أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - زيار - كتاب ايران...ثورة في انتعاش - الفصل الاول - الخلفية التاريخية















المزيد.....


كتاب ايران...ثورة في انتعاش - الفصل الاول - الخلفية التاريخية


زيار

الحوار المتمدن-العدد: 515 - 2003 / 6 / 11 - 21:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



 

تعتبر ايران من اقدم دول العالم اذ يمتد تاريخها الى حوالي الخمسة الاف سنة.   تقع في نقطة اتصال استراتيجية  في منطقة الشرق الاوسط من جنوب شرق اسيا.  وقد تم العثور على اثار لوجود الانسان تعود الى العصر الحجري القديم الاسفل على الهضبة الايرانية على وادي كرمن شاه. و خلال هذا التاريخ الطويل تعرضت ايران لفترات عديدة للغزو و الاحتلال من طرف قوى اجنبية. لذا نرى ان الاشارة الى تاريخ ايران لا غنى عنه من اجل فهم قويم للتطور اللاحق للبلد.
وكانت اول حضارة رئيسية وجدت في ما هو ايران اليوم هي حضارة العيلاميين –نسبة لعيلام- الذين يعتقدوا انهم استقروا في جنوب غرب ايران في حدود سنة 3000 قبل الميلاد. حوالي 1500 قيبل الميلاد بدات قبائل ارية في الهجرة من نهر الفولغا شمال بحر قزوين و من اسيا الوسطى الى ايران. في اخر الامر استقرت قبيلتان رئيسيتان من الاريين هما الفارسيين و الميديين في ايران. اسست احدى المجموعات التي استقرت في الشمال الغربي مملكة ميديا. وعاشت الاخرى في الجنوب في منطقة اطاق عليها الاغريق فيما بعد اسم بارسيس ومنها اشتق اسم فارس. غير ان الميديين و الفرس اطلقوا على بلادهم الجديدة اسم ايران التي تعني "ارض الاريين".
بحلول سنة 600 قبل ميلاد المسيح اصبح الميديون حكاما على فارس. و في حوالي عام 550 قبل الميلاد اطاح الفارسيون بقيادة سيروس بمملكة الميديين و كونوا مملكتهم الخاصة (الامبراطورية الاخمينية - نسبة للاخمينيين). بقدوم سنة 539 ق.م. في عهد سيروس تم الحاق بابل و فلسطين و سوريا و اسيا الصغرى بالامبراطورية الاخمينية. و في عهد داريوس تم احداث الطرق و خطوط النقل البحري بالتوازي مع صك العملة من الذهب و الفضة.  وقد كانت الطرق الملكية من سارديس الى سوسة تعمل بنجاعة مدهشة. و في قمتها في سنة 500 ق.م. امتدت هذه الامبراطورية الشاسعة الى ما يعرف اليوم بليبيا غربا و الى باكستان شرقا و من خليج عمان في الجنوب الى بحر ارال في الشمال. وكان نهرالاندوز ايضا تابعا للامبراطورية الاخمينية. واثر الفن الاخميني في الثقافة الهندية و حتى في مملكة موريا بالهند حيث ادان حاكمها ازوكا بالكثير الى التاثير الاخميني. ونفس الشيء يمكن ان يقال عن اسيا الصغرى وارمينيا حيث كانت التاثيرات الايرانية قوية و دامت لفترة طويلة بعد سقوط الاخمينيين. وكان هناك تدفق هائل من الكلمات الايرانية في الارمينية الى درجة جعلت البحاثة و لمدة طويلة يعتقدون ان الارمينية لغة ايرانية لا فرع منفصل للعائلة الاندو-اوروبية .
في حوالي 513 ق.م. غزا الفرس ما يعرف الان بجنوب روسيا و جنوب شرق اوروبا و اوشكوا على فتح تلك المناطق. و مرة اخرى قام داريوس بارسال جيشه العظيم الى اليونان سنة 490 ق.م. و لكنه دحر من قبل القوات الاثينية في ماراثون. الا ان ابنه كساركس تمكن من غزو اليونان في 480 ق.م. اذ هزم الفرس قوة للاسبرطيين بعد معركة ضارية في تارموبيلا. غير انهم تكبدوا هزيمة ساحقة في سلاميس واطردوا من اوروبا سنة 479 ق.م. واثر هزيمة قاسية في اليونان تضعضعت الامبراطورية الاخمينية و اتجهت نحو الانحطاط.  و في 331 ق.م.  اخضع الاسكندر المقدوني الامبراطورية عندما تغلب على جيش فارسي عظيم في معركة اربلا. وهكذا انتهت الامبراطورية الاخمينية و اصبحت فارس جزء من امبراطورية الاسكندر.
و اعتبر الايرانيون ان الغزو الكامل للامبراطورية الاخمينية من طرف اسكندر مصيبة كبيرة وهي حقيقة سجلتها الملحمة الوطنية شاه نماه و التي كتبها الشاعر فيردوسي في بداية القرن الحادي عشر ميلادي. و بعد اكثر من عشر سنوات على موت اسكندر سنة 323 ق.م. انشا احد جنرالاته و يدعى سيلوكس مملكة حكمت فارس بدية من 155 ق.م. بعد ذلك اتت سيطرة البارثيين على فارس و قد دام حكمهم هناك الى حدود سنة 224 ميلادية. واقام البارثيون امبراطورية  شاسعة على امتداد شرق اسيا الصغرى و جنوب غرب اسيا. وخلال المائتي سنة الاخيرة من حكمهم كان على البارثيين محاربة الرومان في الغرب و الكاشيون في ما يعرف الان بافغانستان.
حوالي سنة 224م قام فارسي يدعى اردشير بالاطاحة بالبارثيين و الاستيلاء على الامبراطورية. وبعد اكثر من 550 سنة من الحكم الاجنبي تعود فارس ليحكمها الفرس ودامت هذه المملكة الساسانية اكثر من 400 سنة ازدهر خلالها الفن الايراني و وقعت العناية بالطرق و الري و العمران. الا ان الحرب بين الفارسيين و الرومان تواصلت خلال معظم العهد الساساني. وبلغت الحضارة الساسانية اوجه في اواسط القرن السادس. هذا واحرزت فارس عدة انتصارات على الرومان و اعادت احتلال ارض كانت جزء من الامبراطورية الاخمينية. وفي الواقع فقد وصلت الجيوش الفارسية الى اسوار القسطنطينية التي كانت عاصمة بيزنطة في ذلك الوقت. الا انها دحرت و اجبرت على الانسحاب من الارض التي كانت قد احتلتها.
كانت الامبراطورية الساسانية اكثر مركزية بكثير من سابقتها. وقد اصبحت الزرادشتية دين الدولة. غير انه خلال حكم نظام شحبور الاول ظهر زعيم قاد حركة دينية عندما اعلن مافي نفسه اخر و اعظم رسول للمسيح. و لكن تم  اعدامه و اطلق على دينه في ما بعد اسم المانوية. و قد بلغ الاستغلال و الاضطهاد في ظل المملكة الساسانية قمته و بلغت العبودية حدودها النهائية و دخلت في ازمة. و حدثت هجرة هائلة من الفلاحين الفقراء الى المدن بسبب  الجور الذي لا يحتمل للنبلاء الاقطاعيين. وفي المدن عولوا معاملة العبيد. و فجاة ادى تراكم الاضطهاد الى انفجار اتخذ شكل حركة ثورية قادها مازداك.
كان مازداك هذا ثوريا عظيما في زمنه و كان حركته, مثل حركة المسيحيين الاوائل و التي ترعرعت في ظروف مشابهة, ذات محتوى شيوعي. فقد طالبت تعاليمه بتوزيع متساو للثروة و عدم اتخاذ اكثر من زوجة و القضاء على النبلاء و الاقطاعية. و تجذرت افكار مازداك الثورية تجذرا عميقا بين العبيد و الفلاحين الفقراء. ودامت حركته لمدة ثلاثين سنة من 494 الى 524م.  وفي عهد الملك انوشروان قمعت حركة مازداك بشدة و قتل ثلاثون الفا من اتبعه. و لكن في  الاخير اجبر انوشروان على اتخاذ اصلاحات اجتماعية و زراعية. لقد كانت حركة مزداك الثورية احدى اكثر النضالات الطبقية الهاما في تاريخ ايران.
و في منتصف القرن السابع حدث ما قلب مصير ايران. فقد احتلت الجيوش العربية البلاد و اعتنق اغلب الايرانيين الاسلام. هذا النجاح السريع للدين الجديد ليس من العسير فهمه. فبرغم جميع انجازاتها الباهرة تميزت الامبراطورية بالقمع الشديد للجماهير المسحوقة. مع ذلك فان مجيئ الاسلام لم يعتبر تحريرا بل هزيمة و احتلالا من طرف اناس غرباء, وحول كامل مجرى تاريخ فارس. وبادخالهم للاسلام تمكن العرب من استبدال الزرادشتية, المعتقد القديم لفارس ومنذ ذلك الوقت والى اليوم يعتنق الايرانيون الدين الاسلامي. الا ان و منذ البداية اتخذ الاسلام لديهم طابعا خاصا بهم. فقد اضفوا عليه لونا ايرانيا حينما تبنى الفارسيون المذهب الشيعي و استعملوه كسلاح ضد الاسياد العرب.
ولمدة قرون حلت لغة الفاتحين العربية محل اللسان البهلوي – الفارسية الوسطى -  اللغة التي استعملت خلال عهد الساسانيين – فترة الامبراطورية الفارسية الثانية. واعاق فرض لغة دخيلة التطور الابداعي للادب و الشعر الفارسي. و هنا تحديدا عملت الروح الوطنية على تاكيد نفسها.  وكان الشعر هو الفرع الاول من الادب الذي تخلص من التبعية للعربية بعد حوالي قرنين من الهيمنة الثقافية. و هذا بالتاكيد يعود الى قوة الطريقة الشفاهية التقليدية في نقل الشعر. مع ذلك ظل التاثير العربي قويا و عندما عادت الفارسية كلغة مكتوبة في القرن التاسع كتبت بالاحرف العربية.  و لمدة خمسة قرون كتبت اغلب الاعمال التي الفها الفارسيون في مجالات اللاهوت و الفلسفة و الطب و علم الفلك و الرياضيات  و حتى في التاريخ  باللغة العربية. و مع منتصف القرن الثامن  اصبحت ايران مركزا عالميا للفن و الادب و العلم. و بتضعضع الحكم العربي خلال القرن التاسع انقسمت ايران الى عدد من الممالك الصغيرة تخضع لحكام ايرانيين. و لكن سرعان برز عدو جديد في الافق. و بحلول منتصف القرن الحادي عشر كان السلاجقة الاتراك من تركستان قد استولوا على معظم ايران.و قد حكم السلاجقة و قبائل تركية اخرى ايران الى  سنة 1220م. في تلك السنة اجتاح المغول  كامل المنطقة مخلفين خرابا كبيرا. فقد دمروا مدنا بكاملها وذبحوا عدة الاف من البشر و وضعوا  نهاية فجئية و شنيعة للخلافة العباسية. و تبدوا الملحمة الايرانية ملطخة بدماء هذه المصائب الوطنية: تزخر كل صفحة بسرد للمدن المدمرة و الخراب الهائل الذي  ارتكبه البرابرة الرحل. الا ان هذا ايضا كان مجرد فصل عابر من تاريخ ايران. فبعد 1335 تفككت بدورها امبراطورية المغول في ايران مرة اخرى تستبدل امبراطورية بسلسلة من الممالك الصغيرة. بين 1381 و 1404 تعرضت ايران للخراب عن طريق الغزو المتكرر  لمحتل اخر قدم من  السهول هو تيمورلنك. وبسبب طبيعة هذه الجحافل فان موت القائد الاعلى عادة ما يكون علامة تفكك و تشتت  القوم. وهكذا لم يستمر وجود امبراطورية تيمور بعد رحيل مؤسسها.
في اواخر القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر سيطرت قبائل تركية على عدة مناطق من ايران. ففي سنة 1501 توج القائد القبلي اسماعيل ملكا و اسس المملكة الصفوية. و كان اكبر ممثلها الشاه عباس الذي حكم من 1587 الى 1629. و الذي صد غزوات الاتراك العثمانيين و قبائل الاوزباك من تركستان. وكان الشاه عباس و خلفاؤه قد ساندو بقوة تطور العمارة و الفنون. فقد عرفت اصفهان التي اصبحت عاصمة الصفويين في 1598 كاحدى اكثر المدن تحضرا. و كان الفارسيون في ذلك الزمن يطلقون على يلقبون اصفهان ب"نصف العالم". و باعلان المذهب الشيعي كدين رسمي للدولة الصفوية لعب دور قوة توحيدية داخل الامبراطورية  ومكن الصفويين من  شق طريق  للحس الوطني الايراني. و من جهة اخرى وضع الصفويين في نزاع مباشر مع الامبراطورية العثمانية و ادى الى قرنين من الحرب المتقطعة بين قوتين كبيرتين.
حكمت المملكة الصفوية ايران الى حدود 1722 عندما اجتاح جيش افغاني البلاد و استولى على اصفهان. و في 1730 قام نذير شاه, رجل قبيلة تركي, بدفع الافغان خارج ايران و اصبح ملكا. و اثبت نذير شاه انه فاتح كبير. فقد تمكن في 1739 من الاستيلاء على مدينة دلهي الهندية. فنهب الهند و عاد بثروة من الكنوز. و بعد اغتياله سنة 1747 اتت مرحلة من الفوضى تنافس خلالها عدة زعماء على السلطة.
في سنة 1750 سيطر كريم خان و هو كردي من قبيلة زند على ايران. و بعد وفاته في 1779 اندلعت حرب بين الزند و القجر(قبيلة تركمانية من بحر قزوين).  و فقدت ايران خلال هذه الفترة افغانستان و مناطق اخرى كان قد احتلها نذير شاه. وهزم القجر الزند في 1794 و دام حكم مملكتهم الى سنة 1925. في النهاية, و بعد ان ثبت عدم قدرة ملوكية القجر على تطوير اقتصاد حديث, وقعت تدريجيا في في هيمنة الامبريالية الغربية.  وجعلت ثروات ايران الاقتصادية تحت تصرف الامبرياليين مقابل كميات تافهة من المال لارضاء حاجاتهم المالية المباشرة و ترفهم اليومي.
و بتزايد الاستياء من الملكية الفاسدة  و العديمة الكفاءة,  و بالتوازي مع الامتعاض من الهيمنة الاقتصادية الاجنبية و الضغط السياسي الامبريالي, نمت حركة جماهيرية عبرت عن نفسها خاصة في ثورة الباب لسنة 1844 التي قمعتها الملكية . غير ان  الحركة تركت ورائها تقاليد ثورية اتخذت شكل فرق دينية مختلفة مثل الحركة الباهية. و تبرز الحركة الجماهيرية مرة اخرى ضد سياسة القجر الخارجية بسبب منحها لتنازلات لشركة التبغ البريطانية. و تحول هذا الغضب الى حركة و عصيان شمل اماكن مختلفة.  و كانت نتيجة هذه الحركة الراديكالية المطالبة باصلاحات دستورية تم ادراجها سنة 1906.
وقاد الحركة من اجل الاصلاح الديمقراطي تحالف غير مستقر متكون من  طبقة التجار و مؤسسات دينية تلقت الدعم من البازار  و اصحاب المتاجر و شرائح اخرى من الطبقة السفلى في المدن. و كانت الملكية مجبرة على التنازل لدستور تمنح من خلاله الحقوق البرجوازية الديمقراطية مثل حق التعبير و حق التنظم و التجمع كما سمح للتجار و اصحاب الحوانيت حقوقا محدودة من التمثيل في المجالس (البرلمان).
في 1826 اجتاحت روسيا ايران. فقد ارادت روسيا القيصرية التوسع و الحصول على منفذ الى الخليج الفارسي. و قد الحق الروس هزيمة ثقيلة بايران سنة 1827 امضى اثرها الطرفان اتفاق تركمانشاي. ومنح الاتفاق روسيا الارض الواقعة شمال نهر اراس و التي تمثل الى اليوم  الحدود الفاصلة بين البلدين. وحولت ايران في 1856 من استرجاع منطقة سابقة في شمال غرب افغانستان الا ان الامبريالية البريطانية اعلنت الحرب على ايران. و في سنة 1857 اجبرت الاخيرة على امضاء اتفاق تتخلى بموجبه ايران على اي مطالبة بافغانستان. وازداد النفوذ الامبريالي البريطاني و روسيا القيصرية في ايران خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر و مع بداية سنة 1900 شرعت شركة بريطانية وهي الشركة الانغلو- فارسية   للنفط في التحكم في ابار النفط في جنوب غرب ايران.
واصبحت ايران خلال الحرب العالمية الاولى مسرحا للمعارك مع انها كانت محايدة. وكان اهتمام روسيا القيصرية هو الدفاع على مواردها النفطية في باكو و بحر قزوين. لذا كان الروس يخوضون حرب ضارية مع الاتراك في شمال غرب ايران. اما الامبرياليين البريطانيين من جهتهم فكانوا يدافعون عن مصالحهم في حقول نفط خوزستان. و في 1920 اطاح سيد ضياء الدين طابا تباعي (سياسي ايراني) و رضا خان (ضابط فرسان) مملكوة القجر. و في سنة 1925 توج رضا نفسه شاها و اصبح مؤسسا لمملكة جديدة- البهلوية. وقام خلال العشرين سنة من حكمه بقمع الاكراد و البالوش و حركات تمرد اخرى وانهى الحكم الشبه مستقل للشيخ العربي غزال الذي كان يتمتع بحماية الامبريالية البريطانية في خوزستان.
وفي الحرب العالمية الثانية اعلنت ايران مرة اخرى حيادها. غير ان الحلفاء اردوا استخدام طريق سكة حديد ايران لنقل معدات الحرب من بريطانيا الى روسيا الستالينة.  الا ان رضا شاه كان الى حدما يواجه ضغطا من المانيا الهتلرية. فبنهاية 1930 وصلت حصة التعامل التجاري مع المانيا التي امدت ايران بالكثير من الالات من اجل برنامجها التصنيعي الى اكثر من النصف. لهذا رفض رضا التعاون و بالتالي اجتاح الامبراليون البريطانيين و روسيا الستالينية ايران في 1941. و اجبروا رضا شاه على التخلي عن العرش و وضعوا ابنه محمد رضا بهلوي مكانه. و سمح لهم الشاه الجديد باستعمال الطريق الحديدي و بنشر قواتهم في ايران الى حد نهاية الحرب.
وحرك حضور الجيوش الامبريالية البريطانية في ايران الحركة الجماهيرية. و في المجالس طالبت مجموعة من القوميين تزعمها مصدق بوضع نهاية للسيطرة البريطانية على صناعة النفط. و في 1951 صوت البرلمان على تاميم الصناعة النفطية الا ان الوزير الاول رفض العمل بالقرار. فتم تنحيته و تعويضه بمصدق. وبثت سياسة مصدق المعادية للامبريالية الذعر فنظمت وكالة الاستخبارات الامريكية  انقلابا ضده و تم في 19 اوت اعادة الشاه الى الحكم.
و مرة اخرى بلغت الازمة السياسية و الاقتصادية في 1960-1961 ذروتها بعد ان تم التلاعب بانتخابات المجالس. و ادى الاضطراب السياسي و الاقتصادي الى اضراب عام تم قمعه بشدة بمساعدة البوليس السري السافاك.  وقام الشاه بادخال اصلاح زراعي الى جانب اجراءات تربوية و صحية اطلق عليها ببرنامج الثورة البيضاء.  و مرت ايران خلال فترة 1963- 1973  بمرحلة اقتصادية و سياسية مستقرة نسبيا. و ساهم الارتفاع المنتظم في مداخيل البترول في دفع النمو الاقتصادي. و خلال ازمة النفط العالمية 1973- 1974 ارتفعت اسعار النفط اربعة مرات على سعرها قبل الازمة وهو ما جعل مداخيل ايران من النفط ترتفع هي الاخرى من 5 بلايين دولار الى 20 بليون دولار في السنة.
حاول الشاه استعمال هذه الموارد المالية ليجعل ايران في ظرف وجيز ما وصفه بخامس اقوى دولة في العالم.  بهذا الوهم احتفل سنة 1971 بذكرى مرور 2500 عام على تاسيس اول امبراطورية فارسية من قبل سيروس في 550 ق.م. بيد ان الانتعاش في مداخيل النفط رافقه تضخم سريع و هجرة كبيرة الى المناطق الحضرية و قلة المرافق السكنية مع بنية تحتية غير كافية و توسع الهوة في المداخيل. و اثارت هذه الظروف استياء عميقا في صفوف العمال و الفلاحين و الطبقات الوسطى التي  انفجرت في حركة ثورية جماهيرية. فشلت الاضرابات العامة للعمال النظام.  الا انه بسبب السياسات الخاطئة لحزب توده اختطف الاصوليون الثورة.
عندما كانت الثورة في اوجه كان الخميني في باريس حيث لقى مساندة الطبقة الحاكمة الفرنسية التي نظرت اليه كوسيلة لتغيير وجهة الثورة. في الواقع كانت الطبقة العاملة الايرانية   و عمال النفط بصفة خاصة القوة الحقيقة وراء الثورة.  و بعد ركوبه على الثورة لم يكن في مقدور الخميني من تحطيم الطبقة العاملة التي تنظمت في شكل مجالس عمالية ظلت الى سنة 1981. و بعد الاستيلاء على سلطة الدولة قام الخميني باعدام اكثر من 6000 عامل سياسي من المعارضة. و كانت هناك صدامات و انشقاقات متواصلة داخل الحزب الجمهوري الاسلامي التي حاولت القيادة مواجهتها عن طريق قمع المعارضة الداخلية من جهة  و عن طريق بعث منظمات ارهابية في الشرق الاوسط و في بلدان اسلامية اخرى من جهة اخرى.
قام نظام الخميني بدعم اجنحة حماس و حزب الله الاصولية  كطريقة لصرف النظر عن  التوترات الداخلية في ايران. وكانت التركيبة الاجتماعية لهذه المجموعات اساسا من البروليتاريا المهمشة. و من السخرية هو انه قبل ثورة 1979 في ايران كانت مثل هذه المنظمات تحصل على التمويل من وكالة الاستخبارات الامريكية و الموساد بهدف شق الطبقة العاملة في الشرق الاوسط على اسس دينية.
و باتباع مثل تلك الطرق نجحوا في السيطرة على  الحزبية داخل  الحزب الجمهوري الاسلامي وتدعيم نظامهم الرجعي. في سبتمبر 1980 اجتاحت العراق ايران و تواصلت حرب دموية منهكة الى سنة 1988. وتوفي الخميني في 3 جوان 1989 و خلفه ايات الله علي خاميني كقائد ديني اعلى لايران. في هذه الفترة بلغ الصراع الحزبي في اعلى هرم السلطة مرحلة حرجة عبرت عن نفسها في انتخابات 1997 ثم في  انتخابات 18 فيفيري 1998. في 11 مارس قتل سعيد حجاريان احد مهندسي حركة الاصلاح. وفي الفترة الاخيرة كانت هناك هجومات بالقنابل في مناطق مختلفة من طهران. فقد  هزت القنابل باسدران في شمال غرب للعاصمة. وهذا يبين ان النظام الذي كان يبدو انه سيبقى للابد قد دخل في ازمة نهائية. و هل يمكن ان يكون الامر خلاف ذلك؟  فالتاريخ لم ينتهي بالاعلان على ما يسمى بالجمهورية الاسلامية الايرانية. كيف يمكن ان يكون ذلك؟ على عكس الاحلام الرجعية لخميني لم يتخذ مسار التاريخ ابدا اي مخطط ذاتي او الافكار التخيلية للاشخاص خاصة عندما تكون هذه الافكار تحمل صبغة لا علمية كاملة. صحيح ان اكثر الرجعية هذيانا يمكن ان تطغى لحين مغتنمة التناقضات الصارخة في المجتمع و في وعي الجماهير التي استيقظت للتو  و تسعى لايجاد طريق نحو الثورة.
في ظل ظروف خاصة و استثنائية  كان بمستطاع الخميني و اتباعه من الركوب على الثورة التي لم تكن من صنعهم. ويهدف هذا  العمل الى توضيح كيفية حدوث ما حدث. فانتصار الرجعية الاصولية في ايران  لولا السياسات الكارثية التي انتهجتها تلك الاحزاب و المجموعات التي كان عليها تزويد الطبقة العاملة بالقيادة الضرورية. ونخص بالذكر حزب توده الستاليني الذي لعب دورا مهلكا مما جعله يقدم العمال موثوقي  الايدي و الارجل الى الخميني.
يبلغ عمر نظام رحال الدين في ايران اكثر من عقدين. و لكن تشير كل الدلائل عى انه استوفى نفسه. و مرحلة جديدة من الثورة الايرانية قد بدات. فقد ايقظ سوط الثورة المضادة, كما اشار ماركس, الحركة الثورية.  ان عقدة التاريخ التي انفلتت اثر 1979 قد شدت مرة اخرى في ايران. انها مهمة الماركسيين الايرانيين تسليح الحركة باهداف واضحة. و على هذا الاساس يكون النصر اكيدا. و لكن الشرط الاول هو ان يدرس الجيل الجديد من العمال الثوريين و الشباب دروس الماضي و استخلاص العبر. وان يساعد هذا العمل على انجاز هذه المهمة فان هدفه سيكون قد تحقق.

المحتوى
دفاعا عن الماركسية

www.marxist.com



#زيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب ايران...ثورة في انتعاش


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - زيار - كتاب ايران...ثورة في انتعاش - الفصل الاول - الخلفية التاريخية