أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناديه كاظم شبيل - امي تحصل على قبر!















المزيد.....

امي تحصل على قبر!


ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1703 - 2006 / 10 / 14 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



استيظت مذهولة على صوت الرعد ،القت نظرة الى الخارج من نافذة غرفتها بينما يدها تسحب الغطاء فوق رأسها وكأنها تحمي نفسها من خطر غامض،كان هذا ديدنها مذ كانت طفلةلا تعي شيئا من هموم الحياة ، اجفلتها شدة الامطار ،قالت في نفسها يبدو ان المطر سيستمر طيلة الاسبوع فهذه الغيوم الرماديه المتسارعه تنبأ عن ذلك،جالت بعينيها في ارجاء غرفتها ،تمتمت في نفسها قائلة: حسنا فعلت عندما اخترت اللون الابيض لغرفة نومي ،فانه انسب الالوان لتخفيف حدة كابة الايام الرمادية القاتمه،تمطّت قليلا فاصطدمت يدها بجهاز الهاتف النقال ،امسكت به ونظرت اليه بامتنان لآنه ساعدها ليلة امس على الاتصال بنجاح بأهلها في العراق ، وان تطمأن على صحة الوالده الغاليه،ولكنها شعرت بالامتعاض وهي تتذكر الجملة الاخيره التي اطلقها شقيقها في وجهها وكأنه يلقي اليها عبئا ثقيلالا احتمال له بحمله فارادها ان تشاركه حمله : تركتها وهي تبدو كعصفور اصفر صغير ينازع النفس الاخير.
فجأة سمعت صوت جرس الباب يقرع،تسائلت بقلق من الطارق في مثل هذا الجو العاصف المجنون،كانت الساعة تشير الى التاسعة والنصف صباحا ،واليوم هو السبت ،ومن عادة الناس ان يسهروا ويسكروا ليلا ليناموا نهارا ،تذكرت المعركة الحامية الوطيس التي دارت رحاها في الطابق العلوي ،لقد خيل اليها في كل لحظة ان السقف سينهار فوق رأسها من شدة ارتطام الكراسي والاثاث المنزلي الثقيل بالأرض،استمرت المعركه اكثر من ساعة لتسمع الجملة الاخيره يطلقها الزوج وكأنه جندي جريح في قبضة عدو جبار: ولكنني كنت دائما رقيقا حانيا عليك.بعدها خفتت الاصوات الصاخبه لتتحول الى همس دافئ.تسائلت بلهفه من الطارق؟ لاجواب هناك ولكنها سمعت همسات وكلمات سريعه متبادله ،كررت السؤال نفسه ،فرد عليها زوجها بانها ابنتنا ام علي. نادت بفرح غامر:تعالي يا حبيبتي الى غرفتي ،ولكنها تأخرت في القدوم نوعا ما ،ثم اقبلت وحزنا طاغيا يغطي الوجه البرئ ،قبلتها بلهفة وسألتها عن السر في ارتدائها اللون الاسود ،قالت لاسر هناك ،الصدفة هي التي جعلتني ارتدي هذه الملابس،فتحت ذراعيها لتحتضن ابنتها الحبيبه كما لو كانت لاتزال طفلة صغيرة،انهمرت الدموع من عيني الفتاة ،سألتها امها ان كانت هنالك غيوم اسريه وراء هذا الحزن فاجابت الابنه: بل قدمت لأكون بجانبك بضعة ايام لانني في اشد الحاجة اليك.اطمأنت قليلا وامسكت بيد ابنتها وهي تنهض بخفة من السرير،قالت لها بفرح طفولي:سأعد لك فطورا شهيا هذا الصباح ،في طريقها الى المطبخ وبينما لاتزال كفها تمسك بشوق بيد ابنتها استوقفها زوجها ليقص عليها حلم ليلة الامس ,لكنها استمرت باتجاه المطبخ وهي تداعبه بان الطعام اهم من تفسير الاحلام ولكن نظرة التصميم في عينيه جعلتها تتراجع الى الخلف لتقول له :خيرا انشاء الله. قال لها وكانه يريد ان يلقي كل ما في جعبته دفعة واحده:حلمت بالامس ان والدتك قد انتقلت الى جوار ربها.حملقت فيه مذهوله متسائله:بربك هل هذا هو الحلم الذي تريد ان تقصه علي ،صمت قليلا ثم اردف :من الواجب ان تتصلي باهلك وتقومي بعمل الواجب.ردت وهي تحاول ان تطرد الخبر المشؤوم بكل ما اوتيت من قوه:ولكنني اتصلت مساء الامس وكانت على ...ثم تذكرت الجملة الاخيرة التي صبّها شقيقها في اذنها:تركتها وهي تبدو كعصفور اصفر ينازع النفس الاخير.
نظرت اليه بعيون متوسله ان لا يخبرها الحقيقة فهي اضعف من ان تحتمل مثل هذه الصاعقة المدمره ولكنه اعاد عليها نفس الكلام قالت له بصوت مخنوق قل انها ماتت .اجابها نعم امك في ذمة الله ،نظرت الى ابنتها متسائله فهزت الابنة رأسها بالايجاب.تهاوت على المقعد واحست كما لو ان دلوا من الماء المثلج قد سكب فوق راسها .تلفتت في الوجوه ثم اخذت تنشج نشيجا خافتا ثم قامت لتلقي برأسها وذراعيها على جدار الصاله وتبكي بغير انقطاع،تذكرت يوم ان اخبروها بموت والدها ،لم يك هنالك شيئا تستند عليه لتلقي اليه بحملها الثقيل سوى الجدار ،فرغم برودته القاتله لكنه قوي يحتمل ضعفها في اشد حالاته.ذهبت الى غرفتها واغلقت الباب ،احست بانها لا ترى سوى صورة امها ولا تسمع الأ صوتها ،تناهى لها صوت امها يدعوها الى القدوم الى العراق : ساتي عندما اسمع اخبارا جميلة تقول بانك على ما يرام ياأمي.ثم سفرها المفاجئ عندما طالت وعودها وطال انتظار الام ،طلبت منهم ان لا يخبروا الوالده بقدومها لترى ان كانت ستتعرف عليها ام لا،دخلت على والدتها بكل هدوء وهي تلقي اليها التحيه .قبل ان ترفع نظرها قالت بلهفة :انت اخيرا ،لقد حلمت بك ليلة امس،احست بالالم يعتصر قلبها وهي تشاهد امها التي تركتها ترفل بالصحة والعافية وقد تحولت الى مومياء مصريه،احتضنتها وقبلتها في وجهها وشعرها ويديها وقدميها .كانت الام مستسلمة لقبلات ابنتها ،كما لو كانت طفلا صغيرا يتلقى القبل من امه الحنون،وكانت تردد بين الحين والاخر :لعلي اثقلت عليك ياحبيبتي ،دعيني اجلس على الارض،ولكن الاخرى ترفض ذلك وتصر على انها لم تتعب بعد.نظرت الابنة في عيني الام طويلا ، لاحظت ان بوحا من الخوف يطوف في صفائهما:ماالذي يخيفك ياامي ،تلفتت الام في ارجاء الغرفة وصمتت :هل تعلمين ياامي ان التجاعيد لم تصل الى وجهك الجميل :حسدتني حماتي على جرد عباتي،وحالي الا ترينني كيف اصبحت مقعدة في السرير منذ ست سنوات؟ :هل ترغبين ياأمي بان ازيل شعر وجهك بالخيط كما كنت افعل سابقا؟ ردت بلهفة وفرح نعم ،بدأت الابنة تزيل الشعر بتأن خوفا من ان تؤذي الوجه الرقيق،وكانت الأم تقوم بنفس الحركات التي تقوم بها في الزمن الجميل وتطلب من ابنتها ان تركز على بعض المناطق والابنة تضحك في سرها بسعادة وتقول لا زالت امي انثى رغم كل ما ألم بها:هل تريدين ان اطلي شفتيك باحمر الشفاه: نعم على ان لا تقع علي عين مخلوق:ولماذا ياامي؟ :لانهن سيحسدنني ويتركنني صريعة الفراش والمرض :نظرت الى صورتها بالمراة واحست بالقوة والشباب تعودان اليها :اريد ان اتمشى قليلا فانا على خير ما يرام .حاولت ابنتها ان تمسك بيديها لتعينها على الوقوف ولكنها تهاوت ونظرة من الخيبة تطل من العينين الجميلتين.كانت الام تحفظ اشعارا خاصة لم تكن متداولة عند الاخريات ، كانت تبتدئها بمناجاة للامام علي عليه السلام :علي يابا الحسن يامجاور الحله :علي ياحلال المشاكل مشكلي حلّه. حاولت الابنة ان تختبر ذاكرة الام اكثر:اريد اصعد جبل حمرين واروح
واذبّج بانكس الحالات ياروح.:اريد اصعد جبل حمرين واسطي.:وابوك من الكلايد ذهب واسطي،شفت خصري لو ان تشوف وسطي يا بكجه محصنه وكل ثمر بيها.هل تذكرين ياامي يوم ان فررت الى النجف الاشرف خوفا من الصواريخ الايرانيه؟ نعم فررت مرات عديده ،لقد كنت اختبئ خلف دولاب ملابسي الكبير،او تحت السرير كلما هطل علينا وابل من الصواريخ الايرانيه .: قالت الابنة وهي تحاول ان تخفي ضحكة تحاول ان تنطلق من اعماق قلبها :هل تذكرين عندما عدت من النجف وكان والدي في حالة غضب شديد ورفض ان تدخلي البيت ثانية ان كان في نيتك مغادرته وقدمت الي في شارع فلسطين وادرت قرص التلفون وغيّرت صوتك وعندما سألك والدي من تكونين قلت له وانت تقلدين صوت المجنونه عباسيه بأنك عباسيه ،فعرفك على الفور وقال لك بحدّه سلمتك بيد العباس يا عباسيه ، واغلق جهاز الهاتف فاستلقيت على السرير واغرقت في الضحك،حكت الام شعرها وكأن ما حدث بالامس واخذت تعيد القصة من جديد والدموع تنحدر من العينين الخضراوتين، واصلت وقبل ايام قليله كدنا
ان نموت جميعا .كيف حدث ذلك ياأمي؟ .لقد حوصرت مدينه الكوفه من كل جانب وكانت المعاره في باب بيتنا ،اخرجي لتري بعينيك الاثار الهمجيه التي خلفها الامريكان واسألي عن عدد الضحايا من الابرياء التي راحت ضحية العدوان ،حتى الحمير تساقطت متضرجة بدمائها ويدعون انهم ما قدموا الآ لتحريرنا،اوباش لا يهابون الاسد.في اليوم الاخير من الزياره ،حملت الام لتعود الى مدينتها ،تلاقت نظراتها بنظرات ابنتها ، كان حديثا رهيبا يدور في عيني المرأتين ،كانت كل منهما تريد ان تحمل الاخرى بعينيها ،لم يرمش لهما جفن ،وعندما ادار السائق محرك السياره تهاوت الابنة على قدمي امها ويديها والام صامتة يرتعش الحزن في الرموش الطويلة السوداء، ما ان اختفت السيارة عن عيون الابنة حتى تهاوت على الارض تنشج بحرقة ومراره وتردد بألم بالغ :انها النظرة الاخيره. ..انها النظرة الأخيره..بعد عودتها اتصلت بامها لتسمع صوت الأم يناشدها العوده لأنها قد تعودت عليها ولا تريد فراقها .
سمعت نقرا خفيفا على الباب ويد تمتد طالبة منها الرد على مكالمه من اخيها الكبير ،قال لها مواسيا ولكن بصوت يرفل بالرضا :احمدي الله كثيرا ان حصلت امنا على قبر ، فالرؤوس تلقى في الشوارع والآنهار والسواقي والصحاري مشوهة معدومة الملامح ، والجثث غالبا ما تكون قبورها بطون الكلاب والذئاب المفترسه او طعم لأسماك دجلة والفرات وروافدهما الوفيره



#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تنقلب الموازين عند بعض المفكرين
- الى الملوك والحكام العرب مع ارق التحيه
- الى الملوك والحكام العرب مع ارق التحيه ..تتمه
- الشيطان داخل القفص
- الحسناء والبعير
- من خان يونس يتعالى صوت فادي الهادر ليخرس صوت الانفجارات والق ...
- تعيش العمامه وتحيا السداره وليسقط الوطن
- قم حمورابي وانشر شريعتك من جديد، فلقد تقدمنا قرونا للوراء
- قوات الاحتلال قد امعنت في بلادي الدمار
- غن ام زياد..فلبنان الاباء والصمود ما زال يعزف ويناشدك الغناء
- سيظل لبنان شامخا الى الابد
- حرب ونهب وتشريد=امريكا+ الصهيونيه
- صايه وصرمايه من المفترض ان يتم بلا دعايه
- رسالة ملغومة اعادتني الى قواعدي سالمه
- ويبقى السيد المسيح روح الله وكلمته التي القاها الى مريم
- من اجل انجاح مشروع المصالحه الوطنيه
- الديمقراطيه تطرق ابوابنا! مرحبا بها
- ونسيت حجم مصيبتي لمّا رايت مصيبتك
- ما الذي كان يحصل لو اسقط رأس صدام بدل تمثاله
- كيف ينظر المتحضّرون الى ماضيهم وحاضرهم


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناديه كاظم شبيل - امي تحصل على قبر!