أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ابتسام يوسف الطاهر - الحاضر غرس الماضي















المزيد.....

الحاضر غرس الماضي


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1707 - 2006 / 10 / 18 - 11:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هل كان الوضع بالعراق افضل قبل سقوط صدام؟
يسمع العراقيون هذا السؤال كل يوم تقريبا حتى الذين كانوا معارضين للحرب التي اعلنتها امريكا على العراق بحجة تحريره من صدام. كما هو الاعتراض على المجاهدين الذين اتت بهم امريكا ليقتلوا العراقيين بحجة تحريرهم من امريكا!
قيل ان ماتزرعه اليوم تحصده غدا، وهذا لاينطبق على الغلة والمحاصيل الزراعية فحسب، بل على سلوكنا بنسب معينة وعلى نجاحنا وفشلنا احيانا ويمتد ليشمل مصائرنا وحتى مسيرة بلداننا السياسية والثقافية بازدهارها ومايصيبها من كوارث غير طبيعية. فسكوتنا على المجرم يعطيه دفعة لارتكاب جرائم اخرى، وغض النظر عن الاخطاء يجعل المخطئ يرتكب اخطاءا ألعن من السابقة. وبالتالي مافعلناه سابقا ينعكس على مايحصل في حاضرنا, فالحاضر غرس الماضي كما يقولون. وان كان هذا لاينطبق على الماضي البعيد, ففيما يتعلق بما يمر به العراق من كوارث ، لاعلاقة له بالماضي البعيد، فماضينا غنيا بريادته بكل مايتعلق بالحضارة والعلم, التي خدمت البشرية، وحضارات العراق شامخة مهما حاول الحاقدين تجاهلها او سرقتها اوإبعاد اسم العراق عنها.
لكن الامر يتعلق بما يحصل بالعراق من كوارث متوالية, حتى صار دم العراقي رخيصا لدرجة ان الضحايا والشهداء الذين يتساقطون يوميا على ايدي قوات الاحتلال وغربان الظلام من دعاة الجهاد او المقاومة على حد سواء, صاروا مجرد رقما يكبر دون اهمية مادام يذهب معهم جندي امريكي او اثنين!

لذا يثير فينا ذلك التساؤل "ألم يكن وضعكم افضل قبل الاحتلال؟" أو "ألم يكن صدام أفضل من الحكام (العملاء) الحاليين؟" كل الالم والغضب خاصة والاخوة العرب يتسائلون بطريقة فيها إدانة اكثر منها تساؤلا, متناسين او متجاهلين كيف اننا بسبب الحكام من شاكلة صدام ومجاهدين من شاكلة بن لادن والظواهري من الذين تستخدمهم امريكا, خسرنا اوطانا وفقدنا أحلاما وقيما, اما شعاراتهم او تهديدهم لامريكا, فلم يخدع سوى المغفلين. فبسبب اؤلئك وصلت حالة التردي والتخلف لدرجة الدعوة للتخلي عن كل ماهو مضئ في تراثنا, ومحاربة كل مايأخذ بيدنا للامام، باسم الدين والعودة للشريعة التي لم نفكر بتطويرها لصالح شعوبنا ومجتمعاتنا.
وهم السبب بحالة غياب الحقيقة او قتلها في مايجري بالعراق من كوارث سريالية غير منطقية, على يد قوات الاحتلال الساعي للتدمير اوالارهابيين والقتلة الصداميين. وسط الصمت المتخاذل لرؤيا نهر دماء الابرياء الذي لم ينقطع منذ سقوط الصنم الى اليوم، وعلى رأي إحدى السيدات في العراق "كان القتل والتخريب سريا اما اليوم فصارعلنيا".
لايمكن ان نجيب بنعم او لا, عن تساؤلات المتباكين على صدام البطل القومي الذي شوه القومية والعروبة. لذا سأكتفي بثلاث مقاطع للتوصل للاجابة، لعلها تفي بالغرض وتجلي شيئا من الضباب الذي مازال عالقا باذهان المتسائلين:
ـ لايتطلب الامر ذكاءا لنعرف ان الحرب والاحتلال لايمكن ان يجلبا غيرالفوضى والتخريب, والقتل العشوائي للابرياء. لذا وقفنا ضدها حتى لو كان ثمنهاالخلاص من صدام الذي عمم القتل للجميع ولكن بشكل سري، فلم نرى جثث الذين غيبهم وقتلهم الا بعد سقوطه وبعض الضحايا للان لم تعرف مصائرهم. وقفنا ضدها بالرغم انها كانت السبيل الوحيد للخلاص من ماكنة القتل والحروب والحصار، وبالرغم من تهمة "الدفاع عن صدام" التي اطلقها البعض جزافا, خاصة البعثيين الذين انظموا لفريق المعارضين بعد ان ضئلت مكرمات الرئيس الذي تحول للعرب يشتري ضمائرهم واقلامهم.
ربما كان الوضع افضل حيث لم تكن هناك دبابات تجوب الشوارع، ولم يكن هناك عصابات ملونة وباشكال عديدة تمارس القتل والخطف ضد أناس أبرياء لاذنب لهم غير البحث عن لقمةالعيش لاولادهم. يقتلون اليوم باسم الاسلام في الجوامع و المساجد اوالحسينيات او الكنائس، وباسم المقاومة وبطريقة بربرية لاتعرفها حتى الوحوش الكاسرة ضد اعدائها, هذا دون ان يمسوا قوات الاحتلال التي تستخدمهم ضد الشعب العراقي! بلى فقد كانت تلك العفاريت معلبة نذكر كيف ان القائد الفذ قد نزع الفلينة عنها قبل سقوطه وهروبه من ساحة القتال حين اطلق سراح المجرمين والقتلة والذين لابد انه أخذ تعهدا منهم ان يمارسوا حرفتهم او هوايتهم بالقتل والخطف والسرقة ضد العراقين, عقاباعلى رفضهم له. ونذكر جيدا اشباله وفدائييه الذين دربهم منذ نعومة أضفارهم على قطع رؤوس الحيوانات من حمام وكلاب والتهامها نييئة امام كامرات التلفزيون، مما عمم وحشية السلوك على العراقي بشكل عام لدى قصارى البصر والبصيرة.
هاهم يذكرونا بهم وهم يمارسوا مادربوا عليه بعد انتزاع انسانيتهم وتحويلهم الى كائنات اومكائن للقتل لاخوتهم من ابناء العراق او الاجانب غير الامريكان ممن جائوا للمساعدة كما حصل مع اليابانيين والايطاليين ومع موظفي مكتب الامم المتحدة. ومايزيد الامر بشاعة ان بعض الاعلاميين الصداميين يطلقوا على تلك الكائنات, او الذين استخدمتهم امريكا ودربتهم بعد انتزاع انسانيتهم من امراء القاعدة واتباعهم, صفة المقاومة. مع انهم لم يمسوا قوات الاحتلال بل قتلهم مقصور ضد العراقيين.

-بدوري اريد ان اسأل المتسائلين: إذا كنا حقا بنعيم، فهل جُنّ الشعب العراقي ليبدل نعيما بجحيم؟ ماالذي يدعو كل فصائل الشعب وطوائفه لتقف ضد نظام صدام، حتى البعض من أزلامه من حزب البعث؟ ماالذي يدعو الشعب العراقي كله ليستجير بالرمضاء من النار؟ اذا لم تكن تلك النار قد أكلت الاخضر واليابس، أكلت الفرح والامل وانتزعته من قلوب العراقيين بكل طوائفهم؟ قد يكون دافع البعض من الذين شجعوا الحرب، هو الوعود بالمناصب او إغراءات السلطة والمال، لكن هؤلاء قلّة. فلا يمكن ان يكون كل الشعب لهم ذلك الطموح! لكنه قد فاض به الكيل بعد اليأس من وقوف العرب والمسلمين معه او عمل شئ لانقاذه، ويأسه من فصائل المعارضة التي واصلت تشتتها وتشرذمها وتغليب بعضها لمصالحها الانية على مصلحة البلد والشعب. فالغريق يتمسك باي قشة تصادفه, لكن الذي يده بالماء غير الذي يده بالنار!

-إذن مايحصل اليوم هو نتيجة لما كان يمارس سابقا، أي هو المحصلة للمعادلة الغبية التي وضعها صدام ومستشاريه من الذين خدموا مخططات وحروب امريكا التي وقفت مع صدام بالتصدي لكل محاولات العراقيين في التخلص منه, واليوم تقف معه ايضا بمسرحية المحاكمة.
لكن البعض يتغاضى عن حقيقة ان هروب صدام هو جزء من خطتة بالتعاون مع قوات الاحتلال التي لم تحرك ساكنا لحماية البلد, والتي سهلت دخول الارهابيين والقتلة, وسهلت نهب البلد, كسرقة شركاتهم لملايين الدولارات العراقية وهروبهم بها والتي كانت خصصت لاعمار المؤسسات الخدمية. فصدام اشترى العرب وبعض من اعوانه بدولاراته ولم يفكر ان يستخدم تلك الاموال لتوفير الحياة الكريمة للشعب العراقي بل صار يجره من حرب لاخرى. اضافة الى محاولاته لاهانة الشباب والتدخل حتى بطريقة حلق شعورهم، فكان الطالب لايدخل المدرسة او الجامعة الا اذا حلق شعره ووفق رغبة القائد. الى محاربة الناس بارزاقهم وعملهم حتى بدراستهم، حيث لابد ان تنتمي لحزب البعث لتحظى بالوظيفة او الكلية التي ترغب بها.اما الجيش فيعدم بلا نقاش من لاينتمي لذلك الحزب. حتى شمل التعسف كل مرافق الحياة حتى الرياضة، وبطريقة خيالية وصلت لطرد حتى المتفوقين كما حصل لحارس المرمى السابق بالمنتخب العراقي فتاح نصيف.
فماكنة التسلط البعثي تفرغت لزرع الخوف في كل بيت وشارع, الرخاء كان مقتصرا على افراد عائلته وحاشيته وبعض من المنتفعين الانتهازيين المطبلين.
وحتى في أقسى حالات الحصار الذي فُرض على الشعب, كان ذلك القائد يستفزهم بمبالغته بالتبذير على حفلات اعياد ميلاده!
صار الكل يشعر بالاختناق، لدرجة لم يعرفها شعب اخر, بعد حرمانهم من أهم شئ بالحياة, الحرية والاحساس بالامان. كل ذلك ولم يجد العراقيين من يقف معهم لا من العرب ولا من المسلمين. اذن لم يعرف الشعب العراقي نعمة السلام والامان، لم يعرف الرخاء ولا حتى الهدنة في كل سنين استيلاء صدام على السلطة. لكن الشعب العراقي لم يتوقع ان نظرية المؤامرة ستكون واقعا كما تنبأ به البعض من الذين يعتقدون بوجود اتفاق بين امريكا وصدام، فالاخير لايهمه سوى بقائه في السلطة. وحكام امريكا لايهمهم غير سيطرتهم على مقدرات الشعوب المبتلاة بقادة من شاكلة صدام.
اذن الشعب العراقي اليوم بحاجة لمن يضمد جراحه، لالمن يسأل شامتا او معاتبا. بحاجة لدعمه لإعمار بلده واستتاب الامن والسلام، لا لمن يرسل مجاهدين كفرة او مقاومين خونة يزيدوه جراحا وطعنات كما هو حاصل اليوم. فالمقاومة التي تترصد العراقيين فقط هي متعاونة مع الاحتلال مهما لبست من اقنعة, والجهاد الذي لايرفع الحيف عن العراقيين ويساعدهم ويحث على وحدة الشعب العراقي وسلامة ابنائه, هم مجرد عصابات تستغل الاسلام لتخدم الاحتلال.
فلابد للكل من ضم اصواتهم للشعب العراقي بالمطالبة بالقضاء على صدام واعوانه بأقرب وقت، على الاقل لنغلق ماتبقى من العلب على كائناته التي تحترف الجريمة.
لابد من الوقوف مع الدولة للتخلص من كل غربان الظلام, لمطالبتها بالحفاظ على وحدة الشعب والارض وسلامة ابناء العراق. على الاقل للتمكن من طرد قوات الاحتلال باسرع وقت خاصة وهم يساهمون بالاضطراب والفوضى للاستمرار ولابتزاز الشعب العراقي والحكومة العراقية, كذلك لمعرفة تقصيرهم وحينها نطالب بانتخاب من هم افضل.
فاذا يصعب على البعض ذلك, فليتركوا الشعب العراقي يلملم جراحه, لعله يبني ماخرب بعيدا عن التعصب الطائفي او الحزبي، وبعيدا عن التناحر على المناصب, وليتمكن من طرد المحتل وطرد كل الذين يقتلون ويخربون من عرب وغيرهم, وتحت اي مسميات.

ابتسام يوسف الطاهر
2006



#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احلام مشاكسة
- وطنية مدفوعة الثمن
- قصة قصيرة جد
- انما للصبر حدود- نوافذ خاصة على محاكمة صدام
- الاحتجاج الكاركتيري
- متى يكون الجهاد عدوا وأخطر من قوات الاحتلال
- المخرج ليث عبد الامير وأغنية الغائبين
- المسيار، المتعة، العرفي..ثلاث اسماء لمعنى واحد مرفوض
- رامسفيلد وخططه (الذكية) لاشعال حرب اهلية!
- الرجل الذي فقد صوته
- رهينة الحصارات
- الشجاعة في الاعتذار
- خراب العراق , قدرٌ ام مؤامرة؟
- السياسة بين التجارة والمبادئ
- عن اي انتصار يتحدثون؟
- فرشاة على الرصيف
- شارع الرشيد...ضحية الحصار ام الحروب ام الاهمال؟
- اليد التي تبني المحبة هي الابقى
- الدوائر المستطيلة
- اللغة الكردية ومايكل جاكسون


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ابتسام يوسف الطاهر - الحاضر غرس الماضي