أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي النجار - جدلية الثقافي والسياسي














المزيد.....

جدلية الثقافي والسياسي


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 03:42
المحور: المجتمع المدني
    


تمر الثقافة العراقية –إذا صح التعبير-بحالة استيلاد عسيرة شيمتها شيمة العملية السياسية، أصعب ما في هذه الحالة إنها (أي الثقافة) تنتقل من دائرة الاقهار والإكراه إلى فضاءات مغايرة تماما هي فضاءات الحرية والتعددية والاختلاف. في موضوع الثقافي والسياسي لاحظنا تداول رأيين:
الرأي الأول: يصب جهده في كيفية تأسيس كيانات ثقافية تكون فاعلة في الوسط السياسي ومشاركة بصورة واضحة وأساسية في العملية السياسية، بحيث تشترك هذه الكيانات الثقافية في الانتخابات حتى تصل إلى مرحلة الممارسة السياسية، أي تداول السلطة واتخاذ القرارات السياسية.
الرأي الثاني: يُبعد توجهه كلياً عن المسالة السياسية (خاصة ما يتعلق بالسلطة) وفق مبدأ:دع السياسة للسياسيين.نائياً بمشروعه الثقافي كل النأي عن التورطات والتقاهرات السياسية، فهذا الرأي كما لاحظنا ينزع إلى تنزيه نفسه حتى يقترب كثيراً من تخيلاته وُمثله وفنتازياته، يجاهد حتى لا يقع المثقف فريسة مُداهنات السياسي وتقلباته وتكتيكاته وطموحاته لاقتناص الفرص.
لا نعتقد إن إشكالية الثقافي والسياسي تُقرأ في ضوء تينك التصورين وإنما ضمن علاقة جدلية سنأتي على ذكرها بعد قليل. لابد الآن أن نحدد في الأقل من هو الثقافي ومن هو السياسي. إنهما أولاً وقبل كل شئ فاعلان اجتماعيان:
الأول: الثقافي (المثقف) يشتغل في حقل النظر والإبداع، وبالتحديد يحترف إنتاج الثقافة/أو يعيد إنتاجها، في حقول وأنشطة إبداعية كثيرة: الأدب، الفن، التاريخ، الفلسفة، الاجتماع، الاقتصاد، الإعلام...الخ. ومن الجدير بالذكر إن المثقف قد نال عبر تاريخ الثقافة ضروباً من العقوبات القاسية غير المقروءة بسبب حساسيته المفرطة واختلاف تصوراته ومعارفه عن أبناء جلدته، عقوبات جائرة نالت جسده ونفسيته مثل الجوع والحرمان والإذلال والحبس والطرد والقتل "وأفردت إفراد البعير المعبد" وفق تعبير طرفة، يتعلق اغلب النشاط الثقافي بالفعل الفردي أو الذاتي حيث نلاحظ إن الإبداعات الثقافية ينتجها أشخاص بمفردهم وعلى مسؤولياتهم.
الثاني: السياسي يشتغل في حقل الممارسة السياسية: التعبئة والمناورات، لذا لا يتحقق داخلها (أي داخل الممارسة) الصفاء والشفافية والنقاء والوضوح لأنها تحمل بالضرورة قدراً من التمويه والمماطلة والمبالغة وعدم الصراحة. يكافح المنضوون في كيانات سياسية (أحزاب، منظمات، حركات...الخ) وكذلك من يُطلق عليهم بالمستقلين السياسيين( جماعات أو أفراد) يكافح جميعهم لتحقيق أهداف كياناتهم السياسية بشتى الطرق وفق برنامج يتمحور على الأغلب بشان حيازة السلطة وتداولها. إن المخاض العسير الذي نوهنا عنه آنفا يعني خروج العملية السياسية (كيانات وأفراد) من تاريخ الاستنزاف والاحتراب والعنف والتعصب إلى تاريخ التصالح والتسامح والحوار وقبول الآخر.
إن الخطر الأكبر الذي نستخلصه من سنوات حكم الاستبداد المنصرمة هو ابتلاع الكيان الثقافي برمته من قبل الكيان السياسي (حزب/سلطة) بحيث تمَّ تهميشه بإطلاق، جعله ذيلاً ذميماً لجسد السلطة المطلق (نموذج علاقة المكتب المهني للحزب المنحل باتحاد الأدباء والكتاب) تحويل المثقف من مبدع إلى وَصيف وتحويل الكيان الثقافي من كيان إبداعي إلى كيان تعبوي هزيل.
من الرأيين السابقين اللذين ذكرناهما سابقاً (الرأي القائل بضرورة اشتغال الثقافي في الوسط السياسي، والرأي الذي يحبذ عزل الثقافي عن السياسي) يمكن التوصل إلى رأي آخر مفاده: لا توجد موانع من انضمام المثقفين إلى كيانات سياسية متكونة وقائمة تاريخياً أو في سبيلها إلى التكون إذا توفرت لديهم طاقات (وطموحات) العمل السياسي. كذلك لا توجد موانع من انضمام السياسيين إلى كيانات المثقفين (اتحاداتهم أو منتدياتهم) إذا انطبقت عليهم شروط الانتماء الإبداعية شرط أن لا يقلقوا البرنامج الثقافي بأطروحاتهم التعبوية وشعاراتهم السياسية. إن هذا الرأي يدعمه دليل واضح هو : تخرج عشرات الكفاءات الثقافية والإبداعية من تحت عباءة الكيانات السياسية وبالمثل عَلمَّ المثقفون والمبدعون، عبر لوحاتهم أو قصائدهم أو بحوثهم وتحليلاتهم جمهور الكيانات السياسية، علموهم قيم الجمال واشراقات الفكر واستشراف الواقع وقراءة التاريخ.
في رأينا إذا سعى المثقفون إلى تأسيس كيانات جديدة تندرج في برامجها غايات وأهداف سياسية وتأخذ على عاتقها الكفاح من اجل تحقيق تلك الأهداف، عندها ينتفي توصيفها بكيانات ثقافية إنما ينطبق عليها توصيف الكيانات السياسية. هذا الرأي يقف حائلاً (أو صمام أمان) دون تمييع الكيانات الثقافية المدنية وإلغاء هويتها وخصوصيتها وصهرها إلى كيانات سياسية جديدة أخرى.
بطبيعة الحال يختلف الموقف السياسي عن الانتماء السياسي، فحتى لو كان المثقف فاعلاً اجتماعياً متميزاً فهو يتأثر ويؤثر باجتماعه مثل كل الفاعلين الآخرين، هنا أمامنا حالة مجردة من الكيانات السياسية، أمامنا المثقف بذاته دون انتماء سياسي (تنظيم) بالتأكيد فان ما ينتجه من خطاب ثقافي (قصيدة، لوحة، نقد، تحليل،...الخ) سيتخذ (أي ذلك الخطاب) موقفاً (سياسياً) عما يجري بشأنه من سياسي وعما يدور، سواء مع/أم ضد، إيجابا/أم سلباً، يتجلى ذلك في المواقف من : الانتفاضات والاحتجاجات والحروب، انتهاكات حقوق الإنسان، المجاعات، الانتخابات...الخ. لأن كل فاعل ثقافي لابد أن تكون له وجهة نظر مما يحصل داخل مجتمعه خاصة في مراحل الانعطافات التاريخية الحاسمة وما تحمله من تغيرات في حياة الناس.
على ضوء ذلك سنخرج بالجدلية التالية: التمييز بين الثقافي والسياسي لازم ولكن الفصل بينهما غير ممكن لكونهما داخل بنية اجتماعية، إذاً نحن أمام فاعل اجتماعي ثقافي/سياسي واحد وليس فاعلين. الثقافي سياسي والسياسي ثقافي احدهما يشكل الآخر ويكوِّنه.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدل روح الثقافة
- الدستور من الطائفية الى العلمنة
- الفضاءات الطوباوية وهدر الدم
- بغداد بين الشريعة والحكمة
- الاسلام المتنور وثقافة العنف
- الذكرى السنوية السابعة لرحيل البياتي
- كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- البياتي شاعر الحب واللِّماذات
- الحركات المطرودة من التاريخ
- اسئلة المثقف الاشكالي
- مسكويه فيلسوف الادباء
- الاكراه والاختيار في الخطاب الاسلامي
- الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون
- للعقل وقت وللخوف وقت
- الاسلام والفكر المعاصرحوار مع المفكر محمد أركون
- التسامح وقبول الاخر
- الاسلام والمعابر الى الديمقراطية
- الثقافة الاسلامية وتصحيح الاسئلة
- الإطار المفهومي للعلمنة
- كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون


المزيد.....




- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي النجار - جدلية الثقافي والسياسي