أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - هل يتغّير العالم نحو الأفضل !؟؟














المزيد.....

هل يتغّير العالم نحو الأفضل !؟؟


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما سيتساءل المؤرخ في المستقبل عن أسرار تغيّر العالم بين القرنين العشرين والواحد والعشرين عندما يكتشف حجم الزمن الضيق الذي دخل العالم إليه .. وكم أصبحت ظواهر التاريخ مجردة من عظمتها الكلية وهي تجلس على تخوم التفكير الجزئي ! وكم ترّدت أفكار الجيل الجديد بتأثير الثورة العولمية والرقمية ومات التأمل والتفكير الحر .. ولم يعد الإنسان يمتلك وقتا لتبادل الأشعار ولا الرومانسيات ولا التحليق في تأملات الحياة والطبيعة والكون ! كم حدثت هناك من تبدلات على مستوى النزعة الفردية وكم أصبحت " الديمقراطية" مستهلكة في المصطلح والمعنى معا ؟ كم تدمّرت القيم الاجتماعية وأصبحت الشمولية تأكل المجتمعات وتسحق المشاعر وتنحر التأصيل ! كم غدت السرعة والتقليد والهذيان عناوين لكل الأشياء .. كم غدت الثروات والكارتلات مشاعة لدى الطفيليين والبدائيين في عالم متوحّش وبإحجام غير متخّيلة أبدا ؟ كم ازداد العنف كثيرا عما كان عليه ليعّم الارهاب العالم كله ؟ وكم زحفت الرذائل لتتغلغل في اعماق النفوس ودواخل البنى الاجتماعية ؟ كم فسدت العلاقات الإنسانية اثر انحسار الضمير والجشع وتفاقم المصالح وشبكاتها المخيفة ؟ وهذا التضخم السكاني الهائل لم يقابله تطور في العقل والثقافة ؟ مع أزمات الغذاء والماء والطاقة في هذا العالم ؟
استطيع القول إن غياب الانعكاس الثنائي في التاريخ بعد انهيار توازن العالم قد اخضع الدنيا كلها إلى هياج التناقضات وممارسة أسوأ أساليب الحكم وكوابح في تربية الاجيال .. كلها قادتنا إلى التهلكة ، فاغتيلت المجتمعات في حروب قاتلة وعمليات مدمرة وتجارب فاشلة وتفجيرات مروعة .. بل وتبلور صراع في الثقافات تترجمه صدامات جديدة تنال من الحياة حتى في قلب أوروبا وأمريكا .. وبقدر ما نعيش من إخفاقات مريرة في هذا العالم ، فان الواقع يترجم نفسه عن سذاجة دول كبيرة في التعامل مع دول صغيرة ، وعن انقسام العالم بين جياع في الجنوب ومترفين في الشمال .. عن غيبوبة الفكر والفلسفة العميقة إلى حد كبير حتى في أوروبا الغربية .. وحتى إن وجد فلاسفة كبار اليوم ، فلا يمكنهم أن يقفوا مع صوت الشعوب المقهورة كما وقف من سبقهم في القرن العشرين .. وعندما افتتح الرئيس الأمريكي الشهير ولسن مطلع القرن العشرين بجملة مبادئ سلم ، فان الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش قد افتتح عهده في القرن الواحد والعشرين بمبادئ حرب ، وإذا كان الأول قد نجح في كسب ود العالم كله إليه ، فلقد فشل الثاني في كسب ود حتى أبناء بلاده !
إن استمرار انقسام الدنيا بين عالمين غير متكافئين ، أي بين شمال وجنوب ، سيخلق جملة هائلة من المتاعب ! انني ارى بأن كلا من العالمين قد اصبح في حالة صراع وتصادم بين مصالح ومنافع واطماع .. وهذا أمر لا يستخف به أبدا خصوصا إذا علمنا بأن متطلبات الشعوب تزداد يوما بعد آخر ، وان فرص تنظيم الحياة الاجتماعية باسم بعض المبادئ السياسية إنما تشكّل نوعا من المرجعية المعيارية التي لا تتوافق حتما مع أساليب العولمة ونظمها الصعبة وان تعدد الأنماط لحياة مشتركة قد لا تتوافق عليها شرائح المجتمع الواحد ، فكيف نضمن ممارسات سيادية وميدانية فاعلة في إدارة شؤون الحياة الاجتماعية عبر علاقات سلطة وسلطة موازية .. والأمر لا ينحسر بمجتمعات عالم الجنوب ، بقدر ما تتفاقم مخاطره أيضا في عالم الشمال الذي بدأت فيه جملة مشاكل للجاليات أو مشاكل البطالة أو مشاكل الطبيعة والصحة ..
لقد سيطر كل من الخطابين السياسي والإعلامي على أنفاس الحياة اليوم في العالم كله ، فلم يعد احد يلتفت إلى المثقفين ولا إلى الفلاسفة ولا إلى الأكاديميين ولا حتى النخب الفكرية أو الفئات النقابية .. بل ولم تعد مشكلات العالم ( وخصوصا عالم الجنوب ) تثير هلع واهتمام المفكرين العالميين الكبار أو الصغار كما كان يجري في القرن العشرين واهتمامهم بمشكلات العالم الثالث ـ كما كانوا يسمونه ـ ! إن الحياة تتيبّس يوما بعد آخر بفعل تبلور التكتلات العالمية التي تهمها كيف تكاثر الثروات وكيف تغدو برمائيات بين بر الشمال وماء الجنوب لتستحوذ حتى على ما يستحصله الباعة المتجولون في عرباتهم التي تزدحم بها شوارع المدن التعيسة !
إن العالم بالرغم من إيمانه بالديمقراطية كأسلوب حياة وتعامل وتربية وأصول ، فان تجاربها السياسية تكاد تكون فاشلة في أجزاء متنوعة من عالم الجنوب ، ليس لما تحمله من مبادئ ولكن لسوء الخطاب الذي يسوقّها سريعا في مجتمعاتنا أولا ، ولسوء أساليب استلابها وتطبيقاتها بشروط طائفية أو عرقية أو مذهبية أو عشائرية أو طفيلية بدائية ثانيا.. مما افقد الناس الثقة بها خصوصا وأنهم لم يتربوا على أية مبادئ ديمقراطية كالذي عاشته الشعوب الأخرى منذ قرنين .
إن من أولوياتنا أن نقّرب حجم الهوة بين عالمي الشمال والجنوب ، إذ لا يمكن ان يبقى عالم الجنوب يستهلك المصنوعات ويحرق الزمن ويتنكر للواقع ويهمش الأذكياء ويتلذذ بالماضي ويعشق الذات ويمقت القراءة ويكره الموضوع ويهجر الأوطان ويعبد الانوية ويتلبسه اللاوعي وتفزعه النقدات وتفككه الانقسامات وتشرذمه الطوائف وتستبيحه التناقضات .. وبنفس الوقت على عالم الشمال أن يراعي الحقوق ويساعد الآخر ويتفهم المآسي ويسمح بالانسجام ويكف عن التعبئة والاعلام المضاد ويتوقف عن الغطرسة ويتخّلص من المافيات ويكبت الشرور وينفي الكراهية ويثق بالعالم ويتقاسم المصالح ويراعي فقراء العالم ويبعث الشراكة ويتوقف عن الانتقام ويحترم المشاعر .. إن العالم لا يسير في تغييره نحو الأفضل إلا بعد توظيف خطاب العقل والكف عن غوغائية الضياع .. فهل سترضي كلماتي هذا العالم ؟ انه يزداد ضراوة من اجل مستقبل مجهول سيعج بالانهيارات الخطيرة.



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضائيات عدم الاحتراف !!
- الفيدرالية العراقية: سكّة سلامة أم عربة ندامة !
- العراقيون يتساقطون مثل أوراق الشجر !!
- متى يتوّحد العراقيون على مشروع محّبة !؟
- صورة ( وطن عربي ) يتبعثر !!
- حيوية مجتمعاتنا بين انشداد الزمن وكسل التاريخ !
- الشرق الأوسط وهواجس التفكك الداخلي !!
- العراق والتقاسيم : عشّاق وملالي ومجانين !!
- هل ينزلق العراق نحو حرب أهلية ؟؟
- َعلَم العراق : هيبة وطنية أم خرقة سياسية ؟؟
- بلاد الأساطير تنحرها البشاعات !!
- نهاية العراق من دون شهادة وفاة !! كتاب يطالب بشهادات ميلاد ل ...
- حرب بلا نهاية: العراق ليس يوغسلافيا جديدة !!
- رحيل جرجيس فتح الله المحامي.. مثقف موصلي وسياسي عراقي متنوع ...
- روائيون خياليون يرسمون مصير الشرق الأوسط !!
- دعوا لبنان يعيش
- لبنان: حرب نظام أم كسر عظام ؟؟
- الأقليات الدينية في العراق .. لماذا تضطهد ؟؟
- اصلاحات جذرية يحتاجها العراق !!
- صاحبة الجلالة أقوى من قبة البرلمان !!


المزيد.....




- لماذا أصبح وصول المساعدات إلى شمال غزة صعباً؟
- بولندا تعلن بدء عملية تستهدف شبكة تجسس روسية
- مقتل -36 عسكريا سوريا- بغارة جوية إسرائيلية في حلب
- لليوم الثاني على التوالي... الجيش الأميركي يدمر مسيرات حوثية ...
- أميركا تمنح ولاية ماريلاند 60 مليون دولار لإعادة بناء جسر با ...
- ?? مباشر: رئيس الأركان الأمريكي يؤكد أن إسرائيل لم تحصل على ...
- فيتو روسي يوقف مراقبة عقوبات كوريا الشمالية ويغضب جارتها الج ...
- بينهم عناصر من حزب الله.. المرصد: عشرات القتلى بـ -غارة إسرا ...
- الرئيس الفرنسي يطالب مجموعة العشرين بالتوافق قبل دعوة بوتين ...
- سوريا: مقتل مدنيين وعسكريين في غارات إسرائيلية على حلب


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - هل يتغّير العالم نحو الأفضل !؟؟