أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أمل زاهد - وارث الريح














المزيد.....

وارث الريح


أمل زاهد

الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:18
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لم أملك وأنا اقرأ مسرحية (وارث الريح) لجيروم لورنس وروبرت لي ، والتي نقلها إلى العربية الأستاذ حمد العيسى بلغة سلسلة وتدفق عذب إلا أن استحضر كل اولئك الذين اضطهدوا وعُذبوا وحُكموا ونُفوا وحرّقت كتبهم وصودرت أفكارهم وألجمت أصواتهم وكممت أفواههم عن التعبير ، فمثلوا أمامي وهم يحملون افكارهم و ارواحهم فوق أكفهم يتطلعون إلى الحرية ويجأرون بالرغبة في اطلاق سراح أفكار كل خطيئتها تكمن في اختلافها عن المألوف وعما اعتاد الناس أن يسمعوه ويقرأوه ويسلموا تسليما قاطعا بصحته، أوفي رفضها للتطويع والاندماج تحت لواء السلطة سواء كانت دينية أوسياسية ، والتي تريد اخضاع العارف والسيطرة عليه حتى تتمكن بواسطته وتحت قيادته من السيطرة على العامة وتدجينهم والهيمنة عليهم . قدموا أمامي وهم يدافعون عن حقهم في التفكيروالتحليق في سماءالاختلاف وفي إثارة الأسئلة وفي رؤية وقراءة الواقع بمنظور وفهم جديدين لا يرومان إلا مصلحة ومنفعة الإنسان الذي سخرالله سبحانه وتعالى هذا الكون له وكلفه بأن يكون خليفته على الأرض ، فالفكرة هي التي تخدم الإنسان وتسعى لتحقيق منفعته ولا يمكن أن يصيرالانسان خادما لها وعبدا خاضعا في مملكتها .
فالمسرحية تتحدث عن محاكمة (سكوبس) وهو مدرس علم احياء في الرابعة والعشرين من عمره قام بتدريس طلبته في مدينة صغيرة بأمريكا نظرية دارون مع أن المجلس التشريعي في ولاية (تنسي) كان قد اصدر قانونا يمنع تدريس نظرية التطور والارتقاء لتشارلز دارون في المدارس الحكومية في مارس عام 1925م ، مما حدا بالمدعي العام لرفع قضية ضد المعلم لخرقه ذلك القانون في شهر مايو من نفس العام . وقد اكتسبت تلك القضية شهرتها كونها رمزا للصراع بين المحافظين والليبراليين ، بين الاصرار على تكبيل العقل والحجرعلى حريته في التفكير وبين الرغبة في الانطلاق في آفاق رحبة تقودها الرغبة في امتطاء أجنحة المعرفة والبحث والتجربة واحتمالية الخطأ والصواب التي تستلقي دائما بين ثنايا النظريات العلمية فتدحض النظريات نفسها عندما يُكشف النقاب عما يثبت خطأها. فجوهر هذه القضية كما يقول المترجم ليس حول صحة نظرية داروين أو خطأها وبالتالي تعارض العلم مع الدين ، كما يتبادر لذهن بعض القراء ، ولكنه الحق في حرية التفكير . تلك الحرية التي تحرك دوما الأفكار الراكدة في تلافيف العقول وتدفع بالإبداع قدما وبالعقول مسافات شاسعة إلى الأمام كي تسبر أغوار الكون وتقدم كل ما ينفع الإنسان .
وعندما تقرأ مسرحية وارث الريح لا بد أن تتمثل لك في مدينة ( هيلزبورو ) الأمريكية الصغيرة ، ملامح وقسمات أي مدينة في انحاء العالم تعاني من ورم الأحادية ومن داء التعصب واقصاء أي صوت ينطق بما يختلف عن السائد ، ولابد أن تشاهد في شخوصها ملامح شخصيات تقابلها في حياتك اليومية ، تسارع إلى إطلاق الأحكام الجاهزة دون أن تكلف نفسها معرفة حقيقة ما تصدر عليه حكمها . فحين سئل الطلبة الذين تظاهروا في القاهرة من عدة سنوات عن رواية ( وليمة لأعشاب البحر ) على سبيل المثال ، صرح كثير منهم أنهم لم يقرأوا الرواية ولم يعرفوا ماجاء فيها وأنهم بنوا رأيهم على أحكام مسبقة قيلت لهم وقاموا بناء عليها بالتظاهر، وقس على ذلك كثير من الأحكام التي يصدرها الناس وهم بحيثياتها وتشعباتها جاهلين . فالتعصب وأحادية الرؤية لهما ملامح وسمات محددة يشترك فيها كل المعتصبين مهما تباينت عقيدتهم ومهما اختلفت مشاربهم الفكرية . ومن خلال المسرحية تستطيع أيضا أن ترى كيف يتم استخدام الدين لاغراض سياسية ولمقاصد ايدلوجية ، فقد قام المحامي والسياسي المحافظ ( ويليام جينجيزبريان ) بالتطوع لقيادة فريق الادعاء ، وكان يعد في ذلك الوقت أعظم خطيب سياسي في أمريكا ، وقد رشحه الحزب الديموقراطي ثلاث مرات للرئاسة الأمريكية ولكنه لم يوفق ، فتولى القضية حتى يجد منبرا يستغله لمطامحه السياسية ، ويتمكن من خلاله تأجيج العاطفة الدينية والمزايدة عليها حتى يتم له الاستحواذ على لب الناس والسيطرة على مشاعرهم .
واليوم ومع عودة الأصولية ومدها الكاسح الذي يجتاح العالم بأسره في وقتنا الحالي ، يعود الصراع في أمريكا حول نظرية دارون إلى سابق اشتعاله فقد صرح( فيليب بيتز) عميد جامعة (ستانفورد) أن هناك قوى تعادي العلم وذلك في خطاب بثه على موقع الجامعة على الانترنت "من اهم هذه القوى المد المتصاعد للمشاعر المعادية للعلم والذي يبدو انه يتركز في واشنطن ولكنه يمتد لجميع انحاء الامة ، ويقول (رولنجز) رئيس جامعة (كورنل ): ان الجدل يؤدي لاتساع هوة الخلافات السياسية والاجتماعية والدينية والفلسفية في المجتمع الاميركي واضاف "حين يحل الانقسام الايديولوجي محل تبادل المعلومات الموثقة تكون النتيجة افكارا جامدة ويتأثر التعليم. فدون شك ليس هناك عدوا للتعليم بضرواة وشراسة جمود الأفكار وتحجر الرؤى وبقاءها تراوح مكانها في عالم يهتز ويصطخب بجدة الأفكار وعنفوانها .
يأتي اسم وارث الريح كرمز للعبث الكامن تحت لواء أي خصومة لا تقود إلا إلى هلاك أحد أطرافها ، فوارث الريح لا يحصد إلا زوابعها ودوامتها التي تهلك كل شيء ولا تخلف بعدها إلا الدمار والهلاك . وهي مأخوذة من عبارة يقولها المدعي العام على مسامع قس المدينة وأهلها عندما يلمس أنه يذهب بعيدا في حقده على المعلم طالبا من أهل المدينة أن يلعونه وأن يسألوا الله أن يسومه سوء العذاب، فيخبره ان اخلاصه قد يكون فوق المطلوب وقد يحطم كل شيء يريد إنقاذه ويذكره بحكمة سليمان المذكورة في سفرالأمثال والقائلة ( من يكدر حياة أهل بيته يرث الريح ) . فلابد أن يخرج من تحت أعطاف أية خصومة وريث للريح تصفر في جنبات بيته بهديرها وزوابعها ولا تخلف فيه إلا خرابها ، وحينها يستوي النصر والهزيمة والمهزوم والمنتصر ولا يبقى إلا صوت الريح !!



#أمل_زاهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة فعل تمرد
- وجها لوجه أمام ظاهرة التحرش الجنسي
- هموم وشجون رمضانية
- تلك العتمة الباهرة
- فليحيا الوطن .. فليسقط الاشقاء !!
- مابين طرفي نقيضين !!
- بين الموت والخلود
- الكوني والمرأة .. عدوانية وكره أم عشق وتوق ؟
- هل هو حي يرزق ؟
- ظاهرة العنف الأسري : إلى أين نحن ذاهبون ؟
- الخميائي وبيع الأحلام !!
- عن قضية المرأة أتحدث
- هكذا تكلمت النساء !!
- فتاوى التمييز الجنسي !!
- رجال ونساء وعلاقات غير سوية
- عذرا معشر الليبراليين العرب ..!!
- أنتم ملح الأرض !!
- بيروت عم تبكي !!
- من المسؤول عن تشوية الصورة ؟!!
- وهم الخصوصية !!!


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أمل زاهد - وارث الريح