أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - السريالية في محكمة المنطق















المزيد.....

السريالية في محكمة المنطق


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 1732 - 2006 / 11 / 12 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


مدخل: قبل الدخول إلى ماهية السريالية، نود التنويه إلى أننا سنتجاوز بعض التفاصيل التي من شأنها أن ترهل الموضوع بأثقال قد يشذ التابع منخلالها عن الجوهر،ويتوه في مسارات تاريخية ومساجلات كلامية حدثت بين عمالقة السريالية.
ما يهمنا ونراه يصب في روح الموضوع هو أن نتعرف إلى أهم ثيمات هذا المذهب وخاصة بعد أن باتتهذه السريالية أشهر من نار على علم, لذلك سنركزعلى مفاصل نعتقد بأنها خلاصة ذات معرفية مركزة لمفهومالمذهب السريالي، وذلك أن نسلط الضوء على تعريفها ومبادئهاوتأثيرها وأخيراًمحاكمتها منطقياً... وقبل أن نفتح باب التعريف لا بد من التساؤل: ما هي السريالية؟ أهي ثورة فكرية؟ أم انقلاب ثقافي على واقع متخلف؟ أم انها حركة ذات نوازع تقدمية الغاية منها خلق مذهب شمولي لتغيير واقع الإنسان الذي أرهقته مرارة الحروب وتقاليد وأعرف باليه لم تعد تواكب تطورات العصر؟. أو أن تكون السريالية تياراً سياسياً ولد من مخاضات صعبة عبر منظور سياسيمثقل بحكام فرادانيين أو طغاة إزاء ظروف قاسية كالحرب العالمية الأولى والتي كانت مادتها الفقراء أصلاً!. وربما كانت تحدياً لتعصب الكنيسة عبر شعارات مناهضة لتسلط رجال الدين على مقاليد السياسةوالمجتمع؟.
ثم هل تخصصت السريالية بشيء أم كانت لها أهداف تسعى من خلالها إلى تغيير كل شيء؟ كمحاربة القوانين والأنظمة والعقائد والأفكار القديمة والتراث التي تراه بطريقة ما يشكل إرثاً ثقيلاً لا بد من الإستغناء عنه أو إزاحته عن الأفكار. وبعد هذا وذاك نتسائل: أكانت السريالية فوضى في فوضى؟ إنها أسست مذهباً وصلت تأثيراته إلى شتى بقاع العالم؟!.
تعريفها: يخلد السرياليون إلى فكرة تبدو غريبة إلى حد ما تتجلى عبر رؤية حادة لتفكيك الواقع وتشتيته إلى جزيئات، ثم محاولة بنائه من جزيئات الواقع الأخرى، وحسي طريقة ما تراه يتفق وتلك الآلية النفسية تعارض مبادئ التثقيف والتآلف والإلهام ومواضع الجماليات. وتعريف الدذهب السوريالي أو السريالزم هو ذلك المذهب الذي يحلق بنا وراء الحدود لما اتفقنا أن نسميه الواقع، والذي يحاول أن يمد الآداب والفنون لهذا السببمما لم تألفه الآداب والفنون من المواد الغريبة عليها.
كما تميزت السريالية بالكثير من الخصائص التي ليس لها اصولمعرفية أو متداولة لدى المذاهب السابقة، لذلك كانت الكثير منها غريبة وشاذة لم يألفها الناس من قبل، وقد وقفت ومزجت وربطت بين أشياء ليس بينها صلات أو علاقات متداولة أو مستعملة، وهذا يمثل في نظر البعض عودة إلى حالة التشويش البدائي حتى تتعادل النسب ويبطل الممكن والمستحيل وتسقط الاعتبارات المنطقية والواقعية.
مبادئها: - التهكم والفكاهة ليسا أمراً مجانياً. 1- المخيلة. 3- الدهشة
الاولى. 4- الحلم. 5- الآلية والجنون.
التهكم والفكاهة ليسا أمراً مجانياً: ويصورهما السرياليون على أنهما يصدران عن طريق نزعة داخلية نتيجة رضوخها للواقع، ففي أعماق نزعة التهكم روح عاصية ترى ما في الواقع من صفائه وقبحه، وهي حين تتهكم به وتغير مقاييسه وأرقامه وأحجامه وتسخر منه، إنما تحاول استبداله لتخلفه وغيابه. المخيلة: هي طريق المعرفة الوحيد من دون العقل والحس والمنطق. الدهشةالأولى: يرى السرياليون وكأنّ العالم قد فقد حواسه، وكأنّهُ لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، وإن غالبية مواده أصبحت ذات بديهيات روتينية لا مجال فيها للتعجب والاندهاش، وإن لعالم تدجن وتآلف مع الاشياء وانعدم فيه لتخيل، لذلك كان ضرورياً الالتفات إلى مسألة إيجاد مبررات الإندهاش بين ركام هذا الروتين المخيف. الحلم: يحسب السرياليون أن الحلم الليلي(لا الواعي ) أشد تعبيراً عن واقع النفس من حالة اليقظة، ويتمادون إذ يزعمون أن حالة الحلم هي وحدها حالة (الشعر) لأن النفس تجري على سجيتها بعد أن تنحدر عنها قبضة اليقظة والواقع والعقل. الآلية والجنون: يعتقد السرياليون، ومنهم (سلفادور دالي) أن النفس تتحرر تحت وطأة الجنون من ثقل العالم ووطأته.
تأثيرها: كان تأثير السريالية واضحاً بأعمال الكثير من الادباء والفنانين الغربيين والعرب, لتصورهم أن لهذا المذهب فضاءات انطلاقية لا حدود لها، وإنَّ حرية الكتابة تمارس بشكل واع وفعال في أجواء التمرد والسخرية والشرود الذهني مما جعل الكتاب السرياليين ينعمون بطمأنينة التمرد والتجرد والانسلاخ عن رتابة العالم وقيوده وتعقيداته،وكل خطوة من الخطوات التي بدأتها السريالية جاءت من الإيمان باللاواقع من ذات تعبر عن أحاسيسها في أحسن حالات الانسان الابداعية ما دام له أسلوب للتعبير به عن روحه المجردة من الواقع، ونذكر نماذج من الادباء والفنانين الذين تأثروا بالسريالية على اختلاف جنسياتهم وقدراتهم الابداعية. في الادب: كان تأثير السريالية في أعمال شعراء وقصاصون وروائيين أمثال: أراغون/ بول إيلوار/ أبولينيروغيرهم من العرب: خليل حاوي/ البياتي/ أدونيس/ وسواهم. الفن: لعل أعمال بيكاسو/سلفادور دالي، هي أشهر نماذج الفن السوريالي المتقدم، وكذلك الفنان التشكيلي آرنست ماكس الحائز على عدة جوائز، كما ظهرت تأثيراتها في المسرح لدى كوكتو/ وليم سوريان وغيرهم في الفلسفة: أعمال وكتابات: هيجل/ فرويد/ ماركس، تعتبر تحمل أفكار سريالية في بعض مضامين كتاباتهم قبل ظهور لسريالية.
محاكمة السريالية: لنتساءل من هو هذا الشيطان الذي يقود الحفلة وفي أية لجج يغرق السريالية والسريليون؟. ولنتساءل أيضاً من هو المتفرج الذي ينسلخ من الحياة؟. لكن نقول عندما نستهين بإهمال واصرار، على ترك القاذورات خلف الباب. نكون قد دعونا الكلاب والقطط والذباب للاهتمام بها، وتجمعها عند الباب يعني منعنا عنا الراحة والحرية والهدوء. إن للدعابة والسخرية والهزء التهكمي تعبيراً عن الثورة السريالية من موقف أخلاقي، كما أن الاحساس بالعبثية واللاواقع هو الاحساس بللاجدوى الشخصية والشعور الفردي غير المجدي. فمن هنا ياتي شعار الاضمحلال أو تجاوز الذات في سلبية جوهرية، كما أن هذه الدعابة نفسها تقود إلى قمة اليأس، كمن وصل به الامر إلى حد النخر. والذي حدث أن وعي هذا النخر لم يعالج بصورة صحيحة، بل أخذ في زيادته حتى يثبت للعالم كم هو موجوع،ولكن لو عرض الأمر على من هم أعمق منه تجربة لتغيرت طرائق المعالجات وحدثت الكثير من محاولات التغيير، أو من اهتم بهذا الجانب أكثر وعياً لغير وضع النخر أو أخذ بتغطية الممزق منه يرقعة تركت صيغة أجمل للتمزيق، ولما كثر حوله الممزقون وأصبحوا مثل الفقراء الذين يتسولون عندما لا يجدون ما يسد الرمق ويتحولون إلى مجرمين. فلا داعي للسخرية في عرض الالم إذن؟!. أما من هم السرياليون- فقد دعوا لحملة الدعابة هذه لكي يقال: ( ماذا يحيلهم إلى الجنون ما دامت هناك حياة عاقلة) فإذن هم خطر، ويجب أن يحالوا إلى جهة فكرية لفك عقد أمخاخهم وتشرذمات عقولهم!!. وقد لا ينطبق هذا الكلام على (الشعر) لأن أجمل ما فيه الألم والتغني به، وحق4سقة الألم أنه يولد معنا وتحسسه ليس عيباً أ, مرضاً.
ومن خلال معاينة عقلانية لمبادئ السريالية( غير العقلانية) نشق طريقنا بصعوبة بالغة وسط بحر التمويهات، فمن (المخيلة) المبنية على (العقل المجنون ) وليس (الجنون المتعقل) مروراً (بالدهشة الاولى) نتساءل ما المطلوب منخلال هذه الدهشة؟. أن نقدم نماذج من تصرفات مجنون مثل (الصراخ في الشارع بلا سبب) أو (الركض في مكان عام) بدلاً من ساحة الرياضة أو( المشي على زجاج مهشم بدلاً من الابتعاد عنه!) أو ( البكاء أو الضحكفي قاعة المحاضرات بدلاً من الانصات!) لكي يقال إننا صنعنا دهشتنا السريالية!؟. وفي الحلم، المقصود(الحلم الليلي) كيف يكون أشد تعبيراً عن واقع النفس من حالة اليقظة؟ مع أن الاحلام ليست معرفة عادية وتخضع لتراكمات نفسية وتداعيات واسقاطات لا يمكن أن تكون في حالة قياسيةأو ثابتة يقاس بها الواقع. أما أذا وضعنا (الحلم) في مجال الفلسفة نكون قد أسقطنا الكثير من معاني الفلسفة في بئر لا نهاية لها.
خاتمة: السريالية مذهب( اللاواقع) وهي تبحث حالة الاندهاش(الدائمة) واعتماد صيغ ومعاييرأخلاقية غريبة لإعادة تشكيل الحياة بعد تجزئة واقعها واعادة بنائه بجزيئات أخرى من واقع (اللاواقع). وربما لغرائبية هذا المذهب فقد انتسب إليه عدد من المفكرين والادباء والفنانين لاعتقادهم أنه يحمل شارة الخلاص من أطر وتشكيلات الحياة التقليدية، وتسهيلات لمحاولات العبث والجنون التي رسموا بها أو من خلالها أفكارهم،وكانوا في كون من العطش وجاء ( ماء – السريالية) ليروي ظمأهم حتى الثمالة!. ولأن السريالية جاءت ونسيت (أصالتها) و (أخلاقياتها) و (مبادئها الانسانية) فقد فشلت (ككل حركة اصلاحية ناقصة أو المقصود بها الهدم لأجل الهدم) دون أن تقدم أدلة حسية ووقائع مادية تثبت صلاحيتها للأنسانية بما يتلاءم وأخلاقيات نشوء الكون وديمومته والتي سيمشي عليها البشر – شأوا أم رفضوا – إلى الأبد. وانقلاب السريالية على واقع غير صالح بأفكار وتطبيقات (غير صالحة ) أيضاً، فسيبقى الموضوع على طريقة الذي ( إستجار من الرمضاء بالنار!)
-------------------------------------------
المراجع والمصادر: 1- الرمزية والسريالية في الشعر العربي والغربي/ ايليا حاوي 2- الابداع في الفن/ قاسم حسين صالح.3- سايكولوجيةالفن التشكيلي. 4- مذاهب الادب الغربي ومظاهره في الادب العربي المعاصر/د. سالم احمد الحمداني5- الفن الاوربي الحديث/ألآن باونيس/ت.جبرا ابراهيم جبرا. 6- المذاهب الادبية الكبرة في فرنسا/فيليب فان تيغيم/ت. فريد انطونيوس. 7- السوريالية/ايفون دوبيليوس/ت. هنري زغيب. 8- دليل القارئ في الادب العالمي/ليليان هير لاندرز/ت.محمد جورا. 9-مواقف إنسانية رامبو/فان جوخ/ت.صدقي اسماعيل. -10-بول ايلوار(مع مختارات من شعره)لويس باروت/ت.فؤاد حداد.-11- عيون ألزا/ت. سامية اسعد وفؤاد حداد.-12- أشهرمذاهب المسرح/دريني خشبة.-13-توماس من/جورج لوكانس/ت.كميل قيصر داغر.



#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفردة المسؤولية
- العمق الجمالي في الإنفتاح الحضاري
- استفهامات الشعر
- الحداثة العربية شعرا.. رؤية نقدية
- هموم الشعراء والمرأة
- الجدل ينفي قصيدة النثر
- تكامل النقص
- التواصل وعقدة المأساة
- المتوازي.. المتعاكس
- المرأة بين العرض والطلب
- سنديانة الرعب
- كيمياء الديمقراطية
- لمشكلة تشابك التشبيهات
- الثقافة والمجتمع بين الحضارة والتغريب
- اهمية أن يكون المرء جاداً / عن المسرح
- كوكتيل الحرية
- المرأة في شعر الجواهري والاسطورة
- المرأة والمجتمع المدني
- الصحافة والمرأة


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - السريالية في محكمة المنطق