أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟














المزيد.....

المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1709 - 2006 / 10 / 20 - 05:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الحديث عن التنجيم والمنجِّمين، أو عند استماعنا لتنبؤاتهم، لا ننسى أبدا القول البليغ: "كذب المنجِّمون ولو صدقوا"، فما معنى هذا القول؟ لو أنني تنبأتُ باغتيال زعيم سياسي شهير بعد بضعة أشهر، مثلا، وحدث ذلك، لصدق تنبؤي. ربما مصادفة صدق، وربما لسبب آخر صدق، فبعض المنجِّمين ليسوا بمنأى عن تأثير أولئك الذين لديهم "معلومات"، أو لديهم صلة بصناعة الأحداث، فكم من "توقُّعٍ سياسي" كان لرجال السياسة مصلحة في إلباسه لبوس "تنجيم منجِّم"!

فإذا كنتُ بهذا المعنى أصدق فبأي معنى أكذب؟ أكذب في زعمي أنني قد تنبأتُ بذلك إذ راقبتُ النجوم بحسب مواقيتها وسيرها واستطلعتُ مطالعها، أي أنَّ كذبي كان في "الطريقة" أو "الأسلوب".

وهكذا يكذب المنجِّمون في "الطريقة" التي يزعمون أنَّهم بفضلها وعبرها تنبأوا بأحداث المستقبل، ويصدقون إذا ما تحققت تنبؤاتهم، مصادفة أو لسبب آخر مثل الذي أتينا على ذكره، والذي يجعل المنجِّم مثل الصحافي الذي يحصل على "معلومة" من "مصدر معلومات موثوق" فينشرها في شكل "توُّقع"، قد تأتي الأحداث بما يثبت أنَّ "توقُّعه" كان سليما!

الزمن بعضه "ماضٍ"، وبعضه "حاضر"، وبعضه "مستقبل". في "الحاضر" فحسب، وبمعونة بعضٍ من "الماضي"، نصنع نحن "المستقبل". إننا نصنع هذا "المجهول الكبير" بكل ما لدينا من "معلوم". نصنعه، ولكن مع الرغبة في أنْ يأتي إلينا مَنْ في مقدوره أنْ يُحوِّل بعضاً من هذا "المجهول الكبير" إلى "معلوم". وهذا الذي نرغب" دائما، في أنْ يؤدِّي هذا الدور أو العمل على خير وجه ليس "العالِم"، أكان عالِماً في الفيزياء أم في السياسة، وإنَّما "المنجِّم"، أي "عالِم الغيب" من البشر.

وفي "الحاضر"، حيث يُصنع أو نصنع "المستقبل"، ننظر إلى "الماضي" نظرة لا تقل سخافة، فنتمنى أنْ نعود إلى مرحلة من ماضينا حتى نقوم بشيء لم نقم به، أو حتى نحجم عن القيام بشيء قد قمنا به. لماذا؟ حتى نتلافى مصيبة قد حلَّت بنا!

إنَّها "الحكمة" التي نصبح من أهلها؛ ولكن بعد فوات الأوان!

كم من البشر أُوتوا هذه "الحكمة" التي لا طائل فيها، فيقول أحدهم وهو يقاسي آلاماً ومتاعب تسبَّب بها "خطأ" ارتكبه في الماضي: "لو عدتُ إلى تلك المرحلة من الماضي لفعلتُ كل ما في وسعي من أجل أنْ أمنع نفسي من ارتكاب هذا الخطأ الذي أعاني وأكابد عواقبه في الحاضر"!

كلا، فلولا هذا "الخطأ" الذي ارتكبه في الماضي لما أوتِيَ هذه "الحكمة"!

لو عاد إلى الماضي لما فعل إلا شيئا واحدا هو ارتكاب "الخطأ" ذاته!

مَنْ هو "ابن الحاضر"؟ إنَّه الذي يؤمن بأنَّ المستحيل بعينه هو "إلغاء الماضي"، فما حَدَثَ حَدَثْ، وليس ممكنا غير شيء واحد هو أنْ يعتبر بتجربته ويتَّعظ. وهو، أيضا، الذي يؤمن بأنَّ "المستقبل" ليس بالشيء المصنوع مِنْ قَبْل أو سلفاً، فهو شيء "قيد الصنع"، أي أنَّ "الحاضر" و"الماضي" ينجبانه بزواجهما الشرعي.

وإذا كان "الماضي" لا يمكن إلغاؤه فإنَّ "المستقبل" يمكن التأثير فيه، فالبشر يمكنهم وينبغي لهم أنْ يصنعوا مستقبلهم بأيديهم، وعلى النحو الذي يريدون، فأحداث المستقبل ليست "خبراً" يأتينا به منجِّم بعد استطلاعه مطالع النجوم. إنَّها شيء يمكننا وينبغي لنا توقُّعه بناءً على "المعلومات" التي تأتينا بها "مطالع الواقع الذي نعيش"، والتي تضرب جذورها عميقا في ماضينا وماضي أسلافنا. بناء على هذه "المعلومات" فحسب يمكننا "التوقُّع"، الذي ينبغي لنا أنْ نجتهد في جعله يشبه أكثر فأكثر توقٌّعنا أنْ يسقط إلى الأرض هذا الحجر الذي قذفنا به في الهواء.

"الفشل" هو أنْ تذهب التطورات بالتوقُّعات؛ أمَّا "النجاح" فهو أنْ تأتي أحداث المستقبل بما يقيم الدليل على صواب التوقُّعات، فليس من شيء حَدَثَ في الماضي، أو يحدث في الحاضر والمستقبل، إلا بقوة الضرورة (الطبيعية أو التاريخية) فالواقع إنَّما هو شيء اجتمعت أسباب نشوئه فنشأ، ولسوف تجتمع أسباب زواله فيزول؛ أمَّا أسباب النشوء وأسباب الزوال فتكمن فينا، وفي واقعنا، في ماضينا وفي حاضرنا، ولا تكمن أبدا في مواقيت النجوم وسيرها. إنَّ السماء تعلونا؛ ولكنَّها لا تعلو علينا في صُنع مستقبلنا!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الفساد الذي لم ينجُ منه حتى الأطباء!
- الفقر
- الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
- عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!
- -ديمقراطية- الطبيعة و-ديكتاتورية- التاريخ!
- -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!
- آخر خيارات عباس
- سياسة -الإفقار الاقتصادي- للمواطن!
- حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- وزن -الكلمة-
- مشاعر الكراهية للآخر..
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!
- الميزان الفلسطيني المفقود!
- -حزب الله- ينتقل إلى الهجوم!
- مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟