أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حسن أحمد عمر - لماذا نكتب ؟؟















المزيد.....



لماذا نكتب ؟؟


حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)


الحوار المتمدن-العدد: 1731 - 2006 / 11 / 11 - 08:50
المحور: الصحافة والاعلام
    


(1) هل لا بد أن نكتب؟
سؤال مهم جدا وإجابته سهلة ويسيرة : نعم لا بد ان نكتب , ولكن المهم ماذا نكتب ؟ هل يحب الكاتب أن يظهر إسمه على صفحات الجرائد المطبوعة والإلكترونية وحسب ؟ بغض النظر عن أهمية الموضوع الذى يتناوله وحساسيته وملائمته للظروف الراهنة فى بلده خصوصا وفى العالم عموما ؟ هل يعقل ان يقرر الكاتب ان يكتب فيكتب دون سابق إنذار من فكرة معينة تراوده فيتقرب منها ويتودد إليها حتى تصير حقيقة كائنة فى عقله وفكره ووجدانه فيؤمن بها أولا بينه وبين نفسه ثم يقرر بعد ذلك صياغتها فى شكل مقال أو قصة أو قصيدة؟
أحب المواضيع الدسمة التى تشدنى وتهز وجدانى وتبكينى , تأخذنى فى أعماقها فأغيب فيها كأننى تركت الوجود وذهبت هناك فى عالم من الفكر العميق والخيال الخصب والصور المبهرة المعبرة الجذابة , يبهرنى صدق الكلمة وروعة التعبير وجمال المعنى وصفاء الفكرة لدرجة تجعلنى أؤجل طعامى وشرابى وأعيد قراءة ذلك الإبداع عدة مرات حتى أختلط به ويختلط بى فنصبح كيانأ واحدأ وبعد ان كنا حروفا مبعثرة نتجمع لنكون كلمة جميلة يحبها قلبى هى حب وسلام وعدل وأمان وطمأنينة وكرامة 0
ألمكافحون بالكلمة الحرة لدحض الظلم أحبهم , والساهرون يكتبون بدموعهم كلمات من نور من أجل كرامة الإنسان وحريته وسلامته وسعادته هم هؤلاء الملائكة المتخفون فى صور بشرية وهم من يهزون وجدانى بما يكتبون ويسقطون دموعى بما يبدعون وهم أنوار فى الأرض تطيح بظلمات الفساد والقهر والجبروت البشرى الذى يطغى فلا يرده غير القبر ويبغى الفساد فى الأرض فلا يوقفه غير الموت , حيث خمدت امام ظلمه كل الأصوات الحرة وقتل بكفره وفجوره كل دعاة المحبة والسلام والحرية والكرامة الإنسانية0
ألمناضلون من أجل قضايا تحرير أوطانهم من الطغاة المغتصبين لصوص الأوطان , سعيأ وراء العدل وجلب الحرية لوطنهم المغصوب المنهوب , هؤلاء هم شموع الكون ويجب أن تجلهم البشرية وتساعدهم وتحترمهم وتقدم لهم كل نفيس من أجل استعادة الحق المنهوب وتعديل الوضع المقلوب , فمن يلوم مظلومأ يكافح لإستعادة حقه ؟ ومن يلوم مقهورأ من أجل دفاعه عن كرامته وإنسانيته وعزته وعودة وطنه المسروق وخيراته المغصوبة0
ألكلمة الطيبة تطفىء نار الحقد وتحيل بقدرة الله تعالى العدو إلى حبيب والغريم إلى صديق
( إدفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم)
ثم علمنا القرآن العظيم ( وقولوا للناس حسنأ ) حتى الذين ينعمون برضوان الله فى جنات الخلد يصفهم الرحمن قائلأ ( وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد) , والشاعر القديم زهير بن ابى سلمى كتب معلقته الرائعة التى جاء فيها
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم تبقى إلا صورة اللحم والدم
والغريب ان هناك حالة واحدة قد يحق لصاحبها ان ينطق بقول السوء وتلك هى حالة وقوع الظلم على إنسان معين لدرجة أنه لم يعد يستطيع التحكم فى لسانه من هول ما وقع عليه من ظلم وقهر وإجرام فيقول عنه القرآن العظيم :
( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)
وهو استثناء ذكره الله تعالى ليؤكد لنا قبح الظلم وقبح الظالم وأن للمظلوم حقأ لا بد أنه آخذه إن عاجلأ وإن آجلأ0
فلا يجب ان تذهب نفوسنا حسرات على الشتامين اللعانين بغير سلطان ولا هدى ولا كتاب منير ولنعرف أن مالك الملك يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار0
ألكتابة رسالة الإنسان لإشعاع النور ودحض الظلام والظلم الذين طغا فلم يعد احد يسمع للحق صوتأ اللهم إلا اقل القليل , والكتاب هم حملة مشاعل النور فى سبيل الحرية والمساواة بين البشر على إختلاف مشاربهم وفى سبيل سعادة الإنسان—كل إنسان وأى إنسان بأى مكان وبأى زمان--- وكرامته وسلامه وحقه فى التعبير والإفصاع عن رأيه ومعتقده بوسائل سلمية راقية تعبر عن إنسانيته وحقوقه 0
وإن من دواعى الحزن والقلق وما يندى له جبين البشر هو كاتب لا يكتب إلا إذا شتم هذا وسب ذاك وحقر من شأن فلان وقلل من قيمة علان , فكأن الكتابة اصبحت متلازمة مع الهجاء والذم والقدح والتوبيخ والتجريح والتقريع والإمتهان والإذلال وتوجيه التهم بشتى ألوانها ومختلف أنواعها دون التأكد من شىء ودون التثبت ودون الوقوف على أى حقيقة ودون الوثوق بأى مصدر ودون تدعيم شتائمه وإهاناته واتهاماته بما يقوى من مركزها فتصبح شتائم مسنودة وذات مصدر يعتمد عليه , اما الشتم والتجريح لأن الآخر ذو دين مغاير أو مذهب مختلف او فكر شاذ فى رأى الكاتب أو وجهة نظر لا تعجبه فهذا بحق أبشع درجات الظلم وعاقبته وخيمة حيث سيسأل كل إنسان عن كلماته التى قالها شفويأ أو كتبها تحريريأ فى يوم يفر المرء فيه من أعز الناس إليه , فى يوم يملكه الواحد القهار فهو وحده مالك يوم الدين0
أى كتابة هذه التى تكون مقدماتها شتائم ومواضيعا جرائم ونهاياتها إهانات؟ وهل يرضى قارىء يحترم عقله أن يلوث سمعه وبصره وعقله بكتابات من هذا القبيل ؟ وأى كاتب هذا الذى لا يكف عن التقريع لكاتب آخر ولا يخجل من تكرار شتمه آلاف المرات ؟ ومتى كانت الشتائم حجة ؟ ومتى كان التجريح برهانأ ؟
الشتائم دليل ضعف وبرهان عجز لدى الشاتم الذى يفشل فى الوصول لرأى مقنع فلا يجد أمامه سبيلأ غير الشتم والتجريح والإهانة لغريمه فى الرآى ظانأ أنه بذلك ينتصر وهو فى حقيقة الأمر ينزوى ويندحر وينتحر !! دون ان يدرى0
المفكرون واهل الرأى واهل العلم واصحاب النظرة الثاقبة لا يوافقون ولا يعتمدون القدح والذم والهجاء اسلوبأ للنقاش إلا عند عاجز ضعيف لا يرقى لمستوى شرح فكرته وتبيان وجهة نظره فيلجا إلى ذلك الأسلوب المرفوض وهو الشتم والتقريع والهجاء0
ألغريب هو وجود باب أدبى فى كتب الأدب العربى إسمه (الذم والهجاء )لأمثال الفرزدق وجرير وغيرهما حيث كانت تعقد لهم الندوات ليشتم كل منهم الآخر باقذع الألفاظ وقد يذكر كلاهما صفات تمس أم أو أخت الآخر او أصله(عرقه) او لونه فإذا كان اسود البشرة فله شتائم معينة والأسود ايضا يهجو الأبيض بما عنده مما لذ وطاب من الشتم والتقبيح والتقريع والإذلا ل والإهانات المختلفة , وعلى الجانب الآخر يقوم نفس الشعراء الهجاؤون بمدح أسيادهم من الحكام للحصول على المنح والهدايا والعطايا مما يعنى ان الشتام أو الهجاء لديه المقدرة المزدوجة على شتم وإهانة إنسان ثم مدح وتعظيم وتوقير آخر ولكل موقف حجته الدامغة0
هل التلذذ بشتم المختلفين معنا صار ثقافة محسوبة علينا ؟ واين هى لغة الحوار الكريم الجاد الحر الشريف الذى يحتفظ للآخر المختلف باحترامه كإنسان وبحقه فى هذا الإختلاف ؟
أرجو ان نكتب لكى نبنى لا لكى نهدم ولكى نضىء لا لكى نزيد الظلام سوادا ولكى ننشىء اجيالأ تحترم الفكر والفكرة وتوقر كرامة الإنسان وتؤكد عليها لا نريد أجيالا تسحق المختلف وتحرقه وتقتله , فتعسأ للدنيا لو تحولت لغابة وتعسأ للبشر لو تحولوا لوحوش ضارية يأكل كل منهم لحم أخيه الإنسان :
( أيحب أحدكم أن يأكل لحم اخيه ميتأ فكرهتموه )؟؟؟

(2) نعم لا بد أن نكتب
قلم الكاتب كريشة الفنان يرسم بها ما يحلو له من مناظر وصور وأشكال وقد يرسم من الطبيعة ايضا واقعأ معينأ لا يحلو له ولا يعجبه ولكنه مضطر لرسمه وتصويره لأنه واقع وحقيقة موجودة لا بد من إظهارها وتبيانها وتوضيحها لكل البشر فلا يصح ان يكون فنانا بلا مصداقية ولا يصح ان يكون هناك كاتب يتخلى عن واقعه ويشطح بعيدا , فمثل هؤلاء هاربون وجبناء عن مواجهة الواقع وتصويره وفضحه دون المساس بحريات البشر وثوابتهم ومعتقداتهم وعاداتهم التى يعيشون عليها إلا بقدر ما ترسم ريشة الفنان0
فأس الفلاح فى ارضه وهو يخططها للزراعة هى ريشة فنان ترسم وتخطط وترفع وتخفض وتعلو وتهبط وتنقر وتحفر حتى تخرج منظومة رائعة متكاملة معجزة فى رسمها وتخطيطها وبذرها ثم ريها ثم رعايتها ثم تطهيرها من الديدان والحشرات ثم السهر هلى سلامتها ثم الإهتمام بكل دقائقها حتى يوم الحصاد الذى يصاحبه الغناء والزغاريد والأفراح والسعادة وقبض ثمن عرق عام أو نصف عام مضى تبعأ لزمن المحصول المنزرع, لوحة رائعة بديعة لا يمكن ان ينكر جمالها وقوة تعبيرها إلا غافل 0
ألمهندس الذى يسهر فى المصنع ليخرج لنا التلفزيون والراديو والموبايل والكمبيوتر والسيارة والقطار والباخرة والطائرة , فنان من الطراز الأول يتقن عمله ويحقق أمله فى الوصول لأعلى جودة فى إنتاج مصنعه , مفكه ومفتاحه وآلته هى قلم معجز فى تعبيراته يكتب كلماته بشكل واقعى ويعبر عن كيانه بطريقته الخاصة وبريشته التى تتحرك بين أنامله ليهدى البشرية حاسبأ آليا وتليفونأ محمولأ وسيارة وطائرة , كلها تسهم فى الإرتقاء بالإنسان وقيمته وقيمه وكرامته وتعمل جاهدة لتصل به لدرجة معينة من درجات التكريم التى اختص الله تعالى بها بنى الإنسان ( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلأ)0
ألطبيب الذى يجرى جراحاته الخطيرة فى المخ او العمود الفقرى أو الكبد أو زراعة الأعضاء أو جراحات التجميل المتناهية الدقة او جراحات العيون والأنف والأذن , أليس مشرطه قلم مفكر وريشة فنان متخصص فى أدق وألذ وأشيق اللوحات الفنية المذهلة التى تقف لها كل البشرية إجلالا وتقديرأ وإكبارأ واحترامأ فكم تنقذ هذه الريشات—المشارط—ارواح بشر وكم تعيد آمالأ مفقودة لذويها رغم ما تسيله من دماء وما تسببه من جراح وآلام لصاحب الأمل المفقود والذى قرر التضحية بكل شىء من أجل تحقيق امله وتفعيل حلمه , اليست هذه لوحة رائعة وقصيدة مبدعة ومقالة مقنعة؟؟
الكاتب المبدع هو الذى ينقل صورة حية للحياة من حوله غير خائف ولا جبان ولا هارب من قدره وظروفه , بل هو مقاتل بالكلمة , محارب وسلاحه القلم والحروف والأفكار والواقع الذى يتراقص حوله ومطلوب منه تصويره بدقة وحنكة وصفاء بلا تزوير أو تلفيق أو تهويل او تهوين او توسيع او تضييق , فالقلم كان وسيظل سلاح المخلصين الطيبين على مر الزمان , ولم تكن مصادفة ابدا ان يقسم رب العزة بهذا السلاح الأبدى الشريف وبما يكتب من مقالات وقصص واشعار فرب العزة فى كتابه العزيز يقسم قائلأ ( ن والقلم وما يسطرون@ ما أنت بنعمة ربك بمجنون @)
بل سورة كاملة فى القرآن العظيم إسمها سورة القلم فأى تكريم وأى تعظيم لهذا السلاح القوى ولما يسطره ويكتبه فهو مذل الجبابرة وقاهر الطغاة وهادم عروش المجرمين على مر التاريخ , يبدا أثره ضعيفأ ثم ينتشر رويدا رويدأ حتى ينمو ويكبر ويعظم أثره وينتشر , قد يسقط ظالم من اثر صفحة كتبها كاتب مخلص فى يوم من الأيام وقد تتبدا أسر حاكمة بسبب قصيدة شعر فى لحظة صدق وصفاء وقد تتحرر دولة ويتحرر شعبها من نير الإستبداد وجبروته بسبب قصة كتبها مؤلف نقلت بؤس الواقع فأثارت دماء العزة فى عروق شعب بأكمله فثار بين عشية وضحاها واستعاد كرامته وحريته المسلوبة وعزته المستباحة0
إن المجرمين الذين تقولوا على الله ورسله ونسبوا لهم زورأ وبهتانأ برىء الله منه ورسله هؤلاء القوم أجرموا فى حق البشرية جرمأ لا يعلم مداه إلا الله وكان وعد الله لهم هو قوله (َوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاًفَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ) , فليس هينأ ابدا ان يسطر الكاتب أكاذيب تتفق مع هواه وتختلف مع الحقيقة , ولن يكون كاتبأ شريفأ ذلك الذى يتعمد تشويه الحقائق ورمى الناس بالباطل وتلفيق التهم لهم لحاجة فى نفسه او لثأر فى قلبه فهو بذلك يكذب على الله والناس وضميره والكون جميعأ0
على اصحاب الأقلام رسم الواقع بريشتهم المذهلة الرائعة دون زيادة أو نقص ودون مجاملات او محاباة لهذا أو ذاك ودون طغيان على طرف لصالح طرف آخر من أجل حفنة مال زائل لا قيمة له بين المصلحين والمخلصين والشرفاء , هؤلاء الشرفاء الذين ينصرون المظلوم ويواجهون الظلم والظلمة غير عابئين بعقاب أو سجن أو تنكيل , وبوقع اقلامهم تنقشع غمامات الظلم وتندحر جيوش الظلمة وتستجمع الهمم وتثور الشعوب المقهورة على جلاديها فتتحرر وتحقق لنفسها وبلدها النصر والعزة والحرية والكرامة0
نعم لا بد ان نكتب ونكتب ونكتب , وليكتب كل الشرفاء والاحرار والابرار والصالحون من أجل خير ورفعة البشرية وليكتبوا كل لحظة فسلاحهم هو سلاح الله تعالى فلم ينزل الله من السماء سيوفا ولا دبابات ولا بوارج ولا قنابل ولا دمارأ شاملأ ولكن أنزل كتبأ مسطورة على رسل كرام وكانت وستظل كتب الله المسطورة الإنجيل والتوراة وآخرها القرآن ستظل سلاح الله فى الارض يقتع به أهل الإيمان والتقوى ويثور عليه ويحيك ضده المؤامرات أهل الكفر والشرك والظلم والجريمة , نعم فالكلمة الطيبة الكريمة التى تضىء للناس ظلماتهم وتهديهم إلى سبيل الرشاد والهداية والكمال هى سلاح الله فى الارض وإلى يوم القيامة وهى سلاح البشر الأسوياء الشرفاء الأبرار فى كل مكان وزمان0
(3) لقد كتبنا فأين القراء ؟؟
سؤال وجيه ومهم ويجب على كل كاتب محترف عاشق للكتابة أن يسأله لنفسه وأستثنى من ذلك من يكتب مأجورا لنصرة باطل على حق او مأزوما حاقدأ لحاجة فى نفسه تجاه شخص بعينه أو شعب بعينه أو دين بعينه أو عرق بعينه أو لون بعينه أو أيدلوجية بعينها , حيث لا أعتبره كاتبأ بقدر ما أعتبره جنديأ مرتزقأ بلا هدف وبلا هوية غير الحصول على أكبر قدر من مال وذهب ومتع رخيصة وحصانات زائفة ولكننى أخص بكلمة ( كاتب) أصحاب المبادىء والقيم والمثل , حيث يتمسكون بها ويمسّكون بها , ويدعون لها ويدافعون عنها , ويضعون برامجهم لإقناع العقلاء والشرفاء بها , ويكون هدفهم عامأ وليس خاصأ , وأقصد به عموم النفع والفائدة من مشروعه الإصلاحى للبشرية كلها , وليس لطائفة بعينها دون الأخرين أو شعبأ دون باقى الشعوب , غاضأ نظره عن مكانهم ومكانتهم , ودينهم وعقائدهم , ولونهم وبشرتهم , وأصلهم ومحتدهم0
الكاتب الذى يهتف له الجميع لا بد ان يكون منافقأ , إذ كيف يتسنى له إرضاء جميع الأهواء والإستحواذ على إعجاب الكل على إختلاف آرائهم ومعتقداتهم وأهدافهم وتوجهاتهم , اللهم إلا إذا كان يلعب دور البلياتشو أو الأراجوز الذى يصفق له كل الحاضرين من عقلاء وسفهاء وأدباء وحمقى ولصوص وشرفاء لأنه اضحكهم جميعأ , فكيف لكاتب ذى مبدأ يعيش له وليس عليه ويدافع عنه عن قناعة ورضا وليس بسبب قبض معلوم مادى أو ذهبى أو منصبى , كيف لهذا الكاتب المغلف بمثله العليا والمبطن بها أيضأ , أن يرضى كل الأطراف المتنافرة والأضداد المتحاربة المتناحرة فيصفقون له جميعأ إلا إذا كان قد رقص على كل الموائد ولعب على جميع الحبال وهو أمر لا شك محال , إلا على مزيف دجال و نصاب محتال يرتزق من قلمه بغض النظر عن تضارب ما يكتبه مع ما يؤمن به فقد همش قضية الإيمان ولم يعد لها ترتيب فى أرقام أولوياته0
فليكتب كل كاتب ما يؤمن به وما يعتقد انه صحيح وليحترم كل الردود ويقدرها خير التقدير ويرد عليها بأدب جم ولا يحقرها ولا يتعالى عليها ولا يجعل من نفسه كوكبأ فى أعالى السماء يلقى بنوره ولا يمسه أحد ولا يدرك كنهه ولا يصل إليه , بل عليه أن يرد وأن يدافع عن مبدئه الذى أرساه فى مقاله وإلا لو هرب من الرد فإن أقل قول يقال هو أنه يكتب ما لا يؤمن به ولا يستطيع الدفاع عنه ولا يكلف نفسه مشقة الرد على القارىء الذى بدونه لا يخرج مقاله لعالم النور والمعرفة , فليدافع كل كاتب عن مقالاته بروح طيبة ولا يرد على الإساءة بمثلها بل يدفع بالتى هى أحسن فكم من كلمة طيبة صنعت صديقأ من عدو , وصنعت حليفأ من ضد0
لا تظن أنك سترضى كل الأذواق والتوجهات والعقول والافكار والأحلام إلا إذا كنت أراجوزأ كما أسلفنا , ولكنك فى معرض كتاباتك لا تقلل من شأن إنسان ولا تعتدى على دين من الأديان ولا تهاجم فارسأ من فرسان الزمان فلكل دين أتباعه , ولكل إنسان اشياعه , ولكل فارس أوضاعه , فلو تعرضت لدين بنقد لنا تنال غير الكراهية والحقد , ولو تعرضت لفارس بهمز لن تنال غير اللمز والغمز , ولو تعرضت لإنسان بسوء لن تحصد غير ما يسوء0
لا تظن – عزيزى الكاتب الشريف الذى أخاطبه--- أننى أخيفك او أحدّ من قدراتك الإبداعية أو أقلل من جهد قلمك المتحمس المتحفز ليل نهار , لا والله , ولكن الكتابة عن المبادىء أعظم وأجمل وأجدى من الكتابة عن الأشخاص , أما فى موضوع الأديان فإن نقد السلوك البشرى أنفع وأجدى واقوم واقوى من التوجه لنقد نص سماوى كل المؤمنين بالله تعالى ورسله يعلمون انه من عند الله , فهل ينقد العبد ربه وخالقه تعالى الله علوأ كبيرأ , ولكنه ينقد إنسانأ ما أخفق فى فهم أو تطبيق مبدأ ما واراد فرض إخفاقه كأنه دين , أوفرض فشله فى فهم مراد الله كأنه مراد الله تعالى0
يجب ألا يعتمد الكاتب الشريف الثقافة السمعية مصدرا من مصادر العلم فيكتب موضوعأ طويلأ عريضأ بناءأ على إشاعة أو خبر عابر دون التحقق من سلامته وصدقه فيقع الكاتب فى زلل عظيم ويصبح موقفه فى غاية الحرج والمرج , وتبدا الاقلام المضادة فى الهجوم عليه وتقع المعارك االكتاباتية التى قد تمتد وقتأ طويلأ وقد تنتهى بكوارث وقد توقع شعوبأ فى بعضها وقد تسبب قتلى والسبب خبر كاذب أو إشاعة عابرة لم يتم التأكد منها وكان الهدف سبقأ صحفيأ وشهرة زائفة تعود بالشقاء على طالبها الذى لن يحصل عليها ولن يكون صاحبها 0
لا تتوقع ان يقرأ لك الناس جميعأ , ولا تنتظر أن يصفق لك كل من يقرؤن كتاباتك , ولا تحلم بالهدايا والحفلات والرحلات فكل هذه مقاصد لا تتحقق اللهم إلا للاراجوز كما أسلفنا , اما اصحاب القيم والمبادىء والمثل التى يعيشون لها وليس عليها فإنهم يعلمون ان فى كل متر لهم أحباب ولهم أعداء , لهم مشجعون وضدهم مثبطون , لهم مناهضون ومعهم مناصرون , وسيظل الناس كلهم مختلفين إلى يوم الدين ولن يتفقوا على رأى واحد أو فكر واحد أو مذهب واحد أو دين واحد او حتى إله واحد ولو شاء الله تعالى خالق الكون لجعلهم امة واحدة ولا يزالون مختلفين , فالإختلاف سنة الله فى خلقه وفى كونه ولن يوجد كاتب واحد يصفق له الجميع وإلا إذا كان اراجوزأ!!!!
(4)التعليق من حق القارىء
هذه السلسلة التى اكتبها عن الكتاب وأقلامهم وأنواع الكتاب وأنواع القراء لا اقصد بها طبعأ كاتبأ معينأ او قارئأ معينأ وإنما كتاباتى عامة أرجو منها النفع لى وللجميع فى إلقاء بعض الشعاع الضوئى على هذا الموضوع العسير وأرجو ان يؤتى ثماره وأن ينبه كل كاتب ويعلم ان كتابته إجتهاد بشرى ورأى إنسانى يحت ومن حق الآخرين رفضه أو قبوله حسب ثقافة كل منهم وليس من حق أى كاتب أن يظن نفسه فوق النقد ولكن المؤكد أن التجريح والإهانة والتعرض لشخص الكاتب وخصوصياته هى من أقبح الأمور التى قد يقع فيها معلق متهور أو حتى كاتب آخر يعلق على نفس المقال بتعليق او بمقال0
ايها الكاتب الهمام المتعدد المقالات والكتب والمتنوع الكلام , يا من تكتب فى كل مكان وتريد أن تسيطر على العقول وتأسر الافهام , وتحب ان تطوى القلوب وتستميل الأقلام , أو لست بشرأ يشرب الماء ويأكل الطعام ويستيقظ وينام ويعمل جاهدأ لكى يشتهر بين الأنام ؟؟ أم أنك من شىء آخر غير الطين الصلصال والماء الزلال ؟ هل ظننت نفسك نبيأ يأتيه وحى السماء ؟ ام أنك متأله على الناس تتعالى فى سماء أحلامك وفضاء أوهامك ؟
قلنا وسنكرر أن كلامك كلام بشر يمكن لكل إنسان أن يرفضه بأدب فإذا صممت على فرض وجهة نظرك بالقوة فمن حق الآخر أن يتركك ويتركها فأى مخلوق أنت ؟ وكيف تعتقد أن وجهة نظرك قد وصلت لدرجة الوحى الإلهى وغير قابلة للمناقشة والرفض والدحض والإلقاء أحيانأ فى سلة المهملات , نعم يا هذا , يا كل من يكتب ويظن نفسه نبيأ أو رسولأ يأتيه خبر السماء , يا من تؤله نفسك دون أن تدرى , لا تتحمس بكل هذه القوة لما كتبت ولا تدافع باستماتة عن ما سطرت بل عد بهدوء إلى نفسك وقلمك واقرأ تعليقات الذين فندوا رأيك وأبطلوا زعمك , راجعها بحب وسمو وكرامة لو كنت تؤمن بأنك تسعى لخير الإنسان فى كل مكان , لا لأنانياتك الخاصة وطموحاتك فى شهرة مريضة تفرضها على الناس فرضأ , والناس بصراحة تعبت من كل شىء فإذا كتبت وأحب الناس كتاباتك فحبأ وكرامة وإذا إكتشفت شذوذ فكرك وانحراف رأيك ورأيت قلمك مرفوضأ فما المانع من الإنسحاب بشرف ؟ , لأن القائد الذكى هو الذى يستشعر قرب الهزيمة فينجو بجلده من المعركة وينجى معه مئات الألوف من جنوده المغلوبين على أمرهم , فما المانع أن ينسحب الكاتب لو شعر بهزيمة رأيه ودحض فكره وفرغ جرابه من أى سلاح حقيقى يدافع به عن رأيه , فلا يلجأ للقمع والقهرالفكرى والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور , إذ من هو حتى يفعل ذلك وماذا يمتلك حتى يصل لهذا المأرب البعيد المنال؟0
مصيبتنا الكبرى فى عالمنا العربى أن كلأ منا متفوق فى شحذ لسانه فإذا قال رايأ لم يعجب الآخر ولاحظ رفضا أو امتعاضأ من رأيه سلق الآخر بلسان حاد كحد السيف او أمضى , وإذا وافقه الرأى عانقه وتفاخر به وصعد به إلى السماء فإذا خالفه ذلك المرضى عنه فى رأى جديد حقره ونهره وهبط به من أعلى سماء إلى أسفل أرض , فأى عقول هذه وهل تمت للعلم والثقافة والأدب والتسامح بصلة ؟ وأى تحجر ذلك الذى يعشش فى تلك العقول المريضة ؟
منذ متى ورأينا قاطع لا يرد ؟ ومن أعطانا حق الكلام الذى لا يراجع ولا يستثنى ولا يرفض ولا يلغى ؟ قل ما شئت وتكلم وابحث واجتهد واعرض رأيك على الناس فإن وافقوك فمرحبأ وإن خالفوك فراجع نفسك فقد تكون متسرعأ أو معتمدأ على مصادر غير حقيقية أو نظريات ليست علمية , راجع رأيك واجتهد من جديد فلن تخسر شيئأ بل ستكسب كل شىء وأولها نفسك التى بين جنبيك لأنك لو تركت نفسك للغرور والكبر والتعالى والإيحاء الشيطانى بأنك لا يدانيك احد فى فكرك ولا يجاريك مخلوق فى وجهة نظرك فقد ضعت ضياعأ ابديأ وسقطت سقوطأ سرمديأ 0
من عادة البشر أن يتفكروا فيما يقال لهم ويبحثوه ويتدبروه ويزنوه ويثمنوه ويقدروه فلا يقع القول على آذانهم بلا اثر فإذا فقهوه وعلموا أنه حق ولا غبار عليه قبلوه وإلا رفضوه وذلك حقهم , حتى لو رفضوا الإيمان وصمموا على الكفر أو رفضوا الكفر وصمموا على الإيمان فلكل عقله ولكل فكره ولكل رأيه , ومن منا لم يدرك حقيقته وكنهه ؟ ومن منا لم ير طفلأ يولد او إنسانأ يموت ؟ ومن منا لم ير آيات الكون العظيمة فى الأرض والسماء , والماء والهواء , والجبال والصحراء , فمن كفر بعد ذلك فعليه كفره ومن آمن برب الكون فله إيمانه ولا تزر وازرة وزر اخرى , وليس من حق مخلوق فرض رأيه على الآخرين حتى لو كان نبيأ مرسلأ فقد منح الله الحرية لعباده فى رفض كل شىء أو التصديق بأى شىء ومقابل ما حصل عليه الإنسان من حرية وعقل فإنه يدان أمام الواحد الأحد الديان فى يوم لا يهرب منه إنس ولا جان , فالكل محاسب وكل إنسان سيلقى جزاء ما قدمت يداه فى دنيا النزاع واللعب واللهو الجدال0
أيها الكاتب المغتر بكتاباته , من حقك أن يكون لك رأى طبعأ وأن تكتب عنه وتدعو له بأدب وسمو وتسامح وتواضع لكن الذى ليس من حقك هو أن تفرضه فرضأ او توحى للقارىء أنك لا تنطق عن الهوى وأن ما تكتبه هو وحى يوحى فحاشا لله تعالى فقد ختم بالقرآن كتبه السماوية وبمحمد عليه السلام أنبياءه , إذا انت مثلى ومثله ومثلهم جميعأ , كلنا يفكر ويتدبر سواء فى أمر دينى او دنيوى , خلقى او خلقى ( بضم وكسر الخاء) , صناعى او زراعى , فلسفى او واقعى , جهرى أو سرى , صعب او يسير , جديد او قديم , مكرر اومبتكر , كلنا له حق التفكر والكلام والكتابة والتأليف طالما لديه المعطيات والمقومات التى تؤهله لذلك , وكلنا له حق القبول والإقتناع او الرفض الجزئى أو الرفض التام لما يقال امامه او لما يقرأه فى كتاب أو مقال او قصة أو قصيدة 0
جميل جدأ ان نفكر فبغير التفكير لا كرامة لنا ولا كينونة , لكن الأجمل ان نعرض فكرنا عرض التلميذ على الأستاذ وليس عرض الأستاذ على التلميذ لان المؤلف او الكاتب الذى يجعل من نفسه استاذأ للناس هو كاتب فاشل فاشل فاشل , أكررها ثلاثا , لأنه لن ينصلح له حال ولن يتقدم نحو الأمام ونهايته هو وكتاباته صناديق المهملات طبعا أما الكاتب الذى يعرض رايه وكتابته كانه تلميذ وعموم العقول استاذ له فهو فى طريق التقدم والرقى والعلو لا محالة , فسوف يستفيد من كل رأى ويستثمر كل فكر , ويدخر آراء الذين نقدوه كأنها ذهب خالص فعن طريقها سيعرف رأسه من قدميه ويصلح من نفسه ويهذب وجهة نظره , وبالطبع لن يكون الكاتب منافقا مرائيأ يكتب ما يرضى الناس حتى يكسب تصفيقهم ولكنه سيكتب ما يقتنع به ويستفيد من خبرات القراء والكتاب الآخرين فى الترقى بكلماته والإرتفاع بكتاباته إلى أعلى عليين 0
(5) أبطال خلف لوحة المفاتيح
من رحمة الله سبحانه بنا أن منحنا العقل والعلم والحرية , فقد ترقى العقل البشرى (( الحر)) ووصل بالبشرية إلى رقى حضارى منقطع النظير فى شتى مجالات الحياة , فقد غطت التكنولوجيا كل مناحى الحياة حتى تحولت الدنيا على سعتها إلى قرية واحدة , فإذا هرش مخلوق رأسه فى طوكيو تحدثت عنه وكالات الأنباء قبل أن تنزل يده التى يهرش بها لكى يعلمها أهل الصين والهند والسند وكوالالامبور وبوركينا فاسو , فيا لفرحة العالم ويا لسعده بهذا التقدم المبهر المذهل الذى جعل من جهاز الكمبيوترأو اللاب توب مرصدا لإرسال ما تريد واستقبال ما تشاء من أحداث وكتابات وقصص ومقالات وصور وأغانى وأفلام وتحقيق أحلام وبيزنس وكسب وخسارة وسوق وسويقة وشارع رهيب مدهش يعج بالملايين من كل شكل ولون وكل واحد يبيع بضاعته بالسعر الذى يروق له ولم يحرم اللصوص والحرامية من مكانهم ومكانتهم على شبكة النت المتناهية الدقة واللامتناهية المساحة , فانتشر اللصوص يسرقون الأموال والفلوس ويخربون المواقع كالتيوس , ويدمرون الأحلام ويعوقون الأقلام , ويسرقون الآمال والذكريات , ويشيعون فسادهم على شكل فيروسات , تسلب الحقوق ,وتنشر الفسوق , وتعيث فسادا فى كل شارع ومحفل وسوق0
أصبح النت متنفسأ عظيما للكاتب والقارىء العربى معا بعد زمن من القهر والإضطهاد والذل والإستعباد إمتد على مر تاريخ العرب الكرام لقرون طويلة , عانى منها الإنسان العربى معاناة وصلت إلى عنان السماء , حيث قتل واغتيل , وجلد ورجم وأعدم وصلب , وحورب فى رزقه ومصدر عيشه , وحقر وسفه وحرم من حقوقه , وحرم من مجرد النطق برأيه , وذل وكبت وقهر وأرغم على عمل ما يكره , ورؤية ما يأبى وممارسة ما يرفض , كل ذلك ذاقه الإنسان العربى على مدى قرون طويلة حرصأ من الملوك على كراسى الملك ومن حواشيهم على مناصبهم ومكاسبهم ومتعهم الخاصة وسرقاتهم اللانهائية وطموحاتهم المجنونة الغير محدودة , فكان المواطن المسكين قليل الحيلة هو الضحية دائمأ , ودفع كرامته وحريته وإنسانيته ثمنأ غاليأ لمهاترات المجرمين , ولأطماع الخونة والظلمة والطغاة على مر تاريخ أسود طويل , وليل حالك لا ينتهى , فكان هذا سببأ فى كبت رهيب أصاب العقل والقلب العربى معأ فى مقتل وأدى بهما أن ينفجرا فى الإنترنت كل هذا الإنفجار الرهيب المذهل والذى أخرج لنا عواطف جياشة , خرجت على هيئة قصص وشعر ومسرحيات وصور وأفلام وأغانى , و فكرا متنوعأ خرج على هيئة كتب ومقالات ومؤلفات واجنهادات , ما بين المستنير والمتحجر وما يدعو للتمسك بالماضى لدرجة الجمود وما يدعو للحداثة لدرجة الإنحلال الأخلاقى , ومنهم الوسطيون الذين يريدون الإستفادة من الحداثة مع الإحتفاظ بعبق الماضى وتراثه نأخذ منه ما ينفعنا ونترك ما لا يلزمنا كما يقولون0
راح كل كاتب محروم من النشر أو شاعر منزوى من فداحة القهر , راحوا يكتبون على شبكة النت ما يحلو لهم فمنهم مقتصد , ومنهم سابق بالخيرات , وكثير منهم ساء ما يكتبون وما يكسبون , فكتبوا باسماء كثيرة مستعارة , مما يؤكد أن الشخصية العربية ما زالت مهزوزة و منهارة , ولو أنهم صدقوا مع الله ومع أنفسهم ومع الناس لما أخفوا أسماءهم وأماكنهم وتخفوا خلف أسوار الخوف والرعب وراحوا يكتبون ما يرونه حقأ ويسطرون ما يرونه واجبأ وجهادأ وصدقأ من وجهة نظرهم طبعأ , فغيروا أسماءهم وانتحلوا أسماءأ اخرى حتى يتسنى لهم مهاجمة الحكام والحكومات والأشخاص والجماعات والجمعيات ويعرضون ما يكتبون غير خائفين و غير عابئين فهيهات أن تصل إليهم يد أو يعرفهم أحد أو يسجنهم أو يعذبهم كما حدث فى الماضى مما تسبب فى بتر الفكر وقتل العقل العربى الذى لم يعد يعيش إلا للتقليد والتكرار الممل فتعسأ لهم هؤلاء الذين فعلوا ذلك بالعقل والفكر العربى –أقصد طبعأ الذين قهروه وعذبوه واغتالوه--- تحت أى مسمى فحرموه من أهم معطيات التقدم والتحضر العلمى والفكرى وجعلوه فى آخر الأمم بل جعلوه متهمأ بالعجز والتواكل والتطفل على حضارة الأمم الراقية0
الغريب أنك تجد الشخصية العربية بنفس صفاتها فى أرض الواقع تجدها هى هى على النت , فالصراخ فى المؤتمرات وفرض الرأى وتوبيخ الآخر وتحقيره والإقلال من شأنه وعبادة الذات , وتأليه البشر , وتعميم الأحكام واستعماء المستمع والإستهزاء به وبفكره وبرأيه , والخروج من كل جلسة أو أجتماع أو مؤتمر بالنتيجة المعروفة وهى صفر , كل هذا تقرأه على النت فتصاب بالذهول لو دخلت منتدى عربيأ وقرأت كم الشتائم والتحقير والتكفير والتأكيد على دخول النار للمخالف والجنة للموافق وكأن الجنة والنار قد خصصت للعرب , وليس للأمم الأخرى فيهما نصيب , بل كأن الامم الأخرى ليس لهم علم بثقافة الجنة والنار والعذاب والثواب والخلود , حيث لا تجد أحدا فى العالم يتوعد الآخرين بالنار ويهدى الجنة لمن أحب إلا فى الفكر والثقافة العربية , ولا يقتصر ذلك على المنتديات بل يمتد طبعا ليشمل الصحف النتية بما فيها من مقالات هجومية تتهم الآخرين بالضلال والعمالة والجريمة والتآمر على الوطن دون سند أو دليل , و بعض الكتاب صنع من نفسه حاكمأ وقاضيأ وجلادأ , يصدر الأحكام وينتظر تنفيذها بأى شكل وصورة فسبحان الله الذى له الحكم وإليه يرجعون0
لم نتعود على عرض آرائنا بشفافية وحرية وشرف وتسامح وتقبل للآخر المخالف , بل تعودنا على ثقافة الإتهام والتكفير والتحقير والتصغير والإقصاء لكل من قال لنا 00 لا ء , ولكل من نهج غير نهجنا ودان غير ديننا , وهكذا انتقلت ثقافة المؤتمرات والمؤامرات العربية بكل ما فيها إلى النت , ولكن عزاءنا أن الشبكة العنكبوتية تقنية جديدة فى عالمنا وانها سوف تخلص وتصفو وتتطهر من الرجس مع مرور الزمن , فيتذوق كتابها لذة الحوار الهادف البناء المحترم الذى لا يرجو غير خير البشرية جمعاء بلا استثناء , والذى يعلم أن الله تعالى لو اراد أن يجعل الناس امة واحدة من قديم الزمان لفعل ولكنه سبحانه قال لهم فى بداية نزولهم للأرض الدنيا :-
(اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ )
* وأخيرأ أختم هذه السلسلة التى كتبتها عن الكاتب والقارىء وأصول الكتابة والقراءة والتعليق ( من وجهة نظرى) ولقد تكونت السلسلة من خمسة مقالات هى :
1- هل لا بد ان نكتب ؟
2- نعم لا بد ان نكتب
3- لقد كتبنا فأين القراء؟
4- التعليق من حق القارىء
5- ابطال خلف لوحة المفاتيح
وأرجو ان أكون قد وفقت لمجرد لفت نظر النخبة من الكتاب والقراء إلى وجهة نظرى المتواضعة فى هذا الصدد0



#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)       Hassan_Ahmed_Omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلم قديم وواقع أليم
- ألحقيقة ليست حكرأ لإنسان
- ممنوع ضرب الأطفال
- أبطال خلف لوحة المفاتيح
- التعليق من حق القارىء
- لكل كاتب غاية ولكل قارىء هواية
- نعم لا بد أن نكتب
- هل لا بد ان نكتب؟؟
- ملفات العقل البشرى
- تهميش الآخر..لماذا؟؟
- ثقافة الميكروباص
- زمان الحب
- حرية الرأى بين الإختيار والإضطرار
- أحلام كاتب مصرى
- وطنية على الورق
- كلام من فضة
- كائنات أخرى فى القرآن
- أبرار وأشرار
- ألمرأة الصخرية
- وداعأ زمن الثقافة


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حسن أحمد عمر - لماذا نكتب ؟؟