أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - العراق: تحديات المرحلة المقبلةتوافق وتسويات أم تدمير ذاتس؟















المزيد.....

العراق: تحديات المرحلة المقبلةتوافق وتسويات أم تدمير ذاتس؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ها قد خسر الحزب الجمهوري الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية الانتخابات التشريعية النصفية للكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ الذي انتقلت الأغلبية فيه إلى الحزب الديمقراطي وبات على الرئيس بوش وإدارته أن يفكرا جلياً وعلى نحو جدي بمراجعة سياسته وإستراتيجيته في العراق شاء ذلك أم أبا، كما بات في حكم المؤبد أن على الطبقة السياسية في العراق، بكل تنوعاتها، إعادة النظر بكثير من الملفات الملحة وعلى رأسها إنهاء معضلة الميليشيات المسلحة بكل أنواعها وأصنافها، واجتثاث جذور الفساد الذي صار ينهش جسد العراق المنهك والمريض، وتوفير الأمن الحقيقي والخدمات الأساسية للمواطنين قبل أن يطفح الكيل ويفوت الأوان، والبدء بشكل جدي بإصلاح حقيقي للنظام الانتخابي، ومراجعة بعض بنود الدستور حسب الاتفاق المبرم بين جميع الفرقاء قبل الاستفتاء على الدستور العراقي الدائم.
فقضية الميليشيات المسلحة هي كما هو معروف سياسية قبل أن تكون عسكرية، وهي ليست مشكلة تستعصي على الحل فالخطوة الأولى لحلها هو اتفاق جميع القوى السياسية على تجريدها من السلاح بالتفاوض أو بالقوة ، وبالتالي تشكيل قوة حقيقية مسلحة ومدربة ومجهزة بأحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً من الناحية التكنولوجية، على أن تكون تلك القوة تابعة للحكومة العراقية المركزية، ويمكنها الاستعانة ، في حالة الضرورة القصوى، بقوات أجنبية شرط أن تكون القيادة بيد الحكومة العراقية، وألا تخضع قوة التدخل السريع العراقية لمنطق الولاءآت الحزبية والطائفية والعرقية بل تعمل وفق مقتضيات مصلحة الوطن العليا، تنفذ أمر سحب أسلحة الميليشيات كلها وفي كل مكان في العراق وفي آن واحد حتى لا تظهر هنا وهناك أصوات منددة ومنفعلة تتهم الحكومة بالتحيز لهذه الجهة أو تلك ولهذه الطائفة أو تلك.
أما بالنسبة للفساد، فعملية مكافحته تتطلب الصرامة والجدية والإرادة الصادقة من خلال تطبيق قوانين عقابية رادعة وشديدة القسوة بحق الفاسدين والمفسدين المتغلغلين في ثنايا وشرايين ودهاليز الدولة وأجهزتها الحكومية وغير الحكومية. إن مما لا جدال فيه هو أن لجنة النزاهة لم تكن فعالة لأنها تخضع لمنطق المحاصصة الطائفية والحزبية ولا تتمتع بسلطات تنفيذية حقيقية ومستقلة. لذا أعتقد أن مقترح حزب الفضيلة بهذا الصدد في إنشاء " ديوان المفتشية العامة" يكون بمثابة هيئة مستقلة وذات سلطات وصلاحيات واسعة وحقيقية حيث يقوم الديوان بإدارة وتنظيم مكاتب المفتشين العامين الموجودين في كل وزارة لمراقبة أداء الوزارة ونفقاتها ، إلى جانب ما يقوم به ديوان الرقابة المالية . ويكون رئيس ديوان المفتشية بدرجة وزير والمفتشين العامين التابعين له بدرجة وكيل وزير على أن يتم اختياره وانتقاء المفتشين العامين وفق معايير صارمة مسبقاً للتأكد من نظافة وكفاءة ونزاهة وحيادية العاملين في هذا الديوان. فلا يغيب عن بال أحد أن أعظم ما يعانيه شعبنا ووطننا الجريح هو آفة الفساد الإداري والمالي والوظيفي الذي أصبح كالإخطبوط يمد أذرعه داخل مفاصل الدولة ويعشش في النفوس ويدمر الأخلاق ويقتل الضمير والحس الوطني وبالتالي يصبح الفساد السبب الرئيسي للخراب والحرمان والظلم ويرفد الإرهاب بأسباب العيش والانتعاش والاستمرار والانتشار .فقد ورد في إحدى أدبيات حزب الفضيلة تشخيص دقيق لهذا الداء، فمن خلال المعترك السياسي للحزب وجد أن أسباب تدني الأداء في دوائر المفتش العام ذات طبيعة سياسية إذ أن المسؤولين عن النزاهة والتفتيش لا يستطيعون التخلص من هيمنة رؤساء الكتل السياسية الفاعلة والمؤثرة في الحياة السياسية العراقية، وبسبب توزع ولاءآتهم على تلك الكتل إما خوفاً من العزل وفقدان الوظيفة، أو خدمة لمن أوصلهم إلى مناصبهم وبالتالي يتوجب على المفتش العام حسب اعتقاده أن ينفذ مصالح الطرف الذي عينه .من هنا عدم وجود إمكانية لكادر مستقل أن يحتل هذا المنصب الحساس دون أن يكون مرشحاً أو مدعوماً من قل أحد الأحزاب المؤثرة هذا إلى جانب ارتباط المفتشين مالياً وإدارياً بالوزارات التي يعملون فيها بغية مراقبة أدائها وتشخيص مواطن الخلل والفساد فيها ، مما يجعلهم ضعفاء وفاقدين للاستقلالية لكونهم موظفين داخل الوزارة .
من هنا جاءت ضرورة إصلاح هذا الخلل وإصدار قانون تأسيس أو إنشاء" ديوان المفتشية العامة" على أن يرتبط مباشرة بمجلس النواب ويكون مستقلاً مادياً وإدارياً عن الوزارات ودوائر الدولة أي أن يتمتع بشخصية معنوية واستقلال مالي وإداري عن السلطة التنفيذية وهي الحكومة وعلى غرار الاستقلالية " نظرياً؟" التي يتمتع بها النظام القضائي ، وأن يكون هناك تنسيق وتعاون تام وعلى درجة عالية بين الديوان والقضاء لمعاقبة المذنبين الذين تثبت عليهم تهم الفساد وبلا أي استثناء أو تدخلات من أية جهة . ويترافق ذلك مع إنشاء نظام فعال يتم بموجبه إخضاع الوزارات لكافة إجراءات المراجعة والتدقيق والتحقيق لسد الطريق أما كافة أشكال التبذير والابتزاز والسرقة والغش وإساءة استعمال السلطة والمنصب وللمحافظة على المال العام وثروات البلد .ويتعين على ديوان المفتشية العامة تقديم تقارير واضحة وجلية وصريحة وتفصيلية وافية لمجلس النواب ولمجلس الوزراء وبصورة منتظمة لكل عمليات التحقيق وأداء الوزارات والمعوقات التي تقف بوجه الديوان وإطلاع مجلسي النواب والوزراء على الخروقات والانتهاكات القانونية والإدارية والمالية وفي كافة المستويات الوظيفية.
إن احتواء ملفي الميليشيات والفساد يفتح الطريق أمام إمكانية توفير الأمن للمواطن من خلال تحقيق دولة القانون واحترام القوانين وتطبيقها وتكثيف الحضور الحكومي الأمني والبوليسي في كل مكان لكي يشعر المواطن أن الدولة تحافظ على حياته وأمنه وتوفر له سبل العمل بأمان وتحميه من العصابات والإرهابيين . وبالتوازي مع ما ذكر أعلاه، وللحفاظ على مصداقية الدولة وكسب احترام المواطن لها وثقته فيها، يتعين على الدولة وبأسرع وقت ممكن تحسين وإصلاح الوضع الاقتصادي وتوفير الخدمات السياسية ومصادر الطاقة كالكهرباء والوقود والماء الصالح للشرب ووسائل النقل الآمنة والنظيفة وحسن سير النشاطات التعليمية والتربوية والثقافية.
وأخيراً تحتاج التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق إلى نظام انتخابي عادل وفعال للمحافظة على سير العملية السياسية الديمقراطية بالشكل الصحيح ويتيح الفرصة للعناصر الكفوءة والنزيهة لكي تصل إلى مواقع السلطة التشريعية والتنفيذية ، إذ أن التجارب الانتخابية السابقة المعتمدة على نظام القوائم المغلقة ، واعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة، كما حدث في انتخابات 30 يناير 2005 ، كانت متعثرة ومدعاة للكثير من الاعتراضات والطعون ، وإلى غياب التمثيل العادل لكل المحافظات حسب تعدادها السكاني، وحرمان الكثير من شرائح المجتمع العراقي من التمثيل داخل الجمعية المنتخبة.
وهذا ما دفع العديد من القوى السياسية التفكير لإيجاد حل لهذا الخلل فاقترح حزب الفضيلة مشروع قانون جديد للانتخابات يعتمد أسلوب تعدد الدوائر الانتخابية وتعدد المرشحين عن المحافظات حيث يكون لكل محافظة عدد من المرشحين حسب عدد سكان المحافظة على أن يكون المرشح معروفاً بالاسم ومن أبناء المحافظة أو الدائرة الانتخابية ، ولديه برنامج سياسي يتم بموجبه انتخابه أو عدم انتخابه والتصويت عدم التصويت لصالحه من قبل الناخبين في المحافظة أو الدائرة الانتخابية التي يترشح عنا المرشح والشخص الذي يحصد أكبر عدد من الأصوات هو الذي يمثل محافظته أو دائرته الانتخابية . وبهذه الطريقة يكون بوسع الأحزاب اقتراح مرشحيهم وبوسع الأشخاص المستقلين والكفاءات والكوادر التكنوقراطية ترشيح أنفسهم لعضوية البرلمان . لأن نظام القوائم المغلقة يلزم الناخبين اختيار القائمة وليس أشخاصها وقد يكون فيها أشخاص لا يعرفهم الناخب أو لا يحبذ التصويت لهم لأسباب مختلفة لكنه مجبر على اختيار القائمة التي يتواجدون فيها وليسوا بالضرورة من أهل المحافظة أو الدائرة الانتخابية وبالتالي هم لا يمثلون طموح أهل المحافظة أو الدائرة التي يرشحون باسمها وغير معنيين بمشاكلها الخاصة.وانطلاقاُ من مبدأ خدمة الشعب وتغليب مصلحة الوطن على مصلحة الحزب أو الكتلة أو الطائفة، لابد من إعادة النظر في قانون الانتخابات المتبع حالياً وجعله أكثر عدالة وشفافية من خلال جعل الترشيح يتم على أساس الأشخاص المنفردين والمعلنين أمام الناس سواء أكانوا منتمين أو غير منتمين لأحزاب أو حركات أو تجمعات سياسية معينة، لاسيما بعد أن تم دفع الكثير من السلطات والصلاحيات إلى مجالس المحافظات والأقاليم حسب الدستور، والأمر ذاته ينطبق على انتخاب المحافظين وأعضاء مجلس المحافظة ، أي أن يتم اختيار المحافظين بالاقتراع الحر المباشر والسري من قبل الناخبين في كل محافظة مما سيحرر المحافظ والمحافظة التي يديرها من الإرتهانات السياسية والتوافقات الكتلية داخل مجالس المحافظات وكواليس أحزابها .
من المتوقع أن يواجه مشروع إصدار قانون انتخابي جديد مقاومة ورفض من قبل الأحزاب والكتل السياسية الكبيرة في العراق لأنه يحرمها من احتكارها وهيمنتها على العملية السياسية على حساب الأحزاب والحركات السياسية الصغيرة والأشخاص المستقلين ، لذا نهيب بالطبقة السياسية العاملة والنشطة في الساحة العراقية وكذلك المرجعيات الدينية الشيعية والهيئات الدينية السنية أن تأخذ بالاعتبار المصلحة العليا للوطن وتحقيق العدالة للجميع بغية معالجة عجز البرلمان بتكوينه وتركيبته الحالية، عن أداء دوره التشريعي والرقابي باعتباره ممثلاً للشعب ومراقباً لأداء السلطة التنفيذية أي الحكومة.
لا توجد أمام أصحاب القرار والشأن في العراق اليوم خيارات كثيرة . فإما القيام بإصلاحات جوهرية وتقديم المقترحات العملية والبرامج الفعالة للخروج من عنق الزجاجة أو الغرق في وحل المواجهات المسلحة والتصفيات الجسدية والحرب الأهلية ـ الطائفية التي لن يربحها أحد ويضيع فيها الوطن.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران بين الحل الدبلوماسي واحتمالات المواجهة العسكرية
- قوة الردع الأمريكية بين الترهيب والاستهانة
- العراق بين نار الدكتاتورية وجحيم الفوضى
- الزعامة الأمريكية للعالم نعمة أم نقمة؟
- سيناريوهات الحروب القادمة على ضوء الحرب على لبنان.. الصراعات ...
- هل هي حقاً مبادرة الفرصة الأخيرة؟
- دردمات سعد سلمان تشريح لمأساة وطن إسمه العراق
- العراق: هل وصلنا نقطة اللاعودة؟
- أمريكا وإيران : الشرارة التي قد لاتنطفيء
- العراق: هل سيكون كعب آشيل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ...
- أمريكا والشرق الأوسط : نهب العراق وإيران والسعودية والخافي أ ...
- ما أشبه اليوم بالأمس هل دقت ساعة إيران بعد العراق؟
- العراق : بعد ثلاث سنوات من السقوط هل حان وقت تقديم الحسابات؟
- ماذا يخبيء لنا الغد في العراق؟
- العراق: تشاؤم أم تفاؤل؟
- العراق وأمريكا: إنعطافة تاريخية؟
- حكومة وحدة وطنية أم حكومة إستحقاقات انتخابية رسالة إلى رئيس ...
- من سيحكم العراق؟
- إلى أين يسير العراق... نحو الهاوية أم باتجاه نهاية النفق؟
- التهميش الاجتماعي أبعاد الظاهرة ودلالالتها


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - العراق: تحديات المرحلة المقبلةتوافق وتسويات أم تدمير ذاتس؟