أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نائل الطوخي - يوم الكيبور.. صفعة لصورة الدولة التي لا تقهر















المزيد.....

يوم الكيبور.. صفعة لصورة الدولة التي لا تقهر


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 11:02
المحور: الصحافة والاعلام
    


ثلاثة و ثلاثون عاما تفصل بيننا و بين حرب أكتوبر، مثلما تفصل بين إسرائيل و بين يوم الكيبور، يوم الصفعة التي تشاء الأقدار أن تأتي ذكراها الآن و بينما الدولة التي لا تقهر تعاني من صفعة ثانية، لبنانية هذه المرة، حطمت ما تبقي من أسطورتها الذاتية حول نفسها. انشغلت أغلب الصحف الإسرائيلية في الذكري الحالية لحرب اكتوبر بالمقارنة بين الصفعتين، و بالسؤال عما تعلمه الإسرائيليون من حرب السادس من أكتوبر. في هذا الإطار يكتب في معاريف الصحفي الإسرائيلي يورام دودي رسالة مريرة إلي صديقه موشيه الذي قتل في حرب 73:
سلام يا موشيه. ثلاثة و ثلاثون عاما مرت منذ رحلت عن العالم. 33 عاما منذ يوم الكيبور اللعين الذي سافرنا فيه سويا لأجل التجنيد. كانت ثقتنا كاملة في أن مؤونة الدبابات موجودة و أنها مؤهلة للعمل و أن السلاح موجود. 33 عاما مرت منذ أن اعتمدنا علي قادة الجيش و كنا مقتنعين أننا نملك الذخيرة الأفضل في العالم. عندما زرت قبرك أول أمس في كريات شاؤول، أغلقت عيني للحظة و قررت الحديث معك عن الوضع اليوم. كنت قد قلت لك قبل شهر أننا نمر بحرب جديدة مع لبنان. 33 يوما من الحرب القاسية و أمطار من الكاتيوشا علي ثلث الدولة. تسألني : وكيف هو الجيش؟ لقد تعلم بالتأكيد من الحرب التي قتلت فيها و استخلص الدروس المطلوبة. ترددت في الإجابة. إلي أي حد أستطيع إحباطك يا موشيه. في ال33 عاما التي مرت لم يتعلم أحد أي شيء. لن تصدقني طبعا. لم يكن الطعام كافيا للجميع. تعرف هذا. لم تكن المعلومات الاستخباراتية كافية و لم تكن الخرائط حديثة. تعرف هذا أيضا. و في أثناء الحرب بدأت حرب أخري بين الجنرالات. هذا أيضا حدث قبل 33 عاما. و بعدها مباشرة عينوا لجنة تحقيق بدت وكأنها هي الدواء السحري. هذا قد حدث أيضا وقتها. تسألني: إذا كان الحال هكذا فماذا تعلموا في السنوات ال33 الماضية؟ ماذا تعلمت الدولة ؟ أميل رأسي و أقول هامسا: ولا شيء.

الجندي القبيح الأول

وعن نفس المقارنة بين الحربين وحول سؤال هل هي نفس الحرب، بعد أن ساد في جو إسرائيل كله الإحساس بأن الرد هو بالإيجاب، أجرت صحيفة يديعوت احرونوت تحقيقا استطلعت فيه رأي دافيد جورفيتس، ودان عيريف، وهما من المتخصصين في الإعلام الشعبي، قال فيه جورفيتس أن الحربين متاشبهتان من ناحية شرخ الصورة الإسرائيلية والتي تم النظر إليها حتي ذلك الحين باعتبارها قوية و مهيمنة. و أضاف أنه لم يتم هزيمة إسرائيل في أي حرب من حروبها، و لكن صورتها قد أوذيت كثيرا في حرب يوم الكيبور و حرب لبنان الثانية. و يضيف أنه: في الواقع ربما نكون قد انتصرنا، و لكن الإحساس هو إحساس بالهزيمة. في عصر ما بعد الحداثة الصورة مهمة للغاية و هي ما تحدد الموقف. النتيجة علي الأرض لا تهم و لكن المهم هو الإحساس في الجبهة الداخلية، و هي واحدة من سمات العصر.
أما دان عيريف فيشرح أنه في نظره كانت الصورة الأكثر تعبيرا عن عرب 73 هي لذلك الجندي الذي كان يقف علي جبل الشيخ و تصاغ حوله عبارة عين الدولة، حيث لأول مرة لا يكون الجندي الإسرائيلي جميلا و لا بخصلة، و إنما مستنزفا، مهزوما، يتم تصويره من أعلي لأسفل، هو يقوم بالاحتلال بالفعل، و لكن هذا لا يبث أي إحساس بالبطولة.

عملاء يتم تجاهلهم

كانت المقارنة بين الحربين هو الشغل الشاغل للصحف، و لكن في نفس الوقت يمكننا ان نلحظ عدة كتب عن الحرب ظهرت في الذكري الثالثة و الثلاثين لها ربما كان من أهمها كتاب بعنوان أين أخطأنا و أين نجحنا لآرييه شاليف، رئيس شعبة التحري في المخابرات الإسرائيلية في أثناء الحرب. ينشغل الكتاب بفضح التقصيرات الاستخباراتية و الأمنية الإسرائيلية التي أدت للهزيمة الإسرائيلية وقتها. و في خضم هذا يتحدث عن عملاء كثيرين لإسرائيل كانوا موجودين داخل القيادة المصرية، غير أنهم لم ينفعوا إسرائيل بشيء في معرفة الميعاد الدقيق للحرب، ففي يوم 4 أكتوبر وصلت إلي المخابرات الإسرائيلية معلومة عن اجتماع عاجل في الغرفة الحربية لأنور السادات، غير أن المعلومة لم تلاق الاهتمام ولم تنتقل إلي رئيس المخابرات و إلي ضباط التحقيق إلا في يناير 74، بعد اندلاع الحرب.
كان آرييه شاليف قد حذر، منذ 3 أكتوبر، كما يذكر في كتابه، الوزراء و رئيس هيئة الأركان العامة من أن مصر و سوريا بمقدروهما الحرب. و لكنه أضاف اعتقاده بأنهما لن يفعلا هذا. في هذا الاجتماع لم يعطه المشاركون الفرصة للاستفاضة إلا لدقائق معدودة. كانت الرتب الكبيرة ساعتها لا تقدر القوتين المصرية و السورية بشكل صائب و تري أن الاستعدادات الطبيعية فقط كافية لصد أي هجوم، أما استدعاء الاحتياط فلم يكن مقررا إلا في حالة الانتقال من الدفاع إلي الهجوم في أرض العدو.

لا يفهمون السادات

يذكر الكتاب بالإضافة إلي هذا أن الفشل الأساسي كان سياسيا و ليس عسكريا، وكان من نصيب المخابرات كذلك. وزع رئيس المخابرات أهارون ياريف في يوم موت جمال عبد الناصر كئوس الخمر ابتهاجا. بعدها ألقت علي ضابط المخابرات الاحتياطي د. شمعون شامير مهمة تحليل شخصية السادات. كتب ساعتها أن السادات ضعيف و تافه و أنه لن يتمكن من الاحتفاظ بالسلطة و لا اتخاذ قرار الحرب. في السنتين التيني تلتا هذا أخطأت المخابرات في فهم حدثين مهمين في حياة السادات، كما يذكر الكتاب، انتصاره علي أعدائه في مايو 1971 و طرد الروس من مصر في يوليو 1972.
يشير الكتاب إلي أنه في السنوات السابقة علي الحرب كانت المخابرات الإسرائيلية تحتفظ في مصر بمصادر معلومات قريبة من القيادة. و كانت تعتمد عليها اعتمادا مبالغا فيه . كان الخلاف الكبير بين كبار رجال المخابرات هو حول شخصية العميل أشش، و الذي تذكر بعض الصحف العالمية أنه هو أشرف مروان، زوج بنت الرئيس جمال عبد الناصر وقتها، و هل هو عميل مزدوج أم لا؟ كان العميل ممتازا، و ربما ممتازا جدا، إلي درجة اعتماد المخابرات الإسرائيلية عليه، و افتراض أنه، بسبب مرونته و اقترابه من مصادر القرار في القاهرة، فإنه إذا لم يبلغ بوجود حرب علي وشك الوقوع، فلن تكون هناك حرب. كان رأي شاليف أنه ليس عميلا مزدوجا و لكنه مصري وسيظل مصريا حتي و هو عميل لإسرائيل وأنه يحسب ما الذي يمكن نقله لإسرائيل و ما الذي لا يمكن نقله، لأنه لا يمكنه الخيانة بشكل حاسم. وبعد فحوصات متتالية و متكررة استنتج الموساد و المخابرات أنه ليس عميلا مزدوجا، لم تشر المعلومات التي تلقاها رئيس الموساد من العميل إلي ساعة ما لبدء الحرب و إنما أشارت فقط إلي ساعة ما قبل تنفيذ الخطة المصرية، و لكن لدي نقل التقرير إلي السلك السياسي العسكري الكبير تم تشويش المعلومة و تحويلها إلي صيغة تقول بأن الحرب سوف تبدأ قبل حلول الليل.
كذلك يكشف آرييه شاليف النقاب عن أنه في المحادثات بين الملك حسين و جولدا مائير في 25 سبتمبر لم يزود الملك حسين جولدا بإنذار واضح. و لكنه كرر قوله أن الجيش السوري في وضع الانقضاض. يكشف شاليف كذلك عن أن مصدرا ممتازا محنكا ومقربا للقيادة المصرية زود الإسرائيليين بمعلومة عن أن الحرب سوف تبدأ في نهاية سبتمبر أو بداية أكتوبر، و لكنه أضاف: هذا الموضوع ليس جادا، و سوف يتغير هذا التاريخ أيضا كسابقه.

البطل جريح الآن

كل هذه التقصيرات في الاعتداد بالمعلومات الاستخباراتية التي توفرت في يد إسرائيل أدت إلي مطالبة لجنة أجرنت بإجراء تحقيق حول الحرب، وهي اللجنة التي كان الجندي المشارك في الحرب، إيسا كدموني، واحدا من المطالبين بتشكيلها. تم منح الجندي وسام البطولة و لكن في نفس الوقت تم منع أي مساعدة رسمية عنه، هو الذي مات معزولا و منفيا و فقيرا. يتم في هذه الأيام حفر الأسطورة الشخصية لهذا الجندي و يصدر عنه كتاب بعنوان العودة من سرابيوم يصف معركة حدثت في الإسماعيلية بين هذا الجندي لم يكن يحمل فيها إلا بندقية وبعض القنابل أمام كتيبة مصرية كاملة و استطاع التغلب عليها، في مشاهد كأنها تنتمي لهوليود، حيث الدم ينفجر من جسد البطل الإسرائيلي الجريح، بينما هو لا يتوقف عن إدارة المعركة مع الأعداء المصريين الذين يوشكون علي تحقيق النصر لولا وصول الدبابات الإسرائيلية إلي ساحة المعركة. في هذه المعركة، و كما تقتضي الأدبيات الإسرائيلية التقليدية، يحارب البطل و هو يلقي أبيات من الشعر الرومانسي حول مواصلة الحياة و العمل. و يلقي سؤالا يبدو ساذجا و لكنه مناسب جدا لمغازلة العقلية الصهيونية التقليدية: هل هذا هو ما شعر به رجال الحركة السرية اليهودية عندما حاربوا الألمان و أيقنوا أن هذه هي الدقائق الأخيرة في حياتهم؟ هكذا يصبح المصريون، أصحاب الأرض التي يحارب عليها الإسرائيلي، هم قرين النازيين واليهودي هو البطل الجريح محب الشعر!!
لايمكن القول أن الرواية الإسرائيلية عن السادس من أكتوبر متطابقة مع الرواية المصرية عن نفس الحرب، فالروايتان مختلفتان في بعض التفاصيل، غير أنه كلما توالت الضربات علي إسرائيل، و كلما استطاع العرب تطوير قدرات عسكرية جديدة كالتي أثبتها حزب الله في حربه الأخيرة، كلما زادت الخدوش في الرواية الإسرائيلية، إلي حد أن ينتهي يوم إسرائيلي مهيب، يزور فيه الرئيس موشيه كاتساف قبور قتلي حرب السادس من أكتوبر هذه الأيام، بمهزلة، حينما تترك المحامية كانيريت براشي المكان غاضبة، علي خلفية تورط الرئيس الإسرائيلي في قضية التحرش الجنسي التي يحاكم بسببها و تقدم هي فيها دعواها ضده نيابة عن موكلتها، و تعتبر هي أن هذه الزيارة تدنيس لذكري أبيها الذي رحل في يوم الكيبور، في دولة تعتبر الموت و الحرب هما أكثر الأشياء قداسة، و هما الجديران بالحفاظ عليهما من أي تدنيس.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة المطلقة للافيه الرمضاني.. من الشعر و المسرح إلى شوقية ...
- حسين عبد العليم: تحريم الجنس أمر ممل جدا
- الأم المقدسة، أمي، الأرض و الهوية
- أمي، الأم المقدسة، الأرض و الهوية
- عن تصريحات البابا و الأديان المصابة بالزهايمر
- صلالة مدينة تشبه الألعاب الإلكترونية
- الجمالية ترد الحكي على نجيب محفوظ
- تشومسكي: أمريكا تعجل بنهاية العالم
- منع الرؤية و مباركة الجنود.. العمى المرغوب فيه لإسرائيل
- في بيان من تشومسكي وساراماجو: إسرائيل هي الحلقة الأولى في سل ...
- سينمائيون إسرائيليون للبنانيين: نحن معكم
- صورة حسن نصر الله عند المثقفين المصريين. دفء و ملاحة و مقاوم ...
- ماذا يفعل أدباء إسرائيل وقت الحرب !؟
- من قلوبنا سلام لفيروز
- عبد الناصر هو البطل الملحمي، المدخن المحترف و بائع التذاكر.. ...
- دافنشي, يعقوبيان، و جرائم النشر، حرية التعبير في مجلس الشعب
- دم بارد.. بعثرة الندوب في جسد الواقع
- كرنفال الكرة و الادب على ناصية العالم
- بلدوزر.. تجار حشيش و مقابر.. تاريخ ملاحقة الكتاب الرخيص
- أدب المتدينين في إسرائيل و شيطنة الآخر


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نائل الطوخي - يوم الكيبور.. صفعة لصورة الدولة التي لا تقهر