قراءة في كتاب سوسيولوجيا الشباب المغربي جدل الادماج والتهميش

عبد الواحد بلقصري

الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 03:52
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

يعد هذا الكتاب إضافة للكتابات التي تعالج إشكالية الشباب في زمن متغيراته معقدة(1). وهذا الكتاب تكمن أهميته أولا في تنوع مواضيعه. وثانيا بحكم أنه كما أكد الأستاذ نور الدين الزاهي في مقدمة الكتاب، أن هاته الكتابة مسكونة (2) بالهاجس السوسيولوجي.
هذا وبالنظر لهاتين الأهميتين سوف أقسم قراءة هذا الكتاب إلى قسمين:
القسم الأول: سوف أقرأه من حيث المضمون.
أما القسم الثاني: فسوف أتطرق إلى جوانب الكتاب الشكلية.
القسم الأول: من حيث المضمون.
1-1- بالنسبة لمضمون المقدمة.
أكد الأستاذ والسوسيولوجي نور الدين الزاهي ان هاته الكتابة هي كتابة مسكونة بالهاجس السوسيولوجي كما أكدت سابقا.(3) وأشار الأستاذ على أنه لن يكون عسيرا على الباحث في المجتمع المغربي أن يسجل كون الشباب في شكل النخب المجددة في تاريخ المغرب الحديث.(4)
وتطرق الأستاذ إلى فترة السبعينات والستينات. هاته الفترة التي ستكون فيه النخب الشابة من سيدخل المغرب في عشريه سياسة جديدة. سواء عبر أنماط وطرق الاحتجاج أو عبر طبيعة المواقف والتيارات الإيديولوجية(5).
لكن في فترة الثمانينات سيحول الشباب إلى رهائن لعنف بنيوي(6) متعدد الأبعاد والتمظهرات. وأشار الأستاذ إلى القضايا التي تؤرق الشباب. وفي آخر تقديمه أكد على أن هذا الكتاب سيحد قارئه تحليلات وتأملات مسنودة بالوقائع النظرية والسوسيولوجية ومنسوجة بالأسئلة اليقظة.(7)
1-2- أما بعد:
طرح الكاتب مجموعة من التساؤلات ما معنى أن يكون الإنسان شابا هنا الآن؟ وما هو موقع الشباب في المشهد المجتمعي؟ ما هي أسئلته الكبرى؟ ...... إلى غير ذلك(8). وأكد الكاتب أن مطمح المعرفة السوسيولوجية سيظل تفكيكيا بامتياز...(9). وتحدث الكاتب عن التغيير وعن الحركات الاجتماعية وعن توسيع دوائر النقاش العلمي حول المسألة الشبابية...(10).
بالإضافة إلى حديثه عن طبيعة الوضع الشاذ. وتسائله عن مسار التغيير وزمنيته.(11) كل هاته الاعتبارات والتساؤلات تجعل اعتناق السؤال السوسيولوجي وتفكيك المسألة الشبابية اختيار جدي.
بعد تقديم الأستاذ نور الدين الزاهي وكلمة الكاتب. يمكن تقديم مضمون الكتاب عن الشكل التالي:
أولا: سوف أحدد المواضيع الكبرى التي تميز الكتاب وثانيا سوف أقرأ ما بداخل هاته المواضيع.
1-3- المواضيع الكبرى التي تميز الكتاب.
الموضوع الأول: متعلق سوسيولوجيا الشباب من الانتفاضة إلى سؤال العلائق.
الموضوع الثاني: مرتبط بالشباب والسلطة الأبوية، التدجين والثورة المظادة.
والموضوع الثالث: تدور محاوره حول الشباب والنظام التعليمي بين عنف المؤسسة وإعادة الإنتاج.
أما الموضوع الرابع: فقد تطرق فيه الى الشباب والعطالة، الاحتجاج الاجتماعي والمشروع المخزني.
أما الموضوع السادس: فقد أشار فيه إلى الشباب والمؤسسة الحزبية. جدل الإدماج والتهمبش.
وبخصوص الموضوع السابع: فقد إلى الشباب والموضة، ثقافة الاغتراب والبعد الواحد.
أما الموضوع الثامن والأخير: فقد ناقش فيه دار الشباب المغربية، إشكالية التأطير وهاجس المنافسة.
يصعب قراءة مختلف هاته المواضيع. لأنها مواضيع كبرى تتضمن في ثناياها عناوين ومفاهيم حركية مرتبطة بكل هاته المواضيع الكبرى التي تؤطر هذا الكتاب. حيث نجد من جهة أولى تحدث في الموضوع الأول عن عناوين فرعية ذات أهمية كبرى (الشباب أولا، أهمية الشباب، سوسيولوجيا الانتفاضة، في العيادة السوسيولوجية، سؤال العلائق، سوسيولوجيا ديناميكية).
أما الموضوع فتؤطرها عناوين لا تقل أهمية عن الموضوع الأول (تمجيد الذكورة، المرور الاجتماعي، السلعة الأبوية، تدخين الشباب، الثورة المظادة، نموذج مصغر).
ونفس الأمر نجده في الموضوع الثالث (الشباب والمؤسسة، إعادة الإنتاج، عنف المؤسسة، إعادة الإنتاج، عنف المؤسسة، تكافؤ الفرص، العنف المضاد).
اما الموضوع الرابع متطورة مفاهيم مستفزة بلغة علمية أكاديمية وفنية (ثورة خاصة، خيار الاعتصام، الشكل النضالي، حقل الصراع، الزعامة، الاختراق المخزني، الاحتجاج والاحتفالية، التنظيم والاحتواء، إعدام الاعتصام، أجهزة العنف، خاتمة/مقدمة)
وبخصوص موضوع الشباب والمؤسسة تطرق فيه الكاتب إلى الظاهرة الحزبية من جهة أولى وإلى العرف الحزبي من جهة ثانية وإلى آلية الإدماج من جهة ثالثة. وإلى التطبيع والتهميش من جهة رابعة. وإلى الشبح والحرية من جهة خامسة. وإلى فوبيا السياسة من جهة سادسة وأخيرة.
وفيما يتعلق بالموضوع السابع، اشار فيه إلى مواضيع فرعية مستمرة ومميزة (الموضة أولا، الشباب والموضة، اللهاث وراء الموضة، عنف الموضة، ثقافة الاغتراب، العدوى الاجتماعية، سؤال البعد الواحد.
أما الموضوع الأخير فقد أكد فيه أولا إلى لغة الأرقام، وثانيا تحدث فيه على مختبر السوسيولوجيا، وثالثا إلى أسئلة البنية، ورابعا بحثا عن الوظيفة، وخامسا زمن المنافسة وسادسا محاربة الانقراض.
يصعب قراءة مختلف هاته العناوين كلها في هاته القراءة بالنظر إلى غناها وكثرة مفاهيمها. وقد أكد فيها الكاتب بلغة ذات حس نقدي يكاد يسمي القرينة من هموم السوسيولوجي المهووس بهواجس الأرقام وثقافة استطلاع الرأي ومساءلة الواقع بلغة جزئية. والبعيدة عن العموميات المفرطة والأحكام الجاهزة.
بالإضافة إلى ذلك استعمل الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من الهوامش ذات الكتب والوثائق الإحقاقية وبعض المقالات. بالإضافة على بعض البحوث لطلبة ينتمون إما إلى كليات الآداب وكليات علوم التربية والمعهد الملكي لتكوين الأطر.
القسم الثاني: من حيث الشكل.
1-1- العنوان:
العنوان يحيل أولا إلى اهمية المعرفة السوسيولوجية بالنسبة للكاتب. بحكم أن أول مفهوم لعنوان هذا الكتاب هو مفهوما سوسيولوجيا.
وثانيا، يحيل كذلك من خلال جدل التهميش وهذا العنوان يدل على أهمية المسألة الشبابية بالنسبة للكاتب من منظور جدلي نقدي صريح. ربما يدل هذا العنوان على الحس النضالي للكاتب. القريب من هموم الشباب المغربي الحقيقية.
وثالثا: هذا العنوان هو عنوان أكاديمي يبتعد عن الإثارة ويقترب من الثقافة الأكاديمية ذات الحس النقدي العلمي.
1-2- المنهج:
أثناء قراءة هذا الكتاب لا تحس أن الكاتب يستخدم منهجا ويفظل منهجا على الآخر. فثارة نجد توظيف المنهج التاريخي من خلال وقائع اجتماعية (تقديم الأستاذ نور الدين الزاهي)، وتارة نجد لغة وصفية أكاديمية، تعتمد على إعطاء بعض الأمثلة لبعض المسوح الاجتماعية من خلال توظيف لغة رقمية.
1-3- الأسلوب:
أسلوب الكاتب في هذا الكتاب هو أسلوب سلس، مركب، بسيط بالرغم مع أن الكاتب يستخدم مفاهيم مركبة إلا أنها مفهومة بحكم أن الكاتب يوظف طريقة الكتابة السوسيولوجية الممنهجة. وهو أسلوب رصين، لا يعتمد فيه على الإطناب.
1-4- التصميم:
لم يعتمد الكاتب على نوع معين من التصاميم بالنظر إلى أهمية الموضوع وكثرة عناوينه. فقد قسم الكاتب الكتاب إلى مواضيع كبرى تتداخل فيها عناوين فرعية. ولم يستعمل ترقيم العناوين. ولكن هذا يرجع على تشعب الموضوع وتعدد زواياه المختلفة.
1-5- هندسـة الكاتب:
الكتاب هو بسيط في هندسته، فقد استعمل الكاتب ورقة الدفتر وعنون عليها عنوان كتابه. ربما يرجع هذا إلى عفوية هذا النوع من المواضيع وبساطتها. والكتاب هو في حجمه متوسط. هندسة على مستوى الكتابة والتصفيق جيدة بحكم وضوحها وبساطتها. تثير شغف القارئ.
وقد أكد الكاتب في آخر هذا الكتاب، "إن الشروط السوسيوسياسية التي ترهن واقع الشباب المغربي تسير في اتجاه بلورة معنى شبابي مفتوح على احتمالات الإعفاء والتهميش والتبخيس، فالشباب في الأسرة، كما في المدرسة والحزب والشارع. وباقي الحقول المجتمعية، يظل منقوعا في هذا المعنى. يحاول إثبات الذات وتأكيد الحضور، لكنه يلاقي جانبا من الفرملة وتقليم الأظافر إبان محاولته هذه.
في الأخير يمكن القول أن هذا الكتاب يعد من الكتب القلائل الذين أبرزوا أهمية المسألة الشبابية بالمغرب. وهاته الأهمية بالرغم من جدلية الإدماج والتهميش. إلا أن رهانات الشباب المغربي تبقى متعددة. حيث أن الشباب المغربي قادر على رفع تحديات هاته الرهانات شريطة ثقة الفاعلين الدولتيين وغير الدولتيين في قدراته ومواهبه(12) لأن الشباب هو من يصنع التاريخ وأفكار هذا التاريخ.

الهوامــــش
1- انظر عبد الواحد بلقصري "الشباب المغربي، رهانات متعددة. الجريدة الأخرى.صفحة جريدة الاختلاف. العدد 75.
2- انظر عبد الرحيم العطري "سوسيولوجيا الشباب المغربي، جدل الإدماج والتهميش" مقدمة الكتاب ص5. الطبعة الأولى 2004.
3- نفســـه.
4- نفســـه.
5- نفســـه.
6- نفســـه.
7- نفســـه.
8- نفســـه.
9- نفســـه.
10- نفســـه.
11- نفســـه.
12- مرجع سابق.

#عبد_الواحد_بلقصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات