلك، أي إلى السيطرة على الوطن العربي. وتأسيس «دولة إقليمية عظمى»، أو إمبراطورية صغيرة، أو إمبريالية صغيرة، من خلال ثلاث سياسات: تكريس التجزئة السياسية وتعميقها من خلال التفتيت الطائفي بما يجعل الوطن العربي مجموعة من الطوائف والملل المتصارعة المتناقضة والمتحالفة في نفس الوقت مع الكيان الصهيوني، ثم تكريس التخلف الاقتصادي الاجتماعي بما يبقي الوطن العربي سوقاً مستهلكاً فقط. وأخيراً تحقيق السيطرة الصهيونية العسكرية ـ السياسية والاقتصادية.و هذه استراتيجية تتعلق بالوطن العربي وليس بفلسطين فقط. وتهدّد المصير العربي كله، خصوصاً أنها مرتبطة بالاستراتيجية الإمبريالية في الوطن العربي، وتعمل لضمان السيطرة الإمبريالية بالأساس.
وبالتالي فإن الحديث عن «هوية فلسطينية» مقابل «الهوية الصهيونية»، وكيان فلسطيني مقابل الكيان الصهيوني، يخفي جوهر الاستراتيجية الصهيونية.
2ـ والإشكالية الثانية: هي في فصل النضال الفلسطيني عن النضال العربي، وفصل نشاط الجماهير الفلسطينية عن نشاط الجماهير العربية. وبالتالي تصبح قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين. وهي بهذه الصورة مهزومة مسبقاً، ولعل ما جرى خلال السنوات الماضية والنتائج التي وصلت إليها المقاومة الفلسطينية يؤكد هذه الحقيقة. لأن قوة الكيان الصهيوني كبيرة إلى الحد الذي يجعل النضال الفلسطيني عاجزاً عن مواجهتها، فكيف بهزيمتها؟ ولأن النضال الفلسطيني يقوم على الأرضية العربية، مما يجعله يصطدم بالسياسات العربية الرسمية، كما بالجيوش العربية التي تعمل من أجل تدعيم الأنظمة القائمة وحمايتها وكذلك حماية الإستقرار في الحدود المحيطة بفلسطين.والنضال الفلسطيني، مهما كان دفّاقاً، لا يستطيع مواجهة هذه أو تلك.
إن المشكلة الحقيقية هنا، ليست في دور الجماهير الفلسطينية والمناضلين الفلسطينيين، من أجل تحرير فلسطين، واختيارهم النضال المسلح لتحقيق ذلك، بل في الإطار الذي وُضع فيه النضال الفلسطيني. و الرؤية الأيديولوجية التي أوجدت تجمعاً متعصباً، مغلقاً، يعتبر نفسه متمايزاً عن محيطه، ليس هذا فحسب، بل ومتفوقاً عليه.
وكانت قيادة حركة فتح، التي قادت النضال الفلسطيني منذ عام 1965، تهدف من وراء إسباغ هدف التحرير بهذه الرؤية الأيديولوجية، عزل الجماهير الفلسطينية عن الجماهير العربية، لكي يكون من حق هذه القيادة تمثيلها ولعب ورقتها في الضغط من أجل الحصول على سلطة سياسية، من خلال الاشتراك في جهود التسوية السياسية، وذلك لتأسيس سلطة مثل كل السلطات العربية، ودولة مثل كل الدول العربية، وسياسة لا تختلف عن السياسات الرجعية العربية.
إن تأطير هدف التحرير بهذه الرؤية الأيديولوجية، ولعب قيادة فتح دور القائد لكل المقاومة الفلسطينية، كان يضع النضال الفلسطيني أمام مأزقين، الأول: مأزق عجز «الكفاح المسلح الفلسطيني» عن تحرير فلسطين نتيجة إختلال موازين القوى، اختلالاً مريعاً. ومأزق السياسة التسووية لقيادة حركة فتح، وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بسبب أن أطماع الكيان الصهيوني لا تسمح بالوصول إلى هذا المطمح.
فما المخرج إذن؟ إن فشل الخيارين اللذين طرحتهما سواء القوى القومية، أو القوى الإقليمية الفلسطينية، يفرض الإجابة على هذا السؤال. لقد كان رد الجماهير الفلسطينية في الأرض المحتلة محدداً، ويتمثل في تصعيد النضال الجماهيري، والانتقال من «حرب الحجر»، إلى «حرب السكين». لكن هذا الرد، رغم أهميته، لا يقود إلى انتصار، ولا يؤدي إلى تحرير فلسطين، رغم أن الجماهير الفلسطينية تفعل ما تستطيعه، وتثبت أنها جادة في المواجهة.
لا قومية مجردة، ولا قطرية متعصبة
بل خيار النضال القومي الديمقراطي
لقد سقط المنطق القومي المجرد الذي طرحته القوى القومية في المرحلة الماضية، على ضوء الإشكالات التي عاشتها هذه القوى و تعثُّر مسارها، ثم تفتتها واستئثار أقسام منها بكل إمتيازات السلطة، وتحوّل هذه الأقسام إلى فئات كومبرادورية، وبالتالي عجزها عن تحقيق أهداف النضال العربي، و بضمنها النضال من أجل تحرير فلسطين.
وسقط المنطق القطري المتعصب على ضوء الإشكالات التي عاشتها المقاومة الفلسطينية، والهزائم المتتالية التي لحقت بها.
فما هو الخيار الممكن في المستقبل؟
لابد من التأكيد على حقيقتين قبل الإجابة على هذا السؤال، الحقيقة الأولى هي أن هناك حقيقة هي الأمة العربية، و هذه قضية لا يجوز تناسيها، و الأمة الواحدة لها حركتها التاريخية، حركة نهضتها وتقدمها، حركة وحدتها وتحررها واستقلالها، وهنا تكون قضية فلسطين جزءاً من هذه الحركة، مادامت فلسطين جزءاً من الوطن العرب. والحقيقة الثانية: أن الكيان الصهيوني جزء من المعسكر الإمبريالي، وهو أداة أساسية من أدواته، ويقوم دوره على أساس مواجهة حركة التقدم العربي، وهو عين الدور الذي تلعبه الإمبريالية العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مما يجعل قضية المواجهة، قضية عامة تخص النضال العربي كله، لا الفلسطينيين وحدهم.
لكن الظروف الموضوعية التي يعيشها الفلسطينيون غير الظروف الموضوعية التي يعيشها المغاربة، أو السودانيون.. الخ، وعامل الفعل الذي يؤثر في وضع الفلسطينيين، هو غير عامل الفعل الذي يؤثر في المغاربة، أو السودانيين.. الخ، وبالتالي فظروف استجابة الفلسطينيين هي غير ظروف استجابة الآخرين.
لاشك أن هناك خصوصيات، فأزمة الفقر التي تنتج بسبب سياسة النهب الإمبريالي هي التي تدفع جماهير مصر، والسودان، وتونس والمغرب إلى الاندفاع للنضال، إن أهدافها المطلبية المعيشية هي العامل المحرك وعنصر الفعل والدافع للنضال، بينما يختلف الأمر بالنسبة للجماهير في بقاع أخرى من الوطن العربي، حيث يكون القمع والحكم الشمولي هو العامل المحرك لنشاطها، أما بالنسبة للجماهير الفلسطينية فإن عامل الفعل هو الاحتلال الاستيطاني، الذي يفرض عليها المواجهة المسلحة والنضال الثوري.
وإذا كان شعار تحسين الظروف المعاشية شعاراً يلمُّ جماهير واسعة، في بقاع مختلفة من الأرض العربية، فإن شعار تحرير فلسطين هو الشعار الوحيد القادر على لمِّ الجماهير الفلسطينية، كما أثبتت تجربة العمل القومي، وتجربة العمل القطري، كما يلمُّ المناضلين العرب.
إذن كيف نوحِّد بين الأهداف القومية العامة والأهداف العملية (التي تسمى عادة قطرية، أو وطنية...)؟ أي و في صيغة أخرى، كيف نسقط المنطق القومي المجرّد والمنطق الإقليمي المتعصب؟
لابد من التأكيد أولاً، أن هناك منظومتين من الأهداف، رغم ترابطها وتدخلها، فهناك الأهداف القومية العامة، مثل مواجهة الإمبريالية، والصهيونية والنظم الرأسمالية التابعة، والعمل من أجل تحقيق وحدة الأمة وتحررها وتقدمها. وهناك الأهداف العملية المحددة، الأهداف التي تخص فئة من الجماهير بعينها، أو تتعلق بمجموعة محددة، داخل قطر معين، أو في مجموعة من الأقطار المتقاربة. ويمكن القول أن هناك أهداف الأمة وأهداف الجماهير الشعبية، الأهداف الأولى عامة تُخص الأمة، أي تخص الجماهير العربية كلها، والأهداف الثانية محددة، تخص بعض الجماهير، وإن كان بعض هذه الأهداف يخصها كلها. والتمييز هنا ليس عمودياً فقط، أي ناتج عن انقسام الأمة إلى دول، مما جعل لكل جماهير دولة مصالح محددة، لكنه أفقي أيضاً، بمعنى طبقي، حيث لكل طبقة ضمن إطار الجماهير العربية مصالحها.
إن حل مشكلة النضال القومي والقطري يقوم على أساس ربط هذه بتلك، أي ربط أهداف الأمة بأهداف الجماهير. بمعنى آخر، ربط النضال القومي بالنضال الطبقي.
فإذا كانت قضية فلسطين قضية قومية عامة، انطلاقاً من أن فلسطين جزء من أمة، وأن المخطط الصهيوني الذي يعتبر فلسطين مرتكزه، يستهدف الوطن العربي كله. وبهذا فإذا كانت الجماهير العربية معنية بتحريرها، بوسيلة أو بأخرى، فإن الجماهير الفلسطينية معنية، بهذه القضية، بشكل مباشر، حيث أنها مشكلتها الأولى على كل حال. وإذا نظرت للوحدة أو التغيير في الوطن العربي، فلكي تنهي هذه المشكلة، أي لكي تحرر فلسطين، رغم وجود التعاطف القومي العام والعفوي، لكن عمق المشكلة يفرض عليها رؤية القضايا بهذه الطريقة، ولأن أكثر المشاكل تفجراً وسخونة هو الذي يحدد أولوياتها بالنسبة للجماهير العفوية، رغم أن التحليل النظري قد لا يجعلها تحظى بالأولوية.
بالضبط كما أن مشكلة الفقر هي المشكلة الأساسية لدى الجماهير في بلدان مثل مصر، السودان، تونس والمغرب، وكما أن مشكلة الديمقراطية هي المشكلة الأساسية في بلدان أخرى، حيث تأتي قضية التغيير السياسي الداخلي، وتحقيق الوحدة القومية، كطريق لتجاوز الفقر، وتحقيق الرخاء الاقتصادي.
ولاشك أن طرح الأهداف العملية والنضال لتحقيقها يعزّز تحقيق الأهداف القومية، لأنه يهيئ لتحقيقها، كما أنه يربطها بالواقع المحدد، بالظروف العينية، و بنضالات الناس العفوية، مما يسمح بتأسيس نضال ثوري حقيقي، ويجعل النضال من أجل الوحدة القومية، أو التقدم الاقتصادي، يقوم على أسس صحيحة، كما يُعطي أبعاده الحقيقية.
لقد كان هدف الجماهير الفلسطينية بعد عام 1948 هو العودة، في إطار تصفية الكيان الصهيوني. واشترك المناضلون الفلسطينيون في الأحزاب القومية، وأسهم بعضهم في تأسيسها، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى العودة، وحين فشلت الأحزاب القومية في رؤية الدور الفلسطيني ضمن إطار النضال القومي، تحوَّل العديد من هؤلاء المناضلين إلى النضال القطري.
ولهذا فإن هدف تحرير فلسطين هدف حيوي بالنسبة للجماهير الفلسطينية. لذلك فإن أي نضال قومي يتجاهل هذه الحقيقة لن يجد من الفلسطينيين من يتعاطف معه، وإذا كانت الشعارات العامة كافية خلال سنوات الخمسينات فإنها ناقصة اليوم، حيث من الضروري أن يرتبط تبني الشعار بالعمل من أجل تحقيقه.
وإذا حاولنا الاستفادة من التجربة الفلسطينية، نقول أنه من الضروري أن يبقى شعار تحرير فلسطين حياً، وأن تبنى القوى اللازمة لذلك. لكن نقطة الخلاف مع التجربة الفلسطينية، تتمثل في أنها أسبغت على هذا الشعار تصوراً نظرياً قطرياً متعصباً، أدى إلى عزلها عن النضال العربي، والإسهام في انتشار الميل القطري في كل الوطن العربي،. إن الخطر في هذا التصور النظري، أنه يهيىء لتأسيس «أمة» جديدة، لها «شخصيتها الوطنية المستقلة»، وتاريخها «الكياني». فالشخصية الوطنية هي شخصية الأمة، لأنها تعبر عن مجموعة بشرية لها ميزاتها الثقافية، وعاداتها التي وجدت خلال التطور التاريخي.
إذن، ما هو الخيار؟
إن المطلوب هو الانطلاق من ضرورة النضال القومي، الذي يعني وحدة البرنامج القومي الساعي لتحقيق نهضة الأمة وتقدمها، من خلال إزالة التبعية والتخلف، ومواجهة الاحتلال وتحقيق الوحدة القومية، وهذه قضية هامة لكي يتوحد النضال القومي، ويستطيع مواجهة كل القوى المحتلة والمسيطرة. أما القضية الأخرى فهي قضية التنظيم القومي، والجبهة القومية المتحدة، أداة النضال القومي.
لكن النضال القومي، بحاجة لأن يقف على أرجل حقيقية. ولكي يحقق ذلك يجب أن يرتبط بقضايا الجماهير، ولهذا فإن البرنامج القومي من الضروري أن يترجم في الواقع من خلال مهام محددة، يسهم تحقيقها في تحقيق البرنامج القومي (وهو ما يطلق عليه عادة بالمهام القطرية، أو البرنامج القطري). و بخصوص قضية فلسطين، يكون شعار تحرير فلسطين هو القضية الأساسية، التي توحِّد الجماهير الفلسطينية، كما توحِّد كل المناضلين الذين يعملون من أجل تحرير فلسطين.
وهنا لا يكون مطلوباً من الجماهير الفلسطينية الانتظار، بل العمل من أجل تحرير فلسطين، ولا يكون مقدَّراً لها أن تكون معزولة عن النضال القومي، بل تصبح جزءاً أساسياً منه. مما يسقط المنطق القومي المجرد والمنطلق القطري المتعصب، ويتوحد النضال العربي من خلال تنوع أهدافه. وهنا يجب أن نعرف أن النضال العربي، بكل تعقيدات الوضع العربي، يفرض النضال على أكثر من جبهة، جبهة النضال العسكري ضد الاحتلال الصهيوني، وجبهة النضال الاقتصادي المطلبي ضد الفئات الكمبرادورية والشركات متعددة الجنسيات، وكذلك جبهة النضال السياسي ضد الأنظمة الرأسمالية التابعة... الخ. كما أن كل ذلك يفرض تنوع أساليب النضال ذاتها.
هذا هو طريق النضال العربي، الذي يختلف عن كل التجارب في العالم، والسبب هو تعقيد الوضع ذاته، والإشكالات التي تأسست بسبب التخلف التاريخي من جهة، والفعل الإمبريالي من جهة أخرى.إن القضية ليست في تحديد أولوية مسألة التغيير في الوطن العربي، أو مسألة تحرير فلسطين، بل إنهما معاً، لأن الظروف الموضوعية تفرض ذلك، فلا الكيان الصهيوني يسمح بتحقيق التغيير في الوطن العربي، وهذا هدف من أهداف وجوده أساساً، ولا الولايات المتحدة تسمح بالتغيير أو التحرير أو الوحدة، ولا الأنظمة الرأسمالية التابعة تسمح بتحرير فلسطين.
وبالتالي فإن آفاق نضال قطري فلسطيني معزول عن مسار النضال العربي وغير مرتبط به، سوف يعيش أزمة وجوده على الأرض العربية، وأزمة إمكانياته أمام الكيان الصهيوني، وهو لذلك غير قادر على تحقيق الهدف الذي يطرحه، أي تحرير فلسطين. وهو غير قادر أيضاً على تحقيق أي هدف جزئي، مثل «الدولة المستقلة». كذلك يمكن القول أن آفاق النضال القطري الفلسطيني مسدودة، مهما كانت بطولة المناضلين و جدية القادة، فكيف إذا كانت البنية والنهج يعانيان من أزمات مستعصية؟ لقد خاض المناضلون الفلسطينيون تجربة لها من العمر عشرون سنة، ولعلهم يرون اليوم الفرق بين آمالهم حين بدأت والواقع الذي هم فيه. ولعلهم يتحسسون دور الأنظمة العربية في سحق النضال الفلسطيني، كما أنهم يتحسسون مقدار القوى التي من الضروري أن تتحد لمواجهة القوة الصهيونية.
وعليه، فلا خيار سوى خيار النضال القومي الديمقراطي، الذي يسعى لتحرير الأرض المحتلة، وأساسها فلسطين، وتحقيق الوحدة القومية، وتأسيس نظام عربي ديمقراطي واحد، يساهم في تجاوز التخلف الاقتصادي الاجتماعي، ويلغي التبعية بما يحسِّن الظروف الاقتصادية العامة، ويسهم في تجاوز حالة الفقر لدى الجماهير الشعبية، ويوفر لها الحاجات الأساسية الضرورية.وحيث تلعب الجماهير العربية دوراً أساسياً في تحقيق هذا الخيار.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة الفلسطينية: محاولة تقييم انتقادي
- أزمة العقل الأحادي في تناول العلاقة بين الوطنية والديمقراطية
- الحزب الشيوعي العراقي ومسألة الأولويات
- من اجل تحالف القوى الماركسية في الوطن العربي
- حزب الشعب الفلسطيني وتعزيز الهوية اليسارية
- المساءلة حول المقاومة:بصدد حجج الليبراليين العرب الساذجة
- ترقيع السلطة الفلسطينية
- وحدة اليسار: حول اعادة صياغة اليسار الماركسي
- من أجل المواجهة مع المشروع الامبريالي الصهيوني
- الحرب على لبنان: الدور الصهيوني في الاستراتيجية الأميركية
- وضع فلسطين بعد الحرب على لبنان
- الصراع الطائفي يُفشل القتال مع الاحتلال الأميركي
- إنتصار حماس ومآل الوضع الفلسطيني
- توضيح -إعلان دمشق-
- مأزق حزب الله
- -فرق الموت- في العراق
- الوطن والوطنية: بصدد المفاهيم
- ملاحظات أخيرة على إعلان دمشق
- أزمة - القطاع العام - في سوريا
- ثورة أكتوبر، محاولة للتفكير


المزيد.....




- في نطاق 7 بنايات وطريق محدد للمطار.. مصدر لـCNN: أمريكا ستقي ...
- المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يستقيل ويعتبر أن -ل ...
- لجنة أممية تتهم إسرائيل بعرقلة تحقيقها في هجمات 7 أكتوبر
- فيديو: -اشتقتُ لك كثيرًا يا بابا-... عائلات فلسطينية غزة تبح ...
- برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
- رئيسي: ردنا المقبل سيكون أقوى وأوسع
- نتنياهو: حرب غزة جزء من تهديد إيرن
- -حزب الله- يستهدف مقرات قيادة ومراقبة جوية للجيش الإسرائيلي ...
- الجيش الأردني يكثف طلعاته الجوية
- مناورات تركية أمريكية مشتركة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - النضال الفلسطيني واشكالية القطري والقومي