أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الزهرة العيفاري - الفيدرالية ليست غاية . انها وسيلة من وسائل تنظيم الدولة















المزيد.....


الفيدرالية ليست غاية . انها وسيلة من وسائل تنظيم الدولة


عبد الزهرة العيفاري

الحوار المتمدن-العدد: 1707 - 2006 / 10 / 18 - 08:30
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


( في ضوء علم الادارة والاقتصاد )

بالرغم من ان الغاية والوسيلة ينتميان هنا الى الفيدرالية ويضمهما اطار واحد . الا انهما قد يفترقان من حيث المصالح بالنسبة للسياسيين . وليس بعيدا ان تتحول مسألة الفيدرالية الى مأساة وطنية . !!! وذلك عندما يعتبرها طرف سياسي ماهي الا مطلب طائفي !! وهي ليس اكثر من غاية لــه !!! . ثم يصر على فرضها على الوطن وعلى الآخرين مستخدما ًالظرف الحرج الذي تعيشه الدولة وان ظروفا معينة اكسبته هيمنة سياسية في البلاد . و من المؤكد ان الاراء التي اعتمدت بهذا الخصوص لم تنل اية دراسات اوتهيئة علمية او دلائل عملية ، بل جرى اطلاقها كشعار سياسي يراد منه المزايدة في سوق المضاربات السياسية . وتكون الخطورة اشد واكثر ايلاما عندما يراد للفيدرالية ان تصبح رمــزا ً ً ظلاميـا ًمنذ البدء بالمطالبة بها بصورة عاجلة .
وليس خاف على احد ان هناك ايضا ً من ينكر ضرورة الانتقال الى النظام الفيدرالي أساسا ً ويقوم بتســفيه الأفكار الداعية له . ونحن نعطي هنا رأينا مباشرة : ان شطب النظام المذكور بدون دراسة ، في الواقع ،يعني ايضــا شـــطب فرصة من فرص التنمية وتنظيم الحياة الاقتصادية ونشر الديمقراطية في عموم البلاد . فالنظام الفيدرالي يعتبر من الانظمة المتحضرة اذا ما بني على مبادئ صحيحة وتلبية لضرورات اقتصادية واجتماعية .
وعليه ، نزعم أن تحويل البلاد الى نظام فيدرالي لا ينبغي ان يتم تحت ضغط انعزالي صادر من جهة مهيمنة على الموقف السياسي ومعتمدة على اكثريتها البرلمانية . او ( مثلا ) من خلال التوافق بين أطراف معينة كما عود نا سياسيونا . وعلى هذا مــا كان ضروريا اطلاقا ً اقحام مجلس النواب لأتخاذ قرار مستعجل بشأن تأسيس الفيدراليات دون حساب للنتائج النهائبة المترتبة على تأسيس النظام المذكور !.
الامر وما فيه ، كون الفيدرالية نظاماً حضارياً ، ينبغي اذاً أن يقترن بناؤها بأدق الدراسات العلمية بشأن الظـروف المحلية و متطلبات التوزيع الجغرافي للموارد الطبيعية وعوامــل التكامل الاقـتصادي بين المناطق الـزراعية والصناعية والسياحية . .... ومن المؤكد انها يجب تبنى وفقا لعلوم الادارة والاقتصاد . وأخيراً، انها تتطلب مراعاة التقاليد الشعبية ورغبة السكان في ذلك وضمان الوحدة الوطنبة كشرط أساسي لا مفــر مـنه أيضا ً . بينما مجريات الامور تدل على ان الذين وضعوا الموضوع للتصويت لم يناقشوه على هذا المستوى حتى مع انفسهم .
ويلاحظ من النقاشات والمساجلات حول موضوع العراق الفيدرالي ان امرا ً جوهريا ما يزال غائبا ًعن اذهان كافة المتحمسين للاسراع بتقسيم مساحة وسكان العراق الى فيدراليات . الا وهو تكوين وتهيأة وتدريب الاجهزة الادارية والرقابية ( الادارية والحسابية والقانونبة ) سواء كان ذلك في المركز او في الاطراف ( المحافظات او الفيدراليات المنتظرة ) لكي تكسب العملية نصيبها من النجاح . وهذا وحده يحتاج الى فسحة واسعة من الوقت والى جهود استثنائية من الدولة لكي تؤمن وتضمن النجاح لهذا الهدف الكبير .
وليس نادرا ، ان نسمع تصريحات من نواب في البرلمان ومن صحفيين موالين لتيارت معينة ومن سياسيين جدد ظهروا على عجالة في الشارع العراقي مؤخرا ًوهم في معرض المطالبة بالفيدرالية ، نجدهم غير ملمين بجوهر النظام الذي يتكلمون عنه . بل انهم فقط يحلمون بأشياء وردية بعيدة كل البعد عن الصورة المحتملة للنظام المذكور فيما لو " تحقق "بهذه الطريقة التي يريد فرضها ( الأئتلاف ) ويتكلم عنها مؤيدوه . تلك الطريقة التي ـــ كما نشاهد ـــ لا تعتمد على العلم وليس لاصحابها تصور صحيح وواضح عن تجارب الممارسة في العالم .
وباعتبارنا ابناء لهذا الوطن ، بغض النظر عن مواقعنا الاجتماعية والسياسية ، علينا الانصات لبعضنا والاستماع الى اهل الخبرة منا حول هذا المشروع الجاد . وربما يجتمع جمهور كبير ومتزايد باستمرار على قبول وتأييد النظام الفيدرالي اذا ما جرى تأجيل النقاش به الى ظروف اخرى ، غير الظروف التي نعيشها الآن .
فالارهاب اليوم ( مثلا )هو الخنجر المسموم الذي يمزق كل ما يقع تحت سلطتـه من جســم البلاد . وهذا ما يفترض ًعدم انشغال الدولة او اشغالها بأمور جديدة لم يألفها الشعب بعد . بل المهم التوجه كليا ًلاستئصال شأفة الارهاب اولا ً وقبل كل شيء . وذلك بتوجيه كافة قواها واهتمامها وكادرها الوظيفي والعشائر المترامية على كل مساحة البلاد ومركزة قواتها المسلحة ومسكها بقبضة واحدة ثـم دفـعـها كالسيـل ضـد العـدو رقـم واحـد الذي هو الارهاب .
كما من الخطأ الفاضح اذا اعتبرنا ان مهمة البناء والاعمار ستتم فيما لو رميت على عهدة اقاليم او محافظات منفردة اسـتنادا ً الى قواها الخاصة وكادرها المحلي الذي نراه . وما نريد ان نقوله هنا ان ًالمٍسـألة التي يجب ان تسبق ارســاء النظام الفيدرالي رسميا ً هي بدون ادنى شك ، مسألة البناء والاعمار وفق ارادة و خطة مالية ورقابة مركزية . ومن المنطقي ان هدف البناء والاعمار يستدعي عدم البعثرة المالية من جهة وحصر المسؤولية الادارية وتفاصيل الخطط بشأنها من جهة اخرى ، كلها بيد الدولة ( سواء كانت مسؤولية حكومية عا مة او خاصة تتعلق باشخاص قياديين في الدولة ) .
ذلك ان الفيدرالية يجب ان تبنى على الخير والكفاية . وليس على الخرائب والمستنقعات المنتشرة بدلا من الحدائق في الشوارع والساحات . فعن أية فيدرالية يمكن الكلام وعن اية ادارة مستقلة للمحافظات بينما الشعب كله يبكي على موتاه ونصفه مهجر من مناطقه والجثث في الشوارع واغلب الاطفال اما مرضى او انهم بدون مدارس او انهم مكدسون في خيام والشتاء على الابواب . ...!! نعـــم ايها السياسيون الاعزاء : ً البناء والاعمار اولا ً. وبعد ذلك فإن الحياة كلها امامنا . وسيأتي اليوم المناسب الذي ننظم فيه بيتنا واقاليمنا بجدارة واساليب حضارية . وبدون عجالة وارتباك .
ثــم ان الدولة العراقية اليوم منخورة بصورة لاتصدق من جراء الفســـاد الاداري والمــالــي . فكيف يصـر بعض السياسيين على نظام فيدرالي وتقسيم العراق الى اقاليم ؟؟ والدولة لم تستطع بعد الغاء هذه الظاهرة الخبيثة من حياة البلاد وعلى كل المستويات ، (من المحافظات حتى العاصمة ). واذا كان الفساد منتشرا ً فيي ارقى المجالات الحكومية ابتداء ً من التعليم حتى وزارة الكهرباء ومن وزارة التجارة حتى جهاز الشرطة والامن .... والخ . فهل يريد السادة "" الفيدراليون "" اقامة " الديمقراطية " في الاقاليم تحت (الضلال الوارفة) !!للفساد والسرقات ؟ . واذا كانت الدولة تعلن عجزها في كل مناسبة عن استئصال هذا المرض السرطاني الخبيث فهل من الحكمـــة "اهدائه " الى الفيدراليات المنتظرة اذا ما انشــأت بسرعة ؟ . اليس من الحكمة السياسية تنظيف البلاد من ادران الفســـاد اولا (على مستوى اجهزة الدولة كلها) ، ومن ثــم التهؤ لفتح صفحة الاقاليم !! . اليس كذلك؟؟ .

ومن الاخطاء الشائعة عندنا ،ان انشاء المحافظات او الاقاليم الفيدرالية في نظر البعض تعتبر الضمانة لانقاذ البلاد من نشوء دكتاتورية المركز والابتعاد عن اخطار الانقلابات العسكرية .
وهنا يبدو ان الخوف الذي اورثه نظام البعث الغاشم جعلهم يفكرون باضعاف سلطة الدولة المركزية عن طريق توزيع "الصلاحيات" على المحافظات ( اوالفيدراليات ) . وكفى الله المؤمنين شر القتال!!! .
قبل كل شيء ، ان فكرة اضعاف المركز تعني اضعـاف الدولة عموما ً.وهذه جريمة شنعاء بحق الدولة . وهي لاتعني تقوية للمحافظات اطلاقا ً .ووجود محافظات فيدرالية لا يؤدى تلقائيا الى ثبات لموقع المركز . بل من الثابت عمليا ان الدول الفيدرالية تسعى دائماالى ان يتمتع المركز بالقوة ًليضمن سلامة بناء ورصانة المحافظات الفيدرالية وقدرتها على تنفيذ الاعمال المناطة بها على الوجه الاكمل . وان السلطة العليا في الدولة ملزمة بمتابعة نشاطات المحافظات الفيدرالية باعلى درجة من الدقة والحزم . وقد تحاكم وتعاقب المسيئين من المسؤولين . وهي تدعم اجراءات الفيدراليات المتخذة بشأن المخالفين للقوانين والعناصر الفاسدة التي تمارس سرقة المنتجات النفطية وتهريب الثروة الحيوانية ومثيري الفتن بين الطوائف . بل وقد يعلن المركز الادانة لسلطة المحافظة عندما يجد دلائل تشير الى تهاونها تجاه الخروقات الدستورية او اهمالها في تنفيذ واجباتها كسلطة شعبية .
ان الدولة الفيدرالية الديمقراطية يجب ان تكون ذات اجهزة ادارية مركزية ضاربة في طاقمها الاداري والتكنوقراطي والقانوني . على ان تعمل قيادة الدولة ، بدورها على نقل هذه المواصفات ذاتها الى الفيدراليات ايضا . واذا كانت هناك جهات دينية اوسلفية اوشوفينية او ذات علاقات روحية بدولة اخرى فيجب ان تواجه بحزم وفقا للمصلحة الوطنية وبالتالي قطع دابر اية نشاطات تسـبب ضررا للوحدة العراقية سكانا وترابا وحدودا ً .
ونود ان يعلم السادة الداعين الى النظام الفيدرالي ( ونحن انفسنا نطمح الى تأسيس عراق فيدرالي ) ان الدولة العصرية ، العادلة ، الديمقراطية ، والتي تحترم شعبها و تسعى الى احراز المكانة العليا بين دول العالم هي تلك الدولة التي تقوم بفصل الدين عن الدولة . وهذا المبدأ الحضاري يدل ، قبل كل شيء ، على احترام الدين وقدسية تعاليمه . ان مبدأ فصل الدين عن الدولة يعني من الناحية العملية ، حماية الدين الحنيف من السطو عليه من قبل السلطات الغاشمة والحكام الدكتاتوريين . وبعبارات اخرى يعني منع استخدامه كأداة مساعدة للبطش والتنكيل و تفرقة المواطنين وجعلهم شيعا واحزابا متناحرة على طريقة ( فرق تســد ) او غلبة طائفة على اخرى .
وبالمناسبة كلنا شهود عيان . وقد رأينا شخصيا كم استخدم الحكام الذين توالوا على حكم العراق او الجهات السياسية الظلامية العامل الديني لتفرقة الصفوف وتشديد ارهاب الدولة وحكمها البوليسي المعادي للشعب والوطن .
وليس صعبا ان نتذكر ( على سبيل المثال ) فترات حكم البعث بعد انقلابهم على حكومة تموز . وكذلك حكومة عبد السلام وما بعده . وحكم الطاغية صدام الذي كان "يصلي" اما الكامرات التليفيــزيونية بعد كل حفلة من حغلات الدم او قتل عالم ديني وامام من ائمة المسلمين .. وهاهم التكفيريون اليوم يذبحون ابناء شعبنا تحت تسميات دينية ومــع الزعيق بعبارة ( الله اكبر) ..
ووصلت الحال ببـعض المشبوهين والمشعوذين الى تأليف جيوش بواجهــات دينية ايضا ًواصبحت هي نفسها تنظم الاصطدامات الدموية بين ابناء المحافظات كما حدث في الديوانية مؤخرا ً وقبلها في البصرة والنجف وكربلاْء . !!!!
ان هذه الحقائق تتطلب من البرلمان العراقي رسم المبادئ الحقيقية للنظام الفيدرالي . وكمقدمة لذلك اعادة النظر جديا بالدستور وتعديل الفقرات التي تلصق تنظيم المجتمع ومصيره عنوة وتعسفا بتفسير (الاحكام الاسلامية ) . هذا التفسير الذي هو اصلا خاضع للاجتهادات وتناحر وجهات النظر بالنسبة للمرجعيات ذاتها . بينما اخذت " الاجتهادات " تستعمل الان لافتعال الخلافات بين الطوائف في المحافظات الجنوبية .
اذا ً، الذهاب الى الفيدراليات يجب ان يجري التفكير به بعد اجراء تعديلات جوهرية بالدستور . فعندما ينص الدستور على قياس القوانين على احكام الاسلام فلننتظر اذا ً المعارك والاعتداء على المواطنين ودوائر الدولة وانتهاك الحرمات وحريات المواطنين بلا انقطاع . كما حدث في الهجوم على محلات وصالونات حلاقة وعلى طلاب كليات محتفلين بمناسبة النجاح ....الخ . فكيف اذا خلا الجو للمتدينين في المحافظات ؟
والذي يحصل ان ازالة دكتاتورية واحدة ستقترن بنشوء دكتاتوريات عديدة . واذا كان النضال ضد دكتاتورية البعث امرا مقبولا فان الدكتاتوريات التي يترأسها ممثلو التيارات الدينية تصبح مشكلة المشاكل بالنسبة للمواطنين ولا يمكن الخلاص منها . على اعتبار انها ذات غطاء ديني ، علما ان الدين في الواقع بعيد عن ظلم الناس .

الادارة والاقتصاد في النظام الفيدرالي

ان التحليلات في ضوء علوم الادارة والاقتصاد وعلم الاجتماع تقر ان الحاح اوساط معينة على الاسراع بانشاء الاقاليم الفيدرالية لم يكن خالـيا مـن المـصـلحة الذاتية .
وبالمناسبة ، هناك قوى " دينية " تصرح علنا عن ضرورة اضعاف سلطة المركز على المحافظات بأمل ان تصبح كلمة الاقاليم الفيدرالية المنتظرة هي العليا . وبيدها فقط .
فالظروف الناشئة من جراء الهجمة الارهابية على البلاد وما سببته من ضعف واضح في اداء الحكومة ، وان هذه الاخيرة ما يزال ينهكها الفساد الاداري والمالي ثم عدم وجود معرفة كافية بخصوص ادارة النظام الفيدرالى لدى الاغلبية من السكان ، اضافة الى وجود القاعدة السكانية المؤيدة لتلك الاوساط التي لصقت نفسها بالدين الحنيف مما جعلها تعتقد ان في ذلك قوتها وضمان سيطرتها واطلاق ايديها في ترتيب ادارة اي اقليم كما ترغب وتشاء . ولعلها تفكـــر ، ان فوزها "الساحق "في الانتخابات المقبلة سيكون مضمونا لها إن هي اعـتزلت بفيدراليات و استعملت نفس الوصفة السابقة !!!!.
ومن هذا الواقع بالذات يتضح جليا ان الدولة العراقية مبتلاة بمرض عضال في احشائها. وهذا المرض يقف عائقا في طريق تأسيس النظام الفيدرالي في الوقت الحاضر . الا وهو وجود التيارات الطائفية ، خاصة وانها تيارات مسلحة ولديها دعاة ( من الاوساط الروزه ــ خونية ) ممن ترتبط معيشتهم بهذه التيارات وهم مبثوثون في الارياف حيث الامية ترفع اطنابها عاليا ً. والمشـكلة ان هؤلاء الدعاة مستعدون لخدمة اي تيار ديني يؤمن لهــم مصلحة معيشية .
ان شعبنا شعب متدين . وان بلادنا تتميز بانتشار العتبات و الاضرحة المقدسة التي تتشرف بها مدن ومناطق كثيرة عندنا . وكانت بلادنا مصدر اشعاع ديني وعلمي يشهد له التاريخ . وليت أبناء وطننا يتمتعون بنعمة العدالة الاجتماعية التي نادى بها الإسلام الحنيف بعيدا ً عن تأثير التيارات والرموز الطارئة على المفاهيم الدينية الحقيقية التي نشرها أئمة الهدى ابان حياتهم . واليوم ينتظر العراق من حكومته تنفيذ برنامجها التي أعلنت عنه بخصوص إلغاء الميليشبات وربما إحالة المتهمين من أفرادها باقتراف جرائم إلى القضاء . وذلك بغية توطيد وتعزيز مواقع الدولة للتفرغ إلى عملية البناء والاعمار والبدء بتهيئة الشروط التنظيمية لتأسيس الفيدراليات وغير ذلك .
من البديهي ان الدولة الفيدرالية قد تنشأ نتيجة لاتحاد مناطق اثنية او اقتصادية اولسانية ( لغوية ) صغيرة و مبعثرة وهي قد تعاني من مشكلة التوزع العائلي للسكان في مناطق متجاورة ولكنها منعزلة جغرافيا من الناحية الرسمية. ولعلها لكل هذه الاسباب مجتمعة ليس لها وزن بين الدول والبلدان .
والمخرج الوحيد لها هو التوحد في اطار دولة فيدرالية تظم جميع المناطق الراغبة في ذلك . مع احتفاظ كل منها بشخصيتها المستقلة من جهة ولكنها كـطـرف مساهم في تكوين الدولة الاتحادية فانها تكتسب شخصية فيدرالية . وفي الوقت الذي تكون لها ادارتها الذاتية في الداخل فهي تابعة للمــركز و بنفـس الوقت تساهم بادارة الـدولة الاتحـادية ودوائرها المركزية .
ولربما نجد في دولة من الدول ، منطقة تسكنها قومية متجانسة ثــم تبدي رغبتها في تكوين منـطـقة فيدرالية لها واعتبار تلك الدولة ذات صفة اتحادية تتعايش بها عدة قومبات متآخية .وفي العالم امثال ليست قليلة من هذا النوع .
على ان هناك ملا حظة ينبغي الانتباه اليها .حيث يكرر بعض الباحثين مقولة نظرية بشأن المسألة القومية : ان لكل قومية في بلد ما حق تقرير المصير بما فيه حق الانفصال . في الواقع ان اطلاق هذه النظرية على البلدان متعددة القومبات امر في غاية الخطورة وهي لهذا تنم على خطأ فاضح وفيه اضعاف ليس فقط للدولة المعنية بل ولتلك القومية ذاتها .
لقد رأت هذه النظرية النور في اواسط القرن التاسع عشر . وانتشرت بصورة واسعة في بداية القرن العشرين . وهي تخص المستعمرات والنظام الكولونيالي عندما كانت بلدان بكاملها ترزح تحت الحكم الاجنبي . ولذا كان مطلب تقرير المصير وتحقيق الانـفـصـال عن الاستعمار وتكوين الدولة القومية امرا تقدميا . وانها لا تتعلق بالدولة متعددة القوميات كالعراق مثلا ً .
ولكن بعض المنظرين المغرضين او الفاشلين سحبوا المطلب هذا وكأنه للبلدان والدول ذات القوميات المتعددة . ومما يؤسف له ان هذا المفهوم الخاطئ تلقفه بعض سياسيي البلدان النامية واخذوا يطبلون له في بلدانهم التي هي احوج ما تكون الى الوحدة الوطنية وشد صفوف كافة القوميات المتواجدة في بلدانهم . حيث ان شعارا مثل هذا يؤدي لا محالة الى شرذمة البلد وبعثرة صفوف ابنائه ويصبح الجميع عرضة للاضطهاد الاجنبي والابتزاز الخارجي . امــا في زمن العولمة فقد اخذ يؤلف اداة لتدمير تلك البلدان نهائيا ً. ان تفكيك البلدان وبعثرتها انما هو هدف موجه ضد الشعوب المستقلة . ولذا نجد الداعين له على المستوى العالمي هم امــا من منظمات صهيونية اوغيرها من المؤسسات السياسية الظلامية .
على ان يحق للسياسيين ان يفكروا بتأسيس اقاليم او محافظات فيدرالية في اطار بلدهم . وان يـتوخوا من وراء ذلك تحقيق اهداف وطنية وتنموية وديمقراطية . ولايجوز باية حال من الاحوال تأسـيس الفـيدراليات على اساس طائفي .! او في ظروف تشكو الدولة فيها من الضعف الامني والسياسي . ففي ذلك هلاك للامة وضياع للوحدة الوطنية وخطورة من تقسيم البلاد .
اما الاهداف التي يجب ان ننتظرها من النظام الفيدرالي فهي كثيرة وغاية في الجدية وستؤدي الى نقلات نوعية في صالح الشعب والوطن عموما ً شريطة ان يتم الاداء على مستوى عال من العلمية والحذر وعدم الاستعجال .
فقبل كل شيء يفترض ان يصبح تكوين المناطق الفيدرالية ( سواء كانت اقاليما او محافظات ) وسيلة لأشراك اوسع ما يمكن من الجماهير في الادارة الذاتية لها . حيث اذا كان المركز لايستوعب او ليس بمقدوره ان بستوعب اعدادا كبيرة من المواطنين من كلا الجنسين في الادارة والاعمال الاجتماعية فان الاقاليم تلك تستطيع ان تساعد كثيرا في هذا المضمار .
وعلى هذا السياق فهذه الفيدراليات قد تكون خير وسيلة وافضل ظهير للمركز في تنفيذالمهمة الكبرى التي هي مهمة نشر وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية والسياحية في ابعد نقطة في البلاد .اضافة الى تأسيس وتطوير المؤسسات الثقافية الملائمة للتقاليد المحلية والاستمرار في البناء والتعمير التزاما بخطة الدولة المركزية .
ثم يقع على مسؤولية المحافظات والاقاليم التي سيشملها النظام الفيدرالي تنفيذ مهام لا تقل جدية عما ذكرنا انفا ً. الا وهي : المهام التي تتعلق بامتصاص البطالة الجارية والمقنعة في مناطقها . واكثر من هذا عليها زج اكثر ما يمكن من شبابها و شاباتها في العمل الانتاجي والخدمي و قيادة المؤسسات التعليمية المتخصصة بتعليم وتأهيل الايادي العاملة الضرورية للزراعة والصناعة والصحة والتعليم من ابناء مناطقهم .
فقد حان الوقت ان تهيئ الحكومة العراقية اختصاصيين في الطب والهندسة الزراعية خاصة من شباب وشابات الاؤساط الريفية . ففي هذا ضمانة ان هؤلاء الشباب المتعلمين وهم من ابناء وبنات القرى سيعودون الى مناطقهم الريفية بالتأكيد ، وبذلك سيتم حل واحدة من كبريات المشاكل المتمثلة بانعدام وجود الاطباء والمهندسين الزراعيين في اكبر ساحة سكانية عندنا . اضافة الى التمكن من تعويض ما خسرناه من الايادي العاملة للشباب الذين اخذتهم حروب الطاغية وبعده الاعمال الارهابية على ايدي عصاباته واوكاره في دول الجوار .
في الواقع ، ان وظائف كثير وكثيرة جدا تترتب على الفيدراليات وان التزامات جمة تقع على عاتق المجالس الادارية لها . ولذا يجب التنويه مباشرة بان الوظائف في الادارات يجب ان تملأ بأشخاص اكفاء من حيث الثقافة والاختصاص والمواصفات التكنوقراطية والخبرة الادارية . ولا مكانة للعناصر التي تفرضهم احزاب وميليشيات دينية او غيرها .
ومن الطبيعي ان تظم الفيدرالية اجهزة للمحاسبة والرقابة المالية . وهذه مسؤولة امام الاجهزة الحسابية في المركز مباشرة . ويجب ان تنتظر السلطة الفيدرالية المساءلة القانونية من جانب المركز في حالة وجود خروقات او عدم دقة في الميدان المالي .
وهكذا ، ان البناء الفيدرالي يضاعف مسؤولية الدولة . ويتطلب منها المراقبة الشديدة لنشاط الفيدراليات في البلاد . كما انه يفترض العمل الجاد والدائب للمجالس الشعبية في الاطراف . اما المالية فالواردات تأتي الى الخزينة المركزية
في حين تجري التخصيصات حسب الخطة الاقتصادية لكافة الفيدراليات مركزيا . ً

والى مقالات مقبلة حول الموضوع . 16/10/2006



#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي وغياب المؤسسات الدينية !!!!!
- لنقف كلنا مع العراق
- فيدرالية الجنوب !!!!؟
- حول الدعوة الى خصخصة الثروة النفطية ومشكلة الارهاب
- انتصار لبنان وموقف العراق المشرف
- المقاومة على لسان مخضرم
- المسافة بين الازدهار والدمار
- مسودة مشروع
- دراسات في الإقتصاد السياسي حول خصخصة ممتلكات الدولة
- مكافحة البطالة والتنمية في عراقنا الجديد
- مسودة مشروع برنامج اقتصادي لعراقنا الجديد
- lمشروع برنامج اقنصادي


المزيد.....




- -بلدنا- القطرية تستثمر 3.5 مليارات دولار لإقامة مشروع للحليب ...
- خبراء يفسرون لـCNN أسباب خسارة البورصة المصرية 5 مليارات دول ...
- اقتصادي جدا.. طريقة عمل الجلاش المورق بدون لحمة وبيض
- تحد مصري لإسرائيل بغزة.. وحراك اقتصادي ببريكس
- بقيمة ضخمة.. مساعدات أميركية كبيرة لهذه الدول
- بركان ينفت الذهب في أقصى جنوب الأرض.. ما القصة؟
- أبوظبي تجمع 5 مليارات دولار من طرح أول سندات دولية منذ 2021 ...
- -القابضة- ADQ تستثمر 500 مليون دولار بقطاعات الاقتصاد الكيني ...
- الإمارات بالمركز 15 عالميا بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج ...
- -ستوكس 600- يهبط ويتراجع عن أعلى مستوى في أسبوع


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الزهرة العيفاري - الفيدرالية ليست غاية . انها وسيلة من وسائل تنظيم الدولة