أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رشيد قويدر - جريمة القنابل العنقودية الاسرائيلية والانتهاك الفاضح للقانون الإنساني الدولي















المزيد.....

جريمة القنابل العنقودية الاسرائيلية والانتهاك الفاضح للقانون الإنساني الدولي


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 10:21
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


■ رغم وقف العدوان الاسرائيلي الوحشي على لبنان؛ فإنه لم تتوقف المشاهد المأساوية من جراء القنابل العنقودية؛ المنتشرة على مساحات واسعة فوق أرض الجنوب. هذه القنابل التي لا تميز بين المقاتل وبين المواطن المدني، فهي لا تنفجر لحظة سقوطها، وتتحول إلى ألغام عمياء عشوائية في المناطق المختلفة التي عاد لها سكانها وأهلها، ولكنها ستنفجر عاجلاً أم آجلاً. وبحسب تقارير المنظمات الإنسانية، فإن من أنواع القنابل العنقودية المستعملة BLU97 الأميركية، وأصناف أخرى من الترسانة الأميركية كتلك التي استخدمت في العراق، والتي لا ينفجر منها سوى خمسة بالمئة لدى ارتطامها بالأرض، والكمية المتبقية كامنة، ما يحولها إلى ألغام أرضية ضد الأفراد الذين يدخلون في تماس معها. باعتبارها تهديداً مستمراً. وللمفارقة؛ سبق وأن أكدت منظمة العفو الدولية يوم 2 نيسان (أبريل) 2003 >. وبالحالة اللبنانية وبحسب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ديفييد شيرر في 19 أيلول (سبتمبر) في مؤتمره الصحفي ببيروت: >. وهكذا لم تنتهِ الحرب الاسرائيلية؛ وقنابلها العنقودية تحصد أرواح العديد من الناس.
لقد جاءت المشاهد الدرامية لتدق ناقوس الخطر أمام القوى العربية الملتزمة بنصرة لبنان، ولتستدعي الاحتشاد للتحرك الايجابي في المرحلة الراهنة يتجاوز الدور الاحتفالي، عبر بالمطالبة بتحقيق الانتصار القانوني في محكمة العدل الدولية، أو النصر السياسي في محافل القانون الدولي الرسمية. بسببٍ من تآكل الأخلاق لدى الحكومة الاسرائيلية، ليس فقط بخرق المعاهدات والقوانين الدولية، اتفاقية اتاوا لعام 1997، والبروتوكول الخامس الخاص بمخلفات الحرب القابلة للانفجار، والألغام المضادة للأفراد، والقواعد العامة للقانون الدولي الانساني، وكامل الوثائق الانسانية بهذا الخصوص للجنة الدولية للصليب الأحمر. بل هي مخضرمة بانتهاك المعايير الأساسية للسلوك الانساني، والآن أمامنا قضية واضحة ليس فيها أية صعوبة في تسمية الأشياء بأسمائها الصريحة.
إن مواصلة إعلاء صوت الحقيقة و تنبيه العالم والمعتدين أنفسهم إلى أن هناك جريمة ارتكبت وترتكب يومياً، وأن مرتكيبها موضع إدانة قانونية وأخلاقية، هي في حد ذاتها فعل مؤثر يمنع تحول الجرائم إلى فعل "مقبول"، وبأن المجرم مستهدف من العدالة الدولية يومياً ما. بل إن انفراد اسرائيل بالقوة الباطشة واحتكارها للدعم الأميركي وتغطيته في مؤسسات السياسة الدولية، يستلزم استخدام المحافل الدولية ذاتها للقول إن الجرائم الانسانية المدعومة بسياسات الكيل بمكيالين موضع إدانة سياسية وأخلاقية دولية، ومن منظمات المجتمع المدني العالمية، رغم المعارضة الأميركية. فهذه المواقف هي قوة سياسية في وجه فجور وجرائم القوة، وانحدار أخلاقي من القطب الأوحد المنحاز وغير العادل. إن إعلاء الصوت وعبر الانتصارات القانونية ليست عديمة الأثر نتيجة العجز الدولي عن تطبيق الأحكام وفرض تنفيذها، ولايجوز التهوين من شأنها.
لقد سبق وأن تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قضية القنابل العنقودية والتسليح الأميركي للجيش الاسرائيلي، وأن الاتفاقات السرية بين واشنطن وتل أبيب حولها تطلبت تبيان ظروف الاستخدام، ووفقاً لوثائق القنابل العنقودية، فإنه لايمكن استخدامها إلا ضد الجيوش النظامية، وليٍس الأماكن المأهولة بالسكان. لقد سبق وأن قدمت العديد من المنظمات المدنية غير الحكومية احتجاجها لوزارة الخارجية الأميركية على استخدام اسرائيل للقنابل العنقودية ضد السكان المدنيين، بما يشكل أيضاً خرقاً فاضحاً لاتفاقيات جنيف، فقد أشار تقرير هيومان رايتس وتش إلى أن اسرائيل استخدمت قذائف المدفعية العنقودية في المناطق المأهولة في لبنان والتقط باحثوها صوراً للقنابل. وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة : << إن القذائف العنقودية أسلحة لايعتمد عليها وقليلة الدقة، إلى حد غير مقبول، عند استخدامها على مقربة من المدنيين ،ولا يجوز استخدامها في المناطق المأهولة>>، بما يشكل خرقاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية بشأن تحييد المدنيين، ناهيك عن أسلحة وقنابل محظورة عالميا كقنابل الفسفور الحارقة. وينبغي أن نتابع هذه القضية عبر لجنة رسمية دولية لتقصي الحقائق، فقد حذرت أصوات زعماء حركات السلام الدولية من هذه الجريمة المشاهدة للعيان، وتم معاينة ثلاثة أنواع من هذه القنابل المنتجة في المصانع الأميركية. وبحسب تقديرات المكتب الوطني اللبناني لإبطال مفعول الألغام أن الموجود على الأرض اللبنانية من العبوات العنقودية ما يقارب المليون.
وتفيد طواقم تفكيك الألغام التابعة للأمم المتحدة؛ أن أكثر من 40 بالمئة من هذه القذائف لم تنفجر بعد، الأمر الذي يشير أن مناطق واسعة سكنية وزراعية باتت مضروبة بهذه القنابل، وقد تحولت إلى حقول ألغام عمياء عبثية، ويشير المراسل العسكري لصحفية "هآرتس" الاسرائيلية ميرون ريبابورت، والذي نشر تقريره في حلقتين، الأولى في (8/9)، وبحسب ما ورد فيها، فإن اسرائيل بدأت في استخدام صواريخ تحمل هذه القنابل بشكلٍ مكثف، وأن الجيش الاسرائيلي قام بإطلاق 1800 قذيفة من هذا النوع، حملت معها أكثر من مليون و مئتي ألف قنبلة عنقودية. وأورد ريبابورت حديثاً لأحد الجنود الذين أطلقوها بواسطة قذائف 155مم قائلاً أنه تلقى تعليماته من قادته، والقاضية بإغراق المنطقة بها. وفي الحلقة الثانية(12/9) أورد ريبابورت أقوال قائد إحدى الفرق العسكرية المسؤولة عن إطلاق هذه القذائف، والذي صرح له <<بأن استعمال هذه القذائف قد تّم مع معرفة مسبقة، بأنها قذائف غير دقيقة الإصابة، ومجال الخطأ يصل إلى 1200متر، لقد قمنا بغسل قرى كاملة بهذه القنابل، ما فعلناه كان وحشياً وغير أخلاقي>>. كما انتقد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان ايغلاند استخدام اسرائيل للقنابل العنقودية في لبنان، مؤكداً "أن استخدامها غير أخلاقي"، قائلاً:<< إن أكثر ما يصيبني بالصدمة، وما اعتبره غير أخلاقي قطعاً، هو أن 90 بالمئة من القنابل العنقودية قد تّم اسقاطها في الساعات الاثنين و السبعين الأخيرة للحرب، أي بعد أن كان التوصل إلى اتفاق لوقف القتال حتمياً>>. وأفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بأن معظم المهجرين اللبنانيين قد عادوا إلى قراهم، والذين يقدر عددهم قرابة المليون، لكن قسماً منهم سيظل مشرداً، لأن منازلهم قد دمرت، أو تتناثر فيها القنابل غير المتفجرة، كما حذرت من أزمة غذائية محتملة قد تمتد إلى حلول الشتاء بسببٍ من تأثير الحرب على المحاصيل.
إن العنف العبثي الصهيوني غير المسبوق، لم يعدم وسيلة لإعداد الأرض لمزيد من الأذى، من خلال قتلها المدنيين اللبنانيين، وتؤكدها التصريحات العلنية التي تنافست في طرح الاقترحات المتطرفة خلال الحرب، والتي عبرت عنها القيادات النافذة و الوزراء في الحكومة الاسرائيلية، فعلى سبيل المثال الوزير حاييم رامون << لا يفهم أن أجزاء من بعلبك مازالت مضاءة>>، والوزير ايلي يشاي اقترح تحويل جنوب لبنان إلى "صندوق رملي" مطالباً زيادة الكمية في العنف والرعب الفرانكشتايني. علماً أن اسرائيل تمتلك أسلحة دقيقة التصويب شديدة التدمير، من ترسانة الولايات المتحدة. أما استخدام القنابل العنقودية العبثية العمياء، فليس سوى الرغبة غير العادية في الإيذاء، وتدمير عدد ضخم من الناس بهدف استئصال التجمعات الانسانية. فالمجزرة هي جريمة ضد الحاضر، لكن الألغام العمياء هي جريمة ضد الحاضر والمستقبل، تهدف إلى زعزعة النظام المجتمعي، وبالتالي فهي جريمة ضد أُسرة الجماعات التي تشكل الانسانية كما يحددها القانون الدولي كعمل من أعمال الإبادة.
في إحالة مشابهة لتفسيرها نوبات الشر، تستعير ارندت في كتابها جذور الشمولية، عبارة كانط <<الشر الجذري>>، وقد استبدلت كلمة جذري بالمتطرف، بأنه مواجهة لقوة الاستجابة الانسانية بالنسبة لنوباته التي لا تكتفي بتدمير الضحايا، وإنما تحاول أن تجردنا من كل قوة حين تكون المشكلة للتفكير هي العدمية. فالجذور التي تحاول أن تقتلعها هي الحياة، وعلى وجه التحديد جذر الحياة، التي تختلف عن الحياة باعتبارها الميلاد، النبع الذي تخرج منه الحياة. أي مترادفات تدمير البيئة الانسانية - إزاحة – تهجير- اقتلاع - تبديد؛ فما هو الفرق عن التطهير العرقي!
في الإحالات أيضاً لايختلف الأمر هنا حين قررت القيادة النازية قبل الهجوم على روسيا في حزيران (يونيو) 1941 بتدمير موسكو وليننغراد، فقد كان القرار مسبقاً "تسويتهما بالأرض"، بعد أن اعتبرت موسكو مركز عقيدة البلاشفة، بينما الهدف الأبعد إحداث "كارثة عرقية". وبحسب كاتبو سيرة الفوهرر، فإن العواطف تفسح الطريق للعقل البارد، برودة عقل الجنرال النازي فرانز هالدر، فهو يرى في إبادة المدينتين << كارثة قومية لن تحرم البلشفية وحدها من مراكزها، وإنما من القومية المسكوفية كذلك، فالحصار للإضعاف عن طريق الارهاب والتجويع>>، وبعد ترحيل السكان يتم تسويتها بالأرض. لقد فشلت الخطة بفعل المقاومة الانسانية الفائقة التي أبداها الشعب الروسي.
إن وسائل "تغيير قواعد اللعبة" العنوان الاسرائيلي للحرب والمنسوج من نظريا ت "اللعبة" بمراكز الدراسات المستقبلية الاسرائيلية، كانت شراً فاقت القدرة البشرية على التخيل، ونحن نشاهد هذه الشرور التي تتالى بفعل القنابل العنقودية، فالمطلوب السيطرة على الأضرار. وهنا يكمن الدور العربي الرسمي الجامع، ضرورة نضالية تاريخية لنصرة لبنان ، وعبر الجهود الدولية الرفيعة المتزنة، فضلاً عن دور المجتمع المدني العربي و منظماته الأساسية من اتحادات ونقابات، والقانونيين و المحامين العرب والكتاب والمثقفين؛ وصولاً إلى المحافل الدولية لفضح الجرائم الاسرائيلية وجريمة القنابل العنقودية في لبنان، والدفاع المقنع عن القانون الدولي حين تظهر الولايات المتحدة ذاتها، أنها لاتحتاج إلى القانون الدولي، فهي تربط سعّيها الواضح للسيطرة المطلقة بازدراء صريح للمعاهدات، بما فيها قانون الجنايات الدولي والذي تأسس في 2003 ومقره محكمة لاهاي■



#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا قاطرة -شنغهاي-.. ورئاسة - الثماني الكبار-
- لترتفع حملة التضامن مع كوبا قدوة بلدان أميركا اللاتينية
- فتح والكلفة السياسية الباهظة لإدارة الأزمة.. لا حلها
- مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟
- مجموعة »الثماني« .. منظومتان فكريتان..
- بحثاً عن سور يقي أوروبا موجات الهجرة إلى الشمال..
- رواية «الإرهاب» الأميركية
- غوانتانامو: أرض مغتصبة.. وانتهاك لحقوق الإنسان


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رشيد قويدر - جريمة القنابل العنقودية الاسرائيلية والانتهاك الفاضح للقانون الإنساني الدولي