أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاضل فضة - السياسة وأولياء الأمر















المزيد.....

السياسة وأولياء الأمر


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 05:13
المحور: المجتمع المدني
    


احاول بين فترة وأخرى التفاؤل في مستقبل هذا الوطن، خاصة عندما كانت تتعاقب جلسات حوار اسميناها ثقافة. لكن الصيف الذي فرّق الشباب وأنهى التلاقي، لم يكن السبب الوحيد في تمزق الكلمة ومن اجتمع حولها. فقد استطاعت الغرائز البشرية الراسخة ابداً في سلوك المناضلين ان تظهر على السطح، من خلال تجربة عدّة اشهر لسلوك سياسي، لم افهم مداه الإستراتيجي على الوطن حاضراً او مستقبلاً خاصة أن الأمور كانت وما زالت صغيرة جدّاً على أي مستوى.

وقررت منذ عدّة اشهر ان أبتعد عن الكتابة والسياسة، و التفرّغ إلى امور ادبية وفنية من نوع آخر. إلى ان اتصل بي احدهم منذ عدة أيام، وهو الذي جاء إلى كندا منذ عدّة سنوات مهاجراً كغيره. اتصل بالهاتف يسأل ويطالب العودة إلى المشاركة والمساهمة في هذا الحوار الفكري والسياسي الدائر بين مثقفي وسياسي الوطن السوري عبر الأعلام المقروء والمسموع وعبر مواقع الأنترنيت، مذكّراً أن الوطن يحتاج اليوم اكثر من أي وقت آخر إلى المشاركة في صناعة ثقافة التنوير ونشرها والبحث عن نوعية وطبيعة النظام المطالب به من الجميع.

ولإن الأمر يتجاوز الذات مراّت، فإن الشعور بالإحباط قد يكون له تأثير قلق لا جواب عليه ابداً، بل هو شعور يشابه سحابة مقيمة تدعو إلى الحيرة في أمر كبير جدّاً لاحل سحري أو آني أو مرئي في المدى المنظور أو غير المنظور له. وكأنك امام جدار املس في صحراء رملية، تحاول تجاوزه، فيصدك، بقوة، لا بل يلتف عليك محاولا دهسك حياً، لا بل كبث أنفاسك في عالمك الداخلي ايضاً.

في ظل هذا الواقع الفكري المكلس، والسياسي المحنط، والحقيقة القاسية، لا أدري إن كان يمكن لأي منا إن كان واضحاً امام القيم والمبادئ ان يقول كلماته ويكون لها صداها كما هو مطلوب.

فالمسألة السياسية في عالمنا العربي والسوري صعبة، لا بل قريبة من المستحيل. لإننا المنطقة الجغرافية الوحيدة في العالم تقريباً ، لا تعرف اسلوباً للحكم السياسي إلا باستخدام القوة، ومن الممكن لأي دولة اخرى بالعالم ان تتجاوز مسألة تعددها وتحكم بشكل مغاير وإن كان ظاهر حكم بعضها من دول العالم الثالث هو ايضاً القوة، لكنه لن يكون مثل الحكم عندنا، ابداً. خاصة في الزمن الحاضر. أما الماضي فإنه تاريخ.

لقد علمنا تاريخنا ان الحاكم "ولي الأمر"، هو الأمر الناهي، في الإقتصاد، لا بل يملكه، وفي الفكر، وهو يسيطر على مقولات الحياة العامة والسياسية، لا بل له الحق في النفاذ إلى عقل كل مواطن، ومحاسبته على افكار مخالفة لما يطرحه، حتى لو كان مايطرح خرافة، خارج عن زمنه، كاذب بظاهره وباطنه.
إنها مقولة تنفيذية بالقوة، أنا الحاكم الأمر الناهي، بالصرماية والجزمة، سأحكم وسأملك وسأسرق وانهب، ويحق لي ان اعاقب واسجن وإن اضطر مصلحة الحكم، ان اقتل من يخالفني الرأي علناً أو حتى في السر.

وشاءت الظروف أنني سافرت في الشهر الماضي إلى كراكاس عاصمة فنزويلا وشافيز "البوليفاري" المعادي لأمريكا، والمناصر لديكتاتوريات القرن الماضي، وعرفت من الأصدقاء وبعض ابناء الجالية، أنهم قد وقعوا على عريضة علنية، يطالبونه بها بالإستقالة، لكنني فوجئت أن شافيز لم يحاسبهم على تواقيعهم بسجنهم او تحديد حركتهم الإقتصادية او منعهم من السفر او العودة إلى بلادهم. لإن شافيز ابن ثقافة أخرى، وابن امريكا اللاتينية، وابن فنزويلا التي نهبها الحكم الديموقراطي السابق، كونها دولة منتجة للبترول، وهو يرغب ان يطور هذا البلد، ويعتقد ان السبب وراء التخلف الإقتصادي هو الولايات المتحدة الأمريكية، لذا فهو بحاجة إلى حلفاء يعتقد انهم مثله في حربهم على الطغيان الأمريكي.

شافيز الذي لا تحبه طبقة التجار ويحبه الشعب الفنزويلي الفقير، يحاول ان يطور بلده مااستطاع؟ هل ينجح، لا أدري؟ لكن الزمن قد يظهر نتائج التجربة، وستسمح له المؤسسات الدستورية بالبقاء او عدمه عبر انتخابات حرة.

في العالم العربي، لو وقع أي مواطن على عريضة مشابهة لما وقعه اكثر من مليون فنزويلي، لكان البعض قد دخل السجن ثم خرج مصاباً بعاهة، او خرج للموت فقط، ولكان بعض آخر قد اختفى من الوجود، ولكان آخرين قد غادروا البلد هرباً من ملاحقة الأمن لهم. فما هو مسموح في كل دول الأرض لا يمكن السماح له في عقلية النظام العربي عامة. لأن المواطن والأرض ملك للحاكم المطلق، كما كان التاريخ السابق من آلاف السنين وإلى يومنا هذا، ثبتها في التاريخ أربعة قرون مريرة من الحكم التركي بإسم الخلافة العثمانية.

كيف نحرر الحاكم من عقدة التسلط المطلق كالولد الوحيد المدلل الذي يرغب بأنانيته ملك كلي، كيف نحرر مفهوم الفكر السياسي، المبني على خطاب اجوف، كأداة فقط لإمتطاء حصان هذا الكرسي السحري الذي يخرج كل الغرائز البدائية الجامحة في عقل من يجلس عليه ليمارسها بكل وحشية.

كيف نغير مفاهيم العنصرية المتفشية بين ابناء الوطن على اساس قومي او عرقي او ديني او مذهبي مخفية بشعارات خلابة كالشعر العربي لإفراغ الطاقات فقط.

كيف نتحرر من الأيديولوجيا ومسرحيات الشعارات التي ادّت إلى ماهو العالم العربي عليه اليوم، ليتم العمل من خلال قيم إنسانية يشترك بها الجميع (وهذه لها مقال مفصل).

كيف نقلب مفاهيم العلاقة مع الأخر على اساس الحروب الدون كيشوتية المبنية بالثقافة بيومات الحياة العادية لمجتمعاتنا إلى علاقات حضارية لا تدعي القيم المقننة نسبياً، بل قيماً مبنية على اساس قانوني واضح يساوي بين الجميع، ويحمل الدولة ومؤسساتها والمجتمع مسؤلية ممارستها.

كيف يتم تحويل صراع الشعارات إلى صراع مع التخلف في الداخل، في منهجية للتنوير بمناخ حرية مسؤول، يبحث عن مجتمع افضل اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

كيف نقنع من يبني احزاباً سياسية تفصل في اساسياتها بين المواطنين لن تؤدي في أي شكل من ممارساتها إلى عدالة إجتماعية، لا بل ستحاصر جزءاً كبيراً من ابناء الوطن في حظيرة مواطني الدرجة الثانية.

وكيف نقنع الجميع ان مبدأ فصل الدين عن الدولة هو حل إستراتيجي وأساس لبناء دولة حضارية، ترتبط بتاريخها وتحاكي العصر والحاضر بلغة الإبداع والتقدم والتطور.

لكل هذه الأسباب مازلت متشائماً، ومحبطاً، لإنني أرى ان الوعي السياسي مازال مرتبطاً بمعايير تمارس على اساس خطاب لا علاقة له بواقع متطابق مطلوب محاكاته ومعالجته من قبل كافة السياسيين والمثقفين والناشطين في أية بقعة جغرافية تمس في خطابها بلادنا الأصلية.
فالعمل السياسي والسلوك الذي لايعرف الشفافية ولا يحدد بقيم الحرية والمساواة وسيادة الدستور والقانون، والرغبة الحقيقية لبناء وطن لكل أبناءه، لن يؤدي إلى تغيير جذري في حياة أي وطن.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع غريب
- الحرية كلمة...غالية الثمن
- الاستقرار السياسي ومسألة الاختلاف.. سوريا مثالاً
- طقوس الإنحطاط
- إنه الوطن لا تعبثوا به مجدداً
- ايران والحاجة إلى التكنولوجيا النووية
- تراكمات
- في العالم العربي فقط
- من اجل حفنة من الدولارات
- زمن البؤس
- إنهم يحرثون العقول
- في هذا الشرق الراكد
- في زمن التحولات والركود الأصعب
- موقف الإغتراب السوري سياسياً
- من اجل بناء وطن سوري للجميع
- إلى المبدعين السوريين، أين مهرجانكم الخاص بكمزز!!
- من أجل بناء وطن سوري للجميع
- الخروج من تجني الزمن
- انقذوا سورية قبل أن يفوت الأوان
- سريالية بدون عاطفة


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاضل فضة - السياسة وأولياء الأمر