أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - المناضل-ة - إيران: شبح حرب أم حرب أشباح؟















المزيد.....


إيران: شبح حرب أم حرب أشباح؟


المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 1732 - 2006 / 11 / 12 - 09:58
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


دشن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأبهة في قلب إيران معملا لإنتاج الماء الثقيل خمسة أيام قبل نهاية الإنذار الأخير الذي أصدره مجلس الأمن بهدف وقف إيران لأنشطتها النووية. إن ذاك التدشين استهزاء جديد لطهران بالغرب في ظل حملة دعائية، بدأت منذ أكثر من سنتين، حول عقوبات اقتصادية وهجمات عسكرية محتملة.
إن تلك الحملة حرب نفسية هدفها دفع الجمهورية الإسلامية لقبول شروط الولايات المتحدة الأمريكية (الو.م.أ) وحلفائها، الذين يسعون لاخضاع نظام طهران لسياساتهم في الشرقين الأدنى والأوسط. وحسب تقديرات المحمسين للحرب، ما زالت طهران بحاجة لثلاثة أو أربعة أو خمسة سنوات قبل أن دخول النادي النووي. ما زال ثمة إذا مجال للدبلوماسية.
زاد احتلال إمبريالية الو.م.أ وحلفائها لأفغانستان والعراق من حدة الاحتجاجات الجماهيرية في المنطقة برمتها. وفي ظل غياب بدائل ثورية وديموقراطية، تستفيد الجمهورية الإسلامية الايرانية من الاستياء الجماهيري بالمنطقة. ولذلك السبب بالضبط يمكن لنظام طهران أن يبيح لنفسه عدم التراجع فورا بوجه شروط الو.م.أ وحلفائها.
استخلص النظام الإيراني دروس مصير نظام صدام حسين بالعراق. ويتمثل الفرق بين الحرب على العراق وتهديد ايران بالحرب، في أن نظام صدام حسين لم تكن لديه أسلحة دمار شامل، بينما يسعى نظام إيران بدون شك لامتلاك سلاح نووي. لم يكن صدام حسين، عشية حرب الخليج الثانية، يؤكد عدم حيازته أسلحة دمار شامل وحسب، بل كان أيضا يضاعف مبادرات وتنازلات بقصد تفادي تهديدات التدخل. وبالعكس تقوم إيران، وبوجه خاص رئيسها، بعكس ذلك.
ينفي نظام طهران طبعا أنه قيد التزود بالسلاح النووي. لكن المسؤولين الإيرانيين يقومون، في الآن ذاته، بكل ما بوسعهم للإيحاء بأنهم في طريق امتلاكه. إنهم ينتهزون كل الفرص لابراز تقدمهم في المجال العسكري، وبوجه خاص، في حيازة صواريخ قادرة على ضرب إسرائيل. إنهم لا يسعون إلى إخفاء طموحهم النووي، بل بالعكس يصرحون به في كل مناسبة وغالبا على نحو غامض إلى حد ما لترسيخ اعتقاد أن الأمر يتعلق بطموح مدني كما عسكري.

يصرح النظام باستمرار بانتفاء أي خطر على إيران لأن الو.م.أ منهكة وموحلة على نحو مستديم في العراق وأفغانستان، مما يمنعها من مخاطرة لا تُصدق بفتح جبهة جديدة، بينما بات الرأي العام الأمريكي يطالب بعودة الجنود الأمريكيين. لا يكف الإيرانيون علاوة على ذلك عن ذكر أنواع الأعمال الانتقامية التي لن يترددوا في استعمالها حال مهاجمتهم، بما في ذلك إرسال آلاف الانتحاريين ضد الأمريكيين بالعراق وأفغانستان والعالم برمته. إن المعطى الجديد الناتج عن الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، الذي يقوم نظام طهران بدور عرابه، يجعل ردا سريعا وقويا من الدول الكبرى أيضا مسألة أصعب.

الصناعة النووية، إرث الشاه

يعود البرنامج النووي الإيراني إلى العام 1974. وكان يكتسي بعدا عسكريا على نحو أكيد، لكن أحدا لم ينتقده حينها حيث كان المقصود التصدي للاتحاد السوفياتي. كانت إيران حليف إسرائيل الذي تركته الو.م.أ يمتلك القنبلة. ويستدعي إدراك افضل للظروف استحضار الوضع الجيوسياسي بالمنطقة في تلك الحقبة. كانت الحرب التي شنتها الصين في أوائل سنوات 1960 على حدود الهند قد قادت هذه الأخيرة إلى طريق الصناعة النووية بمساعدة سرية أولية من الو.م.أ ثم الاتحاد السوفياتي لاحقا. كانت الهند تحوز السلاح النووي منذ أواخر السبعينات وكان بامكانها استعماله انطلاقا من منتصف الثمانينات. إن هذا الوضع، الذي اعتبره العسكر الباكستانيون وضعا لا يحتمل، أفضى بعد ذلك بقليل إلى رد صيني حتمي: تزويد باكستان بوسائل تقنية لصنع قنبلة مضادة قد تخفف من عبء الردع الصيني.

اضطرت الصين، لاسيما فيما يتعلق بالباليستيك، للجوء إلى الحليف الكوري الشمالي لتفادي كل عقوبة أمريكية. لكن تمويل العملية، المتجاوز جدا لإمكانات باكستان المحدودة، كانت قد ضمنته بنسبة 75% العربية السعودية، التي ترى في ذلك دوما تباشير «قنبلة إسلامية» حقيقية، أما النسبة الباقية فغطته الإمارات وماليزيا. وستتوسط باكستان بالمقابل في سنوات 1980، بين السعوديين والصينيين (الذين ما كانت تربطهم بهم آنذاك أي علاقة ديبلوماسية) لكي تتمكن المملكة الوهابية من شراء صواريخ متوسطة المدى، وكان ذاك العمل يشكل بالنسبة للمملكة السلفية الخطوة الأولى نحو التزود بالسلاح النووي. وإذا كان السادات قد اضطر، مقابل استرجاع سيناء، إلى التخلي عن برنامجه النووي المصري، الذي جمد مبارك جزءا منه ورحل الجزء الآخر بعد اغتيال السادات نحو عراق صدام حسين في سنوات 1980، فإن مشاريع عربية عديدة منافسة كانت ترى النور في تلك المرحلة بالذات، في الجزائر وليبيا وحتى سوريا البلد الصغير؛ غير أن أيا من تلك المشاريع لم يكلل حتى الآن بالنجاح، ولا شك ان تخلي القذافي سيكون نهائيا.

في إطار ذلك السياق المشحون سعت إيران لامتلاك السلاح النووي منذ عهد الشاه. كان الأمريكيون مؤيدين لذلك لردع هجوم سوفياتي محتمل على الحدود الشمالية للبلد، الذي كان، بامتداده الأفغاني، الخط الدفاع الغربي الوحيد المتاخم للاتحاد السوفياتي وغير المحصن بالسلاح النووي. تكفلت فرنسا، مع معمل أوروديف، بتزويد قادة إيران آنذاك بالوسائل التقنية الأولية. ومن جهة اخرى، دخلت إيران بجانب فرنسا في رأس مال أوروديف ، وهو اتحاد شركات أوربي لتخصيب الأورانيوم، وحصلت على حق اخذ 10 % من انتاج مصنع بييرولات (كان عليه أن يلبي ثلث الحاجات العالمية بمفرده)، وذلك لاغراض مدنية. وبالموازاة، أقرضت إيران فرنسا مليار دولار، عن طريق مفوضية الطاقة الذريةCEA. كان يجب أن يُستهل سداد ذاك المبلغ مع بدء اشتغال أوروديف عام 1981. وبعد الثورة الإيرانية عام 1979، جُمدت المشاركة الإيرانية في أوروديف. وقد أوضح دومينيك لورينتز بوضوح في كتابه «شؤون ذرية» العلاقة بين أهمية نزاع أوريديف مع إيران واعتداءات سنتي 1986-1988 بفرنسا. تخلت إيران عن ذاك المشروع، لكن القادة الإيرانيين أعادوا إطلاقه أواسط سنوات 1980 ضد تهديد الاجتياح من قبل عراق صدام. كانت الحرب العراق الأولى،وبوجه خاص الضربات الامريكية ضد بغداد عام 1991، تبين بالفعل هشاشة بلدهم.

استسلمت فرنسا بعد عام 1988 وسوت مشكلة أوروديف. استدار نظام طهران، بعد هدنة عام 1988 مع العراق، نحو الاتحاد السوفياتي، مقابل دعم طهران للروس، ضد الحركات الاستقلالية في أزربيدجان وفي آسيا الوسطى والاستنكاف عن كل دعم للقضية الشيشانية (التي كانت تعتمد أكثر فأكثر على المحور السني السعودي الباكستاني).

«أمريكا الموحلة»

عمل القادة الإيرانيون الحاليون بحثا عن سياسة واقعية على اجتذاب الأوربيين ثم الأمريكيين لاحقا الذين باتت طهران، رغم التصريحات الدعائية المتشددة، تقدم لهم مساعدة ثمينة بدءا بأفغانستان لتقوية نظام كرازاي المناهض لطالبان، وحاليا بشكل أهم بالعراق: فبدون الدعم المستمر من آية الله السيستاني، وهو ذاته ايراني الاصل، سيكون وضع الأمريكيين ببغداد أصعب جدا وأكثر هشاشة. لأن المعركة الأكبر تدور بالفعل بين مقاتلين أجانب أو تكونوا في الخارج؛ من جهة قوات حلفاء الو.م.أ ومن جهة أخرى عناصر مسلحة مرتبطة بحرس الثورة الإيراني (حرس الثورة الإيراني وعراقيون كانوا منفيين في بإيران)، مثل كتائب البدر. إنها حرب منخفضة الحدة بين أمريكا وإيران تدور رحاها على الأراضي العراقية.
لكن إذا اختارت إيران الواقعية البرغماتية بخلاف القاعدة والسلفية السنية، فلكي تحصل على المقابل. كان اعتدال نظام إيران الدائم إزاء موسكو قد منحه تعاون الروس النووي التقني. وأتاح له تحالفه الضمني مع الهند عزل خصمه الباكستاني. وطبعا سيأتيه دعمه، أحادي الجانب وغير المعلن، للاحتلال الأمريكي للعراق بصعود حتمي لسلطة شيعية ببغداد، لكن قلما يكون الامر كافيا. لأن السلطة العراقية الجديدة ستكون، بنوطدها، ليبرالية أكثر من جارتها وحليفتها الإيرانية. آنذاك، سيغدو التبادل بين طهران و واشنطن أقل فائدة بكثير وأكثر توازنا مما هو عليه الآن.

لذلك يرى كثيرون بطهران، وليس من المتشددين فقط، وجوب الحصول على مقابل فورا دون طلب أي شيء من أحد، لأن اللحظة افضل مناسبة لخروج إيران من معاهدة عدم الانتشار النووي واعلان كونها قوة نووية جهارا.

ليس لدى الو.م.أ، رغم تفاخرها الخادع، وسائل الرد العسكرية ولا السياسية (سيصبح استقرار العراق في الرهان) ولا حتى المالية: قد يؤدي مجرد انسداد منتظم للخليج الفارسي الى مضاعفة سعر البترول الخام وسقوط قيمة الدولار. إن تورط الو.م.أ بالعراق وأفغانستان وفي بلدان أفريقية عديدة وإندونيسيا والفلبين، لا يُمكّنها حاليا من شن حرب برية على إيران. أما النظام الإسلامي بإيران فقد قرر، بقصد تفادي تلك الحرب البرية، تتبيث الو.م.أ عسكريا بالعراق كما تشهد على ذلك عمليات تطويق مدن عراقية وحتى قصفها.

إن قادةلإيران الرئيسيين، وبوجه خاص الزمرة الحاكمة، على اقتناع أن «أمريكا موحلة» بسبب فشلها بالعراق، وخطر إمكان مشاركة كثيفة لشيعة البلد في الانتفاضة بجانب السنة، وسرعة تدهور الوضع بأفغانستان، والفوضى بفلسطين، وتواصل خطر الإرهاب التي تؤكده الاعتداءات الحديثة بمصر وعودة ظهور بن لادن، والخوف من استعمال حرب البترول، و تنامي كلفة العمليات العسكرية التي أطلقها بوش، وتطور الرأي العام بالو.م.أ ذاتها.

هذا علاوة على اشتداد معاداة أمريكا بالعالم برمته، ورفض الصين وروسيا، المرتبطتين اقتصاديا وعسكريا بإيران، تزكية تدخل عسكري يعارضه حتى توني بلير، و توالي تكبد القادة السياسيين الغربيين، الذين زكوا التدخل بالعراق، هزاءم ببلدانهم (اسبانيا وايطاليا والبرتغال والنرويج واليابان، الخ)، وارتفاع سعر البترول الذي أغنى كل خصوم الو.م.أ أو منافسيها، زد على ذلك غليان أمريكا اللاتينية. بفعل تلك الأسباب كلها لا تستطيع الو.م.أ المخاطرة بفتح جبهة نزاع أخرى.

الاتحاد الأوربي الباحث عن أسواق

رسميا، تسعى الدول التاريخية بالاتحاد الأوربي لمنع المُلالي من امتلاك قنبلة نووية إسلامية. لكنها في الواقع تسعى للحلول مكان روسيا في سوق التموين النووي الإيراني. لذا عليها أن تبدو أكثر ودا من الروس: وهذا ما جعلها لا تجرؤ على المطالبة بأكثر من تعليق الأنشطة النووية. باتت الرغبة في انتزاع نلك السوق المربحة للغاية من الروس تنضاف إلى المصالح الأوربية الحالية والهامة للغاية بإيران.

هذا لأن الأوربيين يواصلون توقيع اتفاقات جديدة واسعة النطاق. وليست السوق الإيرانية مما يستهان به. بلغت واردات إيران 26.6 مليار دولار عام 2004 ، وتمثل الآلات والتجهيزات الصناعية (44.8 % )، والمعدن والركاز (22.3% )، والمواد الكيماوية الأساسية (14.5% ) والمواد الفلاحية الغذائية (9.7% )، أهم قطاعات الاستيراد بإيران. وتأتي 51.8% من مجمل الواردات من الاتحاد الأوربي.

تتبوأ ألمانيا المرتبة الأولى بـنسبة 11.4% ، وفرنسا الرتبة الثانية بـنسبة8.5% من السوق الإيرانية، وتقدمان بوجه خاص الآلات الصناعية وقطع غيارها. وتحتل فرنسا المرتبة الأولى في قطاع السيارات، بـمبلغ 1.3مليار دولار (والصين المرتبة الثانية بـ360 مليون دولار). وقد فازت شركة رونو في مايو 2006 بمزايدة شركة مجازفة (بمبلغ 2 مليار دولار) بمشروعها L90 (لوغان)، بهدف صنع 300000 سيارة بإيران، والتطلع الىصعود قوي لبلوغ مليون سيارة كل سنة حوالي 2010-2012. يصل مجمل الاستثمار الفرنسي بإيران (حسب مصادر فرنسية) الى مبلغ 35 مليار دولار خارج عقود تقنية Buy-Back التجارية التي أبرمتها شركة طوطال في قطاع البترول والغاز.

هذا ما سيدفع الاتحاد الأوربي الى بذل كل ما بوسعه كي تفلت الجمهورية الإسلامية من عقوبات مجلس الأمن، لما فيها من إضرار بعلاقاته الاقتصادية مع إيران. تتمنى أوربا حلا بالتفاوض يتيح لها الحصول على سوق تموين المفاعلات المدنية ومفاعلات الوقود النووي بإيران. فالأوربيون يعتبرون ايران، بعد طردهم من العراق، قاعدة بديلة: إن ايجاد موطئ قدم بإيران معبر للحصول على بترولها من موقع امتيازي. لكن هذا لا يعني استعداد قادة اوربا للانحناء كليا أمام نظام ايران بشكل. وتشهد على ذلك تصريحات أنجيلا ميركيل في 29 يناير عام 2006 بالقدس، التي مفادها أن حصول ايران على السلاح النووي «لا يشكل تهديدا لإسرائيل وحدها، بل لكل البلدان الديمقراطية بالعالم برمته». ومن جانبه أثار جاك شيراك زوبعة سياسية بأوربا بتهديد «قادة الدول التي قد تلجأ إلى وسائل إرهابية ضدنا، تماما كمن يأملون استعمال أسلحة دمار شامل بشكل أو بآخر» وصرح أن "رد" فرنسا،المزود باسلحة نووية،" قد يكون تقليديا، كما قد يكون من طبيعة أخرى".

غير أن ألمانيا وفرنسا عارضتا، في الوقت نفسه، التحريض الأمريكي على الحرب بالدعوة الى «مفاوضات»، بل صرحت حكومة بريطانيا صرحت أنه «لا وجود لخيار حرب» في هذه الأزمة.

اوجه قوة حجج الروس والصينيين واوجه ضعفها

لن تتردد روسيا الزبون، ولا الصين الساعية الى تأمين تزودها بالمحروقات الإيرانية، في استعمال الفيتو بمجلس الأمن بقصد حماية ظهر طهران.

كان أحد أهداف سياسة روسيا القديمة–المطابق لسياسة إيران- يتمثل في وضع حد لحضور الو.م.أ، السياسي والعسكري والاقتصادي، بإيران وتحجيم نفوذها بالمنطقة بمجملها. ويشكل تزويد إيران بالخبرة النووية والأسلحة (أكثر من 8 مليار دولار من الأسلحة بين عام 1999 و2005 ) أحد الوسائل الأكثر فعالية وفائدة لبلوغ ذاك الهدف.
ثمة شكوك حول قبول الروس تطبيق عقوبات اقتصادية ضد الشريك الإيراني: يعني القصف دمارا واتفاقات إعادة إعمار.. ولاشيء حول بيع الأسلحة، بينما ستنهي أية عقوبات محتملة التفوق الروسي في مجال بيع الأسلحة والتكنولوجيا النووية.

رفضت روسيا طلبا أمريكيا لوقف تعاونها النووي (المدني) مع نظام طهران وبوجه خاص بناء مفاعل نووي ببوشهر. وأصدر الوزير الروسي للشؤون الخارجية بلاغا حول حرية كل بلد في التعاون مع البلد الذي يختار، وحق كل بلد في تقرير شكل تعاونه مع بلد آخر وشروطه.

وتدل كل الوقائع على مساعدة الروس بعزم للمُلالي في إقدامهم على التخصيب الصناعي للأورنيوم من أجل استعمال عسكري. و يشكل التصريح حول حرية التعاون الصناعي بين إيران وروسيا نوعا من الهجوم المضاد، لكن ليس أمام روسيا خيار آخر غير التنازل، لذلك سيختارون الحياد.

تحصل الصين من إيران على 14% من البترول اللازم لاقتصاد في غمرة النمو. و قد وقعت الصين وإيران أواخر العام 2004 اتفاقية بمبلغ 70 مليار دولار من البترول والغاز الطبيعي مدتها 30 سنة. وحصلت شركة الدولة الصينية للبترول، سينوبيك، على حصة 51% من حقل البترول الإيراني في يادافان، المكتشف مؤخرا، والمقدرة احتياطاته بـ 3 مليار برميل.

وأخيرا زادت الإمبريالية الأمريكية من عدد قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى، ممارسة تطويقا استراتيجيا للصين ومستهدفة التحكم بموارد البترول ضدا على روسيا والصين. وتنهج الو.م.أ سياسة محاصرة الصين عبر تعزيز العلاقات العسكرية مع اليابان ومنح الهند (بلد غير يوقع على معاهدة عدم الانتشار النووي، ولديه ترسانة أسلحة نووية هامة) تكنولوجيا نووية في غاية التقدم بقصد خلق ثقل مضاد للصين.

تتطور الأمور ببطء بالغ بين الأمريكيين والروس والصينيين: بات ممكنا استنتاج اتفاق مبدئي بين تلك الدول الكبرى حول الطابع «غير المرغوب فيه» لنظام المُلالي، وذاك لأسباب عدة منها الحادة الى توظيد الاستقرار بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وضرورة تأمين التزود بالبترول، و محاربة الإرهاب وحاربة الإرهاب النووي... لكن إذا أمكن للروس والصينيين التوصل إلى قبول تكفل الو.م.أ بـ«المهمة»، فإنهم يودون التأكد من عدم تضرر مصالحهم بإيران كثيرا.

لكن يدرك الجميع أنه مازال بإمكانه الذهاب أبعد وأن تلك المسألة ما زالت حاليا في طورها المتوسط... ويعرف نظام المُلالي أن بإمكانه تلافي «التنازل» وحتى مضاعفة الاستفزازات مادام بوسعه في وقت الشدة التوقيع على اتفاقية مع (الاتحاد الأوربي أو مع روسيا) لـ«منع التصعيد» أو لـ«إنقاذ السلام». ويدرك الغربيون بالمقابل أن باستطاعتهم ترك الأزمة تتفاقم طالما أن لديهم كل حين وسائل قصف إيران وتدمير منشآتها... إذا اعتبروا ذلك ضروريا.

إسرائيل

لم يبق إذن عقبة على طريق انتقال إيران إلى وضع قوة نووية سوى تهديد جدي وحيد: إنها إسرائيل. طبعا يجعل تشتت المحطات الذرية الرد الإسرائيلي محفوفا بالمخاطر.

أكيد أن القنبلة الإيرانية، التي لن تكون جاهزة للاستعمال سوى خلال ثلاث أو ربع سنوات، ستقي البلد نهائيا من ابتزاز مباشر من قبل جيرانه السعوديين والباكستانيين، الذي تتميز العلاقات بهم في الواقع اليومي بتوتر اشد مما تشهد العلاقة بإسرائيل.

بالمقابل ستكون إمكانات إيران الهجومية محدودة للغاية: إن ضربة عشوائية لإسرائيل (في ظل التطور السريع لمدفعية إسرائيل المضادة للصواريخ) ستكلف غاليا جدا. فغواصة تساحال، الغائصة باستمرار في بحر عمان والمجهزة بصواريخ ذات رؤوس متعددة، قادرة، وبهامش خطأ لا يتجاوز خمسة عشر مترا، على تهشيم طهران والمنطقة البترولية والعاصمة الدينية "قم" وعدة محطات نووية مشتتة. ومن المؤكد أن المُلالي الأقل فأقل تعصبا والأكثر فأكثر ولعا بمباهج الحياة البسيطة سيختارون الحياة على الموت.

وكما يفعل فضلا عن ذلك جميع حديثي العهد بحيازة القنبلة الذرية المتعاقبين منذ الخمسينات، قد يتحول ما يبدو اليوم مأساة بين إسرائيل وإيران إلى مجرد مسرحية. فالو.م.أ لا تريد تعقيدا إضافيا لوضعها في العراق. بينما ستفقد إيران الكثير إذا ما ضحت، كما يُضحى بالبيادق، بمواقعها لدى الشيعة العرب بالعراق ولبنان. كما أن أزمة إقليمية ذات حجم كبير ستعيق قدرة إسرائيل على التحرك بما يكفي من سرعة على الساحة الفلسطينية.

تمثل القنبلة الايرانية آنيا ازعاجا لباكستان والمملكة السعودية اكثر منه لاسرائيل. وتتقاسم تل ابيب وطهران مع ذلك علاقة ودية جدا مع الهند ( ومع تركيا بشكل ثانوي). اذا أمكن ايجاد مساومة مقبولة اثناء الازمة، ربما يكون التأرجح الكبير للعالم الشرقي سائرا الى التحقق تحت انظارنا.

من المؤكد حاليا أن النظام الإسلامي يرغب في الحصول سريا على القنبلة النووية مثل إسرائيل. غير أن هدف النظام الإيراني ليس تدمير إسرائيل كما يدعي المتحمسون للحرب. لقد تخلت إيران منذ سنوات عن أسطورة الثورة الإسلامية في العالم الإسلامي لصالح تدعيم مصالح الطبقة الحاكمة. وهذا دون سواه ما يشغل النظام.

عن مجلة انبريكور الصادرة عن المكتب التنفيذي للأممية الرابعة- العدد 520 سبتمبر –أكتوبر 2006
تعريب المناضل-ة



#المناضل-ة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصيلة حركة النضال ضد غلاء المعيشة و مقترحات للسير بها قدما
- غلاء المعيشة: هجوم على العمال وكل الكادحين لن يوقفه غير نضال ...
- غلاء المعيشة هجوم على العمال وكل الكادحين لن يوقفه غير نضاله ...
- نار الأسعار ستشعل نار الاحتجاج الشعبي
- أين تسير جمعية المعطلين؟ عناصر أولية لفهم أزمة الجمعية الوطن ...
- الجمعية الوطنية لحملة الشهادت المعطلين بالمغرب: خلاصات تجربة ...
- التشريع للهشاشة وعدم استقرار الشغل: قراءة في حصيلة سياسة الد ...
- هشاشة الشغل
- البطالة كيف تهدد مكتسبات الطبقة العاملة
- إسبانيا خلال الثورة 1931-1937
- الأممية الرابعة: اشتراكية القرن 21 ؟ نعم
- كي يكون المؤتمر الثامن لنقابة التعليم –كدش خطوة لتعزيز كفاحي ...
- نصر جديد في ايفني : تراجع السلطة عن اعتقال مناضلي السكرتارية ...
- الولايات المتحدة الامريكية: الحركة الجديدة من أجل حقوق المها ...
- كين لوتش: السينما العمالية تفرض نفسها عالميا
- من هو المناضل موناصير عبد الله؟ ولماذا قتله النظام المغربي؟
- حوار مع أورنالدو شيرينو فنيزويلا: يجب تعميق الثورة
- حوار مع ماركسية ثورية عضو بالحزب الشيوعي الكوبي
- الأرجنتين : ثلاثون سنة بعد الانقلاب العسكري عام 1976 مقابلة ...
- من اجل الربح، برجوازية المغرب ودولتها يقتلان العمال والكادحي ...


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - المناضل-ة - إيران: شبح حرب أم حرب أشباح؟