أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بيسان عدوان - خارطة الطريق المتاهة القادمة للفلسطينيين















المزيد.....


خارطة الطريق المتاهة القادمة للفلسطينيين


بيسان عدوان

الحوار المتمدن-العدد: 514 - 2003 / 6 / 10 - 21:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


 

 


"أن المطالبة بقيام الدولة الفلسطينية أصبح بديلا عن حق العودة ، وفي هذا المضمون ، علي الأقل ، إسرائيل لن ترفض إعلان الدولة الفلسطينية بل ستقف إلي جانبه وتدعمه"

داني روبنشتاين

صحيفة هآرتس، 23 نيسان 1999


جاء في بيان صدر من مكتب الرئاسة الإسرائيلية بعد لقاء شارون مع الرئيس الأمريكي " يعلن مكتب رئيس الوزراء أريئيل شارون أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح تماما من بين شروط أخرى وإن هذه الدولة ستكون وطنا لفلسطيني الشتات وإن اللاجئين الفلسطينيين لن يسمح لهم بدخول الأراضي الإسرائيلية.( بيان صادر يوم 7 يونيو 2003)

تمهد خارطة الطريق التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية لإحلال " السلام في الشرق الأوسط " وتطالب بوقف الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي المستمرة منذ سبتمبر 2000 حتى يومنا هذا وإقامة دولة فلسطينية بحلول عام2005 ، ولا حاجة لنا أن نذكر البعض بنواقص تلك الخارطة وأنها خارطة أمريكية ... وأنها لا خارطة ولا طريق فيها ، وأنها لا تفي بأغراض المشروع الفلسطيني الآن في التحرر ، لكنها تعيد إلي الذاكرة الفلسطينية تصرف القيادة الفلسطينية المتمكنة في مصير هذا الشعب حيث أنها لم تقم علي طول مدار التسوية التي بدأت منذ حرب الخليج الثانية 1991وصولا إلي خارطة الطريق باستفتائه أو سؤاله عن رأيه في تقرير مصيره ، بل اعتبرت نفسها وصية علي الشعب الفلسطيني والتي افترضت أنه مراقب غير معني بالقضية ، وقد استغلت هذه القيادة صفتها " الشرعية " لتقوم بعمل يتطلب شرعية غير عادية.

المشهد يكرر نفسه منذ تسعينيات القرن العشرين ، دائما يفاجئ الشعب الفلسطيني من وكالات الأنباء والصحف أن هناك من يتحاور مع الإسرائيليين سراً أو علانية باسمه أو نيابة عنه من اجل إيجاد حل للقضية الفلسطينية تحت ما يسمي التغييرات العالمية والإقليمية والتي دائما تثبت ميزان القوي لصالح الإمبريالية الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة ، فيما جاء المشهد الذي سبق قمة شرم الشيخ والعقبة برتوش للديمقراطية الفلسطينية لرئيس الوزراء المعين محمود عباس أبو مازن وهي حوار الفصائل الفلسطينية مع حكومة أبو مازن ، ولكن الحوارات التي اجرها الأخير لم تكن ذات قوي ملزمة في مقابل الشروط الأمريكية الملزمة للجانب الفلسطيني وبدرجة اقل للجانب الفلسطيني ، وجاء في البيان القمة الثلاثية الترجمة العملية لخارطة الطريق أنها توجب علي كل من الطرفين أمور من شانها تساهم في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وهي كآلاتي : يتحتم علي الفلسطينيين وقف الانتفاضة علي الفور ، وإجراء إصلاحات ديمقراطية علي مؤسساتهم ، أن تبدأ السلطة الفلسطينية عمليات متواصلة وفعالة تهدف إلى تصدي لكل العمليات المقاومة وتفكك القدرات والبني التحتية لفصائل المقاومة ومصادرة الأسلحة غير المشروعة ، إما الجانب الاسرائيلي فيلتزم بإصدار بيانا واضحا لا لبس فيه تؤكد فيه التزامها برؤية دولتين " دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وذات سيادة تعيش في سلام وأمن إلي جانب إسرائيل ، وان تفكك الحكومة الإسرائيلية فورا جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ مارس 2001 وتجمد جميع النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة ،وان تقوم بانسحاب مطرد من المناطق المحتلة بعد 28 سبتمبر أيلول 2000 .

رغم ما جاء في خطاب رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في القمة الثلاثية في العقبة حول إدانة المقاومة الفلسطينية مع تجنبه لإدانة الاحتلال وحول الدول التي لم يشر إلي حدودها والقدس والاستيطان وقضية الأسرى واللاجئين وتعهده بإنهاء عسكرة الانتفاضة ومواجهة العنف والإرهاب ضد الاحتلال وتذكره لمعاناة اليهود دون الالتفات للمعاناة الشعب الفلسطيني إلا أن هذه الأشياء لا تعكس سوي النهج التفاوضي الذي بدأ منذ مشروعات التسوية مدريد وواشنطن ثم أوسلو 1 و2 وصولا لكامب ديفيد 2 التي تم إعلان رفضها بانتفاضة الأقصى سبتمبر2000

ولكن هذه المرة ليس ضمن معادلة" الأرض مقابل السلام ولكن المعادلة الآن مع ما يمكن أن يهبه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في الانتخابات الأمريكية القادمة لناخبيه هي " بعض الأرض مقابل السلام + حق العودة المتنازل عليه "

من المؤكد حتى الآن من أن التصريح بالتنازل فلسطينيا عن حق العودة لم يحصل ولم يعلن ولكن وضع هذا الحق في مهب المساومات المجانية و التسويات المجحفة للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات تضعفه وتجعله عرضة للتنازل والتبديد ولعل المساومات السرية بين الأمريكيين والإسرائيليين لتغيير هذا الحق جعل الفلسطينيين يلقوا بظلال الشك في أي جماعة فلسطينية تقوم بالتفاوض الأمني أو السياسي علي اعتبار أن هذه القيادة لن ترضي إسرائيل إلا بالتنازل عن عودة اللاجئين إلى أراضيهم ومدنهم وقراهم التي أخرجوا منها عام 1948 والتي تعتبر جوهر القضية الفلسطينية .

يعلم الفلسطينيون في الداخل والخارج إن التسوية السياسية كانت ولا تزال مجرد اتفاقيات تعكس موازين القوى بين الأطراف المتنازعة وبالتالي لا تخضع لمعايير الحق والعدل والإنصاف ، ويعرف الفلسطينيين جيدا أن موازين القوي عالميا وإقليميا خاصة بعد سقوط بغداد ليس في صالحهم وعليه فأنهم الطرف الأضعف الذي يملي عليه رغبات ومصالح الطرف الأقوى الذي يفرض شروطه طبقا لهذه المعادلة وان تقديم التنازلات من قبلهم اقل ما يمكن أن تقبله إسرائيل والولايات المتحدة ، ولعل التمسك بالحق الرئيسي والتعابير عن هذا التمسك بثوابت الفلسطينية من خلال الاعتراض علي القيادة الفلسطينية المفاوضة ( أبو مازن ومجموعته ) والمظاهرات التي اندلعت في الداخل الفلسطيني والمخيمات والتي عكست حالة الرفض دون وجود أي رؤية تكتيكية لهذا الرفض مع يقينهم أن مسار التسوية سيستمر رغما عنهم، صحيح إن الهدف من هذا المسار هو إعلان الدولة الفلسطينية ذات النشيد والعلم فقط لكنها لا تستحق كل هذه التضحية ، التنازل عن حق العودة حيث أن الناتج عن هذا النسيان والتأجيل والتجاهل أو بالأحرى التنازل كثمن لقبول إسرائيل " خارطة الطريق " يمكن أن نقيس عليه الخسارة الفادحة التي ستصيب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة .

الخسارة ستشمل كل الفلسطينيين سواء كانوا في الداخل الفلسطيني " فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة ، وفلسطيني 1948 " أو في الخارج الفلسطيني " اللاجئون ، النازحون ، المبعدون ، فلسطينيو الشتات " كلا علي حدا ولكن علي أرضية واحدة هي عدم قدرتهم علي العودة إلى فلسطين الوطن التاريخي الذي كفلته الشرعية الدولية منذ اكثر من خمسين عام المتمثل في قرار 194 لسنة 1948 وليس بقراري 242 و 338 أو اتفاقيات التسوية أوسلو وتوابعها حيث لم يرد ذكر بخصوص عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وقراهم ومدنهم وتعويضهم وحيث لا يحق لأي شخص منتخب أو غير منتخب ذا شرعية ممنوحة من الشعب الفلسطيني أو غير ذلك أن يقدم مثل هذه التنازلات ،حيث أن من يملك هذه القدرة علي التحدث في هذا الحق يجب أن يكون له شرعية غير عادية وليست ممنوحة بالتعيين أو التوريث أو حتى بالانتخاب .

أن شكوك الفلسطينيون ليست محض افتراءات وليست الخبرات السابقة في عملية التسوية منذ عقد التسعينيات حتى يومنا هذا مدعاة لمنح التطمينات للشعب الفلسطيني من عدم التفريط والتنازل في حقوقه في العودة إلى وطنه حيث ثبت طيلة التسوية أن أساس التفاوض الضبابي الغامض ما يحمله من خطر على حقوق فلسطيني الداخل والخارج ذا عواقب وخيمة حتى لو كان مؤكد بالتطمينات الاميريكة التي ترعي خارطة الطريق وتدفع بقوة لإعلان الدولة الفلسطينية ، حيث أن رسائل التطمينات الأمريكية السابقة والحالية بمجموعها بنت رؤيتها علي أساس أن قرار مجلس الأمن 242 هو للتفاوض وليس للتنفيذ، وأن طرح موضوع اللاجئين مبهم وغامض دون الإشارة أنهم فلسطينيين أو تحيد زمن لجوئهم في عام 1948 وعام 1967 يعطي الحق لإسرائيل أن تطرح ما تريد بشأن هذا الموضوع كما كان الحال منذ عام 1992 حيث ركزت إسرائيل بوفودها المختلفة على معالجة موضوع اللاجئين على زاوية إنسانية فحسب وخاصة فيما يتعلق بالسكن، وكان واضحا أنها كانت لا تريد الوصول إلى نتائج في موضوع حق العودة التي كانت تحيله دون ضمن اختصاص المفاوضات الثنائية حيث يبحث مع كل حكومة عربية على انفراد وليس للوفد الفلسطيني في مجموعة عمل اللاجئين إلا الحديث عن اللاجئين الفلسطيني في مناطق الحكم الذاتي من الضفة الغربية وقطاع غزة.

لقد اعتمدت عملية التسوية السالفة على قراري 242 و 338 الأمميين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي. ومعلوم أن (الثاني) منهما يتحدث عن التفاوض، وفي (الأول) نص له علاقة بفلسطينيي الخارج جاء في البند (ب) من ثانيا هو (تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين). وهو نص حرص من صاغه على أن يتصف بالضبابية حين تحدث عن اللاجئين بدون تحديد أنهم الفلسطينيون حسبما يقتضيه سياق القرار. الأمر الذي أفسح المجال للإسرائيليين منذ اتخاذ القرار في تشرين الثاني- نوفمبر عام 1967، أن يطرحوا تفسيرهم الخاص بهم للبند ويقولوا إنه يشمل أيضا لاجئين يهود لجئوا إلى (إسرائيل) من الدول العربية بعد حرب عام 1948إن (ضبابية) هذا البند في القرار 242 دعت الأطراف المدعوة للمشاركة في مؤتمر مدريد إلى طلب توضيحات وتطمينات من وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جيمس بيكر بشأنه. وهكذا رأيناه يضمن رسالة التطمينات الأمريكية لإسرائيل إقرارا أمريكيا بوجود تفاسير مختلفة لقرار مجلس الأمن 242. كما تضمنت رسالة التطمينات هذه إشارة إلى أن المفاوضات متعددة الأطراف ستدور حول مواضيع إقليمية عامة من بينها مسألة اللاجئين. أما رسالة التطمينات الأمريكية إلى الجانب الفلسطيني في الوفد الأردني الفلسطيني المشترك لمؤتمر مدريد، فقد جاء فيه إشارة وحيدة لفلسطيني الخارج غير مباشرة في معرض الحديث عن مفاوضات المرحلة النهائية، حيث قالت (تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن القدس الشرقية والفلسطينيين خارج (المناطق).. يجب أن يكونوا قادرين على المشاركة في مفاوضات المرحلة النهائية).

وكان أقصى ما توصلت إليه مجموعة عمل اللاجئين التي تكونت نتيجة عمليات التسوية هذه هو إصدار مجموعة بيانات تتضمن كلا من الموقفين العربي والإسرائيلي، وناقشت أفكارا حول سبعة مواضيع هي قاعدة معلومات، والصحة العامة، ورفات الطفل، والتدريب المهني وفرص العمل، وتنمية الموارد البشرية، والبنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية، ولم شمل العائلات. وقد عقدت عدة اجتماعات وسيطة لتحديد مفهوم العائلة تتحدث فيها عن عودة خمسة آلاف شخص سنويا في إطار لمّ الشمل. وهكذا شغلت نفسها عن البحث في جوهر قضية اللاجئين فلسطيني الخارج وهو حق العودة وكيفية ممارسة هذا الحق. هكذا تبدو الخطوط التي رسمها اتفاق مدريد وفق ما سمّي (عملية سلام الشرق الأوسط) لقضية اللاجئين فلسطينيي الخارج. وهذا ما كان من حصيلة التفاوض في المسار المتعدد الأطراف وفقا لهذه الخطوط.

استمر التعامل مع قضية فلسطيني الخارج أثناء المفاوضات بالسرية التي جرت في أوسلو بين الحكومة الإسرائيلية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في صيف عام 1993 وفق الخطوط التي رسمتها (عملية سلام الشرق الأوسط) منذ مؤتمر مدريد.وهي خطوط جعلت (السياق التفاوضي دون مرجعية واضحة محددة) ،وقد توصلت هذه الاتفاقات في ليل إلى إعلان (مبادئ حول ترتيبات حكومة انتقالية ذاتية) جاء في سبعة عشر بندا وأربعة ملاحق وجدول زمني، مثّل في مجموعه خطرا على قضية فلسطيني الخارج.

لم يشر هذا الإعلان بكلمة إلى حق عودة فلسطيني الخارج (اللاجئين) إلى وطنهم فلسطين. واقتصر تعامله مع قضية اللاجئين على إشارة واحدة إلى إمكانية بحثها في مفاوضات الوضع النهائي. وذلك في النقطة الثالثة من البند الخامس التي تشير إلى هذه القضية كواحدة من القضايا المتبقية مع قضية القدس وقضية المستوطنات وقضية الحدود. وهكذا تم ترحيل البحث في هذه القضايا إلى مفاوضات الحل النهائي استمرارا لما عمدت إليه خطوط عملية التسوية منذ مؤتمر مدريد. وذلك على الرغم من أن مسار هذه العملي خلال التسوية السابقة والتي أعلن موتها في انتفاضة الأقصى أكد أن تأجيل البحث في هذه القضايا يمكن الحكومة الإسرائيلية من الاستمرار في فرض حقائق جديدة بشأن كل منها وفقا لبرامجها الصهيونية العنصرية التوسعية، بدعم عملي من الولايات المتحدة الأمريكية (مصممة) العملية (وراعيتها) الفعلية. وقد رأينا كيف تابع هذا الكيان الصهيوني (تهويد القدس)، والتوسع في الاستعمار الاستيطاني، ومصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية، وإنكار حق عودة اللاجئين. كذلك تضمن إعلان المبادئ السابق إشارة أخرى إلى لاجئ عام 1967 في بنده الثاني عشر الذي نصّ على تشكيل لجنة رباعية من إسرائيل والفلسطينيين من جهة ومصر والأردن، و(ترتيبات تعاون) تشمل (تكوين لجنة متابعة ستقرر من خلال اتفاقية صيغة دخول لأشخاص انتقلوا من الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ، و قبل أن تعقد اللجنة الراعية المختصة ببحث عودة من نزح من فلسطينيي الخارج عام 1967، أو اجتماع لها في عمان في 7/3/1994، والذي جاء تنفيذا لما نصت عليه المادة 12 من اتفاق إعلان المبادئ "سيقوم الطرفان - منظمة التحرير الفلسطينية والطرف الإسرائيلي - بدعوة حكومتي الأردن ومصر للمشاركة في المزيد من ترتيبات الارتباط والتعاون بين حكومة إسرائيل والممثلين الفلسطينيين من جهة، وحكومتي الأردن ومصر من جهة أخرى للنهوض بالتعاون بينهم. وستتضمن هذه الترتيبات إنشاء لجنة مستمرة ستقرر نماذج قبول دخول لأشخاص مرحلين من الضفة الغربية وقطاع غزة في 1967، مع الإجراءات الضرورية لمنع الفوضى والإخلال بالنظام...". وكما ذكر كثير من المحللين الفلسطينيين منهم أحمد صدقي الدجاني" أن هذه الشروط تضع الإسرائيليين والفلسطينيين في جهة واحدة معا والأردن ومصر من جهة أخرى في عملية التباحث. وهذا الأمر يجعل الفلسطينيين مع الإسرائيليين في مواجهة دولتين عربيتين. وهو يتحدث عن نماذج قبول دخول أشخاص، وليس النازحين كلهم كما يصفهم بالمرحليين. وأخيرا نجد النص يقيد ذلك كله بإجراءات ضرورية لمنع الفوضى والإخلال بالنظام وعليه فقد جاء الاجتماع الأول للجنة مصدقا لهذا التوقع. فبعد أن طرح وزير خارجية الأردن اقتراحا بعودة النازحين وفقا لمعايير تضمن عودة الجميع، وأكد وزير خارجية مصر أن حق العودة ليس مسألة مطروحة للتفاوض بل هو ثابت وأصيل، وطالب بإجراءات عملية سريعة جاء رد وزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز عارضا وجهة النظر الإسرائيلية داعيا إلى الواقعية (كذا؟؟) وإيجاد حلول قابلة للتنفيذ (كذا؟؟) ومعتبرا مشكلة النازحين مشكلة إنسانية تتحمل مسؤولياتها الدول المعنية مع إسرائيل. وأبرزت نقطة "من دون الإخلال بالأمن والنظام" الواردة في النص وأوضح أن إسرائيل لا تعترف بالعدد الذي أورده الجانب العربي (أكثر من 850 ألف نازح)، واقترح دعوة هيئة دولية لإحصائهم ووضع برنامج لعودتهم بمعدل بين 4 إلى 5 آلاف سنويا مع تحديد من يريد البقاء حيث هو" .

حدث أيضا في هذه الأثناء مما يتعلق بقضية فلسطينيي الخارج أن تم توقيع المعاهدة الأردنية الإسرائيلية في وادي عربة في تشربن أول - أكتوبر عام 1994، متضمنة المادة الثامنة التي اعتبرت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين (مشكلة إنسانية ومصدرا للمعاناة الإنسانية). وجاء فيها (ويسعى الطرفان إلى التخفيف من حدة المشاكل الناجمة عنها على الصعيد الثنائي، وإلى تسويتها في المحافل والمنابر المناسبة، وضمن إطار اللجنة الرباعية المشتركة). وقد جاء في الفقرة 8/2/ب النص على (أن يعمل الجانبان على توطينهم). الأمر الذي أعتبر المراقبون (أول نص صريح يدعو بشكل واضح إلى توطين اللاجئين خارج أرضهم)، كما يقول تيسير عمرو في دراسته عن مشكلة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين مشيرا إلى ما كتبه محمد صقر وآخرون عن هذه المعاهدة.

لقد شهدت التسعينيات صدور تصريحات عدة لمسؤولين فلسطينيين فقد أورد بلال الحسن نموذجا منها في دراسته، حملت فيما هو غريب مثل تفسير قرار 194 الخاص بالعودة بأنه (يقول باختصار التعويض على من لا يرغب في العودة. ونحن متمسكون بهذا القرار. ولذلك نطرحه في اللجان المتعددة. وعندما طرحناه في أوتاوا في كندا وجدنا للمرة الأولى تأييدا له (؟؟) فقد وافقت عليه الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من دول العالم ويتابع بلال الحسن القول "وسئل أبو مازن عن التوطين فرد بجواب غريب آخر يقول "لماذا التوطين؟ لا ضرورة للتوطين في حال عدم العودة، لأن أي فلسطيني سيبقى في إحدى الدول العربية سيكون ضمن أقلية فلسطينية. ولكن حقه يبقى دائما، وهو مرتبط بالدولة الفلسطينية". (مقابلة مع جريدة الحياة في 21/10/93). وتضمنت تصريحات أخرى لبعض المشاركين في التفاوض والمروجين للاتفاق حديثا عن عودة ثمانمائة وخمسين ألف نازح بسبب حرب 1967 في القريب العاجل. وقد ووجهت باستخفاف إسرائيلي. وترقب كثيرون من هؤلاء ما سيحدث على أرض الواقع، مع شعور قوي بازدياد الأخطار المحدقة بفلسطيني الخارج بفعل هذا الاتفاق الأول ، وهناك مشروعات كثيرة طرحت لحل مشكلة اللاجئين من خلال كونفدرالية سياسية ثنائية بين الفلسطينية والأردنية وبذلك يسري مشروع توطين كل اللاجئين في الأردن ، ثم كونفدرالية ثلاثية اقتصادية بين فلسطين والأردن والكيان الصهيوني وهو مشروع شمعون بيرس .

وهناك اقتراحات غير رسمية لكنها قريب من القيادة المتمكنة في منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني ومنها اقتراح رشيد الخالدي القائل بأن تعترف الدولة الصهيونية بالمسؤولية الأدبية ، ثم يعطى كل فلسطيني 20 ألف دولاراً ... و مشروع "سري نسيبه" و "مارك هيلر"، الذي يسمح بعودة مليون فلسطيني إلى الأرض الفلسطينية ، وتوطين الباقي حيث هم ، وعودة 100 ألف إلى الأرض المحتلة عام 1948 ، ثم أخيرا دعوته بعدم عودة اللاجئين مقابل إعلان الدولة الفلسطينية ، وكذلك مشروعات التوطين الأمريكية والإسرائيلية للفلسطينيين خارج الوطن التاريخي والسياسي ومنها مشروع توطين الفلسطينيين في العراق والذي رغم قدمه بات ملوحة في الأفق خاصة بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003 ، وبات التخوف الفلسطيني من تلك المشروعات له دعائمه بعد القمة الثلاثية في العقبة رغم عدم الإعلان الصريح عن التنازل عن حق العودة مقابل إعلان الدولة الفلسطينية .

إما بخصوص المبعدين فقد جاءت " اتفاقية غزة - أريحا" في 4/5/1994 في القاهرة، تفيد "أن لجنة مستديمة إسرائيلية فلسطينية مشتركة تقرر بالاتفاق إجراءات السماح بدخول الأشخاص المبعدين من الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1976 ومعها الإجراءات اللازمة لمنع الاضطراب والإخلال بالنظام". وذلك في الفقرة 2 من المادة 16، وتلا إبرام هذه الاتفاقية فورا دخول قيادات أمنية فلسطينية لمنطقتي غزة وأريحا ثم جاء دخول رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية مع عدد من القيادات في مطلع شهر تموز- يوليو 1994، وفتح تشكيل الشرطة الباب أمام دخول آلاف من فلسطينيي الخارج العاملين في مؤسسات المنظمة وجيش التحرير الفلسطيني بخاصة، لكي يكونوا ضمن قوة الشرطة الفلسطينية. كما فتح تشكيل السلطة الفلسطينية للحكم الذاتي الباب أمام دخول الأعضاء من المؤسسات العليا في المنظمة حتى عام 1996. وهكذا تحقق دخول بضعة آلاف من العاملين في المنظمة ومعهم أسرهم. وحصل غالبيتهم على هوية من السلطة الفلسطينية بعد موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هي من أكثر المشكلات تعقيدا في الملف الفلسطيني وان حل دولتين لشعبين حتى وان كان انسحاب إسرائيل لحدود الرابع من حزيران / يوليو 1967 لا يفي بالحقوق الفلسطينية الأساسية ، كما أن حل قضية اللاجئين لا تستطيع أن تطالب به بشكل فعال لا الدولة الفلسطينية المستقلة في حالت قيامها ولا السلطة الفلسطينية حيث أن موازين القوي لا ولن تسمح للسلطة الفلسطينية بتطبيقه ، ولن تستطيع فرض عودتهم إلي الوطن السياسي أي أراضي الدولة الفلسطينية الناتجة عن خارطة الطريق إلا تحت الحل الإنساني لبعض الآلاف من الفلسطيني تحت بندي " لم شمل العائلات " و " وما تقتضيه الدواعي الأمنية الإسرائيلية " وفي حال تمت إزاحة مستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة سواء كانت قانونية أو غير قانونية ، سيكون علي حساب فلسطيني ال1948 عن طريق تخصيص أراضي بديلة للمستوطنين داخل الخط الأخضر أي مرة أخري علي حساب احتياطي الأراضي الخاضع للدولة العبرية ولدائرة أراضي إسرائيل أي بالأساس علي أراضى الفلسطينيين في ال1948 أملاك اللاجئين في الداخل الاسرائيلي وفي الخارج بالإضافة للأراضي التي صودرت بعد 1948 والمخطط لمصادرتها من الفلسطينيين الذين ظلوا في أراضيهم1948 ، وعليه سيتم للمرة الثانية علي التوالي إسقاط فلسطينيو عام 1948 والذين يشكلون أغلبية لاجئة للفلسطيني الداخل من حسابات التسوية الفلسطينية للصراع الفلسطيني / الاسرائيلي ، وكثمن أخرى لقيام الدولة الفلسطينية مقابل إهدار حقوقهم السياسية من جهة ، ووضعهم تحت رحى الإجراءات التعسفية الاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها الدولة الإسرائيلية " الديمقراطية " عليهم والتي زادت حدتها بعد انتفاضة الأقصى الحاسمة في الهوية الفلسطينية داخل أراضي الدولة الإسرائيلية في مواجهة عنصرية هذه الدولة تجاه حقوق المواطنة باعتبارهم مواطنين يحملون الجنسية الإسرائيلية ، ومن جهة أخري لاعتبارات الثوابت في حقوقهم الوطنية الفلسطينية المشروعة ، لم يكن انتفاضة الفلسطينيين في داخل الدولة الإسرائيلية للتضامن أو المشاركة مع إخوانهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ولكنها كانت انتفاضة في إطار الدفاع عن حقوقهم الثابتة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و ما كان صمودهم في مواجهة الإجراءات القمعية والتصدي لمحاولة الترحيل والإبعاد ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم ألا علي أرضية نضالهم المستمر ضد دولة الاحتلال الإسرائيلية وضد نسيانهم المتعمد من قبل القيادة الفلسطينية المتمكنة ورفضهم الصريح للتعامل مع حقوقهم الثابتة ضمن قرارات الشرعية الدولية التي تمنحهم حق العودة والتعويض كثمن مقابل الدولة الفلسطينية ضبابية المعالم والحقوق .

 



#بيسان_عدوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الهوية الفلسطينية بين المركز والأطراف - مقدمة لدراسة ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بيسان عدوان - خارطة الطريق المتاهة القادمة للفلسطينيين