أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - ماذا أقول له؟














المزيد.....

ماذا أقول له؟


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 1700 - 2006 / 10 / 11 - 07:40
المحور: المجتمع المدني
    


ماذا أقول له؟ من المؤكد أن هذا السؤال خطر في بال "شيشرون"، خطيب روما الشهير، قبل أن يشرع في كتابة مؤلفه القيم "في الواجبات"، وهو الكتاب الذي أعده خصيصا لولده "ماركوس"، مسديا إياه أعظم النصائح وأرقاها منزلة! شيشرون، في واقع الأمر، لم يكن يخاطب ابنه وحده، بل جيل الشباب من أبناء روما، أما الكبار فميؤوس منهم! رحل "شيشرون" وولى زمانه، لكن السؤال ما زال قائما: ماذا أقول له؟

عندما يعود ابنك من المدرسة، ويباغتك بالسؤال التالي: "أبي، لماذا خلق الله سبع سموات بدلا من سماء واحدة مثلا؟" إذا كنت لا تعاني من غربة فكرية في هذا المجتمع الذي تعيش فيه، فلن يشكل السؤال أي معضلة بالنسبة لك، فقد تحاول أن تتذكر خطبة الجمعة الماضية كي تأتي بإجابة جاهزة عن سؤال ابنك، أو ربما تلجؤ الى طريقة الزجر والنهي عن طرح مثل هذه "الأسئلة الفاسدة"! لكن ماذا لو كنت تعاني فعلا من عزلة فكرية؟ في هذه الحالة، سؤال "شيشرون" سيطوف كالشبح المخيف في خيالك: ماذا أقول له؟ لو حاولت أن تبين له أن السؤال الحقيقي لا يكمن في عدد السموات بل في مسألة الخلق ذاتها، فإنك عندها تحجز لولدك تذكرة الى عالم العزلة المريع الذي تقطن فيه، وهي خطيئة لا تغتفر!

عندما تذهب في نزهة مع عائلتك في عطلة نهاية الأسبوع، ويشاهد ابنك بنيانا ضخما يعلوه صليب، ثم ينظر إليك متسائلا: "أبي، ما هذا؟"، وتجيبه قائلا: "هذه كنيسة يصلي فيها المسيحيون"، فيعلق بكل براءة: "يعني مشركين؟!"، فماذا بوسعك أن تجيب؟ لو كنت في انسجام تام مع هذا المجتمع الذي تعيش فيه، فلن تتردد في إطلاق "نعم" كبيرة وبضمير مرتاح أيضا! لكن لو كنت أبا شيشرونيا، فإن السؤال العنيد سيلقي بظلاله الثقيلة من جديد: ماذا أقول له؟ لو قررت أن تشرح له أن مفهوم الإنسانية أوسع أفقا وأكثر رحابة من مفهوم الأيديولوجية الضيقة، فإنك بذلك تلقي بطوق العزلة حول رقبة ابنك المسكين، وهذه أيضا خطيئة لا تغتفر!

ما أتعس حظك أيها الأب الشيشروني، ستظل أسير العزلة ما حييت، وهي عزلة ستنال من علاقتك بأقرب الناس إليك، ولسوف يمطرك أبناؤك بوابل من الأسئلة الثقيلة، ولسوف تردد بيأس بالغ: ماذا أقول لهم؟! الأب الشيشروني يدفع ضريبة كل كتاب قرأه، وكل سؤال تجرأ في طرحه، وكل فكرة جديدة خطرت في باله، وهذه كلها خطايا لا تغتفر!!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - ماذا أقول له؟