أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل حبه - يوميات ايرانية 24















المزيد.....

يوميات ايرانية 24


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:09
المحور: سيرة ذاتية
    


مفارقات سجنية *
انتهت اجواء البهجة والفرح التي سادت السجن، ليستقبل السجناء سنة جديدة من الأسر والمعاناة. وبدأت تركيبة السجن بالتغير بعد ان دخل المزيد من الوجوه الجديدة على المجتمع السجني، اثر تزايد نشاط المعارضة الايرانية وملاحقة الاجهزة الامنية لها واصطيادها. كان اول من انضم الى قافلة السجناء اثنان من اعضاء "المجمع الاشتراكي" الذي كان يتزعمه خليل ملكي. لقد كان السيد خليل ملكي احد قادة حزب توده ايران، ثم اختلف بشدة مع الحزب ورفع لواء الخصومة مع الحزب لاسباب تتعلق بسياسة الحزب الداخلية اوعلاقته بالاتحاد السوفييتي والحركة الشيوعية، الى ان اسس ما سمي بـ "نيروى سوم" او "القوة الثالثة"، ثم تغير الاسم لاحقاً الى "جامعة سوسياليستها"؛ اي "المجمع الاشتراكي". وقد اصبح هذا التنظيم عضواً في "الجبهة الوطنية"-المرحلة الثالثة- والتي ترأسها الدكتور محمد مصدق رئيس الوزراء الايراني الذي اطاح به الانقلاب الذي اشير اليه آنفاً. كان الضيفان الجديدان هما عاقلي زاده وشايگان، وبدا عليهما انهما ينحدران من فئة المثقفين. التحق هذان السجينان الجديدان بغرفتنا التي اصبحت، خلافاً للغرف الاخرى، تضم العديد من التيارات السياسية الايرانية، اضافة الى اعضاء في الحزب الشيوعي العراقي. فقد ضمت الغرفة ممثلي الحزب الديمقراطي الكردستاني والفرقة الديمقراطية الاآذربايجانية واحد العائدين من الاتحاد السوفييتي وهو مهندس كهرباء يساري. كما ضمت الغرفة بعض اعضاء "نهضت آزادي" وابرزهم مجتبى مفيدي، وعدد آخر من السياسيين الايرانيين من التيار الديني، وكان آخرهم اعضاء "مجمع الاشتراكيين". لقد شرع القادمان الجديدان منذ اليوم الاول بالنقاش مع السجناء اليساريين حول حزب توده ايران والاخطاء التي ارتكبها!!، وتزكية الحركات السياسية الاخرى التي كانت تتحمل المسؤولية فيما آل اليه الوضع في ايران، وخاصة الجبهة الوطنية التي كانت السلطة بيدها. وإنقسمت الغرفة الى شقين، الفريق الاول كان يدافع عن حزب توده ايران دون ان يتجاهل اخطاء الحزب، هذا الحزب الذي كان محضوراً منذ عام 1949 بعد اتهامه بمحاولة اغتيال الشاه، وحتى في فترة المرحوم الدكتور محمد مصدق الذين كان على صلة مستمرة مع الحزب، الا انه لم يرفع هذا الحظر. اما الفريق الثاني فكان ينسى او يتجاهل كل اخطاء الآخرين ويلوم حزب توده ايران ويلقي المسؤولية عليه وحده عن مسار الاحداث. كان النقاش يتعالى احياناً ولا يخلو من تعصب وعصبية، ولكن سرعان ما يخفت وتعود البسمة على شفاه الجميع، وعندما يتذكرون انهم ضحية استبداد واحد ووحيد هو الاستبداد الشاهنشاهي، وانهم "ضيوف" هذا الاستبداد في هذا الجب اللعين. انهم يدركون جيداً انهم يعيشون في غرفة واحدة وما عليهم الا احترام الرأي والرأي الآخر، أي تطبيق الديمقراطية بدون ان يؤمن البعض بها، فللضرورة احكام. وعلى هذه الصورة يفرض على السجين التعامل ديمقراطياً مع الخالفين له بالرأي، وتتحقق الحكمة القائلة:"رب ضارة نافعة".
كان يجلس الى جانبي في الغرفة سجين في منتهى الصمت والهدوء. و للاسف تخونني الذاكرة الآن، ولا استطيع ان اتذكر اسمه. انه شاب من اهالي سمنان في محافظة خراسان. وكان هذا السجين قد غادر إيران في نهاية الاربعينيات او بداية الخمسينيات الى الاتحاد السوفييتي اثر تعرضه للملاحقة بسبب انتمائه الى حزب توده ايران. ولكنه عاد الى بلاده طواعية بعد ان حصل على شهادة في الهندسة الكهربائية من جامعة لومونوسوف في موسكو. وحكمت عليه المحكمة العسكرية في طهران بالسجن لمدة عشر سنوات لهروبه الى الاتحاد السوفييتي، وهو ما يعني التجسس بعرف كل الحكومات الايرانية. كما وجهت المحكمة الاتهام اليه بعضوية حزب توده ايران المحظور ايضاً. كان هذا المهندس يقضي، عند قدومنا الى السجن، الشهور الاخيرة من سجنه. كان يلتزم الصمت على الدوام ولا يجيب على اي تساؤل ولا يعلق على اي كلام او حدث. فقد كان غالباً ما يحتضن كتاباً ما وينغمر في قرائته دون ان يولي اي اهتمام بما يحدث في الغرفة على الاطلاق. وانفرد هذا السجين بإدارة شؤونه اليومية، فهو لم يشارك في اي من "المشاعيات"، وفضل العيش لوحده. كنت احاول ان اتحدث اليه الا انه كان يتجنب الحديث، ويكتفي فقط بالجواب على تحياتنا صباحاً عند استيقاظنا من النوم. حاولت التحدث معه باللغة الروسية التي قدرت انه يتكلمها، ولكنه كان يتجاهل بأدب كل مبادراتي. اعجبني أدب هذا الانسان ووسامته وعزة النفس لديه، ولكني كنت في حيرة من سلوكه الغريب. فالسجين يحتاج عموماً الى من يفتح قلبه ووجدانه له ليخفف من معاناته، في حين كان هذا الانسان النبيل يتفادى بإصرار الاختلاط او الحديث. في احد المناسبات اقترب مني العزيز غفور ابراهيمي، وهمس في إذني عن توفر قدر من النبيذ الذي صنعه من "الكشمش" في معيته. وسألني ان كنت اميل الى تناول قدر منه ام لا. اجبته بالايجاب وطلبت منه كأسين صغيرين لا كأساً واحداً، بحيث استغرب غفور من ذلك. اخذت الكأس الثاني وقدمته الى المهندس السجين الذي بادرني يالسؤال: ما هذا؟. اجبته مباشرة وباللغة الروسية انه "ڤينو"؛ اي نبيذ. لم يرفض الرجل، وجرع النبيذ بسرعة وبدون تردد وحتى الثمالة وعلى الطريقة الروسية. وسرعان ما تفتحت قريحته وأساريره وابتسم. وعندها فقط راح جاري يروي آلامه ومعاناته. فبعد وصوله لاجئاً الى الاتحاد السوفييتي، انخرط الشاب في دورة لدراسة اللغة الروسية، ثم تم قبوله للدراسة في جامعة لومونوسوف في فرع الهندسة الكهربائية. وتعرف اثناء دراسته على زميلة له في غاية الجمال والثقافة. وتطورت علاقات الزمالة هذه الى علاقة رومانسية بين شاب وشابة يحب احدهم الآخر، ربما بأمل الزواج وتكوين العائلة وتحقيق احلامهما في ذلك شأنهما في ذلك شأن سائر عباد الله. وفي احد الايام اختفت الحبيبة ولم يعد لها أثر حتى عند اوليائها. اصيب الشاب العاشق بالصدمة دون ان ينتابه اليأس من لقاء حبيبته من جديد. وبعد أسبوعين حضرت الطالبة من جديد الى الجامعة، ولكن في هيئة وسلوك غير عاديين، وقد بانت عليها انها قد تعرضت الى ممارسة مشينة، واصيبت بالهلوسة او بمس من الجنون. كانت تبكي على الدوام عند اي سؤال عن سر اختفائها المفاجئ، الى ان باحت لحبيبها بالسر. فقد جرى اختطافها من الشارع من قبل زبانية "بريا"، وزير داخلية ستالين، ثم كالعادة اغتصابها، لا لكونها تعمل في منظمة سرية معادية للنظام او تعبر عن استيائها منه، بل بسبب من كونها جميلة اراد هؤلاء الزبانية ان يحققوا عبرها رغباتهم المريضة الشريرة. ان هذه الممارسة البغيضة تشبه بما يحدث من قبل ازلام الانظمة الاستبدادية في بلداننا من الذين يعتبرون الدولة وكأنها ضيعة لهم يصولون فيها ويجولون دون حسيب او رقيب ولا مسائلة قانونية. ومع مرور الوقت اصيبت الشابة بالجنون كلياً، وقيدت الى مستشفى المجانين. لقد ادى هذا الحدث المرير الى اصابة الحبيب بالخيبة والصدمة العصبية، وغامر وقرر مغادرة الاتحاد السوفييتي والعودة الى بلاده. وها هو أمامي قابع معنا في سجن قصر يعد ما تبقى من مدة محكوميته ليباشر حياته من جديد ومن الصفر.
لا تخلو تلك الايام من الاستماع الى حكايات مؤلمة ومضحكة من السجناء حول اعتقالهم وتعذيبهم والحكم عليهم من قبل المحاكم القراقوشية الايرانية، ديوان بلخ كما يسميها الايرانيون. وكان اكثر ما يثير الضحك من هذه القصص الطريفة هي الرواية التي تنقل عن السجناء الكورد الذين اعتقلوا في عام 1959، ومن بينهم غني بلوريان وعزيز يوسفي وعبد الرحمن قاسملو وآخرين. وكان من بين المعتقلين شخصية تدعى جوانمرد قاضي، وهو من عائلة الشهيد قاضي محمد. فقد "اعترف" هذا الشخص بفعل التعذيب بكل ما طلب منه الجلادين الساواكيين بدءأ من "التجسس" لحساب الاتحاد السوفييتي، وهو الاتهام الذي يطلبه الجلادون على الدوام من ضحاياهم، وانتهاءاً بـ "إعتراف" مضحك وهو انه غادر الاتحاد السوفييتي على متن غواصة سوفييتية تغلغلت الى داخل كردستان ايران، ورست على شاطئ بحيرة أرومية في محافظة آذربايجان الغربية؟؟. وصدق الحاكم هذه التلفيقات المضحكة دون ان يدقق في الجغرافيا. فهذه المنطقة لا يفصلها عن الاتحاد السوفييتي اي بحر او معبر مائي كي تستطيع الغواصات السوفييتية إختراق اراضي كردستان إيران. ولم يعترض حتى جوانمرد قاضي في المحكمة على ذلك وسارت الامور كما يشتهي جهاز الساواك، وحكم على المسكين بأحكام طويلة.
في مساء احد الايام وفد الى السجن معتقل يلبس لباس رث وتبدو عليه علامات الوهن والتعب. جلس هذا المسكين في الرواق بإنتظار تدبير مكان له في أحد الغرف. أثار مظهره العطف والفضول في آن واحد. وحاولت الاقتراب منه والسؤال عن سر قدومه الى قاطع السياسيين في سجن قصر. كان يحاول تفادي الاسئلة التي اطرحها وتجاهلني. ولكن بعد ان ضيفته بقدح من الشاي، بدء بسرد حكايته. اعتقل هذه العامل البسيط من قبل ازلام الساواك لشكوك حوله بكونه احد النشطاء اليساريين المعارضين. وبعد "المزاح الثقيل" لرجال الساواك معه، طلبوا منه شتم كل من كارل ماركس وفردريك أنجلز، لجس النبض حول ما إذا كان ينتمي او يتعاطف مع جهات يسارية. تردد هذا الرجل في الشتم بدعوى انه لايعرف هؤلاء الناس. ولكن "المزاح" استمر معه مما اضطره الى ان يحلف لهم بالله ورسوله والائمة المعصومين انه "لايعرف ماركس ولا أنجلز ولا لينين!!". ضحك الجلادون وقالوا اننا لم نطلب منك ان تشتم لينين! إذن انت تودوي وشيوعي كامل العيار. ثم قدموه الى المحكمة العسكرية التي حكمت عليه بثلاث سنوات كاملة، سنة واحدة لخاطر عيون كل من ماركس وأنجلز ولينين. ضحكت وقلت له لماذا تذكرت لينين وهم لم يطلبوا منك شتمه؟. اجاب الرجل بمرارة :الذنب ليس ذنبي بل ذنب الشيوعيين الذي يطبعون ويرفعون صور ماركس وأنجلز ولينين سوية في مناسبة او غير مناسبة، مما دفعني الى الظن بأنهم ذكروا اسم لينين أيضاً وطلبوا مني شتم هؤلاء الثلاثة جميعاً؛ أي ماركس وانجلز ولينين، وزلّ لساني وذكرت اسم لينين!!. وهكذا قضى هذا السجين ثلاث سنوات من عمره جراء زلة لسان و بسبب "ذنب" الشيوعيين وتقاليدهم في رفع صور الثلاثة سوية على حد قول عاملنا ذي الحظ العاثر.
يطلع السجين في سجنه على الكثير من سلوك البشر بحسناتهم وعيوبهم على حد سواء. ولذا يعد السجن مكاناً فريداً في هذا الاطار. وكان من بين هذه المفارقات المضحكة هي تلك المزايدات القومية أو المناطقية بين ممثلي مختلف القوميات في السجن. إنه لمن الطبيعي ان يعتز الانسان بشعبه او بقوميته او مدينته، وهو شعور واحساس إنساني مبرر ومفهوم. ولكن ما هو غير مبرر هو التعصب الذي غالباً ما يجري في حديث البشر حول هذا الاعتزاز والتفاخر القومي. عاش في الغرفة المجاورة لنا سجين آذري اسمه رفعت، وهو من المحكومين بسبب علاقتهم بالفرقة الديمقراطية الآذربايجانية. وعلى الرغم من ظاهر الوقار والهدوء والجدية الذي يبدو عليه، الا أن هذا الظاهر يخفي وراءه شخصية أخرى تتميز بالطرافة وحب النوادر والنكات إثارة الآخرين في جو من المرح والضحك. كان غالباً ما يثير بعض اصدقائه الكورد الذين يشاركونه الغرفة نفسها. ويبدأ رفعت على سبيل المثال يعدد محاسن "مشمش مرند" الآذربايجاني الذي يتميز بالفعل بالطراوة والطعم اللذيذ. عندها يأتي الجواب سريعاً من معروف، السجين الكوردي من أهالي مهاباد، ليرد على رفعت ردأ مفعماً حول محاسن المشمش في مختلف بقاع كردستان ايران وافضليته على المشمش المرندي. وتستمر هذه المزايدات وصولات التفاخر وتطول بين السجناء الى أن يفاجئ رفعت الطرف الكوردي بمفاجئة جديدة. فقد طرح رفعت بقدر من الحيلة والدهاء والضحك ايضاً ان مومسات تبريز هن افضل مومسات في ايران!! هنا التزم معروف الصمت، فهذا شئ لا يمكن التفاخر به قومياً. عندها سكت معروف حيراناً، إذ كيف له ان يرد على حريفه وينبري له ويواجه تحديات "مفاخر" مدينة تبريز. ولكن وبعد حين تقدم معروف الى "الميدان" وصاح بأعلى صوته وبعصبية وإنفعال :لا ياسادة ان افضل المومسات هن من مدينة مهاباد!!، وغادر الغرفة على عجل وسط ضحكات وتعليقات السجناء الساخرة والمندهشة من هذا "التفاخر" القومي.
مرت أسابيع وأسابيع على عيد النوروز لنفاجئ في أحد الامسيات بقراءة اسم افراد المجموعة العراقية للتوجه في صباح اليوم التالي لمواجهة الادعاء العام العسكري؛ أي "دادرسي آرتش". وهذه الدعوة تعني بالدرجة الاولى الاستعداد للمثول امام المحكمة العسكرية. إذن حسم الامر وتبددت الشكوك حول مصيرنا، حيث لم يعد أمامنا الا مصير واحد و هو المثول امام المحكمة وانتظار الحكم. هذالامر قد ققل من القلل وحالة الانتظار المتعبة من ناحية، ولكنه وضعنا في حالة نضرب فيها الاخماس بالاسداس حول طبيعة حكم المحكمة القادم. في اليوم التالي استيقظنا صباحاً ولبسنا ملابسنا وخرجنا الى ادارة القاطع ليجري التفتيش المعتاد وقراءة الاسماء لننتقل الى الادارة الرئيسية للسجن عند البوابة الرئيسية لسجن قصر. فتحت الابواب الضخمة لنجد سيارة نقل السجناء العسكرية عند البوابة مباشرة، وحشرنا داخلها لنجد امامنا عدد من السجناء وبينهم بعض المعممين. ادركنا انهم من المتهمين السياسيين ويتوجهون معنا الى النيابة العسكرية في وسط مدينة طهران. سلكت السيارة طريقها وفي ظل حراسة عسكرية مشددة نحو الشارع الرئيسي في طهران وهو شارع پهلوي، شارع ولي عصر حالياً، بدون ان تعصب اعيننا. كنا نرى الناس تسير في الشوارع لاول مرة منذ اعتقالنا قرابة السنة. وخلال توجهنا الى النيابة العامةعبر هذا الشارع بدء السجناء من التيار الديني يرددون ضاحكين تارة "لا اله الا الله" وتارة "استغفر الله". استغربنا من هذا الترديد المستمر وهم يحدقونفي خارج السيارة من خلال الفتحت الصغيرة المكرسة لامرار الهواء. هذا التكرار أثار فضولنا نحن المجموعة العراقية من هذا الترديد الممل. عندها أنبرى العزيز سعيد وسأل أحد المعممين باللغة العربية عن سبب ذلك. وعلى الفور نصحنا هذا الرجل بأن نحدق في خارج السيارة. وبالفعل نظرنا من خلال الفتحات الصغيرة حشد من الناس للتبضع او التجوال وبينهم ارتال من الصبايا اللاتي يلبسن موضة ذلك الزمان "الميني ژوب"، الى جانب أخريات "ملتحفات" بـ"الچادور"؛ اي العباءة الايرانية. فعندما يرى هؤلاء السجناء الفتيات بالميني ﮊوب تتعالى اصواتهم بـنداء "لا اله الا الله"، اما اذا مرت النساء من اللواتي يلبسن الچادور،يتعالى نداء آخر هو "استغفر الله". علت الابتسامة على شفاه الجميع وهم ييمارسون ويشاهدون دعابة "المؤمنين".
وصلنا الى مقر النيابة العامة العسكرية بعد حين، لنرى وضعاً استثنائياً وإستنفاراً غير عادي في المبنى الكبير. نقلنا مقيدين الى أحد الغرف، وشاهدنا خلا ذلك مجاميع من السجناء تتجه الى غرف أخرى مجاورة. عرفنا بعد ذلك ان هناك مجموعتان اخريتان يعد العدة لهما بالمحكمة ؛ اي مجموعة إغتيال رئيس الوزراء حسن علي منصور ومجموعة محاولة إغتيال الشاه. إذن ستجري ثلاثة مرافعات في آن واحد، احدها مكرسة للنظر في قضيتنا نحن المجموعة العراقية. بعد حين دخل الغرفة احد ضباط الجيش ليطلعنا على الاتهام ومجريات المحكمة وغيرها من الشكليات. طلبنا ان نوكل لنا محامي من أحد البلدان العربية. ولكن رد بحزم انها محكمة عسكرية وسوف تعين المحكمة محامي خاص بكم. وتلى علينا اسم المحامي وهو العقيد المتقاعد شاهقلي، احد مجموعة المحامين التي عينها الادعاء العسكري للدفاع عن المرحوم الدكتور محمد مصدق بعد الاطاحة به. اكملت الاجراءات الشكلية سريعاً على امل ووعد بأن نطلع على ملف التهام والتهم الموجهة وموعد المحكمة. وهكذا قادونا من جديد الى سجن قصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*تخونني الذاكرة الآن، وبعد مرور حوالي اربعة عقود، في استذكار اسماء الذين عايشوا هذه الذكريات، وعذراً للقارئ الكريم على هذا النقص.
يتبع




#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محكمة من طراز رفيع
- يوميات ايرانية - 22
- -ثقافة- الموت والتدمير وآلام العراقيين
- يوميات ايرانية 21
- يوميات ايرانية لاندماج في مجتمع السجن20
- 19 يوميات ايرانية
- الجزء الثامن عشر - يوميات ايراني -سجن القصرة
- آراء حول مشروعي النظام الداخلي والبرنامج الجديدين للحزب الشي ...
- يوميات ايرانية ( 17 ) السجن المؤقت
- عذر أقبح من الذنب
- يوميات إيرانية 16
- يوميات ايرانية ( 15 )
- يوميات ايرانية ( 14 ) تفنن في البطش
- يوميات ايرانية 13
- يوميات ايرانية 12
- يوميات ايرانية- 11-الوقوع في الفخ
- يوميات ايرانية 10
- تحديات خطيرة امام حكومة المالكي
- يوميات ايرانية ( 9 ) رحلة
- يوميات ايرانية ( 8 )


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل حبه - يوميات ايرانية 24