أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - لكي لا يحدث هذا مرة أخرى















المزيد.....

لكي لا يحدث هذا مرة أخرى


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 504 - 2003 / 5 / 31 - 05:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

لكي لا يحدث ذلك مرة أخرى هو الشعار اليومي الذي يردده العراقيون في كل مكان،أي أن تجربة سنوات الفاشية يجب أن لا تعيد نفسها على أية صورة من الصور.


والظاهرة الفاشية تبدأ عادة حالة صغيرة، تواطؤ هنا  وتساهل هناك، رياء في موقف ما، ونفاق في آخر، غفلة هنا، وعدم إدراك لمخاطر تبدو عادية وسهلة وبسيطة.

وعكس ما يقال عادة حسب التفسير الاقتصادوي بأن الفاشية هي مؤسسة اقتصادية في وضع الأزمة، فيمكن القول بناء على تجربتنا المرة أن الفاشية هي سلوك سياسي وثقافي وممارسة اجتماعية.

والفاشية قد تحدث حتى في مجتمع رعوي أو زراعي أو شبه صناعي كما هو حال مجتمعنا العراقي، وعموم المجتمعات الآسيوية.

مناسبة هذا الكلام، وهو كلام كان يجب أن يكون مناسبة دائمة، رسالة أخرى وصلتني من كاتبة عراقية مع مقال بقلم كويتب شرع بكتابة سير سندبادية مفرطة في التشوه والكذب ومشاعر العظمة الفارغة الخ... الشرور والعاهات التي تنتجها الفاشية في نفوس ضحاياها.

تقول السيدة الكاتبة( لا أريد إزعاجك بهذا المقال الذي كتبه أحدهم، كما طلبت مني عدة مرات أن لا أفعل، ولكني هذه المرة سمحت لنفسي برفع الحظر كي تطلع على نوعية المسوخ التي أنتجتها حقبة حكم القرية، وستدهش هذه المرة حين تقرأ أن هذا الكاتب يصف نفسه في سابقة لم تحصل في العالم، وليس عالمنا الثالث فحسب، بأنه عبقري، وأنه لا يخاف إلا من ضميره، وأنه لا يحب إلا شخصا مثله في الصراحة، وانت تعلم والكثيرون يعلمون أن هذا المسخ أثث حياته على تعاسة الآخرين، وأنه يتلذذ بالتنكيل بشكل فاسد تماما ومقزز، وأن تأكيده المتواصل على الخوف من ضميره، وأن كل شيء ينبع من ضميره، هو حسب علماء النفس، الشعور بتهديد داخلي وفقدان الأمن، وفقدان الضمير، والخوف من اكتشاف الآخرين هذه العاهة، لذلك يجري التستر عليها بعبارات متكررة بدون مناسبة. كل هذا في جانب وسؤال لك بجانب آخر: ماذا سيحدث لو تولى هذا  (العبقري )مسؤولية موقع حيوي في  النظام الجديد؟ ).

 وحقيقة تساءلت وانا أقرأ مقال هذا الكائن، دون أن اخفي دهشتي  مرات عديدة، كيف يمكن للفاشية أن تنتج مثل هذه المخلوقات المهشمة والمحطمة والممسوخة على هذا النحو الكريه؟

وإذا كان ممكنا إعادة بناء البنى التحتية جميعا، فيكف يمكن، وعلى أي أسس، وما هي شروط الثقافة، وما هي البنية التي يمكن من خلالها بناء بنية تحتية لإنسان معافى وسليم لا يرى في نفسه، رغم كل هذا التلوث، عبقرية وعفة وعصمة ومثالية لا وجود لها؟

 وكالعادة عدت إلى مجلد العالم الفرنسي الشهير بيير داكو( الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث) وهو أحدث دراسة علمية عميقة شاملة لمدارس علم النفس، وبحثت عن هذا النوع من  الصفاقة المرتدية ثياب الصراحة، والرياء الذي يرتدي ثوب العبقرية، والكذب الذي يسمي نفسه وضوحا، والجبن الداخلي العميق المستور بورق هش من الاندفاعية الاستعراضية التي تخفي جبنا مقيما ومعتقا.

وأقرأ في كاتب بيير داكو  تعريف الرياء:

ـ  الرياء.
يقال عادة أن الرياء يلبس الرذيلة ثوب الفضيلة. فالمرائي يتصنع العواطف النبيلة بهدف الإغراء والسيطرة. كل ذلك من أجل أن يبرز مزاياه بصورة أفضل وينال إعجاب الآخرين. فالسيطرة بالرياء شائعة في السلطوية. أما فيما يتعلق برياء الفضيلة الزائفة، فإنه يخفي دائما، ضروبا من الجنسية( أي الشذوذ!).

وهو مريض. وضعيف).

هذا هو التعريف الدقيق للرياء المغلف بثوب مفردات( الشجاعة، والعبقرية، والضمير، والصراحة الخ) في سيرة سندباد مشوه لا يكشف لنا، مثل السندباد القديم، والمدهش، والجسور، والذكي، العالم الفسيح الذي يراه ويصوره على نحو ساحر، بل سندبادنا العبقري لا يتحدث إلا عن نفسه هو، وجماله هو، وصدقه، وصراحته هو، وتلصصه، وهذه من مستلزمات الصراحة، على عائلة مضيفه  في آخر الليل ، كما كتب بكل خسة. 

 لكن أسباب هذه الظواهر تكمن في عمق الوجود الفردي والاجتماعي والسياسي التي تحول مخلوقات بشرية عادية إلى كائنات مخجلة مصابة بكل أنواع الهوس والنزق.

والنزق، حسب داكو، هو شعور غير سوي نتيجة عقدة الشعور بالدونية، فيشعر المصاب بالإهانة لأتفه سبب، ويعاني من" الضغينة"، بل الحقد.

ولكن كيف يتم التستر على هذا النزق؟ تماما مثل الرياء، عن طريق وضعه في شكل أخلاقي وإلباسه ثياب الفضيلة. هكذا يظهر في مظهر بعيد عن حقيقته. وكذلك النزق يظهر ( على شكل زهو، لكنه يكشف، بصورة خاصة عن أن الإنسان الضعيف يخاف أن يرى على حقيقته، فمن المنطقي أن يظهر بمظهر الواثق من نفسه) وهذا النمط من الناس يخشون ( أن يكتشف الناس حقيقتهم التي لا تتطابق مع الواقع) فيغلفون حياتهم بثياب الطهرانية والتقوى ونقاوة مزيفة لضمير تم تدميره عبر مراحل.

ولعل أغرب ما قرأت عن الضمير بقلم جراح وليس حكيما أو مفكرا، يقول هذا الجراح( إن ضمير الإنسان كأي عضو آخر من أعضاء الجسد، يمكن أن يضمر عند عدم الاستعمال، ويموت!).

وهذا ما كنا نسمعه في الحكم الشعبية كثيرا.

تموت الفاشية كمؤسسة وثكنة وسجن، ولكنها تبقى لسنوات تتناسل على شكل عاهات و مسوخ  ومخلوقات بشرية لم يبق من شكلها الآدمي سوى الهيكل .

ومع ذلك نردد بكل قوة:

إن هذا يجب أن لا يحدث مرة أخرى، ولو عبر التواطؤات الصغيرة والصمت الذي يصنع الجريمة الكبيرة بالتراكم.

 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي محسن الرملي وبورخيس وأنا
- حديقة رزكار
- رسالة إلى سياسي عراقي قبل اغتياله
- الروائي اليوناني كازنتزاكي/ المنشق2
- نقد العقل الجنسي مرة أخرى
- أوقفوا عصابات الطارزاني/ نداء
- لا تنسوا المعلم هادي العلوي
- جمهوريات رعب استان
- عساك بالفراغ الدستوري
- الروائي اليوناني كازنتزاكي ـ المنشق 1
- خطاب التجييش ، خطاب سلطة
- أفراح الزمن المعقوف
- العصيان الثقافي
- أزهار تحت أظلاف الخنازير
- الاغتيال المبكر
- وطن العبيد
- رصاصة ناجي العلي في رأسي
- حماقة التاريخ الكبرى
- دكتاتور نجوم الظهيرة
- أشباح الماضي


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - لكي لا يحدث هذا مرة أخرى