أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سيار الجميل - مزامنات - العراق: مشروع قادم - ضرورات مصالحنا تبيح محظورات عواطفنا















المزيد.....

مزامنات - العراق: مشروع قادم - ضرورات مصالحنا تبيح محظورات عواطفنا


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 507 - 2003 / 6 / 3 - 15:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الاولويات
نعم، ثمة اولويات في التفكير لابد من وضعها موضع التنفيذ وخصوصا في هذه الاونة التي يدخل العراق فيها تاريخا جديدا بعد سقوط الجمهورية الاولي وانهيار دولته في القرن العشرين .. ان المحتلين الجدد لا يمكنهم ان يخرجوا ويتركوا العراق بهذا الوضع المزري الذي وجد نفسه عليه اثر اختفاء دولته وتبدد جيشه وانهيار مؤسساته وتبعثر اجهزته .. ان المجتمع العراقي يدرك ادراكا حقيقيا بأن ليست هناك مخاطر واحدة ضدهم، بل هناك مخاطر متنوعة تمتد من سياسات الاحتلال عليه ومن ثمّ وضع العراق في الاقليم، وثالثا احوال الدواخل العراقية الصعبة .. واعتقد اعتقادا راسخا ان العلاقة جدلية وقوية وساخنة جدا بين هذه الاولويات، اذ لا يمكننا ان نفصل احداها عن الاخري، فاذا كان الوجود الامريكي يحتك يوميا بالدواخل العراقية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، فان العراق غدا يمثل فعلا مشكلة اقليمية صعبة وغريبة لكل من يحيط به من الدول، وباستطاعة هذه الدول مع غياب الوجود الامريكي ان تجعل العراق ميدانا دمويا للصراعات المقيتة التي ينتظرها العديد من الناس . اقول : ان من سلّم اولويات العراقيين اليوم، حفاظهم علي مصالحهم الحقيقية والتعامل مع الامريكان بكل ذكاء وحنكة وحكمة، لأن مصير العراق سيرسمه الامريكيون شئنا ام ابينا..

مصالحنا قبل محظوراتنا
ان اوضاع العراق اليوم شبيهة تماما بالاوضاع التي عاشها بعد ثورة 14 تموز (يوليو) 1958 مع فارق بسيط بين حدثين دمويين اعقبهما هيجان اجتماعي داخلي وتحركات محيطية اقليمية، وهذه لا يدركها اولئك الذين لا يفقهون شيئا من تداعيات الاحداث التاريخية ولا اسبابها ولا نتائجها، وكثيرا ما قلنا إن العراق بلد صعب جدا جدا في نظاميه الاجتماعي والسياسي وهو يخرج من سنوات المحنة القاسية الطويلة ويحمل علي كاهله اعباء الماضي العقيم للدواخل المتنوعة ومضاربات الجيرة الصعبة بين الاتراك والايرانيين والعرب وسيطرة الوجود الامريكي الخارجي .. فأين سيلقي مصالحه العليا؟ وهل بامكانه ان لا يلتفت الي من يريد به ان يخرج من معادلته التاريخية خصوصا عندما يشن الاعلام العربي حملات قاسية ويفرض علي العراقيين اجندة سياسية من نوع ما لأهداف معينة تحت عباءة القومية والاسلام ! ان اخوتنا العرب لم يدركوا الي حد الان مشكلات العراق الصعبة، وانا لا اقصد الحمقي والجهلاء والرعاع منهم اذ ان هؤلاء لا قيمة تذكر لهم، بل اقصد نخبة المجتمع العربي التي يمثلها مفكرون وسياسيون ومثقفون ومتخصصون وعلماء دين ..، فلا يمكن قبول ترويج شعارات ومطالبات من العراق وهو يعالج اوضاعه الصعبة التي لم يمر بمثلها شعب من الشعوب، والاخرون ضالعون ومتفانون بل ومجبرون علي تطبيق خطة خارطة الطريق الامريكية! والمضحك ان آخرين من جانبهم يطالبون اشراكهم في الخطة الامريكية وهم ينتقدون العراقيين . ان الاولويات العراقية لا يمكن ادراكها وفهمها الا من قبل اصحابها الحقيقيين الذين ارتضوا مبدأ الشراكة علي اساس عراق يختلف بالكامل عما كان عليه في الماضي القريب . وعليه، فالمطلوب ان تتركوا العراقيين وشأنهم لتحديد رؤي مستقبلهم علي ضوء احتياجاتهم ومصالحهم لا علي اساس شعاراتهم وعواطفهم وهم أقدر علي معرفتها منكم . واتمني ان يسود هذا (المبدأ) في الحياة العربية المعاصرة من اجل تسيير المصالح والشأن العام وترك الناس عواطفهم في بيوتهم وغرف نومهم ! ونحن نسألهم : لماذا سكتوا علي كل ما كان يجري ضد العراقيين علي مدي ازمان كي يأتوا اليوم ليطيلوا ألسنتهم، ويقفوا بوجه العراقيين الذين انفتحت امامهم ابوابا للمستقبل مهما كانت تلك الابواب صعبة وثقيلة، ولكنها بقيت موصدة لأكثر من ثلاثين سنة وانتم المستفيدون ولم تنفع الاستجابة لكل التحديات.

مستقبلنا قبل عواطفنا
المهم في خطابنا للعراقيين جميعا ان يكون مبدأ (المصالح قبل العواطف) مجسدا لمهامهم في المرحلة المقبلة وبمختلف اتجاهاتهم وتياراتهم وقواهم واحزابهم .. ان كل ما نجده اليوم في مآسي الدواخل العراقية هو ثمرة نتاج سياسة حكم سلطوي دكتاتوري قمعي حديدي مرعب انشأ جيلا كاملا علي يديه او انه جيل ولد ونشأ وعاش في دوامته، فغرست حتي في اللاوعي الجمعي له، جملة هائلة من الافكار والنزعات والمرجعيات التي يعّبر عنها اليوم ضمن صيغ وخطابات ومواقف واسهامات من دون ان يدرك صاحبها انه بالفعل يمثل ما كان يستخدم اعلاميا وتربويا وسياسيا من غسيل مقنن للادمغة علي مدي اكثر من ثلاثين سنة وهي تمتد في الحقيقة في متشكل فكري منغلق منذ خمسين سنة .. متشكل غريب الاطوار يتألف من عناصر هجينة متخلفة من الشوفيني والمتخلف والبدائي والعشائري والعسكري والطائفي .. التي تنسف بتقاليدها البالية كل ما هو دستوري ومؤسساتي ومدني وتعددي ومستنير حقا . اننا نراهم نتاج جيل كامل ضبابي الرؤية لا يميز بين المفاهيم وتختلط عنده كل المقومات ولا يفصل بين الاولويات وبين الذيول ..
ويمزج بين التناقضات التي تزدحم بها الحياة العربية علي نحو يثير السخرية والاشفاق معا .
من هنا تأتي الدعوة مخلصة تنادي بالاستنارة واعادة تشكيل الوعي وايقاظ اولئك العراقيين الذين لم يدركوا بعد حجم ما لهم وما لابد ان يكون عليهم اليوم بعد تغييب وانغلاق كاملين. ان الاستنارة لابد ان تترسخ في تفكير الاجيال الجديدة التي بدأت تستنسخ نفسها عن الاجيال التي سبقتها في القرن العشرين تحت مسميات وافكار وايديولوجيات شتي ستكون مقتلا للمستقبل اذا بقيت سائدة لا يغيرها لا المسؤولون او اولياء الامور العرب ولا ابناء النخبة المثقفة الذين يحملون افكارا خاطئة هم ايضا، بل يزداد عرابوها وسدنتها ومروجو اوهامها، فهل انتم قادرون ايها العراقيون للسكوت مرة اخري علي تعثر اي مشروع وطني بحجة اوهام سياسية مؤدلجة متعفنة تزكم الانوف؟ وهل تقبلون ايها العراقيون ان يبقي العراق ينوء بمشكلاته الداخلية والاقليمية من اجل حكم دكتاتور فظ عات او احتلال امريكي جديد؟ وهل تقبلون ايها العراقيون ان تتلاعب بكم اهواء من هو يقبع وراء حدودكم، فالكل يريد العراق لقمة سائغة يتلذذ باطعامها او بقرة حلوب تدر عليه ما يكفيه ان يعيش هنيئا وانتم تذهبون الي الجحيم .. لا يهم عنده اذا ما تحققت مصلحته؟! هل تقبلون ان تكونوا احجارا وبيادق يتقاذفها الاخرون من اجل ان يأكلوا القصعة بما فيها وانتم تصطلون بالنار وجحيم الحروب؟ هل تقبلون ان يتاجر ذوو القربي بشأنكم تحت حجج واهية وافتراضات عارية عن الصحة او التطبيق من اجل ان تبقوا من دون اي مستقبل ولا اي مصير؟ هل تقبلون ان تصبح بلادكم العريقة سوق هرج ومرج للبضاعات السياسية والتحركات الطائفية والمستهلكات الجهوية والمؤدلجات القومية والدينية تحت اغطية مثالية خبيثة من اجل ان تمتد النزاعات والصراعات الاهلية في جنبات دواخلكم؟ كفي .. فمنذ نصف قرن، قبلنا نحن العراقيين عن طيب خاطر وطيبة قلب بمصادرة كل حقوقنا المدنية واولوياتنا الوطنية لان كل شيء وظف من اجل المعركة التي يجب ألا يعلو صوت فوقها، وجردونا حتي من جلودنا استعدادا لها، ثم غدونا حراسا للبوابة الشرقية فخسرنا الالاف المؤلفة من زهرة شبابنا و668 مليارا من ثرواتنا .. ثم غدونا مادة دسمة للاستلابات السياسية المروعة من قبل نظام جائر عاهر كان الجميع يباركونه حتي اللحظات الاخيرة من دون خجل او حياء بعد ان قام الاشقاء بملاحقتنا وتكميم افواهنا واحتفظوا هم بحق الكلام في فضائياتهم وصحفهم ومؤتمراتهم وندواتهم .. وعوملت الالاف المؤلفة من المثقفين والمختصين والسياسيين والاساتذة العراقيين بمختلف اصنافهم واعتباراتهم بالرفض الصريح حينا، والخجول حينا آخر رسميا، والمعاملة الحقودة وفي احسن الاحوال بالصمت شعبويا من قبل قطاع كبير من المثقفين العرب، برغم انهم كانوا يعيشون بينهم، ويقدمون افضل خدماتهم واروع ابداعاتهم ويعانون وسطهم، ويموتون ايضا، ويدفنون في مقابرهم. وهكذا بقي العراقيون، المثقفون والعاديون كافراد وبشر، وكأنهم عضو غريب غير مفهوم في جسد الثقافة العربية، او كأنهم داء لمرض خطير عضال في كيان الامة العربية، والشواهد والامثلة لا حصر لها ابدا، واتحدي من يفتح لنا جروحنا المندملة.

العراق والعرب : التجربة والخطأ
ان احداث العراق الاخيرة لابد ان تكون اجراسا تدق للاخرين تنبههم الي جملة كبري من الدروس والعبر سواء كان ذلك علي المستويات الرسمية ام الشعبية .. ليفقه الاخوة العرب وفي مقدمتهم اولئك الذين يراهنون دوما علي الصمود والتصدي او اولئك الذين يراهنون علي المناورة والتحدي او اولئك الذين يجعلون انفسهم في واد آخر وكأنهم لا يسمعون او يرون شيئا بأن لابد لهم جميعا من التحرك سريعا لاجراء تغييرات جذرية في هياكلهم وسياساتهم وحتي دساتيرهم وافكارهم .. وليكن هناك خطاب عربي مشترك ينبعث عن تفكير يختلف عما كان سائدا في القرن العشرين . ان العنتريات التي يرفعها البعض لابد ان يحتفظ بها لنفسه، اذ لا يمكن اليوم ان يتدخل احد في شأن الاخرين .. فالسحر قد ينقلب علي الساحر، وليعلم الجميع بأن مبدأ التغيير ضرورة حياة او موت بالنسبة لمجتمعات المنطقة جميعها، اذ يكفي ما يتردد في الفضائيات والصحف من شعارات وخطابات ودعاوي وقضايا .. اغلبها يخالف بدرجة او باخري توجهات العالم نحو التحديث والتقدم، فالعالم يمشي كله الي الامام عدانا الذين نمشي الي الوراء .. ولعل اهم ما يمكن التذكير به : ان يتخلص العرب من تناقضاتهم واوهامهم وطوباوياتهم التي لم يعد لها سوق يروجونها فيه في ظل سيطرة القطب الواحد الذي لا قبل للاخرين علي مواجهته، فكيف باستطاعة العرب التصدي له؟ ومرة اخري، اقول دعوا العراقيين وشأنهم .. فهم الاقدر علي حل قضيتهم والانطلاق بانفسهم نحو المستقبل!
وأخيرا، فان العراقيين بحاجة الي ثقافة واعية جديدة تجعل العراق فوق الجميع، ثقافة تري مصالحها فوق عواطفها ! ثقافة هادئة وصبورة تنضوي تحت اجنحتها كل الالوان والتيارات والاطياف والعناصر .. ثقافة تسعي الي السلم في الداخل .. السلم في الخارج .. ثقافة تزرع الثقة من اجل بناء مستقبل يحدد مساراته: دستور ومؤسسات مدنية واجهزة متطورة وفصل بين السلطات ..
ان عراق المستقبل سيولد مهما طال الزمن، وهو بحاجة الي اسس ومرتكزات جديدة لا يمكن ان يضطلع بها الا نخبة وجماعات جديدة تقّدس تراب العراق وتقدس المال العام، وتحاول ان تجد كل الاساليب والوسائل من اجل ان يكون العراق حقا: مشروعاً قادماً للآخرين بكل مخاضاته التي ستعلمهم خطة للطريق نحو المستقبل بعيدا عن كل بقايا الماضي وترسباته الصعبة .. واعتقد انني لم احلم او ارسم لوحة سوريالية لوطن لابد له ان يتخلص من ادران العهد السابق، ويبدأ حياته من خلال تقديم مصالحه علي مصالح الاخرين أسوة بما يفعله الاخرون، فمتي سيبدأ العراق مشروعا للتاريخ؟ دعونا ننظر..

 

الزمان 



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصور رئاسية .. قبور جماعية والريحة بعثية !!


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سيار الجميل - مزامنات - العراق: مشروع قادم - ضرورات مصالحنا تبيح محظورات عواطفنا