أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد الحمداني - من ذاكرة التاريخ سبعون عاماً على انقلاب الفريق بكرصدقي القسم الثاني والأخير















المزيد.....

من ذاكرة التاريخ سبعون عاماً على انقلاب الفريق بكرصدقي القسم الثاني والأخير


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 1705 - 2006 / 10 / 16 - 10:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أولاًً: بكر صدقي يتجاوز الحكومة، ويحكم من وراء الستار:

لم يكد بكر صدقي يحكم سيطرته على مقدرات البلاد حتى استهوته شهوة الحكم، أراد أن يحكم من وراء الستار، متجاوزاً حلفائه الإصلاحيين [ حزب الإصلاح الشعبي ] الذين يمثلون الأغلبية في الوزارة، وكان باكورة خطواته، الطريقة التي جرى فيها انتخاب مجلس النواب. فقد عقد بكر صدقي مع فريقاً من ضباطه ، وعدد من القوميين اجتماعاً في داره لوضع الترتيبات للانتخابات ، وإعداد قوائم المرشحين ، مستبعداً رفاقه الإصلاحيين ، وقد جاءت قوائم المرشحين في معظمها من المؤيدين لبكر صدقي شخصياً ، فيما كانت حصة الإصلاحيين أقل بكثير ، وقد جرت الانتخابات في 20 شباط 1937 ، وجاءت النتيجة كما خطط لها بكر صدقي سلفاً.
كان منهاج حزب الإصلاح الشعبي يرمي إلى إجراء تغيرات شاملة في حياة الشعب العراقي. فقد دعا منهاجه إلى:
1 ـ إجراء إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي شامل في البلاد .
2 ـ إعادة توزيع الثروة بصورة عادلة .
3 ـ وتفتيت الملكيات الزراعية الكبيرة، وتوزيع الأراضي على الفلاحين المعدمين
4 ـ التقليل من الفروق الطبقية بين أبناء الشعب .
5 ـ إطلاق كافة الحريات الديمقراطية، كحرية التنظيم الحزبي والنقابي، وحرية الصحافة، وضمان حقوق الشعب، وحرياته العامة، وقد لقي منهاج الحزب هذا دعما كبيراً من الحزب الشيوعي، ومن عدد كبير من صغار الضباط، ولعب الحزب الشيوعي دوراً بارزاً في تحريك الجماهير للمطالبة بحقوقهم وحرياتهم العامة.
أما بكر صدقي فقد أراد أن يجعل من نفسه [ أتاتورك العراق ]، ويحكم البلاد على هواه ، وقد ظهر فيما بعد أن تقرب بكر صدقي من الإصلاحيين وضمهم إلى الوزارة ، كان يهدف من ورائه استخدامهم وسيلة للوثوب إلى السلطة المطلقة ، فلما أدرك الاصلاحيون أن الحكومة لا تحكم ، وأن الحاكم الحقيقي هو بكر صدقي لم يكن أمامهم سوى تقديم استقالتهم من الوزارة ، وخصوصاً بعد أن أقدم بكر صدقي على استخدام القوة العسكرية ضد انتفاضة العشائر في السماوة، في 13 حزيران 1937 ، ووقوع عدد كبير من القتلى والجرحى ، حيث قضت تلك الأحداث على آخر أمل للإصلاحيين من البقاء في الحكم ، فأقدم السادة جعفر أبو التمن ، وكامل الجادرجي ، ويوسف عز الدين على الاستقالة من الحكومة ، وقد تضامن معهم صالح جبر وقدم استقالته من الحكومة أيضاً ، فلم يبقَ في الوزارة سوى وزيرين فقط ، هما نوري عبد اللطيف ، وناجي الأصيل .
وفي الوقت الذي استقال الاصلاحيون من الوزارة ، أخذ الاستقلاليون [القوميون] يتصلون ببكر صدقي ويحرضونه على العناصر الماركسية واليسارية التي أخذت شوكتها تشتد ، أعربوا له عن استعدادهم الكامل لدعمه إذا ما وقف ضد هذا التيار الجديد ، والعمل على حل البرلمان ، وإجراء انتخابات جديدة ، وإبعاد تلك العناصر من البرلمان الجديد ، وقد وعدهم بكر صدقي بتحقيق ذلك ، وتم ترقيع الوزارة بتاريخ 24 حزيران 1937 ، حيث دخل الوزارة كل من :
1 ـ محمد علي محمود ـ وزيراً للمالية .
2 ـ عباس مهدي ـ وزيراً للاقتصاد والمواصلات .
3 ـ علي محمود الشيخ علي ـ وزيراً للعدلية .
4 ـ جعفر حمندي ـ وزيراً للمعارف .
5 ـ مصطفى العمري ـ وزيراً للداخلية .
مقتل بكر صدقي :
لقي الانقلاب الذي قاده بكر صدقي ، في 29 تشرين الأول 1936 ، ترحيباً حاراً، وتأييداً واسعاً من جماهير الشعب العراقي التواقة إلى إجراء إصلاحات حقيقية في البلاد ، تضمن الحقوق والحريات العامة للشعب ، وتصون استقلال البلاد ، وتعمل على حل مشاكل البلاد الاقتصادية ، والتخفيف من معانات الشعب .
لكن الشعب العراقي أصيب بخيبة أمل كبيرة، بعد أن تبين له أن كل ما يهم بكر صدقي هو السلطة، متناسياً ما وعد به الشعب، وجاءت استقالة الوزراء الإصلاحيين من الوزارة لتزيد من انعزال حكومة بكر صدقي عن الشعب، وسحب الثقة بها، وبذلك فقد بكر صدقي وحكومته أهم عامل دعم وإسناد، وهو الشعب.
كان الإنكليز ورجالاتهم من الساسة العراقيين يراقبون الأمور عن كثب ، ويتحينون الفرصة للانقضاض على الانقلابيين ، فقد كان قلق الإنكليز يزداد يوماً بعد يوم ، من توجهات بكر صدقي ، وجاء زواج بكر صدقي من إحدى الغانيات الألمانيات ليزيد من قلق الإنكليز ، خوفاً من تقربه من ألمانيا ، وأخيراً أخذت الأخبار تتوارد إلى السفارة البريطانية عن عزم بكر صدقي احتلال الكويت مما زاد في قلق الحكومة البريطانية ، ودفعها إلى التعجيل في تحركها للخلاص منه بأسرع وقت ممكن . وجاءت الفرصة المناسبة ، عند ما قرر بكر صدقي السفر إلى تركيا ، لحضور المناورات العسكرية التركية المقرر القيام بها في 18 آب 1937 ، واتخذ الإنكليز قرارهم بتصفيته ، وهو في طريقه إلى تركيا .
غادر بكر صدقي بغداد في 9 آب بالطائرة إلى الموصل، وكان برفقته العقيد محمد علي جواد، قائد القوة الجوية، وكان من المقرر أن يغادر بالقطار، لكنه أحس بوجود مؤامرة ضده وقرر السفر بالطائرة.
وصل بكر صدقي إلى الموصل ، ونزل في دار الضيافة وبصحبته محمد علي جواد ، وقد وجد المتآمرون فرصتهم في الإجهاز عليه في الموصل ، حينما انتقل بكر صدقي إلى حديقة مطعم المطار البعيد ، والمنعزل ، وبينما كان بكر صدقي جالساً في الحديقة مع قائد القوة الجوية محمد علي جواد ، والمقدم الطيار[ موسى علي ] يتجاذبان أطراف الحديث ، تقدم نائب العريف [ عبد الله التلعفري ] نحوهم ليقدم لهم المرطبات ، وكان يخبئ مسدساً تحت ملابسه ، ولما وصل قرب بكر صدقي ، اخرج مسدسه وصوبه نحو جمجمته ، وأطلق النار عليه فقتل في الحال ، ثم أقدم العريف على إطلاق النار على العقيد محمد علي جواد وقتله أيضاً .
وتم إلقاء القبض على القاتل ، وأوسع ضرباً ، وقد أعترف بأن الذي جاء به لينفذ الجريمة هو الضابط [محمود هندي ] الذي اختفى بعد مقتل بكر صدقي ورفيقه محمد علي جواد ، وتبين فيما بعد أن المتآمرين قد هيئوا عدة مجموعات لقتل بكر صدقي ، ووزعوها على [كركوك] و[التون كوبري ] و [أرييل ] و [الموصل ] على احتمال أن بكر صدقي سوف يمر من إحدى هذه الطرق ،في طريقه إلى تركيا وقيل أن العقيد [ فهمي سعيد ] كان لولب الحركة ، وأن الضابط [محمود خورشيد] هو الدماغ المفكر لعملية تنفيذ الاغتيال ، وسرت شائعة تقول أن ضابط الاستخبارات البريطاني في الموصل ، هو الذي دبر عملية الاغتيال .
وفي صباح يوم الخميس 12 آب تم نقل جثمان بكر صدقي ورفيقه محمد علي جواد إلى بغداد، حيث شيعا إلى مثواهما الأخير، تشييعاً رسمياً سار في مقدمته الوزراء وكبار الضباط والأعيان والنواب والسفراء.
حاولت الحكومة إجراء تحقيق واسع لمعرفة الذين كانوا وراء عملية الاغتيال ، وقد أرسلت لجنة تحقيقيه إلى الموصل ، برئاسة نائب المدعي العام [أنطوان لوقا ] حيث باشر في إجراء التحقيقات أخذت تلك التحقيقات تتوسع شيئاً فشيئاً ، مما أثار خوف وقلق الضباط المشاركين في المؤامرة ، من أن تصل التحقيقات إليهم ، فأعلن أمر حامية الموصل [ أمين العمري ] العصيان على بغداد ، واعتقال ، النائب العام، وجرى تمزيق أوراق التحقيق . كما جرى تسريح كافة الضباط الموالين لبكر صدقي وللحكومة في بغداد ، وأصدر بياناً يعلن فيه انفصاله عن حكومة بغداد .
ورغم اتصال الملك غازي بأمين العمري ، ودعوته له لإطاعة أوامر القيادة العسكرية ، إلا أن الانقلابيين أصروا على موقفهم ، وطالبوا الملك بإقالة وزارة حكمت سليمان ، وتشكيل وزارة جديدة برئاسة[ جميل المدفعي ] كما رفضوا تسليم الضباط المتهمين بمؤامرة اغتيال بكر صدقي ورفيقه محمد علي جواد .
حاولت الحكومة ، بدفع من الضباط الموالين لبكر صدقي ، الزحف بالفرقة الثانية في كركوك ، إلى الموصل لإخضاع المتمردين على الحكومة .
وفي المقابل حاول اللواء أمين العمري استمالة عدد من الوحدات العسكرية الأخرى إلى جانبه ، واستطاع الحصول على دعم آمر معسكر الو شاش في بغداد [سعيد التكريتي ] وساعده الأيمن المقدم [ صلاح الدين الصباغ ] ، كما انضم إليهم آمر حامية الديوانية
وهكذا بدا أن الجيش قد أنقسم على نفسه، وأن الأمور قد باتت خطيرة جداً، وتنذر بوقوع حرب أهلية يكون عمادها الجيش، ولذلك اضطرت الوزارة إلى تقديم استقالتها إلى الملك غازي، في 17 آب 1937 ، وتم قبول الاستقالة في نفس اليوم.
إجبار حكومة حكمت سليمان على الاستقالة، وتكليف المدفعي:
سارع الملك غازي ، بعد استقالة حكومة حكمت سليمان ، إلى تكليف جميل المدفعي بتأليف الوزارة الجديدة ، وكان واضحا أن التكليف جرى بضغط من السفارة البريطانية ، وزمرة أمين العمري التي دبرت مؤامرة اغتيال بكر صدقي ، حيث طالب أمين العمري الملك بإقالة وزارة حكمت سليمان ، وتكليف المدفعي بتأليف وزارة جديدة . وقد صدرت الإرادة الملكية بتكليف المدفعي في 19 آب 1937، وجاءت على النحو التالي :
1 ـ جميل المدفعي ـ رئيساً للوزراء، ووزيراً للدفاع.
2 ـ مصطفى العمري ـ وزيراً للداخلية .
3 ـ عباس مهدي ـ وزيراً للعدلية ، ووزيراً للخارجية وكالةً .
4 ـ جلال بابان ـ وزيراً للاقتصاد والمواصلات والمالية وكالةً .
5 ـ محمد رضا الشبيبي ـ وزيراً للمعارف .
وقد تم إضافة وزيرين جديدين للوزارة هما توفيق السويدي للخارجية، وإبراهيم كمال للمالية، وذلك في 19 آب من العام نفسه.
وبمجرد تشكيل الوزارة الجديدة أعلن المتمردون في الموصل إنهاء تمردهم، وعادت الأمور إلى مجراها، بعد أن تم التخلص من بكر صدقي وحكومته.
وهكذا تبين أن مقتل بكر صدقي لم يكن مجرد حادث فردي ، وإنما هو انقلاب عسكري جرى تدبيره بتخطيط من البريطانيين ، وأزلامهم العسكريين والسياسيين ، وكانت تلوح رائحة الانتقام من كل العناصر التي ساهمت وساندت وأيدت انقلاب بكر صدقي ، وكان على رأس أولئك المتعطشين للانتقام ، نوري السعيد ، الذي وصل به الأمر إلى اتهام الملك غازي بالتواطؤ مع بكر صدقي .
لقد حاول نوري السعيد ، الذي عاد إلى بغداد بعد مقتل بكر صدقي ، واستقالة حكومة حكمت سليمان ، وتأليف الوزارة المدفعية ، الضغط على جميل المدفعي ، مستعيناً بثلاثة من كبار الضباط هم العقيد صلاح الدين الصباغ ، والعقيد فهمي سعيد ، والفريق طه الهاشمي ، فما كان من المدفعي إلا أن توجه إلى السفير البريطاني يشكوه من تصرفات نوري السعيد ، وطلب منه أبعاده إلى خارج العراق في الوقت الحاضر على الأقل ، أو القبول بمنصب وزير العراق المفوض في لندن وبالفعل أوعز السفير البريطاني للسعيد بمغادرة البلاد ، حيث بقي بعيداً عن العراق حتى تشرين الأول 1938 .
كان باكورة أعمال وزارة المدفعي حل المجلس النيابي في 16 آب 1937، تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة.
كما قامت الوزارة بإحالة عدد كبير من ضباط الجيش المحسوبين على بكر صدقي على التقاعد، وعينت آخرين بدلاً منهم.
كما شنت حكومة حكمت سليمان في 18 تشرين الثاني حملة شعواء ضد المشتبه بقيامهم بنشاط شيوعي ، وإحالتهم إلى المحاكم ، التي أصدرت أحكاما بالسجن ضد معظمهم .
وفي 18 كانون الأول باشرت الحكومة بإجراء الانتخابات ، بنفس الأسلوب الذي درجت عليه الوزارات السابقة ، حيث تقوم الحكومة بترشيح العناصر المؤيدة لها ، وتفرضهم على المنتخبين الثانويين فرضاً ، وبذلك استطاعت الحكومة إبعاد كل العناصر اليسارية عن المجلس الجديد ، كما جرى أبعاد جميع العناصر العسكرية أيضاً .
إسقاط حكومة المدفعي، بضغط من العسكريين:
منذ أن عاد نوري السعيد وطه الهاشمي إلى العراق ، بعد أن ثبّت حكومة المدفعي مركزها في الحكم أخذا يمارسان الضغط على الحكومة لمحاكمة رجالات الانقلاب ، والحكم بإعدامهم ، لكن حكومة المدفعي لم تكن ترى من مصلحة البلاد اللجوء إلى ذلك ، وبالتالي عارضته بشدة .
وبسبب هذا الموقف سعى نوري السعيد وطه الهاشمي إلى إسقاط الحكومة بالقوة ، مستعينا بما عرف بالعقداء الأربعة ، قادة الجيش ، الذين أخذ دورهم في الحياة السياسية يتنامى ، في أعقاب الدور الذي لعبوه في إسقاط حكومة حكمت سليمان ، وهم كل من صلاح الدين الصباغ ، وفهمي سعيد ، ومحمود سلمان ، وكامل شبيب ، وقد انضم إلى جانبهم عدد من الضباط الناقمين على بكر صدقي.
شعر جميل المدفعي بما يدبره له نوري السعيد ، وطه الهاشمي ، ورشيد عالي الكيلاني من مكيدة ، فسارع إلى نفي الكيلاني إلى [ عانة] ، وحاول نفي العقداء الأربعة ، ومعهم العقيد [ يوسف العزي] والعقيد [ عزيز ياملكي ] .
لكن نوري السعيد كان أسرع حركة منه ، واستطاع أن يرتب الأمر مع العقداء الأربعة ، للقيام بانقلاب عسكري لإسقاط الحكومة ، وحدد له موعداً في 24 كانون الأول 1938 .
وقام العقداء المذكورون بتهيئة قواتهم للقيام بالحركة ، أرسلوا العقيد [عزيز ياملكي] إلى جميل المدفعي ، يطلبون منه الاستقالة فوراً .
كما أرسلوا الفريق [ حسين فوزي ] رئيس أركان الجيش، وهو من المشاركين في التمرد على الحكومة، إلى الملك غازي ليطلب منه إقالة حكومة المدفعي.
استاء الملك غازي من تصرف الضباط ، ومن وراءهم نوري السعيد وطه الهاشمي ، وأراد أن يستخدم القوة لقمع التمرد ، لكنه تراجع عن موقفه بعد أن وجد جميل المدفعي ينوي الاستقالة ، ليجنب البلاد إراقة الدماء ، وربما يحدث ما لا يحمد عقباه ، فآثر الاستقالة في 24 كانون الأول 1938 ، واضطر الملك غازي تحت ضغط العسكريين إلى تكليف نوري السعيد بتشكيل الوزارة الجديدة .
نوري السعيد يشكل الوزارة الجديدة :
عاد نوري السعيد ليشكل حكومته الثالثة ، بضغط مباشر من العسكريين على الملك غازي ، الذي كانت تتقاذفه أمواج الزمرة السياسية المتعاقبة على سدة الحكم ، والتي تسير بهدى وتوجيهات السفارة البريطانية ، واضطر الملك غازي ،وعلى مضض ، وهو الذي لا يطيق رؤية نوري السعيد ، إلى دعوته إلى تشكيل الوزارة في 25 كانون الأول 1938 ، وجاء تشكيل الوزارة على الوجه التالي :
1 ـ نوري السعيد ـ رئيساً للوزراء، ووزيراً للخارجية.
2 ـ طه الهاشمي ـ وزيراً للدفاع ووزير الداخلية وكالة .
3 ـ عمر نظمي ـ وزيراً للاقتصاد والمواصلات .
4 ـ رستم حيدر ـ وزيراً للمالية .
5 ـ محمود صبحي الدفتري ـ وزيراً للعدلية .
6 ـ صالح جبر ـ وزيراً للمعارف .
وهكذا قبض الثنائي ، نوري السعيد ـ طه الهاشمي ، على أخطر الوزارات ، الداخلية والخارجية والدفاع ، إضافة إلى رئاسة الوزارة ، ثم عاد نوري السعيد بعد يومين ، فعين [ ناجي شوكت ] وزيراً للداخلية .
كان أمام الوزارة السعيدية مهمة حل المجلس النيابي ، وإجراء انتخابات جديدة ، حيث أن حكومته لا تتمتع بتأييد أغلبية أعضاء المجلس ، وكان في جعبة نوري السعيد الانتقام من خصومه السياسيين ، وعلى رأسهم الملك غازي ، وحكمت سليمان ، والعديد من الضباط الذين آزروا بكر صدقي في انقلابه ، وتسببوا في مقتل صهره جعفر العسكري وزير الدفاع في حكومة الهاشمي.
وفي 22 شباط 1939 استحصل نوري السعيد إرادة ملكية بحل المجلس النيابي ، لكن الحكومة تلكأت في إجراء الانتخابات ، بحجة قيام حكمت سليمان ، بالتعاون مع عدد من الضباط بمؤامرة مزعومة لقتل عبد الإله ، و50 شخصية سياسية وضباط كبار في الجيش ، كانوا مدعوين في قصر الأمير إلى مأدبة عشاء .
وفي حقيقة الأمر ، وكما ورد على لسان العديد من الوزراء ، وأعضاء المجلس العرفي الذي شكله نوري السعيد لمحاكمة المتهمين بالمؤامرة ، أن المؤامرة المزعومة كانت من صنع نوري السعيد الذي كان يضمر لحكمت سليمان، والضباط [حلمي عبد الكريم ] و[إسماعيل عباوي ] و[جواد حسين] و[عبد الهادي كامل] و[علي غالب] روح الانتقام ، وينتظر الفرصة المناسبة لذلك حيث أحالهم إلى المحاكمة أمام المجلس العرفي العسكري ، الذي حكم على حكمت سليمان وأربعة من كبار الضباط بالإعدام ، وعلى أثنين آخرين بالسجن لمدة 7 سنوات . لكن نوري السعيد لم يستطع تنفيذ حكم الإعدام بسبب عدم موافقة الملك ، وتم استبدال الحكم إلى السجن المؤبد بالنسبة لإسماعيل عباوي ، ويونس عباوي ، وجواد حسين ، فيما خفض الحكم على حكمت سليمان إلى السجن لمدة 5 سنوات وسيق إلى السجن ، وأصيب هناك بمرض صدري ، وبقي في السجن حتى قيام حركة رشيد عالي الكيلاني ، عام 1941 حيث أطلق سراحه من السجن .



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرة التاريخ سبعون عاماً على انقلاب الفريق بكر صدقي ال ...
- الإسلام السياسي يشكل تهديدا خطيرا لمستقبل الديمقراطية في الع ...
- ميشيل عون متآمر على لبنان وحكومته الشرعية ومكانه السجن
- خياران لا ثالث لهما ، الوطنية العراقية أو الكارثة
- من أجل جبهة عريضة لقوى اليسار والديمقراطية والعلمانية واللبر ...
- محنة الطائفة المندائية ومسؤولية السلطة وقوات الاحتلال في حما ...
- ماذا سيقول وندل ولكي لو عاد اليوم إلى العراق من جديد ؟
- أمس بكى الرئيس السنيورا وأبكانا على لبنان والعراق
- فيدرالية الحكيم مدخل للحرب الأهلية وتمزيق العراق
- لبنان ضحية حرب إجرامية
- ينبغي رفع الحيف الذي لحق بالأكراد الفيليين وإنصافهم
- ثورة 14 تموز بين حامد الحمداني والدكتور فواز غازي حلمي
- ثورة 14 تموز في نهوضها وانتكاستها واغتيالها
- إلى أي مصير تقودون العراق وشعبه ؟
- عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الرابعة والأخيرة
- عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الثالثة
- عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز-الحلقة الثانية
- عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الأولى
- حذار قبل أن يأتي الطوفان
- حكومة إنقاذ وطني علمانية مستقلة هو الحل


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد الحمداني - من ذاكرة التاريخ سبعون عاماً على انقلاب الفريق بكرصدقي القسم الثاني والأخير