أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - وداد فاخر - الإرث الثقيل يندرس بقيم العدل الجديدة















المزيد.....

الإرث الثقيل يندرس بقيم العدل الجديدة


وداد فاخر

الحوار المتمدن-العدد: 507 - 2003 / 6 / 3 - 15:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 2 . 2003. Jun/ فيينا

بعد أن سقط الدكتاتور وغاب نظامه وحاشيته ، وأنقلب عليه مَن انقلَبَ مِن مؤيديه ، لنا وقفة طويلة مع العوامل والظروف التي ساعدت على هيمنة فكر البعث الفاشي في بلد تحكمه التقاليد والقيم العشائرية ، ويبرز العامل الديني كأحد المؤثرات الرئيسية للمجتمع العراقي ، وكيفية علاج آثارها على المجتمع والدولة .
 ففي بداية العقد الأول من ستينيات القرن الماضي كان الناس في العراق يعتبرون البعثيين هم الشواذ والبقية هم القاعدة ، وهي بديهية صحيحة وسط خضم هائل من المد الشعبي الحقيقي المؤيد للسلطة الوطنية للمرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم ، تؤيدها الشعارات والتصرفات المعادية لعموم الشعب العراقي من قبل حزب البعث . وكان غالبية جيل ذلك الزمان الذي كنا فيه الغالبية العظمى من العراقيين متهيئين لاجتياز مرحلة الصبا والدخول لمرحلة الشباب ، والذين رضعوا مبادئ ثورة 14 تموز 1958 واعجبوا بمنجزاتها  من مؤيدي ذلك النهج الوطني المتمثل في تعزيز السلطة الوطنية ، وترسيخ مبادئ الديمقراطية أولا ً ، ومن ثم التفكير بشكل العلاقة الوحدوية مع الدول العربية ، وهو عكس الشعارات البعثية الاستفزازية التي كان يراد بها عرقلة كل تقدم أو تطور في آلية العملية الديمقراطية التي كانت تجري في العراق .
وقد نجح البعثيون وحلفائهم الآخرين بعد ذلك ، وبمساعدة إقليمية ودولية معروفة للجميع ، وأقاموا في 8 شباط 1963 سلطة قمعية فاشية كانت الأساس الحقيقي للسلطة الفاشية التي جاءت في 17 تموز 1968 .
وما يهمنا من إيراد تلك النبذة القصيرة لمجريات التأريخ ، هو توطئة للدخول في صلب الموضوع . إذ إن الغالبية العظمى من الشعب العراقي كانت وإلى بداية السبعينيات من القرن الماضي تقف موقفا ً رافضا ً لفكر ومبادئ البعث الفاشية الشوفينية ، لكن عاملا ً مهما ً أسقط كل التحفظات السابقة عند البعض  من العراقيين تمثل في الوفرة  المالية  لدى السلطة الفاشية الحاكمة بعد تأميم النفط في العراق عام 1972 والصعود المتوالي لأسعاره ، مما ساعد السلطة الحاكمة لاستغلال تلكم الموارد المالية الهائلة لشراء ذمم الكثيرين من ضعاف النفوس الذين ساهموا بقدر كبير في استعمال شتى الطرق في توسيع القاعدة البعثية من المنتفعين والمترددين والخائفين من قمع السلطة والطامعين بمغرياتها المادية ، والتي ساهمت السياسة الاقتصادية المقصودة بحرمان غالبية الشعب العراقي من معظم مستلزمات الحياة واقتصارها على النخبة من المنتمين لحزب السلطة ، زائدا ً القمع الوحشي المتصاعد الذي لا مثيل له إطلاقا ً .
ثم بدأ الانتماء لحزب السلطة يأخذ شكلا ً أمنيا ً قسريا ً عنيفا ً، استخدمت فيه كل وسائل القهر والتنكيل ضمن شعارات فاشية عدوانية مثل :( من لم يكن معنا فهو ضدنا ) و( وكل العراقيين بعثيين وإن لم ينتموا ) و ( البعثي الجيد هو المواطن الجيد ) ، وغيرها من الشعارات المنبئة والمحذرة للمواطن بالقمع  والتصفية وقطع مورد الرزق .
وتحول أيضا حق رئيسي من حقوق المواطنة كالتعليم العالي ، والتدريب المهني وفرص العمل ، إلى وسيلة كسب جديدة خاصة بالنسبة للشباب .
ثم عملت تنظيمات الحزب إلى توريط الكثير من المواطنين بجرائم خلقية أو اجتماعية لكي ينغمسوا أكثر في عملية القمع الوحشية ولوضع العقبات في طريق عودتهم  بين ظهراني مواطنيهم من جديد .
ثم طرأ عامل سياسي آخر كانت له خطورته السياسية والفكرية حتى على مروجي فكرته أولا ً ، ومنفذيها ثانيا ً ، وهو إنشاء ما سمي حينها ب (الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ) في عام  1973 ، بين حزب البعث الحاكم في العراق وأطراف وطنية عراقية وقعت في خطأ فكري ستراتيجي عندما مثلت الاتفاق الجبهوي مع البعث العراقي بأنه يدخل ضمن سياق ترويض حزب البعث وتنقية فكره وبالتالي جره إلى مواقع تقدمية، بينما قال ميشيل عفلق في مجلة الثقافة العربية( إن التحالف مع الحزب الشيوعي هو أمر مؤقت ، تمليه الظروف وليس حلفاً ستراتيجياً).
ومن قبله كان صدام أكثر صراحة من معلمه عندما قال في ملعب الكشافة في العام 1969 ( إننا أتينا إلى الحكم بالدم ولا نرحل إلا بالدم ) وقد صدق ما قاله وهو ما نراه الآن على ارض الواقع من خراب وتدمير .
 وكان من فرسان التحالف الجبهوي قيادة الحزب الشيوعي العراقي ضاربين المثل بالجبهات التي تألفت إثناء الحرب العالمية الثانية ضد النازية ، فكانوا كمن يحرثون البحر في أصعب واعقد فترة من تأريخ العراق السياسي ، خاصة بعد اعترافهم الضمني بقيادة البعث للجبهة ، مما ساعد على ترسيخ فكرة الحزب القائد .
كل هذه الأسباب مجتمعة مضافا ً إليها الموقف السوفييتي الداعم للسلطة العراقية ، متحججين بالرأي السابق المتمثل في مقولة ( تقدمية النظام ) بينما يذبح أبناء الشعب العراقي يوميا ً بالعشرات ، ويزج بخيرتهم في السجون بالمئات .
وزاد من تلكم المأساة  وقوف الدول العربية ، إما متفرجة أو لا أبالية أو داعمة ، ما عدا سوريا التي كانت هي أساسا ً بالضد من شقها البعثي الآخر لأسباب آيديولوجية بحتة .
ووسط تلك المعمعة الواسعة وجدت أطراف عراقية رافضة علمانية وإسلامية  –من ضمنها غالبية قاعدة الحزب الشيوعي – نفسها وحيدة بمواجهة آلة القمع الفاشية الشرسة التي لا ترحم من جهة ، والتعتيم الإعلامي العالمي والعربي ، ومساهمة الغالبية العظمى من منتسبي حزب السلطة المنتفعين من مكاسبها التي تغدقها عليهم من أجل الولاء والكسب السياسي ، من جهة أخرى .
 ثم توسعت هذه الأطراف ودخلت في مواجهات مسلحة مع السلطة بعد الهجمة الفاشية الشرسة ضد كافة القوى الوطنية والإسلامية العراقية ، التي أدت لخروج الحزب الشيوعي العراقي من الجبهة الشكلية القمعية والتي ساهمت بقدر كبير على كشف تنظيماته وكوادره وبالتالي سهل على السلطة توجيه ضربة ماحقة للحزب أضرت به كثيرا ً .
لذلك استطاع حزب البعث الانفراد  بالمجتمع العراقي وتشويهه وغرس مفاهيم غريبة عليه ، وتشويه العلاقات العائلية والأسرية ، وغرس روح الشك والريبة بين المواطنين ، ومثلٌ على ذلك قانون الوشاية القسرية الذي( كان يرغم البعثيين الحزبيين على الوشاية القسرية تحت رادع الحكم بالإعدام أو المؤبد في حالة تقاعسهم عن رفع التقارير على أفراد عائلتهم حتى الدرجة الرابعة ) .
لذلك شاهدنا حالات لا يصدقها العقل البشري من قتل الأب لابنه إثناء الحرب العراقية الإيرانية ، ووشاية المرأة بزوجها والولد بأبيه فخلقت مجتمعا شاذا غريبا لا علاقة له بالمجتمع العراقي الحقيقي الذي كان يقوم على وحدة العائلة وبالتالي وحدة المجتمع . وقد فصل ذلك بوضوح أحد قياديي البعث السابقين خالد علي الصالح في كتابه ( على طريق النوايا الطيبة ) قائلا : ( إن كل عضو في هذه العصابة يخطط من أجل مصالحه الخاصة ، مما جعل أعضاء حزب البعث الآن وكأنهم أعضاء في " مافيا " بعد أن انتشر بينهم التآمر والقتل ) .
من هذا يتضح الدور الرئيسي لمعلم البعث ميشيل عفلق في تلقف الفكرة القومية ، لصياغتها بما يلائم نفسيته المعقدة المريضة بسبب من عقد نفسية كثيرة تلازمه منذ أمد بعيد في الزعامة المطلقة والتي لم تأهله لا شخصيته العامة ولا الخاصة في تحقيق ذلك الطموح ، فدفع بشخصية مخابراتية معقدة هي الأخرى ومشبوهة – صدام حسين – لتنفيذ ما عجز هو عنه ، مستغلا الظروف المحلية للعراق والظروف الإقليمية والدولية في سبعينيات القرن الماضي .
لذا فإن ملفات عديدة تتجمع أمام ناظري الحكومة المقبلة ، لإعادة تأهيل الغالبية العظمى من المجتمع العراقي ،وجلهم من الشباب الذين عاصروا البعث أو ممن ولدوا إثناء فترة تسلطه ورضعوا راضين أو مرغمين أفكاره وسمومه التي بثها فكره الفاشي فيما بينهم  رغما عنهم بسبب ما ينشره بينهم من آراء وأفكار فاشية سوداء .
لذلك يتوجب العمل بسرعة وجدية ، لغربلة المناهج الدراسية ، ورسم خطط لنشر إعلام حر قائم على التربية الاجتماعية الأصيلة النابعة من الجذور الحقيقية لفضائل المجتمع العراقي ، وفق ضوابط تربوية علمية صحيحة ومدروسة .
ويأتي في مقدمة عملية التقويم الثقافي والاجتماعي  إبعاد كل العناصر البعثية الهزيلة التي شاركت بشكل أو آخر في عملية التخريب الثقافي والاجتماعي في زمن البعث والتي زمرت وطبلت له ، واجتثاثها من كافة المرافق الإعلامية والثقافية والتربوية بغية غرس مبادئ وقيم حديثة قائمة على العدل الاجتماعي وحرية الفرد وحقه في العيش الكريم بعيدا عن النظريات والطنطنات والفلسفات الفارغة .

*  كاتب وصحفي عراقي مقيم في النمسا
                                                



#وداد_فاخر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السذاجة السياسية والإرهاب الفكري
- حزب البعث بدأ عروبيا وانتهى فاشيا
- هكذا تكلم أبو عبدو الجحش !
- الحقيقة الغائبة في لحظة زهير المخ الدستورية
- فضائية الجزيرة تستعدي الآخرين على الكتاب العراقيين
- تساءل : عما ورد في تصريحات الدكتور برهم صالح حول رعاية عوائل ...
- مصيبة العراقيين بين اجتهادات ليلى الشيخلي وتحليلات جاسم العز ...
- أنا والأمريكان وآية الله جنتي
- للعراقيين جميعا ًقولوا بصوت واحد : لسنا بحاجة لمساعدات الوها ...
- بعد سقوط أشرس نظام قمعي على وجه الأرض وخروجه من بوابة التأري ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - وداد فاخر - الإرث الثقيل يندرس بقيم العدل الجديدة