تهافت المفكرين – شاكر النابلسي وجمال البنا

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 1699 - 2006 / 10 / 10 - 10:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لم أتمكن حتي الآن من قراءة مقال واحد كامل ، للأستاذ " جمال البنا " المعروف ب : المفكر الاسلامي ..
فقد كان يكفيني أن أقرأ سطور قليلة من المقال ، ثم أكتفي ، وأنصرف عنه ..
ولم أتمكن من ترك سطر واحد في مقال لشاكر النابلسي ، بدون أن أقرأه ، وأجد نفسي متفقا معه في أغلب ما يكتبه- عدا القليل .. –
وسبب فشلي في مواصلة قراءة شيء للأستاذ " جمال البنا " للنهاية يرجع لكون ما أقرأه هو كلام جميل للغاية ، ثم : يزعم الكاتب أن الاسلام يقره بينما الصحيح هو مخالفة ما قاله من الكلام لآيات قرانية صريحة وأحاديث محمدية صحيحة ، وهي كثيرة .. (!)
اذ يقدم " جمال البنا " آراء وأفكار متقدمة وليبرالية عن حقوق الانسان وحقوق المرأة – وغير ذلك – ثم يزعم بأن ذلك هو ما يذهب ويدعو اليه الاسلام ..بينما الصواب هو تناقض ما قاله تماما مع الاسلام سواء قرآن أو حديث أو سيرة أو ما يسمي – الأثر - .
والأستاذ جمال البنا ، ليس الوحيد الذي يفعل ذلك وان كان هو الوحيد الذي أشعر في مستهل القراءة له بأنه يجلس علي أريكة عمدة ..ويصدر أحكاما وقرارات من عنده استنادا الي كرسي العمدة الذي يجلس عليه ، فكثيرا مما يقوله من الآراء والأفكار الشديدة الليبرالية يقولها بصفته " المفكر الاسلامي " .. وحسب .. ! ولكنه لا يشير الي آية قرآناوية أو حديث محمداوي شريف أو حتي متوسط الشرف – أقصد " متوسط أو ضعيف الاسناد " بلغة الفقاء الاسلاماويين ، بما يوحي بأن سنده الوحيد والكافي عنده هو أنه : المفكر الاسلامي جمال البنا – وربما ولأنه شقيق "حسن البنا " أيضا - مؤسس جماعة الاخوان المسلمين - (ّ!).. ، وهو يجد صحفا ومواقعا ، ترفع يدها لأعلي وهي تصيح : جمال البنا يعلن ..، جمال البنا يصرح ، جمال البنا يقول ..(!) كل ذلك مسبوق أو ملحوق بوصفه ب " المفكر الاسلامي .. في حين أن ما قاله هو العكس تماما لما قاله الاسلام .. ولا سند له – أو بسند مفتعل ، أو استنادا الي آية أبطلتها وألغت الحكم بها آيات وآيات أخري ! ، أو لحديث تبطله أحاديث وربما آيات ! أو يكذبه فعل أو افعال وأفاعيل محمدية وصحابية كثيرة تشيب الغربان السود من شدة هولها !! وهكذا ..
و هناك آخرون - كما قلنا - غيره ممن يسمون ب " مفكرون اسلاميون مستنيرون " .. وأراهم لا يعبرون عن حقيقة الاسلام ، وانما هم اصلاحيون ن يضيعون وقتهم ووقت الناس ، ووقت الاسلام في محاولة اصلاح ثوب غير قابل للترتيق ، نظرا لطبيعته الأولي منذ غزله ونسجه علي يد المصطفي صلعم !.. ،
ويحاولون تجميل وجه غير قابل للتجميل البتة .. وجه ينطبق عليه تماما المثل الشعب المصري " ايش تعمل الماشطة في الوجه العكر " ، وينطبق عليه أيضا مثل شعبي مصري آخر يقول " حلني .. علي ما تتحكل العمشة .. يكون السوق خرب .." !! صحيح .. اذ تمضي العمشة في محاولات مضنية لتزويق عينيها قبل خروجها للسوق .. ولكن لتنوع ما بعينيها من عيوب العمش ، والحول ، والعور .. يجعل كل جهودها تذهب هباء .. وتفاجأ بأن السوق الذي تحاول تجميل عينيها بالكحل قبل الخروج اليه : قد انفض ..
فلا يكاد أن ينفض جمال البنا وأمثاله ممن يسمون ب مفكرين اسلاميين مستنيرين .. من كم كتبهم ومقالاتهم عن سماحة مزعومة موجودة بالاسلام ، حتي تنفجر أبشع الأعمال الارهابية تتطاير معها أشلاء وتتفجر معها دماء أبرياء بأعمال يقوم بها اسلاميون – يحملون من الحجج والأسانيد الدينية المقرة لأعمالهم أكثر واقوي مما تحمل مزاعم الأستاذ " جمال البنا " وأمثاله عن سماحة موجودة بالاسلام .. لذا فان هؤلاء المفكرون هم كفار في رأي كبار الدين الاسلامي ، خارجين عن الشريعة الاسلامية ، ومنهم من طردوا بالفعل من الأزهر باعتبارهم خارجين عن الاسلام ..
ومن هنا فانني لا أضيع وقتي كثيرا في القراءة أو الاستماع الي هؤلاء الناس الطيبون الذين يضيعون وقتهم ووقت الناس في التغني بجمال القرد و رشاقته التي تحاكي وتماثل - بل ويتفوق بها علي - الغزال ! وان كتبت عن أحدهم فلمعارضته وليس لتأييده ولا للاشادة أو الاستشهاد بما يقول - الا ما ندر جدا - .
و المفكرون الليبراليون والعلمانيون يتهافتون علي ظهور واحد من بين الاسلاميين يؤيد أفكارهم – وخاصة ان كان أستاذا أزهريا – ويحتفون به ويستشهدون بأقواله ، ويدعونه للندوات والمناظرت كممثل للاسلام السمح و للفكر الاسلامي المستنير .. وهذا تهافت غير مفيد ..
و هؤلاء المسمون ب مفكرين اسلاميين مستنيرين هم مرتدون - الا قليلا - عن الاسلام .. و هم ليبراليون الا قليلا ..
ولكنني أتوقع دائما بأن تكون نهاية أي منهم اما اكمال ردته المنقوصة عن الاسلام .. بفكر واضح وصريح .. واما الارتداد عن الليبرالية – المنقوصة عنده - والفكر الليبرالي الذي يردده في كتاباته بزعم اتفاقه مع الاسلام وبادعاء نبوعه من الاسلام (!!)
وكنت أظن " د . شاكر النابلسي " ، والذي أتابع أغلب مقالاته منذ بدأت أقرأ وأنشر علي الانترنت من عام وثلاثة شهور تقريبا ، هو استثناء من هؤلاء لمفكرين الليبراليين المتهافتين .. حتي فوجئت بما كتبه عن الأستاذ جمال تحت عنوان : " جمال البنا .. حلقة جديدة في سلسلة المرتدين " الحوار المتمدن - العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17
نتقتطف منه :
-1-
جمال البنا، شقيق مؤسس حركة الإخوان المسلمين جمال البنا، ولكنه هو القائل "لن أعيش في جلباب أخي". وهو من رجال الدين المسلمين الذين أحببناهم وقدرناهم واعتبرناهم من التنويريين الدينيين الجدد. فموقفه كان شجاعاً من حجاب المرأة. وهو الذي اعتبر أن الحجاب فُرض على الإسلام ولم يفرضه الإسلام، وأنه لا يوجد نص قرآني بتغطية مكان معين من جسم المرأة إلا فتحة الصدر. وحلّل زواج المتعة، ودعم إمامة المرأة في الصلاة، وعارض ختان البنات. وكانت له مواقف لا تنسجم مع مواقف الإخوان المسلمين. وكان له موقف ايجابي من العلمانية التي قال فيها بأنها ليست ضد الدين، وأنه ضد أن يتدخل الدين في السياسة. وأن فكر وفقه القدماء لا يصلح لعصرنا. وأن من يكفّرون الكُتَّاب والمبدعين مجانين. وأن منع الكتب جريمة لا تغتفر. وهو الذي كان من بين الكتاب الذين منع الأزهر كتبهم ومنها كتابه "مسؤولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث". وهو مؤلف كتاب "نحو فقه جديد"، الذي نادى بإعادة فتح باب الاجتهاد، وتنقية التراث، واستنباط أحكام فقهية جديدة عن النصوص القرآنية المقدسة، لكي يتوائم المسلمون مع عصرهم. وكانت له مواقف سياسية وآراء سياسية مشهود لها، منها قوله إن ثورة يوليو هي انقلاب عسكري "للأحذية العسكرية" وليست ثورة. وأن كلام سيد قطب عن الحاكمية الإلهية كلام فارغ وحلم مستحيل. وأن ما يسميه المسلمون خلافةً كان مُلكاً عضوضاً. وكانت كلها مواقف عقلانية تنويرية من منطلق ديني حداثي وتنويري بعيداً عن اغراق الدين في الأساطير والتعاويذ والشعوذات والخرافات، وأكاذيب فقهاء السلاطين.
ثم كتب النابلسي في المقال التالي – أحد مقالين عن ارتداد " جمال البنا " عن الليبرالية–


ما نشره بموقع الحوار المتمدن - العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3
جاء في :
-1-
كنتُ أُحبُّ وما زلت أُحبُّ شيخنا جمال البنا، وأقدره حق قدره، واحترم منـزلته الكبيرة الدينية والفكرية. وكنتُ اتمنى وكان يتمنى معي من أحبوه من الكتاب والمفكرين والقراء أن لا يكون ما كتب في صحيفة "المصري اليوم" صحيحاً.. وأن يكون مدسوساً من قبل أعداء جمال البنا الكُثر الذين يضيقون بفتاويه الدينية والجريئة والمتحدية لمجموعة كثيرة من أشياخ الدين، والتي تحتفل بها المرأة العربية أيما احتفال، ويحفظها الليبراليون عن ظهر قلب ويجادلون بها خصومهم من أشياخ الدين المتشددين. ولكن أمنيتنا وأمنية محبي الشيخ البنا، في أن لا يكون صحيحاً ما كتبه في مقاله المذكور، عن كارثة 11 سبتمبر قد خابت. ومضى أسبوعان، ولم ينفِ الشيخ البنا أنه كتب هذه المقالة، أو يعتذر عن سوء فهمنا لمقالته – كما هي عادة السياسيين في النفي - رغم أننا نشرنا مقالنا (جمال البنا .. حلقة جديدة في سلسلة المرتدين) في أكثر من صحيفة ورقية، وفي أكثر من أربع صحف اليكترونية، وتناقلته مواقع كثيرة على الانترنت لا حصر لها. ومن المؤكد أن شيخنا قد قرأه ايضاً أو أحداً من مريديه - وهم كثر – لفت نظره اليه. ويبدو أن الشيخ البنا مؤمن تماماً بما قال في مقاله، من أن مجرمي كارثة 11 سبتمبر، "أشجع الشجعان" وبأن الجريمة التي ارتكبوها، وقتلوا فيها ثلاثة آلاف من الأبرياء، كانت "أداءً رائعاً". وهو ما قاله بن لادن حين وصف منفذي الكارثة بأنهم "كوكبة من أبطال الإسلام". وأن الشيخ البنا فخور باعجابه بالانتحاريين الـ 19 الذين شنوا تلك الهجمات البشعة.
وفي نفس هذا المقال الأخير يعود النابلسي – بحسرة غير خافية – ليعدد – روائع الكتب والأفكار الكاذبة التي كان يروجها شيخه " جمال البنا " وخدعه به – مثلما خدع آخرين كثيرين - ! يقول :


وفجأة ينقلب الشيخ البنا 180 درجة، ويصبح صدىً لأصوات الكهوف في تورا بورا ، ويردد ظلاميات وهذيان غُربان "القاعدة" التي تريد أن تعيد المسلمين إلى ما قبل القرون الوسطى المظلمة. فقوله بأن مجرمي 11 سبتمبر هم "أشجع الشجعان"، وأن كارثة 11 سبتمبر "أداء رائع" ليس مجرد تلاعب بالألفاظ، ولا هو بالعلك السياسي، فشيخ كجمال البنا لا يتلاعب بالألفاظ ولا يعلك بالسياسة. وهو يعتبر نفسه مثقفاً عضوياً مسؤولاً عن كل كلمة يقولها. وإنما أقواله هذه ردة من إيمان البياض إلى إيمان السواد.
ويفسر النابلسي ما آل اليه " جمال البنا " من الرده عن آرائه وفكره الليبرالي ، ولم يكن ليتوقعه بقوله :
فلماذا فعل جمال البنا كل هذا عن قناعة تامة كما يبدو لنا الآن، ولكنها قناعة من أجل هدف واحد، وهو هدف الشهرة والنجومية، الذي كان يسعى اليه " جمال البنا " منذ بدء حياته إلى اليوم ، وعبر كتبه وفتاويه المثيرة والمتميزة.
ونقول للدكتور النابلسي المفجوع في شيخه جمال البنا : هارد لاك .. دكتور نابلسي، ولكن انتهبه الي أن هناك كثرين آخرين مثل جمال البنا ، أرجو ألا يستمر انخداعك بهم ، أنت وغيرك ، ولا تسبعد ، ولا تكن مفاجأة لكم اذا وجدتموهم قد ساروا خلف جمال البنا
قلت في بداية مقالك الأخير هذا عن ردة جمال البنا " انني أحب ولا زلت أحب شيخنا جمال البنا ، وأقدره حق قدره "
وقد قرأت مقالك الأخير بعنوان : مسؤولية الأزمة الفلسطينية
الحوار المتمدن - العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8

عن حب الفلسطينيين لحماس وأنهم هم الذين اختاروا حماس لأنفسهم بأنفسهم ، و في انتخابات حرة ، وهم الذين اختاروا أن يشربوا ما يتجرعونه الآن من المرار علي يد حماس، وأنه لو أعيدت الانتخابات لعاد الفلسطينيون لاختيار حماس
ونرجو ألا يكون حبك لشيخك " جمال البنا " مثل حب الفلسطينيين لحماس – فأنت مفكر ليبرالي .. وأحيلك الي مقالك الجيد – جزءان ، حسبما أتذكر – عن المفكر الليبرالي .. .
ومني اليكم :
السلام عليكم

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات