أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ناهد بدوي - الديمقراطية حاجة موضوعية في بلادنا مخاطر للاحتلال الأمريكي على الديمقراطية















المزيد.....

الديمقراطية حاجة موضوعية في بلادنا مخاطر للاحتلال الأمريكي على الديمقراطية


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 516 - 2003 / 6 / 12 - 20:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



ناهد بدوية-سوريا
خطر القياس والخبرة:
عندما انهمرت المساعدات الغذائية من السماء أي من الطائرات الأمريكية في بداية الحرب الأمريكية على أفغانستان لم يجرؤ أحد من أبناء الشعب الأفغاني على الاقتراب منها لاعتقاده بأنها أغذية مسمومة. هذا لم يكن غريبا بل هي ردة فعل منطقية جدا تنطلق من القياس والخبرة وتنطلق من القاعدة وليس من الاستثناء. فالقاعدة كانت حينذاك أن هذه الطائرات الأمريكية تمطر البلاد بالقنابل والموت والاستنتاج الآلي المنسجم مع هذه الحالة هي أن أكياس الغذاء هذه هي شكل آخر من الموت الهاطل عليهم من السماء. ولهم كل الحق بهذه الريبة.
واليوم من الطبيعي أن يستحضر أبناء المنطقة العربية خبرتهم بهذا الغازي لبلادهم (أي الولايات المتحدة الأمريكية) كي تتعامل مع هذه السلعة الأمريكية الهاطلة مع القنابل العنقودية والمحملة على الدبابات المصفحة والمسماة هذه المرة الديمقراطية. رد الفعل الطبيعي والفطري هو مماهاة هذا المفهوم مع الموت والقنابل الذكية ومماهاته مع عملية إبادة عشرات الملايين من شعب طيب ومسالم أسموه هم الهنود الحمر، لتقيم الولايات المتحدة على رفاته ديمقراطيتها الشهيرة. ومماهاة هذا المفهوم مع الديكتاتوريات التي دعمتها ورعتها الولايات المتحدة لمواجهة إرادات الشعوب في كل أنحاء العالم الثالث بما فيها المنطقة العربية. ومماهاة هذا المفهوم مع السلاح الأميركي الذي يقصف به الشعب الفلسطيني بيد اسرائيل كل يوم. وبذلك يكون رد الفعل الفطري بالقياس والخبرة هو رفض هذا المفهوم وحامله. والعودة تكون كما في كل ردود فعل العضويات التي تتعرض لهجوم خارجي شديد، للانكفاء على الذات والعيش على المخزون الذاتي القديم لاستمرار الحياة. وعند الشعوب تتم العودة عادة الى المخزون التاريخي للتأكيد على هوية مهددة والبحث عن شكل من الحكم قديم ولكنه يؤكد على أصالة رفض الهجوم الخارجي والإيمان بأنه يلائمها ويعبر عن خصوصيتها. والأخطر من ذلك هو أن أي مبشر بالديمقراطية من أبناء جلدتهم يبدو وكأنه ينادي من نافذة طائرة الأباتشي التي تحوم للقيام بالاغتيالات المتعددة الأغراض. وبالتالي ويمكن أن يُستهدف بالاغتيالات المضادة مثله مثل أي طرف يرطن بلغة أجنبية دون أي تمييز بين صديق أو عدو.
خطرالعودة إلى الفصل التعسفي بين النضال التحرري والديمقراطي
الخطورة هنا تكمن في تمكين اتجاهين مختلفين في الحركة السياسية العربية ولكنهما يؤديان إلى نفس النتيجة المأساوية. الاتجاه الأول وهو استعادة ذلك الشعار سئ الذكر "لاصوت يعلو فوق صوت المعركة" وأولوية المسألة الوطنية وتلخيص كل النضالات في شعار طرد المحتل. إن الجهة التي استثمرت هذا الاتجاه بشكل أساسي هي أغلبية الأنظمة العربية التي كانت تقتل تحت هذا الشعار كل مقومات المقاومة ودفاعات الشعوب وتشل قدرتها في التعبير عن نفسها كذات فاعلة قادرة على أن تراكم أفعالها ضد المحتل. لم يقتصر تبني هذا الاتجاه على الأنظمة بل أن أغلبية القوى السياسية والوطنية في الوطن العربي كانت قد تبنته بشكل أو بآخر وهذا ما يفسر حالة انعدام الوزن التي وقعت فيها القوى الوطنية التي طردت المحتلين في كل البلدان التي ناضلت ضد الاستعمار في منتصف القرن العشرين. وقد كانت التجربة مركزة جدا في الجزائر حينما اكتشف قادة ثورة المليون شهيد أنهم يجيدون قتال المحتلين وطردهم ولكنهم لا يعرفون كيف يبنى الوطن!. لكن هزيمة حزيران 1967 أطلقت لأول مرة السؤال الكبير والجوهري حول العلاقة الوثيقة بين البنيان الداخلي للمجتمعات العربية وقدرة حكوماتها على مواجهة العدوان الخارجي وقد أطلق حينها المفكر ياسين الحافظ تقييمه لأسباب الهزيمة بإعلانه "إن المجتمع العربي بالذات هو المهزوم"* هذا المجتمع الذي "يغيب منه التسامح وتدان التعددية ويعتبر كل فريق نفسه مالك الحقيقة ويصبح السجن المكان الوحيد للخصم، ويوضع القانون على الرف أو يصبح غلافا لشهوة حاكم أو مصلحته"*.لقد حاول ياسين الحافظ وغيره آنذاك التأكيد على أهمية بناء مجتمعات حديثة ديمقراطية كممر ضروري لتجاوز الهزيمة. لكن وكما كان هذا الجيل قد دخل إلى ميدان السياسة من بوابة النضال ضد الاستعمار ظهر جيل السبعينات من القوى السياسية والمفكرين لتكون القضية الفلسطينية هي بوابته لخوض غمار العمل السياسي والفكري وتتصدر أولوية مهماته النضالية مع نقد عنيف للديمقراطية باسم الاشتراكية من قبل الحركات السياسية وقمع مشدد من قبل أنظمة الحكم "التقدمية" لكل نضال ديمقراطي باسم الدفاع عن "اشتراكية قيد التحقيق" ومقارعة العدو الصهيوني. إلى أن جاءت الانهيارات في البلدان الاشتراكية في أواخر الثمانينات لتشكل حافزا لنقد جذري لمجمل برامج القوى السياسية وليعود مطلب الديمقراطية ليتصدر هذه البرامج. وهكذا تكمن الخطورة اليوم، إذ أضحى النضال ضد الاستعمار الأمريكي هو البوابة الجديدة لدخول جيل كامل في الميدان السياسي، بأن تكون الديمقراطية ضحية مرة أخرى في هذا الصراع ولكن الأيدلوجية هذه المرة الاسلاموية وليس الاشتراكية!
 أما الاتجاه الثاني والذي لا يقل خطورة عن الأول وهو التغاضي عن الاحتلال وطرح أولوية بناء الديمقراطية والانسياق وراء ترويجات المحتل وادعاءاته "الديمقراطية" المطروحة للاستهلاك الإعلامي فقط. فحتى الإدارة الأمريكية لا تخفي أهدافها ومخططاتها الحقيقية في السيطرة على المنطقة وضمان مصالحها الاستراتيجية فيها.
الخطر الثالث قطع الصيرورة الديمقراطية في المنطقة
ربما قد يفاجأ البعض من طرح فكرة أنه كانت هناك ثمة صيرورة ديموقراطية في المنطقة العربية في ظل كل مظاهر الركود والسلبية التي تغلف هذه المنطقة من العالم. ولكن إذا أردنا دراسة وضع الأنظمة العربية والحركات السياسية والأفكار التي طرحت في عقد التسعينات فسنجد أنه عقد يتميز كثيرا عما سبقه من العقود المتشابهة إلى حد ما. أول متغير هام بدأ منذ بداية العقد وهو فقدان الأنظمة الشمولية لمشروعيتها الثورية التاريخية التي كانت تطبل بها ليل نهار وذلك بجفاف المنابع الأيدلوجية التي طالما نظرت ودافعت عن هذا الشكل من الحكم وصار ظهرها مكشوفا أيديولوجيا. ولا يغير من الأمر شيئا بعض الدفاعات الأيديولوجية اليائسة من قبل البعض من هذه الأنظمة بعد الانهيارات الدراماتيكية في المنظومة الاشتراكية كأن يجد النظام الليبي أن هذه الانهيارات أثبتت صحة كتابه الأخضر أو أنها أثبتت صحة النظام الجبهوي "التعددي" في سورية كما صُرح أكثر من مرة في سورية. ولكن وفي نفس الوقت كان يُعلن عن عفو تلو العفو عن المعتقلين السياسيين لتخفيف أعدادها الضخمة التي لم تعد تتلاءم مع روح العصر ويتم تخفيف قبضة الأجهزة الأمنية شيئا فشيئا على الشعب. وفي هذا العقد بالذات تم تبني الديمقراطية لأول مرة من قبل بعض الأنظمة العربية وظهر أول تداول للسلطة في الوطن العربي في المغرب وكذلك حصلت تغيرات ديمقراطية في الأردن والبحرين واليمن وغيرها رغم كل ما يمكن أن يقال عن محدودية هذه التغيرات. أما أغلبية القوى السياسية المعارضة والتي تبرر أيدلوجيتها الأنظمة الشمولية في الوطن العربي فقد بدأت إما بالانحلال أو بتفكيك خطابها الشمولي والانفتاح وتبني الخطاب الديمقراطي والدفاع عن الديمقراطية كممر إجباري للتنمية الاقتصادية الاجتماعية المنشودة والتركيز على ضرورة الشفافية وحرية الرأي والصحافة للقضاء على كل أنواع الفساد الذي ينخر جسم البلاد. لكن البلد الذي ظل منيعا على رياح التغيير هذه هو النظام العراقي وذلك لسببين أولها العسكرة الشديدة للمجتمع، ولكن الأهم من ذلك هو الحصار الذي كان مفروضا عليه. هذا الحصار الذي أضاف لهذا النظام وسيلة تحكم اضافية بشؤون المواطنين العراقيين وهي برنامج النفط مقابل الغذاء حيث أصبح كل مواطن عراقي مربوطا بالنظام بشبكة أخرى غير شبكة الأنظمة الأمنية وهي شبكة توزيع الغذاء التي لا تقل طغيانا عن الأولى بالإضافة إلى العزل الكامل للشعب العراقي عن العالم بسبب المقاطعة والحصار. هذا الحصار الذي أبقى هذا النظام يبدو واقفا لا يتغير.إلا أن فقدان المشروعية الآنف الذكر جعل النخر يسري في جسده حتى وصل إلى أقرب المقربين للرأس بحيث انهار كما تنهار الشجرة التي فرغ النخر جوفها، ولم يبق منها إلا اللحاء الخارجي الذي تستطيع كسره جرافة عادية وليس آلة عسكرية رهيبة كآلة الولايات المتحدة. والمفارقة هي أنه عندما كانت شجرة قوية فعلا وتحتاج لكسرها قوة رهيبة كانت الولايات المتحدة تدعم هذا النظام وتساومه في حين كان هو يسحق كل القوى السياسية التي كانت ناشطة في العراق آنذاك. فهل كان هذا هو المطلوب تماما؟ أي أن يفرغ هذا النظام البلاد من أي قوة سياسية يمكن أن تكون جذرية في ديمقراطيتها ورفضها للتحكم الخارجي والاحتلال؟.
كما أنه لا يمكننا أن ننسى في سياق هذه الصيرورة التغيرات الهامة في بنية المجتمعات العربية، والتي تتجلى في ازدياد نسبة المتعلمين وتراجع نسبة الأمية وانتشار الأقنية الفضائية الخاصة منها والعامة التي أتاحت للمواطنين في المنطقة العربية سماع نغمات أخرى غير اللحن الممل الذي كانت تمليه أنظمتهم عليهم. وكذلك انتشار الانترنت، هذه الوسيلة الأكثر ديمقراطية في عصرنا الحالي، ورغم أن أعداد مستخدميها في الوطن العربي مازالت مخزية مقارنة مع الدول الأخرى إلا أن التواصل الذي يتم حاليا عبرها يبدو واعداً ويؤسس لفضاء أوسع. بالإضافة إلى أن عقد التسعينات كان قد شهد انتشارا كبيراً في العمل المدني وحقوق الإنسان والمرأة والطفل ...الخ. كل هذا وماسبق ذكره يؤكد أنه كانت هناك ثمة صيرورة رغم بطئها وثمة تيارات ديمقراطية عريضة ناشئة جاءت الأحداث الأخيرة لتشوش نضالها وتربطه بمطالب أمريكية.
 الديمقراطية مطلبنا الأصيل
كل هذا يبين مدى المخاطر الجدية للاحتلال الأمريكي على الديمقراطية ومفهومها سواء بشكل الاحتلال المباشر كما في العراق أو عبر حليفتها العضوية إسرائيل. أو غير المباشر عبر إملاءات المنتصر التي يمكن أن تؤدي إلى ما يشبه الاحتلال على كل دول المنطقة. هذه المخاطر الجدية على مفهوم الديمقراطية وصيرورتها الطبيعية التي تفترض بحكم طبيعتها أن القوى القادرة على انتزاعها هي من تستطيع بنائها وممارستها كما تفترض عودة التلازم الوثيق بين النضالين التحرري والديمقراطي كمهمة مركزية لكل حركة سياسية وفكرية.كما أن هناك ضرورة  للنضال والتوعية والتأكيد على  أصالة حاجة مجتمعاتنا للحرية والديمقراطية والتطور الاقتصادي في مواجهة ردود الفعل المحافظة والفطرية الرافضة للاحتلال ولكل ما يمت إليه بصلة وميلها نتيجة ذلك إلى شطب الديمقراطية.
--------------------------------
*الهزيمة والايديولوجيا المهزومة-ياسين الحافظ
     

 



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشباب ضمير البشرية في مناهضة العولمة والحرب
- هل يرى السوريون ضرورة مناهضة العولمة ؟


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ناهد بدوي - الديمقراطية حاجة موضوعية في بلادنا مخاطر للاحتلال الأمريكي على الديمقراطية