أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - حقوق ديمقراطية الزجاج المكسور















المزيد.....

حقوق ديمقراطية الزجاج المكسور


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 506 - 2003 / 6 / 2 - 15:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

( نشر هذا الفصل أول مرة في كانون الأول 2002، في موقع الأعزل وفي غيره(


* روائي عراقي.

                       فصل واحد

مقهى حسن عجمي هذا المساء يزدحم بالزبائن. الكل مشدود نحو شاشة التلفاز في انتظار بيان جديد صادر من الحكومة الجديدة عن حقوق وحريات المواطن العراقي. دخان واقداح شاي واحاديث تتقاطع مع نداءات باعة وندل.

أغنية قديمة تملأ جو المقهى:

( كلي ياحلو منين ألله جابك
خزن جرح كلبي من عذابك).

المذيع عبر الشاشة:

 أيها المواطنون الكرام، يا جماهير شعبنا البطل، الى كل مواطن في هذه الأرض، إلى كل شاعر وشاعرة، وصابر وصابرة، وظافر وظافرة، ونائم ونائمة، وجالس وجالسة، إلى كل عربي أصلي أو منقح، إلى كل من سرقت حقوقه أو شرفه أو أرضه أو داره أو حزبه أو ثيابه أو كرامته أو دواجنه أو رجولته في داخل السجون عن طريق التواقيع الإجبارية المجبرة على التخلي عن الشرف و التخلي عن الحزب والتخلي عن الكتابة، أو اجبروا معصوبي الأعين على التوقيع على وثيقة عدم الانتماء إلى أي حزب فظهر أن التوقيع كان للعمل في  المخابرات أو الأمن،
إلى كل من أغتصب واقفا، أو نائما،
أو جالسا أو راكضا،
أو في اجتماع حزبي معارض، أو في حانوت لأكل الفلافل،

إلى كل مواطنة خربوا بيتها وخربوا عرضها وخربوا ما ستر الله لها،
إلى كل شجرة وخروف وحمار عراقي دفع ثمنا مع بقية خلق الله رفسا وذلا وامتطاءً واغتصابا،
إلى هؤلاء وغيرهم في هذا البلد،
أو الذين ما يزالون يتسكعون على أبواب العالم،
نعلن عليكم جهارا نهارا،
على أضواء المصابيح، و أضواء الفوانيس،
على أضواء النجوم ، أو ضوء القمر،
وعلى أضواء المواقد وأضواء المراقد،
على مشهد من الريح،
ومشهد من أوراق الشجر سافر حبيبي وهجر،
على عرق العواصف،
على قصائد ايلوار و الجواهري،
على مشهد من الموج، والمقبرة،
على عناد العدو والشامت والمتراجع والمتخاذل والمنهزم،
وعلى عناد عبوسي أيضا،

نعلن عليكم حقوق وحريات المواطن العراقي في العصر الجديد.


خارج المقهى يتدافع السجناء القدامى وأسرى الحروب والمعذبون والمعذبات والمغتصبون والمغتصبات والهاربون بالدخل أو بالريش والمقطوعة آذانهم أو أطرافهم، وجرحى الحروب، وجرحى  معارك المصير والذباب، والمهجرون والمندسون،
وجماعة اليسار المتطرف،
واليسار المتأرنب،
المحافظون والكلاسيكيون وعملاء السفارات السابقون والحاليون،
وضباط الحرس الجمهوري المطرودون،
وأصحاب حقول الدواجن، وحقول النفط، وحقول الفكر، وحقول الغاز، وحقول المعرفة، وحقول المجال المغناطيسي، والمجال الثوري، والمجال الحيوي الخ...الخ..

 المذيع:

لا يجوز منذ اليوم إزعاج المواطن بأية وسيلة إزعاج مادية أو معنوية سواء عن طريق آلة أو قصيدة جارحة أو دبوس أو ما شابه.

لا يجوز قتله عن طريق قنينة عطر
أو قنينة غاز أو حبة ثاليوم أو حبة أسبرين أو حقنه بكمية زائدة من الأنسولين أو احداث خلل في سيارته لكي تتدحرج من فوق جسر أو طريق سريع أو قنطرة.

لا يجوز إجباره على الانتماء القسري إلى
أي حزب
أو زريبة
عن طريق القوة المادية أو التلويح بها أو العنف المعنوي أو التهديد بقطع الأرزاق.

لا يجوز إجباره على الكلام
أو الكتابة
بالضد من إرادته لأن هذه جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والعرف والأخلاق الحميدة
أو تزوير كتاباته من قبل الرقيب أو رئيس التحرير
أو من ينوب عنهم دون معرفته أو موافقته.

في النظام المقبور كان الكاتب يكتب تحقيقا عن الفجل، يجده وقد صار في اليوم الثاني تحقيقا عن بطل التحرير  القومي،
ويكتب مقالا عن الخس، فيجده في صباح اليوم التالي وقد صار مقالا عن حرب التحرير الثورية.

لا يجوز إزعاج المواطن بخطابات الرئيس الجديد،
ويتم تخصيص فترة للبث من قبل أعضاء البرلمان
الذين بعضهم وصل على حاملة الطائرات أيزنهاور
أو على طائرات الشبح
أو على النسيم العليل
أو عن طريق حمير الواجهة الغربية.


تم تخصيص أوقات محددة للدفن وفتح المقابر التي كانت في النظام السابق تعمل كالصيدليات الخفر 24 ساعة وعلى مدى اليوم.

إن الخميس هو اليوم الرسمي للدفن لكي يعرف المواطن الساعة التي يدفن فيها،
ويودع اهله فيها، واصحابه،
ولكي لا يتم التلاعب بحقوق الموتى من قبل متعهدي الدفن أو لكي تتحقق الوحدة الوطنية حتى في هذا المجال.

من يريد أن يموت عليه أن يموت في الوقت المناسب.
ومن يريد أن يمرض عليه أن يمرض حسب جدول البرلمان
وجدول الضرب وجدول أسعار البورصة.

كل شيء مربوط ببعض في وحدة عضوية، ديالكتيكية، إستراتيجية، ابستميلوجية، بنيوية.

يتوفر لكم مركز شرطة في كل حي،
وزقاق،
ومرقد
ومنعطف.

ويتوفر لكم ماءً صالحا للشرب في الشوارع والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية،
وأرقام هواتف ضد تجاوزات الموظفين الجدد،
وضد تزوير الانتخابات،
وضد خطبة الجمعة المزورة،
وضد حالات الوسواس القهري من فوق الجسور
أو البنايات العالية
أو الصحراء
أو ثياب الشرطة أو البدلات الزيتونية والليمونية،
وضد حالات الرهاب والقلق المفاجئ أو فوبيا الرعب من منظر السيارات السوداء والمضببة،
وضد عقدة الشعور بالدونية التي تجعل كل مريض أو مصاب عرضة للصراخ والعويل والدفاع عن النفس من أية
عطسة
أو شخرة
أو نسمة
كشعور عن فقدان الأمن الداخلي
وعن تهشم سري في الشخصية،
وضد نوبات الإغماء العاجل من السلاح
وضد الشعور بالرعب من كتابة التقارير التي تمنع منعا باتا في العصر الذهبي الجديد.

ففي الزمن المقبور والمدحور والمنحور كان الذين في
الطابق الأول يكتبون على الذين في الطابق الثاني،
وهؤلاء على سكان الطابق الثالث،
وكان الجيل الشعري الثمانيني، يكتب التقارير الشعرية طبعا على الجيل الستيني،
وهؤلاء يرفضون الاعتراف  بالجيل السبعيني أو التسعيني،
وكان مصلحو سيارات الشيخ عمر،
يرفضون الاعتراف بمصلحي سيارات ساحة الوثبة،
وهؤلاء يسخرون من محلات تصليح  بغداد الجديدة،
وكانت راقصات الملهي الليلي في الكرادة في حرب أهلية مع راقصات  ملهي ليالي بغداد في شارع السعدون.

وكان حزب الشعب الثوري في المنفى
ضد حزب الأمة للهاربين بالدخل.

وكتاب الرواية في عراك دموي مع نقاد الآيس كريم.
والذين يدفنون في مقبرة النجف، يكرهون الذين يدفنون في مقبرة باب الشيخ أو مقبرة باب المعظم أو مقبرة الأمن العامة.

والذين يقبضون من السعودية لتمويل صحفهم وأحزابهم التاريخية يكرهون الذين يقبضون من الكويت،

والذين حصلوا على اللجوء السياسي  والانساني والجنسي في السويد
يشاغبون على الذين حصلوا على اللجوء في المكسيك،
والذين هربوا في السبعينات
يحتقرون الذين هربوا في التسعينات،
لأن الهروب كالخدمة العسكرية
فيه أقدمية ونضالية ووطنية.

صار عندنا أبطالا في الهروب السبعيني،
والهروب التسعيني،
وهروب إلى الأمام،
وهروب رومانسي وشعري
وهروب فكري ونفسي
وشرود ذهني ومصرفي
وشرود عقلي
ومع ذلك نعتبر انفسنا ابطالا في غرف النوم.

يحق لكل مواطن امتطاء وسيلة النقل التي تعجبه
من السيارة إلى العنزة إلى الطائرة إلى البعير إلى الحمار
باستثناء الجماهير التي لم تعد ظهورها تتحمل المزيد من الويلات والأثقال والركاب.

على ظهورها ركب
القوميون
والبعثيون
والمرتشون
والأميون
والنرجسيون
والمنحطون
والحتميون
والطبقيون
والعوج
والقادمون مع الجراد من الصحراء
وعشاق الأباعر الذين حولوا الوطن إلى مدن محاصرة بالأسلاك الشائكة
والتهم
والعيون
والآذان
والبنادق
والمراصد
والكاميرات السرية والعلنية.

يسقط قرار منع العمل الحزبي
ويحق لكل مواطن الانتماء إلى
أي بعير
أو جحش
أوصرصور
أو حزب ثوري
أو متخلف.

يسقط قرار منع الحمل لأمهات المناضلين والمناضلات.

يسقط قرار التواقيع الاجبارية واعتبارها باطلة بصرف النظر عن محتواها لأنها أخذت بالقوة والإكراه.

ويحق لأي مواطن بعد اليوم التوقيع على أي
حذاء
أو بجامة
أو تابوت
أو حائط
أو علاقة مفاتيح
أو حلمة
أو قصيدة
أو ضحكة
أو نكتة
أو..... .

صوت من الكراسي الخلفية في المقهى مدويا:

ـ ويسقط الاحتلال!

هتافات عاصفة في كل مكان:
ـ يسقط الاحتلال!

          
*
 موقع الأعزل:
www.alaazal.com

 

 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرادي وديمقراطية الزجاج المكسور
- لكي لا يحدث هذا مرة أخرى
- الروائي محسن الرملي وبورخيس وأنا
- حديقة رزكار
- رسالة إلى سياسي عراقي قبل اغتياله
- الروائي اليوناني كازنتزاكي/ المنشق2
- نقد العقل الجنسي مرة أخرى
- أوقفوا عصابات الطارزاني/ نداء
- لا تنسوا المعلم هادي العلوي
- جمهوريات رعب استان
- عساك بالفراغ الدستوري
- الروائي اليوناني كازنتزاكي ـ المنشق 1
- خطاب التجييش ، خطاب سلطة
- أفراح الزمن المعقوف
- العصيان الثقافي
- أزهار تحت أظلاف الخنازير
- الاغتيال المبكر
- وطن العبيد
- رصاصة ناجي العلي في رأسي
- حماقة التاريخ الكبرى


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - حقوق ديمقراطية الزجاج المكسور