أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماري تيريز كرياكي - الاستبداد وثقافة القطيع














المزيد.....

الاستبداد وثقافة القطيع


ماري تيريز كرياكي

الحوار المتمدن-العدد: 1723 - 2006 / 11 / 3 - 10:13
المحور: حقوق الانسان
    


تدور بعض مجتمعاتنا في حلقات من القمع والاستبداد لا تنتهي، فالسلطة تقمع الشعب، والشعب يمارسها فيما بينه وفقاً للطبقة والعرق والجنس واللون والعمر، فالأعلى في المراتب الوظيفية يقمع الأقل منه رتبة، والعرق الأبيض يقمع الأسود، والرجال يقمعون النساء، والغالبية الدينية تقمع الأقليات الدينية الأخرى، والمتقدمون في السن يقمعون من هم أصغر سناً، أي بمعنى أبسط السلطة تقمع الشعب، والرجل يقمع المرأة، والمرأة تقمع الأطفال، والأطفال يقمعون الحيوانات وهكذا في دوائر مغلقة.

وقد وصَّف عبد الرحمن الكواكبي استبداد الحكومات في كتابه الشهير "طبائع الاستبداد" قائلاً : "الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء، بلا خشية حساب ولا عقاب، ويقولون إن المستبدين من السياسيين يبنون استبدادهم على أساس من هذا القبيل أيضاً، لأنهم يسترهبون الناس بالتعالي الشخصي والتشامخ الحسي، ويذللونهم بالقهر والقوة وسلب الأموال حتى يجعلونهم خاضعين لهم عاملين لأجلهم، كأنما خلقوا من جملة الأنعام نصيبهم من الحياة ما يقتضيه حفظ النوع فقط ...." .

ويولِّد الاستبداد حالة من القهر المستمر نتجة للقمع الممارس يومياً مما يضطر الإنسان إلى الانضمام أو الالتحاق بأي تكتُّل أو تجمُّع محاولة لإيجاد نوع من الحماية يقابلها تعزيز الانتماء لكتلة ما لها مفاهيمها في التعامل وطرقها في شتى مناحي الحياة مكرساً مفهوم القطيع. ويشارك هذا الإنسان القطيع أساليب عيشه بشكل بدائي، ويعبر عن آراءه بشكل غير عقلاني، ويتبنى أفكار المجموعة التي ينتمي إليها دون التمعن بها أو دراستها. ويبتعد بذلك عن منهج الفردية خوفاً من المواجهة أو من الاصطدام مع مجتمع القطيع.

والمجتمعات غير الديمقراطية هي من أفرز مفهوم القطيع أو ثقافته، على عكس المجتمعات الديمقراطية حيث تبرز الفردية والتي هي نتاج لحقوق الإنسان وأساساً لها. وتستخدم هذه المجتمعات عصا الدين أو عصا الوطنية أو القومية لتأديب القطيع.

وبمرور الزمن تشكل هذه الممارسات في مجتمعاتها حالة من السلبية، وتدفعها لقبول هذا الواقع أي أنها تروضها لتكتفي بالقليل، ولا تثور إلا بعضها على بعض، وتخاف بعضها من بعض في نفس الوقت، وخصوصاً الخوف من أن تُوجَّه لها تهمة الاستجابة إلى بعض حالات التمرد أو حتى التعاطف مع القائمين بها مما يضطر هؤلاء الناس إلى الابتعاد درءاً للتهم التي قد توجه لهم من المشاركة أو التأييد لهذه الحركات.

وكل خروج عن الخطاب السائد في مجتمعات القطيع هو نوع من الهرطقة، لأن هذه المجتمعات تعتبر أن الحقائق حكراً على شريحة أو طبقة معينة، وخروج الفرد عن رأيها يؤدي إلى ولادته من جديد، مما يؤسس لحالة تراكمية من المعايير النوعية قوامها التجربة المدعومة بالقانون وليس الأحاسيس الغريزية. ويعود الخارج عن هذه المجتمعات إلى اعتماد ما قاله ديكارت: "بأنه لن يقبل أي بديهية أو مسلمة إلا بعد التجربة".

ومجتمعنا العربي في النمسا ليس بعيداً عما أوردناه سابقاً، حيث يدور الجميع في دوامة القطيع، وكل من تسول له نفسه بالاستقلال برأيه، أو حتى بطرح رأي مخالف عليه بالتالي تحمل تبعات ما سيجري له. فهو محكوم إما بالكفر والزندقة أو بالعمالة لأحد الجهات الأجنبية، ويبدأ هذا الفرد بالدفاع عن نفسه، وتبدد الطاقات في نقاشات عقيمة تعيق حركته وتدفعه بالتالي إما إلى التقوقع على الذات والانغلاق أو إلى العودة تائباً إلى حظيرة القطيع.

وتزيد الطامة حين تكون المتفردة بالرأي امرأة، وهنا يبحث القيّمون على سير الأمور في الجالية عن نقاط الضعف لديها، وتبدأ كل أنواع الضغوط لتطويعها، والغريب أن تصدر هذه الضغوط عن ما يسمى باليسار السياسي أو اليسار الوسط إضافة لموقف ما يسمى باليمين السياسي، وينطبق القول في وصف حال المرأة العربية في هذه المجتمعات مع: "لا مع جدي بخير ... ولا مع ستي بخير ... واحترنا يا قرعة من وين بدنا نبوسك" .



#ماري_تيريز_كرياكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنطقة الرماديّة
- الضيف الجديد
- الصورة
- نساء لبنانيات
- لماذا لبنان؟
- كلنا في الهم نساء
- عبيد القرن الواحد والعشرين
- الإرهاب الفكري
- نظرة على واقع المرأة العربية المهاجرة في النمسا
- كسر حاجز الصمت


المزيد.....




- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماري تيريز كرياكي - الاستبداد وثقافة القطيع