أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عامان على رحيل ابراهيم كبة















المزيد.....



عامان على رحيل ابراهيم كبة


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1710 - 2006 / 10 / 21 - 10:02
المحور: سيرة ذاتية
    



- ذكريات في الاعوام العشرة الاولى من العمر-


• فجر الرابع عشر من تموز 1958، وانا في الرابعة من العمر ، لمحت الوالد يسير مسرعا ذهابا وايابا على سطح دارنا في بستان كبة ، وسط رشقات من اسلحة اوتوماتيكية في الجانب الاخر من دجلة ... وبعد حديث قصير مع جيراننا ابو جميل ( من اسرة كبة ايضا ) من فوق السطوح .. طلب الوالد من امي ان تصحبنا الى باحة الدار السفلى وتنتظر افتتاح اذاعة بغداد .. همس الوالد في اذنها :" انها الثورة .. سقط الملك !".هذه اللحظات لا تمحى من الذاكرة .. ونحن نستمع الى نشيد الله اكبر ، وبيان الثورة رقم (1) .
• اصطحبني الخال معه الى مطار بغداد الدولي ( المثنى حاليا ) لأستقبال الوالد بعد زيارته موسكو وابرام الاتفاقية العراقية- السوفيتية لعام 1959 التي وضعت حجر الأساس للتطور الاقتصادي اللاحق ولتحويل الصناعة العراقية من مشاريع صغيرة متفرقة الى جيل متكامل من المشاريع الصناعية الثقيلة والمتوسطة والخفيفة لتتكون مشاريع صناعية ستراتيجية مثل معامل الاسكندرية للمكائن ومصنع العدد الكهربائية، ومصنع الزجاج وغيرها، ولا يقل أهمية عن ذلك مشروع المسح الجيولوجي والتحري المعدني الذي حصر الموارد الطبيعية مثل الكبريت والفوسفات والرمل الزجاجي والأطيان الصناعية، واليورانيوم وأن بنسب قليلة. وشملت الاتفاقية مجالات التعاون في الميادين الزراعية والنفطية والصناعية وبحوث الطاقة النووية !.. لم نتمكن من الوصول الى الوالد لأن جماهير الشعب بالآلاف ( بل أضعاف مضاعفة ) قد اخترقت الحواجز الامنية واحاطت بالطائرة التي تقل الوالد وهي تهتف " ابراهيم كبة للامام .. ديمقراطية وسلام ".. حينها رفعني الخال على اكتافه لأراه وهو يحيي مستقبليه !!
• في ساحة الكشافة جلست مع الوالدة والخال في مقاعد الضيوف ليجر استعراض لكشافة وشبيبة انصارالسلام ... كان الوالد قد اوصانا بالتزام الهدوء ومغادرة الفعاليات بعد نصف ساعة !.. لقد حضر الوالد بصحبة الزعيم عبد الكريم قاسم وبعض الوزراء الاخرين وجلسوا في المقصورة .. وفي مرأى منا بشكل واضح ! .. بعد دقائق ، ومع انشغال الجميع بالعرض الكشفي ، تسللت تدريجيا نحو المقصورة .. وعلى بعد امتار من الزعيم اعترضني شرطي حماية فبكيت صراخا !.. سالني الشرطي : " من تكون ؟ .. اجبته : سلام . .. فرد غاضبا : اين ابوك ؟ .. فأشرت له نحو الزعيم والوالد ". تصركع الشرطي وجفل ، وحملني باتجاه الزعيم . غضب الوالد كعادته وشرع يؤنبني ، لكن الزعيم التقطني واجلسني في حضنه .. وبالطبع مع عشرات الصور التذكارية في الصحف العراقية آنذاك !!
• بعد استقالته ، انهمك الوالد باعمال ونشاطات حركة انصار السلام ... وغالبا ما كان يصطحبني معه الى المكتب الرئيسي ( قرب ساحة الاندلس وباتجاه ملعب الشعب اليوم).. تركز النشاط على تنظيم آليات عمل الحركة ومنشوراتها . عندها لم تغب عن ذهني اسماء محددة .. الجلبي ، التكمجي ، عزيز شريف ، العبايجي ، الجواهري ، الماشطة ، كوران ، بحر العلوم ، توفيق منير ... الخ.
• رافقت الوالدة وعمتي مرارا بعد الثامن من شباط الاسود لزيارة الوالد في الموقف المركزي رقم (1) ومعسكر الرشيد .. كنا ننتظر احيانا من الساعة التاسعة صباحا ( وفق الموعد المحدد ) وحتى الخامسة مساءا لحين السماح لنا بمقابلة الوالد .. وفي ساعات الصيف اللاهبة !.. ولم تخلو هذه المقابلات من المفارقات المضحكة – المبكية .. الا ان الوالد تجاوزها بصبر ودراية .. رغم المعاملة القاسية وتغييب اصدقاءه ورفاقه في غياهب المعتقلات دون محاكمات ، وحتى اعدام الشهيد الرفيق البطل متي الشيخ امامه في موقف المأمون !!..
• عصر احد الايام بعد الثامن من شباط الاسود وحملات التضامن القوية التي قامت بها وسائل الاعلام العالمي مع الديمقراطيين المعتقلين في العراق وبالاخص مع الوالد ( انتشر خبر تصفية ابراهيم كبة في السجن ) نادتني الوالدة الى غرفة الضيوف في دار خالنا في تل محمد .. قبلني رجل في مقتبل العمر ( عرفت فيما بعد انه الاستاذ الكبير المرحوم عبد اللطيف الشواف ) ، وكذلك فعلت زوجته .. ووجه الشواف كلمته لي :" والدك رجل عظيم وخالد .. وانت تحمل سماته وسترفع رأسه عاليا !".اهداني الشواف سيارة – لعبة صغيرة !.... ورددت مع نفسي " انها صغيرة جدا ، ولا يمكن ركوبها ". خرج الاستاذ عبد اللطيف الشواف وزوجته مسرعا من دار الخال وغاب حوالي النصف ساعة .. ثم عاد وقد اشترى سيارة – لعبة يمكن ركوبها وقيادتها ! وقال :" سلام ، انت تستحقها !". وشاء القدر ان نفتقد الاقتصادي الكبير والقانوني المعروف عبد اللطيف الشواف والوالد ابراهيم كبة في تواريخ متقاربة !! ...مفارقات مؤلمة ! . السياسي والإقتصادي المرحوم عبد اللطيف الشواف وزير الإقتصاد في عهد قاسم هو إبن عم المرحوم اللواء الطبيب محمد الشواف وزير الصحة في حينها !! وبقي المرحومان وفيان لقاسم إلى آخر لحظة من حياتهما. انا لله وانا اليه راجعون ..
• بعد اطلاق سراح الوالد اثر عفو رئاسي في عيد رسمي 1965 .. أخذ الوالد يتردد على عيادة الدكتور الطبيب احمد جعفر الجلبي ( ابو سلام ) في الصالحية مقابل السفارة الايرانية ليلتقي ويجتمع مع الشخصيات الديمقراطية العراقية .. واصطحبني معه اكثر من مرة ! .. علما ان حركة السلم كانت قد عقدت مؤتمرها الوطني الاول في 22،23 /7/ 1954 في بغداد في دار احمد الجلبي ولتتعرض لملاحقة السلطات الملكية . في هذه الفترة ايضا وثق الوالد اواصر صداقته مع كل من المرحوم الدكتور محمد سلمان حسن ، عبد الوهاب محمود ، مصطفى علي ، احمد الزنبوري ، صلاح خالص ، سعاد محمد خضر ....
• تعلم ابراهيم كبة قيادة السيارة متأخرا ! .. عام 1966 . .. ومرة استوقفه شرطي المرور للتأكد من اجازة السوق .. فما كان من الوالد ان نهره ووبخه " انت تعرف مع من تتكلم ؟".. ارتجف الشرطي ورد " العفو ، تفضل استاذ !."
• عرف الوالد بحزمه واعتداده بنفسه وباسرته . عرفته اول حكومة بعد الرابع عشر من تموز ، عرفه الشعب العراقي عن كثب كما عرفه الزعيم قاسم !، عرفه وفد شركات النفط الغربية المفاوض 1959 – 1960 ، عرفه زعماء العالم في عواصم الشرق والغرب !عرفته جامعة بغداد والأوساط الاكاديمية الغربية ، عرفه الاقطاع وعرفته البورجوازية الوطنية والطبقة الوسطى مثلما عرفه الشارع العراقي حتى بعد اطلاق سراحه وعرفه الكادحون والفقراء ! .. عرفته الحركة الوطنية العراقية مثلما عرفه الحزب الشيوعي العراقي .. وعرفته كبة وشعبان بأسرهما وعوائلهما !.
• توفى ابراهيم كبة الساعة التاسعة صباحا الثلاثاء 26 /10 /2004 والمصادف 12 رمضان اي في نفس الشهر الهجري الذي شهد انقلاب 1963 وقبل يومين من موعده . ( وان الله لفي خلقه شؤون ). عزاءً لنا ولشعبنا... ووفاءً له ولافكاره ومُثله.

الوثيقة رقم (1)
محضر الاجتماع المنعقد في ديوان وزارة الدفاع
يوم الاحد الموافق 27/9/1959


الحاضرون

سيادة اللواء الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء
سيادة الاستاذ محمد حديد وزير المالية
سيادة الدكتور ابراهيم كبة و. وزير النفط *
سيادة الاستاذ عبد العزيز الوتاري و. مدير شؤون النفط العام
المستر هريدج المدير العام لشركات النفط
المستر سي رايت الممثل العام للشركات في العراق
المستر اكسرجيان


عقد الاجتماع في مكتب سيادة رئيس الوزراء في وزارة الدفاع في الساعة الرابعة مساء حيث رحب سيادة الزعيم بممثلي الشركات ، واشار الى ان المداولات التي ستجري في هذا الاجتماع ليست سوى مناقشة عامة للمباديء والاسس التي تضمنتها مسودة الاتفاقية المقدمة من قبل الشركات على ان تجري دراسة التفاصيل والشروط فيما بعد لغرض التوصل الى اتفاق نهائي في هذا الخصوص.
ثم اعقبه سيادة وزير النفط مشيرا الى ان المادة الثانية من مسودة الاتفاقية قد أوردت مبدأ يقضي بجعل موضوع التنازل عن الاراضي موحد بالنسبة للشركات الثلاث في حين ان الجانب العراقي يطلب ان تتم الدراسة بالنسبة لكل امتياز على حدة أي ان يجري الاتفاق على النسبة المئوية للتنازل ثم تطبق هذه النسبة بالنسبة لمنطقة امتياز كل شركة بصورة مستقلة.
ثم اضاف سيادة الزعيم بان هذا المبدأ ليس جديدا وانما كان قد جرى بحثة خلال الاجتماع السابق.
فاجاب المستر هريدج بانه كان من المفهوم لدى الشركات ان موضوع التنازل – سينظر له نظرة واحدة بالنسبة للشركات الثلاث .اما اذا كان المطلوب معاملة كل شركة بصورة منفردة فمعنى هذا ترك كل ماجرى من بحث ودراسة بهذا الخصوص والبدء من جديد ، لان مذكرة الشركات الاولى المقدمة الى الحكومة كانت قد نظمت على اساس جمع الشركات في موضوع التنازل كما ان المباحثات السابقة جرت على هذا الاساس لذلك نظمت مسودة الاتفاقية الجديدة بهذا المفهوم .
فرد سيادة وزير النفط قائلاً ان المناقشة في السابق لم تكن سوى بشأن تحديد نسب التنازل ولم يجر أي اتفاق حول جمع الشركات في اتفاقية واحدة.
ثم اضاف سيادة الزعيم توضيحا للموضوع بان النسبة المئوية للتنازل التي سيتم الاتفاق عليها بين الطرفين ستطبق على كل شركة بصورة مستقلة لان الحكومة لا تود الجمع بين امتيازات الشركات الثلاث دفعا للمشاكل التي ستترتب على هذا الجمع.
فاجاب المستر هريدج بان مسودة الاتفاقية موضوع المناقشة قد نظمت على الاساس الذي جرت المذاكرة بشأنه في السابق وان طلب الحكومة في معاملة كل شركة على حدة ان هو الا مبدأ جديد لم يؤخذ بنظر الاعتبار عند تنظيم الاتفاقية.
فعلق سيادة وزير النفط قائلاً بان الحكومة رفضت مقترحات الشركات في حينه ومفهوم ان رفضها لتلك المقترحات يدل على عدم موافقتها على جميع الشركات في اتفاقية واحدة.
ثم اكد سيادة وزير المالية بانه يتذكر بان بحث تحديد النسبة المئوية للتنازل قد جرى في جميع المباحثات السابقة ومن المفهوم طبعاً بان كل شركة لها امتيازها الخاص وان النسبة التي سيتم الاتفاق عليها ستطبق على امتياز كل شركة على حدة.
فاجاب المستر هريدج بأن الطريقة التي وضعت بموجبها الاتفاقية موضوع البحث سوف لن تؤدي الى دمج الامتيازات الثلاث.
فعلق سيادة وزير النفط على ذلك قائلا قد يكون ذلك صحيحا الا انها ربما تؤدي الى جمع المساحات المتنازل عنها في منطقة امتياز شركة واحدة فقط. ثم اشار سيادة وزير النفط الى ان هناك نقطة اخرى يود التطرق اليها هي ان النسبة المقترحة او المساحة المقترح التنازل عنها قد شملت المياه الاقليمية العراقية في حين انه سبق لشركة نفط البصرة ان تخلت عن حقوقها في هذه المياه وانتهى امرها.
فأجاب المستر هريدج بأن مساحة المياه الاقليمية ضئيلة جدا هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى فأنه يتذكر ان الشركات قد ذكرت عند موافقتها على التنازل عن المياه الاقليمية انها ستكون جزءا من موضوع التنازل العام.
فعلق سيادة الزعيم على ذلك قائلا يمكن اضافة مساحة المياه الاقليمية الى الاراضي التي سيتم التنازل عنها طالما ان الشركات اشترطت عند التنازل عنها وجوب اخذها بنظر الاعتبار عند بحث موضوع التنازل العام .
ثم انتقل سيادة وزير النفط الى بحث المادة الثالثة من مسودة الاتفاقية وأشار الى انه يفهم منها ان المنطقة التي سيتم التنازل عنها ستكون باختيار الشركات فقط في حين ان الواجب يقضي بأن يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.
فأجاب المستر هريدج بأن ليس هناك اي شركة في العالم عليها التزامات بالتنازل ولا تتمكن من الاحتفاظ بالمساحات التي تود الاحتفاظ بها.
فبين سيادة الزعيم بان المناطق التي جرى فحصها من قبل الشركات ستبقى للشركات طبعا.
تكلم سيادة وزير النفط حول المادة الرابعة من مشروع الاتفاقية واشار الى ان المفهوم مما ورد فيها ان الشركات ستحتفظ بجميع الحقوق التي تتطلبها عمليات النفط في المناطق التي سيتم التنازل عنها في حين ان الفكرة الاساسية في التنازل هي ترك المنطقة نهائيا وقد يجوز الاحتفاظ ببعض حقوق النقل والمواصلات فقط.
ثم شرح سيادة الزعيم الحقوق التي يبدو ان الشركات تود الاحتفاظ بها فيالاراضي المتنازل بها واشار الى انها كثيرة وكثيرة جدا وكيف يوفق بين الاحتفاظ بهذه احقوق وبين تنازل الشركات عن الاراضي.
فاجاب المستر هريدج بأنه لو فرض ان الشركات تود مد انبوب جديد الى البحر الابيض المتوسط فلا بد لها من الحقوق المذكورة لانجاز هذا المشروع.
فرد سيادة الزعيم قائلا ان المفروض عند تنازل الشركات عن اي منطقة ان لاتحتفظ الا بحق مد خطوط الانابيب وبناء محطات الضخ وما يقتضي للمواصلات البرقية والتلفونية ثم اشار سيادته الى ان الحكومة مستعدة لتسهيل عمليات مد الانابيب في الاراضي المتخلى عنها وادارتها.
فأجاب المستر هريدج قائلا مادامت الحكومة مستعدة لابداء تلك التسهيلات فهل هناك مانع من ذكر او تعداد الحقوق التي تود الشركات الاحتفاظ بها.
فأجاب سيادة وزير المالية بأن الحكومة مستعدة لابداء كافة التسهيلات اللازمة لمد خطوط الانابيب وصيانتها ويكفي ان يوضع نص عام بذلك ولا داعي لتعداد الحقوق واحدا واحدا.
ثم تكلم المستر اكسرجيان مبينا ان الشركات لم تعدد الحقوق التي تود الاحتفاظ بها سوى لغرض تسهيل عملياتها وخاصة المتعلقة بخطوط الانابيب.
فأجاب سيادة الزعيم بأنه لاحظ من الحقوق التي تود الشركات الاحتفاظ بها ان من جملتها مد خطوط السكك الحديدية واستفسر سيادته هل ان عمليات مد خطوط الانابيب تستوجب تسيير القطارات.
فأجاب المستر هريدج بأن ليس للشركات في الوقت الحاضر خطوط سكك بالقرب من خطوط الانابيب ولكن ربما تدعو الحاجة في المستقبل الى انشاء السكك الحديدية.
فرد سيادة الزعيم بأنه يجب على الشركات ان تتنازل عن الاراضي ومن ثم تقوم الحكومة من جانبها بتسهيل عمليات مرور النفط في الاراضي المتنازل عنها.
فرد سيادة وزير المالية قائلا بأن الحكومة مستعدة لابداء تسهيلات نقل النفط فقط اما بشأن الحقوق الاخرى فيجب ان تعامل الشركات معاملة اي شركة اخرى.
ثم انتقل سيادة وزير النفط بعد ذلك الى بحث المادة الخامسة من مشروع الاتفاقية وبين ان هذه المادة تشير الى ان الشركات ستكون مستعدة للدخول في مفاوضات بشأن التنازل عن مناطق اخرى بعد خمس سنوات في حين انه يجب ان يكون الالتزام بالتنازل عن مناطق اخرى وليس الالتزام بالدخول في مفاوضات او مذاكرة.
ثم اوضح سيادة الزعيم بأن النص يجب ان يكون ان الشركات مستعدة للتنازل عن مناطق اخرى بعد خمس سنوات اما نسب هذا التنازل فتحدد في حينه.
فأجاب المستر هريدج بأن هذا هو مفهوم المادة وربما تكون الصياغة غير واضحة.
انتقل سيادة وزير النفط الى مناقشة المادة السادسة من مشروع الاتفاقية التي نصت على دمج الشركات الثلاث فيما يتعلق بالتنازل عن الاراضي وأشار االى ان هذا المبدأ سبق رفضه من قبل الجانب العراقي.
ثم استفسر سيادة الزعيم عن موقف الشركات النهائي حول هذه النقطة الان.
فأجاب المستر هريدج بأن موقف الشركات الحالي كما كان في السابق يتطلب مساعدة الحكومة لغرض التغلب على صعوبات الانتاج من حقول الموصل.
فرد سيادة الزعيم بأن الحكومة مستعدة للمساعدة ولكن يجب ان يجري بحث امتياز كل شركة على حدة.
ثم اضاف سيادة وزير المالية بأن كمية الانتاج الحالية من حقول الموصل غير متلائمة مع مساحة امتياز الشركة.
فأجاب المستر هريدج بأن المطلوب هو مساعدة الحكومة بهذا الخصوص.
فأوضح سيادة الزعيم بأن الحكومة مستعدة للمساعدة الا ان كمية الحد الادنى من الانتاج بالنسبة لشركة نفط الموصل تنتج في الوقت الحاضر اي ان حقول الشركة الحالية مستعدة لانتاج تلك الكمية.
فأجاب المستر هريدج بأن نفقات الانتاج الكبيرة في عين زالة لا تشجع مطلقا على الانتاج.
فرد سيادة وزير النفط بأنه يمكن للشركة التخلي نهائيا عن جميع منطقة امتيازها.
فرد سيادة الزعيم بأن الانتاج الحالي في الموصل يجري من الحقول المكتشفة سابقا ولهذا فأن تخفيض مساحة الامتياز سوف لا يؤثر على عمليات الانتاج من تلك الحقول واذاما قبلت الحكومة دمج شركة نفط العراق مع شركة نفط الموصل فتكون قد اضرت بمصالح الجمهورية العراقية لانها تكون قد اعطت للشركات امتيازات جديدة بالاضافة الى امتيازاتها السابقة في حين ان المداولات تجري بشأن تنازل الشركات عن قسم من امتيازاتها الى الحكومة وليس الحصول على امتيازات جديدة.
فأجاب المستر هريدج بأنه اذا كان الامر يتعلق بالتضحية فأن تنازل الشركات عن قسم من مناطق امتيازها هو تضحية ايضا بدون شك خاصة وان التنازل ينطوي على الضرر كما هو معروف وفي وقت تنصرف فيه نية الشركات الى زيادة الانتاج. ثم اضاف بأن مدير الموانيء- بغض النظر عما تقدم - يتخذ الاجراءات الا لزيادة العوائد التي تتقاضاها مصلحة الموانيء عن شحن النفط من الفاو الى حوالي الست شلنات عن الطن الواحد فهل تعني هذه الزيادة المساعدة على الانتاج؟
فأجاب سيادة الزعيم بأن مصلحة الموانيء تخسر حاليا وليس من المعقول او المنطق ان تقوم الحكومة بتخصيص المبالغ من ميزانيتها لمساعدة الموانيء لانها يجب ان تسد مصاريفها من عوائدها المفروضة على الشحن ثم اشار سيادته الى انه قد علم من مدير الموانيء العام بأن العوائد المفروضة على شحن النفط في الفاو تساوي اجور الشحن المفروضة على التراب والرمل.واضاف سيادة الزعيم بأن المبالغ التي تتكبدها مصلحة الموانيء جسيمة ومن حقها زيادة عوائدها لملافاة تلك المصاريف واذا ما تحقق ربح من هذه العوائد فأن الحكومة ستخصص هذا الربح لبناء دور العمال وتأمين الخدمات الصحية والاجتماعية لعمال الموانيء.
فأجاب سيادة الزعيم بأن تقليل الانتاج معناه بقاء النفط في باطن الارض.
فأجاب المستر هريدج بأن الشركات تتصور بان رغبة الحكومة في زيادة الانتاج والحصول على عوائد اكبر لمواجهة مشاريعها الانية تتنافى وزيادة عوائد الميناء بالاضافة الى ان زيادة العوائد على النفط معناه فرض ضريبة جديدة للحكومة زيادة عن ال50% من الارباح التي تحصل عليها... واختتم المستر هريدج كلامه بأن اقترح بحث موضوع العوائد بصورة مفصلة مع سيادة وزير النفط.
وبعد ذلك استعرض سيادة وزير النفط نص المادة السابعة من مشروع الاتفاقية واشار الى ان ماتضمنته هذه المادة من بقاء احكام اتفاقية 1952 ومقاولات الشركات الاخرى نافذة المفعول مع اخذ التعديلات الاخيرة بنظر الاعتبار امر مفهوم لا يتطلب النص عليه وان ذكر هذه المادة زائد عن الحاجة كما استعرض سيادته نص المادة الثامنة التي تتعلق بأجراءات التحكيم ثم انتقل الى المادة التاسعة واوضح بان النص العربي للاتفاقية يجب ان يكون هو النص المعول عليه عند الاختلاف بين النصين العربي والانكليزي.
فاجاب المستر اكسرجيان بأن هذه المادة واردة نفسها في الاتفاقيات السابقة ويصعب الاخذ بمبدأ في الفرع يخالف المبدأ المأخوذ به في الاصل.
فاجاب سيادة وزير النفط بأن الاتفاقية التي يجري بحثها هي اتفاقية جديدة لا علاقة لها بالاصل وليس فرعا للاتفاقيات السابقة ثم اضاف سيادته بأن الدستور العراقي لايجيز جعل النص الانكليزي هو النص الرسمي.
فأجاب المستر اكسرجيان بأنه يمكن احالة الموضوع الى قانونين للنظر في هذه الناحية ومدى مخالفتها للدستور.
فبين سيادة الزعيم انه فضلا عن كون جعل النص الانكليزي هو النص الرسمي امر يخالف للدستور العراقي فأنه يقتضي جعل الترجمة صحيحة منذ البداية لكي لايحصل خلاف بين النصين في المستقبل.
فاجاب المستر اكسرجيان لاشك ان الترجمة يجب ان تكون واضحة ودقيقة ولكن جعل النص العربي هو المعول عليه سيصطدم مع اصل الامتيازات وسيشكل على الحقوقيين تعقيب الموضوع.
فاوضح سيادة الزعيم بان البحث يجري لعقد اتفاقية جديدة وليس اتفاقا مكملا لاتفاقيات سابقة.
فاجاب المستر هريدج بان الاتفاقية الجديدة مع ذلك تتناول تعديلا للاتفاقيات السابقة.
فرد سيادة الزعيم على ذلك قائلا هل معنى هذا ان علينا ان نعدل دستورنا ؟
فاجاب المستر هريدج بان المسالة قانونية صرفة ولذلك يقترح تركها لممثلي الحكومة والشركات القانونية لدراستها.
ثم انتقل سيادة وزير النفط الى بحث المادة العاشرة واشار الى ان هذه المادة قد تضمنت مخالفة دستورية اخرى لان طبيعة الاتفاقية المقترحة عبارة عن عقد ولهذا فهي لا تحتاج الى قانون لتصديقها بعكس الاتفاقيات التي تبرم بين الدول فتلك لا تبرم الا بقانون.
فاجاب المستر هريدج بانة لايملك اهلية التعليق على هذا الراى ولكن الحقيقة ان جميع اتفاقيات الشركات السابقة مع الحكومة العراقية مبرمة بقانون.
فاجاب سيادة وزير النفط بان ذلك يعود الى وجود نص في الدستور السابق - يحتم عدم منح اي امتياز الا بقانون وان هذا النص قد الغي مع الغاء ذلك الدستور. واضاف سيادة وزير النفط قائلا لنفرض اننا مقبلون على عقد اتفاقية جديدة فهل يحتاج الامر الى قانون؟
فاجاب المستر هريدج قائلا مع انة لايملك اهلية المناقشة بهذا الخصوص الا انه لابد من الاشارة الى ان المسالة تتعلق بتعديل اتفاقية سابقة مصدقة بقانون.
فتكلم سيادة الزعيم مشيرا الى ان القضية واضحة وبسيطة... وهي ان تصديق هذه الاتفاقية بقانون عبارة عن مخالفة دستورية لا يمكن للحكومة ارتكابها.
ثم اضاف سيادة وزير النفط ان المناقشة تتعلق بالاسس والمبادئ وانة يامل ان يدرس ممثلو الشركات هذه المبادئ والاسس ويتقدمون بمقترحاتهم الى الحكومة .
فاجاب المستر هريدج بان يقترح تشكيل لجنة لبحث هذا الموضوع بصورة تفصيلية .
فرد سيادة الزعيم بانه لا مانع من تشكيل اللجنة موضوع البحث ولكن بعد الاتفاق على الاسس .
ثم اضاف سيادة وزير النفط بان المهم في الموضوع هو مناقشة الاسس الان ثم تشكيل اللجنة للاتفاق على التفاصيل .
فاجاب مستر هريدج بان ممثلي الشركات حاضرون لمناقشة الموضوع مع اي شخص او لجنة تنسبها الحكومة .
فرد سيادة وزير المالية بان المهم في الموضوع هو ان تتقدم الشركات باجوبتها النهائية حول الاسس والمبادئ ومن ثم تدرس من قبل لجنة فرعية .
فاجاب المستر هريدج بانه لا يقصد بحث المسائل التفصيلية قبل المسائل الاساسية ولكنه يقترح ان تجتمع اللجنة الفرعية في نفس الوقت الذي تجري فيه المباحثات بين الجانبين .
فاستفسر سيادة الزعيم عما اذا كان باستطاعة الشركات تقديم النقاط التي تريدها بالضبط ليتسنى للحكومة دراستها .
فاجاب المستر هريدج بانه اذا ماتم التذاكر مع شخص واحد من ممثلي حكومة من الذين يعرفون وجهات نظر الحكومة فيمكن حسم الموضوع بكل سهولة .
فبين سيادة الزعيم بان الموضوع سهل جداً وكذلك الامر بالنسبة لجميع مواد الاتفاقية فيما لو قامت الشركات بمراجعة تلك المواد مجددا .
فعاد المستر هريدج الى القول بان من المستحسن ان يقوم محامي عن الشركات ببحث دستورية الموضوع مع محامي عن الحكومة .
فاوضح سيادة وزير النفط بانه لا يمكن التاكيد من الناحية الدستورية تصديق الاتفاقية بقانون كما لا يمكن جعل النص انكليزي هو النص الرسمي ومع ذلك فيمكن للشركات ان ترجع الى محاميها بهذا الخصوص .
فوعد مستر هريدج باعادة النظر في الموضوع واشار الى انه يامل ان يتمكن من مقابلة سيادة رئيس الوزراء في الوقت الذي ينسبه سيادته... وبعد ذلك تم الاتفاق على ان يعقد الاجتماع الثاني في الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء الموافق 29/9/1959 في مكتب سيادة رئيس الوزراء في وزارة الدفاع .
ثم اثار مستر هريدج في نهاية الاجتماع موضوع التكاليف الحقيقة للانتاج المقترحة واقترح احالته الى لجنة من الخبراء الفنيين لدراسته لبحث الخلافات القائمة بين الطرفين بالتفصيل لعله يتم التوصل الى نتائج حاسمة بهذا الشأن .
فوافق سيادة الزعيم على احالة الموضوع الى لجنة ونسب ان تجتمع في الساعة الثانية عشر لها يوم الاثنين 28/9/1959 في مديرية شؤون النفط العامة بحضور كل من السيدين نزهت محمد طيب رئيس الهيئة العامة لشؤون النفط وعبد العزيز الوتارى و. المدير العام لشؤون النفط . ثم اشار سيادة الزعيم الى ان يأمل ان يتم التوصل الى حسم الامور في وقت مبكر لان ذلك ان دل على شيء فانما يدل على حسن العلاقات القائمة بين الحكومة والشركات .
فأكد مستر هريدج بان الشركات تعالج المشاكل القائمة بنفس الروح التي عبر عنها سيادة الزعيم .
وانفض الاجتماع في حوالي الساعة السابعة مساءاً.


* - وزير النفط وكالة .

الوثيقة رقم (2)

نص التصريحات التي ادلى بها سيادة الدكتور ابراهيم كبة لمراسل وكالة انباء المانيا الديمقراطية ( ادن) في 3 تموز 1961 في بغداد

في 3 تموز 1961 تفضل الدكتور ابراهيم كبة مشكوراً، بالادلاء برأيه في مقابلة صحفية مع السيد يورغن كيدنك مراسل وكالة انباء المانيا الديمقراطية (ادن) في بغداد حول مسألة برلين الغربية بالطريقة التي اقترحها الاتحاد السوفياتي وجمهورية المانيا الديمقراطية .وكانت الاسئلة كما يلي:
1. مارأيكم في ضرورة ابرام معاهدة الصلح الالمانية، بعد 16 عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكي يزال انبعاث العسكرية الالمانية من جديد؟
2. هل تعتقدون بان معاهدة للصلح كهذه ستسند كفاح الشعوب العربية المناهض للاستعمار (الجزائر و فلسطين ) ؟
3. ما رأيكم بفكرة جعل المانيا محايدة عسكرياًً كما اقترح ذلك الساسة البارزين من المانيا الديمقراطية ؟

وقد آثر سيادة الدكتور ابراهيم كبة جعل الاجابة واحدة كما يتضح من النص الآتي:

قد يبدو من الغرابة بمكان انسلاخ 16 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية بالاستسلام الكامل غير المشروط للاستعمار الالماني امام قوى الحلف المعادي للهتلرية وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي دون ان تعقد خلالها معاهدة صلح مع المانيا لانهاء آثار تلك الحرب المدمرة ووضع الاسس الجديدة لعالم ما بعد الحرب بما ينسجم والتغيير الجديد في ميزان العلائق الدولية لصالح قوى الاشتراكية والديمقراطية والسلم.
ويبدو الامر اكثر غرابة اذا علمنا بان اتفاقية بوتسدام ( آب 1945 ) التي وقعتها الدول الكبرى الثلاث المنتصرة قد سجلت بشكل تفصيلي ومحدد نوعية الاسس والمبادئ التي يجب ان تسير بموجبها المانيا الجديدة لما فيه خير الانسانية وصالح السلم ، كما نصت ايضاً على ضرورة عقد معاهدة صلح مع المانيا وكلفت مؤتمر وزراء خارجية الدول الاربع لتهيئة ذلك.
ان كل دراسة للقضية الالمانية برمتها لا يمكن ان تبدأ الا من دراسة الاسس والمبادئ العادلة التي تضمنتها اتفاقية بوتسدام في هذا الصدد .ويمكن تلخيص الاسس المذكورة بكل اختصار فيما يلي:
1. ضرورة توفير جميع الشروط لتكوين المانيا سلمية عاجزة عن استئناف العدوان الذي شنه الاستعمار الالماني اكثر من مرة في اوروبا وفي العالم.
2. استئصال النازية والعسكرية الالمانية بصورة كاملة .
3. القضاء على الاحتكارات الامبريالية وعلى التركز الاقتصادي المفرط في المانيا (وخاصة عن طريق الكارتيلات والسنديكات والترتسات والاحتكارات الاخرى)كما جاء في الاتفاقية بالنص.
4. تنظيم المانيا الجديدة على اسس ديموقراطية وضمان الحريات الكاملة للاحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية والمهنية.
5. ضمان الوحدة الالمانية بالرغم من مناطق الاحتلال الاربع الموقتة، وذلك بانشاء ادارات مركزية لعموم المانيا تعبد الطريق للدولة الالمانية الموحدة.
قلنا ان اتفاقية بوتسدام عهدت الى مؤتمر وزراء خارجية الدول الاربع لتهيئة معاهدة الصلح مع المانيا .. وقد بذل الاتحاد السوفياتي جهوداً عظيمة بصبر عجيب وطول اناة داخل المؤتمر المذكور وخارجه لتنفيذ النص المذكور، واستمر طيلة الستة عشر عاماً الماضية يلح على دول الغرب بضرورة عقد معاهدة الصلح مع المانيا وفق مبادئ بوتسدام ، وتقدم بمختلف العروض المعقولة منذ المؤتمر الاول لوزراء خارجية الدول الاربع في باريس عام 1946 حتى بيانات خروشوف الاخيرة التي كرر فيها تصميمه النهائي على عقد معاهدة صلح انفرادية مع جمهورية المانيا الديموقراطية خلال هذا العام ان لم تستجب الدول الغربية بصوت العقل والعدل والسلم وتنهى الوضع الشاذ الخطير القائم الان في المانيا وبرلين.
كذلك تقدمت الجمهورية الالمانية الديموقراطية سواء كان ذلك على لسان مجلسها الشعبي او حكومتها او قادتها البارزين بمختلف الاقتراحات لحكومة بون ومجلس البوندستاغ والحزب الاشتراكي الالماني طالبة التفاوض باي شكل من الاشكال لحل المسألة الالمانية لمجموع او بعض عناصرها على الاقل ... وفي مقدمة ذلك مسألة عقد معاهدة الصلح ،ولكن دول الغرب وحكومة اديناور بدل ان تنفذ التزاماتها الدولية بهذا الصدد، عمدت لتنفيذ خطة اخرى ماكرة ولكنها مفضوحة بقصد دفع الاستعمار الالماني مرة ثالثة لاثارة حرب عالمية جديدة تهدد اجزاء كبيرة من الجنس البشري بالفناء.
ان خطة الدول الغربية بدأت منذ المؤتمر الاول لوزراء خارجية الدول الاربع في باريس عام 1946 عندما رفضت بفضاضة اقتراح الاتحاد السوفياتي بتشكيل حكومة مركزية لعموم المانيا وبادرت منذ تلك اللحظة لتنفيذ مشروع ماركنتو الامريكي (1944 ) لتقطيع اوصال المانيا وتشكيل اكثر من دولة واحدة فيها واعادة حكم الاحتكارات اليها ، واضعاف طاقاتها النضالية السلمية ، واثارة نزعات الانتقام والعداوة البهيمية في شبابها، وتسليحها حتى الاذقان لتكون راس الحربة في معاودة الهجوم على المعسكر الاشتراكي وعلى قوى السلم والديموقراطية في العالم اجمع. ومنذ ذلك العام (1946) تتابعت خطوات الدول الغربية في هذا الطريق الشائك،فاعلنت امريكا وبريطانيا تشكيل المنطقة الثنائية في القسم الغربي من المانيا (كانون الاول 1946 )والتي تحولت فيها بعد الى المنطقة الثلاثية، ثم طالبت فرنسا رسمياً بفصل الرور والراين عن جسم الدولة الالمانية (1947) ... ثم مالبثت امريكا ان اعلنت مبدأ ترومان (آذار 1947 ) فمشروع مارشال (حزيران 1947 ) التي ادخلت فيما بعد المانيا الغربية فيه قسراً دون اي استشارة شعبية، ثم حدث الحادث الاستفزازي الخطير عندما عمد الغرب الى شق مؤتمر لندن لوزراء الخارجية (تشرين الثاني 1947 ) وعمد الى عقد مؤتمر انفصالي غربي في صيف 1948 تقدم بما يعرف الان بتوصيات لندن التي وضعت ونفذت الخطوط النهائية لتجزأة المانيا وفرض نظام الاحتلال الغربي عليها ... ثم قام الغرب بالاصلاح النقدي الانفرادي المزعوم في المانيا الغربية في حزيران 1948 ، تلاه بتشكيل (المجلس البرلماني) المزيف ، فاعلان دولة بون في ايلول 1949.
وما ان وضع اديناور على راس الحكم في المانيا الغربية حتى بادر بشكل محموم استفزازي الى تنفيذ خطة الاستعمار العالمي في تهيئة الحرب العالمية الثالثة وذلك لارجاع عجلة التاريخ الى الوزراء واستعادة مواقع الاستعمار المنهارة في كل مكان وخضد شوكة الحركات التحررية والوطنية والقضاء في زعمه على العسكر الاشتراكي.
لقد بادر اديناور الى تصديق نظام الاحتلال الغربي في دولته الجديدة (1949) ثم اعقب ذلك بتصديق اتفاقية ادخالها في مشروع مارشال (كانون الاول 1949) وسارع الى رفض اقتراح جمهورية المانيا الديموقراطية لتشكيل مجلس تأسيسي لعموم المانيا يكون نواة لأعادة توحيد المانيا(1950)... وبدل ان يستجيب اديناور لطلب الرئيس غرونغول المعقول لعقد مؤتمر يمثل كلا الدولتين الالمانيتين لمناقشة اجراء انتخابات حرة في مجموع البلاد وتشكيل جمعية وطنية موحدة تقرر تشكيل دولة المانية موحدة ديموقراطية وسلمية، رد عليه بضرورة الحاق المانيا الديموقراطية بدولته الاستعمارية (بيان اديناور في ايلول 1951).
لقد رفض اديناور حتى مجرد فكرة المفاوضات بين اي كان حول المسالة الالمانية ، واعتبر مثل هذه المفاوضات المذكورة (ضربة قاسية لمجموع المانيا) – خطابه في البوندستاغ في 3 نيسان 1954. ولكنه لم يتورع عن ادخال بلاده في مجموعة الدفاع الاوروبية بتصديق ما يعرف (بالمعاهدة العامة)5 ايلول 1954 ، وطلبه علنا السلاح الذري من دول الغرب كرد على اقتراح اولبرفت في اجراء مفاوضات بين الدولتين الالمانيتين مباشرة حول المسألة الالمانية وعقد معاهدة الصلح(25 تشرين الثاني 1953). ثم عقد مؤتمر مؤتمر برلين التاريخي في كانون الثاني 1954، وتقدم الاتحاد السوفياتي باقتراحات تفصيلية عادلة حول مجموع المسألة الالمانية على اساس تحضير مسودة لمعاهدة الصلح مع المانيا من قبل الدول الاربعة بعد استشارة ممثلي كل من الدولتين الالمانيتين،وعقد مؤتمر للصلح لمناقشة المسودة وتصديقها ثم اجراء انتخابات حرة في مجموع المانيا تمهد لاعادة توحيد البلاد تحت اشراف حكومة مؤقتة لمجموع المانيا. ولكن الدول الغربية كعادتها عادت فرفضت تلك الاقتراحات. واستمر اديناور في متابعة تنفيذ خطط اسياده الاستعماريين فاعلن بشكل استفزازي ردا على مذكرة الجمهورية الالمانية الديموقراطية حول ضرورة الغاء معاهدات بون وباريس ، رد بان المانيا الموحدة نفسها سوف تبقى في الاحلاف الغربية العدوانية وفعلا تم نفاذ مفعول الاتفاقيات المذكورة التي ادخلت جمهورية بون في حلف الناتو( الاطلسي) اعتبارا من آذار 1955. وبالرغم من هذا الاجراء العدواني الخطير لم تيأس جمهورية المانيا الديموقراطية ولم تفقد صبرها فاستمرت في تقديم اقتراحاتها البناءة لاجراء استفتاء عام حول تسليح المانيا وعضويتها في الاحلاف العسكرية( اقتراح المجلس الشعبي على البوندستاغ 1955) واجراء انتخابات حرة بعد الغاء اتفاقيتي باريس وبون(اقتراح كروترزل في آب 1955 ) وتشكيل مجلس لمجموع المانيا كاداة فعالة لتوحيدها على اساس كونفدرالي (اقتراح اولبرفت في 30 كانون الثاني 1957 )... ولكن اديناور رد على جميع ذلك باعلان الخدمة العسكرية الالزامية ( تموز 1956) واستحصال قرار من الغرب بتزويد دولته الاستعمارية بالسلاح الذري (آذار 1958 ). الخلاصة ان سياسة اديناور حول المسألة الالمانية هي سياسة خيانية فاضحة لمصالح الشعب الالماني فضلا عن تهديدها الخطير للسلم في اوروبا وفي العالم اجمع.
ان هذه السياسة تقوم من جهة على ادامة تجزئة المانيا وعرقلة وحدتها على اسس ديموقراطية سلمية. وتقوم من جهة ثانية التهيئة الجدية لتنفيذ خطة عدوانية انتقامية على خطوات لالحاق المانيا الديموقراطية وحدها بحكومة بون الاستعمارية فقط بل للاعتداء على جميع الدول الاوروبية المجاورة واحباط نتائج الحرب العالمية الثانية التي اثارتها الفاشية والعسكرية الالمانية. ومن يطالع المطبوعات الرسمية في المانيا الغربية ومنها مثلا مجلة (سولداتن زايتونغ) التي تمولها وتديرها وزارة الدفاع الالمانية الغربية يجد تفاصيل صريحة عن اهداف الاستعمار الالماني الاجرامية في هذا الصدد، فهو يريد علانية اعادة ما يسمى (بالمناطق الشرقية) الى حدود عام 1937 ، واسترجاع اراضي السوديت الجيكوسلوفاكية الى حدود اتفاقية ميونيخ 1938 ، واستعادة ميمل حسب حدود 1939، واغتصاب الدانزك والممر البولوني وسيليسيا العليا الى حدود الامبراطوريةالقيصرية قبل الحرب العالمية الاولى.... الخ .... بل ان هناك وثائق رسمية وشبه رسمية كثيرة تدل على نيّة اديناور السخيفة في القضاء على المعسكر الاشتراكي برمته باسم مايسمى (تحرير) مجموع اوروبا الشرقية من الخطر الشيوعي المزعوم. وقد جاء في تصريحات النائب الالماني الغربي هاينمان في مجلس البوندستاغ في جلسة 13 كانون الثاني 1958 بمناسبة مناقشة بعض اوجه القضية الالمانية... جاء ب (ان اديناور لن يوافق على اجراء انتخابات حرة حول الوحدة الالمانية ومعاهدة الصلح قبل (تحرير مجموع اوروبا الشرقية)).
وتقوم سياسة اديناور من جهة ثالثة على تسليح المانيا وتزويدها باحدث الاسلحة الذرية والصاروخية واعادة الجنرالات النازيين من مجرمي الحرب مرة ثانية على راس الجيش الالماني العدواني، وقد صرح وزير الدفاع الالماني الغربي شتراوس في 23 حزيران 1960 في مجلس البوندستاغ بان المانيا تستطيع تجهيز حوالي مليون جندي نتيجة الخدمة العسكرية الالزامية وحوالي 5 ملايين جندي آخر تحت اسم ما يسمى (الدفاع المدني)، هذا فضلاً عن الفيرماخت التابع لمنظمة الناتو(حلف الاطلسي) والجيش الاقليمي وحرس حماية الحدود. وبوليس البرايتشافت وعشرات المنظمات شبه العسكرية كمنظمة الخوذ الفولاذية والكيفهوبزربوند .... الخ
ان جيشا على رأسه امثال شتراوس وشبايول واوزنكر وبلانك يشكل خطراًَ مميتا على مجموع الشعوب الامنة وعلى السلم العالمي مباشرة وسينهمك في خدمة الاحتكارات العالمية والالمانية. ويكفي ان يعلم المرء ان جمهورية بون يديرها اليوم امثال اديناور وشرويدر وايرهارد وكرستنماير وغلوبكة واوبرلاندر بالتواطؤ مع خونة الاشتراكية الانتهازيين امثال مومر و فينر ليدرك بوضوح الخطر الهائل الذي ينبعث اليوم من هذه الدولة الاستعمارية العدوانية ضد امن الشعوب وسلامتها.
وتقوم سياسة اديناور من جهة خاصة على استخدام برلين الغربية كموقد دائم لاثارة الاستفزازات الطائشة وتشديد الحرب الباردة والقيام باعمال التجسس والتخريب في المانيا الديموقراطية ومجموع الدول الاشتراكية المجاورة. ويمكن ان تذكر بين اعمال الاستفزاز التي لا يحصرها العد استمرار المظاهرات الفاشية التهديدية في هذه المدينة ، والخرق المستمر لسيادة المانيا الديموقراطية (الممر الجوي المزعوم) وتجنيد شبابها في القوات الالمانية خلافا لنصوص اتفاقية بوتسدام، وادماج صناعاتها بصناعات الحرب في المانيا الغربية وتشكيل عشرات المنظمات الفاشية وشبه العسكرية فيها، وعقد اجتماعات المؤسسات السياسية العليا الالمانية الغربية في اراضيها ... الخ.
واخيرا فان سياسة اديناور في المسألة الكولونيالية لا تختلف من حيث الجوهر عن سياسة الاستعمار الالماني الكلاسيكية في هذه المسألة، وذلك لان نفس الاوساط الاحتكارية الامبريالية التي كانت وراء سياسة المانيا القيصرية قبل الحرب العالمية الاولى وسياسة جمهورية فاينار ثم السياسة النازية الهتلرية بين الحربين العالميتين، لاتزال نفس الاوساط المذكورة تسيطر اليوم على مجموع الاقتصاد الالماني لجمهورية بون... وبالتالي فهي لن توجه سياستها الداخلية والخارجية. على ان الاستعمار الالماني بالنظر لتغير ميزان العلائق الدولية في الوقت الحاضر وبنتيجة تفوق المعسكر الاشتراكي واتساع حركة التحرر الوطني وتعاظم قوى السلم في العالم ،اضطر لتغيير الكثير من اساليبه التقليدية في المسألة الاستعمارية واتباع خطط وسائل جديدة تتفق مع المرحلة الحالية من تاريخ العالم ، مرحلة تفكك النظام الاستعماري والانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية، وهذه الخطط والاساليب تكون جوهر مايسمى اليوم ( بالكولونيائية الجديدة).

ان اهم الخصائص التي يتسم بها الاستعمار الالماني في المرحلة الحالية هي في راينا مايلي :
1. الاستمرار على اطراء السياسة الكولونيائية القديمة للاستعمار الالماني ووضع عدة نظريات زائفة لتبرير السياسة الاستعمارية القديمة الالمانية القيصرية وجمهورية فايمار ، ومحاولة ايجاد المبررات حتى للسياسة الهتلرية نفسها . ويكفي ان يلقي المرء نظرة سريعة على مئات الكتب الاقتصادية والسياسية التي تصدرها دور النشر في المانيا الغربية لكبار المسؤولين والقادة الحاكمين للتاكد من ذلك (مؤلفات ايرهارد وهالشتاين وغريفة وكرستنماير مثلا).
2. العمل لاسترجاع المستعمرات الالمانية القديمة وخاصة في افريقيا باتباع اساليب اقتصادية وعسكرية جديدة ... وخاصة تحت شعار (البارتنرشافت) او المشاركة.
3. الدعوة للاستعمار الجماعي عن طريق ادماج الاقتصاديات الاستعمارية مع بعضها والوقوف قوة واحدة تجاه الثورة العالمية المعاصرة ضد الامبريالية . ومن ابرز دعاة هذه السياسة بين حكام بون وزير الاقتصاد ايرهارد والبروفيسور هالشتاين.
4. تشديد سياسة التجزئة في البلدان الكولونيالية والبلدان المستقلة حديثاً (مثال ذلك الكونغو ،اندونيسيا،فلسطين،لاوس، الفيتنام ... الخ).
5. منع تصنيع البلاد المستقلة حديثاً وخاصة في مجالات الصناعة الثقيلة، ومنع تطورها الاقتصادي المستقل والحيلولة دون تعاونها مع الدول الاشتراكية، وربطها بعجلة الاستعمار العالمي بمختلف الصور والاشكال.
6. المقاومة الضاربة لثورات التحرر في البلدان الكولونيالية ، والمشاركة النشيطة في جميع حركات الردة الاستعمارية ضدها ، والتعاون مع جميع الدول الاستعمارية لاخماد الثورات التحررية في المستعمرات. ( مثال ذلك في الجزائر ،فلسطين، انغولا، السويس ، الكونغو،كوبا ..... الخ).
7. التحالف مع الصهيونية العالمية كاداة للاستعمار الجديد واسناد اسرائيل اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً لخدمة اهداف الاستعمار العالمي .

من هذا الاستعراض السريع لسياسة الغرب وسياسة اديناور في القضية الالمانية يتضح السبب في رفضها المستمر لعقد معاهدة صلح مع المانيا ، ذلك لان الغرب يعمل بجنون للاستعاضة عن المعاهدة المذكورة بمعاهدات بون وباريس ، وتحويل المانيا – كما حصل الان بالفعل- لترسانة مسلحة ومخزن هائل للاسلحة الذرية والصاروخية ،ودفع الشعب الالماني مرة اخرى في طريق الاعتداءات وزج العالم اجمع في اتون الحرب العالمية الثالثة ... وكل ذلك لتاخير تصفية نظام الاستعمار العالمي والحيلولة عبثاً دون انجاز اهداف الثورة العالمية المعاصرة.
ان شيئا واحدا يستطيع وقف الاوساط الاستعمارية العالمية وفي مقدمتها المانيا عن تنفيذ خططها الاجرامية ضد امن الشعوب والسلم العالمي، هو وقوف جميع الشعوب المحبة للسلم والمعادية للاستعمار على اختلاف عقائدها السياسية ونظمها الاجتماعية في جبهة عالمية واحدة لغرض فرض الحلول العادلة للمسألة الالمانية وفي مقدمة ذلك عقد معاهدة الصلح مع المانيا . ان معاهدة الصلح المرسومة وفق اسس ومبادئ بوتسدام تؤدي الى النتائج التالية:-
1. ازالة آثار الحرب العالمية الثانية واعادة العلاقات الطبيعية مع المانيا، كما تم ذلك فعلا بالنسبة لدول اوروبا الاخرى عام 1947 (امثال ذلك ايطاليا وفنلندا وهنغاريا ورومانيا ...... الخ).
2. كبح جماح العسكرية الالمانية ، ووضع عقبة كأداء دون اثارة الحرب العالمية الثالثة والتمهيد التدريجي لالغاء اتفاقيات باريس ونزع سلاح المانيا ضمن نطاق نزع السلاح العام الشامل والغاء القواعد العسكرية فيها وجلاء جميع الجيوش الاجنبية عنها..... الخ.
3. وضع اسس اوربا الجديدة لما ينسجم مع الانتصارات الديموقراطية والاجتماعية التي تمخضت عنها الحرب العالمية الثانية، وتثبيت الحدود الاوربية وفق اتفاقيات يالطا وبوتسدام ،ووضع حد نهائي للاحلام الجنونية التي تراود الجنرالات النازيين الذين عادوا اليوم ثانية على راس الجيش الالماني وجيوش دول الناتو للانتقام من معسكر السلم وخاصة المعسكر الاشتراكي لانقاذهما العالم من فضائح النازية وجرائم الهتلريين.
4. التمهيد نحو توحيد المانيا انطلاقا من التفاهم بين الدولتين الالمانيتين الحاليتين وذلك بمنح الشعب الالماني كامل حقه في تقرير مصيره واختيارالنظام الاجتماعي الذي يلائم تطور الاقتصاد الالماني على اسس سلمية ، ودخول المانيا الجديدة في هيئة الامم المتحدة ومساهمتها في بناء حضارة العالم.
5. تثبيت مبادئ التعايش السلمي وذلك عن طريق تركيز اسسه بين الدولتين الالمانيتين الحاليتين.

ان المحتوى الاساسي لمسالة عقد معاهدة الصلح مع المانيا في اللحظة الحاضرة هو مسألة السلم، ولهذا السبب بالضبط تعمل جميع قوى الحرب العدوانية لعرقلة عقد المعاهدة المذكورة وتهدد الداعين لعقدها بالويل والثبور.... ولكن النظام الاستعماري يغذ السير سريعاً نحو حتفه الاكيد.... ولسوف تعقد معاهدة الصلح بالتاكيد خلال هذا العام، ولسوف تستطيع قوى السلم المتعاظمة ان تفرض العقاب الصارم على اللاعبين بالنار.
ان الشعوب العربية التي كانت ولا تزال تقاسي الامرين من السياسة الاستعمارية العدوانية لحكومة بون وخاصة في اخطر قضيتين عربيتين وهما قضية فلسطين وقضية الجزائر، لتقدر اعظم التقدير الجهود المخلصة المثابرة التي تبذلها الدول المحبة للسلم وخاصة الاتحاد السوفياتي وجمهورية المانيا الديموقراطية لحل المسألة الالمانية حلاً عادلاً يستجيب لمصالح الانسانية ويحقق السلم العالمي، وهي تعتبر هذه الجهود مساهمة جدية في اسناد حركة التحرر العربية والتخفيف من الضغوط الاستعماري عليها.

الوثيقة رقم (3)
رسالة مفتوحة إلى مجلس قيادة الثورة
من الاستاذ إبراهيم كبه
حول الترقية والعزل السياسي

السادة رئيس وأعضاء مجلس قيادة الثورة المحترمين

بتاريخ 1-1-1962 تمت ترقيتي من مدرس إلى أستاذ مساعد في جامعة بغداد وبتاريخ شباط 1963 تم عزلي من الجامعة لأسباب سياسية ، وفي بداية العام الدراسي 1968 تمت إعادتي إلى الجامعة (بناء على أعمالي العلمية القيمة) كما يشير أمر إعادة التعيين . وفي خلال هذا العام طلبت ترقيتي إلى مرتبة الاستاذية وأيد القسم العلمي في كليتي استحقاقي لها ، وأيدت عمادة كلية الإدارة والاقتصاد ذلك وعندما أحيلت القضية إلى (لجنة الترقية) في جامعة بغداد ، اجلت هذه اللجنة النظر في قضيتي ، مقترحة على (الهيئة العلمية) في الجامعة الموافقة على إكمال مدة الترقية جزئياً من مدة العزل السياسي بمقدار عام واحد ، فأحالت الهيئة المذكورة الاقتراح إلى (مجلس الجامعة) للبت فيه من الناحية المبدئية ولكن مجلس الجامعة بدل البت في هذه القضية المسبقة ، ليتسنى للجنة الترقية البت في القضية في ضؤ قرارها المبدئي ، أمتنع المجلس عن البت في ذلك ، ولم يكتف بهذا ، بل سحب القضية من لجنة الترقية ، خلاف كل الأعراف القانونية والجامعية ، وبت فيها بالرفض دفعة واحدة بحجة عدم إكمالي المدة القانونية وبذلك تجاوز المجلس كل الإجراءات الأصولية للنظر في القضية في مراحلها المختلفة في ضؤ التقارير المقدمة والسوابق الجامعية .

السادة رئيس وأعضاء مجلس قيادة الثورة المحترمين

ان السبب الذي حملني على طرح القضية أمام الرأي العام وأمامكم علناً هي أنها قضية عامة تتصل مباشرة بموقف الحكومة من آثار العزل السياسي ومن قضية الذهنية التي تسير جامعة بغداد وقضية مستقبل التعليم العالي في هذا البلد . إنني كما يعلم الجميع في غنى عن تزكية البعض لتقييم أعمالي العلمية . لقد ألفت منذ ترقيتي الأخيرة قبل عشر سنوات تقريباً عشرة مؤلفات علمية وكتبت عشرات الدراسات المعروفة ، وقد عقدت ندوة علمية خاصة في جامعة القاهرة مؤخراً لتثمين أحد مؤلفاتي الاقتصادية الأخيرة ، ولي من تقدير عشرات الألوف من تلاميذي وعشرات النقاد المعجبين في الداخل والخارج ما يشرفني ، ولكنني أسأل مجلس قيادة الثورة المحترم ، أبهذه الذهنية المسيطرة على بعضهم تريدون إصلاح التعليم العالي ، وهل أن في سياسة الحكومة فعلا اعتبار العزل السياسي عقبة تحول دون ترقية العلماء والأساتذة ؟ ولماذا سبق للجامعة أن قامت بترقية أساتذة آخرين بالرغم من عزلهم السياسي كحالة الدكتور تحسين معلة مثلاً ؟ إنني لعلى يقين بأن رسالتي هذه لن تذهب هباء وأن المجلس المحترم سوف يبادر لتصحيح الأوضاع في الجامعة بما ينسجم مع السياسة العامة في تعزيز الفكر العلمي فيضع حداً لتقاليد كنه والجمالي سيئة الصيت ، ويقضي على عقدة مستعصية هي عقدة مقاومة الاشتراكية لا بالعلم والجدل العلمي بل بتعريض أصحابها إلى الإهانة المعنوية والإيذاء المادي .
وشكراً


إبراهيم كبه
أستاذ مساعد في جامعة بغداد

انظر للكاتب :

• ابراهيم كبة غني عن التعريف
• عام كامل على رحيل ابراهيم كبة


يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية :
1. http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2. http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3. http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4. http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5. http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6. http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7. http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8. http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا
- مساهمة جادة في دراسة وثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العر ...
- ديمقراطية عبد العزيز الحكيم والشعب العراقي – بدالة تلفونات ا ...
- خواطر كهربائية في بلاد الرافدين
- تأجيل الأنتخابات النقابية الهندسية في العراق .. من المستفيد ...
- حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
- الطرق الصوفية والمدارس الدينية في كردستان
- لا تستر على حماقات الاصوليات السياسية بعد اليوم
- المهندس الديمقراطي العراقي وحق العمل النقابي الحر
- حسن نصر الله والصهيونية ومزبلة التاريخ
- ثورة 14 تموز والفكر العلمي
- عيد العمال العالمي في عراق ما بعد التاسع من نيسان
- أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية
- زيادة أسعار الوقود ... حماية دخل الكادحين ام افلاس حكومي
- جدليات العمل النقابي العمالي في العراق
- مام جلال وشهداء الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان
- الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجم ...
- جدل التشيع في العراق الجديد
- الديمقراطية الشرعية النقابية أساس وحدة الحركة النقابية العما ...
- الجدل العسكري في العراق الحديث


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عامان على رحيل ابراهيم كبة