أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد الفيتوري - بورتريه لوركا الليبي















المزيد.....

بورتريه لوركا الليبي


أحمد الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 10:05
المحور: سيرة ذاتية
    


" إذا أنا مت
فدع شرفتي مفتوحة
الصبي يأكل البرتقال
ومن شرفتي أراه
الحصاد يحصد القمح بمنجله
من شرفتي أسمعه
إذا أنا مت ..
فدع شرفتي مفتوحة .." .


عـرس الفقيـه :
عرس محمد الفقيه صالح الشاعر الليبي كان بعيد أيام ، بل كان يوم الخميس ليلة الزفة ، يوم – وباقصي سرعة وجهد – بامكانه العودة إلى طرابلس ، لكن ذلك لا يهم فهو لم يقبل بتلك المهمة الرسمية قبيل عرسه إلا من أجل عيون لوركا ( قصر الحمراء .. غرناطة ) .
جنون لوركا كان قد أصاب الفقيه منذ سنوات أولى من الشعر ، حين كان الشاعر الفقيه يفك خط الشعر ، كان لوركا يترجم للعربية شذرات ، شذرات ، وكان الفقيه يشاهد عرس الدم العربي ويشاهد " عرس يرما لوركا " على مسرح الكشاف بطرابلس ، كان لوركا يقتحم ذاكرة الشعر الليبي دون استئذان وكان الفقيه يهرول ليلحق بالقطار ليلحق بعرسه ، القطار الذي سيقله إلى حبه إلى لوركا ، ركب قطار غرناطة حين غادر الوفد الرسمي مدريد متوجها إلى طرابلس ، الشاعر يهرول في شوارع غرناطة برفقة زميل جره معه ، حين وصل إلى بيت لوركا ؛ وجد البيت مغلقا للصيانة حسبما تقول لوحة معلقة على الباب ، وحين كان يدور ويلف حوله ومعه القلق والإحباط كان جيران البيت انتبهوا :
- ما الذي يريد الغريب ؟
- زيارة بيت لوركا !
حينها تقدم عجوز البيت وأدخله : إنه تحت الصيانة ، وهذه الفوضى لا تمنع من القول أن لوركا كان يجلس هنا ويكتب على هذا المكتب ومن هذه النافذة يطل على الحمراء .. وعاد الفقيه لليلة عرسه ، وبقي الشاعر هناك في بيت لوركا الشاعر الذي كان يعرف جدا أن العدو لا يغدر فكان " عرس الدم " .
حبيب الرقيعي وروح الجيلاني ! :
إن دم لوركا ، شعره يمور في الشعر العربي ؛ كما يمور الدم العربي في جسد لوركا الغرناطي بسكر وتعتعة ، هكذا سيقول الناقد الليبي خليفة التليسي الذي كان موجوعا من أن للوركا شذرات وشذرات في العربية ؛ لذا لابد للعربية من لوركا لكي يفيض دمه في المجرى الرئيسي لنهر الشعر العربي .
هذا ما سيقوم به الناقد والمترجم ، ولكن قبل ذلك كان لهذا اللوركا مجراه الذي حفره الدم / الشعر في كيان الشاعر الليبي ، وكان في كيان شعر علي الرقيعي الذي لم يكن أغنية الشعر الليبي وحسب ، ولكنه كان لوركيا أصيلا مات في الثلاثين من عمره وفمه يسيل شعراً مختلطا بدمه في حادث مؤسف ، هكذا كانت شرفة لوركا في ليبيا تراجيديا الشعر والفجيعة :
إن تململتم على الأشواق في الليل طويلا
فلتظلوا ساهرين
لا تناموا قبل أن تحضن أحلام الكرى رمش الحبيب
وسّدوه بعد أن يغفوا حبات القلوب
دثروا عينيه في رفق بأستار المحبة
دفنوا بالحب قلبه
هدهدوه بالحكايات وخله ينام
في سلام .
أو كما قال الشاعر الليبي جيلاني طريبشان في عزلته ، الشرفة الصحراوية :

لن ترى قرطبة
لا الغوطة ، لا الحمامات
لا بهو السفراء
لن ترى الأندلس
لن ترى المئذنة
لا الأسد في ساحة الخيلاء
يزاحمهن الغواني
لا النافذة
لن ترى قرطبة

لوركـا الليبي :

وبعد فإن الشاعر الذي عاش كابن عريق وعميق لـ " الهمبرا " لـ " البيازين " ولروح الشعر والحلم الأندلسي ، هو هذا السر ما جعله يسري ، فينا ، وهو الغموض كمقتله ما جعله منا وما جعلنا نعلق شعره كتمائم أمهاتنا ، ومن هذا ولهذا جاء عمل خليفة التليسي مترجما لحلمنا ، مترجما لديوان لوركا شاعرنا بامتياز .
مشيرا الناقد والمترجم خليفة التليسي إلى " التأثير العربي على وجدانه : - لوركا - " ، وإلى " تلك الرواسب التراثية العربية التي ظلت في الوجدان الاندلسي المعاصر " ، ثم يشير إلى زهو الشاعر بانتمائه إلى الثقافة الأندلسية وفخره " بمملكة غرناطة " وكان حين يرحل من مدريد ، عائدا إلى غرناطة مسقط رأسه ، يقول لأصدقائه : " انه ذاهب إلى بلاد العرب " إلى " مملكة غرناطة " ، وهو كذلك يشير ؛ أي التليسي ، في تقدمته لترجمته لكتاب دراسات نقدية حول لوركا إلى بحثين هامين : اللذين تناول فيهما الباحثان قضية الموت عند لوركا وصلتها بفكرة الموت في التراث الإسلامي ، في إشارات خاطفة ولكن ذكية ، تحتاج إلى المزيد من الغوص في الموضوع والتعمق وسحب كل خيوط مصادره .
ثم يشير إلى البحث : الذي تناول قضية الألوان لدى لوركا الشاعر المهووس بألوان ، وموحيات اللون الأخضر على وجدانه وصلة ذلك بالحضارة الإسلامية ، ومكان هذا اللون من رموزها الروحية ، وما يزال علم إقليم الأندلس حتى اليوم يعتمد اللونين الأبيض والأخضر ، ونتبين من ذلك كيف عني بعض الباحثين المنصفين باستجلاء الأثر العربي في وجدانه وعالمه الشعري .
فهل كان خليفة التليسي يستجلي سر هذه الشرفة التي يطل منها لوركا على الوجدان العربي ، وسر لوركا في انه مثل جميع الشعراء تقريبا ، كان يحب الحرية والسر : الحرية تمنعه من أن يصنف تصنيفا ضيقا محصورا ، والسر يمنعه من الأعين الفضولية ، وأن من هذا الاستجلاء تجلي الغامض فكان ومضة متجسدة من الاستنارة .
يقول بابلو نيرواد : كان نصف ساذج ونصف صعلوك .
يقول سباستيان جاش : كان بشعا بشاعة في جمالها أجمل من الجمال العادي .
يقول سكورنبرج : كان لوركا .
كان لوركا : أقول أنا كاتب هذا .. الذي حين شاهد يرما في مسرح الكشاف بطرابلس مطلع السبعينات ، كانت نرجس عطية التونسية والفرقة تونسية ، عاد من المسرح مأخوذا بالدم . بدأ وكأن لوركا دمي الذي أقرأه في ترجمات الطاغية عبد الرحمان بدوي ، والحالم صلاح عبد الصبور ونادية شعبان ، ثم في 25 – 6 – 96 أهداني الأستاذ خليفة التليسي نفخة منه : لوركا – الديوان الكامل – الطبعة الأولى 1992 – الناشر : الدار العربية للكتاب – جزءان ، الأول في 450 صفحة ، الثاني في 496 صفحة من القطع المتوسط ومعها لوركا – دراسات نقدية حول شعره ومسرحه - الطبعة الأولى 1992 – الناشر الدار العربية للكتاب – 324 صفحة من القطع المتوسط – . هذا كله من ترجمة خليفة محمد التليسي الذي يترجم لأول مرة لوركا الشاعر كاملا للغة العربية ، ويضمن كتابه لوحات : من رسم لوركا ولوحات مرسومة للوركا . لن يشير أحد لهذا الجهد ؛ بما فيهم أسبانيا ، ولا يخجل البعض وهم يستعينون بالكتاب في أعدادهم الخاصة عن " لوركا مئة عام : مئوية لوركا " دون الإشارة إلى المصدر . لكن التليسي لا يهتم بلوركا – الذي هو عند ه " يرتفع نصبا تذكاريا شامخا لا يمكن للبصر أن يعدوه أو يتخطاه " - لغير ذلك .
ولنا نحن العرب أكثر من صلة تشدنا إليه ، وإلى إبداعه الجميل .. وعسى أن يكون هذا الجهد بكامله ، ترجمة شعره ، وهذه الدراسة النقدية ، تحية تقدير لشعرية تتسع دوائر إشعاعها العالمي اليوم .
فمن هو هذا الـ " لوركا " الذي له شرفة في القلب الليبي : " من العجيب ، ومن المظاهر ذات الدلالة أيضا ، أن نجد أنه حتى الآن من الصعوبة بمكان أن نرى لوركا بوضوح ، وأن نحلل شخصيته ومعاني ومضامين أعمله الإبداعية " ، حتى الصور التي بقيت له ذات نوعية باهتة : أو كما قال مانويل دوران في ترجمة لخليفة التليسي التي قرأتها لكم وللوركا.
فما أضيق العالم ، ما أوسع الشعر .

من أشعار لوركا
ترجمة : خليفة التليسي
ــــــــــــــــــــ
غرناطة

من غرفتي
أصغي إلى النافورة
وإصبع من العريشة
وشعاع من الشمس
يشيران إلى مكان قلبي
وفي رياح أغسطس
ترحل الغيوم
وأنا أحلم
بأن لا أحلم في النافورة .

منظر عام

الغابة المنقبضة كلها
عنكبوت ضخم
تنسج شبكة صوتية
للأمل
والعذراء المسكينة الطاهرة
التي تتغذى
بالنظرات والتنهدات .

عودة

قتيل السماء
وبين الصيغ التي تتجه نحو الثعبان
والصيغ التي تبحث عن البللور
أترك لشعري أن ينمو .
ومع شجرة المبتورين التي لا تتغنى
والطفل بوجهه الناصع البياض
ومع الحيوانات الصغيرة المقطوعة الرأس
والمياه البالية للأقدام الجافة
ومع كل ما هو إعياء أصم وأبكم
و فرشة غارقة في المبرة
وضد وجهي المتغير كل يوم
أنا .. قتيل السماء !

فجر نيويورك

لفجر بنيويورك
أربعة أعمدة من الوحل
وإعصار من الحمائم الزنجية
التي تتبلل في المياه العفنة
فجر نيويورك يئن
فوق المدارج الهايلة
باحثا بين الأشواك
عن الجذر الدرني للوعة المرسومة
والفجر يأتي ولا أحد يتنفسه
ذلك لأنه ليس هناك غد ولا أمل ممكن
وأحيانا تجتاز أسراب النقود الغاضبة
فتبتلع الأطفال المشردين
والأوائل الذين يخرجون تعي عظامهم
بأن ليس هناك فردوس ولا غراميات طبيعية
يعلمون أنهم راحلون في وحل
الإعداد والقوانين
وفي عرق غير مثمر
والنور هنا مدفون بسلاسل وضجيج
في تحد فاجر من العلم الذي جذور له
وفي الضواحي ثمة أقوام تترنح ناعسة
كأنها خرجت لتوها من طوفان الدم .

ريـح

الريح
مثقلة بأقواس قزح
تحطم مراياها
على الأغصان .




#أحمد_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بورتريه توينبي
- المفكر الليبي عبدالله القويرى ومشكل الهوية
- نقد ثقافة التنمية
- اطرابلس : طرابلس الغرب ، طرابلس الشروق
- الفارس الوحيد يتكلم الآن
- محاكمة عمر المختار
- لو لم يكن رضوان بوشويشة ما كانت طرابلس الغرب
- حربستان .. عشق آباد
- ثلاثة وجوه لسيرة واحدة!
- الإصلاح ملابس داخلية!
- لماذا لبنان يدفع فاتورة الديموقراطية؟


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد الفيتوري - بورتريه لوركا الليبي