أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف جنابي - أنثروبولوجيا العائلة














المزيد.....

أنثروبولوجيا العائلة


هاتف جنابي

الحوار المتمدن-العدد: 1729 - 2006 / 11 / 9 - 11:34
المحور: الادب والفن
    


من تاريخ العائلة

في الخريف الوفير بوحشته
الطيور تلوبُ فوق رؤوس الملأ
في الطريق إلى الجلجلة
تنقر الزفرات ِ لآهاتها الصاعدة
فوق جنح الطبيعة،
في البحث عمّا يُعيل غريزتها
غير أن النسور تحلق أعلى مهللة في ضباب الرؤى
باتقاد البصر.
يا إله السديم وتهليلة الفاتحة،
شُدّ جنحي بمنطق طير يؤوب إلى عشّه،
قالت الفاختة.
في فمي نغم لا سبيل إليه سوى العاصفة،
قالها جائع.

للمجاعة إيقاعُها
مثلما للوليمة حرّاسها.

* * *
حجارتي تسّاقط من فمي
وكلبي يُجرجر أذيالي.

كانت الجنادبُ وأفراسُ الحقل
تتقافز من حولنا/أسوة بغبار السنين/
كما لو أنها انتصرت في معركة الوجود.
وأعراف القمح والشعير تغري بزَهوها
وسكان القرى المجاورة/ رغم الأوبئة الماكرة/
منهمكين في ثيابهم البيضاء والمزركشة- كانوا بحيواناتهم
وروثهم وتفاصيل قوتهم، ببخورهم وحكاياتهم ونيران أعيادهم
وما يطلقون من عيارات بتلك المناسبة،
يرسمون خطا من الضوء في سِفر الظلام.

كانت رائحة الزرع تفوح في الطرقات
والفروجُ الحليقة مُستنفرة
حتى أن هالة ضوئية طافت على الحقول والبيوت
أشيع أنها رسالة من الإلهِ بفأل ٍ حَسَنْ.

لم يكن أحدٌ يقرأ صفحة الغيب التالية
وما سَطرَه الحريقُ والسّحابُ والمطر
والفأس والغابة والحطاب
ولا ما جاءت به البروقُ والرعود
أو سَنهُ العرّافُ والمفتي،
والمنوّمُ المغناطيسيّ
وقاريءُ الكفّ،
وحُرّاسُ الأبد.

كانت الحيوانات كلها ترعى
لا أحدٌ كان يطلب منها
قراءة الطالع والرؤيا
أو التبصّرَ في الآخرة.

* * *
هناك في البعيد

ما أقوم به ليس سوى
انعكاس الإمام عليّ والحسين
وموسى وعيسى
في طقوس الكلام وأخيلة الخطباء،
ولسع الحديد يهز الظهورَ،
وذاك المتصابي يدسّ يديه بخُرم العباءة منبهرا
يتلمس أعضاءه النهمات ِ بإيقاع طبل غائر في الفضاء.
* * *
كان جدي الأخير يشد حزامَ مسدسه بازدهاء
وخنجره لامعٌ - هكذا ذكروا-
رافعا فوق منكبه راية، صُرّة من دراهم قانية
ورصاصا لغدر الزمان، وكان يسير وراء ظلال النخيل
مسافة يومين، بلا سامر أو دليل، إلى أنْ دنا الموتُ من خلفه
قاب قوسين ِ صاح اشربوا من دمي الرعويّ،
بُدَاةَ المراعي وآلهة العدم ِ.
الرصاصة عن خصمه لم تحدْ
مثلما لم يحدْ عنهُ خنجرُ منتقم،
لا يراه سوى الموت مندفعا،
باتجاه الجسدْ.

شيّعته الطناطلُ والجنّ، قالوا
ولا أحدٌ يعرف اليومَ مرقده.
لا أبي قد رأى وجهه،
لا رعاة القبور ولا (سَرْبَروس).
هكذا،
فصّلته الحياةُ لتسديد فواتيرها
دفعة واحدة.
* * *
هناك في البعيد

يصبح المشهدُ طقسا قانيا
في أرخبيل الذاكرة
لحاضر يضيعُ في مزابل الذكرى،
وموت ٍ مؤجل للعدو والصديق
حيث الرافدان
يلحسان ما تبقى من لعاب النهر
وأسماكه النافقة.
* * *
هناك في البعيد

أرى أنوثة أختي تضيع في غياهب الحريم.
وترنيمة أمي النازفة
في مذبح الحروب.
أرى أبي غارقا:
في رّمال العاصفة/ حيث الضفادع والطيور/
تحرسها الثعابين الناطقة/،
في هدير الرصاص مُغيّبا
في جسد البريء أخي،
مجندلا فوق الرّصيف.
وصوت جدتي الرهيف مثقلا بحكمته
كما لو كان صنوا لسِفر الجامعة
- صوت جدتيَ الثانية .

وأجنحة الحَمام العاطلة
في متحف المزارات والمنائر،
في دعاء الزائرين مرتطما بالعراء.
أرى على الشاطيء المائل نحو الزوال
كوخا يتداعى، إنها عمّتي تموت عانسة
أمّها- يعني جدتي الأولى- تبَخرَتْ
قيل: لم تمتْ
بل حلّقتْ في السماء
ثم صارت مبخرة.

الغبار يلعق ذكرَها
والرياح تكنس الأثر.

أرى سِفرَ عائلة الرّماد
إبرة
في عباءة الماضي
وخيطا
بترتيلة الآخرة.
* * *
هناك،
في فسلجة الطبيعة
النهرُ ليس نهري
أعَلى النهر أن يكون مِلكي،
والخضرة مِلكي؟
والهواءُ ملكي؟
أنا المالكُ الأحد؟
أعلى الرّمل أن يكون قريني؟
والصدى الآتي من الغابة
أهْو صوتُ حنجرتي،
وامتداد الرقبة؟
* * *
الضفة تنعى الضفة
والنهر يقضمها بتسطيح أعماقه.
كان الله يجفف دموعنا بزفيره.
* * *
أأنا الذي يُلقي بشموعه
إلى النهر مستبشرا عودة الغائب؟
لا،
ليس بوسعي هزيمة النهاية
مثلما لم يكن بوسعي هندسة البداية
ليس بوسعي هزيمة الرّمل والصحراء
ليس بوسعي هزيمة الدود في المقبرة
ليس بوسعي تحلية البحر بهذه العُجالة
ولا إزاحة القمر
أو زحزحة الفضاء
ولا استنطاق بابل-
أنا ابن عشتارها وتموّزها
مثلما ليس بوسعي
هزيمة الذاكرة.
* * *
كنا جميعا ننصب الفخاخَ
للحيوان والطيور،
ننصبُ الفخاخ للحياة.

وارسو في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2006
* سربروس –حارس مملكة الموت
في الميثولوجيا الإغريقية.
- فصل من قصيدة طويلة.



#هاتف_جنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسئلة وحواشيها
- أحلام وأباطيل أخرى
- العملية الإبداعية بين استبداد العقل وازدواجية المثقف العربي2
- فضاءات-وصايا- انبعاث
- ملاحظات أولية في المعرفة والعلم والعمل
- قصيدة البياض في طور النقاهة
- العملية الإبداعية بين استبداد العقل وازدواجية المثقف العربي
- أبقار إسرائيلية في لبنان
- هل إسرائيل بحاجة إلى -حماس- و-حزب الله-؟


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف جنابي - أنثروبولوجيا العائلة