أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مليطان - لا تغربي يا شمس














المزيد.....

لا تغربي يا شمس


محمد مليطان

الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"حين كنا ... في الكتاتيب صغارا/ حقنونا بسخيف القول ليلا ونهارا / فنشأنا ساذجين / وبقينا ساذجين".. نزار قباني

علمونا أن : (القانون هو سيد الجميع).. هكذا كانت تحشى في عقولنا الصغيرة وقتها حشوا، وعلمونا أن هذا السيد القانون له شارب طويل، وعضلات مفتولة، ولا يجرؤ أحد على تخطي ظله، فضلا عن تخطي جسده الشريف المهاب، وعلمونا أيضا أن هذا السيد المهاب لا يشيخ أبدا.. !!
اليوم وبعد مضي سنوات من عمري الزهيد اكتشفت أنني كنت من أشد المغفلين، ومن أكبر أكابر الساذجين، بل وعلى رأس البلهاء والعبيطين، لأن اكتشفت أن سيدي ومولاي الذي كنت أظنه لا يشيخ ولا يموت ولا يهان ولا يستبد به أحد قد شاخ منذ زمن، ولم يعد باستطاعته فتل شاربه لأنه صار بعد أن دخل في مرحلة أرذل العمر حليقا.
لقد شاخ سيدي القانون.. وانتهكت المؤسسة الرسمية في ليبيا حرمه المقدس، وصار يعامل سيادته كأي عاجز مهمل.
بدأت المؤسسات الرسمية في الدولة الليبية تصفعه الواحدة تلو الأخرى على خده الأيمن فيما تطوع من تلقاء نفسه وصعّر خده الأيسر –ليس عن كبر- لمؤسسات أخرى غير رسمية.
المواطن البسيط الممزوجة بساطته مع سذاجة عربية عريقة تسري في عروقه وحده ظل متعلقا بقشة (سيادة القانون)، ووحده ظل منتظرا أن تتنزل السماء بمعجزة تنفخ الروح في جسده المترهل، رغم اليقين الذي لا يغادر الوجدان بأن سيادته قد شاخ، ودخل مرحلة متقدمة من الشيخوخة والعجز تصل إلى درجة الاحتضار والموت السريري.
شركة الكهرباء – مثلا- لم تكن أولى المؤسسات الرسمية في الدولة الليبية المتعالية على سيادته، ولكن باعتبارها من كبريات الشركات الرسمية التي لا تخضع لسيادة القانون، تصدرت لائحة الشركات التي بإمكانها صفعه على أي خديه شاءت، وباعتبارها تقدم خدمة ضرورية لم تعد من ترف الحياة وكمالياتها، فقد امتهنت المتاجرة بهذه الخدمة – المحتكرة من الدولة - وبدلا من أن تشعر الشركة الوحيدة المانحة للكهرباء في البلاد بقداسة ما تقدمه ورسم ابتسامة على صفحة الظلام الحالك، مارست المتاجرة والاحتكار لخدمة مهمة هي في ترتيبها بين ضروريات الحياة المعاصرة بعد الماء والهواء، تملي شروطها وتستبد، تقدم خدماتها المتدنية ونستقبلها بترحاب مدفوع بخوف من الوقوع في زعلها أو تكدير صفوها، فهي ترفع من تسعيرة استهلاك الكهرباء دون الالتفات إلى القوانين المانعة لفرض أي رسوم أو ضرائب إلا بقانون يوجب ذلك، وتطالب المستهلك بالدفع وإلا فإنها ستسومه سوء الظلام في وقت هو في أمس الحاجة إلى بصيص من ضوء يتلمس به طريقا في حياته المعتمة.. مما يذكي وينمي الشعور بالغبن، وينمي في وجدانه الشعور بعدم الجدوى من الرجوع إلى الجهات الرسمية في تسوية أوضاعه وخلافاته ومشاكله مع هذه المؤسسات، في ظل غياب سيادة القانون وسيادة منطق (الغالب يسحق المغلوب).
الأهم -وليس المهم- أن تسعد شركة الكهرباء الجليلة الوقور بامتلاكها ناصية الضوء، وتملأ خزائنها بمرتبات البسطاء وصغار الموظفين السذج، في ظل أحادية قطبها وإحكامها السيطرة على مصدر النور.
المواطن - والحال هذه - ليس أمامه سوى خيارين:
الأول/ أن يمارس لعبة الفار والقط مع هذه الشركات المسيطرة على الخدمات فيبحث عن سبل ذكية في التهرب من دفع الرسوم المتزايدة بلا مبرر، وبلا ارتفاع في مستوى الخدمة، خاصة بعد أن فقد الأمل في أن تعود الروح ويدب النشاط في جسد سيادة القانون المترهل.
والثاني/ أن يبتهل إلى الله متضرعا ليل نهار بأن لا تغرب الشمس، فيستغني عن تسول الضوء، وبهذا يكفيه الله شر شركة الكهرباء، ليبدأ مسيرة ابتهال جديد ممزوجا بالدموع والتضرع والتذلل لله بأن يكفيه شر شركة مدللة أخرى.






#محمد_مليطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (تصدر حسب التساهيل).. علامة ليبية بامتياز في عالم الصحافة
- الشرق الأوسط الجديد.. مواسم الحصاد
- الإعلام الليبي.. احتضار الخطاب ونزوح المتلقي


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مليطان - لا تغربي يا شمس