أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم ابراش - ما هي الثوابت الوطنية ؟ومَن يحددها ؟















المزيد.....

ما هي الثوابت الوطنية ؟ومَن يحددها ؟


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 1721 - 2006 / 11 / 1 - 11:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما هي الثوابت الوطنية ؟ومَن يحددها ؟
-الثوابت الوطنية مدخل للديمقراطية أم نتاج لها ؟-
زمن قد يكون الأسوأ في التاريخ العربي الحديث ،زمن الردة والرداءة ،الردة على قيم وأهداف وطموحات رُبيت عليها أجيال بكاملها وسقط دونها مئات الآلاف من الشهداء ومعتقلي الرأي،ومن اجلها خاضت الأمة معارك متعددة تحت رايات متعددة ...،ورداءة أنظمة ونخب وأنماط تفكير تمسك بتلابيب الواقع العربي الراهن، زمن أختلت فيه المعايير وتسطحت المفاهيم وابتُذلت الشعارات ،فلم يعد المواطن يعرف الفرق بين النصر والهزيمة ،بين المناضل وغير المناضل،بين الثوري والرجعي ،بين أنظمة الثورة وما يفترض أنه نقيضها ،بين الاستقلال والتبعية ،بين الحرية والاستبداد ،بين الديمقراطية والفوضى،بين الدولة والقبيلة ، بين الجهاد والإرهاب ،بين الإسلام كدين تسامح وجماعات دينية تذبح وتقتل أصحاب نفس الديانة،بين الشرعية الدولية وشريعة الغاب ،بين السلام والاستسلام ،بين الحليف والعدو الخ .
في هذا الزمن حيث يعيش المواطن العربي منقسما على ذاته ،مترددا حائرا، ضائعا،لم يعد فيه الوطن بالنسبة له إلا محل إقامة إجبارية، لو فُتحت أمامه أبواب الهجرة ما تردد بالهجرة ،في هذا الزمن تغيرت الأولويات وتداخلت المهام النضالية :الوحدة الوطنية أولا أم الوحدة العربية أم الوحدة الإسلامية؟ النظام السياسي أم الدولة؟التحول الديمقراطي أم مواجهة الاستعمار الجديد والهيمنة؟ رغيف الخبز أم الحرية ؟ فلسطين أولا أم السلطة أولا؟الخ.
في هذا الزمن ،كيف يمكن جمع كلمة الأمة(بالمفهوم الوطني أو القومي أو الإسلامي) حول أهداف أو مصلحة مشتركة ما دامت الأمة منقسمة وغير متفقة على الثوابت والمرجعيات ؟غير متفقة على مفهوم الهوية الوطنية ومفهوم المصلحة الوطنية ومفهوم الدولة ومفهوم الدين ؟والانقسام ليس فقط بين سلطة ومعارضة بل داخل المعارضة انقسامات وعداوات أكثر مما بين أي منها و السلطة،عندما تختلف الأمة على الثوابت والمرجعيات يصبح ُ مِن المباح لكل من هب ودب أن يتحدث باسم الأمة أو الشعب ليمارس ما يريد باسم مصلحة الأمة .
في ظل هكذا أجواء يُفصَل الوطن ويُصاغ حسب مشيئة وإيديولوجية كل حزب أو جماعة أو حتى شخص ،وباسم المصلحة الوطنية الموهومة تخرج مظاهرات و تحدث ثورات وانقلابات ،وباسم المصلحة الوطنية الموهومة يُمارس العنف الدموي تجاه أطراف من الخارج أو من داخل البلد يصنفهم النظام الحاكم كأعداء للوطن وللمصلحة الوطنية،وباسم المصلحة الوطنية الموهومة يُصادر القرار الوطني الحقيقي لمصلحة ارتباط بهذه الجهة أو تلك، سواء كانت إسلامية أو عربية أو أجنبية،وباسم المصلحة الوطنية الموهومة تُبدِد النخبة الحاكمة ثروة الوطن على شراء أسلحة لدعم أجهزتها الأمنية وجيشها لمحاربة مَن تصنفهم أعداء الوطن، فيما هي أسلحة لمحاربة المواطنين ومن يمثل تمثيلا صحيحا المصلحة الوطنية الخ.

عندما تصبح ما كانت تعتبر مسلمات طوال عقود أي الثوابت والمرجعيات :الهوية والوطن والدولة ومفهوم المصلحة الوطنية، محل تساؤل ونقاش، فهذا معناه وجود أزمة عميقة تتعدى كونها أزمة سياسية عادية نتاج للحراك الاجتماعي والسياسي الناتج عن ملامسة رياح الديمقراطية ،و تتعدى كونها أزمة ناتجة عن التحولات في مصادر شرعية النظم السياسية،جمهورية أو ملكية ،عسكرية أو ديمقراطية الخ،بل هي أزمة أعمق من ذلك وجدت مع ولادة الدولة (الوطنية الحديثة) ، دول سايكس- بيكو والدول التي أنتجتها موجة التحرر من الاستعمار .ولأنها أكثر من كونها أزمة سياسية كالتي تشهدها كثير من دول العالم فأنها تأخذ طابعا عنفويا وطائفيا وقبليا وتضع (مؤسسة) الدولة في مهب الريح .

حالة العنف غير المسبوقة وإطلالة الثقافات المضادة ،من قبلية وطائفية، برأسها، وتهديدها لوحدة الشعب والدولة، وضعف الولاء للوطن، والارتباط بمرجعيات خارجية الخ، كلها أمور تتجاوز كونها تعبيرا عن حرية الرأي والتعبير أو حق الاختلاف، لتندرج في سياق آخر وهو أن ما دُرج على تسميتها بالثوابت والمرجعيات الوطنية ليست ثوابت ومرجعيات الأمة بل هي ثوابت ومرجعيات النظام السياسي أو الدولة التي أقحمت على المجتمع وشُكلت دون رضاه ،واستمرت لعقود تُسخَر لمصلحة النظام السياسي التي هي مصلحة النخبة الحاكمة،القبضة الحديدية للنظام السياسي والايدولوجيا المهيمنة والمخدرة ،أخفت لعقود أزمة الدولة العربية القُطرية،ولكن ومع تأزم وتآكل شرعية الأنظمة ،ومع الإفقار المتزايد للجماهير اكتشفت هذه الأخيرة أن ما يسمى بالمصلحة الوطنية ليست مصلحتها وما تسمى بالثوابت والمرجعيات ليس ثوابتها ومرجعياتها ،أو كانت كذلك في البداية قبل مصادرتها ثم تحريفها من قِبل الأنظمة السياسية .
اكتشاف هذا التخارج أو التضاد ما بين الثوابت والمرجعيات الوطنية من جانب وواقع الممارسة السياسية للأنظمة من جانب آخر، تزامن مع رياح الديمقراطية التي مست النظم العربية من ناحية ومع تراجع بريق وإمكانيات التغيير الثوري الانقلابي بعد أن جربت الجماهير هذا النمط من التغيير ولم يؤد إلا لتعميق الأزمة ،وتزامنت أيضا، وهو الأمر الأخطر، مع التوجه الأمريكي المكشوف لإعادة صياغة الخريطة السياسية للشرق الأوسط والمقصود العالم العربي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي.

ولأن انكشاف أزمة الدولة القطرية (الوطنية) ونظامها السياسي المزمن(ما طرا على أنظمة الحكم من متغيرات لم تؤثر على البنية العميقة للدولة فالتغييرات كانت شكلانية فقط) تزامنت مع رياح الديمقراطية والتي هي نخبوية إن لم تكن مستوردة وموجهة من الخارج،فقد انساقت الجماهير وراء دعوات الديمقراطية ،فحدث التداخل والخلط ما بين النضال الديمقراطي الذي له أدواته وثقافته وضوابطه من جانب وإشكالات أزمة الدولة من جانب أخر،قبل إعادة بناء الثوابت والمرجعيات على أسس صحيحة، فركبت الحركات: الانفصالية ،الطائفية ،الدينية ،التكفيرية ومن يشتغل لحساب أجندة أجنبية موجة الديمقراطية، وحدث ما نشاهده اليوم من ضياع وتشتت واختلال البوصلة.

في الوضع الطبيعي فأن الديمقراطية بمستلزماتها وتوابعها :التعددية الحزبية والثقافية ،الانتخابات ،المجتمع المدني ،التداول على السلطة ،المواطنة، الخ ،لا تغير من الثوابت والمرجعيات مع كل جولة انتخابية ،وإلا ما كان للأمة ثوابت ومرجعيات وطنية والتي هي أساس التعامل الدولي وموئل استراتيجيات العمل الوطني وبناء الثقافة الوطنية والناظم لكل عمل وطني على قاعدة مفهوم المواطنة.ولنتصور أنه يعود لكل حزب سياسي أو جماعة صياغة الثوابت والمرجعيات الوطنية حسب عقيدته وأيديولوجيته،فتصبح لدينا ثوابت ومرجعيات دينية وثوابت ومرجعيات ماركسية وثوابت ومرجعيات قومية وثوابت ومرجعيات وطنية وثوابت ومرجعيات طائفية بعدد الطوائف وثوابت ومرجعيات إثنية بعدد الأعراق الموجودة بالدولة الخ ، وبالتالي سيسعى كل حزب فائز بالانتخابات لتطبيق تصوره للمصلحة الوطنية حسب تعريفه للثوابت والمرجعيات ،فكيف سيكون حال الأمة ؟وكيف سيحدث التداول السلمي على السلطة؟ بالتأكيد لن نكون أمام دولة ثابتة ومستقرة بل أمام حالة سياسية متسيبة تمزقها الحروب والصراعات الداخلية ،بمعنى أن الديمقراطية تنتج نقيض فلسفتها ونقيض المتوخى منها.
الخلل بطبيعة الحال ليس بالديمقراطية ولكن بولوج التجربة الديمقراطية قبل وجود توافق وطني حول الثوابت والمرجعيات ،أو بمعنى آخر قبل توطين الإيديولوجيات الحزبية في إطار ثوابت تمثل المشترك الوطني بين هذه الإيديولوجيات ،لو حدث ذلك لكان التنافس الانتخابي ليس بين متناقضات إيديولوجية بل بين برامج سياسية في إطار الكل المشترك.ولأن ذلك لم يحدث فلم يحدث تبعا لذلك أي تداول سلمي حقيقي على السلطة ،وهذا ما شاهدناه في الجزائر وفي فلسطين .أما النماذج الناجحة ولو نسبيا للتداول على السلطة فهي التي تم فيها الاتفاق على الثوابت والمرجعيات مسبقا كما هو الأمر في تركيا وفي لبنان نسبيا حيث تطل ملامح أزمة حول الثوابت والمرجعيات الوطنية مجددا ،وفي المغرب في إطار الديمقراطية الأبوية السائدة فيه.

إن كانت الأمة منقسمة حول الثوابت والمرجعيات ومفهوم المصلحة الوطنية ،وإن كانت آليات العمل الديمقراطي وخصوصا إن كانت موجهة أمريكيا، لا تعطي ضمانة بالتوصل لثوابت ومرجعيات وطنية تعبر عن مصالح الأمة وتطلعاتها ... فالحل في نظرنا هو التوافق والتراضي بين القوى السياسية الرئيسة على هذه الثوابت بما يضمن مبدأ التعددية الثقافية ألا طائفية وألا عرقية التي تحترم التمثيل الصحيح لكل فئات المجتمع على أساس مفهوم المواطنة.ترسيخ مبادئ المواطنة والاعتراف بالآخر والتعددية الثقافية هي مدخل الديمقراطية وليست نتاجا لها ،الديمقراطية لا تصنع الوحدة الوطنية بل هي نتاج لها .



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توطين الإسلام السياسي -من ثنائية الوطني والقومي لثنائية الوط ...
- النقد الذاتي بعد ست سنوات من الانتفاضة
- ترجيديا تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية
- مراهنتان متناقضتان على الانتخابات الفلسطينية
- النظام السياسي الفلسطيني :صعوبة الانتقال وخطورة الانتكاس


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم ابراش - ما هي الثوابت الوطنية ؟ومَن يحددها ؟